|
لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 11:17
المحور:
القضية الفلسطينية
الكيان الصهيو امبريالي يجسد أسطورة إسرائيل القديمة لإنكار التاريخ الفلسطيني
ينتقل نتنياهو من الإبادة الجماعية الى التهجير ، إحياء للتقليد التوراتي المرتبط بالحكاية التوراتية المختلقة - دولة إسرائيل القديمة؛ بينما يقوّد له ترامب دبلوماسية الابراهامية. فالمشروع الصهيو امبريالي، الذي وضع خطته المحافظون الجدد بالولايات المتحدة الأميركية مباشرة إثر انفراد دولتهم بقطبية العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، يجد الدرب مفتوحة امامه نحو دولة إسرائيل الكبرى، إسرائيل التوراتية. وإطلاق اسم ممر داوود قرينة خطاب الدراسات التوراتية، حيث يعزى لداوود الملك توحيد العشائر الإسرائيلية وإقامة مملكة متحدة سيطرت على جوارها خلال فترة قصيرة. الدولة الصهيونية ة المعاصرة بنت سياساتها منذ إنشائها على قاعدة عدم الالتزام بالقرارات الدولية، ونبذ القوانين الدولية والمؤسسات الدولية، مستندة لتأييد الدبلوماسية الأميركية التي منحت نفسها وعملاءها استثنائية تجيز لها تحدي كل الاعتراضات الحقوقية والسياسية والأخلاقية ، بما في ذلك فرض العقوبات على قضاة المحكمة الدولية وقتل موظفي الأمم المتحدة وقصف مكاتبها ومؤسساتها بالصواريخ. باسم الاستثنائية ذاتها، المتكئة على خطاب الدراسات التوراتية، يكرس الكيان الصهيو امبريالي في السياسات الدولية حق القوة، يتحدى معايير الحقوق الدولية والأعراف السياسية والقيم الأخلاقية. ولمن يشْكل عليه الإصرار على القتل العشوائي والتدمير الشامل في غزة يجد فك اللغز في خطاب الدراسات التوراتية، يدمج الماضي المتخيل بدولة إسرائيل التوراتية ترتبط بالحاضر مع نظيرها، دولة إقليمية تنشط وكيلة لسيطرة الامبريالية على المنطقة، جزءًا من السيطرة على العالم حسب برنامج المحافظين الجدد ونواتهم المركزية المسيحيين الصهيونيين. ان تامل مسيرة نتنياهو السياسية، وتحريضه على اغتيال رابين عقابا على اعترافه بكيان فلسطيني، ثم صراعه مع جنرالات وضباط الأجهزة الأمنية الحائرين حيال إشكالية التوسع الاستيطاني المضطرد واستقطاب الفاشيين، بقيادة سموتريتش وبن غفير، دعاة الصهيونية الدينية، لا تلتزم إلا بخطاب الدراسات التوراتية ومبادئه بديلا للقانون الدولي الإنساني، وتسليمهم مراكز مفصلية في أجهزة الاحتلال العسكري..إن من يتامل هذه الظواهر الغريبة يستنتج، لا محالة، ان نتنياهو حمل في عقله ووجدانه عبء إقامة دولة التوراة المزعومة. فهو سليل أسرة آمنت بخطاب الدراسات التوراتية؛ والده بن زيون نتنياهو مؤرخ شارك في توجيه تلفيقات الدراسات التوراتية وصاغ مع جابوتينسكي برنامج الجدار الحديدي، المكرس لحمل الشعب الفلسطيني على التسليم مرغما بمطالب الحركة الصهيونية، الجدارالذي ترتفع مداميكه يوما بعد آخر.
لم تنفرد الحركة الصهيونية بإنتاج خطاب الدراسات التوراتية وتطويره؛ فهو ثمار أبحاث تضافرت "طاقات فكرية ضخمة وموارد مادية هائلة بجامعات الغرب الامبريالي وكليات اللاهوت والمدارس الدينية وحلقات البحث وأقسام الآثار تجمعت في أمريكا وبريطانيا وإسرائيل"، كما يقول الأكاديمي كيث وايتلام، الباحث العلماني في آثار الشرق الأوسط وذلك في كتابه النفيس "اختراع إسرائيل القديمة شطب التاريخ الفلسطيني". استظلت الدراسات التوراتية بالاستشراق وأبحاثة تعكس تطلعات السيطرة الامبريالية على الشرق، وتواكب بدواتها بالمنطقة؛ ومن ثم منحت التاريخ الأوروبي طابع التفوق مع طمس معالم تاريخ شعوب الشرق وعالم الجنوب قاطبة. حدثت صراعات بين الدول الاستعمارية انعكست في أبحاث العلوم الإنسانية ومنها الدراسات التوراتية. غير انها أجمعت على طمس التاريخ الفلسطيني وفرض التاريخ الإسرائيلي بديلا.
