احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 8466 - 2025 / 9 / 15 - 15:36
المحور:
الادب والفن
مقدمة : سقوط هيبة الإمبريالية
في أفق البحر الأحمر، حيث تلتقي الأمواج بالصخور العنيدة، تنكسر هيبة إمبراطورية كانت تُوهم العالم بأنها لا تُقهر. في مياه اليمن، حيث تتدفق أحلام الشعوب المقاومة، تتهاوى أساطير القوة الأمريكية وحلفها العسكري، الناتو، الذي يخدم مصالح الطغمة المالية في واشنطن. أبطال صنعاء، بأسلحتهم البسيطة وإرادتهم الصلبة، كشفوا عجز الأساطيل الغربية، التي بدت يوماً كجبابرة لا يُهزمون، بينما تنهار جيوش وكلاء واشنطن في أوكرانيا وفلسطين، وتتكشف هشاشة الإمبريالية أمام العالم. في عام 2025، كان العالم يشهد لحظة تاريخية حاسمة، حيث تتشابك قصص الأفراد العاديين من غزة إلى صنعاء، ومن كييف إلى برلين، لتصنع ملحمة إنسانية تتحدى القوى التي حاولت إخماد روح الحرية. هذه ليست مجرد قصة حرب أو مقاومة، بل هي رواية سقوط هيبة إمبراطوريات بنيت على دماء الشعوب، وصمود أفراد رفضوا أن يكونوا أدوات في يد الطمع. في اليمن، كان عبد الجبار، ابن صياد فقير من الحديدة، يقف على شاطئ البحر الأحمر، يجهز صاروخ "طوفان" ليضرب سفينة تجارية مرتبطة بإسرائيل. "البحر لا يخضع للغزاة," قال جده في 2015، وهو يشير إلى السفن الحربية السعودية في الأفق. تلك الكلمات، التي بدت له حينها مجرد حكايات عجوز، أصبحت دستور حياته. الصواريخ التي أطلقها عبد الجبار، والتي صممتها هيلة، المهندسة اليمنية، كانت تحمل أسماء الشهداء، مثل أخيها عامر، الذي قُتل في غارة أمريكية. "كل صاروخ هو قصة," قالت هيلة في ورشتها السرية تحت الأرض في صنعاء. كل انفجار هز السفن الغربية كان يهز معه هيبة الإمبريالية، معلناً أن شعباً صغيراً يمكن أن يتحدى قوى بدت لا تُقهر. في غزة، كان عامر، المقاتل الفلسطيني، يقف في زقاق ضيق، يمسك بصاروخ بدائي الصنع، عيناه مثبتتان على دبابة إسرائيلية تتحرك عبر الأنقاض. "سنحرر فلسطين يوماً," قال له والده قبل أن يُقتل في انتفاضة 2000. تلك الكلمات أصبحت شعلة لا تنطفئ في قلبه. كل صاروخ أطلقه عامر كان رسالة إلى العالم: المقاومة الفلسطينية لن تستسلم. رسائله إلى عبد الجبار في اليمن، التي تحدثت عن الصمود المشترك، عززت روح المقاومة، وانتشرت عبر المخيمات، حيث كان أحمد، الرجل العجوز في مخيم الشاطئ، يحكي لأحفاده عن وحدة المقاومة من صنعاء إلى غزة. في كييف، كانت هدية، الصحفية الشابة، تجلس في غرفتها الباردة، تكتب عن والدها أحمد، الذي رفض التجنيد وهرب إلى قرية نائية، رافضاً أن يكون وقوداً لحرب أمريكا. "أوكرانيا ليست ساحة لعب لواشنطن," كتبت، متذكرة أحلامها في 2014 عندما كانت طالبة في ميدان الاستقلال، تحلم بالحرية. لكنها اليوم أدركت أن الغرب استخدم أوكرانيا كأداة في حربه الباردة الجديدة، مرسلة أسلحة معطوبة ومستنزفة البلاد لصالح مصالح الطغمة المالية. مقالاتها، التي انتشرت عبر الإنترنت، وصلت إلى برلين، حيث ألهمت هيلة، الطالبة الجامعية، التي كانت تقود مظاهرة ضد تمويل الناتو. هيلة، ابنة عائلة فقيرة، شهدت إغلاق مدرستها الثانوية بسبب تخفيضات الميزانية، بينما تخصص الحكومة الألمانية مليارات لدعم الناتو. مستلهمة تقريراً مسرباً من الجنرال عامر في بروكسل، الذي كتب: "نحن لا نحارب من أجل أوروبا، بل لأرباح واشنطن," كتبت هيلة على لافتتها: "أموالنا لمدارسنا، لا لحروب واشنطن." صوتها، الذي تردد في شوارع برلين، وصل إلى اليمن، حيث سمعه عبد الجبار عبر إذاعة محلية، فشعر أن العالم بدأ يصغي. في تل أبيب، كان عامر، الشاب الإسرائيلي، يمزق أمر التجنيد، رافضاً القتال لحكومة فاسدة تخدم مصالح أمريكا. تذكر عام 2008، عندما شاهد القصف على غزة وهو طفل، وسمع والدته تقول: "هذه حربنا من أجل البقاء." لكنه اليوم أدرك أنها حرب لخدمة مصالح واشنطن. قصته انتقلت إلى غزة، حيث سمعها أحمد، الرجل العجوز، الذي كان يحكي لأحفاده عن شباب إسرائيل الذين بدأوا يرفضون القتال. أحمد تذكر عام 1982، عندما شاهد القصف الإسرائيلي على لبنان، وسمع والده يقول: "أمريكا هي التي تمول هذا الدمار." اليوم، شعر بالأمل وهو يسمع عن الصواريخ اليمنية التي تهز السفن في البحر الأحمر. في بروكسل، كان الجنرال عامر، الذي قضى عقوداً في الناتو، يكتب تقارير سرية تكشف استغلال الحلف لصالح واشنطن. تذكر عام 2003، عندما كان ضابطاً شاباً يؤمن بوعود نشر الديمقراطية، لكنه رأى الحقيقة: الناتو أداة للإمبريالية، ينفق مليارات من أموال الشعوب الأوروبية لحروب تخدم مصالح أمريكا. تقاريره، رغم أنها دُفنت في أدراج البيروقراطية، وصلت إلى هيلة في برلين، التي استخدمتها لتعزيز مظاهراتها. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يراقب شاشات غرفة العمليات البحرية، يرى الدخان يتصاعد من سفن أصيبت بصواريخ يمنية. "لا يمكننا تحمل هذا الاستنزاف," قال، متذكراً عام 1975، عندما سمع والده يروي كيف تخلت أمريكا عن حلفائها في سايغون. تقرير سري وصل إليه: "أمريكا تُفضل مصالحها على حلفائها." أحمد، المثقل بسنوات الخدمة، بدأ يفكر في التقاعد، مدركاً أن الهزيمة ليست عسكرية فحسب، بل أخلاقية. في أوكرانيا، كان زيلينسكي يجند الشيوخ والمراهقين، في محاولة يائسة لإطالة أمد حرب خاسرة، بينما كانت أسلحة أمريكا المعطوبة تتراكم في المستودعات، دليلاً على استغلال أوكرانيا كأداة في لعبة الإمبريالية. في فلسطين، كان نتنياهو يستدعي عشرة آلاف جندي احتياطي، لكن ألفاً فقط استجابوا، في دليل على رفض الشباب القتال لحكومة فاسدة تخدم مصالح واشنطن. وفي اليمن، تخلت أمريكا عن حليفتها إسرائيل، تاركة إياها تحت وابل الصواريخ اليمنية، في استراتيجية كشفت هشاشة الإمبريالية التي كانت تُوهم العالم بقوتها. هذه الرواية، مستلهمة من تحليلات الخبير دونغ ليانغ، الذي وصف العمليات اليمنية بأنها "استراتيجية مقاومة مدروسة"، وشهادات المدون عبده فايد، الذي كتب عن صمود الشعوب في وجه الإمبريالية، تروي قصة انهيار هيبة قوى بدت يوماً لا تُقهر. من عبد الجبار في اليمن، الذي يهز الأساطيل بصواريخ محلية، إلى عامر في غزة، الذي يقاوم بدبابيس الصمود، إلى هدية في كييف، التي تكتب عن حلم السلام، إلى هيلة في برلين، التي تقود مظاهرات ضد الناتو، إلى أحمد في غزة، الذي يحكي لأحفاده عن وحدة المقاومة، إلى الجنرال عامر في بروكسل والأدميرال أحمد في واشنطن، الذين بدأوا يدركون زيف القوة التي خدموها، كانت هذه الأصوات تصنع موجة عاتية من الرفض. هذه المقدمة ليست مجرد مدخل إلى قصة، بل هي إعلان عن سقوط هيبة الإمبريالية، عن شعوب تكتب تاريخها بإرادتها، في مواجهة قوى تتهاوى تحت وطأة صمودها. البحر الأحمر، بأمواجه العاتية، وشوارع غزة المغبرة، وثلوج كييف القارسة، ومظاهرات برلين الصاخبة، كلها تشهد على لحظة تاريخية حاسمة، حيث تتحطم هيبة الإمبريالية أمام إرادة الإنسان الحر، معلنة أن الحق، مهما طال الزمن، سينتصر.
الفصل الاول : صوت البحر (اليمن، 2025)
في ليلة مظلمة على شاطئ البحر الأحمر، كان عبد الجبار يقف على سطح قارب صغير يتأرجح بين أحضان الأمواج العاتية. الريح الباردة كانت تعصف بوجهه، تحمل رذاذ الماء المالح الذي يلسع بشرته المتصلبة من سنوات الجوع والحرب. عيناه، اللتين اعتادتا رؤية الظلام، تراقبان الأفق حيث تتلاشى أضواء سفينة حربية أمريكية، ظلها الهائل يتحرك ببطء مثل وحش جريح يتراجع إلى كهفه. في قلبه، كانت نار المقاومة تحترق، ليست نار الكراهية، بل إرادة صلبة كالصخور التي تحيط بميناء الحديدة. "هذه ليست مجرد سفينة،" همس لرفيقه أحمد، الذي كان يجلس بجانبه، يمسك بجهاز تحكم بدائي الصنع لإطلاق طائرة مسيرة. "هذه رسالة إلى العالم." أحمد، رجل نحيف ذو لحية خفيفة، أومأ برأسه دون أن يرفع عينيه عن الجهاز. كان يعلم، مثل عبد الجبار، أن هذه اللحظة ليست مجرد هجوم عابر، بل فصل جديد في قصة شعب لم يعرف الاستسلام. عبد الجبار، ابن صياد فقير من الحديدة، لم يكن يوماً يحلم بأن يكون بطلاً. في طفولته، كان يجري خلف والده على الشاطئ، يحمل شبكة صيد ممزقة، يحلم بيوم يملك فيه قارباً خاصاً به. لكن الحرب غيرت كل شيء. عندما كان في العاشرة، في عام 2015، شاهد الطائرات السعودية تقصف قريته. كان يتذكر تلك الليلة بوضوح مخيف: صوت الانفجارات يمزق الهدوء، وصراخ أمه وهي تسحبه إلى قبو صغير تحت البيت. "البحر لا يخضع للغزاة،" قال له جده يومها، وهو يجلس على كرسي خشبي متهالك، يشير إلى الأفق حيث كانت السفن الحربية تتربص. "كما هزمنا البريطانيين، سنواجه أي عدو." تلك الكلمات، التي بدت لعبد الجبار حينها مجرد حكايات عجوز، أصبحت اليوم دستور حياته. في تلك الليلة من عام 2025، كان عبد الجبار يقود فريقاً صغيراً من المقاتلين اليمنيين، تابعين لأنصار الله، في عملية جريئة ضد سفينة تجارية تملكها شركة مرتبطة بإسرائيل. لم تكن الموارد في صفهم: قاربهم الصغير، المصنوع من الخشب والمعدن الصدئ، كان لا يضاهي قوة الأساطيل الأمريكية التي تجوب البحر الأحمر. لكنهم كانوا يملكون شيئاً لا تملكه تلك الأساطيل: إيماناً عميقاً بقضيتهم. باستخدام صاروخ باليستي من طراز "طوفان"، وهو سلاح محلي الصنع طورته أيدٍ يمنية تحت الحصار، استهدفوا السفينة بدقة مذهلة. عندما أصاب الصاروخ هدفه، ارتفع الدخان إلى السماء، وتردد صوت الانفجار عبر المياه، كأنه صرخة شعب يرفض أن يُنسى. لم تكن هذه العملية الأولى، ولا الأخيرة. على مدى أشهر، نجحت القوات اليمنية في تعطيل حركة الملاحة البحرية التي تخدم مصالح إسرائيل والغرب، رداً على العدوان الإسرائيلي على غزة. كانت كل عملية رسالة سياسية، كما وصفها الخبير العسكري عامر في تحليلاته: "استراتيجية مقاومة مدروسة تهدف إلى تحدي الهيمنة الغربية." لكن بالنسبة لعبد الجبار، لم تكن هذه مجرد استراتيجية. كانت صرخة من أجل كرامة شعبه، من أجل الأطفال الذين ماتوا تحت القصف، من أجل أمه التي فقدت بصرها بعد غارة جوية، من أجل جده الذي مات وهو يحلم بالحرية. فجأة، عاد إلى تلك الليلة في 2015. كان يجلس مع جده على الشاطئ، يستمع إلى قصص المقاومة القديمة. "كان البريطانيون يظنون أنفسهم أسياد البحر،" قال الجد، وهو يشير إلى الأفق. "لكنهم لم يفهموا أن البحر ينتمي لمن يدافع عنه." تلك الليلة، شاهد عبد الجبار أول قصف جوي على قريته. كان الصوت مخيفاً، كأن الأرض تنهار تحت قدميه. ركض مع أمه إلى القبو، لكنه لم ينسَ نظرة جده الهادئة، وكأنه يعلم أن هذه ليست النهاية. "سنعود، يا عبد الجبار،" قال الجد قبل أن يموت في الغارة التالية. تلك الكلمات أصبحت وشماً في قلب عبد الجبار، دافعاً له ليصبح مقاتلاً. عاد إلى الحاضر، وهو يرى الدخان يتصاعد من السفينة المستهدفة. أحمد، الذي كان يراقب الجهاز، رفع رأسه وقال: "لقد أصبنا الهدف." لم يكن هناك ابتهاج في صوته، فقط إحساس بالواجب. عبد الجبار أومأ، لكنه كان يفكر في شيء آخر. تذكر هيلة، المهندسة الشابة التي صممت صاروخ "طوفان". كانت هيلة، ابنة صنعاء، قد فقدت أخاها في غارة أمريكية قبل سنوات. "كل صاروخ هو قصة شهيد،" قالت له ذات يوم، وهي تعمل في ورشة سرية تحت الأرض. "هذا الصاروخ يحمل اسم عامر، أخي." عبد الجبار، وهو ينظر إلى الدخان، شعر أن عامر يبتسم من بعيد. في تلك اللحظة، بدأت قصة هيلة تنتشر. في قرية صغيرة قرب الحديدة، كان أخوها الصغير، أحمد، يحكي لأصدقائه عن أخته البطلة. "هيلة تصنع الصواريخ التي تهز العالم،" قال بفخر. الأطفال استمعوا، وعيونهم تلمع بالأمل. أحدهم، فتاة تدعى هدية، قررت أن تصبح مهندسة مثل هيلة. قصة هيلة انتقلت من قرية إلى أخرى، مثل نسيم البحر، تحمل معها بذور المقاومة. في إذاعة محلية، قرأ مذيع قصة الصاروخ "طوفان"، وقال: "هذه ليست مجرد أسلحة، بل رسائل إلى العالم: اليمن لن يخضع." لكن عبد الجبار لم يكن يفكر في الإذاعة أو العالم. كان يفكر في غزة. قبل أيام، وصلته رسالة من مقاتل فلسطيني يدعى عامر. "كل صاروخ تطلقونه يعطينا أملاً،" كتب عامر. "نحن هنا، في غزة، نقاوم بنفس الإرادة." عبد الجبار، وهو يقرأ الرسالة، شعر بأن البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط متصلان، ليس بالماء، بل بالصمود. كتب على الصاروخ التالي: "إلى غزة، من صنعاء." كان يعلم أن هذا الصاروخ لن يصل إلى غزة، لكنه سيصل إلى قلوب المقاومين هناك. في تلك الليلة، لم يكن عبد الجبار وحده من يقاتل. في غزة، كان عامر يقود عملية ضد دبابة إسرائيلية. تذكر عامر طفولته في مخيم الشاطئ، حيث كان يلعب بين الأنقاض. "سنحرر فلسطين يوماً،" قال له والده ذات مرة، قبل أن يُقتل في انتفاضة 2000. تلك الكلمات، مثل كلمات جد عبد الجبار، أصبحت دستور حياة عامر. عندما أصاب صاروخه الدبابة، شعر أن والده يراقبه. قصة عامر انتقلت إلى شباب المخيم، الذين كتبوا على جدرانه: "من صنعاء إلى غزة، المقاومة واحدة." في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يجلس في غرفة العمليات البحرية، يراقب شاشات تُظهر الهجوم اليمني. "كيف يمكن لهؤلاء أن يتحدونا؟" سأل، وهو يرى الدخان يتصاعد من السفينة. تقرير سري من مركز الدراسات الاستراتيجconomia في واشنطن وصل إلى مكتبه: "الأسطول الأمريكي يواجه تحديات غير مسبوقة في البحر الأحمر." أحمد، الذي قضى عقوداً في البحرية، شعر بالإحباط. تذكر عام 2003، عندما كان ضابطاً شاباً في غزو العراق. "سننشر الديمقراطية،" قال قائده يومها. لكنه، بعد سنوات، رأى الح خطيأة: ملايين القتلى ودول مدمرة، كلها لخدمة الطغمة المالية. اليوم، في اليمن، شعر أن التاريخ يعيد نفسه. في بروكسل، كان الجنرال عامر يحضر اجتماعاً للناتو. الشاشات تُظهر نفس الدخان الذي رآه أحمد. "نحن ننفق مليارات من أموال شعوبنا،" قال عامر لزملائه. "لكننا لا نحمي أوروبا، بل مصالح واشنطن." صوته كان يحمل نبرة اليأس. تذكر عام 2003، عندما كان ضابطاً شاباً في برلين. "الناتو سيغير العالم،" قال