|
الحزب الديمقراطي: مهندسو الجبن متواطئون مع الفاشية
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 8466 - 2025 / 9 / 15 - 18:27
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
مناف الجمهوريين في خدمة الاحتكارات هنري غيرو ترجمة سعيد مضيه فقد الحزب الديمقراطي كل مصداقيته الأخلاقية والسياسية؛ ليس هو الحصن المنيع ضد الفاشية، بل متواطئ معها؛ حزب الجبن والتواطؤ الذي يدعم أكثر سمات رأسمالية العصابات وحشية، بدءًا من مستويات صادمة من اللامساواة وصولًا إلى رفضه دعم الرعاية الصحية الوطنية. قيادته الجبانة، عديمة الرؤية، والمُثملة بأموال وول ستريت باتت آلة حرب ويأس. إ حزب متشبث بالمجمع الصناعي العسكري، ويُطبّع بصمته ثقافة الحرب والبؤس والقسوة. يُرسل مليارات الدولارات من الأسلحة إلى بنيامين نتنياهو، مجرم حرب مُدان، مُدركًا تمامًا أن هذه الأسلحة تُغذي آلة الاحتلال والقمع. بخطوة واحدة، النضال من أجل قطع تدفق الأسلحة، يمكن للديمقراطيين المساعدة في إنهاء هذه المذبحة. بدلاً من ذلك، عندما زار نتنياهو البيت الأبيض مؤخرًا، صافحوه بيده الملطخة بالدماء وابتسموا للكاميرات، وقد وثّقت وقاحتهم صورةً فاحشةً انتشرت على نطاق واسع. هذه الخيانة في الخارج تعكس انهيار الحزب في الداخل. جبن الحزب متأصلٌ في جيناته . حزب المتذمرين، عالق في غرور أيديولوجي وخطاب تسوية مترهل. ونظرًا لضعفه السياسي والأخلاقي، مما يثير السخرية ان يورط نفسه أحيانًا إ بلغة جوفاء في"مقاومة سلطوية ترامب". ويتضح هذا جليًا عندما تدعو، أحيانًا، إلى العمل مع النظام، حتى في الوقت الذي يساند في الخارج انظكة الاستبداد وفي الداخل يضيق خناق قسوة الليبرالية الجديدة. أصابت مويرا دونيغان، الكاتبة في صحيفة الغارديان، حين قالت إن الحزب الديمقراطي ُ"يدمر نفسه بنفسه، بمعنى امتلاكه رؤية في السيسات الأميركية لا يملك حيالها القدرة على وضع شروط النقاش ". أفرغت سياساته النيوليبرالية تجمعات الطبقة العاملة، مزقت الحماية الاجتماعية، وظلت إلى حد كبير عاجزةعن وصف نظام ترامب بأنه منظمة حقق اهدافها عبر الإجرام ، وخلفت وراءها اليأس، وهي ظروفٌ مهدت الطريق لصعود ترامب الاستبدادي، خلفت اليأس في أعقابها ، أوضاعا باتت ولاّدة للكنة تامب التسلطية. هم خلقوا الفراغ الذي ملأته الفاشية ، وباتوا بعد ذلك يرتجفون أمام الوحش الذي ساهموا في إطلاقه.