تلفيق تاريخ قديم لإسرائيل عملية ﻃﺮد اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻔـﻠـﺴـﻄـﻴـﻨـﻲ )ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻲ( ﻗﺪ تم اﺳﺘﻜﻤﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ وﺻﻒ ﻓﺘﺮة ﺣﻜﻢ الملكين داود وﺳﻠﻴﻤﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ الحديدي، ﺣـﻴـﺚ ﺗﻌﺮض ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺻﻮرة دوﻟﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻧﺎﺷﺌﺔ وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻗﻮة ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻋﻈﻤﻰ ﻓﻲ المنطقة ﻓﻲ ﻓﺘﺮة زﻣﻨﻴﺔ ﻗﺼﻴﺮة ﺟﺪا. ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة المتأﺧﺮة ﻣﻦ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺒﺮوﻧﺰي ـ الحديدي، وﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﻖ ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ ﻋـﺎدة ﻓـﺘـﺮة »اﻟﻨﺸﻮء" أو " أﺻﻮل« إﺳﺮاﺋﻴﻞ، وﻫﻲ اﻟﻔـﺘـﺮة اﻟـﺘـﻲ ﻳﻔﺘﺮض أن ﺗﻜﻮن إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺗﻠﻚ ﻗﺪ ﺳﻴـﻄـﺮت ﻓـﻴـﻬـﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻠﺴﻄين . وﻫﺎﺗﺎن اﻟﻔﺘﺮﺗﺎن، أي ﻓﺘﺮة »ﻧﺸـﻮء إﺳـﺮاﺋـﻴـﻞ« ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄين وﺗﻄﻮر مملكتي داود وﺳﻠﻴﻤـﺎن، ﻟـﻬـﻤـﺎ ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻮﺻﻔـﻬـﻤـﺎ ﻋـﻠـﻰ أﻧـﻬـﻤـﺎ تمثلان اﻟـﻠـﺤـﻈـﺘين »اﻟـﻔـﻴـﺼـﻞ« moment defining ﻓﻲ ﺗـﺎرﻳـﺦ إﺳـﺮاﺋـﻴـﻞ.بالطبع تلتزم الدراسات الأميركية والغربية وفي الجامعات والصفوفرالمدرسية بهذه الزيوف التاريخية.
استوعب نتنياهو عناصر الخطاب التوراتي أميركية المصدر، مسلمات رسخت في وجدانه أحقية إسرائيل الكبرى في الوجود بقوة السلاح. سيطرت على الدراسات التوراتية فكرة مخادعة، مؤداها ان "فهم تاريخ إسرائيل القديمة جوهري لفهم التوراة العبرية؛ وكانت محل الاهتمام أيضا بالنسبة للدراسات اللاهونية المسيحية، نظرا لتصوير إسرائيل القديمة مصدر الحضارة الأوروبية المعاصرة. وحدة المسيحية واليهودية في الدراسات التوراتية تنعكس في الكيان الصهيو امبريالي وفي الأساس عقيدة الإنجيليين دعاة المسيحية الصهيونية. يقول وايتلام، "ان سيطرة اللاهوت وبالذات مضامين وأبعاد سياسية وثقافية يجب ان تكون بالآذهان كي نفهم كيف تمكنت الأوساط العلمية اختراع إسرائيل القديمة وإسكات تاريخ فلسطين". دولة إسرائيل نقيض الكيان الفلسطيني، وإبراز إسرائيل محورا لتاريخ المنطقة يطمس التاريخ الفلسطيني ويلغي الهوية الفلسطينية؛ تلك هي رسالة الدراسات التوراتية، التي ظهرت وتطورت في العصر الحديث، والتي تعمل بمقتضاها حكومة بنيامين نتنياهو.هنا يكمن سر المجازر المتعاقبة ضد الجماهير الفلسطينية، حيث حياة الفلسطيني بلا قيمة على الإطلاق. ﻳﻮﺿﺢ ﺗﺎرﻳﺦ الجدلﺣﻮل ﻧﺸﻮء إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄين ﺑﺸﻜـﻞ ﻗـﺎﻃـﻊ أن ﺧﻄﺎب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ ﻗﺪ ﺷﻜـﻠـﺘـﻪ اﻟـﺼـﺮاﻋـﺎت اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ المعاصرةوالمتعلقة ﺑﻘﻀﻴﺔ ﻓﻠﺴﻄين وﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻬﺎ. اﻟﻔﻜﺮة الجوهرية اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ منقولة عن حكايات التوراة ، المترجمة الى اللغات الحديثة عن الآرامية بصورة محرفة ومغرضة؛ ﻓﻬﻲ تقوم على اﻋﺘﺒﺎر مملكة إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻘﺪيمة ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻻﺟﺪال ﻓﻴﻬﺎ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ وﺟﻮد اﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ »ﻣﺒﺎﺷﺮة« ﺑين مملكة إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻘﺪيمة ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻌﺼﺮ الحديدي (القرن الثالث عشر قبل الميلاد) وﺑين دوﻟﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻞ الحديثة. شهادات تثبت ا كذب الادعاءات بأن أفعال إسرائيل تصدر عن دفاع عن النفس ، او ان حكومات نتنياهو ترمي حقا إقامة علاقات سلام بالمنطقة . مشروع نتنياهو يقوم على قاعدة من التلفيقات التأمرية المغطاة بعلاقات القوة والتمييز العرقي. فعلاقة الديانتين المسيحية واليهودية استمرت قرونا علاقة عداء ونفي متبادل، ونزعة اللاسامية والمذابح الدورية اكبر دليل.
