أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية















المزيد.....



البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 20:26
المحور: القضية الفلسطينية
    


عرض الفصل الخامس : البحث مستمر
من كتاب كيث وايتلام اختلاق إسرائيل القديمة شطب التاريخ الفلسطين

يرفض خطاب الدراسات التوراتية إفساح المجال لتاريخ فلسطيني ويفرض الصمت على ما يدور في فلسطين من عدوان متواتر. اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ، يقول وايتلام ، وجدعلى الأرض منذ أﻗﺪم اﻟﻌﺼﻮر؛ اثبتت اﻟﻜﺸﻮف "ﺟﻮاﻧﺐ ﻣﺘﻌـﺪدة ﻣـﻦ اﻟـﺘـﺮاث اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﺮوﺣﻲ اﻟﻀﺨﻢ اﻟﺬي ﺧﻠﻔﺘﻪ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻘديمة (اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ) وﺑﺨﺎﺻﺔ اﻟﻜﻨﻌﺎﻧﻴون ، اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻘﺮت ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄين ﻣﻊ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ. وﻟﻜﻦ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ المهيمنة اﻵن ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺸﻒ اﻷﺛﺮي، ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﻤﺲ ﻣﻌﺎﻟﻢ الحضارة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻜﻨﻌﺎﻧﻴﺔ".
ينقل وايتلام عن لاوندرز قوله "ان امة بلا ماض تعبير ينطوي على تناقض في الألفاظ."
تتلخص أدلة وايتلام وحمهرة الباحثين العلميين، العيانية ، في رفض خطاب الدراسات التوراتية، أولا في رصد عدم استناد الباحثين التوراتيين الى براهين وادلة، إذ وردت مقولاتهم نماذج من التخمين والتخيل والاستخلاصات الاعتباطية؛ وثانيا ما رصده الباحث من ارتباط مساقات البحوث مع مجريات الأحوال بفلسطين في الأزمنة الراهنة، خاصة النصف الأول من القرن العشرين؛ وثالثا اختزال المكتشفات الأثرية او الاعتماد على مكتشفات اوأفكار لم تصمد لتحولات التنقيبأومعايير العلوم الإنسانية . ودلالة ذلك افتراض قيام دولة إسرائيل حسب تخيلات المؤرخين التوراتيين رغم فقر الأ دلة من التنقيبات الأثرية
.
تصدى وايتلام لخطاب الدراسات التورية مستعينا بالاكتشافات المتواترة في أواخر القرن الماضي، ومركزا على ﺗﻌﺎﻗب حضارات قديمة عديدة ﻋﻠﻰ ﻓﻠﺴﻄين ، بما يؤكد ان إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻘﺪيمة ﻟﻢ ﺗﻜﻦ سوى " ﺧﻴﻄ رﻓﻴـع ﻓـﻲ ﻧﺴﻴﺞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ اﻟـﻐـﻨـﻲ".علم الآثار احد المصادر الرئيسة للمواد الخام اللازمة لإعادة بناء ماض في ضوء الصراعات الحديثة من اجل إقامة دول قومية. الآثار لاتقوي الشعور بالهوية وتؤكده فقط ، بل تؤكد كذلك الحضورالمادي والحق المعنوي في الأرض. من ثم فذلك جانب مهم من حيث اختلاق اسرائيل القديمة منذ بداية التنقيب الأثري.
بناءً على ما تقدم يؤكد وايتلام ان اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺎلماﺿﻲ ﻣﺮﺗبط تماما ﺑﺎﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ الحاضر، وﺧﻄﺎب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘـﻮراﺗـﻴـﺔ ﻃـﺎﻟـﺐ وﻻ ﻳﺰال ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﻬﺬا الماضي لمصلحة إﺳﺮاﺋﻴﻞ . وحين أشار المدونون في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد الى قيام دولة إسرائيل القديمة بقيادة داوود الملك، لم يخطر ببالهم انهم يقدمون لنتنياهو المسوغ التاريخي لتحويل فلسطين بكاملها الى دولة صهيونية تنكر على شعبها الأصلي حق المواطنة وبقية الحقوق المدنية والإنسانية، وكذلك التهديد بالاستيلاء على أجزاء من دول الجوار العربي بحجة انها الوطن التاريخي لإسرائيل. ومن المسلمات ان التوسع متجاوزا التخم القومي عملية احتلال م على غرار تشكيل الامبراطوريات في ذلك التاريخ في مصر وبلاد ما بين النهرين وبلاد فارس ثم اليونان والرومان. تداعت امبراطوريات العصر القديم وانحسر نفوذها عن أقطار تطورت ومنها بلدان منطقة الشرق الأوسط الحديث. فكيف تدعي إسرائيل لنفسها حق انتهاك حرمة اوطان بمسوغ احتلال قديم متخيل وهي عاجزة عن إثباته بغير أساليب غطرسة القوة ؟!
اما التقدير العالي لداود قائد سياسي شجاع ومحنك وإداري متميز، وكيل صفات العظمة لدولة ا يُزعم انه صنعها ، تحولت سريعا الى امبراطورية و ﻇﺎﻫﺮة ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺎلمي؛ دولة ابتلعت التاريخ الفلسطيني؛ المملكة اﻹﺳـﺮاﺋـﻴـﻠـﻴـﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬﻫﺒﻲ اﻟﺬي ﺣﺪد ﻣـﻌـﺎﻟـﻢ ﻛـﻞ اﻟـﻔـﺘـﺮات اﻟـﻼﺣـﻘـﺔ ﻓـﻲ ﺗـﺎرﻳـﺦ المنطقة؛ دولة قومية وحدت القبائل في كيان موحد؛ مملكة ﺗﺼﺒﺢ اﻟﻌﺎﻣﻞ المهيمن ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻳﺦ المنطقة.. مبالغات كانت تعبيرات سيكولوجية تعويضية عن واقع قهر مأزوم يعيشه اليهود المنفيون والمضطهدون. والأحداث التي رواها المدونون في مدوناتهم حملت قدرا كبيرا من المبالغات والتلفيقات ، بناءات ذهنية متخيلة، بينت التنقيبات عدم حدوثها مطلقا ، مثل تدمير ومقتلة أريحا وغاي على يدي يشوع، التي تذرع بها بن غوريون لتبرير "العنف الوحشي"" الممارس بقصد واستهداف التهجير الجماعي ؛ وكذلك ما أطلق عليه "اﻟـﻠـﺤـﻈـﺘان اﻟـﻔـﻴـﺼـﻞ " moment defining ﻓﻲ ﺗـﺎرﻳـﺦ إﺳـﺮاﺋـﻴـﻞ لحظة تجمع القبائل الإسرائيلية في أواخر القرن الثاني عشر قبل الميلاد ولحظة إنشاء دولة داوود التي تطورت بسرعة الى امبراطورية عظمى .بالطبع التزمت الدراسات الأميركية والغربية في مراكز الأبحاث وفي الجامعات والصفوف المدرسية بترويج هذه الزيوف التاريخية ، الى جانب خطاب الدراسات التوراتية ، أحد فروع الدراسات الاستشراقية في العصر الحديث. خطاب الدراات التوراتية جهد صهيو امبريالي، ثمرات أبحاث تضافرت فيها "طاقات فكرية ضخمة وموارد مادية هائلة بجامعات الغرب الامبريالي وكليات اللاهوت والمدارس الدينية وحلقات البحث وأقسام الآثار تجمعت في أمريكا وبريطانيا وإسرائيل". وهي احد الجوانب الرئيسة في الحرب الثقافية ضد الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة.