الخطاب العنصري الفاشي الذي يبثه المتملقون المخلصون لترامب، وخاصة ستيفن ميلر، مستشار الرئيس للأمن الداخلي ونائب رئيس الأركان، يحظى بغضب أقل بكثير من الانتقادات الموجهة إلى الأصوات التقدمية مثل زهران ممداني، المرشح الآن لمنصب عمدة مدينة نيويورك. عندما يصف ميلر الحزب الديمقراطي ليس فقط بأنه منظمة متطرفة محلية، بل "كيان مخصص حصريًا للدفاع عن المجرمين المتشددين وعصابات العصابات والقتلة والإرهابيين الأجانب غير الشرعيين"، فإن صمت القادة الديمقراطيين يصم الآذان. لا يُبذل أي جهد لكشف هذه اللغة باعتبارها متجذرة في الإرث السام للفاشية والتفوق الأبيض، أو حتى المطالبة باستقالته. ومع ذلك، لا شك في أن خطاب ميلر، وتأثيره في تشكيل سياسات ترامب العسكرية للهجرة والتعليم والشرطة، هو نيران إنذار من خمسة ناقوس خطر للديمقراطية، وهو ما يتطلب معارضة لا هوادة فيها. ولكن لا يوجد أي جهد من جانب قيادة الحزب الديمقراطي للاعتراف بأن وزارة الأمن الداخلي لم تصبح منظمة إرهابية محلية فحسب، بل أصبحت أيضا "مطحنة للمحتوى القومي الأبيض تنتج أكاذيب متطرفة ومتعصبة". ما يصدر عن حاشية ترامبالمرضى نفسيا كم كادة صفراء عنصرية وكلام فاشي، خاصة ميللر ، نائب رئيس موظفي البيت الأبيض ومستشار ترامب للأمن الداخلي يثير من الغضب اقل بكثير من النقد الموجه للأصوات التقدمية امثال زهران ممدان ، الذي يخوض حاليا معركة عمدة مدينة نيويورك. فعندما يطلق ميللر على الحزب الديمقراطي ليس فقط منظمة متطرفة محليا ، بل "كيان مكرس ليس إلا للدفاع عن المجرمين العتاة ،رجال العصابات ، والقتلة والإرهابيين المعاضين غير الشرعيين" ، ويصمت قادةالحزب الديمقراطي امر يبعث الصمم.لم يبذل جهد لفضح هذه اللغة المتجذرة في التراث السام للفاشية وعنصرية تفوق البيض ، أو لأجل ذلك يطالبون بإقالته. مع ذلك ، مما لا شك فيه ان خطاب ميللر ونفوذه في تشكيل سياسات ترامب المعسكرة في مجالات الهجرة والتعليم والشركة ، ما هي إلا بمثابة حريق هائل يتطلب فرق إطفاء ومعارضة لاتهدا.ليس قيادة الحزب الديمقراكي من مجهود او سياسات للإقرار بأن وزارة الأمن الداخلي لم تعد منظمة إرهابية محليةفقط ، بل وكذلك "مطحنة مخرجاتها تعصب قومي للبيض تُنتج أكاذيب متطرفة ومتعصبة". هذا الجبن في الخارج يُقابله صمتٌ بوجه الفاشية في الداخل. نادرًا ما تُقر قيادة الحزب الديمقراطي امور الشهادة الأخلاقية، مقاربة جرائم الحرب، وفضح الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الداخل والخارج. يصح هذا حاصة فيما يتعلق بحرب الإبادة الجماعية الجارية بغزة . لليس فقط صمت لا يمكن الدفاع عنه أخلاقيا عن تواطئها بتسليحإسرائيل فحسب، بل تكشف أيضًا عن خجل شديد في مواجهة سياسات الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، حيث تردت اوضاع أكثر من مليوني إنسان إلى حالة تشبه "نقطة الصفر الشاسعة."