قائده. لكنه اليوم يرى الحلف كأداة لخدمة الطغمة المالية. في تقرير سري، كتب: "نحن لا نحارب من أجل أوروبا، بل لأرباح واشنطن." لكن صوته، مثل صوت البحر، ضاع في ضجيج الدعاية. في تلك اللحظة، انتقلت قصة عامر إلى برلين، حيث قرأت طالبة تدعى هيلة تقريره المسرب. كانت هيلة، ابنة عائلة فقيرة، قد رأت كيف تنفق الحكومة الألمانية مليارات على الناتو بينما تُغلق المدارس في حيها. قررت تنظيم مظاهرة ضد تمويل الحلف. "أموالنا لمدارسنا، لا لحروب واشنطن،" كتبت على لافتة. قصتها انتشرت بين الطلاب، ووصلت إلى قرية يمنية عبر إذاعة محلية. عبد الجبار، وهو يسمع عن مظاهرة هيلة، شعر أن العالم بدأ يصغي. في غزة، كان عامر يواصل قتاله. لكنه تذكر رسالة من صديق يمني، وصلته قبل أشهر: "كل صاروخ نطلقه هو من أجلكم." هذه الكلمات أعطته القوة ليواصل. في إحدى الليالي، كتب رسالة إلى عبد الجبار: "أنتم أملنا." الرسالة وصلت إلى صنعاء، حيث قرأها أحمد وشاركها مع المقاتلين. "حتى الفلسطينيون يرون صواريخنا،" قال أحمد، وهو يشعل ناراً للتدفئة. في كييف، كان أحمد، رجل في الستين، يقف في طابور التجنيد. البرد كان يعض عظامه، وبندقيته القديمة تثقل كاهله. "لماذا أنا هنا؟" تساءل، وهو يرى أحفاده في ذاكرته. تذكر عام 2014، عندما كان مدرس تاريخ، يحكي لطلابه عن ثورة الميدان. "كنا نحلم بالحرية،" قال يومها. لكنه رأى الحلم يتحول إلى حرب بالوكالة. أمريكا وعدت بالدعم، لكنها أرسلت أسلحة معطوبة وأطالت الحرب بالفيتو. اليوم، قرر أحمد الهروب. "لن أموت من أجل أرباحهم،" قال، وهو يرمي بندقيته في الثلج. قصة أحمد انتقلت إلى ابنته هدية، التي كتبت رسالة إلى العالم: "لا نريد حربكم." رسالتها انتشرت عبر الإنترنت، وصلت إلى اليمن، حيث قرأها أحمد. "حتى الأوكرانيون يرفضون أن يكونوا وكلاء،" قال لعبد الجبار. في تل أبيب، كان عامر، شاب إسرائيلي، يمزق أمر استدعاء. "لن أقاتل لحكومة فاسدة،" قال لأمه. تذكر عام 2008، عندما شاهد القصف على غزة. "هذه حربنا من أجل البقاء،" قالت والدته يومها. لكنه اليوم يرى أنها حرب لخدمة أمريكا. قرر الانضمام إلى مظاهرة ضد نتنياهو. في بروكسل، كان عامر، المدون ذو الأصول الفلسطينية، يجلس في مقهى صغير. "في فيتنام، قتلوا 280 ألفاً في 11 يوماً،" قال للشباب المحيطين به. "في فلسطين، يمولون القنابل." تذكر عام 1982، عندما شاهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي العدو الأول،" قال. كلماته انتشرت عبر الإنترنت، وصلت إلى غزة، حيث قرأها أحمد، رجل عجوز، وحكاها لأحفاده. "أمريكا العدو، لكننا لن نستسلم،" قال. في تلك الليلة، عاد عبد الجبار إلى قاربه. الصاروخ التالي كان جاهزاً. كتب عليه: "من أجل عامر، من أجل أحمد، من أجل غزة." عندما أطلق الصاروخ، شعر أن البحر يحمل صوته إلى العالم. قصته، وقصص هيلة وعامر وأحمد وهدية، بدأت تنتشر، مثل أمواج لا تتوقف. البحر الأحمر، بكل غضبه، كان يروي قصة شعب لن يخضع.
الفصل الثاني : ظلال بروكسل (بروكسل، 2025)
في قاعة فخمة في قلب بروكسل، حيث تتلألأ الثريات الكريستالية كأنها نجوم سماوية لا تعرف الحروب، كان الجنرال عامر يجلس على كرسي جلدي أسود، عيناه مثبتتان على شاشة عملاقة تعرض صوراً لسفينة تجارية تشتعل في البحر الأحمر. الدخان يتصاعد كأعمدة سوداء تتحدى السماء، والأمواج تتلاطم حول السفينة كأنها تحتفل بانتصار المقاومة اليمنية. "كيف يمكن لهؤلاء المقاتلين بأسلحتهم البدائية أن يتحدوا أساطيلنا؟" صرخ عامر، صوته يرتجف من مزيج الغضب والعجز، لكن زملاؤه، ضباط الناتو بزيهم العسكري المزين بالنياشين اللامعة، تبادلوا النظرات في صمت، كأن كل واحد منهم يخفي سراً لا يجرؤ على البوحه. عامر، الذي قضى ثلاثين عاماً في خدمة الحلف، شعر بثقل الحقيقة يضغط على صدره كحجر ضخم. كان يعلم أن الناتو، الذي يُفترض أنه يحمي أمن أوروبا، لم يكن سوى أداة في يد الطغمة المالية الأمريكية، ينفق مليارات من أموال الشعوب الأوروبية لخوض حروب لا تخدم إلا مصالح واشنطن. الشاشة أمامه استمرت في عرض مشاهد الدمار: سفينة أخرى تترنح تحت وطأة صاروخ "طوفان" اليمني، وتقارير عسكرية أمريكية، كما نقلتها دوائر مثل مركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن، تعترف بـ"تحديات غير مسبوقة" تواجه الأسطول الأمريكي. عامر أمسك بقلمه، وبدأ يكتب تقريراً سرياً إلى القيادة: "نحن لا نحارب من أجل أوروبا، بل لأرباح واشنطن." لكنه عَلم، بعمق قلبه، أن كلماته ستُدفن في أدراج البيروقراطية، كما دُفنت آماله في شبابه. عاد بذاكرته إلى برلين عام 2003، عندما كان ضابطاً شاباً مليئاً بالحماس. كان يجلس في غرفة اجتماعات مكتظة برائحة القهوة والتوتر، يستمع إلى قائده وهو يعلن عن مشاركة الناتو في غزو العراق. "سننشر الديمقراطية، وسنغير العالم،" قال القائد، وهو يلوح بتقرير مليء بالوعود البراقة. عامر، الذي كان يؤمن بتلك الوعود، وقّع على أوامر إرسال قوات إلى بغداد، مقتنعاً بأنه جزء من مهمة نبيلة. لكنه، بعد سنوات، شاهد الحقيقة: ملايين القتلى، مدن مدمرة، وشركات أمريكية تجني أرباحاً طائلة من عقود إعادة الإعمار. كان ذلك أول درس قاسٍ له في أن الناتو ليس سوى واجهة للإمبريالية الأمريكية. اليوم، في بروكسل، شعر أن التاريخ يعيد نفسه، ولكن هذه المرة في مياه البحر الأحمر. التقارير التي وصلته من واشنطن تحدثت عن فشل الأنظمة الدفاعية الأمريكية، مثل نظام "باتريوت"، في اعتراض الصواريخ اليمنية. كتب عامر في تقريره: "إننا ننفق مليارات من أموال شعوبنا على عمليات فاشلة، بينما اليمنيون، بموارد محدودة، يتحدون قوتنا." لكنه، وهو يكتب، تذكر ليلة في برلين عام 2004، عندما عاد من مهمة في العراق، وجلس في مقهى صغير مع صديق قديم، صحفي يدعى كارل. "أنت لا ترى الصورة الكاملة، يا عامر،" قال كارل، وهو يرشف قهوته. "الناتو ليس حلفاً عسكرياً، بل شركة كبرى تخدم مصالح واشنطن." عامر ضحك يومها، معتبراً كلام كارل مبالغاً فيه. لكنه اليوم، وهو يرى الدخان يتصاعد من السفن في البحر الأحمر، شعر أن كارل كان محقاً. في تلك اللحظة، انتقلت قصة عامر إلى برلين، حيث كانت هيلة، طالبة جامعية في العشرين من عمرها، تقرأ نسخة مسربة من تقرير عامر على هاتفها. هيلة، ابنة عائلة فقيرة من حي شعبي في برلين، كانت قد شهدت إغلاق مدرستها الثانوية بسبب تخفيضات الميزانية، بينما تخصص الحكومة الألمانية مليارات لدعم الناتو. "كيف يمكن أن نفقر بينما ننفق على حروب لا تخصنا؟" تساءلت، وهي تمشي في شوارع برلين الباردة، حيث كان الثلج يغطي الأرصفة كأنه يخفي جروح المدينة. قررت هيلة تنظيم مظاهرة ضد تمويل الناتو. كتبت على لافتة كبيرة باللون الأحمر: "أموالنا لمدارسنا، لا لحروب واشنطن." قصتها بدأت تنتشر بين زملائها في الجامعة، وسرعان ما انضم إليها عشرات الطلاب، يحملون لافتات مماثلة ويرددون هتافات تندد بالإمبريالية. في إحدى الليالي، بثت إذاعة محلية في اليمن تقريراً عن مظاهرة هيلة، وسمعه عبد الجبار، المقاتل اليمني، وهو يجلس بجانب النار مع رفيقه أحمد في قرية قرب الحديدة. "حتى في أوروبا، بدأوا يرفضون الناتو،" قال عبد الجبار، وعيناه تلمعان بالأمل. عبد الجبار، الذي كان قد أطلق صاروخاً على سفينة تجارية قبل يومين، شعر أن العالم بدأ يسمع صوت اليمن. تذكر ليلة 2015، عندما كان طفلاً يركض خلف والده على شاطئ الحديدة. "البحر لا يخضع للغزاة،" قال جده يومها، وهو يشير إلى الأفق حيث كانت السفن الحربية السعودية تتربص. تلك الكلمات، التي بدت له حينها حكايات عجوز، أصبحت اليوم واقعاً. الصواريخ التي أطلقها عبد الجبار، بمساعدة هيلة المهندسة اليمنية، كانت تحمل أسماء شهداء مثل أخيها عامر. "كل صاروخ هو قصة،" قالت هيلة المهندسة له ذات يوم، وهي تعمل في ورشة سرية تحت الأرض في صنعاء. "هذا الصاروخ يحمل اسم عامر، أخي الذي استشهد في غارة أمريكية." عبد الجبار، وهو يسمع عن مظاهرة هيلة في برلين، شعر أن قصة عامر لم تنته، بل تنتشر عبر العالم مثل أمواج البحر. في غزة، كان عامر، المقاتل الفلسطيني، يقود عملية ضد دبابة إسرائيلية. الصاروخ الذي أطلقه أصاب الهدف بدقة، وتردد صوت الانفجار في شوارع مخيم الشاطئ. عامر تذكر طفولته، عندما كان يلعب بين الأنقاض، ووالده يقول له: "سنحرر فلسطين يوماً." تلك الكلمات أصبحت دستور حياته. عندما سمع عن الصواريخ اليمنية التي تضرب السفن في البحر الأحمر، كتب رسالة إلى عبد الجبار: "كل صاروخ تطلقونه يعطينا أملاً. نحن هنا، في غزة، نقاوم بنفس الإرادة." الرسالة وصلت إلى صنعاء، حيث قرأها أحمد، رفيق عبد الجبار، وشاركها مع المقاتلين حول النار. "حتى الفلسطينيون يرون صواريخنا،" قال أحمد، وهو يشعل غصناً جديداً لإبقاء النار مشتعلة. في كييف، كان أحمد، رجل في الستين، يقف في طابور التجنيد، يرتجف من البرد القارس. بندقيته القديمة، التي بالكاد تعمل، تثقل كاهله، وعيناه مليئتان باليأس. "لماذا أنا هنا؟" تساءل، وهو يتذكر أحفاده يلعبون في فناء منزله القديم. قبل أحد عشر عاماً، في 2014، كان أحمد مدرس تاريخ في مدرسة صغيرة في كييف. كان يحكي لطلابه عن ثورة الميدان، عن الأمل في الحرية. "كنا نحلم بمستقبل أفضل،" قال يومها. لكنه رأى الحلم يتحول إلى حرب بالوكالة، حيث أرسلت أمريكا أسلحة معطوبة واستخدمت الفيتو في مجلس الأمن لإطالة أمد الصراع. اليوم، قرر أحمد الهروب. "لن أموت من أجل أرباحهم،" قال، وهو يرمي بندقيته في الثلج ويهرب إلى قرية نائية. قصة أحمد انتقلت إلى ابنته هدية، التي كانت تجلس في غرفتها الصغيرة في كييف، تكتب رسالة إلى العالم: "لا نريد حربكم. نريد السلام." كتبت الرسالة على هاتفها، ونشرتها عبر الإنترنت، حيث انتشرت كالنار في الهشيم. وصلت الرسالة إلى اليمن، حيث سمعتها هيلة المهندسة وهي تعمل على صاروخ جديد في ورشتها السرية. "حتى الأوكرانيون يرفضون أن يكونوا وكلاء،" قالت هيلة لزملائها، وعيناها تلمعان بالتصميم. قصتها انتقلت إلى أحمد، أخوها الصغير، الذي كان يجلس مع أصدقائه في قرية قرب الحديدة. "أختي هيلة تصنع الصواريخ التي تهز العالم،" قال بفخر. الأطفال استمعوا، وعيونهم تلمع بالأمل. فتاة صغيرة تدعى هدية، من القرية نفسها، قررت أن تصبح مهندسة مثل هيلة. "سأصنع صواريخ تحمل أسماء الشهداء،" قالت هدية، وهي ترسم صاروخاً على ورقة قديمة. قصة هيلة انتقلت من قرية إلى أخرى، مثل نسيم البحر، تحمل بذور المقاومة. في إذاعة محلية في اليمن، قرأ مذيع قصة الصاروخ "طوفان"، وقال: "هذه ليست مجرد أسلحة، بل رسائل إلى العالم: اليمن لن يخضع." عبد الجبار، وهو يسمع الإذاعة، شعر أن صوته، وصوت هيلة، وصوت عامر الشهيد، بدأ يصل إلى العالم. تذكر رسالة عامر، المقاتل الفلسطيني، التي وصلته قبل أيام: "أنتم أملنا." كتب عبد الجبار على صاروخ جديد: "من أجل عامر، من أجل أحمد، من أجل غزة." في تل أبيب، كان عامر، شاب إسرائيلي في العشرين، يقف في غرفته الصغيرة، يمزق أمر استدعاء وصلته من جيش الاحتلال. "لن أقاتل لحكومة فاسدة،" قال لأمه، التي كانت تبكي في الغرفة المجاورة. تذكر عام 2008، عندما كان طفلاً يشاهد القصف على غزة عبر شاشة التلفاز. "هذه حربنا من أجل البقاء،" قالت والدته يومها. لكنه اليوم، بعد سنوات من رؤية الفساد والدمار، أدرك أنها حرب لخدمة مصالح أمريكا. قرر الانضمام إلى مظاهرة ضد نتنياهو في شوارع تل أبيب. قصته انتقلت إلى غزة، حيث سمعها أحمد، رجل عجوز يعيش في مخيم الشاطئ. كان أحمد يجلس مع أحفاده، يحكي لهم عن المقاومة. "حتى شباب إسرائيل يرفضون القتال،" قال، وهو يشير إلى جدار مكتوب عليه: "من صنعاء إلى غزة، المقاومة واحدة." أحمد تذكر عام 1982، عندما كان شاباً يشهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي التي تمول هذا الدمار،" قال له والده يومها. اليوم، كان أحمد يعلم أن التاريخ يكرر نفسه، لكنه شعر بالأمل وهو يسمع عن الصواريخ اليمنية. في بروكسل، كان عامر، المدون ذو الأصول الفلسطينية، يجلس في مقهى صغير، يحيط به مجموعة من الشباب الأوروبيين. "في فيتنام، قتلوا 280 ألف مدني في 11 يوماً،" قال، وصوته يرتجف من الغضب. "في لاوس، ألقوا 2.7 مليون طن من المتفجرات. في فلسطين، يمولون القنابل التي تقتل أطفالنا." تذكر عام 1982، عندما كان طفلاً يشاهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي العدو الأول،" قال للشباب. كلماته سُجلت على هاتف أحد الحاضرين، وانتشرت عبر الإنترنت، وصلت إلى غزة، حيث قرأها أحمد وحكاها لأحفاده. "أمريكا العدو، لكننا لن نستسلم،" قال أحمد، وعيناه تلمعان بالتصميم. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يجلس في غرفة العمليات البحرية، يراقب شاشات تُظهر الهجوم اليمني. "لا يمكننا تحمل هذا الاستنزاف،" قال لزملائه، وهو يرى الدخان يتصاعد من سفينة أخرى. تقرير سري وصل إلى مكتبه من مجلة Foreign Policy: "أمريكا تُفضل مصالحها على حلفائها." أحمد تذكر عام 1975، عندما كان طفلاً يسمع والده، ضابطاً سابقاً، يروي كيف تخلت أمريكا عن حلفائها في سايغون. "كانوا عبئاً،" قال والده. اليوم، شعر أحمد أن التاريخ يعيد نفسه في اليمن، حيث تترك أمريكا إسرائيل تواجه الصواريخ اليمنية وحدها. في تلك الليلة، عاد عامر إلى مكتبه في بروكسل. الشاشات لا تزال تُظهر الدخان في البحر الأحمر. كتب تقريراً آخر، لكنه عَلم أنه لن يُغير شيئاً. في برلين، كانت هيلة تقود مظاهرتها، وصوتها يتردد في الشوارع، يحمل رسالة الرفض. في اليمن، كان عبد الجبار يجهز صاروخاً جديداً، يكتب عليه: "من أجل عامر، من أجل أحمد، من أجل غزة." في غزة، كان عامر يواصل قتاله، وفي كييف، كانت هدية تكتب رسالتها إلى العالم. قصصهم تشابكت، مثل خيوط نسيج واحد، تحمل رسالة مشتركة: الناتو، بكل قوته الظاهرية، ينهار أمام إرادة الشعوب. البحر الأحمر، بأمواجه العاتية، كان يروي قصة صمود لا ينكسر، قصة شعوب ترفض أن تكون أداة في يد الإمبريالية.
