أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - عماد الطالباني طبيب الحرف وروح الباحث














المزيد.....

عماد الطالباني طبيب الحرف وروح الباحث


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8466 - 2025 / 9 / 15 - 11:53
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة الحلة، حيث التاريخ ينبض بين أزقتها، وحيث الحرف لا يزال يفتش عن معناه في ضوء القباب والبيوت الطينية، وُلد الدكتور عماد الطالباني عام 1958، ليكون شاهدًا على تقاطع مسارين: الطب والثقافة، الجسد والروح، المهنة والرسالة. هو ليس فقط طبيبًا درس فن التداوي في كلية طب الأسنان – جامعة بغداد، وتخرج فيها سنة 1981، بل هو مثقف عابرٌ لحدود التخصص، قرأ في الوجوه كما قرأ في الكتب، وأدرك أن الحكمة لا تُؤخذ من عيادة فحسب، بل من مكتبةٍ ومجلسٍ وسؤال.
منذ بداياته، انخرط في العمل الطبي في دوائر صحة محافظة بابل، لكنه لم يُقيد نفسه بمبضع الطب وحده، بل حمل قلمه كمن يحمل مشعلًا، وبحث في النصوص القرآنية وفي القصص واللغة، عما يُشبع الروح ويروي العقل. كان حاضرًا في الأماسي الثقافية، مشاركًا ومناقشًا ومحاضرًا، ينقل ما اختزنه من معرفة إلى جمهور يتذوق الكلمة مثلما يتذوق الدواء الشافي.
ولأنه آمن بأن الثقافة لا تقف عند باب المؤسسة، انتمى إلى اتحاد أدباء وكتاب بابل منذ عام 2011، وشارك في تأسيس ودعم النشاط الثقافي من خلال موقعه كنائب لرئيس جمعية الرواد الثقافية المستقلة، وهي من الجمعيات التي أعادت للحلة بعضًا من ألقها الثقافي بعد أن لفّها الصمت ردحًا من الزمن.
في نتاجه الأدبي والفكري، يُطالعنا الدكتور عماد الطالباني بكُتب تشي بحسّ ديني وروحي عميق، منها كتابه "أقوال في مدح النبي وآله" (2004)، حيث يسبر أغوار النصوص التراثية التي احتفت بالنور المحمدي وامتداداته من آل البيت، ليجمع شذراتها في رؤية وجدانية خاشعة.
وفي كتابه "المتعة بين الحقيقة واللبس" (2000)، نلمس روح الباحث الذي لا يرضى بالأحكام الجاهزة، بل يعيد طرح الإشكالات الفقهية والاجتماعية برؤية تفسيرية موضوعية، ساعيًا إلى فك اللبس عن مفهوم المتعة الذي حيكت حوله التصورات المشوشة.
أما في كتابه "فسر الشذرات من بديع الآيات" (2015)، الصادر عن دار الأيام في عمّان، فيجمع الطالباني بين الإيمان بالتدبر وبين أدوات التأمل اللغوي، فيقارب الآيات القرآنية بعيونٍ لا تكتفي بالحفظ، بل تحاور، تفسّر، وتستنطق الجمال القرآني المخبوء في التراكيب والمعاني. إنه كتاب لا يقدم تفسيرًا كلاسيكيًا، بل قراءة وجدانية علمية، فيها من التذوق بقدر ما فيها من العلم.
لم يكن الدكتور عماد غريبًا عن عالم القصة أيضًا، فقد كتب قصتين مميزتين صدرتا عن مطبعة الغسق: "المؤتفكة" و"بداية بعد النهاية"، وهما عنوانان ينطويان على ثنائية الخراب والانبعاث، السقوط والرجاء. ففي قصصه حضور رمزي واضح، ينهل من القرآن والتراث والواقع، في لغة مركّزة لا تخلو من شجن التأمل.