شارك مؤرخون ألمان واميركيون وإسرائيليون في تأويل المكتشفات التاريخية واختزالها وتحريفها بما يثبت المقولات " العلمية" في بلدان الغرب. وجد التزييف التغطية من مجمع الدراسات الاستشراقية التي في كنفها نشأ البحث التوراتي وتطور. معظم المؤرخين التوراتيين نشطوا في القرن العشرين وفي كنف الانتداب البريطاني والدولة الصهيونية. جميعهم استرشدوا في أبحاثهم بحكايات التوراة والتزموا بها، ومضت "اكتشافاتهم" على طريقة المسح الجغرافي. حصل ذلك والأبحاث الفلسطينية بالتاريخ القديم غائبة تماما. وما زالت مغيبة. اهتمت حكومة الانتداب البريطاني بإﺻﺪار ﻗـﺎﻧـﻮن اﻵﺛـﺎر Antiquities of Law ، امتثالا لما ورد في صك الانتداب وفي وعد بلفور، من علاقة اليهود بوطن الآباء؛ وفور تسلمه الحكم المدني في يوليو1920اتخذ ﻫﺮﺑﺮت ﺻﻤﻮﺋﻴﻞ، الصهيوني، اول مندوب سامي بريطاني بفلسطين، ﺧﻄﻮات ﻋﻤﻠﻴﺔ وقرارات واضحة تمهد ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﻓﻠﺴﻄين إﻟﻰ وﻃﻦ ﻗﻮﻣﻲ ﻟﻠﻴﻬﻮد، مع ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻈﺮوف اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ واﻹدارﻳﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف ﺑﻜﻞ ﻣﺎ أوﺗﻲ ﻣﻦ ﻃﺎﻗﺔ. عمليا ارست إجراءاتت صموئيل القواعد والتراكيب الهيكلية للدولة الصهيونية، فجاءت عمليات 1947 -1949 إجراءات تشطيب فقط . رافق الانتداب البريطاني ويليام فوكسويل اولبرايت، من الجمعية الأميركية للتنقيب الأثري بفلسطين، أستاذ دراسات تراثية بالولايات المتحدة، من أتباع المسيحية الصهيونية، بقصد استكشاف فلسطين. فالإثبات عن طريق التنقيب لا يقل أهمية عن المجالات السياسية والعسكرية . نقل عن سفر يشوع فكرة الغزو المسلح لأرض كنعان بما واكبه من إبادة جماعية. التزم بن غوريون بحرب إبادة أريحا وعاي، كما التزم نتنياهو بحرب إبادة العماليق. حكاية الاختلاق والتزوير فضحها عالم الأثار الاسكتلندي، كيث وايتلام عام 1996في مؤلفه بالعنوان ذي الدلالة والمستند الى النتائج الحقيقية للتنقيبات الأثرية بفلسطين،"اختلاق إسرائيل القديمة شطب التاريخ الفلسطيني". قدم وايتلام الأدلة الثبوتية على الاختلاق القرصني والشطب الإجرامي. تتلخص أدلة وايتلام العيانية أولا في رصد عدم استناد الباحثين التوراتيين ومنهك أوبرايت،الى براهين وادلة، إذ وردت مقولاتهم نماذج من التخمين والتخيل؛ وثانيا ما رصده الباحث من ارتباط مساقات البحوث مع مجريات الأحوال بفلسطين في الأزمنة الراهنة، خاصة النصف الأول من القرن العشرين؛ وثالثا اختزال المكتشفات الأثرية او الاعتماد على مكتشفات اوأفكار لم تصمد لتحولات التانقيب . تصدى وايتلام لخطاب الدراسات التورية مستعينا بالاكتشافات المتواترة في أواخر القرن الماضي، ومركزا على ﺗﻌﺎﻗب حضارات قديمة عديدة ﻋﻠﻰ ﻓﻠﺴﻄين ، بما يؤكد ان إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻘﺪيمة ﻟﻢ ﺗﻜﻦ سوى " ﺧﻴﻄ رﻓﻴـع ﻓـﻲ ﻧﺴﻴﺞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ اﻟـﻐـﻨـﻲ". فما يتعلق بالتاريخ اليهودي يدخل في إطار التاريخ الفلسطيني، بينما التزوير في الدراسات التوراتية يدرج أخبار الفلسطينيين ضمن التاريخ الإسرائيلي. وجد وايتلام تعقيدات القضية في تضافر منطق القوة ونزعات التفوق العرقي للبيض المسيحيين. إجماع القوى الدولية المقررة تحتم على أصحاب القضية الفلسطينية تحمل أعباء بحوث تاريخية بالتعاون مع الباحثين غير المنحازين، الأمرالذ ي تخلف عنه الفلسطينيون والعرب، بل ان مؤلف وايتلام جرى إغفاله تماما. عام 1996تلقى نتنياهو الإيعاز من المحافظين الجدد بتكثيف الاستيطان؛ وفي العام نفسه صدر كتاب وايتلام يهيب بالمثقفين العرب بذل الجهود البحثية والفكرية لإبراز التاريخ الفلسطيني القديم، وتحريره من قبضة التاريخ الإسرائيلي.