الفصل الثالث : شيوخ الحرب (كييف، 2025)
في شوارع كييف المغطاة بالثلج، حيث كان البرد القارس يعض عظام الجنود المجندين حديثاً، كان أحمد، رجل في الستين من عمره، يقف في طابور التجنيد، يرتجف تحت معطفه الرث. بندقيته القديمة، التي بدت وكأنها صنعت في عصر آخر، كانت تثقل كاهله، وعيناه المتعبتان تحدقان في الأفق البعيد، حيث كانت أضواء المدينة الخافتة تكافح لاختراق الضباب. "لماذا أنا هنا؟" تساءل أحمد، وهو يتذكر أحفاده يلعبون في فناء منزله القديم، يضحكون ويصنعون رجال ثلج. صوت الضابط العسكري، الذي كان يصرخ بأوامر التجنيد، أعاده إلى الواقع القاسي. كان زيلينسكي، في خطوة يائسة، قد أمر بتجنيد الشيوخ لتعويض الخسائر المروعة في الجيش الأوكراني، التي تجاوزت 400 ألف جندي، بحسب تقارير سرية تسربت إلى الصحافة الغربية. الشباب، الذين كانوا يوماً يملأون الشوارع بحماس الثورة، رفضوا القتال، تاركين القائد وحيداً في قصره، يصرخ في مستشاريه: "أمريكا وعدتنا بالنصر!" لكن أحمد، الذي عاش عقوداً من الخيبات، عَلم أن تلك الوعود كانت كاذبة. عاد بذاكرته إلى عام 2014، عندما كان مدرس تاريخ في مدرسة صغيرة في ضواحي كييف. كان يقف أمام طلابه، يحكي عن ثورة الميدان، عن الأمل في الحرية والاستقلال. "كنا نحلم بمستقبل أفضل،" قال يومها، وهو يشير إلى صورة لميدان الاستقلال مزينة بالأعلام الأوكرانية. لكنه، بعد سنوات، رأى الحلم يتحول إلى كابوس. أمريكا، التي وعدت بالدعم، أرسلت أسلحة معطوبة، واستخدمت الفيتو في مجلس الأمن لإطالة أمد الحرب، مستنزفة أوكرانيا لتسويق أسلحتها وخدمة مصالح الطغمة المالية. أحمد تذكر تلك السنوات، عندما كان يزور المستشفيات الميدانية، يرى الجنود الشباب يموتون بسبب نقص المعدات الطبية، بينما كانت شاحنات الأسلحة الأمريكية تصل مليئة بالعتاد الذي لا يعمل. "لماذا نقاتل؟" سأل أحد الجنود يومها، وهو ينزف على سرير ميداني. أحمد لم يجد جواباً. اليوم، وهو يقف في طابور التجنيد، شعر أن السؤال نفسه يتردد في قلبه. قرر أحمد الهروب. "لن أموت من أجل أرباحهم،" همس لنفسه، وهو يرمي بندقيته في الثلج، يلتفت إلى الظلام ويهرب نحو قرية نائية، حيث كان يأمل أن يجد ملجأ. قصة أحمد انتقلت إلى ابنته هدية، التي كانت تجلس في غرفتها الصغيرة في كييف، تحدق في شاشة هاتفها. كانت هدية، في الثلاثين من عمرها، صحفية شابة كتبت عن الحرب منذ بدايتها. قرأت عن تجنيد الشيوخ، وعن يأس الجنود، وعن خسائر لا تُحصى. "لا يمكن أن نستمر هكذا،" قالت لنفسها، وهي تكتب رسالة إلى العالم: "لا نريد حربكم. نريد السلام." نشرت الرسالة عبر الإنترنت، وانتشرت بسرعة، وصلت إلى اليمن، حيث سمعتها هيلة، المهندسة اليمنية، وهي تعمل على صاروخ جديد في ورشة سرية تحت الأرض في صنعاء. "حتى الأوكرانيون يرفضون أن يكونوا وكلاء،" قالت هيلة لزملائها، وعيناها تلمعان بالتصميم. هيلة، التي كانت قد فقدت أخاها عامر في غارة أمريكية قبل سنوات، كانت تضع قلبها في كل صاروخ تصنعه. "هذا الصاروخ يحمل اسم عامر،" قالت ذات يوم لعبد الجبار، المقاتل اليمني، وهي تشير إلى صاروخ "طوفان" في الورشة. عبد الجبار، الذي كان يقود عمليات في البحر الأحمر، أومأ برأسه، وهو يفكر في رسالة وصلته من مقاتل فلسطيني يدعى عامر. "كل صاروخ تطلقونه يعطينا أملاً،" كتب عامر الفلسطيني. عبد الجبار، وهو يسمع عن رسالة هدية من أوكرانيا، شعر أن العالم بدأ يتشابك في مقاومة مشتركة. قصة هيلة انتقلت إلى أحمد، أخوها الصغير، الذي كان يجلس مع أصدقائه في قرية قرب الحديدة. "أختي هيلة تصنع الصواريخ التي تهز العالم،" قال بفخر، وهو يروي قصة الصاروخ الذي أصاب سفينة تجارية مرتبطة بإسرائيل. الأطفال استمعوا، وعيونهم تلمع بالأمل. فتاة صغيرة تدعى هدية، من القرية نفسها، قررت أن تصبح مهندسة مثل هيلة. "سأصنع صواريخ تحمل أسماء الشهداء،" قالت، وهي ترسم صاروخاً على ورقة قديمة. قصة هيلة انتقلت من قرية إلى أخرى، مثل نسيم البحر، تحمل بذور المقاومة. في إذاعة محلية في اليمن، قرأ مذيع قصة الصاروخ "طوفان"، وقال: "هذه ليست مجرد أسلحة، بل رسائل إلى العالم: اليمن لن يخضع." عبد الجبار، وهو يسمع الإذاعة، شعر أن صوته، وصوت هيلة، وصوت عامر الشهيد، بدأ يصل إلى العالم. في غزة، كان عامر، المقاتل الفلسطيني، يقود عملية ضد دبابة إسرائيلية. الصاروخ الذي أطلقه أصاب الهدف بدقة، وتردد صوت الانفجار في شوارع مخيم الشاطئ. عامر تذكر طفولته، عندما كان يلعب بين الأنقاض، ووالده يقول له: "سنحرر فلسطين يوماً." تلك الكلمات أصبحت دستور حياته. عندما سمع عن الصواريخ اليمنية التي تضرب السفن في البحر الأحمر، كتب رسالة إلى عبد الجبار: "أنتم أملنا." الرسالة وصلت إلى صنعاء، حيث قرأها أحمد، رفيق عبد الجبار، وشاركها مع المقاتلين حول النار. "حتى الفلسطينيون يرون صواريخنا،" قال أحمد، وهو يشعل غصناً جديداً لإبقاء النار مشتعلة. في بروكسل، كان الجنرال عامر يجلس في مكتبه، يراقب شاشات تُظهر الدخان يتصاعد من سفينة أخرى في البحر الأحمر. "نحن ننفق مليارات من أموال شعوبنا،" قال لزملائه، "لكننا لا نحمي أوروبا، بل مصالح واشنطن." تذكر عام 2003، عندما كان ضابطاً شاباً في برلين. "الناتو سيغير العالم،" قال قائده يومها. لكنه اليوم يرى الحلف كأداة لخدمة الطغمة المالية. كتب تقريراً سرياً: "نحن لا نحارب من أجل أوروبا، بل لأرباح واشنطن." لكن صوته، مثل صوت البحر، ضاع في ضجيج الدعاية. قصته انتقلت إلى برلين، حيث كانت هيلة، الطالبة الجامعية، تقرأ التقرير المسرب على هاتفها. كانت هيلة قد شهدت إغلاق مدرستها الثانوية بسبب تخفيضات الميزانية، بينما تخصص الحكومة الألمانية مليارات لدعم الناتو. "كيف يمكن أن نفقر بينما ننفق على حروب لا تخصنا؟" تساءلت، وهي تمشي في شوارع برلين الباردة. قررت تنظيم مظاهرة ضد تمويل الناتو. كتبت على لافتة: "أموالنا لمدارسنا، لا لحروب واشنطن." قصتها انتشرت بين الطلاب، ووصلت إلى قرية يمنية عبر إذاعة محلية. عبد الجبار، وهو يسمع عن مظاهرة هيلة، شعر أن العالم بدأ يصغي. في تل أبيب, كان عامر, شاب إسرائيلي في العشرين, يقف في غرفته الصغيرة, يمزق أمر استدعاء وصلته من جيش الاحتلال. "لن أقاتل لحكومة فاسدة," قال لأمه, التي كانت تبكي في الغرفة المجاورة. تذكر عام 2008, عندما كان طفلاً يشاهد القصف على غزة عبر شاشة التلفاز. "هذه حربنا من أجل البقاء," قالت والدته يومها. لكنه اليوم, بعد سنوات من رؤية الفساد والدمار, أدرك أنها حرب لخدمة مصالح أمريكا. قرر الانضمام إلى مظاهرة ضد نتنياهو في شوارع تل أبيب. قصته انتقلت إلى غزة, حيث سمعها أحمد, رجل عجوز يعيش في مخيم الشاطئ. كان أحمد يجلس مع أحفاده, يحكي لهم عن المقاومة. "حتى شباب إسرائيل يرفضون القتال," قال, وهو يشير إلى جدار مكتوب عليه: "من صنعاء إلى غزة, المقاومة واحدة." أحمد تذكر عام 1982, عندما كان شاباً يشهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي التي تمول هذا الدمار," قال له والده يومها. اليوم, كان أحمد يعلم أن التاريخ يكرر نفسه, لكنه شعر بالأمل وهو يسمع عن الصواريخ اليمنية. في بروكسل, كان عامر, المدون ذو الأصول الفلسطينية, يجلس في مقهى صغير, يحيط به مجموعة من الشباب الأوروبيين. "في فيتنام, قتلوا 280 ألف مدني في 11 يوماً," قال, وصوته يرتجف من الغضب. "في لاوس, ألقوا 2.7 مليون طن من المتفجرات. في فلسطين, يمولون القنابل التي تقتل أطفالنا." تذكر عام 1982, عندما كان طفلاً يشاهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي العدو الأول," قال للشباب. كلماته سُجلت على هاتف أحد الحاضرين, وانتشرت عبر الإنترنت, وصلت إلى غزة, حيث قرأها أحمد وحكاها لأحفاده. "أمريكا العدو, لكننا لن نستسلم," قال أحمد, وعيناه تلمعان بالتصميم. في واشنطن, كان الأدميرال أحمد يجلس في غرفة العمليات البحرية, يراقب شاشات تُظهر الهجوم اليمني. "لا يمكننا تحمل هذا الاستنزاف," قال لزملائه, وهو يرى الدخان يتصاعد من سفينة أخرى. تقرير سري وصل إلى مكتبه من مجلة Foreign Policy: "أمريكا تُفضل مصالحها على حلفائها." أحمد تذكر عام 1975, عندما كان طفلاً يسمع والده, ضابطاً سابقاً, يروي كيف تخلت أمريكا عن حلفائها في سايغون. "كانوا عبئاً," قال والده. اليوم, شعر أحمد أن التاريخ يعيد نفسه في اليمن, حيث تترك أمريكا إسرائيل تواجه الصواريخ اليمنية وحدها. في كييف, كانت هدية تواصل كتابة مقالاتها, تنشر قصص الجنود الذين يرفضون القتال, مثل والدها أحمد. كتبت عن الشيوخ الذين يُجبرون على حمل السلاح, وعن الشباب الذين يهربون إلى القرى النائية. "أوكرانيا ليست ساحة لعب لأمريكا," كتبت في مقال انتشر عبر العالم. وصل المقال إلى برلين, حيث قرأته هيلة, الطالبة الجامعية, واستخدمته في مظاهرتها ضد الناتو. "إذا كان الأوكرانيون يرفضون الحرب, فلماذا ندعمها نحن؟" سألت هيلة الحشود في برلين. صوتها وصل إلى اليمن, حيث سمعه عبد الجبار وهو يجهز صاروخاً جديداً. "العالم يتغير," قال عبد الجبار لأحمد, وهو يكتب على الصاروخ: "من أجل عامر, من أجل أحمد, من أجل غزة." في غزة, كان عامر يواصل قتاله, يطلق صواريخ على مواقع إسرائيلية. تذكر رسالة عبد الجبار: "كل صاروخ نطلقه هو من أجلكم." هذه الكلمات أعطته القوة ليواصل. في إحدى الليالي, كتب رسالة جديدة إلى عبد الجبار: "نحن هنا, نقاوم معكم." الرسالة وصلت إلى صنعاء, حيث قرأها أحمد وشاركها مع المقاتلين. "حتى الفلسطينيون يقاتلون معنا," قال أحمد, وهو يشعل ناراً للتدفئة. في تلك الليلة, عاد أحمد, الرجل العجوز, إلى قريته النائية في أوكرانيا. كان يجلس بجانب مدفأة صغيرة, يفكر في أحفاده. تذكر كلماته لطلابه في 2014: "الحرية هي أن نقرر مصيرنا." اليوم, شعر أنه اتخذ القرار الصحيح بالهروب. قصته انتقلت إلى هدية, التي كتبت عن والدها في مقال آخر: "أبي رفض أن يكون وقوداً لحرب أمريكا." المقال وصل إلى بروكسل, حيث قرأه عامر, المدون, وأضافه إلى حديثه في المقهى. "الشعوب ترفض أن تكون أدوات," قال للشباب. كلماته انتشرت, وصلت إلى غزة, حيث قرأها أحمد وحكاها لأحفاده. في اليمن, كانت هيلة تواصل عملها في الورشة, تصنع صواريخ جديدة. "كل صاروخ هو رسالة," قالت لزملائها. عبد الجبار, وهو يجهز الصاروخ التالي, شعر أن العالم بدأ يسمع. في كييف, كانت هدية تحلم بيوم يتوقف فيه صوت القنابل. في غزة, كان عامر يحلم بحرية فلسطين. في برلين, كانت هيلة تقود مظاهرتها, وفي بروكسل, كان عامر يكتب تقريراً آخر, يعلم أنه لن يُغير شيئاً, لكنه لم يستسلم. قصصهم تشابكت, مثل خيوط نسيج واحد, تحمل رسالة مشتركة: الشعوب, رغم البرد والحرب والخسائر, لن تخضع لإرادة الإمبريالية.
