أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد مضيه - قرار -الاتحاد من أجل السلام- والجمعية العامة للأمم المتحدة















المزيد.....


قرار -الاتحاد من أجل السلام- والجمعية العامة للأمم المتحدة


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 8464 - 2025 / 9 / 13 - 10:12
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


"علينا أن نراعي حقيقة أن الجانب الذي ساد سياسياً في النضالات السابقة ضد الاستعمار والتي احتدمت منذ 1945 لم يكن الجانب الذي سيطر في ساحة المعركة، إنما كان الجانب الذي أمسك بالأرضية الأخلاقية والقانونية العالية في الصراع . بهذا المعنى، فإن بروز إسرائيل "دولة مارقة " قد يكون له وزن سياسي أكثر ديمومة من الاعتراف بالدولة الفلسطينية أو حتى حظر الأسلحة." يوصي خبير القانون الدولي ، الأكاديمي الأميركي، ريتشارد فالك، مقترحا قرار "الاتحاد من أجل السلام" يحيد الفيتو الأميركي.
ريتشارد فالك ترجمة سعيد مضيه
ملاحظة: اكد الباحث على أسماء وأفكار أشار المترجم اليها بوضعها بين نجمتين

يمكن تجميد الفيتو الأميركي
أدى فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وكذلك الديمقراطيات الغربية في الالتزام بالقانون الإنساني الدولي إلى تورط الفلسطينيين في إبادة جماعية ومجاعة وتهجير قسري. ورغم وجود مبررات واضحة للتدخل، لا تزال الإرادة السياسية غائبة. في هذه المقابلة الحصرية مع كاونتر بانش، يساجل الباحث الدولي ريتشارد فالك بأن الجمعية العامة تتمتع بالسابقة والسلطة بموجب قرار "الاتحاد من أجل السلام" لتجاوز مجلس الأمن والتصرف بحزم لحماية المدنيين. تُمثل غزة اختبارًا حاسمًا لمدى قدرة النظام الدولي على إعطاء الأولوية للشعوب على السياسة.
دانييل فالكون: بالنظر إلى شلل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والفشل الكارثي الذي ارتكبته الديمقراطيات الغربية في الحفاظ على القانون الإنساني الدولي، ما الذي قد يدفع الجمعية العامة إلى تفويض قوة حفظ سلام، مثل الخوذ الزرقاء، للتدخل في غزة؟
ريتشارد فالك: تدعم الضرورات الإنسانية والأخلاقية والآليات القانونية بقوة وجود قوة حماية مسلحة لضمان *وقف إطلاق نار* دائم في غزة، وإيصال الغذاء والماء والوقود والأدوية إلى الفلسطينيين الناجين من الصدمات النفسية وسوء التغذية إلى حد كبير، والذين لا يزالون محصورين في *ساحات القتل بغزة*. ومع ذلك، يتعرض الفلسطينيون في غزة، في الوقت نفسه، لتهديدات علنية بالتهجير القسري من وطنهم بعد الإبادة الجماعية، أو إعادة احتلالهم، كما هو موصى به في مجموعة متنوعة من الخطط قيد الدراسة دون مشاركة فلسطينية حقيقية. وهذا يتعارض مع الالتزام الأساسي بحقوق الإنسان بدعم *الحق غير القابل للتصرف * للأمة وشعبها في *تقرير المصير.*
يُعد قرار "الاتحاد من أجل السلام" *[قرار الجمعية العامة رقم 377 (خامسًا)]* أداة مرنة تُمكّن الجمعية العامة للأمم المتحدة من التصرف عندما يُشلّ مجلس الأمن بحق النقض الذي تتمتع به الدول الخمس الدائمة العضوية (P5)، في المواقف الحرجة المتعلقة بالأمن العالمي، ومنع الحروب، ومنع الإبادة الجماعية، والطوارئ الإنسانية. تم اعتماده في البداية كمبادرة من الحرب الباردة من قبل أعضاء الأمم المتحدة الغربيين لإيجاد وسيلة للالتفاف على حق النقض السوفيتي. استُخدم الاستعراض الدوري الشامل بنجاحٍ كبير عام ١٩٥٦ لتأمين انسحاب القوات الفرنسية والبريطانية والإسرائيلية من الأراضي المصرية، في ظلّ مواجهة خطر اندلاع حرب أوسع نطاقًا من خلال النشر المتفق عليه لقوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة من ذوي الخوذ الزرقاء. وقد مثّلت هذه الخطوة، التي دعمتها الولايات المتحدة ضد أقرب حلفائها الأوروبيين وإسرائيل، ذروةَ إخضاع التحالفات الجيوسياسية لأحكام مكافحة العدوان الأساسية في ميثاق الأمم المتحدة، ولم تتكرر قط. وقد دأبت مراكز الأبحاث ومستشارو السياسة الخارجية في واشنطن على انتقاد الالتزامات القانونية الدولية لدى تعارضها مع علاقات التحالف.
