أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد مضيه - إبادة جماعية فصولها تجري بغواتيمالا..لكنها صامتة















المزيد.....


إبادة جماعية فصولها تجري بغواتيمالا..لكنها صامتة


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 8436 - 2025 / 8 / 16 - 10:36
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


بإشراف المخابرات المركزية الأميركية
كريس هيدجز ترجمة سعيد مضيه
تصف الكاتبة والمحامية جينيفر هاربري "الهولوكوست الصامت" في غواتيمالا وارتباطاته بالإبادة الجماعية في غزة، مستخدمةً "أي أساليب وحشية ضرورية"، يقول كريس هيدجز ، صحفي الاستقصاء الأميركي في حوار أجراه مع الكاتبة والمحامية جينيفررهاريري ، ونشره ضمن تقريره الأسبوعي في 9 أغسطس /أب ألجاري، مع هاريري،ارملة المناضل التقدمي في غواتيمالا ، إفراين باماكا فيلاسكيز (المعروف باسم إيفراردو)، الذي كان أحد ضحايا الإبادة الجماعيةضد شعب المايا بوجه خاص في غواتيمالا والمعروفةفي التاريخ الحديث باسم "الهولوكوست الصامت"، وذلك بمساندة الولايات المتحدة، وبدعممباشر من إسرائيل.
شهدت الإبادة الجماعية الغواتيمالية - التي سبقها انقلابٌ حكوميٌّ بتحريضٍ من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عام ١٩٥٤، وما تلاه من حربٍ أهلية - مجازرَ أو اختفاءً قسري لمئات الآلاف من سكان المايا الأصليين، ومن يُزعم أنهم شيوعيون. شهدت جينيفر هاربري، المحامية والكاتبة والناشطة في مجال حقوق الإنسان، أهوال حملة الإبادة الجماعية التي شنّها الجيش الغواتيمالي المدعوم من الولايات المتحدة. ومن بين هذه الأهوال تعذيبُ زوجها، زعيمُ المتمردين المايا، إفراين باماكا فيلاسكيز (المعروف باسم إيفراردو)، واختفاؤه على يد مسؤولين عسكريين غواتيماليين مدعومين من وكالة المخابرات المركزية. تنضم هاربيري إلى المذيع كريس هيدجز في هذه الحلقة من تقرير كريس هيدجز لتشريح التاريخ الوحشي للإبادة الجماعية بالإضافة إلى سرد تجاربها الخاصة، بما في ذلك الإضرابات عن الطعام في غواتيمالا وواشنطن العاصمة، والتي أدت في النهاية إلى الكشف عن تواطؤ وكالة المخابرات المركزية في الفظائع.

كريس هيدجز: عندما وصلتُ إلى غواتيمالا عام ١٩٨٣ لتغطية حروب أمريكا الوسطى، وهو ما سأفعله على مدار السنوات الخمس التالية، كان نظام الجنرال إفراين ريوس مونت ينفذ حملةً شرسةً، لا سيما في مرتفعات كيتشه وهويهويتينانغو وباخا فيراباز.

استُوحيت هذه الحملة من تكتيكات "اقتل أي شيء يتحرك" التي اتّبعتها الولايات المتحدة خلال حرب فيتنام، في مسعىً للقضاء على السكان المدنيين والسيطرة عليهم في المناطق التي سيطر عليها الثوار ، الذين كانوا حتى عام ١٩٨٣ يصدّون الجيش الغواتيمالي.

نفذ الجيش الغواتيمالي مجزرةً تلو الأخرى بوحشية في المرتفعات ضد السكان الأصليين، بما في ذلك قتل النساء والأطفال وكبار السن بالجملة، ودمر نحو ٦٠٠ قرية وبلدة. وبلغ متوسط عدد حالات الاختفاء والقتل ٣٠٠٠ حالة شهريًا. أوقف الرئيس جيمي كارتر معظم المساعدات العسكرية لغواتيمالا عام ١٩٧٧. إلا أن إسرائيل سدّت هذا الفراغ، إذ زوّدت الجيش الغواتيمالي ببنادق جليل الأوتوماتيكية ورشاشات عوزي الإسرائيلية الصنع.