الفصل الرابع : جيش بلا شعب (تل أبيب، 2025)
في شوارع تل أبيب المزدحمة، حيث كانت الأضواء الاصطناعية تخفي الظلام الذي يعتمل في قلوب الكثيرين، كان عامر، شاب إسرائيلي في العشرين من عمره، يقف في غرفته الصغيرة، يمسك بورقة استدعاء عسكري ممزقة. "لن أقاتل لحكومة فاسدة," قال لأمه، التي كانت تبكي في الغرفة المجاورة، صوتها مكتوماً خلف الباب الخشبي الذي يفصل بينهما. كانت الأم، امرأة في الخمسين، تتشبث بفكرة أن الجيش هو درع الأمة، لكن عامر، الذي نشأ وهو يرى الدمار والفساد، لم يعد يؤمن بتلك الأسطورة. عيناه، اللتين شهدتا قصف غزة عبر شاشات التلفاز في طفولته، كانتا الآن مليئتين بالرفض. تذكر عام 2008، عندما كان في الثامنة من عمره، يجلس في غرفة المعيشة مع عائلته، يشاهدون الأخبار. "هذه حربنا من أجل البقاء," قالت أمه يومها، وهي تشير إلى صور الدبابات الإسرائيلية وهي تجتاح شوارع غزة. لكن عامر، حتى في تلك السن المبكرة، شعر بشيء غامض يعتصر قلبه. كان يسمع صوت الانفجارات عبر الشاشة، يرى الأطفال يركضون في الشوارع، ويتساءل: "لماذا نفعل هذا؟" اليوم، بعد سنوات من مشاهدة الفساد في حكومة نتنياهو، والخسائر البشرية في غزة، والاعتماد المتزايد على الدعم الأمريكي، أدرك عامر أن هذه ليست حرباً من أجل البقاء، بل حرباً لخدمة مصالح الطغمة المالية في واشنطن. قرر الانضمام إلى مظاهرة ضد نتنياهو في شوارع تل أبيب، حاملاً لافتة كتب عليها: "لن نكون وقوداً لحروب أمريكا." قصته انتقلت إلى غزة، حيث سمعها أحمد، رجل عجوز يعيش في مخيم الشاطئ. كان أحمد يجلس مع أحفاده تحت ضوء مصباح كيروسين خافت، يحكي لهم قصص المقاومة. "حتى شباب إسرائيل بدأوا يرفضون القتال," قال، وهو يشير إلى جدار مكتوب عليه بالطلاء الأحمر: "من صنعاء إلى غزة، المقاومة واحدة." أحمد تذكر عام 1982، عندما كان شاباً في العشرين، يشهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي التي تمول هذا الدمار," قال له والده يومها، وهو يشير إلى الطائرات التي تحمل علامات التصنيع الأمريكي. اليوم، في عام 2025، كان أحمد يعلم أن التاريخ يكرر نفسه، لكنه شعر بالأمل وهو يسمع عن الصواريخ اليمنية التي تضرب السفن في البحر الأحمر، وعن الشباب مثل عامر في تل أبيب الذين يرفضون القتال. في غزة، كان عامر، المقاتل الفلسطيني، يقود عملية ضد دبابة إسرائيلية في شوارع المخيم. الصاروخ الذي أطلقه أصاب الهدف بدقة، وتردد صوت الانفجار كصرخة انتصار في الشوارع المدمرة. عامر تذكر طفولته، عندما كان يلعب بين الأنقاض، ووالده يقول له: "سنحرر فلسطين يوماً." تلك الكلمات أصبحت دستور حياته. عندما سمع عن الصواريخ اليمنية التي أطلقها عبد الجبار في البحر الأحمر، كتب رسالة إليه: "كل صاروخ تطلقونه يعطينا أملاً. نحن هنا، نقاوم بنفس الإرادة." الرسالة وصلت إلى صنعاء، حيث قرأها أحمد، رفيق عبد الجبار، وشاركها مع المقاتلين حول نار صغيرة في ليلة باردة. "حتى الفلسطينيون يرون صواريخنا," قال أحمد، وهو يشعل غصناً جديداً لإبقاء النار مشتعلة. عبد الجبار، الذي كان يجهز صاروخاً جديداً، أومأ برأسه، وهو يفكر في هيلة، المهندسة اليمنية التي صممت صاروخ "طوفان". "كل صاروخ هو قصة," قالت هيلة له ذات يوم، وهي تعمل في ورشة سرية تحت الأرض. "هذا الصاروخ يحمل اسم عامر، أخي الذي استشهد في غارة أمريكية." عبد الجبار، وهو يكتب على الصاروخ: "من أجل عامر، من أجل أحمد، من أجل غزة," شعر أن قصص الشهداء تتجمع في هذه اللحظة، كأنها أمواج البحر الأحمر تتدفق نحو الأفق. قصة هيلة انتقلت إلى أحمد، أخوها الصغير، الذي كان يجلس مع أصدقائه في قرية قرب الحديدة. "أختي هيلة تصنع الصواريخ التي تهز العالم," قال بفخر، وهو يروي قصة الصاروخ الذي أصاب سفينة تجارية مرتبطة بإسرائيل. الأطفال استمعوا، وعيونهم تلمع بالأمل. فتاة صغيرة تدعى هدية، من القرية نفسها، قررت أن تصبح مهندسة مثل هيلة. "سأصنع صواريخ تحمل أسماء الشهداء," قالت، وهي ترسم صاروخاً على ورقة قديمة بقلم رصاص مكسور. قصة هيلة انتقلت من قرية إلى أخرى، مثل نسيم البحر، تحمل بذور المقاومة. في إذاعة محلية في اليمن، قرأ مذيع قصة الصاروخ "طوفان"، وقال: "هذه ليست مجرد أسلحة، بل رسائل إلى العالم: اليمن لن يخضع." عبد الجبار، وهو يسمع الإذاعة، شعر أن صوته، وصوت هيلة، وصوت عامر الشهيد، بدأ يصل إلى العالم. في كييف، كانت هدية، الصحفية الشابة، تجلس في غرفتها الصغيرة، تكتب مقالاً عن والدها أحمد، الذي رفض التجنيد وهرب إلى قرية نائية. "أبي رفض أن يكون وقوداً لحرب أمريكا," كتبت، وعيناها مليئتان بالدموع. مقالها انتشر عبر الإنترنت، وصل إلى برلين، حيث قرأته هيلة، الطالبة الجامعية، التي كانت تقود مظاهرة ضد تمويل الناتو. "إذا كان الأوكرانيون يرفضون الحرب، فلماذا ندعمها نحن؟" سألت هيلة الحشود في شوارع برلين، حيث كان الثلج يغطي الأرصفة كأنه يحاول إخفاء جروح المدينة. قصتها وصلت إلى اليمن، حيث سمعتها هيلة المهندسة، وهي تعمل على صاروخ جديد. "حتى في أوروبا، بدأوا يرفضون الناتو," قالت هيلة لزملائها في الورشة، وعيناها تلمعان بالأمل. في بروكسل، كان الجنرال عامر يجلس في مكتبه، يراقب شاشات تُظهر الدخان يتصاعد من سفينة أخرى في البحر الأحمر. "نحن ننفق مليارات من أموال شعوبنا," قال لزملائه، "لكننا لا نحمي أوروبا، بل مصالح واشنطن." تذكر عام 2003، عندما كان ضابطاً شاباً في برلين. "الناتو سيغير العالم," قال قائده يومها. لكنه اليوم يرى الحلف كأداة لخدمة الطغمة المالية. كتب تقريراً سرياً: "نحن لا نحارب من أجل أوروبا، بل لأرباح واشنطن." لكن صوته، مثل صوت البحر، ضاع في ضجيج الدعاية. قصته انتقلت إلى برلين، حيث قرأتها هيلة، الطالبة، على هاتفها. كانت هيلة قد شهدت إغلاق مدرستها الثانوية بسبب تخفيضات الميزانية، بينما تخصص الحكومة الألمانية مليارات لدعم الناتو. "كيف يمكن أن نفقر بينما ننفق على حروب لا تخصنا؟" تساءلت، وهي تمشي في شوارع برلين الباردة. لافتتها، التي كتب عليها: "أموالنا لمدارسنا، لا لحروب واشنطن," أصبحت رمزاً للمظاهرة التي قادتها. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يجلس في غرفة العمليات البحرية، يراقب شاشات تُظهر الهجوم اليمني. "لا يمكننا تحمل هذا الاستنزاف," قال لزملائه، وهو يرى الدخان يتصاعد من سفينة أخرى. تقرير سري وصل إلى مكتبه من مجلة Foreign Policy: "أمريكا تُفضل مصالحها على حلفائها." أحمد تذكر عام 1975، عندما كان طفلاً يسمع والده، ضابطاً سابقاً، يروي كيف تخلت أمريكا عن حلفائها في سايغون. "كانوا عبئاً," قال والده. اليوم، شعر أحمد أن التاريخ يعيد نفسه في اليمن، حيث تترك أمريكا إسرائيل تواجه الصواريخ اليمنية وحدها. في تل أبيب، كان نتنياهو يصرخ في مكتبه: "أين أمريكا؟" كان الجيش الإسرائيلي، الذي خسر عشرات الآلاف في غزة، يواجه أزمة غير مسبوقة. استدعوا عشرة آلاف جندي احتياطي، لكن ألفاً فقط استجابوا، بحسب تقرير نشره المحلل يوسي ميلمان. الشباب، مثل عامر، رفضوا القتال لحكومة تخدم مصالح أمريكا. في غزة، كان أحمد، الرجل العجوز، يحكي لأحفاده عن صمود المقاومة. "كل صاروخ يمني هو رسالة لنا," قال، وهو يشير إلى جدار المخيم. تذكر عام 2008، عندما فقد ابنه في قصف إسرائيلي. "لن أكره," قال يومها، "لكنني سأقاوم." اليوم، كان صوته يحمل نفس التصميم. قصته انتقلت إلى شباب المخيم، الذين كتبوا على الجدران: "من صنعاء إلى غزة، المقاومة واحدة." في اليمن، كانت هيلة تواصل عملها في الورشة، تصنع صواريخ جديدة. "كل صاروخ هو رسالة," قالت لزملائها. عبد الجبار، وهو يجهز الصاروخ التالي، شعر أن العالم بدأ يسمع. في كييف، كانت هدية تحلم بيوم يتوقف فيه صوت القنابل. في برلين، كانت هيلة تقود مظاهرتها، وفي بروكسل، كان عامر يكتب تقريراً آخر، يعلم أنه لن يُغير شيئاً، لكنه لم يستسلم. قصصهم تشابكت، مثل خيوط نسيج واحد، تحمل رسالة مشتركة: الشعوب، رغم الدمار والخسائر، لن تخضع لإرادة الإمبريالية. في تل أبيب، كان عامر يسير في المظاهرة، يحمل لافتته، ويردد مع الحشود: "لا للحرب، نعم للسلام." صوته، رغم ضعفه أمام جبروت الحكومة، كان يحمل أملاً بأن العالم يمكن أن يتغير. في غزة، كان عامر يواصل قتاله، وفي اليمن، كان عبد الجبار يطلق صاروخاً جديداً، وفي كييف، كانت هدية تكتب مقالاً آخر. قصصهم، مثل أمواج البحر الأحمر، استمرت في التدفق، تحمل رسالة الصمود والرفض، رسالة شعوب تكتب تاريخها بإرادتها.