وإلى جانب كتبه، نشر مقالات عديدة في صحف محلية منها الزوراء والجنائن، تناول فيها مواضيع فكرية واجتماعية متنوعة، يُحرّك فيها المياه الراكدة، ويطرح الأسئلة التي تهرب منها الأقلام المُطمئنة إلى الظواهر.
عماد الطالباني لا يسعى إلى التصدّر، لكنه يحضر في النصوص بهدوء الباحث، وفي الأمسيات بصوت الواعي، وفي المجتمع الثقافي كشاهدٍ على زمن يتحوّل. هو مثالٌ لما يمكن أن يكون عليه المثقف الحقيقي: عابرًا للمهن، جامعًا بين العقل والروح، مؤمنًا بأن الكلمة شفاءٌ مثلما الدواء شفاء، وأن الإنسان يُداوى بالنور كما يُداوى بالمبضع.
في زمن تكدّس فيه الكلام، واختلط فيه الغث بالسمين، يظل أمثال عماد الطالباني بمثابة شرفات مطمئنة، تطل على الحرف من زاوية الانتماء الصادق لا الاستعراض، وعلى الثقافة من بوابة الخدمة لا التصدر.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الباحث محمد هادي رحلة في آفاق البحث والتأليف
- الشاعر إبراهيم الشيخ حسون صائغُ الحرف الشعبي ومغني الروح الح ...
- عبد الأمير خليل مراد شاعر يُمسك بجمر القصيدة ويشعل بها خيمة ...
- مهدي المعموري ضفاف الحرف ومرافئ الذاكرة
- الدكتور عدنان العوادي حكمة الأكاديمي وروح الأديب
- ليلى عبد الأمير حين تتكئ القصيدة على ريشة وتكتب قلبًا
- حسين مبدر الأعرجي: القاص الذي كتب بمداد الذاكرة والمكان
- عمران العبيدي شاعر تتقد الكلمات بين أصابعه
- وسام العبيدي الباحث الجاد والشاعر المتأمل
- محمد الزهيري... فكرٌ يقاوم، وصوتٌ لا يهادن
- قيس الجنابي الناقد الذي حرّك سواكن النص، وفتّش في ضمير الترا ...
- محمد مبارك بين الفلسفة والنقد الأدبي
- ناجح المعموري رحالة الأسطورة والفكر في فضاء الثقافة العراقية ...
- مضر النجار الموسوي شاعر الضفتين، ولسان الحرف المتأمل
- وئام كريم الموسوي حين تتفتّح القصيدة بأنوثة الجنوب وروح بابل
- زهير عبد الرزاق محيي الدين العالمُ الذي حملَ العراقَ في قلبه ...
- عبد الجبار عباس: قامة نقديّة باسقة
- فوزي الطائي شاعر القصيدة المتأملة وباحث النصوص العميقة
- حسام آل زوين.. بين جمر التجربة ولهيب الكتابة
- سلام كاظم فرج القاص والناقد الذي كتب بضمير الوطن


المزيد.....




- حادث غير متوقع.. شاهد حفرة عميقة تبتلع شاحنة مشروبات فجأة با ...
- خطأ خطير في إعدادات واتساب: تجنبوا هذا الخطر!
- -استفزاز روسي جديد-.. رومانيا تعلن اختراق طائرة مسيّرة لأجوا ...
- هل تغير الضربة الإسرائيلية على الدوحة معايير -الحماية- الأمر ...
- أسطول المساعدات الدولية لغزة ينطلق من تونس متجها للقطاع لـ-ك ...
- الكونغو تبدأ حملة تطعيم لإيبولا
- ?توقف القلب المفاجئ.. أسبابه وأعراضه
- ?فحوص مهمة لاكتشاف أمراض القلب مبكرا
- غارات دامية ونسف مستمر للمباني بمدينة غزة
- عاصفة سياسية تضرب برلمان الكونغو الديمقراطية في أولى جلساته ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - عماد الطالباني طبيب الحرف وروح الباحث