أورد كيث وايتلام في مؤلفه، " لا تنطوي ﺟﻬﻮد اﻟﺒﺎﺣﺜين اﻟﺘﻮراﺗﻴين ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ مملكة داود على أهمية ﺗـﺎرﻳـﺨـﻴـﺔ وأﺛـﺮﻳـﺔ ﻓـﻘـﻂ ، وإنما هي النقطة المركزية والجوهرية في خطاب الدراسات الـتوراتية إذا ﻣـﺎ أﺧـﺬﻧـﺎ ﻓــﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر أن دوﻟﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻞ الحديثة ﺗﺮﺟﻊ ﻣﻄﺎﻟﺒﺘﻬﺎ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ واﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ إﻟﻰ دوﻟﺔ اﻟﻌﺼﺮ الحديدي.(177)
صور ﺧـﻄـﺎب اﻟـﺪراﺳـﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ دوﻟﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻘﺪيمة ﻋﻠﻰ ﻣﺜﺎل دوﻟﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻞ الحالية؛ وطبيعي ان الوارث يرث جينات الموروث! وساعد الخطاب جهود الصهيونيين في عدوانهم على الشعب الفلسطيني . وهذا ما تدل عليه تصريحات الصهيونيين وأعوانهم من قوى الامبريالية. ان أي إعادة ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ، ﺨﺎﺻﺔ ﺗﻠﻚ المتأثرة ﺑﻔﺘﺮة المملكة وﺣﺪودﻫﺎ ، ﻳﺠﺐ أن ﺗﻘﺮأ ﻓﻲ ﺿﻮء اﻟﺴﻴﺎق الحديث ؛ إذ إﻧﻬﺎ ﺗﺄﺛﺮت ﺑﺎﻻدﻋﺎءات واﻵﻣﺎل المعاصرة، يؤكد وايتلام، " اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ ﻓﻲ اﺧﺘﻼﻗﻬﺎ ﻟﺪوﻟﺔ إﺳﺮاﺋـﻴـﻠـﻴـﺔ ﻗديمة ﻣـﺘـﻮرﻃـﺔ ﻓـﻲ اﻟﺼﺮاع الحالي اﻟﺪاﺋﺮ ﺣﻮل ﻫﺬه اﻷرض. (179). ومن جهة مقابلة فاﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﻣﻨﺬ ﺑـﺪاﻳـﺔ ﻫـﺬا اﻟـﻘـﺮن (العشرين) ﺗﺮﻛﺖ آﺛﺎرا ﻻ تمحى ﻓﻲ ﻋﻘﻮل اﻟﺒﺎﺣﺜين اﻟﺘﻮراﺗﻴين وﻓﻲ ﻣﺨﻴﻠﺘﻬم. (181)
عن دافيد بن غوريون: ﺳﻮف ﻧﻘﺒﻞ ﺑﺤﺪود اﻟﺪوﻟﺔ ﻛﻤﺎ ﺳﺘﺤﺪد اﻵن ؛ وﻟﻜﻦ ﺣﺪود اﻵﻣﺎل اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﺷﺄن اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻴﻬﻮدي وﺣﺪه، وﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أي ﻋﺎﻣﻞ ﺧﺎرﺟﻲ الحد ﻣﻨﻬﺎ.(182)
و على إثر احتلال سيناء قي العدوان الثلاثي عام 1956، بتواطئ إسرائيلي -بريطاني- فرنسي ، أعلن ﺑـﻦ ﻏـﻮرﻳـﻮن إﻧـﺸـﺎء "مملكة إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﺜﺎﻟﺜة". ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻴﻬﺎ.
وإﺳﺮاﺋﻴﻞ وﺣﺪﻫﺎ ـ ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ اﻷرض ﺗﺜﻤﺮ ، فكرة كانت على الدوام ﺟﺰءا ﻣﻦ االخطاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﻓﻲ ﺗﺒﺮﻳﺮه ﻟﻠﻬﺠﺮة اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ إﻟﻰ ﻓﻠﺴﻄين وإﻧﺸﺎء دوﻟﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻞ. وﺗﺼﻮﻳﺮ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴين ﻟﻬﺬه اﻷرض ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ »ﻓﺎرﻏﺔ« ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﻮازﻳﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ اﻟﺬي ﻳﺘﺠﺎﻫﻞ وﺟﻮد ﺷﻌﻮب ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻞ ﻋﺪﻳﺪة ﻣﻦ التاريخ، ومرة أﺧـﺮى ﻓـﺈن وﺿـﻊ إﺳـﺮاﺋـﻴـﻞ "الفريد" هو اﻟـﺬي ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺘﺠﺎوز ﻫﺬه اﻷوﺿﺎع اﻟﺸﺎذة: ﻓﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮد أو ﻏﻴﺮ ذي أﻫﻤﻴﺔ ﺑﺎلمقارنة ﻣﻊ ﺗﺎرﻳﺦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ.
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﻬﻴـﻮﻧـﻴـﺔ، اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺘـﻤـﺘـﻊ ﺑـﻮﻋـﻲ ﻗﻮﻣﻲ ﻋﺎل ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ »وﻃﻦ ﻗﻮﻣﻲ« ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻠﺴـﻄـين ﻋـﻦ ﻃـﺮﻳـﻖ اﻟـﻬـﺠـﺮة واﻻﺳﺘﻴﻄﺎن ، إنكار المؤثرات اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ المنطقة باﻓﺘﺮاض، ﻛﻤﺎ رأﻳﻨﺎ، ﻛﺎن واﺳﻊ اﻻﻧﺘﺸﺎر ﻓﻲ ﺧﻄﺎب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ . (119) ﻻﺣﻆْْ مما ﺳﺒﻖ ﻛﻴﻒ ان آﻟﺖ ، أحد المؤرخين التوراتيين الألمان، يصدر أﺣﻜﺎﻣﻪ المطلقة دون دليل، لدى ﺗﻔﺴـﻴـﺮ ﻓـﺸـﻞ وﻋـﺪم ﻗﺪرة اﻟﺴﻜﺎن االمحليين في ﻓﻠﺴﻄين ﻋﻠﻰ اﺑﺘﻜﺎر ﻧﻈﻢ ﺳﻴـﺎﺳـﻴـﺔ ﺟـﺪﻳـﺪة ﻣـﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮه؛ وإنما ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻈﻢ المبتكرة أن ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ الخارج. وﺑﺎلمثل ، ﻓﺈن )ﺳﻮﻳﻨﺪﻧـﺒـﺮغ Swendenburg(1989 :٢٠٨) ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن المؤرخين اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴين ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺜﻼﺛﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن الماضي، ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﻔﻜﻚ داﺧﻠﻴﺎ وﻗﺒﻠﻲ وﻏﻴﺮ ﻗـﺎدر ﻋـﻠـﻰ ﺗـﻨـﻈـﻴـﻢ ﻧﻔﺴﻪ".(119). ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﺸﺎﺋـﻊ إﻧـﻜـﺎر أي ﺣـﺲ ﺑـﺎﻟـﻮﻋـﻲ اﻟـﻘـﻮﻣـﻲ ﻟـﺪى ﻋـﺮب ﻓﻠﺴﻄين.(123) واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺪوﻟـﺔ اﻟـﻘـﻮﻣـﻴـﺔ nation-state ) إﻧﻪ ﻣﺎض ﻣﺘﺨﻴﻞ ﻳﺤﻤﻞ ﺷﺒﻬﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﺑﺎﻷﺣﺪاث اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺗﻬﺎ ﻓﻠﺴﻄين ﻣﻨﺬ اﻟﻌﺸﺮﻳﻨﺎت وﻣﺎ راﻓﻘﻬﺎ ﻣﻦ ازدﻳﺎد اﻟﻬﺠـﺮة اﻟـﺼـﻬـﻴـﻮﻧـﻴـﺔ إﻟـﻰ ﻓﻠﺴﻄين وإﻧﺸﺎء ﻋﺪد ﻣﺘﺰاﻳﺪ ﻣﻦ المستعمرات واﻟﻜﻴﺒﻮﺗﺴﺎت.(123)