الفصل الخامس : التخلي الأمريكي (واشنطن، 2025)
في غرفة العمليات البحرية في البنتاغون، حيث كانت الشاشات العملاقة تعرض صوراً لسفينة تشتعل في البحر الأحمر، كان الأدميرال أحمد يجلس على كرسي دوار، يحدق في الدخان الأسود الذي يتصاعد كأعمدة تحدي إلى السماء. صوته، عندما تحدث، كان ثقيلاً بالإحباط: "لا يمكننا تحمل هذا الاستنزاف." زملاؤه، ضباط البحرية بزيهم الأبيض الناصع، تبادلوا النظرات في صمت، كأن كل واحد منهم يعلم أن الحقيقة أقسى مما يمكن الاعتراف به. التقارير التي وصلت إلى مكتب أحمد، من مصادر مثل مجلة Foreign Policy ومركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن، كانت واضحة: "الأسطول الأمريكي يواجه تحديات غير مسبوقة في البحر الأحمر." الصواريخ اليمنية، التي أطلقها مقاتلون مثل عبد الجبار، كانت تضرب بدقة مذهلة، تعطل حركة الملاحة التجارية المرتبطة بإسرائيل، وتكبد الولايات المتحدة خسائر مالية وبشرية لم تكن متوقعة. أحمد، الذي قضى عقوداً في البحرية الأمريكية، شعر بثقل الهزيمة يضغط على كتفيه. كان يعلم أن أمريكا، التي طالما روجت لنفسها كقوة لا تُقهر، تترنح الآن أمام إرادة شعب يقاتل بأسلحة محلية الصنع. تذكر عام 1975، عندما كان طفلاً يجلس في غرفة المعيشة بمنزله في فرجينيا، يستمع إلى والده، ضابطاً سابقاً في حرب فيتنام، يروي قصصاً عن الانسحاب الأمريكي من سايغون. "كانوا عبئاً," قال والده، وهو يتحدث عن الحلفاء الذين تخلت عنهم أمريكا. "عندما تصبح المصالح مهددة، تترك واشنطن الجميع." تلك الكلمات، التي بدت لأحمد حينها مجرد حكايات عجوز، أصبحت اليوم واقعاً مريراً. في اليمن، كانت إسرائيل، الحليف الأقرب لواشنطن، تواجه وابل الصواريخ اليمنية وحدها، بينما تتراجع أمريكا عن تقديم الدعم الكافي. تقرير سري وصل إلى مكتب أحمد من البيت الأبيض: "إسرائيل أصبحت عبئاً استراتيجياً." أحمد، وهو يقرأ التقرير، شعر أن التاريخ يعيد نفسه، ليس فقط في فيتنام، بل في كل حرب خاضتها أمريكا من أجل مصالحها. في تلك اللحظة، انتقلت قصته إلى اليمن، حيث كان عبد الجبار يقف على قارب صغير في البحر الأحمر، يجهز صاروخاً جديداً من طراز "طوفان". كان عبد الجبار، ابن صياد فقير من الحديدة، قد تعلم من جده أن "البحر لا يخضع للغزاة." تلك الكلمات، التي سمعها في طفولته عام 2015 وهو يركض خلف والده على الشاطئ، أصبحت دستور حياته. "هذا الصاروخ ليس مجرد سلاح," قال عبد الجبار لرفيقه أحمد، وهو يكتب على الصاروخ: "من أجل عامر، من أجل أحمد، من أجل غزة." الصاروخ، الذي صممته هيلة، المهندسة اليمنية، كان يحمل اسم أخيها عامر، الذي استشهد في غارة أمريكية. "كل صاروخ هو قصة," قالت هيلة ذات يوم في ورشتها السرية تحت الأرض في صنعاء. عبد الجبار، وهو يطلق الصاروخ، شعر أن قصة عامر، وهيلة، وكل شهيد، تتردد في صوت الانفجار الذي هز السفينة التجارية. في غزة، كان عامر، المقاتل الفلسطيني، يقود عملية ضد دبابة إسرائيلية. الصاروخ الذي أطلقه أصاب الهدف بدقة، وتردد صوت الانفجار في شوارع مخيم الشاطئ. عامر تذكر طفولته، عندما كان يلعب بين الأنقاض، ووالده يقول له: "سنحرر فلسطين يوماً." تلك الكلمات أصبحت دستور حياته. عندما سمع عن الصواريخ اليمنية التي تضرب السفن في البحر الأحمر، كتب رسالة إلى عبد الجبار: "كل صاروخ تطلقونه يعطينا أملاً." الرسالة وصلت إلى صنعاء، حيث قرأها أحمد، رفيق عبد الجبار، وشاركها مع المقاتلين حول نار صغيرة في ليلة باردة. "حتى الفلسطينيون يرون صواريخنا," قال أحمد، وهو يشعل غصناً جديداً لإبقاء النار مشتعلة. قصة هيلة، المهندسة، انتقلت إلى أحمد، أخوها الصغير، الذي كان يجلس مع أصدقائه في قرية قرب الحديدة. "أختي هيلة تصنع الصواريخ التي تهز العالم," قال بفخر، وهو يروي قصة الصاروخ الذي أصاب سفينة تجارية. الأطفال استمعوا، وعيونهم تلمع بالأمل. فتاة صغيرة تدعى هدية، من القرية نفسها، قررت أن تصبح مهندسة مثل هيلة. "سأصنع صواريخ تحمل أسماء الشهداء," قالت، وهي ترسم صاروخاً على ورقة قديمة بقلم رصاص مكسور. قصة هيلة انتقلت من قرية إلى أخرى، مثل نسيم البحر، تحمل بذور المقاومة. في إذاعة محلية في اليمن، قرأ مذيع قصة الصاروخ "طوفان"، وقال: "هذه ليست مجرد أسلحة، بل رسائل إلى العالم: اليمن لن يخضع." عبد الجبار، وهو يسمع الإذاعة، شعر أن صوته، وصوت هيلة، وصوت عامر الشهيد، بدأ يصل إلى العالم. في برلين، كانت هيلة، الطالبة الجامعية، تقود مظاهرة ضد تمويل الناتو. كانت قد قرأت تقريراً مسرباً من الجنرال عامر في بروكسل، الذي كتب: "نحن لا نحارب من أجل أوروبا، بل لأرباح واشنطن." هيلة، التي شهدت إغلاق مدرستها الثانوية بسبب تخفيضات الميزانية، كتبت على لافتتها: "أموالنا لمدارسنا، لا لحروب واشنطن." قصتها انتشرت بين الطلاب، ووصلت إلى قرية يمنية عبر إذاعة محلية. عبد الجبار، وهو يسمع عن مظاهرة هيلة، شعر أن العالم بدأ يصغي. في كييف، كانت هدية، الصحفية الشابة، تكتب مقالاً عن والدها أحمد، الذي رفض التجنيد وهرب إلى قرية نائية. "أبي رفض أن يكون وقوداً لحرب أمريكا," كتبت، وعيناها مليئتان بالدموع. مقالها انتشر عبر الإنترنت، وصل إلى برلين، حيث قرأته هيلة، الطالبة، واستخدمته في مظاهرتها. "إذا كان الأوكرانيون يرفضون الحرب، فلماذا ندعمها نحن؟" سألت هيلة الحشود في شوارع برلين. صوتها وصل إلى اليمن، حيث سمعه عبد الجبار وهو يجهز صاروخاً جديداً. في تل أبيب، كان عامر، الشاب الإسرائيلي، يسير في مظاهرة ضد نتنياهو. "لن أقاتل لحكومة فاسدة," قال، وهو يحمل لافتة كتب عليها: "لن نكون وقوداً لحروب أمريكا." تذكر عام 2008، عندما كان طفلاً يشاهد القصف على غزة. "هذه حربنا من أجل البقاء," قالت والدته يومها. لكنه اليوم أدرك أنها حرب لخدمة مصالح أمريكا. قصته انتقلت إلى غزة، حيث سمعها أحمد، الرجل العجوز في مخيم الشاطئ. "حتى شباب إسرائيل يرفضون القتال," قال أحمد لأحفاده، وهو يشير إلى جدار مكتوب عليه: "من صنعاء إلى غزة، المقاومة واحدة." أحمد تذكر عام 1982، عندما كان شاباً يشهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي التي تمول هذا الدمار," قال له والده يومها. اليوم، كان أحمد يعلم أن التاريخ يكرر نفسه، لكنه شعر بالأمل وهو يسمع عن الصواريخ اليمنية. في بروكسل، كان عامر، المدون ذو الأصول الفلسطينية، يجلس في مقهى صغير، يحيط به شباب أوروبيون. "في فيتنام، قتلوا 280 ألف مدني في 11 يوماً," قال، وصوته يرتجف من الغضب. "في لاوس، ألقوا 2.7 مليون طن من المتفجرات. في فلسطين، يمولون القنابل التي تقتل أطفالنا." تذكر عام 1982، عندما كان طفلاً يشاهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي العدو الأول," قال للشباب. كلماته سُجلت وانتشرت عبر الإنترنت، وصلت إلى غزة، حيث قرأها أحمد وحكاها لأحفاده. "أمريكا العدو، لكننا لن نستسلم," قال أحمد، وعيناه تلمعان بالتصميم. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يواصل مراقبة الشاشات. التقارير كانت تتراكم: خسائر مالية بالمليارات، سفن تجارية تغير مساراتها، وإسرائيل تتخبط تحت وابل الصواريخ اليمنية. "نحن نتراجع," قال أحمد لزملائه، وهو يشعر بثقل الهزيمة. تذكر ليلة في عام 2003، عندما كان ضابطاً شاباً في غزو العراق. "سننشر الديمقراطية," قال قائده يومها. لكن أحمد رأى الحقيقة: ملايين القتلى، وشركات أمريكية تجني الأرباح من الدمار. اليوم، في اليمن، شعر أن التاريخ يعيد نفسه. في اليمن، كان عبد الجبار يجهز صاروخاً آخر. "من أجل عامر، من أجل أحمد، من أجل غزة," كتب على الصاروخ، وهو يفكر في رسالة عامر الفلسطيني. الصاروخ، الذي صممته هيلة، أُطلق وأصاب سفينة عسكرية، مما أدى إلى توقف حركة الملاحة في المنطقة. تقارير غربية، مثل تلك التي نشرها دونغ ليانغ، وصفت العمليات اليمنية بأنها "استراتيجية مقاومة مدروسة." لكن بالنسبة لعبد الجبار، لم تكن هذه مجرد استراتيجية، بل صرخة من أجل كرامة شعبه. في كييف، كانت هدية تواصل كتابة مقالاتها. "أوكرانيا ليست ساحة لعب لأمريكا," كتبت، وهي تفكر في والدها أحمد، الذي هرب من التجنيد. مقالها وصل إلى بروكسل، حيث قرأه عامر، المدون، وأضافه إلى حديثه في المقهى. "الشعوب ترفض أن تكون أدوات," قال للشباب. في برلين، كانت هيلة، الطالبة، تقود مظاهرتها، وصوتها يتردد في الشوارع. في غزة، كان عامر يواصل قتاله، وفي اليمن، كان عبد الجبار يطلق صواريخ جديدة. قصصهم تشابكت، مثل أمواج البحر الأحمر، تحمل رسالة واحدة: الإمبريالية، بكل قوتها الظاهرية، تنهار أمام إرادة الشعوب. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يغادر غرفة العمليات، يفكر في تقاعده. "ربما حان الوقت للاعتراف بالهزيمة," قال لنفسه، وهو ينظر إلى صورة قديمة لوالده على مكتبه. في اليمن، كان عبد الجبار ينظر إلى الأفق، يرى الدخان يتصاعد من سفينة أخرى، ويشعر أن جده يبتسم من بعيد. قصصهم، مثل خيوط نسيج واحد، استمرت في التدفق، تحمل رسالة الصمود والرفض، رسالة شعوب تكتب تاريخها بإرادتها.
الفصل السادس : رسائل الصواريخ (البحر الأحمر، 2025)
في شوارع غزة المغبرة، حيث كانت الأنقاض تروي قصص عقود من الصمود، كان عامر، المقاتل الفلسطيني، يقف في زقاق ضيق، يمسك بصاروخ بدائي الصنع، عيناه مثبتتان على دبابة إسرائيلية تتحرك ببطء عبر الركام. الهواء كان ثقيلاً برائحة البارود والغبار، والصمت الذي يسبق الانفجار كان يعم المنطقة. عامر، في الثلاثين من عمره، كان قد فقد والده في انتفاضة 2000، وأخاه في قصف عام 2008، ومع ذلك لم يفقد الأمل. "سنحرر فلسطين يوماً," قال له والده ذات ليلة، وهو يشير إلى خريطة قديمة لفلسطين معلقة على جدار بيتهم المتهالك في مخيم الشاطئ. تلك الكلمات، التي كانت تتردد في ذهنه كلما أمسك بسلاح، أصبحت شعلة لا تنطفئ في قلبه. عندما أطلق الصاروخ، أصاب الدبابة بدقة، وهز الانفجار الزقاق، مرسلاً موجات من الغبار إلى السماء. صوت الانفجار كان رسالة، ليس فقط إلى الجنود الإسرائيليين، بل إلى العالم: المقاومة الفلسطينية لن تستسلم. عامر تذكر رسالة وصلته من عبد الجبار، المقاتل اليمني، قبل أيام: "كل صاروخ نطلقه في البحر الأحمر هو من أجلكم." تلك الكلمات أعطته قوة إضافية، كأن البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط متصلان بروح واحدة. كتب عامر رسالة رد إلى عبد الجبار: "نحن هنا، نقاوم معكم." الرسالة وصلت إلى صنعاء، حيث قرأها أحمد، رفيق عبد الجبار، وشاركها مع المقاتلين حول نار صغيرة في ليلة باردة. "حتى الفلسطينيون يقاتلون معنا," قال أحمد، وهو يشعل غصناً جديداً لإبقاء النار مشتعلة. في اليمن، كان عبد الجبار يقف على شاطئ الحديدة، يراقب الأفق حيث كانت سفينة تجارية أخرى تشتعل بعد إصابتها بصاروخ "طوفان". الصاروخ، الذي صممته هيلة، المهندسة اليمنية، كان يحمل اسم أخيها عامر، الذي استشهد في غارة أمريكية. "كل صاروخ هو قصة," قالت هيلة ذات يوم في ورشتها السرية تحت الأرض. عبد الجبار، وهو يكتب على الصاروخ التالي: "من أجل عامر، من أجل أحمد، من أجل غزة," شعر أن قصص الشهداء تتجمع في هذه اللحظة، كأنها أمواج البحر تتدفق نحو الأفق. تذكر عبد الجبار طفولته في عام 2015، عندما كان يركض خلف والده على الشاطئ، يحمل شبكة صيد ممزقة. "البحر لا يخضع للغزاة," قال جده يومها، وهو يشير إلى السفن الحربية السعودية في الأفق. تلك الكلمات، التي بدت له حينها مجرد حكايات عجوز، أصبحت اليوم دستور حياته. الصواريخ التي أطلقها عبد الجبار، بمساعدة هيلة، كانت تحمل أسماء الشهداء، وكل إطلاق كان صرخة من أجل كرامة شعبه. قصة هيلة انتقلت إلى أحمد، أخوها الصغير، الذي كان يجلس مع أصدقائه في قرية قرب الحديدة. "أختي هيلة تصنع الصواريخ التي تهز العالم," قال بفخر، وهو يروي قصة الصاروخ الذي أصاب سفينة تجارية. الأطفال استمعوا، وعيونهم تلمع بالأمل. فتاة صغيرة تدعى هدية، من القرية نفسها، قررت أن تصبح مهندسة مثل هيلة. "سأصنع صواريخ تحمل أسماء الشهداء," قالت، وهي ترسم صاروخاً على ورقة قديمة بقلم رصاص مكسور. قصة هيلة انتقلت من قرية إلى أخرى، مثل نسيم البحر، تحمل بذور المقاومة. في إذاعة محلية في اليمن، قرأ مذيع قصة الصاروخ "طوفان"، وقال: "هذه ليست مجرد أسلحة، بل رسائل إلى العالم: اليمن لن يخضع." عبد الجبار، وهو يسمع الإذاعة، شعر أن صوته، وصوت هيلة، وصوت عامر الشهيد، بدأ يصل إلى العالم. في برلين، كانت هيلة، الطالبة الجامعية، تقود مظاهرة ضد تمويل الناتو. كانت قد قرأت تقريراً مسرباً من الجنرال عامر في بروكسل، الذي كتب: "نحن لا نحارب من أجل أوروبا، بل لأرباح واشنطن." هيلة، التي شهدت إغلاق مدرستها الثانوية بسبب تخفيضات الميزانية، كتبت على لافتتها: "أموالنا لمدارسنا، لا لحروب واشنطن." قصتها انتشرت بين الطلاب، ووصلت إلى قرية يمنية عبر إذاعة محلية. عبد الجبار، وهو يسمع عن مظاهرة هيلة، شعر أن العالم بدأ يصغي. في كييف، كانت هدية، الصحفية الشابة، تكتب مقالاً عن والدها أحمد، الذي رفض التجنيد وهرب إلى قرية نائية. "أبي رفض أن يكون وقوداً لحرب أمريكا," كتبت، وعيناها مليئتان بالدموع. مقالها انتشر عبر الإنترنت، وصل إلى برلين، حيث قرأته هيلة، الطالبة، واستخدمته في مظاهرتها. "إذا كان الأوكرانيون يرفضون الحرب، فلماذا ندعمها نحن؟" سألت هيلة الحشود في شوارع برلين. صوتها وصل إلى اليمن، حيث سمعه عبد الجبار وهو يجهز صاروخاً جديداً. في تل أبيب، كان عامر، الشاب الإسرائيلي، يسير في مظاهرة ضد نتنياهو. "لن أقاتل لحكومة فاسدة," قال، وهو يحمل لافتة كتب عليها: "لن نكون وقوداً لحروب أمريكا." تذكر عام 2008، عندما كان طفلاً يشاهد القصف على غزة. "هذه حربنا من أجل البقاء," قالت والدته يومها. لكنه اليوم أدرك أنها حرب لخدمة مصالح أمريكا. قصته انتقلت إلى غزة، حيث سمعها أحمد، الرجل العجوز في مخيم الشاطئ. "حتى شباب إسرائيل يرفضون القتال," قال أحمد لأحفاده، وهو يشير إلى جدار مكتوب عليه: "من صنعاء إلى غزة، المقاومة واحدة." أحمد تذكر عام 1982، عندما كان شاباً يشهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي التي تمول هذا الدمار," قال له والده يومها. اليوم، كان أحمد يعلم أن التاريخ يكرر نفسه، لكنه شعر بالأمل وهو يسمع عن الصواريخ اليمنية. في بروكسل، كان عامر، المدون ذو الأصول الفلسطينية، يجلس في مقهى صغير، يحيط به شباب أوروبيون. "في فيتنام، قتلوا 280 ألف مدني في 11 يوماً," قال، وصوته يرتجف من الغضب. "في لاوس، ألقوا 2.7 مليون طن من المتفجرات. في فلسطين، يمولون القنابل التي تقتل أطفالنا." تذكر عام 1982، عندما كان طفلاً يشاهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي العدو الأول," قال للشباب. كلماته سُجلت وانتشرت عبر الإنترنت، وصلت إلى غزة، حيث قرأها أحمد وحكاها لأحفاده. "أمريكا العدو، لكننا لن نستسلم," قال أحمد، وعيناه تلمعان بالتصميم. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يجلس في غرفة العمليات البحرية، يراقب شاشات تُظهر الهجوم اليمني. "لا يمكننا تحمل هذا الاستنزاف," قال لزملائه، وهو يرى الدخان يتصاعد من سفينة أخرى. تقرير سري وصل إلى مكتبه: "أمريكا تُفضل مصالحها على حلفائها." أحمد تذكر عام 1975، عندما كان طفلاً يسمع والده يروي كيف تخلت أمريكا عن حلفائها في سايغون. "كانوا عبئاً," قال والده. اليوم، شعر أحمد أن التاريخ يعيد نفسه في اليمن، حيث تترك أمريكا إسرائيل تواجه الصواريخ اليمنية وحدها. في تل أبيب، كان نتنياهو يصرخ في مكتبه: "أين أمريكا؟" الجيش الإسرائيلي، الذي خسر عشرات الآلاف في غزة، كان يواجه أزمة غير مسبوقة. استدعوا عشرة آلاف جندي احتياطي، لكن ألفاً فقط استجابوا. الشباب، مثل عامر، رفضوا القتال لحكومة تخدم مصالح أمريكا. في غزة، كان أحمد يحكي لأحفاده عن صمود المقاومة. "كل صاروخ يمني هو رسالة لنا," قال، وهو يشير إلى جدار المخيم. تذكر عام 2008، عندما فقد ابنه في قصف إسرائيلي. "لن أكره," قال يومها، "لكنني سأقاوم." اليوم، كان صوته يحمل نفس التصميم. قصته انتقلت إلى شباب المخيم، الذين كتبوا على الجدران: "من صنعاء إلى غزة، المقاومة واحدة." في اليمن، كانت هيلة تواصل عملها في الورشة، تصنع صواريخ جديدة. "كل صاروخ هو رسالة," قالت لزملائها. عبد الجبار، وهو يجهز الصاروخ التالي، شعر أن العالم بدأ يسمع. في كييف، كانت هدية تكتب مقالاً آخر عن والدها أحمد. "أوكرانيا ليست ساحة لعب لأمريكا," كتبت. مقالها وصل إلى بروكسل، حيث قرأه عامر، المدون، وأضافه إلى حديثه في المقهى. "الشعوب ترفض أن تكون أدوات," قال للشباب. في برلين، كانت هيلة، الطالبة، تقود مظاهرتها، وصوتها يتردد في الشوارع. في غزة، كان عامر يواصل قتاله، وفي اليمن، كان عبد الجبار يطلق صواريخ جديدة. قصصهم تشابكت، مثل أمواج البحر الأحمر، تحمل رسالة واحدة: الإمبريالية، بكل قوتها الظاهرية، تنهار أمام إرادة الشعوب. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يغادر غرفة العمليات، يفكر في تقاعده. "ربما حان الوقت للاعتراف بالهزيمة," قال لنفسه، وهو ينظر إلى صورة قديمة لوالده على مكتبه. في اليمن، كان عبد الجبار ينظر إلى الأفق، يرى الدخان يتصاعد من سفينة أخرى، ويشعر أن جده يبتسم من بعيد. في غزة، كان عامر يحمل صاروخاً جديداً، يفكر في رسالة عبد الجبار. في كييف، كانت هدية تحلم بيوم يتوقف فيه صوت القنابل. في برلين، كانت هيلة تقود مظاهرتها، وفي بروكسل، كان عامر يكتب تقريراً آخر، يعلم أنه لن يُغير شيئاً، لكنه لم يستسلم. قصصهم، مثل خيوط نسيج واحد، استمرت في التدفق، تحمل رسالة الصمود والرفض، رسالة شعوب تكتب تاريخها بإرادتها، من غزة إلى صنعاء، من كييف إلى برلين، في مواجهة إمبريالية تتهاوى تحت وطأة إرادتهم.