ما تؤكده التنقيبات الأثرية اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ، يقول وايتلام ، وجدعلى الأرض منذ أﻗﺪم اﻟﻌﺼﻮر؛ اثبتت اﻟﻜﺸﻮف "ﺟﻮاﻧﺐ ﻣﺘﻌـﺪدة ﻣـﻦ اﻟـﺘـﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﺮوﺣﻲ اﻟﻀﺨﻢ اﻟﺬي ﺧﻠﻔﺘﻪ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻘديمة )اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ( وﺑﺨﺎﺻﺔ اﻟﻜﻨﻌﺎﻧﻴﺔ، اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻘﺮت ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄين ﻣﻊ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ. وﻟﻜﻦ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ المهيمنة اﻵن ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺸﻒ اﻷﺛﺮي، ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﻤﺲ ﻣﻌﺎﻟﻢ الحضارة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻜﻨﻌﺎﻧﻴﺔ". يؤكد وايتلام ان اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎلماﺿﻲ ﻣﺮﺗبط تماما ﺑﺎﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ الحاضر، وﺧﻄﺎب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘـﻮراﺗـﻴـﺔ ﻃـﺎﻟـﺐ وﻻ ﻳﺰال ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﻬﺬا الماضي لمصلحة إﺳﺮاﺋﻴﻞ .ركز أوﻟﺒﺮاﻳﺖ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺒﺮ ﻋﻠﻰ المكتشفات اﻷﺛﺮﻳﺔ الحدﻳﺜﺔ ﻟﺘﺪﻋﻴﻢ ﺗﺮاث اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺟﺎءت ﻓﻲ ﺳﻔﺮ ﻳـﺸـﻮّع ﻹﺛﺒﺎت وﺟﻮد ﺣﻤﻠﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳـﺔ المفترض أﻧـﻬـﺎ ﻗـﻀـﺖ ﻋـﻠـﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴين ﻓﻲ تجمعاتهم المدينية(ممالك خاضعة مباشرة لفرعون مصر تتالف كل منها من مدينة والقرى المحيطة).
أصدر أولبرايت كتابا عام 1941، وفيه يجزم بصحة الحكايات التورلتية كافة، وبالذات تنفيذ مجازر الإبادة الجماعية، وبررها كمحرك للتاريخ وممهدة للثورة الحضارية. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية اعاد طباعة الكتاب مع الإبقاء على تبرير الإبادة الجماعية بحق القوي ضد الضعيف. أبقى على حق القوي في إبادة الضعيف نسبيا. ينقل وايتلام عن اولبرايت قوله في مقدمة وضعها لطبعة 1957: " ﻛﺎن ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺣﻆ دﻳﺎﻧﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ وﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ أن اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴين اﻟـﺬﻳـﻦ ﻗـﺎﻣـﻮا ﺑـﻐـﺰو ﻓﻠﺴﻄين ﻛﺎﻧﻮا أﻗﻮاﻣﺎ ﻫﻤﺠﻴﺔ تمتعت ﺑﻄﺎﻗﺔ ﺑﺪاﺋﻴﺔ وإرادة ﺑﻘﺎء ﻻ ﺗﻠين، ﺣﻴﺚ إن اﻟﻬﻼك اﻟﺬي ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻐﺰو ﻟﻠﻜﻨﻌﺎﻧﻴين ﻣﻨﻊ اﻻﻧﺪﻣﺎج اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﺸﻌﺒين ﺷﻘﻴﻘين ، ذﻟﻚ اﻻﻧﺪﻣﺎج اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﻴﻨـﺘـﺞ ﻋﻨﻪ ﺣﺘﻤﺎ اﻧﺤﻄﺎط اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ إﻟﻰ درﺟﺔ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ إﺻﻼﺣﻬـﺎ". استند الى النص التوراتي بصدد الإبادة الجماعية للكنعانيين. إن اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪﻳﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﻗﺪ أﻧﻘـﺬت »أﺧـﻼﻗـﻬـﺎ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ« ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﺑﺎدة اﻟﺴﻜﺎن اﶈﻠﻴين" . من تلاميذه برايت ورايت كان لمؤلفاتهما تأثير كبير على الأجيال في دول الغرب. يقول وايتلام : "إن اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻛﺘﺎب ﺑﺮاﻳﺖ ﻫﺬا ﻋﻠﻰ أﻧﻪ المرجع اﻟﺮﺋـﻴـﺴـﻲ المعتمد ﻓـﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ، واﻋﺘﻤﺎده ﻓﻲ الجامعات اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ واﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ وﻛﺬﻟﻚ ﺣﻠـﻘـﺎت اﻟـﺒـﺤـﺚ، ﻗـﺪ أﻛـﺪ أن آراءه أﺻـﺒـﺤـﺖ انموذجا ﻳـﺤـﺘـﺬى ﻓـﻲ ﻣـﻔـﻬـﻮم »ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ« إﺳﺮاﺋﻴﻞ، واﻧﻔﺼﺎﻟﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﺤﻴﻄﻬﺎ. والمعنى المتضمن ﻓـﻲ ﻫـﺬا ﻫﻮ أن ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻓﻲ وﺟﻮد اﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﻣﻊ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ المحلية قد قرئت وتم اﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻬﺎ واﻻﻗﺘﻨﺎع ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﺪد ﻻ ﻳﺤﺼﻰ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺪﻳﻦ أو اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻋﻘـﻮد اﻷﺧﻴﺮة. وﻳﺆﻛﺪ أوﻟﺒﺮاﻳﺖ ﻟﻘﺮاﺋﻪ ﺑﻮﺻﻔﻪ أﻛﺎديميا ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎلموضوﻋﻴﺔ، وﺑﺎﻋﺘـﺒـﺎره ممثلا للعقلانية اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، أن ﻣﺎ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻟﻬﻢ ﻫﻮ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء »ﻣﻮﺛﻮﻗﺔ« ﻟﺘـﺎرﻳـﺦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻘديم. وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ له فاﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻣﻠﻜﺎ ﻟﻌﻠﻢ اﻟﻼﻫﻮت ﺑﻞ إن اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺮﻣﺘﻪ ﻫﻮ ﻻﻫﻮت. تمثل إﺳﺮاﺋﻴﻞ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﻨﺒﻊ الحضارة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، ﻛﻞ ﻣـﺎ ﻫـﻮ ﻋـﻘـﻼﻧـﻲ؛ ﺑﻴﻨﻤﺎ تمثل ﻛﻨﻌﺎن اﻟﺴﻜﺎن اﻟﻔﻠـﺴـﻄـﻴـﻨـﻴـين أﻷﺻـﻠـﻴـين، وﻫـﻢ يمثلون» اﻵﺧـﺮ اﻟﻼﻋﻘﻼﻧﻲ«اﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﻢ اﺳﺘﺒﺪاﻟﻪ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺘـﻲ ﻻ ﺗـﺮﺣـﻢ ﻫﺬه، وﻫﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﻤﺨﻄﻂ ﻟﻬﺎ إﻟﻬﻴﺎ " تعكس الفقرة السابقة النظرة الى الفلسطينيين وتم إسقاطها على الكنعانيين. تكمن حاليا خلف محفزات الفتل العشوائي في غزة. يضيف وايتلام،"إن اﻷﺳﺎس اﻟﺪﻳﻨﻲ ﻻﺧﺘﻼق أوﻟﺒﺮاﻳﺖ ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻘﺪيمة وﺗﺼﻮﻳـﺮه ﻟـﻬـﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ممثل الجذور اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ واﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻳﺒﺪو ﻇﺎﻫﺮا ﻓﻲ ﻛﻞ أﻋﻤﺎﻟه. وﻋﺪم ﺗﻌﺮض ﺧﻄﺎب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ ﻟﻬﺬه اﻷﻓﻜﺎر ﻋﻨﺪ ﺗﻘﻴﻴﻢ أﻋﻤﺎل أوﻟﺒﺮاﻳﺖ ﻫﻮ ﺷﻲء ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻠﻘـﻠـﻖ، ﺨـﺎﺻـﺔ إذا ﻣـﺎ أﺧـﺬﻧـﺎ ﺑﻌين اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻣﺎ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻣﻦ ﺗﺒﺮﻳﺮات ﻟﺘﻔﻮق ﺷﻌﻮب ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ. ﻣﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻧﺘﺬﻛﺮه ﻫﻮ أن اﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺗﻪ، وإﻋﺎدة ﺑﻨﺎﺋﻪ ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ، ﻗﺪ ﺷﻜﻠﺖ ﻓﻴﻤـﺎ ﺳـﺒـﻖ، وﻻ ﺗـﺰال ﺗـﺸـﻜـﻞ، إدراك أﺟـﻴـﺎل ﻣـﻦ دارﺳـﻲ اﻟـﺘـﻮراة واﻟـﺒـﺎﺣـﺜـين ﻓـﻲ ﻫـﺬا اﻟﻤﺠـﺎل ، ﺨـﺎﺻـﺔ اﻷﻣـﺮﻳـﻜـﻴـين ﻣـﻨـﻬــﻢ واﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴين(ونضيف الإسرائيليين المجندين في جيش الاحتلال).ﺈن ﻋﺪم وﺿﻊ اﻷﺻﺒﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﺑﻊ المستهجن ﻷﻓﻜﺎره ﻫﻮ أﻳﻀﺎ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻮاﻃﺆ .". أﺑﺮز اﻟﺒﺎﺣﺜين ﺿﻤﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﺮﻳﻖ ﻓﻬﻮ توماس ﻃﻮﻣﺴـﻮن ﻤThompson L. Thomas، اﻟﺬي ﺣﻮرب ﺑﺴﺒﺐ آراﺋﻪ المعارضة ﻟﻠﺘﻮراﺗﻴين اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳيين . فصل من وظيفته بجامعة »ﻣﺎرﻛﻮﻳﺖ« ﻓﻲ ﻣﻴﻠﻮوﻛﻲ بسبب صدور كتابه ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ١٩٩٢، وعنوانه تاريخ شعب الإسرائيليين من المصادر المدونة والأثرية المبكرة". وطبع ﻓﻲ دار ﻧﺸﺮBrill بهولندا ، أﻗﺪم دور اﻟﻨﺸﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴـﺔ اﻟـﻌـﺎلمية. History of the Isaelite People from the Written & ¨Archaeological Source جاء في كتاب طومسون: أن ﻣـﺠـﻤـﻮع اﻟـﺘـﺎرﻳـﺦ اﻟـﻐـﺮﺑـﻲ ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ واﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴين ﻳﺴﺘﻨﺪ إﻟـﻰ ﻗـﺼـﺺ ﻣـﻦ اﻟـﻌـﻬـﺪ القديم، ﻣـﻦ ﺻـﻨـﻊ اﳋﻴﺎل.( يرجع التاريخ المتداول لإسرائيل القديمة الى صنع الخيال والتخمين. يضيف وايتلام: ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن المهمة اﻟﺘﻲ ﺗﺼـﺪى ﻟـﻬـﺎ ﻃـﻮﻣـﺴـﻮن، ﻓـﻲ إﻧـﻜـﺎره ﺻـﺤـﺔ المبررات اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻹﻳﺠﺎد دوﻟﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻞ، تﺸﻜﻞ ﺧﻄﺮا ﺷﺪﻳﺪا ﻋﻠﻰ اﻻدﻋﺎء ﺑﻌﻮدة اﻟﻴﻬﻮد إﻟﻰ »اﻷرض الموعودة « اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺎل إﻧﻬﻢ ﻧﺰﺣﻮا ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺒﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﻟﻔﻲ ﺳﻨﺔ. وﻣﻊ أن ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻣﺎرﻛﻮﻳﺖ اﻟﺘﻲ ﻃﺮدﺗﻪ أﻗﺮ ﻓﻲ ﺣﻴﻨـﻪ ﺑﺎلمكانة اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻟﻄﻮﻣﺴﻮن، اﻟﺬي ﻳُﻌﺪ ﻣﻦ أﺑﺮز ﻋﻠﻤﺎء اﻵﺛﺎر اﻟﻤﺨﺘﺼين ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ القديم لمنطقة اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ، ﻓﻘﺪ ﺻﺮح ﺑﺄن االجامعة تحصل ﻋﻠـﻰ دﻋـﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ و»المهم ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻫﺎ ﻟﻴﺲ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻠﻨﺼـﻮص اﻟـﺘـﺎرﻳـﺨـﻴـﺔ ﻗـﻴـﻤـﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ أن ﺗﺘﻔﻖ أﻳﻀﺎ ﻣﻊ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻧﻮاﻣﻴﺲ اﻟﻌﻘﻴﺪة.« واﻋﺘﺒﺮ ﻃﻮﻣﺴﻮن أن ﻗﺮار اﳉﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ »اﻧﻜﺎر ﺗﺎم ﻟﻠﺤﺮﻳﺔ اﻷﻛﺎد يمية اﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻴﻬﺎ.« وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮي، اﻋﺘﺮف ﺟﻮﻧﺎﺛﺎن ﺗـﺎب Tubb Jonathan اﻟﺬي ﻳﻌﺪ ﻣﻦ أﻛﺒﺮ ﻋﻠﻤﺎء اﻵﺛﺎر ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ المنططقة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ القديمة ﻓﻲ المتحف اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ، ﺑﺄن »ﻃﻮﻣﺴﻮن دﻗﻴﻖ ﺟﺪا ﻓﻲ ﺑﺤﺜﻪ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ وﺷﺠﺎع ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻤﺎ ﻛﺎن ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﺎ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻴﻪ ﺣﺪﺳﺎ ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ، وإن ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺪ ﻓﻀﻠﻮا ﻛﺘﻤﺎﻧﻪ." اعتراف صريح بأن توخي السلامة دفع الكثيرين الى كتمان الحقيقة بصدد التنقيبات الأثرية. ﻛـﺎن لاﺧـﺘـﻼق أوﻟﺒﺮاﻳﺖ ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻘﺪيمة ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺑﺎﻟﻎ الخطورة ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. وﻗـﺪ روّج أﻓﻜﺎره ﻫﺬه ﻋﺪد ﻣﻦ اﳋﺮﻳﺠين اﻟﺬين ﺗﺒﻮأوا ﻣﺮاﻛﺰ ﻣﺮﻣﻮﻗﺔ ﻓﻲ الحياة اﻷﻛﺎديمية ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺎت اﻟﻮﻻﻳﺎت االمتحدة . كرر وايتلام التنبيه "أﻧﻪ ﻟﺸﻲء ﻻﻓﺖ ﻟﻠﻨﻈﺮ ﺣﻘﺎ أن ﻫﺬه اﻟﺮواﻳﺔ ﻟﺘﺎرﻳﺦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻘديم ﺗﻌﻜﺲ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻋﺼﺮﻳﺔ ﻟﻠﺘﻄﻮرات اﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄين أﺛﻨﺎء ﻗﻴﺎم أوﻟﺒﺮاﻳﺖ ﺑﺒﺤﺜﻪ. ﻓﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ آراﺋﻪ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﺧـﻼل اﻟـﻔـﺘـﺮة الحرجة ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻟﻠﺘﻄﻮر اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ المنطقة ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻮد اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. وأﺧﻴﺮا ﻳﺴﺘﻨﺘﺞ أوﻟﺒﺮاﻳﺖ أن ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺘﻄﻮري ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻧﺘﺎﺟﺎ لمصادفةﻋﺸﻮاﺋﻴﺔ ﻷن اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﻀﻤﺎر اﻟﻮﺣﻲ اﻹﻟﻬﻲ: »إن اﻟـﺪارس المتعاطف ﻣﻊ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻻ يمكن إلا أن ﺗﻜﻮن ﻟﻪ إﺟﺎﺑﺔ واﺣﺪة: »إن ﻫﻨﺎك ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ذﻛﺎء وإرادة ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻬﻤﺎ اﻟـﺘـﺎرﻳـﺦ واﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ ﻷن اﻟـﺘـﺎرﻳـﺦ واﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﻤﺎ ﺷﻲء واﺣﺪ (١٢٦ :١٩٥٧) [سنة الإصدار ورقم الصفحة].... ﻣـﻦ وﺟـﻬـﺔ اﻟـﻨـﻈـﺮ ﻏـﻴـﺮ المنحازة ﻟﻔﻠﺴﻔﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ، ﻳﺒﺪو أن ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري ﻓﻲ أﺣﻴﺎن ﻛﺜﻴﺮة اﺧﺘﻔﺎء ﺷﻌﺐ ذي ﻣﺴﺘﻮى ﻣﺘﺪن إﻟﻰ ﺣـﺪ ﺑﻌﻴﺪ ﻟﻴﺤﻞ ﻣﺤﻠﻪ ﺷﻌﺐ ذو ﺻﻔﺎت ﻣﺘﻔﻮﻗﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺤﺘﻢ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻻ يمكن ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻼﻧﺪﻣﺎج اﻟﻌﺮﻗﻲ أن ﻳﺴﺘﻤﺮ دون ﺣﺼﻮل ﻛﺎرﺛﺔ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﲢﺪث ﻣـﺜـﻞ ﻫـﺬه اﻟـﻌـﻤـﻠـﻴـﺔ ـ ﻛـﻤـﺎ ﻫـﻮ ﺟـﺎر اﻵن ﻓـﻲ أﺳﺘﺮاﻟﻴﺎ ـ ﻓﺈن اﻟﺪواﻓﻊ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻻ يمكنها ﻓﻌﻞ اﻟﻜﺜﻴﺮ، ﻋﻠﻤﺎ ﺑﺄن ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﻫﻤﺠﻲ وﻛﻞ ﻇﻠﻢ ﺳﻮف ﻳﻨﻌﻜﺲ ﺑﻜﻞ ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ المعتدي.فماذا يقول عن مجازر غزة لو كان شاهدا عليها؟!
يستدرك وايتلام بدقة وموضوعية الباحث المتمكن، "وﻣﻦ اﻟﻼﻓﺖ ﻟﻠﻨﻈﺮ، والمفهوم ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔـﺴـﻪ ، أن ﺟـﻤـﻴـﻊ اﻟـﻨـﻤـﺎذج ﻗـﺪ اﺧﺘﻠﻘﺖ إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻘﺪيمة ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﻨﻤﺎذج ا لحديثة، ﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﻮﺣﻲ أن ﻫﺬه اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ واﻋﻴﺔ أو أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻐﺮﺿﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﻌﻤﺪ، أو أن ﺟﻤﻴﻊ المؤرخين اﻟﺬﻳﻦ ذﻛﺮﻧﺎﻫﻢ ﻳﺆﻳﺪون تجريد اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴين ﻣﻦ ﺑﻼدﻫﻢ و ممتلكاﺗﻬﻢ. ﺑﻞ إن ﻣﺎ ﻧﺮﻣﻲ إﻟﻴﻪ ﻫﻮ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻗﻮة ﺧﻄﺎب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴـﺔ اﻟـﺬي أﺿﻔﻰ ﻫﺎﻟﺔ ﻣﻦ الموﺿﻮﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺣين يتضح تماما أن ﻋﻮاﻣﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ وﻻ واﻋﻴﺔ ﻗﺪ ﻟﻌﺒﺖ دورا ﺣﺎﺳﻤﺎ ﻓﻲ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء الماضي المتخيل ﻹﺳـﺮاﺋـﻴـﻞ القديمة؛ وﻫﺬا ﻳﻔﻴﺪ ﻓﻲ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻃﻐﻴﺎن ا لحاضر اﻟﺬي أﺳﻜﺖ اﻟﺘﺎرﻳـﺦ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ. وﺧﻄﺎب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟـﺘـﻮراﺗـﻴـﺔ ﻣـﺘـﻮرط ﻓـﻲ ﻫـﺬه اﻟـﻌـﻤـﻠـﻴـﺔ. إن اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﻬﺬه المضامين ﻫﻮ اﻟﺸﺮط اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ الماضي اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﻄﺮة اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ". تماما ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﳊﺎل ﻣﻊ اﺧﺘﻼق الباحث التوراتي الألماني، آﻟﺖ Alt، ﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺧﻴﺎﻟﻲ، ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻌﺮض أوﻟﺒﺮاﻳﺖ ﻻﻧﺘﻘﺎد ﺷﺪﻳﺪ ﺑﺪد أي وﻫﻢ ﺑﺼﺪﻗﻴﺔ آراﺋﻪ. إن اﻟﺴﻤﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ آﻟﺖ، وﻫﻲ وﺟﻮد ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ذات ﺷﺄن ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ وﻃﻦ ﻗﻮﻣﻲ ﻟﻬﺎ ، ﻳﺠﺐ أن ﺗﻔﻬﻢ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻄﻮرات المذﻫﻠﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄين ﻓﻲ وﻗﺖ ﻗـﻴـﺎم آﻟـﺖ ﺑﺒﺤﺜﻪ، ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ ﺟﺪا أن ﻳﻜﻮن ﻏﻴﺮ ﻣﺪرك ﻟﻬﺎ. أما نظريات اولبريايت فﺗـﻌـﺎﻧـﻲ ﻣـﻦ ﺿـﻌـﻒ ﻧﻈﺮﻳﺔ آﻟﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻴﻤﺎ تحاوله ﻣﻦ ﻋﺰل أدﺑﻴﺎت ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺛﻢ رﺑﻄﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺸﻮه ﺑﺎلحقاﺋﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ. أخذ الباحثون الألمان ، منهم ألت ونوث وويبارت، بفكرة التسلل السلمي للإسرائيليين (سفر القضاة) ورفضوا تبرير المجازر الإبادية. ركزوا أبحاثهم على دولة إسرائيل القديمة وسيطرة التاريخ الإسرائيلي . ﻟﻘﺪ ﺑﺮﻫﻦ اﻟﻨﻘﺪ المتواﺻﻞ ﻟﻔﺮﺿـﻴـﺎت آﻟـﺖ(٢٧٠ -٢٦٨ :١٩٧٧) المتعلقة ﺑﺠﺬور إﺳﺮاﺋﻴﻞ واﻟﺮواﻳﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ والمتعددة ﺣﻮﻟﻬـﺎﻋـﻠـﻰ أن ﻫـﺬا ﻣـﺎض ﻣﺘﺨﻴﻞ وﻣﺨﺘﻠﻖ. يتبع لطفا
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ترامب يعاقب ألبانيز!!
-
تقرير ألبانيز يتهم شركات عالمية بالمشاركة في الإبادة الجماعي
...
-
مؤامرة العصر لاختطاف فلسطين
-
تسليك الدروب نحو دولة إسرائيل الكبرى-4
-
تسليك الدروب نحو دولة إسرائيل الكبرى-3
-
تسليك المعابر الى إسرائيل الكبرى – حلقة 2
-
السيد المحترم طارق حجي صادم في أحكامه وتقييماته
-
تسليك الدروب نحو دولة إسرائيل الكبرى (1من5)
-
كيف نعرف إن كان رئيسنا غير متماسك عقليًا؟
-
العدوان على إيران جولة لم تحسم الصراع
-
الامبراطورية الامبريالية.. دولتها العميقة ونزوية ترامب- حلقة
...
-
لاإمبراطورية الأميركية.. دولتها العميقة ونزوية ترامب(1من 2)
-
التقدميون بالولايات المتحدة: العدوان على إيران مواصلة للإباد
...
-
تنتهي الإبادة الجماعية ليبدأ القصاص
-
جدل السياسة والثقافة في التباسات المأساة الفلسطينية
-
السياسة والثقافة في التباسات المأساة الفلسطينية
-
ألتربية النقدية تقاوم الفاشية من خلال إحياء التاريخ
-
مخطط لإنقاذ غزة .. أوقفوا الهمجية الصهيو امبريالية
-
صندوق النقد الدولي أداة النهب الامبريالي .. أفريقيا نموذجا
-
فاشية ترامب تدعم قتل أطفال غزة وتقلص برامج رعاية الأطفال بال
...
المزيد.....
-
صحافي روسي ينجو بأعجوبة من هجوم بمسيرات أوكرانية
-
ملك الأردن يبحث مع الرئيس الأميركي تطورات غزة وسوريا
-
إسرائيل تعلن استئناف إسقاط المساعدات جوا فوق غزة الليلة
-
قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا يهددون بتفعيل -آلية الزناد- ضد
...
-
قوات الاحتلال تقتحم السفينة حنظلة
-
ماكرون يتصل بالشرع ويدعو لحوار وطني شامل في سوريا
-
كيف تعاطت المقاومة الفلسطينية مع التهديدات الإسرائيلية الأمي
...
-
كم دولة اعترفت بدولة فلسطين؟
-
إعلان حالة الطوارئ على متن السفينة حنظلة بعد تهديدات إسرائيل
...
-
سرقة بيانات عملاء شركة -أليانز- للتأمين باختراق إلكتروني
المزيد.....
-
لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي
/ سعيد مضيه
-
ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ
...
/ غازي الصوراني
-
1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت
...
/ كمال احمد هماش
-
في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ محمود خلف
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ فتحي الكليب
-
سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية
...
/ سمير أبو مدللة
-
تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل
/ غازي الصوراني
-
حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية
/ فتحي كليب و محمود خلف
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|