في هذه المرحلة، ونظرًا لظروف الطوارئ، تستطيع الجمعية العامة توسيع إطار *مسوغ الاتحاد من أجل السلام* للتمكن في ظل العجز عن صياغة حثيثة لرد فعل حقيقي للمجاعة وإحجام إسرائيل عن الالتزام بالقانون الدولي حسب قرارات العدل الدولية . لو اتُخِذ هذا القرار فور صدور قرارات العدل الدولية لأوجد الأساس القانوني المعزز بصورة متبادلة لإجراء تتخذه الأمم المتحدة يشمل تشكيل قوة حماية مسلحة ذات صلاحية مع التمويل والتسليح ، باعتبار ذلك الخيار الوحيد المتبقي في ضوء التصعيد العسكري بمدينة غزة ، ويوفر المظلة الواقية لمليون فلسطيني يواجهون خطر المذبحة إن هم رفضوا أوامر الإخلاء التي تنمخض عن مواجهة ظروف بالغة الخطورة تُعرّض حياتهم وصحتهم للخطر.
من نواحٍ عديدة، يُمثل قطاع غزة وضعًا فريدًا واجهه سكانه المدنيون على مدار العامين الماضيين، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، إذ وقعوا في فخ مناطق القتال المميتة في غزة، دون أي مأوى آمن، مع تدمير واسع النطاق للمنازل والمناطق السكنية، وتفاقم الجوع والمرض، وتدمير الملاذات التي تُفهم على أنها تراث ثقافي (مواقع مقدسة، ومباني تاريخية، ومتاحف، ومدارس، وجامعات)، وقابلية بيئية للاستمرار. وسيكون السماح لمرتكبي جرائم الإبادة الجماعية المطولة والصارمة التي نُفذت في غزة أن يشكلوا الحكم في غزة ويضعوا خطة إعادة الإعمار وترتيبات السلام والعدالة والأمن.. سيكون ذلك خيانةً نهائية للقانون والعدالة.

بانتظار المبرر للإ[ادة الجماعية
مع بداية عام 2025، بدأ تلاعب إسرائيل المتطور بالخطاب السياسي يخسر بسرعة *معركة الشرعية*، حتى في الدول المتواطئة، في الساحات التي ترمز لميادين معارك القانون والأخلاق، وهذا عامل مهم في تحديد النتائج السياسية المقررة في الصراعات الكبرى منذ الحرب العالمية الثانية. من أبرز استثناءات فقدان إسرائيل السيطرة على *سياسات التصور* هو الحفاظ على *هوية حماس*، كيانا إرهابيا مكروها يتوجب على الدوام استبعاده نهائيًا عن أي دور رسمي مستقبلي في إدارة غزة. تُعدّ هذه النظرة الاختزالية لحماس انتصارًا للدعاية الرسمية الإسرائيلية، كما انها مقبولة في الغرب كدليل على مصداقية نقاد التيار الرئيس، لا سيما فيما يتعلق بالتراجع عن دعم إسرائيل بشكل كامل، كما يتضح من الاعتراف الألماني والبريطاني والكندي والفرنسي المشروط *بالدولة الفلسطينية*، والذي غالبًا ما يكون مصحوبًا بإدانة ممنهجة لحماس.
وهذا يتجاهل حقيقة أن حماس فازت في الانتخابات التي اقرت على صعيد دولي عام 2006، النجاح الذي تحقق على قاعدة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي والسعي من أجل وقف إطلاق نار طويل الأمد مع إسرائيل لمدة تصل 50 عامًا، وهو الاقتراح الذي شرحه لي قادة حماس في *غزة والدوحة والقاهره * بالتفصيل عندما *كنت المقرر الخاص لفلسطين المحتلة* ، وبوضوح جرى ترويحه بواشنطن في ذلك الوقت، ولكن دون جدوى حيث أصرت إسرائيل على إبقاء حماس على قائمة الإرهاب وصممت على مواصلة استخدام *غزة منطقة حرة لاختبار تكتيكات قتالية جديدة و أسلحة مبتكرة* .