إن ﺗﺄﻛﻴﺪ ﻣﻨﺪﻧﻬﻮل لخصوصية إﺳﺮاﺋﻴﻞ وأفضلية عقيدتها ، ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﺘﻲ طوبت أﺳﺎس الحضارةاﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، وجذر الديانة المسيحية ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺄن ﻳﺘﺒﻨﻰ، ﺑﻞأن ﻳﺪﻋﻢ،اﻻﻓﺘﺮاض اﻟﺸﺎﺋﻊ ﺑﻮﺟﻮد اﻧﻔﺼﺎل ﺑين إﺳﺮاﺋﻴﻞ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﶈﻠﻴﺔ بفلسطين . وﻓﻀﻼ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓﺈن ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻳﻌﻜﺲ اﻻﻓﺘﺮاض اﻟﺸﺎﺋﻊ ﺑﻮﺟﻮد اﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﺑين إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻘﺪيمة واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻐﺮﺑﻲ الحديث .(152) انه الرباط الذي عقدته الامبريالية الأميركية والحركة الصهيونية حين اندمجتا في كيان سياسي -اقتصادي – فكري واحد من مؤتمر نيويورك عام 1942. فلم تبرز العلاقة الحميمة بين اليهودية والمسيحية إلا في فكر وممارسات المسيحيين الصهيونيين.
ﻣﻦ المذﻫﻞ، إذا أﺧﺬﻧﺎ ﺑﺎﻻﻋﺘﺒﺎر اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴـﺔ اﻟـﻮاﺿـﺤـﺔ ﻷﻋـﻤـﺎل المؤرخ ﻏﻮﺗﻔﺎﻟﺪ وﲢﻠﻴﻠﻪ الماركسي المادي- ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ واﻋﺘـﺮاﻓـﻪ ﺑـﺪوره ﻓـﻲ ﻣـﻌـﺎرﺿـﺔ ﺣﺮب ﻓﻴﺘﻨﺎم ، أﻧﻪ ﻻ ﻳﺬﻛﺮ أﺑﺪا اﻟﻜﻔﺎح اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻟﺘﻘﺮﻳﺮ المصير. وﻓﻲ واﺣﺪ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ أﻋﻤﺎل اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ ﺟﺬرﻳﺔ وإﺛﺎرة ﻟﻠﺠﺪل ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺗﻈﻞ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻓﻠﺴﻄين ﻏﻴﺮ ﻣﺼﺮح ﺑﻬﺎ.(157) بالمثل )ﺳﻴﻠـﺒـﺮﻣـﺎن Silberman 1992:٢٩ اﻟـﺬي اﻋـﺘـﺎد إﻋـﺎدة ﺑـﻨـﺎء الماﺿـﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺴﻴﺲ ﻻ ﻳﺒﺬل أي ﺟﻬﺪ ﻟﻠﺮﺑﻂ ﺑين ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺣﻮل ﺟﺬور إﺳﺮاﺋﻴﻞ وﺑين أﻛﺜﺮ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺘﺤﺮر اﻟﻮﻃﻨﻲ وﺿﻮﺣﺎ، وﻫﻲ ﻛﻔﺎح اﻟﻔﻠﺴﻄـﻴـﻨـﻴـن ﺿـﺪ اﻻﺣﺘﻼل اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ. ﺗﻈﻞ المشكلة ﻏﻴﺮ ﻣﺼﺮح ﺑﻬﺎ بسبب ﺧﻄﺎب اﻟﺪراﺳﺎت التوراتية.(157)
تزامن نشاط بن غوريون في مراكمة العناصر الأولى للوطن القومي الإسرائيلي مع نشاط وليم فوكسويل أولبرايت في التنقيب الأثري بفلسطين. كان لنشاط اولبرايت في التنقيب الأركيولوجي تاثير عظيم على الباحثين وعلى الجمهور في الغرب حتى عقد الثمانينات من القرن الماضي . ثم بدأت أفكاره تذيل وتنحسر . ركز أوﻟﺒﺮاﻳﺖ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺒﺮ ﻋﻠﻰ المكتشفات اﻷﺛﺮﻳﺔ الحدﻳﺜﺔ ﻟﺘﺪﻋﻴﻢ ﺗﺮاث اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺟﺎءت ﻓﻲ ﺳﻔﺮ ﻳـﺸـﻮّع ﻹﺛﺒﺎت وﺟﻮد ﺣﻤﻠﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳـﺔ المفترض أﻧـﻬـﺎ ﻗـﻀـﺖ ﻋـﻠـﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴين ﻓﻲ تجمعاتهم المدينية(ممالك خاضعة مباشرة لفرعون مصر تتالف كل منها من مدينة والقرى المحيطة).
ﻳﺬﻛﺮﻧﺎ وﺻﻒ اوﻟﺒﺮاﻳﺖ لغزو الإسرائيليين ﺑﺸﻜﻞ ﻻﻓﺖ ﻟﻠﻨﻈﺮ، يجزم وايتلام، ﺑﺎﻟـﺘـﻔـﻮق اﻟـﺪيمغرافي اﻟﺬي راﻓﻖ ﺗﺪﻓﻖ المهاجرين اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴين إﻟﻰ ﻓـﻠـﺴـﻄين، واﻧـﺪﻣـﺎج اﻟـﺴـﻜـﺎن اﻟﻴﻬﻮد المحليين ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺴﻜﺎن المحليون )ﻋﺮب ﻓﻠﺴـﻄين)ضاع ذكرهم.(127) ﻫﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﺜﺮ أﺣﺪ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻓﻌﻼ ﺣﻖ ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻓﻲ ﻫـﺬه اﻷرض، وﻛـﺬﻟـﻚ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ لحقوق اﻟﺴﻜﺎن اﻷﺻﻠﻴين اﻟﺬﻳﻦ ﺟﺮدوا ﻣﻦ ممتلكاتهم. وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻫﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ، وأﺷﺪ ﺧﻄﻮرة، أن أوﻟﺒﺮاﻳﺖ برر بﺸﻜﻞ ﻣﺨﻴﻒ إﺑﺎدة ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺐ. وﻧﻈﺮا إﻟﻰالخطورة اﻟﻘﺼﻮى ﻷﻓﻜﺎره ﻫﺬه ﻓﻲ ﺗﺒﺮﻳﺮ اﻟﺴـلـﺐ واﻹﺑﺎدة ارتاى وايتلام إيراد كامل نص أولبرايت، ودفاعه عن الإبادة مستشهدا بأحداث تاريخية مروعة. (127)
تواطأ ﺧﻄﺎب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ ﻣﻊ أوﻟﺒﺮاﻳﺖ ﻓﻲ ﻫﺬا المشروع. (133) ﻣﺎ ﻳﺠﺐ أن ﻧﺘﺬﻛﺮه ﻫﻮ أن اﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺗﻪ، وإﻋﺎدة ﺑﻨﺎﺋﻪ ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ، ﻗﺪ ﺷﻜﻠﺖ ﻓﻴﻤـﺎ ﺳـﺒـﻖ، وﻻ ﺗـﺰال ﺗـﺸـﻜـﻞ، إدراك أﺟـﻴـﺎل ﻣـﻦ دارﺳـﻲ اﻟـﺘـﻮراة واﻟـﺒـﺎﺣـﺜـين ﻓـﻲ ﻫـﺬا اﻟﻤﺠـﺎل، ﺨـﺎﺻـﺔ اﻷﻣـﺮﻳـﻜـﻴـين ﻣـﻨـﻬــﻢ واﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴين.(134)
من أقوال أولبرايت،"ﻳﺒﺪو أن ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري ﻓﻲ أﺣﻴﺎن ﻛﺜﻴﺮة اﺧﺘﻔﺎء ﺷﻌﺐ ذي ﻣﺴﺘﻮى ﻣﺘﺪن إﻟﻰ ﺣـﺪ ﺑﻌﻴﺪ ﻟﻴﺤﻞ ﻣﺤﻠﻪ ﺷﻌﺐ ذو ﺻﻔﺎت ﻣﺘﻔﻮﻗﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺤﺘﻢ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻻيمكن ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻼﻧﺪﻣﺎج اﻟﻌﺮﻗﻲ أن ﻳﺴﺘﻤﺮ دون ﺣﺼﻮل ﻛﺎرﺛﺔ."(128) كنب هذا بعد اتضاح الهولوكوست ، حيث أقترفت قوة متفوقة إبادة جماعية ضد قوة ضعيفة.
ينقل وايتلام عن اولبرايت قوله في مقدمة وضعها لطبعة 1957 من كتاب له صدرت طبعته الأولى عام 1941: " ﻛﺎن ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺣﻆ دﻳﺎﻧﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ وﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ أن اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴين اﻟـﺬﻳـﻦ ﻗـﺎﻣـﻮا ﺑـﻐـﺰو ﻓﻠﺴﻄين ﻛﺎﻧﻮا أﻗﻮاﻣﺎ ﻫﻤﺠﻴﺔ تمتعت ﺑﻄﺎﻗﺔ ﺑﺪاﺋﻴﺔ وإرادة ﺑﻘﺎء ﻻ ﺗﻠين، ﺣﻴﺚ إن اﻟﻬﻼك اﻟﺬي ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻐﺰو ﻟﻠﻜﻨﻌﺎﻧﻴين ﻣﻨﻊ اﻻﻧﺪﻣﺎج اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﺸﻌﺒين ﺷﻘﻴﻘين ، ذﻟﻚ اﻻﻧﺪﻣﺎج اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﻴﻨـﺘـﺞ ﻋﻨﻪ ﺣﺘﻤﺎ اﻧﺤﻄﺎط اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ إﻟﻰ درﺟﺔ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ إﺻﻼﺣﻬـﺎ". استند الى النص التوراتي بصدد الإبادة الجماعية للكنعانيين.
ورغم ذلك يضيف أولبرايت،" اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪﻳﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﻗﺪ أﻧﻘـﺬت »أﺧـﻼﻗـﻬـﺎ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪﻳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ« ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﺑﺎدة اﻟﺴﻜﺎنالمحليين " .
ورغم ذلك اتضح ان المقتلة التي تغنى بها أولبرايت هي من بنات أفكار المدونين، تنفيسا عن أحقادهم على اوضاعهم البائسة ، وتأثرا بقيم عصرهم.
من تلامذة وليم أولبرليت المؤرخان التوراتيان، برايت ورايت كان لمؤلفاتهما تأثير كبير على الأجيال في دول الغرب.
يقول وايتلام : "إن اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻛﺘﺎب ﺑﺮاﻳﺖ ﻫﺬا ﻋﻠﻰ أﻧﻪ المرجع اﻟﺮﺋـﻴـﺴـﻲ المعتمد ﻓـﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ، واﻋﺘﻤﺎده ﻓﻲ الجامعات اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ واﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ وﻛﺬﻟﻚ ﺣﻠـﻘـﺎت اﻟـﺒـﺤـﺚ، ﻗـﺪ أﻛـﺪ أن آراءه أﺻـﺒـﺤـﺖ انموذجا ﻳـﺤـﺘـﺬى ﻓـﻲ ﻣـﻔـﻬـﻮم »ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ« إﺳﺮاﺋﻴﻞ، واﻧﻔﺼﺎﻟﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﺤﻴﻄﻬﺎ. والمعنى المتضمن ﻓـﻲ ﻫـﺬا ﻫﻮ أن ﻧﻈﺮﻳﺘﻪ ﻓﻲ وﺟﻮد اﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﻣﻊ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ المحلية قد قرئت وتم اﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻬﺎ واﻻﻗﺘﻨﺎع ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﺪد ﻻ ﻳﺤﺼﻰ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺪﻳﻦ أو اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻋﻘـﻮد اﻷﺧﻴﺮة.