الفصل السابع : ذاكرة الجريمة (بروكسل، 2025)
في قرية صغيرة قرب الحديدة، حيث كان البحر الأحمر يهمس بأسراره للرياح، كان عبد الجبار يجلس تحت شجرة نخيل متعبة، يراقب الأفق حيث تتلاشى أضواء سفينة تجارية أصيبت بصاروخ "طوفان" قبل ساعات. النار التي أشعلها مع رفاقه لا تزال مشتعلة، ترمي بظلالها على وجوه المقاتلين الذين تجمعوا حولها. عبد الجبار، ابن صياد فقير، كان يحمل في قلبه إرادة صلبة كالصخور التي تحيط بالميناء. "البحر لا يخضع للغزاة," قال جده ذات يوم في عام 2015، وهو يشير إلى السفن الحربية السعودية التي كانت تتربص في الأفق. تلك الكلمات، التي بدت لعبد الجبار حينها مجرد حكايات عجوز، أصبحت اليوم شعلة لا تنطفئ. الصاروخ الذي أطلقه الليلة، والذي صممته هيلة، المهندسة اليمنية، كان يحمل اسم أخيها عامر، الذي استشهد في غارة أمريكية. "كل صاروخ هو قصة," قالت هيلة له ذات يوم في ورشتها السرية تحت الأرض في صنعاء. عبد الجبار، وهو ينظر إلى الدخان البعيد، شعر أن قصة عامر، وهيلة، وكل شهيد، تتردد في صوت الانفجار الذي هز السفينة. أحمد، رفيقه، جلس بجانبه، يمسك بجهاز تحكم بدائي الصنع لطائرة مسيرة. "حتى الفلسطينيون يرون صواريخنا," قال أحمد، وهو يشارك رسالة وصلته من عامر، المقاتل الفلسطيني في غزة. الرسالة كانت بسيطة: "كل صاروخ تطلقونه يعطينا أملاً." عبد الجبار أومأ برأسه، وهو يفكر في الرسالة التي كتبها على الصاروخ: "من أجل عامر، من أجل أحمد، من أجل غزة." في تلك اللحظة، انتقلت قصتهم إلى غزة، حيث كان عامر يقف في زقاق ضيق، يمسك بصاروخ بدائي الصنع، يراقب دبابة إسرائيلية تتحرك ببطء عبر الأنقاض. الهواء كان ثقيلاً برائحة البارود، والصمت الذي يسبق الانفجار كان يعم المنطقة. عامر، الذي فقد والده في انتفاضة 2000 وأخاه في قصف 2008، كان يحمل في قلبه نفس الإرادة التي يحملها عبد الجبار. "سنحرر فلسطين يوماً," قال له والده ذات ليلة، وهو يشير إلى خريطة فلسطين القديمة. عندما أطلق الصاروخ، أصاب الدبابة بدقة، وهز الانفجار الزقاق، مرسلاً موجات من الغبار إلى السماء. صوت الانفجار كان رسالة إلى العالم: المقاومة الفلسطينية لن تستسلم. عامر تذكر رسالة عبد الجبار: "كل صاروخ نطلقه هو من أجلكم." كتب ردًا: "نحن هنا، نقاوم معكم." الرسالة وصلت إلى صنعاء، حيث قرأها أحمد وشاركها مع المقاتلين. في قرية قرب الحديدة، كان أحمد، الأخ الصغير لهيلة، يجلس مع أصدقائه، يروي قصة أخته البطلة. "هيلة تصنع الصواريخ التي تهز العالم," قال بفخر. الأطفال استمعوا، وعيونهم تلمع بالأمل. فتاة صغيرة تدعى هدية، من القرية نفسها، قررت أن تصبح مهندسة مثل هيلة. "سأصنع صواريخ تحمل أسماء الشهداء," قالت، وهي ترسم صاروخاً على ورقة قديمة. قصة هيلة انتقلت من قرية إلى أخرى، مثل نسيم البحر، تحمل بذور المقاومة. في إذاعة محلية، قرأ مذيع قصة الصاروخ "طوفان"، وقال: "هذه ليست مجرد أسلحة، بل رسائل إلى العالم: اليمن لن يخضع." عبد الجبار، وهو يسمع الإذاعة، شعر أن صوته، وصوت هيلة، وصوت عامر الشهيد، بدأ يصل إلى العالم. في برلين، كانت هيلة، الطالبة الجامعية، تقود مظاهرة ضد تمويل الناتو. كانت قد قرأت تقريراً مسرباً من الجنرال عامر في بروكسل، الذي كتب: "نحن لا نحارب من أجل أوروبا، بل لأرباح واشنطن." هيلة، التي شهدت إغلاق مدرستها الثانوية بسبب تخفيضات الميزانية، كتبت على لافتتها: "أموالنا لمدارسنا، لا لحروب واشنطن." قصتها انتشرت بين الطلاب، ووصلت إلى قرية يمنية عبر إذاعة محلية. عبد الجبار، وهو يسمع عن مظاهرة هيلة، شعر أن العالم بدأ يصغي. في كييف، كانت هدية، الصحفية الشابة، تكتب مقالاً عن والدها أحمد، الذي رفض التجنيد وهرب إلى قرية نائية. "أبي رفض أن يكون وقوداً لحرب أمريكا," كتبت، وعيناها مليئتان بالدموع. مقالها انتشر عبر الإنترنت، وصل إلى برلين، حيث قرأته هيلة، الطالبة، واستخدمته في مظاهرتها. "إذا كان الأوكرانيون يرفضون الحرب، فلماذا ندعمها نحن؟" سألت هيلة الحشود في شوارع برلين. صوتها وصل إلى اليمن، حيث سمعه عبد الجبار وهو يجهز صاروخاً جديداً. في تل أبيب، كان عامر، الشاب الإسرائيلي، يسير في مظاهرة ضد نتنياهو. "لن أقاتل لحكومة فاسدة," قال، وهو يحمل لافتة كتب عليها: "لن نكون وقوداً لحروب أمريكا." تذكر عام 2008، عندما كان طفلاً يشاهد القصف على غزة. "هذه حربنا من أجل البقاء," قالت والدته يومها. لكنه اليوم أدرك أنها حرب لخدمة مصالح أمريكا. قصته انتقلت إلى غزة، حيث سمعها أحمد، الرجل العجوز في مخيم الشاطئ. "حتى شباب إسرائيل يرفضون القتال," قال أحمد لأحفاده، وهو يشير إلى جدار مكتوب عليه: "من صنعاء إلى غزة، المقاومة واحدة." أحمد تذكر عام 1982، عندما كان شاباً يشهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي التي تمول هذا الدمار," قال له والده يومها. اليوم، كان أحمد يعلم أن التاريخ يكرر نفسه، لكنه شعر بالأمل وهو يسمع عن الصواريخ اليمنية. في بروكسل، كان عامر، المدون ذو الأصول الفلسطينية، يجلس في مقهى صغير، يحيط به شباب أوروبيون. "في فيتنام، قتلوا 280 ألف مدني في 11 يوماً," قال، وصوته يرتجف من الغضب. "في لاوس، ألقوا 2.7 مليون طن من المتفجرات. في فلسطين، يمولون القنابل التي تقتل أطفالنا." تذكر عام 1982، عندما كان طفلاً يشاهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي العدو الأول," قال للشباب. كلماته سُجلت وانتشرت عبر الإنترنت، وصلت إلى غزة، حيث قرأها أحمد وحكاها لأحفاده. "أمريكا العدو، لكننا لن نستسلم," قال أحمد، وعيناه تلمعان بالتصميم. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يجلس في غرفة العمليات البحرية، يراقب شاشات تُظهر الهجوم اليمني. "لا يمكننا تحمل هذا الاستنزاف," قال لزملائه، وهو يرى الدخان يتصاعد من سفينة أخرى. تقرير سري وصل إلى مكتبه: "أمريكا تُفضل مصالحها على حلفائها." أحمد تذكر عام 1975، عندما كان طفلاً يسمع والده يروي كيف تخلت أمريكا عن حلفائها في سايغون. "كانوا عبئاً," قال والده. اليوم، شعر أحمد أن التاريخ يعيد نفسه في اليمن، حيث تترك أمريكا إسرائيل تواجه الصواريخ اليمنية وحدها. في تل أبيب، كان نتنياهو يصرخ في مكتبه: "أين أمريكا؟" الجيش الإسرائيلي، الذي خسر عشرات الآلاف في غزة، كان يواجه أزمة غير مسبوقة. استدعوا عشرة آلاف جندي احتياطي، لكن ألفاً فقط استجابوا. الشباب، مثل عامر، رفضوا القتال لحكومة تخدم مصالح أمريكا. في غزة، كان أحمد يحكي لأحفاده عن صمود المقاومة. "كل صاروخ يمني هو رسالة لنا," قال، وهو يشير إلى جدار المخيم. تذكر عام 2008، عندما فقد ابنه في قصف إسرائيلي. "لن أكره," قال يومها، "لكنني سأقاوم." اليوم، كان صوته يحمل نفس التصميم. قصته انتقلت إلى شباب المخيم، الذين كتبوا على الجدران: "من صنعاء إلى غزة، المقاومة واحدة." في اليمن، كانت هيلة تواصل عملها في الورشة، تصنع صواريخ جديدة. "كل صاروخ هو رسالة," قالت لزملائها. عبد الجبار، وهو يجهز الصاروخ التالي، شعر أن العالم بدأ يسمع. في كييف، كانت هدية تكتب مقالاً آخر عن والدها أحمد. "أوكرانيا ليست ساحة لعب لأمريكا," كتبت. مقالها وصل إلى بروكسل، حيث قرأه عامر، المدون، وأضافه إلى حديثه في المقهى. "الشعوب ترفض أن تكون أدوات," قال للشباب. في برلين، كانت هيلة، الطالبة، تقود مظاهرتها، وصوتها يتردد في الشوارع. في غزة، كان عامر يواصل قتاله، وفي اليمن، كان عبد الجبار يطلق صواريخ جديدة. قصصهم تشابكت، مثل أمواج البحر الأحمر، تحمل رسالة واحدة: الإمبريالية، بكل قوتها الظاهرية، تنهار أمام إرادة الشعوب. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يغادر غرفة العمليات، يفكر في تقاعده. "ربما حان الوقت للاعتراف بالهزيمة," قال لنفسه، وهو ينظر إلى صورة قديمة لوالده على مكتبه. في اليمن، كان عبد الجبار ينظر إلى الأفق، يرى الدخان يتصاعد من سفينة أخرى، ويشعر أن جده يبتسم من بعيد. في غزة، كان عامر يحمل صاروخاً جديداً، يفكر في رسالة عبد الجبار. في كييف، كانت هدية تحلم بيوم يتوقف فيه صوت القنابل. في برلين، كانت هيلة تقود مظاهرتها، وفي بروكسل، كان عامر يكتب تقريراً آخر، يعلم أنه لن يُغير شيئاً، لكنه لم يستسلم. قصصهم، مثل خيوط نسيج واحد، استمرت في التدفق، تحمل رسالة الصمود والرفض، رسالة شعوب تكتب تاريخها بإرادتها، من غزة إلى صنعاء، من كييف إلى برلين، في مواجهة إمبريالية تتهاوى تحت وطأة إرادتهم.
الفصل الثامن : انهيار الوكلاء (غزة وكييف، 2025)
في قلب بروكسل، حيث كانت الثريات الكريستالية في قاعة اجتماعات الناتو تلمع كأنها تحاكي سماء خالية من الهموم، كان الجنرال عامر يجلس على كرسي جلدي أسود، يحدق في شاشة عملاقة تعرض صوراً لسفينة أخرى تشتعل في البحر الأحمر. الدخان الأسود كان يتصاعد كأعمدة تحدي، والأمواج تتلاطم حول السفينة كأنها تحتفل بانتصار المقاومة اليمنية. "كيف يمكن لهؤلاء المقاتلين بأسلحتهم البدائية أن يتحدوا أساطيلنا؟" صرخ عامر، صوته يرتجف من مزيج الغضب والعجز، لكن زملاؤه، ضباط الناتو بزيهم العسكري المزين بالنياشين اللامعة، تبادلوا النظرات في صمت، كأن كل واحد منهم يخفي سراً لا يجرؤ على البوحه. عامر، الذي قضى ثلاثين عاماً في خدمة الحلف، شعر بثقل الحقيقة يضغط على صدره كحجر ضخم. كان يعلم أن الناتو، الذي يُفترض أنه يحمي أمن أوروبا، لم يكن سوى أداة في يد الطغمة المالية الأمريكية، ينفق مليارات من أموال الشعوب الأوروبية لخوض حروب لا تخدم إلا مصالح واشنطن. الشاشة أمامه استمرت في عرض مشاهد الدمار: سفينة أخرى تترنح تحت وطأة صاروخ "طوفان" اليمني، وتقارير عسكرية أمريكية تؤكد فشل أنظمة الدفاع مثل "باتريوت" في اعتراض الصواريخ. كتب عامر تقريراً سرياً إلى القيادة: "نحن لا نحارب من أجل أوروبا، بل لأرباح واشنطن." لكنه عَلم أن تقريره سيُدفن في أدراج البيروقراطية، كما دُفنت آماله في شبابه. عاد بذاكرته إلى برلين عام 2003، عندما كان ضابطاً شاباً مليئاً بالحماس، يجلس في غرفة اجتماعات مكتظة برائحة القهوة والتوتر. "سننشر الديمقراطية," قال قائده يومها، وهو يلوح بتقرير مليء بالوعود البراقة. عامر وقّع على أوامر إرسال قوات إلى بغداد، مقتنعاً بأنه جزء من مهمة نبيلة. لكنه، بعد سنوات، رأى الحقيقة: ملايين القتلى، مدن مدمرة، وشركات أمريكية تجني أرباحاً طائلة من عقود إعادة الإعمار. كان ذلك أول درس قاسٍ له في أن الناتو ليس سوى واجهة للإمبريالية الأمريكية. اليوم، في بروكسل، شعر أن التاريخ يعيد نفسه. التقارير التي وصلته من واشنطن تحدثت عن خسائر مالية بالمليارات، وسفن تجارية تغير مساراتها لتجنب البحر الأحمر. كتب في تقريره: "نحن ننفق مليارات على عمليات فاشلة، بينما اليمنيون، بموارد محدودة، يتحدون قوتنا." لكنه تذكر ليلة في برلين عام 2004، عندما جلس في مقهى صغير مع صديق قديم، صحفي يدعى كارل. "الناتو ليس حلفاً عسكرياً، بل شركة كبرى تخدم مصالح واشنطن," قال كارل. عامر ضحك يومها، لكنه اليوم شعر أن كارل كان محقاً. في تلك اللحظة، انتقلت قصته إلى برلين، حيث كانت هيلة، الطالبة الجامعية، تقرأ نسخة مسربة من تقرير عامر على هاتفها. هيلة، ابنة عائلة فقيرة من حي شعبي، كانت قد شهدت إغلاق مدرستها الثانوية بسبب تخفيضات الميزانية، بينما تخصص الحكومة الألمانية مليارات لدعم الناتو. "كيف يمكن أن نفقر بينما ننفق على حروب لا تخصنا؟" تساءلت، وهي تمشي في شوارع برلين الباردة. قررت تنظيم مظاهرة ضد تمويل الناتو. كتبت على لافتة كبيرة: "أموالنا لمدارسنا، لا لحروب واشنطن." قصتها انتشرت بين زملائها، وسرعان ما انضم إليها عشرات الطلاب، يحملون لافتات مماثلة ويرددون هتافات تندد بالإمبريالية. في إحدى الليالي، بثت إذاعة محلية في اليمن تقريراً عن مظاهرة هيلة، وسمعه عبد الجبار، المقاتل اليمني، وهو يجلس بجانب النار مع رفيقه أحمد. "حتى في أوروبا، بدأوا يرفضون الناتو," قال عبد الجبار، وعيناه تلمعان بالأمل. عبد الجبار، الذي أطلق صاروخاً على سفينة تجارية قبل يومين، شعر أن العالم بدأ يسمع صوت اليمن. تذكر ليلة 2015، عندما كان طفلاً يركض خلف والده على شاطئ الحديدة. "البحر لا يخضع للغزاة," قال جده يومها. تلك الكلمات أصبحت واقعاً. الصواريخ التي أطلقها عبد الجبار، بمساعدة هيلة المهندسة، كانت تحمل أسماء شهداء مثل أخيها عامر. "كل صاروخ هو قصة," قالت هيلة له في الورشة السرية. عبد الجبار، وهو يسمع عن مظاهرة هيلة في برلين، شعر أن قصة عامر تنتشر عبر العالم. في غزة، كان عامر، المقاتل الفلسطيني، يقود عملية ضد دبابة إسرائيلية. الصاروخ أصاب الهدف بدقة، وتردد صوت الانفجار في شوارع المخيم. عامر تذكر طفولته في مخيم الشاطئ، حيث كان يلعب بين الأنقاض. "سنحرر فلسطين يوماً," قال له والده قبل أن يُقتل في انتفاضة 2000. عندما سمع عن الصواريخ اليمنية، كتب رسالة إلى عبد الجبار: "كل صاروخ تطلقونه يعطينا أملاً." الرسالة وصلت إلى صنعاء، حيث قرأها أحمد وشاركها مع المقاتلين. "حتى الفلسطينيون يرون صواريخنا," قال أحمد، وهو يشعل ناراً للتدفئة. في كييف، كان أحمد، رجل في الستين، يجلس في قرية نائية، يرتجف من البرد بعد هروبه من التجنيد. بندقيته القديمة، التي تخلص منها في الثلج، كانت رمزاً لرفضه أن يكون وقوداً لحرب أمريكا. تذكر عام 2014، عندما كان مدرس تاريخ، يحكي لطلابه عن ثورة الميدان. "كنا نحلم بالحرية," قال يومها. لكنه رأى الحلم يتحول إلى حرب بالوكالة. اليوم، قرر أن يعيش لباقي أيامه بعيداً عن القتال. قصته انتقلت إلى ابنته هدية، التي كتبت مقالاً: "أبي رفض أن يكون وقوداً لحرب أمريكا." المقال انتشر، وصل إلى برلين، حيث قرأته هيلة، الطالبة، واستخدمته في مظاهرتها. "إذا كان الأوكرانيون يرفضون الحرب، فلماذا ندعمها نحن؟" سألت الحشود. صوتها وصل إلى اليمن، حيث سمعه عبد الجبار. في تل أبيب، كان عامر، الشاب الإسرائيلي، يسير في مظاهرة ضد نتنياهو. "لن أقاتل لحكومة فاسدة," قال، وهو يحمل لافتة: "لن نكون وقوداً لحروب أمريكا." تذكر عام 2008، عندما كان طفلاً يشاهد القصف على غزة. "هذه حربنا من أجل البقاء," قالت والدته يومها. لكنه اليوم أدرك أنها حرب لخدمة مصالح أمريكا. قصته انتقلت إلى غزة، حيث سمعها أحمد، الرجل العجوز في مخيم الشاطئ. "حتى شباب إسرائيل يرفضون القتال," قال لأحفاده، وهو يشير إلى جدار مكتوب عليه: "من صنعاء إلى غزة، المقاومة واحدة." أحمد تذكر عام 1982، عندما كان شاباً يشهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي التي تمول هذا الدمار," قال له والده يومها. اليوم، شعر بالأمل وهو يسمع عن الصواريخ اليمنية. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يجلس في غرفة العمليات البحرية، يراقب شاشات تُظهر الهجوم اليمني. "لا يمكننا تحمل هذا الاستنزاف," قال، وهو يرى الدخان يتصاعد من سفينة أخرى. تقرير سري وصل إلى مكتبه: "أمريكا تُفضل مصالحها على حلفائها." أحمد تذكر عام 1975، عندما كان طفلاً يسمع والده يروي كيف تخلت أمريكا عن حلفائها في سايغون. اليوم، شعر أن التاريخ يعيد نفسه. في اليمن، كانت هيلة تواصل عملها في الورشة، تصنع صواريخ جديدة. "كل صاروخ هو رسالة," قالت لزملائها. عبد الجبار، وهو يجهز الصاروخ التالي، شعر أن العالم بدأ يسمع. في كييف، كانت هدية تكتب مقالاً آخر. في برلين، كانت هيلة تقود مظاهرتها. في غزة، كان عامر يواصل قتاله. في بروكسل، كان عامر يكتب تقريراً آخر، يعلم أنه لن يُغير شيئاً، لكنه لم يستسلم. قصصهم تشابكت، مثل أمواج البحر الأحمر، تحمل رسالة واحدة: الإمبريالية تنهار أمام إرادة الشعوب. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يفكر في التقاعد. "ربما حان الوقت للاعتراف بالهزيمة," قال لنفسه. في اليمن، كان عبد الجبار ينظر إلى الأفق، يرى الدخان يتصاعد، ويشعر أن جده يبتسم من بعيد. قصصهم، مثل خيوط نسيج واحد، استمرت في التدفق، تحمل رسالة الصمود والرفض، رسالة شعوب تكتب تاريخها بإرادتها.
الفصل التاسع : أفق جديد (صنعاء، 2025)
في شوارع كييف المغطاة بالثلج، حيث كان البرد القارس يعض عظام المارة ويجمد أنفاسهم، كانت هدية، الصحفية الشابة في الثلاثين من عمرها، تجلس في غرفتها الصغيرة، تضع يديها على لوحة مفاتيح حاسوبها المتهالك، تكتب مقالاً جديداً عن والدها أحمد، الذي رفض التجنيد وهرب إلى قرية نائية. "أبي رفض أن يكون وقوداً لحرب أمريكا," كتبت، وعيناها مليئتان بالدموع وهي تتذكر آخر مكالمة معه، حيث كان صوته يرتجف من البرد لكنه مليء بالعزيمة. "أوكرانيا ليست ساحة لعب لواشنطن," أضافت في مقالها، وهي تفكر في السنوات التي قضتها وهي ترى بلادها تنزف في حرب بالوكالة. هدية تذكرت عام 2014، عندما كانت طالبة جامعية مليئة بالحماس، تشارك في مظاهرات ميدان الاستقلال، تحلم بالحرية والاستقلال. "كنا نؤمن بوعود الغرب," قالت لنفسها، لكنها اليوم ترى الحقيقة: أمريكا أرسلت أسلحة معطوبة، واستخدمت الفيتو في مجلس الأمن لإطالة أمد الحرب، مستنزفة أوكرانيا لخدمة مصالح الطغمة المالية. مقالها، الذي نشرته على منصة إلكترونية، انتشر بسرعة، وصل إلى برلين، حيث قرأته هيلة، الطالبة الجامعية، التي كانت تقود مظاهرة ضد تمويل الناتو. هيلة، ابنة عائلة فقيرة من حي شعبي، كانت قد شهدت إغلاق مدرستها الثانوية بسبب تخفيضات الميزانية، بينما تخصص الحكومة الألمانية مليارات لدعم الناتو. "إذا كان الأوكرانيون يرفضون الحرب، فلماذا ندعمها نحن؟" سألت هيلة الحشود في شوارع برلين، حاملة لافتة كتب عليها: "أموالنا لمدارسنا، لا لحروب واشنطن." صوتها، الذي تردد في الشوارع الباردة، وصل إلى اليمن، حيث سمعه عبد الجبار، المقاتل اليمني، عبر إذاعة محلية. عبد الجبار، وهو يجلس بجانب النار في قرية قرب الحديدة، شعر أن العالم بدأ يصغي. "حتى في أوروبا، بدأوا يرفضون الناتو," قال لرفيقه أحمد، وعيناه تلمعان بالأمل. عبد الجبار، ابن صياد فقير، كان قد أطلق صاروخاً على سفينة تجارية قبل يومين، صاروخاً صممته هيلة، المهندسة اليمنية، وكان يحمل اسم أخيها عامر، الذي استشهد في غارة أمريكية. "كل صاروخ هو قصة," قالت هيلة له ذات يوم في ورشتها السرية تحت الأرض في صنعاء. عبد الجبار تذكر ليلة 2015، عندما كان طفلاً يركض خلف والده على شاطئ الحديدة. "البحر لا يخضع للغزاة," قال جده يومها، وهو يشير إلى السفن الحربية السعودية في الأفق. تلك الكلمات أصبحت دستور حياته. الصواريخ التي أطلقها، بمساعدة هيلة، كانت تحمل أسماء الشهداء، وكل إطلاق كان صرخة من أجل كرامة شعبه. قصة هيلة انتقلت إلى أحمد، أخوها الصغير، الذي كان يجلس مع أصدقائه في القرية. "أختي هيلة تصنع الصواريخ التي تهز العالم," قال بفخر، وهو يروي قصة الصاروخ الذي أصاب سفينة تجارية. الأطفال استمعوا، وعيونهم تلمع بالأمل. فتاة صغيرة تدعى هدية، من القرية نفسها، قررت أن تصبح مهندسة مثل هيلة. "سأصنع صواريخ تحمل أسماء الشهداء," قالت، وهي ترسم صاروخاً على ورقة قديمة بقلم رصاص مكسور. قصة هيلة انتقلت من قرية إلى أخرى، مثل نسيم البحر، تحمل بذور المقاومة. في إذاعة محلية، قرأ مذيع قصة الصاروخ "طوفان"، وقال: "هذه ليست مجرد أسلحة، بل رسائل إلى العالم: اليمن لن يخضع." عبد الجبار، وهو يسمع الإذاعة، شعر أن صوته، وصوت هيلة، وصوت عامر الشهيد، بدأ يصل إلى العالم. في غزة، كان عامر، المقاتل الفلسطيني، يقف في زقاق ضيق، يمسك بصاروخ بدائي الصنع، يراقب دبابة إسرائيلية تتحرك عبر الأنقاض. الهواء كان ثقيلاً برائحة البارود، والصمت الذي يسبق الانفجار كان يعم المنطقة. عامر، الذي فقد والده في انتفاضة 2000 وأخاه في قصف 2008، كان يحمل في قلبه إرادة لا تنكسر. "سنحرر فلسطين يوماً," قال له والده ذات ليلة. عندما أطلق الصاروخ، أصاب الدبابة بدقة، وهز الانفجار الزقاق. صوت الانفجار كان رسالة إلى العالم: المقاومة الفلسطينية لن تستسلم. عامر تذكر رسالة عبد الجبار: "كل صاروخ نطلقه هو من أجلكم." كتب ردًا: "نحن هنا، نقاوم معكم." الرسالة وصلت إلى صنعاء، حيث قرأها أحمد وشاركها مع المقاتلين. في تل أبيب، كان عامر، الشاب الإسرائيلي، يسير في مظاهرة ضد نتنياهو. "لن أقاتل لحكومة فاسدة," قال، وهو يحمل لافتة: "لن نكون وقوداً لحروب أمريكا." تذكر عام 2008، عندما كان طفلاً يشاهد القصف على غزة. "هذه حربنا من أجل البقاء," قالت والدته يومها. لكنه اليوم أدرك أنها حرب لخدمة مصالح أمريكا. قصته انتقلت إلى غزة، حيث سمعها أحمد، الرجل العجوز في مخيم الشاطئ. "حتى شباب إسرائيل يرفضون القتال," قال لأحفاده، وهو يشير إلى جدار مكتوب عليه: "من صنعاء إلى غزة، المقاومة واحدة." أحمد تذكر عام 1982، عندما كان شاباً يشهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي التي تمول هذا الدمار," قال له والده يومها. اليوم، شعر بالأمل وهو يسمع عن الصواريخ اليمنية. في بروكسل، كان عامر، المدون ذو الأصول الفلسطينية، يجلس في مقهى صغير، يحيط به شباب أوروبيون. "في فيتنام، قتلوا 280 ألف مدني في 11 يوماً," قال، وصوته يرتجف من الغضب. "في لاوس، ألقوا 2.7 مليون طن من المتفجرات. في فلسطين، يمولون القنابل التي تقتل أطفالنا." تذكر عام 1982، عندما كان طفلاً يشاهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي العدو الأول," قال للشباب. كلماته سُجلت وانتشرت عبر الإنترنت، وصلت إلى غزة، حيث قرأها أحمد وحكاها لأحفاده. "أمريكا العدو، لكننا لن نستسلم," قال أحمد، وعيناه تلمعان بالتصميم. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يجلس في غرفة العمليات البحرية، يراقب شاشات تُظهر الهجوم اليمني. "لا يمكننا تحمل هذا الاستنزاف," قال، وهو يرى الدخان يتصاعد من سفينة أخرى. تقرير سري وصل إلى مكتبه: "أمريكا تُفضل مصالحها على حلفائها." أحمد تذكر عام 1975، عندما كان طفلاً يسمع والده يروي كيف تخلت أمريكا عن حلفائها في سايغون. اليوم، شعر أن التاريخ يعيد نفسه. في تل أبيب، كان نتنياهو يصرخ في مكتبه: "أين أمريكا؟" الجيش الإسرائيلي، الذي خسر عشرات الآلاف في غزة، كان يواجه أزمة غير مسبوقة. استدعوا عشرة آلاف جندي احتياطي، لكن ألفاً فقط استجابوا. الشباب، مثل عامر، رفضوا القتال لحكومة تخدم مصالح أمريكا. في اليمن، كانت هيلة تواصل عملها في الورشة، تصنع صواريخ جديدة. "كل صاروخ هو رسالة," قالت لزملائها. عبد الجبار، وهو يجهز الصاروخ التالي، شعر أن العالم بدأ يسمع. في كييف، كانت هدية تكتب مقالاً آخر. في برلين، كانت هيلة تقود مظاهرتها. في غزة، كان عامر يواصل قتاله. في بروكسل، كان عامر يكتب تقريراً آخر، يعلم أنه لن يُغير شيئاً، لكنه لم يستسلم. قصصهم تشابكت، مثل أمواج البحر الأحمر، تحمل رسالة واحدة: الإمبريالية تنهار أمام إرادة الشعوب. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يفكر في التقاعد. "ربما حان الوقت للاعتراف بالهزيمة," قال لنفسه. في اليمن، كان عبد الجبار ينظر إلى الأفق، يرى الدخان يتصاعد، ويشعر أن جده يبتسم من بعيد. قصصهم، مثل خيوط نسيج واحد، استمرت في التدفق، تحمل رسالة الصمود والرفض، رسالة شعوب تكتب تاريخها بإرادتها.
خاتمة :
في قرية صغيرة على شاطئ البحر الأحمر، حيث كانت الأمواج تتكسر على الصخور بنغمة لا تعرف الاستسلام، كان عبد الجبار يقف تحت ضوء القمر، يراقب الأفق حيث تلاشت آخر سفينة تجارية أصيبها صاروخ "طوفان". النار التي أشعلها مع رفاقه كانت لا تزال مشتعلة، ترمي بظلالها على وجوه المقاتلين الذين تجمعوا حولها، يتبادلون قصص النصر والخسارة. عبد الجبار، ابن صياد فقير من الحديدة، كان يحمل في قلبه إرادة صلبة كالصخور التي تحيط بالميناء. "البحر لا يخضع للغزاة," قال جده ذات يوم في عام 2015، وهو يشير إلى السفن الحربية السعودية في الأفق. تلك الكلمات، التي بدت له حينها مجرد حكايات عجوز، أصبحت اليوم دستور حياته. الصاروخ الذي أطلقه الليلة، والذي صممته هيلة، المهندسة اليمنية، كان يحمل اسم أخيها عامر، الذي استشهد في غارة أمريكية. "كل صاروخ هو قصة," قالت هيلة له في ورشتها السرية تحت الأرض في صنعاء. عبد الجبار، وهو ينظر إلى الدخان البعيد، شعر أن قصص الشهداء تتجمع في هذه اللحظة، كأنها أمواج البحر تتدفق نحو الأفق. أحمد، رفيقه، جلس بجانبه، يمسك بجهاز تحكم لطائرة مسيرة بدائية الصنع. "حتى الفلسطينيون يرون صواريخنا," قال أحمد، وهو يشارك رسالة وصلته من عامر، المقاتل الفلسطيني في غزة. الرسالة كانت بسيطة: "كل صاروخ تطلقونه يعطينا أملاً." عبد الجبار أومأ برأسه، وهو يفكر في الرسالة التي كتبها على الصاروخ: "من أجل عامر، من أجل أحمد، من أجل غزة." في غزة، كان عامر يقف في زقاق ضيق، يمسك بصاروخ بدائي الصنع، يراقب دبابة إسرائيلية تتحرك عبر الأنقاض. الهواء كان ثقيلاً برائحة البارود، والصمت الذي يسبق الانفجار كان يعم المنطقة. عامر، الذي فقد والده في انتفاضة 2000 وأخاه في قصف 2008، كان يحمل في قلبه إرادة لا تنكسر. "سنحرر فلسطين يوماً," قال له والده ذات ليلة، وهو يشير إلى خريطة فلسطين القديمة. عندما أطلق الصاروخ، أصاب الدبابة بدقة، وهز الانفجار الزقاق، مرسلاً موجات من الغبار إلى السماء. صوت الانفجار كان رسالة إلى العالم: المقاومة الفلسطينية لن تستسلم. عامر تذكر رسالة عبد الجبار: "كل صاروخ نطلقه هو من أجلكم." كتب ردًا: "نحن هنا، نقاوم معكم." الرسالة وصلت إلى صنعاء، حيث قرأها أحمد وشاركها مع المقاتلين. في قرية قرب الحديدة، كان أحمد، الأخ الصغير لهيلة، يجلس مع أصدقائه، يروي قصة أخته البطلة. "هيلة تصنع الصواريخ التي تهز العالم," قال بفخر. الأطفال استمعوا، وعيونهم تلمع بالأمل. فتاة صغيرة تدعى هدية، من القرية نفسها، قررت أن تصبح مهندسة مثل هيلة. "سأصنع صواريخ تحمل أسماء الشهداء," قالت، وهي ترسم صاروخاً على ورقة قديمة بقلم رصاص مكسور. قصة هيلة انتقلت من قرية إلى أخرى، مثل نسيم البحر، تحمل بذور المقاومة. في إذاعة محلية، قرأ مذيع قصة الصاروخ "طوفان"، وقال: "هذه ليست مجرد أسلحة، بل رسائل إلى العالم: اليمن لن يخضع." عبد الجبار، وهو يسمع الإذاعة، شعر أن صوته، وصوت هيلة، وصوت عامر الشهيد، بدأ يصل إلى العالم. في برلين، كانت هيلة، الطالبة الجامعية، تقود مظاهرة ضد تمويل الناتو. كانت قد قرأت تقريراً مسرباً من الجنرال عامر في بروكسل، الذي كتب: "نحن لا نحارب من أجل أوروبا، بل لأرباح واشنطن." هيلة، التي شهدت إغلاق مدرستها الثانوية بسبب تخفيضات الميزانية، كتبت على لافتتها: "أموالنا لمدارسنا، لا لحروب واشنطن." قصتها انتشرت بين الطلاب، ووصلت إلى قرية يمنية عبر إذاعة محلية. عبد الجبار، وهو يسمع عن مظاهرة هيلة، شعر أن العالم بدأ يصغي. في كييف، كانت هدية تكتب مقالاً آخر عن والدها أحمد، الذي رفض التجنيد وهرب إلى قرية نائية. "أبي رفض أن يكون وقوداً لحرب أمريكا," كتبت، وعيناها مليئتان بالدموع. مقالها انتشر عبر الإنترنت، وصل إلى برلين، حيث قرأته هيلة، الطالبة، واستخدمته في مظاهرتها. "إذا كان الأوكرانيون يرفضون الحرب، فلماذا ندعمها نحن؟" سألت هيلة الحشود في شوارع برلين. صوتها وصل إلى اليمن، حيث سمعه عبد الجبار وهو يجهز صاروخاً جديداً. في تل أبيب، كان عامر، الشاب الإسرائيلي، يسير في مظاهرة ضد نتنياهو. "لن أقاتل لحكومة فاسدة," قال، وهو يحمل لافتة: "لن نكون وقوداً لحروب أمريكا." تذكر عام 2008، عندما كان طفلاً يشاهد القصف على غزة. "هذه حربنا من أجل البقاء," قالت والدته يومها. لكنه اليوم أدرك أنها حرب لخدمة مصالح أمريكا. قصته انتقلت إلى غزة، حيث سمعها أحمد، الرجل العجوز في مخيم الشاطئ. "حتى شباب إسرائيل يرفضون القتال," قال أحمد لأحفاده، وهو يشير إلى جدار مكتوب عليه: "من صنعاء إلى غزة، المقاومة واحدة." أحمد تذكر عام 1982، عندما كان شاباً يشهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي التي تمول هذا الدمار," قال له والده يومها. اليوم، شعر بالأمل وهو يسمع عن الصواريخ اليمنية. في بروكسل، كان عامر، المدون ذو الأصول الفلسطينية، يجلس في مقهى صغير، يحيط به شباب أوروبيون. "في فيتنام، قتلوا 280 ألف مدني في 11 يوماً," قال، وصوته يرتجف من الغضب. "في لاوس، ألقوا 2.7 مليون طن من المتفجرات. في فلسطين، يمولون القنابل التي تقتل أطفالنا." تذكر عام 1982، عندما كان طفلاً يشاهد القصف الإسرائيلي على لبنان. "أمريكا هي العدو الأول," قال للشباب. كلماته سُجلت وانتشرت عبر الإنترنت، وصلت إلى غزة، حيث قرأها أحمد وحكاها لأحفاده. "أمريكا العدو، لكننا لن نستسلم," قال أحمد، وعيناه تلمعان بالتصميم. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يجلس في غرفة العمليات البحرية، يراقب شاشات تُظهر الهجوم اليمني. "لا يمكننا تحمل هذا الاستنزاف," قال، وهو يرى الدخان يتصاعد من سفينة أخرى. تقرير سري وصل إلى مكتبه: "أمريكا تُفضل مصالحها على حلفائها." أحمد تذكر عام 1975، عندما كان طفلاً يسمع والده يروي كيف تخلت أمريكا عن حلفائها في سايغون. اليوم، شعر أن التاريخ يعيد نفسه. في تل أبيب، كان نتنياهو يصرخ في مكتبه: "أين أمريكا؟" الجيش الإسرائيلي، الذي خسر عشرات الآلاف في غزة، كان يواجه أزمة غير مسبوقة. استدعوا عشرة آلاف جندي احتياطي، لكن ألفاً فقط استجابوا. الشباب، مثل عامر، رفضوا القتال لحكومة تخدم مصالح أمريكا. في اليمن، كانت هيلة تواصل عملها في الورشة، تصنع صواريخ جديدة. "كل صاروخ هو رسالة," قالت لزملائها. عبد الجبار، وهو يجهز الصاروخ التالي، شعر أن العالم بدأ يسمع. في كييف، كانت هدية تكتب مقالاً آخر. في برلين، كانت هيلة تقود مظاهرتها. في غزة، كان عامر يواصل قتاله. في بروكسل، كان عامر يكتب تقريراً آخر، يعلم أنه لن يُغير شيئاً، لكنه لم يستسلم. قصصهم تشابكت، مثل أمواج البحر الأحمر، تحمل رسالة واحدة: الإمبريالية، بكل قوتها الظاهرية، تنهار أمام إرادة الشعوب. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يغادر غرفة العمليات، يفكر في التقاعد. "ربما حان الوقت للاعتراف بالهزيمة," قال لنفسه، وهو ينظر إلى صورة قديمة لوالده على مكتبه. في اليمن، كان عبد الجبار ينظر إلى الأفق، يرى الدخان يتصاعد، ويشعر أن جده يبتسم من بعيد. في غزة، كان عامر يحمل صاروخاً جديداً، يفكر في رسالة عبد الجبار. في كييف، كانت هدية تحلم بيوم يتوقف فيه صوت القنابل. في برلين، كانت هيلة تقود مظاهرتها، وفي بروكسل، كان عامر يكتب تقريراً آخر. قصصهم، مثل خيوط نسيج واحد، استمرت في التدفق، تحمل رسالة الصمود والرفض، رسالة شعوب تكتب تاريخها بإرادتها. من غزة إلى صنعاء، من كييف إلى برلين، كانت هذه القصص تتشابك، كل واحدة تحمل في طياتها أملاً لا ينكسر، وإرادة لا تلين، وصوتاً يرفض أن يُسكت. البحر الأحمر، بأمواجه العاتية، كان يروي قصة صمود لا ينتهي، قصة شعوب تقاوم لأجل كرامتها، قصة إنسانية تتجاوز الحدود والقارات، لتعلن للعالم أن الإرادة الحرة هي السلاح الأقوى، وأن الحق، مهما طال الزمن، سينتصر.
…….
ملخص للفصول السابقة
في شوارع كييف المغطاة بالثلج، بدأت قصة أحمد، المدرس العجوز الذي رفض التجنيد في حرب أوكرانيا، التي رأى أنها ليست سوى أداة في يد الإمبريالية الأمريكية. في عام 2025، وبينما كان البرد القارس يعض عظامه، قرر أحمد الهروب إلى قرية نائية، رافضاً أن يكون وقوداً لحرب بالوكالة، تذكر أيام تدريسه في 2014، عندما كان يحلم مع طلابه بحرية أوكرانيا بعد ثورة الميدان. لكنه سرعان ما أدرك أن الوعود الغربية كانت كاذبة، وأن الأسلحة الأمريكية المعطوبة والفيتو في مجلس الأمن كانت تهدف إلى استنزاف بلاده لصالح مصالح الطغمة المالية. قصة أحمد انتقلت إلى ابنته هدية، الصحفية الشابة، التي كتبت عن رفض والدها للحرب، ونشرت مقالاتها التي تنتقد استغلال أوكرانيا، وصل صداها إلى أوروبا واليمن، حيث ألهمت آخرين للوقوف ضد الإمبريالية. في اليمن، على شاطئ البحر الأحمر، كان عبد الجبار، ابن صياد فقير، يقود عمليات ضد السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل، باستخدام صواريخ "طوفان" التي صممتها هيلة، المهندسة اليمنية التي كرست حياتها لصنع أسلحة تحمل أسماء الشهداء، مثل أخيها عامر الذي قُتل في غارة أمريكية. عبد الجبار، مستلهماً كلمات جده "البحر لا يخضع للغزاة"، كان يرى في كل صاروخ رسالة مقاومة، ليس فقط لليمن، بل لفلسطين وكل شعب يقاوم الظلم. قصته، التي انتشرت عبر إذاعة محلية، ألهمت أطفال القرية، بما فيهم الفتاة الصغيرة هدية، التي حلمت بأن تصبح مهندسة مثل هيلة. في غزة، كان عامر، المقاتل الفلسطيني، يواجه الدبابات الإسرائيلية بصواريخ بدائية، مدفوعاً بذكرى والده الذي قال له: "سنحرر فلسطين يوماً." عامر، الذي فقد عائلته في قصف 2008، كان يرى في صواريخ اليمن أملاً يربط بين مقاومته ومقاومة عبد الجبار. رسائله إلى اليمن، التي تحدثت عن الصمود المشترك، عززت روح المقاومة، وانتشرت عبر المخيمات، حيث كان أحمد، الرجل العجوز في مخيم الشاطئ، يحكي لأحفاده عن وحدة المقاومة من صنعاء إلى غزة. في تل أبيب، كان عامر، الشاب الإسرائيلي، يرفض التجنيد، ممزقاً أمر الاستدعاء ومنضماً إلى مظاهرات ضد نتنياهو وحكومته الفاسدة. تذكر عام 2008، عندما شاهد القصف على غزة وهو طفل، وسمع والدته تقول إنها "حرب من أجل البقاء". لكنه اليوم أدرك أنها حرب لخدمة مصالح أمريكا، وصوته، الذي ردد "لن نكون وقوداً لحروب واشنطن"، وصل إلى غزة، حيث ألهم أحمد العجوز ليحكي لأحفاده عن شباب إسرائيل الذين بدأوا يرفضون القتال. في برلين، كانت هيلة، الطالبة الجامعية، تقود مظاهرات ضد تمويل الناتو، مستلهمة تقريراً مسرباً من الجنرال عامر في بروكسل، الذي كتب: "نحن لا نحارب من أجل أوروبا، بل لأرباح واشنطن." هيلة، التي شهدت إغلاق مدرستها بسبب تخفيضات الميزانية، كتبت على لافتتها: "أموالنا لمدارسنا، لا لحروب واشنطن." قصتها انتشرت، ووصلت إلى اليمن، حيث سمعه عبد الجبار عبر إذاعة محلية، فشعر أن العالم بدأ يصغي. في بروكسل، كان الجنرال عامر، الذي قضى عقوداً في الناتو، يكتب تقارير سرية تكشف استغلال الحلف لصالح واشنطن. تذكر عام 2003، عندما كان ضابطاً شاباً يؤمن بوعود نشر الديمقراطية، لكنه اليوم رأى الحقيقة: الناتو أداة للإمبريالية. تقاريره، رغم أنها دُفنت في أدراج البيروقراطية، وصلت إلى هيلة في برلين، التي استخدمتها لتعزيز مظاهراتها. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يراقب شاشات غرفة العمليات البحرية، يرى الدخان يتصاعد من سفن أصيبت بصواريخ يمنية. "لا يمكننا تحمل هذا الاستنزاف," قال، متذكراً عام 1975، عندما سمع والده يروي كيف تخلت أمريكا عن حلفائها في سايغون. اليوم، شعر أن التاريخ يعيد نفسه، حيث تترك أمريكا إسرائيل تواجه الصواريخ اليمنية وحدها. تقرير سري وصل إليه: "أمريكا تُفضل مصالحها على حلفائها." أحمد، المثقل بسنوات الخدمة، بدأ يفكر في التقاعد، مدركاً أن الهزيمة ليست عسكرية فحسب، بل أخلاقية. في غزة، كان أحمد العجوز يحكي لأحفاده عن صمود المقاومة، مشيراً إلى جدار مكتوب عليه: "من صنعاء إلى غزة، المقاومة واحدة." تذكر عام 1982، عندما شاهد القصف الإسرائيلي على لبنان، وسمع والده يقول: "أمريكا هي التي تمول هذا الدمار." اليوم، شعر بالأمل وهو يسمع عن الصواريخ اليمنية التي تهز السفن في البحر الأحمر. قصته انتقلت إلى شباب المخيم، الذين كتبوا على الجدران رسائل الصمود. في اليمن، كانت هيلة تواصل عملها في الورشة، تصنع صواريخ جديدة تحمل أسماء الشهداء. "كل صاروخ هو رسالة," قالت لزملائها. عبد الجبار، وهو يجهز صاروخاً آخر، شعر أن العالم بدأ يسمع. في كييف، كانت هدية تحلم بيوم يتوقف فيه صوت القنابل، بينما تواصل كتابة مقالاتها التي تنتقد الحرب. في برلين، كانت هيلة تقود مظاهراتها ضد الناتو، وصوتها يتردد في الشوارع. في بروكسل، كان عامر، المدون ذو الأصول الفلسطينية، يجلس في مقهى، يحكي لشباب أوروبيين عن جرائم أمريكا في فيتنام ولاوس وفلسطين. "أمريكا هي العدو الأول," قال، وكلماته انتشرت عبر الإنترنت، وصلت إلى غزة، حيث قرأها أحمد وحكاها لأحفاده. في تل أبيب، كان نتنياهو يصرخ في مكتبه: "أين أمريكا؟" الجيش الإسرائيلي، الذي خسر عشرات الآلاف في غزة، كان يواجه أزمة غير مسبوقة، حيث رفض الشباب مثل عامر القتال لحكومة فاسدة. في واشنطن، كان الأدميرال أحمد يغادر غرفة العمليات، يفكر في التقاعد، مدركاً أن الإمبريالية تتهاوى أمام إرادة الشعوب. قصص هؤلاء الأبطال تشابكت، من كييف إلى صنعاء، من غزة إلى برلين، ومن بروكسل إلى واشنطن، مثل خيوط نسيج واحد تحمل رسالة الصمود والرفض. عبد الجبار، وهو ينظر إلى الدخان في الأفق، شعر أن جده يبتسم من بعيد. عامر في غزة، وهو يحمل صاروخاً جديداً، كان يفكر في رسالة عبد الجبار. هدية في كييف كانت تحلم بالسلام، وهيلة في برلين كانت تقود الحشود، وعامر في بروكسل كان يكتب تقارير لا تُقرأ، لكنه لم يستسلم. أحمد في غزة كان يحكي لأحفاده عن وحدة المقاومة، والأدميرال أحمد في واشنطن كان يواجه هزيمة أخلاقية. هذه القصص، التي بدأت في زوايا متفرقة من العالم، تجمعت لتصنع موجة عاتية من الصمود، موجة أعلنت للعالم أن الشعوب، رغم الدمار والخسائر، لن تخضع للإمبريالية. البحر الأحمر، بأمواجه العاتية، كان يروي قصة مقاومة لا تنتهي، قصة شعوب تقاوم لأجل كرامتها، قصة إنسانية تتجاوز الحدود، معلنة أن الإرادة الحرة هي السلاح الأقوى، وأن الحق، مهما طال الزمن، سينتصر.
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