بعد سنوات من *حصار غزة منذ عام ٢٠٠٧،* وانتهاكات أخرى بحق السكان، في تحدٍّ لالتزامات القانون الدولي فيما يتعلق بالاحتلال العسكري، كما هو منصوص عليه في اتفاقية جنيف الرابعة، وهي حجر الزاوية في القانون الإنساني الدولي، وُصف هجوم ٧ أكتوبر/تشرين الأول حال انطلاقته بأنه *"إرهاب"* وليس *حدثا مستهجنا * يعترف بحق الفلسطينيين في المقاومة، بينما ينتقد الانتهاكات المؤكدة للقانون الإنساني الدولي والمتمثلة في قتل المدنيين. البروباغاندا الإسرائيلية أججت الممشاعر تجاه هذه الانتهاكات لقانون الحرب من خلال المبالغة واتهامات تحريضية مثيرة للمشاعر مثل الهمجية، مصحوبة برفض التطرق لتجاوزاتها كجزء ضروري من السياق والفشل المريب لحكومة نتنياهو في الإصغاء لتحذيرات على درجة عالية من الموثوقية بصدد هجوم وشيك وجهت لحكومة نتنياهو ، مما خلق انطباعا لم يُشفع بالتحري أن إسرائيل سمحت للهجوم ان يتحقق ، مما وفر ذريعة لشن هذا الانتقام الهائل.
هذه العوامل تضفي المصداقية بان لجوء إسرائيل إلى الإبادة الجماعية، إذ تفسره بأنه لا تتعلق مباشرة بالأرض وبالناس، ولا يتعلق بالأمن والدفاع عن النفس والانتقام كما أوردت الدعايات الإسرائيلية؛ إنما كان رد الفعل الإسرائيلي اضخم تطبيق غير مباشر * لعقيدة الضاحية*، التي بواسطتها انتهجت إسرائيل خطة رد الفعل غير المناسب على الاستفزازات المعادية ، تسوغ الوسائل التي تتخذها لتعزيز ردع الاستفزازات في المستقبل. جرى إدانة عقيدة الضاحية باعتبارها انتهاكاً للقانون الدولي، وذلك في تقرير غولدستون الذي تم إعداده تحت رعاية الأمم المتحدة بعد التوغل العسكري الإسرائيلي في غزة نهاية عام 2008، وامتد حتى عام 2009.
الاحتلال فقد شرعيته
الاعتبار الأخير المتعلق هو دحض جميع ادعاءات إسرائيل بحقوق السيادة أو سلطة الاحتلال في غزة. وقد *خلص الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 19 يوليو/تموز 2024،* في قرار شبه إجماعي بشأن انطباق القانون ، إلى أن إسرائيل انتهكت بإصرار واجبها الأساسي *كقوة احتلال*، وهو حماية الوضع الراهن لشعب محتل وضمان سلامته وأمنه، وبناء عليه تقرر فقدانها الحق في الاستمرار قوة احتلال شرعية، وأنها مُلزمة قانونًا بالانسحاب *من غزة والضفة الغربية* في غضون عام، والتخلي عن أي جهود أخرى للسيطرة على حكم هذه الأراضي الفلسطينية التي عانت طويلًا من سياسات وممارسات إسرائيل غير القانونية، والتي بلغت ذروتها في *نظام أباراتهايد أعقبته إبادة جماعية*.
بناءً عليه فإن اللجوء إلى التدخل المسلح بصيغة قوة حماية تابعة للأمم المتحدة هو الأمل الوحيد لإقامة تحد جدي لخطط إسرائيل الواضحة ولم تزل نشطة لإنجاز عملية محو الفلسطينيين كوجود سياسي سواء من خلال الاستمرار على درب الإبادة أو إغواء الفلسطينيين *للموافقة على الهدف الصهيوني بإٌقامة إسرائيل الكبرى* ، حل الدولة الواحدة التي تشمل كامل فلسطين الانتدابية أو العثمانية، أو المزيد من الهيبة متمثلة في توسيع السيادة ما بين الفرات و النيل ، الأمر الذي يعني ممارسة الضغوط على شعوب أخرى بالمنطقة غير الفلسطينيين لتهجيرها او إخضاعها لسيطرة إسرائيل ، ومن ثم التعدي بشكل خطير على *سيادتها الإقليمية*.