قدّم مستشارون إسرائيليون، يُقدّر عددهم بين 150 و200، تدريبات على المراقبة والاستجواب لوحدات الشرطة والجيش. وساعدوا ريوس مونت في تنفيذ انقلاب عام 1982 الذي أوصله إلى السلطة. وساهموا في التخطيط لعمليات تمشيط عسكرية غواتيمالية تُشبه عمليات محو غواتيمالا لقرى فلسطينية ومجازرها التي نُفذت عامي 1947 و1948.

أُدين مونت في محكمة غواتيمالية عام 2014 بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية، وتحديدًا فيما يتعلق بسلسلة من المجازر ضد السكان الأصليين في منطقة كيتش بين مارس 1982 وأغسطس 1983، والتي أسفرت عن مقتل 1771 شخصًا وتهجير 29 ألف شخص قسرًا. إلا أن الإدانة أُلغيت لاحقًا.

أقرّ الجنرال هيكتور لوبيز فوينتس، رئيس أركان ريوس مونت، آنذاك بأن "إسرائيل هي موردنا الرئيسي للأسلحة والصديق الأول لغواتيمالا في العالم". ومن غير المستغرب أن يشير القادة العسكريون الغواتيماليون إلى الإبادة الجماعية باعتبارها "فلسطنة " للسكان الأصليين المايا. “Palestinization”

يوصل كريس هيدجز:

تنضم إليّ جينيفر هاربري، المحامية التي عملت في مجال حقوق الإنسان في غواتيمالا عامي ١٩٨٥ و١٩٨٦، لمناقشة الروابط بين الإبادة الجماعية في غزة وإبادة غواتيمالا.

كشفت هاربري عن تواطؤ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) في انتهاكات حقوق الإنسان في غواتيمالا، وهو تواطؤ اكتشفته أثناء سعيها لمعرفة مصير زوجها، زعيم المتمردين المايا، الذي اختفى في مارس ١٩٩٢ على يد الجيش الغواتيمالي وقُتل.

هاربري هي أيضًا مؤلفة كتاب "جسر إلى الشجاعة: قصص حياة رفاق غواتيمالا" و"البحث عن إيفراردو: قصة حب وحرب ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية في غواتيمالا والحقيقة والتعذيب والنهج الأمريكي".

دعونا نتحدث إذًا عن أوجه التشابه بين الإبادة الجماعية التي وقعت في غواتيمالا والإبادة الجماعية التي تحدث في غزة. كلاهما، بالطبع، موجه ضد السكان الأصليين. لكنني أعلم أنك ربما شاهدتِ أوجه تشابه غيرها. يمكنك شرح ماهيتها.



جينيفر هاربري: هناك أوجه تشابه واضحة جدًا، أليس كذلك؟ كلاهما، كما ذكرتِ، ينطوي على إبادة جماعية للسكان الأصليين، سواء في غواتيمالا أو في فلسطين. في كلتا الحالتين، قبل وصول الصهيونيين إلى فلسطين، على سبيل المثال، وفي غواتيمالا، حتى مع وصول الغزاة، كان السكان يشكلون الأغلبية العظمى.

السكان الأصليون في غواتيمالا، أي المايا، وفي فلسطين، الفلسطينيون بالطبع. في كلتا الحالتين، لإفساح المجال للغرباء ليأتوا ويستولوا على البلاد بأكملها، ويستولوا على المعادن، والنفط، والفواكه، ومصادر التجارة، وما إلى ذلك، كان الهدف الأساسي هو تهجير السكان الأصليين والقضاء عليهم. بلغ هذا الأمر ذروته خلال ثمانينات القرن الماضي، كما ذكرتَ للتو، عندما شنّت حكومة غواتيمالا، مصدومةً من شعبية عدد من جهود الإصلاح، حملةً عسكريةً للقضاء على مرتفعات المايا، وعلى النقابات العمالية، والكنيسة، وما إلى ذلك، ولكن إبادة سكان المايا لأسباب تجارية، وسياسية، وعنصرية أيضًا، ولأنهم أرادوا سلب البلاد بالكامل. فلسطين، هذا بالضبط ما نراه يحدث الآن في غزة.
تجري تنفيذ حملتين للإبادة الجماعية تتضمنان إبادةً كاملةً لأغلبية السكان، وهم بالطبع من السكان الأصليين في كلا البلدين، بل إن غواتيمالا والولايات المتحدة والحكومة الغواتيمالية، وكذلك حكومة إسرائيل، كانوا على استعداد لاستخدام أي أساليب وحشية ضرورية، من تعذيب يومي، وإرهاب، وسجن ظالم، وقسوة، وتدمير أي أمل في محاكمة عادلة أو حرية معقولة من الاحتجاز الظالم، أو سلب أرض، أو أي شيء آخر.