حاول مؤرخو التوراة خـﺎﺻـﺔ المتأﺛﺮون ﺑﺄوﻟﺒﺮاﻳـﺖ Albright أن يقيموا مساواة بين اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ اﻟﺰﻣﻨﻲ المستوحى ﻣﻦ اﻟﺘﻮراة اﻟﻌﺒﺮﻳﺔ وﺬﻟـﻚ اﻟـﺬي ﺟـﺎءت ﺑـها اﻷﺑـﺤـﺎث اﻷﺛـﺮﻳـﺔ، فيغدو اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺒﺮوﻧﺰي ﻫﻮ ﻋﺼﺮ اﻵﺑـﺎء ، والعصر البرونزي المتأخر معادلا لعصر اﳋﺮوج واﻟﻐﺰو أو اﻻﺳﺘﻴﻄﺎن، واﻟﻌﺼﺮ اﳊﺪﻳﺪي ﻳﺘﺰاﻣﻦ ﻣﻊ ﻧﺸﻮء وﺗﻄﻮر ﻋﺼﺮ الملكية. وبذلك فإن الأزمنة السابقة لإنشاء الدولة المتخيلة تحسب من التاريخ الإسرائيلي او ما قبل التاريخ، حيث يطمس تاريخ الشعوب التي عاشت في تلك الفترات من التاريخ، وهي جزء من شعب فلسطين عبر التاريخ، ومظهر لتجاهل وإغفال الشعوب التي عاش الإسرائيليون بين ظهرانيها .
ونظرا للاصرار على ا الامتداد التاريخي للوجود الإسرائيلي تتزامن حقبة اﻟﻨﻔﻲ واﻟـﻬـﻴـﻜـﻞ اﻟـﺜـﺎﻧـﻲ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ، ﻣﻊ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ اﻟﻬﻠﻨﺴﺘﻴﺔ واﻟﺮوﻣﺎﻧﻴﺔ. "تؤكد ﻫﺬه ا المحاولة للمطالبة بماضي إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻘديمة إﻧﻜﺎر اﻟﺰﻣﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨـﻲ، وﺗـﺘـﺠـﻠـﻰ ﺑﻮﺿﻮح ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺴﻤﻴﺎت اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ الخاﺻﺔ ﺑﺎﻟﻌﺼﻮر اﻷرﻛﻴﻮﻟﻮﺟﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ طورتها اﻟﺪراﺳﺎت اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ"(100).