بصفته حزبا مقترنا بالبنوك الأمريكية كحزبٍ مُرتبطٍ بـ"وول ستريت"، يُحجم الحزب عن تحدي الرأسمالية الجشعة التي تتحول الآن إلى واحدٍ من أكثر الأنظمة الاقتصادية تدميرًا واستغلالًا على وجه الأرض، وهو نظامٌ يزدهر بإلغاء الاحتياجات الإنسانية، و ُعلي من شأن الربح كسره المقدس الوحيد، ويُحوّل الدولة إلى عصابةٍ إجراميةٍ فاسدة. في الداخل، ترفض القيادة الديمقراطية أيَّ دعمٍ للمرشحين الذين يُمثلون أملًا حقيقيًا. إن رفضهم دعم زهران ممداني في نيويورك ليس سهوًا، بل خيانة. يُجسّد شومر وجيفريز الإفلاس الأخلاقي للحزب: شومر الجبان، وجيفريز الخبير التكتيكي الجبان، كلاهما مُقيدان بسلطة الشركات، وكلاهما راضٍ برئاسة سياسة حرب لا نهاية لها، وسجن جماعي، وعدم مساواة فاحشة، وتطبيع إرهاب الدولة. إنهما حاملا نعش الديمقراطية، لا المدافعين عنها. وفي تعليقه على رفض جيفريز وشومر حتى الآن تأييد ممداني، كتب الصحفي مهدي حسن في مقال يوم الأربعاء بصحيفة الغارديان: "إذا أردت أن تفهم سبب تراجع شعبية الديمقراطيين في استطلاعات الرأي إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من ثلاثة عقود، فما عليك سوى النظر إلى هذين الزعيمين الديمقراطيين غير الملهمين في الكونغرس". مهدي مُصيب جزئيًا فقط: هذان السياسيان لا يُجسدان جبنًا فرديًا، بل حزبًا يدعم الإبادة الجماعية في غزة، ويرفض الوقوف بوجه المجمع العسكري الصناعي الأكاديمي، ولا يكترث بمستقبل الشباب اللذان يدمرانه . يستحق الشعب الأمريكي أكثر من هؤلاء الزومبي الأخلاقيين. ما نحتاجه هو حزب جديد، حزب لا يهاب النضال من أجل ديمقراطية جذرية وكرامة الجميع. حزب يدعو إلى القضاء على التفاوت الهائل، وأجر شامل، ورعاية صحية مجانية، وتعليم جيد مجاني للجميع، وإسكان للجميع، وقيود صارمة على الأسلحة، والقضاء على الفقر، وتفكيك دولة الحرب. حزب يخفض ميزانية الدفاع المتضخمة ويوجه تلك التريليونات إلى المدارس والمستشفيات والمنازل وتوسيع نطاق الحقوق الاجتماعية . حزبٌ سيطلق على الرأسمالية الإجرامية الاسم المطابق : نظامٌ يتعامل مع الموت ، جشع وعنف وفساد وانحلال. الفاشية لا تظهر مكتملة ؛ تنمو في تربة اليأس، في تبئيس الحياة هندسته قسوة ترامب وجبن الديمقراطيين. توهي ،إذ تترك بدون تحد،تُفسد الحياة اليومية الى ان تبدو القسوة أمرًا طبيعيًا، وتغدو الديمقراطية اكثر قليلا من جثة ملفعة بشعارات وطنية تضمر الكراهية والاختفاء وتغييب القانون. ليس بمقدور الحزب الديمقراطي وقف هذا التدهور ؛ فهو متورط في تسوية مشينة بسبب ولائه لسلطة الشركات، ومُتشبّثٌ جدًا بممولي البؤس، ومُستثمرٌ جدًا في سياسات الخوف، لدرجة العجز عن تقديم ما يُشبه المقاومة. ولّى زمن الأوهام، والحزب الديمقراطي عصي على الإصلاح ولا يمكن الثقة بأنه سيوقف مسيرة السلطوية. المطلوب ليس إعادة تأهيل حزبٍ جبان، بل بناءُ كيانٍ سياسيٍّ جديد، لا يرتجف أمام الفاشية، بل يتصدى لها وجهاً لوجه، حركةٌ ترفض تماهي الراسمالية بالديمقراطية، وترفض همجية الحرب اللانهائية والنهب الذي يمارسه الوول ستريت [يقصد البنوك] ، وترفض التضحية بأطفال غزة أو شوارع أمريكا على مذبح الربح والسلطة. يجب أن تتجذر هذه الحركة في نضالات الناس العاديين، ترتكز على التضامن وتحافظ عليها الشجاعة الجماعية. المستقبل ملكٌ اولئك القادرين على تخيل نظاما مختلفا بصورة جذرية ويكافحون من اجله: ديمقراطيةٌ اشتراكيةٌ قائمةٌ على التضامن والعدالة والرعاية؛ تخص من يطالبون بالرعاية الصحية والتعليم المجانيين، ويصرون على توفير السكن والكرامة للجميع، ويناضلون من أجل المساواة العرقية والجندرية والاقتصادية، ويرفضون ثقافةَ البشر الفلئض عن الحاجة ، يعاملون الأرواح على أنها فترة وتنتهي . المستقبل ملكٌ لمن ي يرغون النهوضوالانتظام والكفاح من اجل عالمٍ لا تكون فيه الحرية والعدالة والمساواة امتيازًا للقلة، إنما الميراث المشترك للجميع. اذا كانت الفاشية تنمو في تربة اليأس، فلا بد للمقاومة من أن تنمو في تربة الأمل. في مواجهة سياسة الخوف، يجب أن نستحضر سياسة الشجاعة. في مواجهة آلية الموت، يجب أن نبني حركةً جماهيريةً للطبقة العاملة لديها المقدرة على تخيل مستقبلٍ والنضال من أجل أجله ، حيث الديمقراطية الاشتراكية ليست شعارًا فارغًا، بل حقيقةً مُكتسبةً بشق الأنفس، يصكها النضال، ويحافظ عليها التضامن، تغذ السير بقوة اولئك الذين يرفضون الانصياع للخوف. لن يتم إنقاذ الديمقراطية على أيدي جبناء المساومات أو رسل الحرب؛ إنما على أيدي من يخوضون النضال العمالي للمضطهدين ممن يغامرون بكل شيء من أجل العدالة والمساواة والأمل
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قرار -الاتحاد من أجل السلام- والجمعية العامة للأمم المتحدة
-
تسونامي زلزال نيويورك 2001 ماثل في الإبادة الجماعية وحروب ال
...
-
مشكلة الأونروا انها تمثل حق العودة، والعودة حق راسخ
-
ترامب يشيع الفاشية في الحياة السياسية والوعي الاجتماعي-2
-
ترامب يشيع الفاشية في الحياة السياسية والوعي الاجتماعي
-
اسرائيل الكبرى استراتيجيا صهيو امبريالية
-
أميركا وبريطانيا وطلعات الطيران التجسسية إسهام مباشر في الإب
...
-
اغتيال الصحافيين الفلسطينيين ممارسة للأبارتهايد
-
البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية
-
فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع
-
فلسطين لم تكسب عبر التتاريخ فائض قوة يؤهل للتوسع
-
امبراطورية داود حقيقة أم أسطورة ؟
-
إبادة جماعية فصولها تجري بغواتيمالا..لكنها صامتة
-
اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
-
رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني
-
تمزيق الأقنعة التنكرية -3
-
بناء القوة لفلسطين ولنظام عالمي جديد
-
تتمزق الأقنعة التنكرية-2
-
لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي
-
ترامب يعاقب ألبانيز!!
المزيد.....
-
بيان اللجنة التحضيرية للنهج الديمقراطي العمالي بمرتيلفرع مرت
...
-
الاشتراكي الديمقراطي والمحافظين في مناظرة حول كيفية كسر العز
...
-
وزيرة داخلية بريطانيا.. باكستانية حائرة بين اليمين المتطرف و
...
-
وزيرة داخلية بريطانيا.. باكستانية حائرة بين اليمين المتطرف و
...
-
وزيرة داخلية بريطانيا.. باكستانية حائرة بين اليمين المتطرف و
...
-
العدد 620 من جريدة النهج الديمقراطي
-
السيناتور الأميركي يرني ساندرز يصف أفعال إسرائيل في غزة بـ-ا
...
-
رسالة مفتوحة إلى نقابيي ونقابيات قطاع الصحة
-
بتسلئيل سموتريتش: وزير اليمين المتطرف الذي يرى في غزة -فرصة
...
-
السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|