بالطبع، يظل تشكيل قوة حماية مسلحة مسؤولة يُمثل تحديًا عمليًا شاقًا، رغم توفر المبررات القوية، القانونية والسياسية والأخلاقية لإبرازه للوجود. على أقل تقدير، ينبغي بذل الجهود لمنع إسرائيل من الافادة من جرائمها من خلال مكافأتها في عملية السلام من خلال تصميم نظام الحكم المستقبلي لغزة، والتضحية بالشعب الفلسطيني بتعريضه للمزيد من العقوبات باستثنائهم من المشاركة في أي جهود دولية مستقبلية *لبناء السلام في غزة أو الضفة الغربية.*


التفةق الأخلاقي والسياسي
دانيال فالكون: دعمت الأمم المتحدة التصنيف الدولي للطوارئ (الذي يميل إلى التحفظ في منهجيته)، وأعلنت عن المجاعة في غزة. وهذا الإعلان هو الخامس فقط من نوعه في تاريخها، كما ذكر المحلل الحاذق إدريس أحمد. ذكر المجاعات السابقة في الصومال عام 2011، وجنوب السودان عام 2017، و2020، والسودان عام 2024. بالنظر لهذا التصنيف المتطرف، لماذا باعتقادك تظل الاستجابات الدولية باهتة ومقتصرة على بيانات نمطية تعبر عن القلق بدلاً من المسارات البناءة مثل مناطق حظر الطيران أو قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة
ريتشارد فالك: الإجابة البسيطة هي عدم وجود الإرادة السياسية الكافية للتحرك من جانب الحكومات المنتقدة لإسرائيل، لا سيما في ضوء استمرار دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، كما اتضح دبلوماسيًا من خلال اعتمادها على حق النقض (الفيتو) لمنع حتى قرار وقف إطلاق نار دائم إلزامي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. هؤلاء الداعمون السابقون، ومنهم قوى حلف الناتو المخلصون، المملكة المتحدة وفرنسا وكندا وألمانيا، تراجعوا عن موقفهم، وأستعْدوا حكومة إسرائيل بالإعلان عن الاعتراف بدولة فلسطينية، وحتى لو جرى تنفيذه فهو ما كان تعبيرا عن تنامي الانتقادات في وقت قريب لتكتيكات إسرائيل في غزة، خاصةً ما تعلق بمنع إدخال المساعدات الإنسانية لمجتمع أُعلن رسميًا أنه في خضم مجاعة، مع تقارير موثقة عن وفيات يومية بسبب الجوع وسوء التغذية، لا سيما بين الأطفال الصغار وكبار السن.
إذ يعتبر هذا التراجع عن تضامن الغرب مع إسرائيل على قدر من الأهمية ، إلا أنه وثيق الصلة بصورة رئيسة بحرب الشرعية الرمزية، التي يحقق الفلسطينيون فيها نصرا حاسما . علينا أن نراعي حقيقة أن الجانب الذي ساد سياسياً في النضالات السابقة ضد الاستعمار والتي احتدمت منذ 1945 لم يكن الجانب الذي سيطر في ساحة المعركة، إنما كان الجانب الذي أمسك بالأرضية الأخلاقية والقانونية العالية في الصراع . بهذا المعنى، فإن بروز إسرائيل "دولة مارقة " قد يكون له وزن سياسي أكثر ديمومة من الاعتراف بالدولة الفلسطينية أو حتى حظر الأسلحة. لاحظ توماس فريدمان، وهو دائمًا مرصد جوي موثوق لتقلبات تفكير الدولة العميقة بالولايات المتحدة، هذا التطور في مقالٍ بصحيفة نيويورك تايمز في 25 أغسطس بعنوانٍ استفزازي، "حملة إسرائيل على غزة تجعلها دولةً مارقة". رغم التغليف النمطي بشيطنة مضللة لحماس والصمت حيال حقوق تقرير المصير للشعب الفلسطيني إلا أنه يُمكن اعتباره استسلامًا سياسيًا من الغرب في حرب الشرعية بالغة الأهمية.