ﺗﺄﺛﻴﺮ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ، ﺳﻮاء اﻋﺘﺮف اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن اﻟﺘﻮراﺗﻴﻮن ﺑﺬﻟـﻚ أو ﻟـﻢ ﻳـﻌـﺘـﺮﻓـﻮا ، ﻳـﻈـﻬـﺮ ﺟﻠﻴﺎ ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﻣﻨﺎﺣﻴـﻢ ﺑـﻴـﻐـﻦ ﺑُﻌﻴﺪ صدور قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين عام 1847 اﻟﺬي ﻗﺎل ﻓﻴﻪ:" تجزئة اﻟﻮﻃﻦ ﺷﻲء ﻏﻴﺮ ﺷﺮﻋﻲ ﻟﻦ ﻧﻌﺘﺮف ﺑﻪ أﺑﺪا. وﺗﻮﻗﻴﻊ المؤسسات واﻷﻓـﺮاد ﻋـﻠـﻰ اﺗـﻔـﺎق اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺑﺎﻃﻞ وﻟﻦ ﻳﻘﻴﺪ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻴﻬﻮدي. اﻟﻘﺪس ﻛﺎﻧﺖ وﺳﺘﻈﻞ ﻋﺎﺻﻤﺘﻨﺎ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ. أرض إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺳﻮف ﺗﻌﻮد إﻟﻰ شعبها." وصية تلقفها نتنياهو وتصرف بموجبها.
ترينا دراﺳﺔ ﺟﻮن ﺑﺮاﻳﺖ Bright John اﻟﺸﻬﻴﺮة(1972:179 ( ﺣﻮل ﻧﺸﻮء اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ، و"المملكة الموحدة « ﻟﺪاود وﺳﻠﻴﻤﺎن، ﺑﺘﻔﺴﻴﺮ ﻟﻠﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﻴﻤﻨﺖ ﺑﻬﺎ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ الحديدي المبكر وأزاﻟـﺘـﻪ ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻮد. ﻳﻘﻮل ﺑﺮاﻳﺖ:
"اﻷزﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺠﻠﺖ ﺑﺰوال ﻋﺼﺒﺔ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴـﺔ ﺣـﺪﺛـﺖ ﻓـﻲ الجزءاﻷﺧـﻴـﺮ ﻣـﻦ اﻟـﻘـﺮن الحادي ﻋﺸﺮ. وﻗﺪ أدت إﻟﻰ ﺑﺪء ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﺪاث ﺣﻮﻟﺖ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻛﻠﻴﺔ ﻓﻲ أﻗﻞ ﻣـﻦ ﻗـﺮن ﻣـﻦ اﻟﺰﻣﺎن وﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﻜﺒﺮى ﻓﻲ ﻋﺎلمها المعاﺻﺮ. ﻳﻨـﺒـﻐـﻲ ﻟـﻬـﺬه اﻟـﻔـﺘـﺮة اﻟـﻘـﺼـﻴـﺮة أن ﺗﺴﺘﺤﻮذ ﻋﻠﻰ اﻫﺘﻤﺎﻣﻨﺎ ﻣﻄﻮﻻ، إذ إﻧﻬﺎ إﺣﺪى أﻫﻢ اﻟﻔﺘﺮات ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺑﺮﻣﺘﻪ. ( ( 181 وبناء على ما تحقق ويتحقق في الوقت الراهن، فإن جميع الممارسات العدوانية تتكئ على هذا التحول المزعوم.
ﻓﻲ اﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﻛﺘﺎﺑ جون برايت Israel of History A اﻟﺬي ﻧﺸﺮ ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ ﻋﺎم ١٩٦٠، واﻟﺬي ﻫﻴﻤـﻦ ﻋـﻠـﻰ أﻓـﻜـﺎر واﻓـﺘـﺮاﺿـﺎت أﺟﻴﺎل ﻣﻦ اﻟﺪارﺳين واﻟﺒﺎﺣـﺜين ﻳﺴﺘﻨﺘﺞ ﺑﺮاﻳﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﻻ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻠﺸﻚ أن ﻓﻠﺴﻄين ﻫﻲ ﻣﻠـﻚ اﻟـﻴـﻬـﻮد الخاص.إن اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻛﺘﺎب ﺑﺮاﻳﺖ ﻫﺬا ﻋﻠﻰ أﻧﻪ المرجع اﻟﺮﺋـﻴـﺴﻲ المعتمد ﻓـﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ، واﻋﺘﻤﺎده ﻓﻲ الجامعات اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ واﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ وﻛﺬﻟﻚ ﺣﻠـﻘـﺎت اﻟـﺒـﺤـﺚ، ﻗـﺪ أﻛـﺪ أن آراءه أﺻـﺒـﺤـﺖ انموذجا ﻳـﺤـﺘـﺬى ﻓـﻲ ﻣـﻔـﻬـﻮم »ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ« إﺳﺮاﺋﻴﻞ، واﻧﻔﺼﺎﻟﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﺤﻴﻄﻬﺎ.(143)


تصدعات الرواية الصهيونية

يفرض نفسه السؤال التالي: لماذا لم يحظ الحدث العظيم باهتمام مناطق الجوار؟
في زمن لاحق ﻳـﺮﺟـﻊ ألْْستروم، المؤرخ للتاريخ الفلسطيني، ﻋﺪم ذﻛﺮ مملكتي ﺳﻠﻴﻤﺎن وداود ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻮص القديمة للشرق الأدنى إﻟﻰ اﻟﻀﻌﻒ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ لمصر وآﺷﻮر مما يعني أﻧـﻬمـﺎ ﻟـﻢ ﺗـﻜـونا ﻋﻠﻰ اﺗﺼﺎل ﺑﺎﻟﻘﻮة المحلية ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄين . ﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻓﻤﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻫﺬا اﻟﺼﻤﺖ اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻟﻠﺴﺠﻞ اﻷﺛﺮي إذ إن دوﻟﺔ ﻛـﺒـﺮى إﻟﻰ ﻫﺬا الحد ، إن ﻟﻢ ﻧﻘﻞ إﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ، ﻻﺑﺪ أن تحدث ﺗﻐﻴﻴﺮات أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ بالمناطق المجاورة وﻫﻮ أﻣﺮﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺘﺮك ﺑﻌﺾ اﻷﺛﺮ ﻓﻲ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻷﺛﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ(225)
هذا لو تشكللت حقا امبراطورية وانفردت بالهيمنة
يشكك ﻣﻴﻠﺮ وﻫﻴﺰ ، وهما من المؤرخون الذين برزوا في النصف الثاني من عقد ثمانينات القرن العشرين، ﻓﻲ المفهوم اﻟـﻘـﺎﺋـﻞ إن ﺣـﻜـﻢ ﺳـﻠـﻴـﻤـﺎن ﻛـﺎن »ﻋﺼﺮا ذﻫﺒﻴا "؛ يشيران الى غياب مبان أنشأها داوود، منجزات » "ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ إﻟﻰ حد ما" إذا ما ﻗﻮرﻧﺖ بمباني ﺑﻼد ﻣﺎ ﺑين اﻟﻨﻬﺮﻳﻦ وﻣﺼـﺮ اﻟـﻔـﺮﻋـﻮﻧـﻴـﺔ. ﺗـﺪل المناقشة اﻟﺘﻲ أﺟﺮاﻫﺎ ﻣﻴﻠﻠﺮ وﻫﻴﺰ Hays & Miller ﺑﺘﺤﻔﻆ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ تحدت اﻟﺘﺼﻮرات المهيمنة ﻋﻠﻰ الماﺿﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﺸﻮء إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻗﺪ ﺑﺪأت ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎت ﺗﺰﻋﺰع ﺗﺼﻮر إﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﻫﻴﻤﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﻓﻠﺴﻄين ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ الحدﻳﺪي.(221) ﺣﺪث اﻟﺘﺤﻮل ﻓﻲ اﻟﺮؤى المتعلقة ﺑﻨﺸﻮء إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻧﺘـﻴـﺠـﺔ اﻟـﺘـﻘـﺎء اﻻتجاهات اﻷدﺑﻴﺔ الجديدة ﻣﻊ اﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت اﻷﺛﺮﻳﺔ الجدﻳﺪة، مما اﺛﺎر أﺳﺌﻠـﺔ ﺧـﻄـﻴـﺮة ﺣﻮل اﻟﺘﺼﻮرات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻋﻦ ﻓﺘﺮة اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺒﺮوﻧﺰي المتأﺧﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﺼﺮ ا لحديدي. والمثير ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﺣﻮل ﺗﻜﻮﻳﻦ دوﻟﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺼـﺮ الحديدي ﻫﻮ وﺟﻮد اﻟﻘﻠﻴﻞ ﺟﺪا ﻣﻦ اﻟﺪﻻﺋﻞ اﻷﺛﺮﻳﺔ اﻟﻮاﺿﺤﺔ المتعلقة بوجودها؛ أﺑﺮز ﺳﻤﺎت ﻫﺬا الخطاب ﻏﻴﺎب أي ﺳﺠﻞ أﺛﺮي ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺬه اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ المنطقة. ﻫﺬا اﻟﻐﻴﺎب ﺳﺎﻫﻢ ﺑﻘﻮة ﻓﻲ تحقيق اﻹﺟﻤﺎع ﻋﻠﻰ إﺳﻘﺎط ﻫﺬا الماﺿﻲ المتخيل ﻷﻧﻪ دﻋﻢ الحكم المتحيز ﻟﻠﻤﺆرﺧين اﻟﺘﻮراﺗﻴين اﻟﺬي ﻳﻔﻴﺪ أن ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ المصادر المكتوبة. ﻟﻜﻦ ﻣﺮة أﺧـﺮى، وﻛﻤﺎ ﺻﺮح ﻏـﺎرﺑـﻴـﻨـﻲ وﻟـﻴـﺘـﺶ Leach وﻓﻼﻧـﺎﻏـﻦ Flanagan ، إن اﻟﻐـﻴـﺎب ﻷي ﺳﺠﻞ أﺛﺮي ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺜﻴﺮ أﺧﻄﺮ اﻟﺸﻜﻮك ﺣﻮل ﺗﺼﻮر إﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺒﻴﺮا ﻋﻦ ﺣﻀﺎرة ﻧﻬﻮﺿﻴﺔ ﻣـﺠـﻴـﺪة مما ﻳـﻮﺣـﻲ ﺑـﺄﻧـﻨـﺎ ﺑـﺼـﺪد ﻣـﺎض ﻣﺘﺨﻴﻞ. (224)