كانوا على استعداد لبذل قصارى جهدهم لضمان بقاء كل شيء على ما يرام. وكما ناقشنا سابقًا، أرى أوجه تشابه كبيرة مع طريقة تعاملهم مع هذه المرحلة من حرب غزة، وتدمير غزة، هذا بالضبط ما أراه الآن. أنتم تعرفون أكثر مني بكثير في هذا الشأن. لكن هذا تحديدًا ما يقلقني الآن بشأن محاولة السفينةغريتا ثونبرغ ، التي تحاول إدخال الإمدادات لأن الفلسطينيين يعانون من المجاعة الشديدة بفضل تواطؤ الحكومة الصهيونية والولايات المتحدة.
مُنعوا من الدخول. في الواقع، أنزلوا من المركب وسُجنوا أو اعتُقلوا. لكن إذا أراد الناس أي مصدر للغذاء لأطفالهم،فهم مضطرون للذهاب الى ،اظن ان المؤسسة تُسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" أو ما شابه، وهي تُوفر بعض الأماكن التي يُمكنهم الحصول على بعض المساعدة فيها.

كريس هيدجز: حسنًا، عفوا للمقاطعة، هناك أربع نقاط توزيع فقط. كان لدى الأمم المتحدة 400 نقطة. ليس هذا حتى تظاهرًا بتوفير إمدادات غذائية كافية. هذا بالضبط ما حدث في المرتفعات، لأن إحدى التكتيكات التي استخدمها الجيش الغواتيمالي كانت تدمير المحاصيل.

أصبح من المستحيل على المجتمعات الأصلية إطعام نفسها إلا إذا ذهبت إلى هذه "القرى النموذجية"، التي كانت مجرد معسكرات اعتقال مسلحة ومُحاطة بسياج.

لم تكن هذه القرى خاضعة لسيطرة الجيش الغواتيمالي فحسب، بل كما تتذكرون، وحدات الدفاع المدني التي صادفْتُها في المرتفعات، وكانوا ملفعين بالكامل بأغطية. لذا، الأمر نفسه تمامًا: إذا أردت أن تأكل، فعليك أن تزحف وتتوسل للحصول على قطعة زهيدة من الطعام من قاتليك.

جينيفر هاربري: أجل، أودّ أن أصف ما رأيته في غواتيمالا في القرى النموذجية. سأكون صريحة جدًا في هذا لأنني مكثتُ فترة طويلة في قرى نموذجية مختلفة، مثل بولوس دي ديسارويو في منطقة إكسكان على الحدود المكسيكية. كانت تلك القرى مستنقعاتٍ للملاريا، وقد قاد قادة الكنيسة الفلاحين المعدمين إلى هناك وأعادوا بناء المنطقة بالكامل حتى ازدهرت.

لكنها كانت مززارع تعاونية، وهذا بالطبع يعتبر شيوعيًا. لذا، طُبّقت حملة الأرض المحروقة هناك. اسقطت بالرصاص طائرة تقل قسيسا أميركيا، عندما كان، مع ثلاثة اميركيين آخرين، يحاولون جلب مؤن للمحاصرين . كان ويليام وودز هو الكاهن. أحرقوا كنيسته في خالبال، لكنني ما زلت أستطيع رؤية حواف خشب الهيكل وكذلك بمقدور كل شخص آخر، بإمكان الجميع مشاهدة بقايا النيران.

وماذا جرى لما كان يُعرف سابقًا مركز مجتمعي للمدينة، حيث مقر ّ الجيش؟ كان هناك ملعب كرة قدم، تلقى الجيش الغذاء الجيد والإمدادات الطبية. جميع الإمدادات الطبية المقدمة للقرويين كانت تصادر وتحول الى الجيش ، وكذلك الطعام. قمت بالتدقيق في الأمر مع كثيرين.

القرويون تحدثوا معي بعد تردد؛ معظمهم من النساء، كان بمقدورهن اصطحابي الى النهر للاستحمام، ولم يكن بإمكان الجنود الذهاب معنا، وعندها اخبرنني بما جرى ويجري. قلن: أجل إذا توجه للعمل في الحقول أي شخص ومعه كمية زائدة من طعام، يمكن إطلاق النار عليه بتهمة نقل المؤن إلى المتمردين.

إذا كان لديك بنطال جاف أو قميص إضافي بسبب هطول الأمطار الغزيرة، يمكن إطلاق النار عليك لنقل أغراض إلى الثووار؛ اذا عدت متأخرًا جدًا، يمكن إطلاق النار عليك لكونك في الخارج مع الثوار ؛ يجب أن تكون عند سارية العلم في الصباح لتحية العلم، ومن الأفضل أن تكون متحمسًا لذلك وإلا فقد ينتهي بك الأمر في حفر المياه أو قد يتم إطلاق النار عليك لكونك مع الثوار .

نفس الأمر في الليل، يجب أن تكون بالبيت قبل غروب الشمس، ومن الأفضل أن تكون هناك. ينادون على الأسماء، وكل من لا يجيب يتعرض لإطلاق النار؛ وإذا لم كن هناك، يمكن إطلاق النار لكونه مع الثوار. في زيارتي الثالثة، كان هناك طفل رضيع، ربما عمره ثمانية أشهر، على ما أعتقد، مصابًا بتمزق في الزائدة الدودية. كان يصرخ مع كل زفير، وكان على وشك الموت.
الأم في حالة هستيرية، والقرويون الآخرون يركضون ذهابًا وإيابًا محاولين معرفة ما يجب فعله. كان الأمر كما لو أنه لا يمكنك الاستماع إليه دون أن تصاب بالجنون. قالوا إن الضباط لن يعطونا اي دواء. لن يسمحوا لنا بالذهاب. يجب أن يكون لديك تصريح للذهاب إلى المركز حيث توجد رعاية طبية في القاعدة العسكرية؛ لكن يجب أن يكون لديك تصريح مكتوب للذهاب إلى هناك وإلا سيطلقون النار عليك.

قلت، حسنًا، هل يمكننا الحصول على طائرة هليكوبتر؟ وكان الأمر أشبه بالمستحيل. اذهب واسأل الرجل العسكري عما إذا كان سيحضر له طائرة هليكوبتر. لذلك أخذت الطفل ونزلت لأنهم ألقوا عليّ للتو محاضرة كبيرة عن كيف وجدوا كي يكونوا إخوة للشعب ويعتنون بهم. وفكرت في أنني أستطيع الاستفادة من ذلك قليلاً. ومع صراخ هذا الطفل وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، قال الرجل في الأساس، لا بد أنك تمزحين.

الطعام والأدوية هنا للجنود فقط. لا، لن نوفر مروحية في أي مكان، ولن نمنحكم تصريحًا. وفي تلك اللحظة، تقيأ الطفل دمًا ومات. هكذا كانت الحياة في القرى النموذجية. لذا لا أريد التفكير فيما يحدث في غزة، لأنه يبدو لي جليًا أننا نتبع نفس النمط، نفس النموذج تقريبًا.


كريس هيدجز: قبل أن نتطرق إلى المقاومة، لنتحدث عن دور الإسرائيليين. لقد كان لهم دورٌ بالغ الأهمية، كما أوضحتُ في المقدمة، في ترسيخ سلطة ريوس مونت، تلك الديكتاتورية الوحشية، وكذلك في توجيه العديد من التكتيكات التي استُخدمت لسحق المقاومة في الأماكن الريفية، وخاصةً في مناطق الحضرية. هل يمكنكِ التحدث عن ذلك؟

جينيفر هاربري: نعم، كما ذكرتِ، نجح الرئيس [جيمي] كارتر في تحقيق الكثير من خلال العمل الرائع للسيناتور [باتريك] ليهي، حيثُ منع تقديم مساعدات عسكرية لأي حكومة تنتهك بصورة منهجيةحقوق الإنسان.

حسنًا، كانت غواتيمالا آنذاك تُعرف بأنها أسوأ منتهك لحقوق الإنسان في نصف الكرة الغربي. لذا، كان لدى كارتر الشجاعة الكافية لقطع المساعدات العسكرية. كما اكتشفتُ لاحقًا، كانت هناك طرقٌ شتى لاستمرار وصول المساعدات العسكرية مباشرةً من الولايات المتحدة، قاموا بذلك تحت ستار تأهيل القوات هناك وتدريبها أو تقديم المساعدة لمشاريع انسانية؛ لم يكونوا مضطرين لأن يقولوا لمن تقدم المساعدات وما هي حقيقة المساعدات المقدمة. لكن بمباشرة أكثر كانوا هناك. وكان لدينا نظامٌ من المخبرين المأجورين، جواسيس لصالح الاستخبارات العسكرية.



عملاء مأجورون عذبوا الناس وحصلوا على معلومات وقدموها للجيش. عُذّبوا بالوكالة. لكنهم ما زالوا يريدون الحصول على أموال أكثر بكثير مما كانوا يحصلون عليه مقابل الأسلحة والدبابات وكل شيء آخر.

واجهتهم ظروف صعبة؛ في تلك المرحلة، توجهت حكومة الولايات المتحدة، دون موافقة كارتر، كما آمل، إلى إسرائيل، و طلبت منهم إرسال الأسلحة والبنادق والأرافاس، وبعض الدبابات، كما أعتقد، التي أرسلت مباشرة إلى غواتيمالا لخدمة العسكر. .

عندما كنت هناك، كان السلاح الوطني للجيش هو الجليل. وبصفتي ابنة أحد الهاربين من الهولوكوست، غادر والدي هولندا في الوقت المناسب قبل ظهور النازيين عندما كان في الحادية عشرة من عمره. يؤلمني حقًا سماع أن البندقية الوطنية، الجليل، ما أعظمها. يا له من عار!

ولكن على أي حال، هذا ليس هنا ولا هناك. أبشع ما فعلوه، بلا شك، بناءً على طلب من وكالة المخابرات المركزية والحكومة الأمريكية، لأن هذه هي طبيعة علاقتنا. وهكذا أيضًا تسير علاقتنا مع غواتيمالا في مجالات أخرى.
لكن ما قاموا به أيضا لدى وصولهم إلى غواتيمالا إنشاء نظامً استخباراتي قضى على الحركة السرية في المدن، وكان له دور بالغ الأهمية في تنفيذ أنشطة فرق الموت على مدى العقود العديدة التالية في كل مكان.

كان من أهم الأمور تطوير نظام الحاسوب الذي تستخدمه (G2)، او قسم الاستخبارات، بحيث يتم تسجيل الجميع على جهاز الحاسوب مع شتى صنوف الملاحظات . كان ذلك في القصر الوطني أو في البرج هناك. لا أعرف مكانه الآن.

جلبوا أيضًا هذه التقنيات المرعبة حقًا لتتبع الجميع في المدينة وغيرها من الأماكن، بحيث يمكن القبض عليهم وتعذيبهم، ثم تدمير أماكن أخرى.

كان هناك العديد من المخابئ الآمنة، على سبيل المثال، في العاصمة حيث كانت مجموعات مختلفة من حركة حرب العصابات تختبئ وتفعل ما في وسعها. وعندها، تعلمت فرقة الاستخبارات من الإسرائيليين كيفية مراقبة إمدادات الكهرباءوالماء في كل منزل. وإذا كان المنزل مخصصًا أو مصممًا لعائلة مكونة من خمسة أفراد ويستخدم ما يكفي من الماء والكهرباء لعائلة مكونة من 20 فردًا، فإنهم سيذهبون إليه ويقتلون كل من فيه.

امتلكوالاحقا مهارات جديدةل؛ كانوا يسحبون ناجيًا أو اثنين ويعذبونهما للوصول إلى المنازل الأخرى. بالطبع، أصبح المترو تحت الأرض في المدينة شديد الضيق، ولكن حتى في تلك الحالة كان الهروب من الإبادة على يد G2 شبه مستحيل، حتى مع أعلى الإجراءات الأمنية التي اتخذوها.

من الأمور الأخرى التي فعلها الجيش، بفضل مساعدةالموساد، مراقبة جميع المكالمات الهاتفية. فإذا اتصل لهاتف "أ" بالهاتف "ب"، يحتاج الأمر ثانيتين كي يقول احدهما آسف النمرة غلط ؛ ولكن إذا أظهر الكمبيوتر أنه خلال 10 دقائق، سيتصل الهاتف "ج" بالهاتف "د"، وستكون هذه هواتف عمومية، وليست منزلية، فسيجري هذان الشخصان محادثة مطولة. لذا، يضرب حصار حول المنطقة بعد فترة وجيزة. وإذا اتصل "أ" مرة أخرى بالهاتف "ب" وقال: "آسف، الرقم خاطئ"، فسيقبضون على الجميع عند الهاتفين "ج" و"د" التاليين ويعذبونهم.

بالطبع،تعلموا في وقت مبكر جدافي حال اختطاف طفل من عائلة ينهار الجميع بسرعة ويعطونك المزيد من المعلومات. وأعلم أن أحد الشهود في إحدى قضاياي كان قد فقد بالفعل والده ووالدته وزوجته وأخته وشقيقه الأصغر، حيث اختفوا على يد الجيش في عملية مداهمة.

بقي لديه طفلان، باستثناء زوجته. وعندما أُلقي القبض عليه وتعرض لتعذيب شديد، لم يتكلم لفترة طويلة. ثم هدموا جدار كنيسة، وأخرجوا أصهاره مع الطفلين، وأعادوهم إلى القاعدة حيث كان يُعذب، وقالوا: حسنًا، الآن نربط الطفل ذي العامين في مؤخرة شاحنة، تكلم وإلا سنجره إلى الموت. فتحدث، وقال أين توجد عيادة، فعادوا وقالوا: يا إلهي، لقد قضينا على كل من في العيادة. أنت أهم سجين لدينا على الإطلاق.

كريس هيدجز: أريد التحدث عن المقاومة المسلحة. عرفتُ أحد مؤسسي حماس، ثم بعد اغتياله، الدكتور عبد العزيز الرنتيسي مع ابنه. عرفتُ خليفته، نزار ريان. قضيتُ وقتًا طويلًا مع حماس. لديّ اختلافات كبيرة معهم، ومع ذلك، دائمًا ما يكون الظالم هو من يُحدد طبيعة مقاومة الظلم.

غواتيمالا، بدءًا من انقلاب عام ١٩٥٤ الذي أطاح بـحكومة [جاكوبو أربينز، أغلقت الطريق أمام أي إصلاح ديمقراطي سلمي، وأعتقد أنك ستوافقينني الرأي، فأنا لا أحب العنف أيًا كان من يمارسه. لقد شاهدتُ الكثير منه، لكنني أعتقد أنك ستوافقينني الرأي، أنه لم يكن هناك خيار آخر أمام أولئك الذين سعوا لبناء مجتمع منفتح أو عادل في غواتيمالا.

جينيفر هاربري: أتفق معك في ذلك. سأقدم مثالين لأنني من جيل حرب فيتنام. كنتُ مسالمًا جدًّاحتى وصلتُ إلى غواتيمالا، ثم اختفى ذلك. لكن حركة السكان الأصليين المطالبة بالمساواة في الحقوق ازدادت قوةً في غواتيمالا، إذ يُشكّلون 80% أو 85% من إجمالي السكان، وقد حافظوا على ثقافتهم بعناية.

يتحدثون ب 32 لغة من لغاتهم الخاصة، ويستخدمون ملابسهم الخاصة، وأنماط نسيجهم، ويُحددون هويتهم العرقية، وما إلى ذلك. لكنهم كانوا مسالمين إلى حد معقول من حيث التنظيم؛إذ1 طالبوا بالمساواة في الحقوق وإصلاح الأراضي، ووقف الحملات العسكرية والمجازر مثل بانزوس وغيرها، وهو ما بدا معقولاً في حينه.
نظموا اتحاداً أطلقوا عليه "لجنة وحدة الفلاحين". وفي عام 1980، نظموا مسيرة سلمية الى العاصمة، وتوجهوا الى السفارة الإسبانية، لأن إسبانيا هي من جاءت مع المستعمرين، أليس كذلك؟ أجروا لقاءًسلميا مع السفير الإسباني، لكنهم كانوا يحتلون السفارة. خاطب السفير عبر الراديو قائلاً: "كل شيء على ما يرام هنا. لا يوجد شيء يحدث. ابقَ في الخارج. نحن نجري محادثة".
بدلاً من ذلك، اقتحمت قوات الأمن المبنى، وكما هو معروف الآن، جُمع كل من في مبنى السفارة في غرفة واحدة، ثم أطلقوا النار بالفوسفور الأبيض، وأحرقوا الجميع حتى الموت. احترق جميع زعماء السكان الأصليين الـ 48، باستثناء واحد. واحترق جميع من كان يعمل في السفارة الإسبانية هناك، باستثناء السفير، وقفز هذان الشخصان من نافذة زجاجية، ونُقلا على وجه السرعة إلى المستشفى مصابين بحروق بالغة. في تلك الليلة، جاء شخص من السفارة الأمريكية وأمسك بالسفير وقال: "إنهم قادمون إليك"، ثم هرب، لكنهم تركوا زعيم السكان الأصليين المايا في فراشه. عُثر عليه لاحقًا ميتًا ومشوّهًا في حقل ذرة.
السفير ما زال في إسبانيا يعاني من صدمة نفسية مروعة؛ أما الأمر الآخر، فهو لدى زيارتي ُ لأول مرة غواتيمالا عام ١٩٨٥، كانت مجموعة النساء الباحثات عن المفقودين، أشبه بأمهات ساحة مايو، يذهبن بسلام كل يوم جمعة إلى الساحةالوطنية ويصرخن مطالباتٍ بإعادة أزواجهن وأعمامهن وآبائهن.
كان أطفالهن معهن.اتسع نطاق الحركة وازدادت شعبيتها لأن القيادة والمؤسسين كانوا استثنائيين. وهذا، بالطبع،أثار غضبً العسكر ضد الظاهرة ، أول شخص يُقتل قبيل عيد الفصح .
كان أحد المؤسسين القلة ، هيكتور غوميز، نقابي ، يبحث عن أخيه، قُتل بموقد لحام، من بين إصابات أخرى.
ولدى عبور النسوة داخل المحل، بمن فيهن النسوة من السكان الأصليين القاطنات في الجبال، يحملن أطفالهن على ظهورهن، اجتزن نقاط تفتيش يشرف عليها الجيش، وبذا تنذر بمخاطر مرعبة؛ غير انهن جميعا وصلن جثمان المغدور ووضغن الورود.عبر نقاط تفتيش عسكرية متعددة كانت بالغة الخطورة، حضرن جميعًا الجنازة ووضعن الزهور هناك وألقين كلمات مؤثرة . عاد الجميع إلى منازلهن وشرعن الاتصال ببعضهن البعض. حل عيد الفصح. الجميع قدر الإمكان بذلن المحاولات للتواصل مع بعضهم البعض. لن نعرف أبدًا عدد النساء من اهل البلاد لأصليين اللواتي اعتُقلن بعد ذلك. لم تكن هناك هواتف، وما من طريقة للوصول اليهن. غير ان روزاريو غودوي دي كويفاس ، زوجها رئيس مجلس الطلبة بالجامعة الوطنية، اختفى مع اعضاء مجلس الطلبة وجمع غفير من أعضاء الاتحادات.هي ام لطفل في الثانية من عمره يدعى اوغستين . اظن انه لم يبلغ السنتين؛ كانت ممن تكلمن عند جنازة هيكتور وتحدثت بطلاقة. وقبل حلول عيد الفصح توجهت في سيارتها ومعها شقيقها البالغ تسعة عشر عاما وطفلها، مضوا في سيارتهم الى مخزن الأدوية للحصول على دواء للطفل المريض.

عثر على الثلاثة بعد ساعات عند أسفل تلة والثلاثة رقابهم مكسسورة. وكل من بالجيش ، وكل من يعمل بالحكومة، وكذلك جميع العاملين بسفارة الولايات المتحدة ادعوا انه تدهور مؤسف للسيارة، ولا شيء آخر .
باسثناء نسوة من جمعية المعونة المتبادلة ، عبرن الى حيث تحتجز الجثامين . سمح لهنالعبور بعد مغادرة عناصر المخابرات الوطنية.شاهدن مواقعإطفاء السجائر على ثديي روزاريو والدم يلطخ ملابسها.
راهبة مسنة أبلغتني انها سارت في الجنازة، فهي زميلة روزاريو، مدرسة مثلها في إحدى المدارس. اطمانت بتقاطع أذرع الضحايا قبل الدفن دلالة المسيحي الجيد. اما الطفل فقد انتزعت أظافر أصابعهيديه، امام والدته . دبرت حادثة تدهور السيارة أسفل تلة كي يدعوا ان الوفاة تدهور سيارة مؤسف!!!!



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3
- بناء القوة لفلسطين ولنظام عالمي جديد
- تتمزق الأقنعة التنكرية-2
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي
- ترامب يعاقب ألبانيز!!
- تقرير ألبانيز يتهم شركات عالمية بالمشاركة في الإبادة الجماعي ...
- مؤامرة العصر لاختطاف فلسطين
- تسليك الدروب نحو دولة إسرائيل الكبرى-4
- تسليك الدروب نحو دولة إسرائيل الكبرى-3
- تسليك المعابر الى إسرائيل الكبرى – حلقة 2
- السيد المحترم طارق حجي صادم في أحكامه وتقييماته
- تسليك الدروب نحو دولة إسرائيل الكبرى (1من5)
- كيف نعرف إن كان رئيسنا غير متماسك عقليًا؟
- العدوان على إيران جولة لم تحسم الصراع
- الامبراطورية الامبريالية.. دولتها العميقة ونزوية ترامب- حلقة ...
- لاإمبراطورية الأميركية.. دولتها العميقة ونزوية ترامب(1من 2)
- التقدميون بالولايات المتحدة: العدوان على إيران مواصلة للإباد ...
- تنتهي الإبادة الجماعية ليبدأ القصاص


المزيد.....




- احتجاجات ورفض لتقسيم أوكرانيا.. متظاهرون غاضبون من قمة ألاسك ...
- بيان صادر عن القوى والفصائل الفلسطينية من القاهرة
- القوى والفصائل الفلسطينية: الأولوية لوقف العدوان ورفع الحصار ...
- بلاغ الكتابة التنفيذية للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الاتح ...
- القوى والفصائل تؤكد أن الأولوية القصوى في هذه المرحلة هي الو ...
- الاشتراكي الديمقراطي ”الحكومة فشلت في ادارة الاقتصاد” - يطال ...
- محمود عباس يؤكد ضرورة تسليم الفصائل الفلسطينية سلاحها للسلطة ...
- بنعبد الله يعزي في وفاة الرفيق حاتم المسيح عضو المكتب الإقلي ...
- م.م.ن.ص// أجنحة الغضب: شهداء غشت والثورة التي لا تموت
- بلاغ المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي بشأن وضعية ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد مضيه - إبادة جماعية فصولها تجري بغواتيمالا..لكنها صامتة