الإجابة الأكثر تعقيدًا على سؤالك تتعلق بتسويغ استجابةٍ فعّالةٍ في ضوء العقبات الجيوسياسية. ما يبدو مطلوبًا هو قوةٌ حمايةٌ مسلحةٌ *تعززها منطقة حظر طيرانٍ* فوق كامل قطاع غزة تمتلك ما يكفي من القدرات لتوفير السلامة والأمن لمن يبقى على قيد الحياة من السكان الفلسطينيين. هل يمكن إقناع إسرائيل بتقبل هذا الترتيب أمر مشكوك فيه الى حد بعيد ؛ وبالتاكيد سوف تقاوم إدارة ترامب ولو لسبب واحد فقط، هو معارضة أي إزاحة للأولوية الجيوسياسية من خلال الخضوع لمثل هذه المبادرة الدرامية من الأمم المتحدة.
يبدو مشكوكًا فيه، لان تعرّض دولة عربية مواطنيها لخطر الموت ، لا سيما في ضوء التواطؤ السلبي للدول العربية الرائدة ومنظمة التعاون الإسلامي، بالاضطلاع بهذه المهمة حتى في ظل حالة طوارئ المجاعة والدعم الواسع من المجتمع المدني لمثل هذه العملية الإنقاذية المتخذة بشجاعة رغم المخاطر الجسيمة. إن ردود فعل إسرائيل العقابية على جهود أسطول الحرية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة توحي بمخاطر محاولة الدخول القسري إلى غزة تحت رعاية الأمم المتحدة. إن أسطول الصمود العالمي الذي يجري التحضير له وسوف يبحر من تونس، والذي يتكون من حوالي 40 سفينة، سيختبر صمود إسرائيل بشكل أكبر.


دانيال فالكون: ذكر أحمد أيضًا أنه في العام الماضي، دق نظام الإنذار المبكر بالمجاعة التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ناقوس الخطر بشأن الوضع في غزة. أجبر بايدن على التراجع، ولم يبدر من ترامب سوى التراجع المضطرد في هذا المجال. كان هذا قبل أشهر من قيام إسرائيل بمنع المساعدات و إنشاء أربع نقاط توزيع لموسسسة غزة الإنسانية، حيث يطلق الرصاص القاتل على الغزيين . كيف يتوجب على الناس تفسير مصداقية حكومات لا ترغب في التصرف؟
ريتشارد فالك: كما تشير الردود السابقة، فإن الأمر يتعلق بتعبئة الإرادة السياسية لتحمل التكاليف والمخاطر المحتملة لتحدي سلوك إسرائيل في *الأراضي الفلسطينية المحتلة*، مهما كانت تتصرف بشكل غير قانوني وتفتقر الآن إلى أي سلطة للقيام بدور قوة احتلال شرعية . يشير سلوك الولايات المتحدة الذي يعود إلى عهد بايدن إلى التزام أمريكي غير مشروط بحملة إسرائيل على غزة. إنها مسألة هيمنة جيوسياسية تتمظهر بسيرورة السياسة ، ولو بقناع لكن بوضوح، وما يترتب على ذلك من تجاهل لقيود القانون والأخلاق والرأي العام.
والآن، وقد أصبحت ظروف المجاعة واضحة، مقترنة بتصعيد إسرائيل التحدي للعنف الموجه ضد الفلسطينيين الجياع تردت أوضاعهم حتى سوء التغذية والمصابين بصدمات نفسية ، والمعززة *بقتل الصحفيين الذين ينقلون الحقيقة* وبالهجمات الموجهة ضد المسعفين الطبيين والمرافق الطبية، لم يعد هناك طريقة موثوقة لتبرير استمرار الدعم المادي والدبلوماسي الأمريكي لإسرائيل. رئاسة ترامب صامتة تقريبا فيما يتعلق بتقديم مشاعر التضامن مع إسرائيل، لكنها لا تزال نشطة كما حدث مؤخرا من خلال فرض عقوبات على المقررة الخاصة للأمم المتحدة بالأراض الفلسطينية، الشجاعة في نقل الحقيقة بشأن فلسطين المحتلة وكذلك المسئولين بالمحكمة الجنائية الدولية بسبب عملهم ضد إسرائيل.
دانيال فالكون: ما رأيكم في مسؤولية الحماية والقدرة على ممارستها الآن؟ هل حان الوقت لفرض منطقة حظر جوي وتدخل عسكري على مستوى المنظمات الحكومية الدولية؟
في أعقاب *حرب كوسوفو * عام 1999، بات من الواضح أن النظام العالمي بحاجة إلى قاعدة تبيح التدخل المسلح كملاذ أخير إذا أُريد لمنع الإبادة الجماعية أن يصبح عنصرًا واقعيا في النظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية. في السابق، في الحقبة الاستعمارية، غالبًا ما ادعت *الدول الأوروبية * أنها متورطة في* "تدخلات إنسانية"* لإخفاء دوافعها الحقيقية، والتي تضمنت في العادة ممارسة السيطرة السياسية والاستغلال الاقتصادي للبلد المستهدف من *الجنوب العالمي.* ارتاب الجنوب العالمي من مثل هذه التعديات المتعمدة على *سيادته* واستقلاله السياسي، حيث رد على الإساءة المرتبطة بمطالبات سابقة بالتدخل الإنساني واعترض على لغة بدت وكأنها تربط ما هو *"إنساني"* بسلطة التقدير كي تقوم ب *"التدخل*. يقارب ميثاق الأمم المتحدة القضية بشكل غير مباشر *بالمادة 2 (7)* التي تحظر تدخل الأمم المتحدة في *"الشؤون الداخلية"* للدول الأعضاء باستثناء حالات عمليات تمكين الأمم المتحدة بمقتضى إجراءات *الفصل السابع من الميثاق* ويقارب تخويلات استخدام القوة لصالح الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
ان محاولة التوفيق بين السيادة ودور الأمم المتحدة في الحماية أثناء الأزمات الإنسانية الحادة قد باتت تعرف باسم *"مسؤولية الحماية"* أو "R2P" مع التفكير بدون مواربة بمنع الإبادة الجماعية ، والتي تم اعتمادها عام 2005 في قمة الأمم المتحدة كمعيار يدعو لاتخاذ مجلس الأمن قرارا بإجراء حسب ما تقتضيه الظروف. زيّف حلف الأطلسي مضمون مسؤولية الحماية بتدخله عام 2011 *لتغيير النظام الليبي*، تحت قناع تحرك انسانئ لوقاية الجمهور المدتي في بنغازي مما زعم انه خطر يتهدده من قبل القوات المسلحة الليبية . خدعت الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون روسيا والصين، فلم تستعملا حق النقض ضد قرار تفويض الأمم المتحدة باستخدام القوة، مع انهما لم تثقا بقدرة الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين على حصر التدخل في الحماية الإنسانية.
الوضع في غزة مُزرٍ للغاية، وعلى نطاق واسع ، لدرجة أنه قد يُمكّن مجلس الأمن من إصدار تفويض لتفعيل مسؤولية الحماية، وهذه المرة مع امتناع الولايات المتحدة عن ممارسة حق النقض (الفيتو) بالامتناع عن التصويت على اقتراح تشكيل قوة حماية تابعة للأمم المتحدة كأولوية مُلحة. إذا أصرت الولايات المتحدة على استخدام حق النقض ضد مثل هذا القرار، فقياسًا على قرار "الاتحاد من أجل السلام"، قد يُبرر الجمود الإجرائي في مجلس الأمن نقل مسؤولية تفعيل مسؤولية الحماية إلى الجمعية العامة. لقد أظهرت الأمم المتحدة، على الرغم من جميع قيودها، تكيفًا إبداعيًا للتغلب على بعض أوجه قصورها التشغيلية. من الأمثلة البارزة على ذلك تطوير مجلس حقوق الإنسان للإجراءات الخاصة، بما في ذلك الاستعانة بخبراء غير مدفوعي الأجر، عُيّنوا بالإجماع في الجمعية العامة للمجلس المكونة من 47 عضوًا، وقد تجلّى ذلك مؤخرًا بوضوح في مساهمة المقررة الخاصة الإيطالية لفلسطين المحتلة، التي حللت ووثّقت الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة من خلال تقاريرها الثلاثة المؤثرة عن الإبادة الجماعية في غزة. أعتقد أن الوضع المتردي في غزة يُمثّل سياقًا مثاليًا للاستفادة من مسؤولية الحماية كآلية أخيرة لدعم الحقوق الإنسانية الأساسية.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تسونامي زلزال نيويورك 2001 ماثل في الإبادة الجماعية وحروب ال ...
- مشكلة الأونروا انها تمثل حق العودة، والعودة حق راسخ
- ترامب يشيع الفاشية في الحياة السياسية والوعي الاجتماعي-2
- ترامب يشيع الفاشية في الحياة السياسية والوعي الاجتماعي
- اسرائيل الكبرى استراتيجيا صهيو امبريالية
- أميركا وبريطانيا وطلعات الطيران التجسسية إسهام مباشر في الإب ...
- اغتيال الصحافيين الفلسطينيين ممارسة للأبارتهايد
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع
- فلسطين لم تكسب عبر التتاريخ فائض قوة يؤهل للتوسع
- امبراطورية داود حقيقة أم أسطورة ؟
- إبادة جماعية فصولها تجري بغواتيمالا..لكنها صامتة
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3
- بناء القوة لفلسطين ولنظام عالمي جديد
- تتمزق الأقنعة التنكرية-2
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي
- ترامب يعاقب ألبانيز!!
- تقرير ألبانيز يتهم شركات عالمية بالمشاركة في الإبادة الجماعي ...


المزيد.....




- الخناق يضيق حول حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا
- كارثة غزة والخط الأحمر
- العدد 619 من جريدة النهج الديمقراطي
- العدد 618 من جريدة النهج الديمقراطي
- ما السيناريوهات المتوقعة لحزب الشعب الجمهوري بعد أزمته الجار ...
- بيان الحزب الشيوعي العمالي العراقي 
- كل العزاء في طفلتنا ضحية الافقار والاستبداد بمصانع الإسكندري ...
- تنسيقية الهيئات الغابوية تدق ناقوس الخطر وتطالب المسؤولين با ...
- التشيلي: ما هي تنظيمات الكردونات الصناعية؟
- العودة إلى الثورة الشيلية


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد مضيه - قرار -الاتحاد من أجل السلام- والجمعية العامة للأمم المتحدة