وبالمثل ﻳﻀـﻊ ﻛـﻮت وواﻳـﺘـﻼم ﺷـﺮﻃـﺎ ﻋـﻠـﻰ ﻣﺤﺎوﻟﺘﻬﻤﺎ ﻓﻬﻢ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻧﺸﻮء اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ، وﻫـﻮ ﺿـﺮورة اﻟـﻨـﻈـﺮ إﻟـﻰ ﻫﺬه اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺟﺰءا ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ." ﻳﻨﺒﻐﻲ النظر إﻟـﻰ ﻓﺘﺮة ﻧﺸﻮء إﺳﺮاﺋﻴﻞ وﺑﺪاﻳﺔ المملكة ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻻتجاﻫﺎت واﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﻣﺪ، إذا ﺷﺌﻨﺎ أن ﻧﺤﻘﻖ ﺗﻘﺪﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺘﻘﻴﻴﻢ أﻛﺜﺮ واﻗﻌﻴـﺔ ﻟـﻬـﺬه الحقبة ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ.« بالفعل قامت دولة إسرائيلية عبارة عن كيان هزيل بدون أثر يذكر ، وذلك في حقبة زمنية لاحقة
ينتقد وايتلام اهاروني ، أحد المؤرخين التوراتيين، لا يقدم ﺗـﻔـﺴـﻴـﺮا ﻟﻠﺴﺒﺐ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ اﻟﻜﻨﻌﺎﻧﻴين ، اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا وﻓﻘﺎ ﻟﺘﻔﺴﻴﺮه اﻟﺰﻣﺎﻧﻲ ﻣﻮﺟﻮدﻳﻦ ﻓﻲ ذﻟﻚ المكان لمدة تقارب اﻷﻟـﻒ ﻋـﺎم، ﻻ ﻳـﺘـﺨـﺬون ﻣـﻦ ﻫـﺬه اﻷرض وﻃـﻨـﺎ ﻃﺒﻴﻌﻴﺎ ﻟﻬﻢ ؛ بينما تستمر اﻟﻔﺘﺮة اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ لمدة ﻣﺎﺋﺔ عام.. " (278) يحيلونه وطنا خاصا لهم .

يستنتج وايتلام: لن ﻳﺘﺤﻘﻖ المشروع اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻗﺒﻞ ﺑﻀﻊ ﺳـﻨـﻮات ﻹﻋـﺎدة اﻟـﻨـﻈـﺮ ﻓـﻲ ﻣﻔﻬﻮﻣﻨﺎ ﻟﺘﺎرﻳﺦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻘديمة وﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﺗﺎرﻳﺦ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻛﻤﻮﺿﻮع ﻗﺎﺋﻢ ﺑﺬاﺗﻪ وﻣﺘﺤﺮر ﻣﻦ ﻗﻴﻮد اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ إﻻ إذا ﻋـﺎلجنا ﻫـﺬه المسألة الجوﻫﺮﻳﺔ ﺑﺼﺮاﺣﺔ، وأﻋﻨﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴـﻌـﺔ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ ﻟـﻠـﻤـﺎﺿـﻲ واﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ اﻻﺳﺘﺸﺮاﻗﻴﺔ ( أي الامبريالية) لخطاب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراتية.
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ داﺋﻤﺎ ﺳﺮدا ﻟﺘﺎرﻳﺦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة ﻣﺎ ﻗﺒﻞ المملكة، وﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ إﻋﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻛﻠﻤﺎ ﻇﻬﺮت ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻨﻘﻴﺒﺎت اﻷﺛﺮﻳﺔ والمعلومات الجديدة أو ﻛﻠﻤـﺎ ﻇـﻬـﺮت رؤﻳﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة. وﺗﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﻋﻤﻠﻴﺎ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺻﻮرة ﻋﻦ اﻟﺘـﺎرﻳـﺦ المبكر ﻹﺳـﺮاﺋـﻴـﻞ أﺧـﺬ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن يبتعدون عنه ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺞ ﺑﻌﺪ ﻣﺠﺎدﻻت ﻃﻮﻳﻠﺔ أﻇﻬﺮت أن الموضوع المتنازع ﻋﻠﻴﻪ ﻣبني ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻗﻒ ﻻ يمكن اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺿﻮء المعلومات الجديدة.(1985 :٤١٤ ٤١٥ )
ﻳﻘﺘﺮح ﻟﻴﻤحي دراﺳﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻟﻔﻠﺴﻄيني. (251)؛ وﺗـﺪل اﻟـﻌـﺪﻳـﺪ ﻣـﻦ تحليلات المؤرخ كوت ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻋﻴﺔ المسائل وﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺘﺤﻮل ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻴﻄﺎن ، واﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺤﻮر اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻟﻬﺬه اﻟﻔﺘﺮة. ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ، ﻓﺈن اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ تم إﺳـﻜـﺎﺗـﻪ ﺑـﻔـﻌـﺎﻟـﻴـﺔ بﺴﺒﺐ ﻋﺪم اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻹﻓﻼت ﻣﻦ ﻗﺒﻀﺔ اﻟﺒﺤﺚ المهيمن ﻋـﻦ إﺳـﺮاﺋـﻴـﻞ اﻟﻘديمة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ الماضي ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﻋﺎﻗﺔ أي رواﻳـﺎت ﺑـﺪﻳـﻠـﺔ ﻋـﻦ اﻟﻔﺘﺮة اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺒﺮوﻧﺰي المتاخر إﻟﻰ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻌﺼﺮ الحديدي.
اسرائيل هي التي تطالب بامتلاك الأرض والماضي، وهي التي تصمم الدراسات وتضع جدول اعمالها. (254) من المهم جددا معرفة كيف يمكن تحديد موقع أبحاث أو فترة من فترات التاريخ القديم (255)
رﻓﻀﺖ اﻟﺪراﺳـﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ اﻻﻋﺘﺮاف بمشكلة اﻟﺼﺮاع اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻘﺮﻳﺮ المصير أو ﻣﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ. ﻓﻤﺴﺄﻟﺔ دوﻟﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻞ المعاصرة وﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﺎ ﻟﻠﻔﻠﺴﻄﻴـﻨـﻴـين ﻇـﻠـﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﺴﺎﺳﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻟﻢ ﻳﺜﺮﻫﺎ ﺧﻄﺎب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟـﺘـﻮراﺗـﻴـﺔ. وﺗـﻬـﺪد ﻫـﺬه المشكلة ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﺑﺎﻟﻈﻬﻮر ﻋﻠﻰ مستوى اﻟﺴـﻄـﺢ ، وﻟـﻜـﻦ ﻓـﻲ ﻛـﻞ ﻣـﺮة ﺗُﻤﻨـﻊ ﺑﻨﺠﺎح. فمن مسلمات خطاب الدراسات التوراتي ان الاستيطان في العصر البرونزي المتأخر يجب ان يكون إسرائيليا؛ اما التاريخ الفلسطيني فلا يسمح له بإسماع صوته. (265)

ثم يدخل المؤلف في نقاشات مكررة مع توراتيين متعصبين يخرج منها انهم مصممون على اتباع المواقف التي ثبت إفلاسها.
هناك إجماع مطلق على فهم تاريخ الآثار التوراتية موضع البحث ونظرة المؤرخ الستروم التي تفيد ان النص التوراتي هو نتاج الإيمان ولم يكن الهدف منه سرد الحقائق التاريخية أو حفظها.(291) كمخرج من التشويش والخلط بتأثيرهما المربك بدعم هيمنة الدراات التوراتية (294)، وبتجنب ذكر الهجرة المركزة (الكثيفة) في القرنين الثالث عشر والثاني عشر قبل الميلاد، يمكن بذاك التغلب على قيود الدراسات التوراتية والفكاك من قبضتها. من الصحيح استبعاد اهمية الروايات المتعلقة بموضوع الاستيطان ذاتها ، كما تتجلى في العهد القديم، وكذلك التركيز على معطيات التنقيب الأثري دون اعتبار لمسألة ما اذا كان الكنعانيون او الإسرائيليون هم الذين كانوا الفاعلين في هذا الموقع او ذاك.
مؤشران اثنان للتوصل الى نتائج علمية للأبحاث التراثية : نظرة ليمحي ، يدعمه وايتلام وكوث،الاهتمام بدراية التاريخ الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي لفلسطين بشكل عام ؛ غير ان قيود الدراسات التوراتية تعيق هذا التوجه حتى الأن.
والمؤشر الثاني ، منظور بروديل الخاص"المدى الطويل.(293) حيث تشمل الأبحاث فترة زمنية مديدة تتجلى فيها مختلف ظواهر الحياة الاجتماعية. وكذاك الدراسات التوراتية تفضل الانغلاق مع وقائع مبتورة عن سياقها الزماني والمكاني.
يثير كوت ووايتلام الأسئلة بصدد استخدام التسميات العرقية مثل "أسرائيل" لوصف سكان العديد من المناطق (294).جاء ذلك إثر إفراط فينكلشتاين، مؤرخ توراتي، في إطلاق صفة إسرائيلي .يعترف فينكيلشتاين ان الإثنية كانت لا تزال غير واضحة المعالم؛ لكنه لا يوضح لللقارئ طبيعة الدلائل التي تشكل اساس فهمه لكيفية تفهم الجماعات المختلفة وتعريفها لهويتها. (271)يدعم الاعتراض المتزايد باستحالة التمييز بين الثقافة المادية الإسرائيلية وثقافة السكان الأصليين.تتضح صعوبة الإفلات من قبضة الدراسات التوراتية(273)
يتناول الموضوع توماس طومسون ﺿﻤﻦ ﻧﻘﺪ أﺷﻤﻞ: أن ﻛﺘﺎب ﻓﻴﻨﻜﻠﺸﺘﺎﻳﻦ ﻳﺆﺳﺲ ﻟﻘﺎﻋﺪة ﺻﻠﺒﺔ ﻟﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻧﺴـﺘـﻄـﻴـﻊ أن ﻧﻨﻄﻠﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﺒﻨﺎء ﺗﺎرﻳﺦ دﻗﻴﻖ وﻣﻔﺼﻞ وﺻﺎﺋﺐ ﻣﻨﻬﺠﻴﺎ ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ(1992 :١٦١ )؛ وﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺴﻨﻰ ذﻟﻚ، إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻔﺔ »إﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ« ﺳﻮف ﺗُﺴﺘﺒﻌﺪ ﻣﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮ المعلومات، وإذا ﻛﺎن ﻫﻨﺎك اﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻋﺪم وﺟـﻮد ﻓـﺮق ﺑين ﻫـﺬه الحضارة المادﻳﺔ ﻟﺸﻌﺐ ﻓﻠﺴﻄين المحلي وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ الحضارات المادية اﻟـﺘـﻲ ﻛـﺎﻧـﺖ ﻣﻮﺟﻮدة منذ أواﺧﺮ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺒﺮوﻧﺰي ﺣﺘﻰ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻌﺼﺮ الحديدي . "المهمة اﻷﻛـﺜـﺮ إلحاحا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ لنا ﻫﻲ اﻻﻋﺘـﺮاف ﺑـﺠـﻬـﻠـﻨـﺎ". ملاحـﻈـﺎت ذات أﻫﻤﻴﺔ عامة ﻳﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﺪد ﻣﺘﺰاﻳﺪ ﻣﻦ الباحثين. وﻳﺒﺪو أن ذﻟﻚ ﻣﺆﺷﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻘديمة ﻓﻲ اﻟـﻔـﺘـﺮة اﻻﻧـﺘـﻘـﺎﻟـﻴـﺔ ﻣـﻦ أواﺧـﺮ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺒﺮوﻧﺰي ﺣﺘﻰ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻌﺼﺮ الحديدي. وﻫﺬا ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻀﺎد ﻟﻠﻌﺒﺎرات اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ وﻣﺤﺎوﻻت ﺑﻨﺎء ﻣﺎض ﻣﺘﺨﻴﻞ ﻟﺪى أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻨﻜﺮون ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻫﺬا »اﻟﺒﺤﺚ الجديد" وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ﻳﻨﺒﻪ ﻟﻴﻤﺤﻲ ـ بحق ـ إﻟﻰ أﻧﻪ:
ﻫـﺬا ﻻ ﻳﻮﻓﺮ أي ﻗﺎﻋﺪة. وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻮﻓﺮ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻬﻤﺔ ﻟﺪراﺳﺔ اﻟﻔـﺘـﺮة اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺒﺮوﻧﺰي المتأخر إﻟـﻰ ﺑـﺪاﻳـﺔ اﻟـﻌـﺼـﺮ الحديدي ﻓـﻲ ﻓﻠﺴﻄين ، ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺟﺰءا ﻣﻦ ﺗﺎرﻳـﺦ المنطقة تتحرر ﻣـﻦ ﺧـﻄـﺎب اﻟـﺪراﺳـﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻘديمة.
اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻳﺠﺐ أﻻ ﺗﻜﻮن ﻣﺠﺮد ﻋﻤﻠﻴﺔ وﺻﻔـﻴـﺔ وﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻫﺬا ﻫﺪﻓﻬﺎ. ﻓﺎﻟﻨﺘﺎﺋﺞ المترﺗﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻢ اﻟﻬﺎﺋﻞ ﻣﻦ لمعلومات اﻷﺛﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﻃﻮﻣﺴﻮن بمراجعته ﺗﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﺣﻘـﻴـﻘـﺔ أﻧـﻨـﺎ ﻻ ﻧـﻌـﺮف ﺷﻴﺌﺎ ﻋﻦ ﺟﺬور إﺳﺮاﺋﻴﻞ. ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻃﻮﻣﺴﻮن أن اﻷﺑﺤﺎث اﻷﺧﻴﺮة ﻛﺎﻧﺖ يمنزﻟﺔ "بناء اﻷﺳﺎس ﻟﻠﺘـﺎرﻳـﺦ االجديد لإسرائيل القديمة"(1992: ١٦٩. (وﻳﻌﺘﺮف ﺑﺄن اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﻳﺸﻜﻞ ﺟﺰءا ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﻓﻠﺴﻄين ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺎلجها. وﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﻳﻼﺣﻆ أن »اﻟﺘـﺮﻛـﻴـﺰ ﻓـﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﺒﺤﺚ اﻟـﺘـﺎرﻳـﺨـﻲ المشترك ـﺑين ﻓـﺮوع ﻋـﻠـﻤـﻴـﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ Interdisciplinary ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄين ﻋﻠﻰ أﻣﻞ ﺗﻄﻮﻳﺮ ﻓﻬﻢ ﻟﺘﺎرﻳﺦ »إﺳﺮاﺋﻴﻞ« ﻓﻲ إﻃﺎر ﺟﻐﺮاﻓﻴﺎ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ إﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻔﻠسطين"(1992:٢٠٤ ) إﻻ أن المشكلة اﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ وﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل المتعلقة ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ الجديد عن إسراﺋﻴﻞ اﻟقديمة ﻫﻲ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه المشاعر ﻟﻴـﺲ ﻟـﻬـﺎ ﺗـﺄﺛـﻴـﺮ ﻛـﺒـﻴـﺮ ﻓـﻲ تحقيق ﺗﺎرﻳﺦ ﻓﻠﺴﻄين القديم. ﻓﻜﻞ ﻫﺬه اﻷﻋﻤﺎل ﻣﻘﻴﺪة ﺑﺴﺒﺐ ﻓﺸﻠﻬﺎ ﻓـﻲ اﻹﻓﻼت ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺸﻮﻳﺶ المتﺄﺻﻞ والمتعلق بمحاوﻟﺘﻬﺎ ﺑﻨﺎء ﺗﺼﻮرات ﺑﺪﻳﻠﺔ ﻟﻠﻤﺎﺿﻲ. ﻓﻌﺪم اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﺮر ﻣﻦ ﻗﻴﻮد الخطاب المهيمن ﻳﺆﻛﺪ ﺳﻴﻄﺮة إﺳﺮاﺋﻴﻞ وﻫﻴﻤﻨﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ الماضي.
فقد شجع خطاب الدراسات التوراتية البحث الاعتباطي عن تاريخ متخيل ، وتعزز الوضع جراء احتياج دولة إسرائيل الحديثة ، سياسيا،الى أن تتخذ لنفسها مكانا في الماضي، على الرغم من ان المكتشفات الأثرية المتزايدة ، والأبحاث التي نظرت الى النصوص التوراتية بطريقة نقدية تاريخية. وعلى الرغم من ان هذه العوامل أدت الى تحطيم النموذج المهيمن فإن هذا النموذج لا تزال له السيطرة القوية على مدارك ووعي الباحثين الغربيين والإسرائيليين ما يجعله يتشبث بطاقته بوجه هذا التيار المعارض.ومن هنا شاع الإقرار بتسييس علم الآثار ، وبروز علم الآثار المسيس.(277)
ﻣـﺸـﻜـﻠـﺔ اﻟﺼﺮاع المعاﺻﺮ ﻋﻠﻰ اﻷرض واﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑين إﺳﺮاﺋﻴﻞ واﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨـﻴـين واﻟﺘﻲ ﺗﻈﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺼﺮح ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ ، أو ﻋﻠﻰ أﺣﺴﻦ اﻟﻔﺮوض ﻻ ﺗﺜﺎر إلا بصوت هامس، ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻋﺒـﺎرة ﻃـﻮﻣـﺴـﻮن الختامية. أﻣـﺎ »اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ الحالية« ﻓﺘﻈﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪدة. ﻟﻘﺪ رﻓﻀﺖ اﻟﺪراﺳـﺎت اﻟﺘﻮراﺗﻴﺔ اﻻﻋﺘﺮاف بمشكلة اﻟﺼﺮاع اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻘﺮﻳﺮ المصير أو ﻣﻮاﺟﻬﺘﻬﺎ. ﻓﻤﺴﺄﻟﺔ دوﻟﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻞ المعاصرة وﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﺎ ﻟﻠﻔﻠﺴﻄﻴـﻨـﻴـين ﻇـﻠـﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﺴﺎﺳﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻟﻢ ﻳﺜﺮﻫﺎ ﺧﻄﺎب اﻟﺪراﺳﺎت اﻟـﺘـﻮراﺗـﻴـﺔ.
كيدان للصراع الثقافي ما يزال مجهولا بالنسبة للفلسطينيين، يترتب علي المثقفين والباحثين دخوله باقتدار .هنك مجال واسع لرد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع
- فلسطين لم تكسب عبر التتاريخ فائض قوة يؤهل للتوسع
- امبراطورية داود حقيقة أم أسطورة ؟
- إبادة جماعية فصولها تجري بغواتيمالا..لكنها صامتة
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3
- بناء القوة لفلسطين ولنظام عالمي جديد
- تتمزق الأقنعة التنكرية-2
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي
- ترامب يعاقب ألبانيز!!
- تقرير ألبانيز يتهم شركات عالمية بالمشاركة في الإبادة الجماعي ...
- مؤامرة العصر لاختطاف فلسطين
- تسليك الدروب نحو دولة إسرائيل الكبرى-4
- تسليك الدروب نحو دولة إسرائيل الكبرى-3
- تسليك المعابر الى إسرائيل الكبرى – حلقة 2
- السيد المحترم طارق حجي صادم في أحكامه وتقييماته
- تسليك الدروب نحو دولة إسرائيل الكبرى (1من5)
- كيف نعرف إن كان رئيسنا غير متماسك عقليًا؟
- العدوان على إيران جولة لم تحسم الصراع


المزيد.....




- -تمت السيطرة عليه سريعًا-.. حريق في فيلا محمد صبحي
- قمة أوكرانيا: هل يمكن لأوروبا الاعتماد على الولايات المتحدة؟ ...
- خبير عسكري: تدمير غزة يتطلب أكثر من عام وسط تحديات إستراتيجي ...
- الاحتلال يقتلع مئات أشجار الزيتون بالضفة ومئات يقتحمون الأقص ...
- ساعر: على أوروبا أن تختار بين إسرائيل وحماس
- كاتب بمعاريف: هذا هو المرض المزمن الذي يهدد إسرائيل
- النرويج تدعو لبناء تحالفات قوية ضد إسرائيل وترفض تصريحات ساع ...
- حقيقة فيديو بيان مشيخة عقل الدروز بعد -عزل حكمت الهجري-
- شاطئ أبو تلات بالإسكندرية: كيف انتهت رحلة تدريب طلاب، بكارثة ...
- بحضور رئيس الوزراء الكندي.. زيلينسكي في يوم استقلال أوكرانيا ...


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية