|
رواية : نبوءة الرياح في شوارع شيكاغو
احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية
(Ahmad Saloum)
الحوار المتمدن-العدد: 8465 - 2025 / 9 / 14 - 18:35
المحور:
الادب والفن
مقدمة : رقصة على حافة الهاوية
في أرضٍ كانت تُسمى يومًا "منارة الحرية"، حيث تتدلى الأحلام الممزقة كراياتٍ بالية فوق ناطحات السحاب المتآكلة، تقف الولايات المتحدة على شفا هاويةٍ ترتدي قناع الرفاهية. شوارع نيويورك، التي كانت يومًا لوحةً للرأسمالية المتوحشة، تحولت الآن إلى مسرحٍ لملحمةٍ ساخرة، حيث يرقص الشعب وسط الأنقاض، يحمل مشاعل الغضب وأنغام الأمل. هذه الرواية، التي تنسج خيوطها من أساليب تولستوي في التقاط التحولات العظمى بثقلها الإنساني، وغوغول في سخريته اللاذعة من عبثية السلطة، وديستوفيسكي في حفره العميق في النفس المعذبة، وتشيخوف في تصويره الدقيق للحظات اليأس الهزلية، وأورويل في تحذيراته من الطغيان المقنع، ومنيف وكنفاني في تجسيدهما للنضال الشعبي بمرارته وأمله، وهمنغواي في اقتصاد لغته القاطعة، وغوركي في إيمانه العنيد بقوة الجماهير، هي قصة أمريكا التي تحولت من قلعة الرأسمالية إلى مشعل ثورةٍ شيوعية. إنها ملحمةٌ عن شعبٍ سئم الحروب التي أشعلتها، والثروات التي نهبتها، والأكاذيب التي بيعت له باسم الحرية.
كانت الولايات المتحدة، في صميمها، لغزًا متناقضًا. بلدٌ روّج لنفسه كحارسٍ للديمقراطية، بينما كان يصنع الحروب في أركان العالم، من أفغانستان إلى غزة، ومن اليمن إلى أوكرانيا. بلدٌ وعد شعبه بالحلم الأمريكي، لكنه أعطاه فواتير لا تُسدد، ومخدراتٍ مثل "الزومبي" التي حولت الشباب إلى أشباحٍ تترنح في الشوارع. كانت أمريكا، كما في روايات تولستوي، ساحةً لصراعٍ بين قوىً عظمى: النخبة الأوليغارشية، التي نهبت الثروات تحت أسماءٍ لامعة مثل الروتشيلد والروكفلر، والشعب الذي بدأ يستيقظ من سباته، يحمل غضبًا يشبه ذلك الذي وصفه غوركي في "الأم"، حيث الجماهير تتحول من ضحايا إلى أبطال.
في شوارع نيويورك، كانت الأضواء الكاذبة لتايمز سكوير تخفت شيئًا فشيئًا، كأن المدينة قررت أن تخلع قناعها. كانت الشاشات العملاقة، التي طالما روّجت لأسلحةٍ مثل إف-35 وسلعٍ استهلاكية لا يستطيع الشعب شراءها، صامتةً الآن، كأنها تعترف بعجزها عن إخفاء الحقيقة. الحشود، التي كانت تتدفق يومًا لشراء أحلامٍ مزيفة، كانت الآن تتجمع في ميدانٍ غاضب، تهتف ضد الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، اللذين تحوّلا إلى واجهتين لنفس العملة: عصابة الرأسمالية التي تخدم مصالح النخبة. كانت هذه اللحظة تحمل سخريةً غوغولية، كما في "المعطف"، حيث يتحول الإنسان العادي إلى بطلٍ يتحدى نظامًا فاسدًا، ليس لأنه يملك القوة، بل لأنه سئم الأكاذيب.
في قلب هذا المشهد، ظهر عبد الله جونز، رجلٌ مكسيكي الأصل، لم يكن مجرد سياسي، بل رمزًا لتحولٍ عميق. انتخابه كعمدةٍ لنيويورك لم يكن مجرد حدثٍ عابر، بل كان زلزالًا سياسيًا هزّ أركان وول ستريت. كان عبد الله، بعيونه التي تحمل وجع السكان الأصليين وغضب المهاجرين، يمثل صوت الشعب الذي سئم من الوعود الكاذبة. كلماته، وهو يخاطب الحشود، كانت تحمل صدى تولستوي في "الحرب والسلام"، حيث التاريخ ليس مجرد سلسلة أحداث، بل صراعٌ بين إرادة الشعوب وطغيان النخب. "لقد سرقوا أراضينا، أحلامنا، أبناءنا!" قال عبد الله، وكان صوته يرتفع كالريح قبل العاصفة. "لكنهم لن يسرقوا إرادتنا!"
كانت هذه الكلمات تخترق قلوب الحاضرين، كما لو كانت سكينًا حادة تقطع ستار الأكاذيب. في الحشد، وقفت ماريا غونزاليس، أرملةٌ فقدت ابنها ميغيل في حرب أفغانستان. كانت عيناها، كما في روايات كنفاني، مرآةً للمنفى الداخلي، حيث الوطن ليس مكانًا، بل شعورٌ مسروق. كانت ماريا تتذكر كيف تحولت أفغانستان، بعد الاحتلال الأمريكي، إلى أكبر مصدرٍ للهيروين في العالم. كانت الشائعات، التي انتشرت كالنار في الشوارع، تتحدث عن دور السي آي إيه في نشر المخدرات، عن شبكةٍ من الدولة العميقة التي جعلت من الموت تجارةً مربحة. "كانوا يعدوننا بالحرية، فأعطونا المخدرات!" همست ماريا لنفسها، وهي تراقب عبد الله وهو يرفع قبضته في الهواء. كانت تشعر، لأول مرة منذ سنوات، أن هناك من يتحدث باسمها، باسم المهمشين، باسم الذين دُمرت حياتهم باسم الحلم الأمريكي.
في زاويةٍ من الميدان، كان توماس ويليامز، حارس أمنٍ في الأربعين، يقف يراقب الحشد بعينين متعبين. كان راتبه الزهيد بالكاد يكفي لشراء قهوةٍ من المقاهي الفاخرة التي تحيط بتايمز سكوير. توماس، الذي قرأ في شبابه "1984" لجورج أورويل، كان يرى في وجوه الحشود شبح الأخ الأكبر، لكنه لم يعد يخاف. في جيبه، كان يحمل كتيّبًا صغيرًا كتبه عبد الله جونز، بعنوان "ثروتنا أم نهبهم؟"، كان قد أصبح دستورًا غير رسمي للثورة الناشئة. الكلمات في الكتيّب كانت بسيطة، لكنها حادة كما في أسلوب همنغواي: "الثروة ليست ملكًا للروتشيلد أو الروكفلر، بل هي دمٌ وعرق من يزرعون الأرض ويعملون في المصانع." توماس، وهو يقرأ هذه الكلمات في استراحته القصيرة، شعر بغضبٍ يتحول إلى أمل. كان يرى في عبد الله، ليس فقط قائدًا، بل رجلًا يشبهه، يعرف معنى أن تعيش في ظل نظامٍ يبيعك الأوهام بينما يسرق حياتك.
كانت شوارع نيويورك تعج بالحركة، لكنها لم تكن الحركة المعتادة للسياح والمتسوقين. كانت هناك طاقةٌ جديدة، طاقةٌ غاضبة وحيوية في آنٍ واحد. الشباب، معظمهم من أصول مكسيكية وأفريقية، كانوا يحملون لافتاتٍ مكتوبة بخطوطٍ يدوية: "الأرض لمن يزرعها!"، "لا حروب باسمنا!"، "وول ستريت إلى المزبلة!" كانت هذه اللافتات، في بساطتها، تحمل صدى قصص تشيخوف، حيث اللحظات الصغيرة من اليأس تتحول إلى شراراتٍ للتغيير. في إحدى الزوايا، كان شابٌ يرتدي قبعةً مكسيكية تقليدية يعزف على غيتارٍ قديم، وهو يغني أغنيةً شعبية تتحدث عن الأرض التي سُرقت من السكان الأصليين. صوته كان يمتزج مع هتافات الحشد، كأن الموسيقى والغضب قد صهرا معًا ليصبحا سلاحًا.
في تلك اللحظة، مرت سيارةٌ فاخرة تحمل شعار أحد البنوك الكبرى، وما إن رآها الحشد حتى هاجت الأصوات. "هؤلاء هم اللصوص!" صرخ شابٌ في العشرين، وفي لحظةٍ عفوية، ألقى زجاجة ماءٍ فارغة على السيارة. الزجاجة لم تُحدث ضررًا، لكنها كانت كافية لإشعال شرارة. في غضون دقائق، بدأ الحشد يتحرك نحو شارعٍ جانبي، حيث تقع مكاتب أحد البنوك التابعة لعائلة روكفلر. كان المشهد يحمل سخريةً غوغولية: شعبٌ سئم من الأكاذيب يتحرك كالمد البحري، بينما النخبة، في مكاتبها الزجاجية، ترتعد خلف ستائرها المخملية.
في وول ستريت، كان روبرت روكفلر الثالث يجلس في مكتبه الفاخر، يراقب الأخبار بعينين زائغتين. كان وجهه شاحبًا، كأنه يرى شبحًا. "شيوعي في نيويورك؟ هذا جنون!" صرخ، وهو يرمي كأس الويسكي على الحائط. لكن صوته كان يحمل نبرةً هزلية، كما في مسرحيات غوغول، حيث يتحول الطاغية إلى مهرجٍ يرتعد أمام مصيره. روبرت، الذي ورث إمبراطورية مالية تمتد من نيويورك إلى لندن، كان يعلم أن انتخاب عبد الله جونز لم يكن مجرد خسارة سياسية، بل تهديدًا لوجوده. كان يتذكر كلمات جده: "الشعب غبي، يمكن شراؤه بالوعود." لكن الشعب، كما بدا من شاشة التلفاز، لم يعد غبيًا. كانوا يحطمون واجهات البنوك، يرفعون اللافتات، ويهتفون بأسماءٍ لم يجرؤ أحد على نطقها علنًا من قبل: الروتشيلد، الروكفلر، آيباك.
في بروكلين، كانت سارة جونسون، أمٌ عازبة في الثلاثين، تجلس في شقتها الصغيرة. أمامها، فاتورة كهرباء لم تستطع دفعها، وفي الخارج، كان شابٌ مدمن على "مخدر الزومبي" يترنح كشبحٍ من رواية تشيخوف. كانت سارة، بأسلوب همنغواي المقتضب، تفكر: "لا مال. لا أمل. فقط البرد." ابنتها، ليلى، كانت نائمة على أريكةٍ مهترئة، ملفوفة ببطانيةٍ رقيقة. كانت سارة قد سمعت عن عبد الله جونز، لكنها لم تكن تؤمن بالسياسة. "كلهم يكذبون"، كانت تقول لنفسها. لكن في تلك الليلة، وصلتها رسالةٌ من إحدى "اللجان الشعبية" التي بدأت تنتشر في الأحياء الفقيرة. كانت الرسالة بسيطة: "تعالي، لدينا طعام ودواء." سارة، التي كانت تريد لابنتها أن تأكل، قررت الذهاب.
في مقر اللجنة، وهو قبوٌ صغير في مبنى مهجور، التقت سارة بشابٍ مكسيكي يدعى خوان كارلوس. كان خوان يتحدث بحماسةٍ عن "إعادة الأرض لأصحابها"، عن "العدالة الاجتماعية"، عن "نهاية وول ستريت". كلماته كانت تحمل صدى روايات منيف، حيث الصحراء الاجتماعية تتحول إلى ميدانٍ للنضال. سارة، التي لم تكن تفهم مصطلحات مثل "الشيوعية"، شعرت بشيءٍ يتحرك في قلبها. كانت تتذكر قصص والدها، وهو يروي عن السكان الأصليين الذين سُرقت أراضيهم. "الأرض لمن يزرعها"، قال خوان، وهذه الكلمات اخترقت قلب سارة كرصاصةٍ ناعمة.
في واشنطن، كان الجنرال مايكل سميث يجلس في غرفةٍ سرية في البنتاغون، يراقب تقارير الحرب العالمية الثالثة. كانت الأخبار قاتمة: طائرات إف-16 تسقط في أوكرانيا، وإسرائيل تتهاوى في غزة. مايكل، كشخصيةٍ من روايات ديستوفيسكي، كان يعاني من انقسامٍ داخلي. "نحن نُدمر العالم وأنفسنا!" كان يصرخ في داخله، لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مضطرًا لتنفيذ الأوامر. كان يعلم أن الحروب التي تُخاض في الخارج ليست سوى وسيلة لإلهاء الشعب عن النهب الداخلي. لكنه، كما في شخصيات ديستوفيسكي، كان عالقًا بين الضمير والواجب.
في تلك الأثناء، كانت شوارع نيويورك تشهد تحولًا. الحشود، التي بدأت كمظاهراتٍ عفوية، كانت الآن تتحول إلى حركةٍ منظمة. اللجان الشعبية، التي قادها أشخاص مثل عبد الله وخوان، بدأت تنتشر في المدن الأخرى: لوس أنجلوس، شيكاغو، ديترويت. كانت هذه اللجان توزع الطعام والدواء، لكنها كانت أيضًا تزرع بذور الثورة. في إحدى الليالي، أعلن عبد الله عن قانونٍ جديد: "تأميم البنوك." كانت هذه الكلمات، التي نُطقت في خطابٍ بثته محطات التلفزة المحلية، كالصاعقة. في وول ستريت، كان روبرت روكفلر يشاهد الخطاب، وجهه شاحب كالجثة. "هذا الرجل سيدمر كل شيء!" صرخ، لكن صوته كان كمن يصرخ في فراغ.
في بروكلين، كان توماس، حارس الأمن، قد قرر الانضمام إلى اللجان الشعبية. كان قد سئم من حياته كحارسٍ لأبواب الطغاة. في إحدى الليالي، شارك في مظاهرةٍ اقتحمت مبنىً تابعًا لبنكٍ كبير. لم يكن العنف هو الهدف، بل كان رمزًا. الحشد، وهو يحطم الواجهات الزجاجية، كان يهتف: "هذه أموالنا!" كانت تلك اللحظة تحمل سخريةً غوغولية: شعبٌ يستعيد ما سُرق منه، بينما النخبة تراقب من خلف الستائر، عاجزةً عن فهم ما يحدث.
في تلك الليلة، كانت ماريا، الأرملة التي فقدت ابنها، تقف في زاويةٍ من المظاهرة. كانت تحمل صورة ميغيل، وهي تهتف مع الحشد. كانت تشعر، لأول مرة منذ سنوات، أن هناك أملًا. لم تكن تفهم كل الكلمات التي يرددها الشباب عن "الشيوعية" و"العدالة الاجتماعية"، لكنها كانت تفهم شيئًا واحدًا: الظلم الذي عاشته لن يستمر إلى الأبد. كانت كلمات عبد الله، التي سمعتها في تايمز سكوير، تتردد في ذهنها: "لن يسرقوا إرادتنا."
في ديترويت، كانت سارة قد بدأت تشارك بانتظام في اجتماعات اللجنة الشعبية. كانت تجلس في القبو مع خوان كارلوس وآخرين، يناقشون خططًا لتوزيع الطعام، لكن أيضًا لإعادة تشكيل المجتمع. كان خوان يتحدث عن تاريخ السكان الأصليين، عن الأراضي التي سُرقت، وعن الحق في استعادتها. "نحن لسنا عبيدًا!" قال في إحدى الليالي، وكانت كلماته تحمل صدى روايات كنفاني، حيث النضال هو الطريق الوحيد للخلاص. سارة، التي كانت تستمع في صمت، شعرت بشيءٍ يتحرك في داخلها. لم تكن تعرف ما إذا كانت هذه الثورة ستنجح، لكنها كانت تعرف أنها لا تستطيع العودة إلى حياتها القديمة.
في واشنطن، كان الجنرال مايكل سميث يتلقى تقارير جديدة عن المظاهرات. كانت الأخبار تتحدث عن "فوضى" في نيويورك، لكن مايكل كان يعلم أنها ليست فوضى. كانت ثورة. في قلبه، كان يشعر بصراعٍ ديستوفيسكي: هل يواصل خدمة نظامٍ يعلم أنه فاسد؟ أم ينضم إلى الشعب؟ كان يتذكر كلمات والده، وهو جنديٌ سابق: "الوطن ليس الحكومة، الوطن هو الشعب." لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مقيدًا بالأوامر.
في تلك الليلة، عندما أطفأت نيويورك أضواءها الكاذبة، كانت المدينة على موعدٍ مع التاريخ. الحشود في تايمز سكوير لم تتفرق، بل زادت. كانوا يحملون مشاعل، لافتات، وأحلامًا. عبد الله جونز، واقفًا على منصةٍ مؤقتة، أنهى خطابه بكلماتٍ بسيطة: "هذا عالمنا، وسنستعيده!" كانت تلك الكلمات، كما في روايات غوركي، تحمل إيمانًا عميقًا بقوة الشعب. وفي تلك اللحظة، بدأت أمريكا، لأول مرة، تشعر بأنها على وشك أن تولد من جديد.
الفصل الاول : مهرجان الأكاذيب في تايمز سكوير
في ميدان تايمز سكوير، حيث تتوهج الأضواء كنجومٍ مزيفة في سماءٍ من زجاج، كانت نيويورك تمثل مسرحًا لعبثيةٍ ترتدي قناع الحرية. الشاشات العملاقة، التي كانت يومًا تعرض إعلاناتٍ لسلعٍ استهلاكية وأسلحةٍ عسكرية، صارت اليوم مظلمة، كأن المدينة قررت أن تُطفئ بريقها الكاذب. الحشود، التي كانت تتدفق كالنهر في شوارع المدينة، توقفت الآن، تتجمع في دائرةٍ غاضبة حول رجلٍ في الأربعين، بشرته مشبعة بدفء الصحراء المكسيكية، وعيناه تحملان ثقل التاريخ وخفة الحلم. عبد الله جونز، الذي وصفه دونالد ترامب بـ"الشيوعي المجنون" في تغريدةٍ محمومة قبل أشهر، لم يكن مجرد عمدة نيويورك الجديد. كان رمزًا لتمردٍ شعبي، زلزالًا سياسيًا هزّ أركان وول ستريت، وشبحًا يطارد أحلام الأوليغارشية التي نهبت ثروات العالم لقرون. صوته، وهو يخاطب الحشد، كان كموسيقى تولستوي في ملحمته "الحرب والسلام"، يحمل ثقل التاريخ ويعزف على أوتار الغضب المكبوت: "لقد باعونا الحرية، فإذا بها قيودٌ مطلية بالذهب! سرقوا أراضينا، أحلامنا، أبناءنا، لكنهم لن يسرقوا إرادتنا!"
كانت الكلمات تتردد في الهواء البارد، تخترق الضباب الذي يغلف المدينة كستارٍ رمادي. في الحشد، وقفت ماريا غونزاليس، أرملةٌ في الخامسة والأربعين، عيناها غائرتان كما لو كانتا تحملان وجع قرنٍ من الظلم. ابنها، ميغيل، كان قد مات في أفغانستان، في حربٍ زُرعت فيها بذور الهيروين بدلاً من الأمل. كانت ماريا تتذكر كيف كانت أفغانستان، قبل الاحتلال الأمريكي، بلدًا خاليًا من المخدرات، لكن السي آي إيه، كما تقول الشائعات التي انتشرت كالنار في الهشيم، حولت حقول الخشخاش إلى مصانعٍ للموت. "كانوا يعدوننا بالحلم الأمريكي، فأعطونا المخدرات!" هكذا همست ماريا لنفسها، وهي تراقب عبد الله وهو يرفع قبضته في الهواء. كانت عيناها، كما في روايات غسان كنفاني، مرآةً للمنفى الداخلي، حيث الوطن ليس مكانًا، بل شعورٌ مسروق.
كانت نيويورك، في تلك اللحظة، مسرحًا لسخريةٍ غوغولية. المدينة التي طالما رُوجت كرمزٍ للحرية، كانت الآن تنوء تحت وطأة تناقضاتها. شاشات تايمز سكوير، التي كانت تبيع أحلامًا لامعة، صارت صامتة، كأنها تعترف بعجزها عن إخفاء الحقيقة. الحشود، التي كانت يومًا تتدفق لشراء سلعٍ لا تحتاجها، كانت الآن تهتف: "كفى نهبًا! كفى روتشيلد!" كأن روح تولستوي، التي رأت في الحروب عبثًا يمزق النفوس، كانت تحوم فوق الميدان، تهمس للشعب: التاريخ لا يرحم الطغاة، مهما أضاؤوا سماءهم بأضواءٍ كاذبة.
في زاويةٍ من الميدان، وقف توماس ويليامز، حارس أمنٍ في الأربعين، يرتدي زيًا أزرق مهترئًا. كان راتبه الزهيد بالكاد يكفي لشراء قهوةٍ من المقاهي الفاخرة التي تحيط بالميدان. توماس، الذي قرأ في شبابه رواية "1984" لجورج أورويل، كان يرى في وجوه الحشود شبح الأخ الأكبر، لكنه لم يعد يخاف. في جيبه، كتيّبٌ صغير كتبه عبد الله جونز بعنوان "ثروتنا أم نهبهم؟"، كان قد أصبح دستورًا غير رسمي للثورة الناشئة. الكلمات في الكتيّب كانت بسيطة لكنها حادة كسكين: "الثروة ليست ملكًا للروتشيلد أو الروكفلر، بل هي دمٌ وعرق من يزرعون الأرض ويعملون في المصانع." توماس، وهو يقرأ هذه الكلمات في استراحته القصيرة، شعر بغضبٍ يتحول إلى أمل. كان يرى في عبد الله، ليس فقط قائدًا، بل رجلًا يشبهه، يعرف معنى أن تعيش في ظل نظامٍ يبيعك الأوهام بينما يسرق حياتك.
كانت الشوارع المحيطة بتايمز سكوير تعج بالحركة، لكنها لم تكن الحركة المعتادة للسياح والمتسوقين. كانت هناك طاقةٌ جديدة، طاقةٌ غاضبة وحيوية في آنٍ واحد. الشباب، معظمهم من أصول مكسيكية وأفريقية، كانوا يحملون لافتاتٍ مكتوبة بخطوطٍ يدوية: "الأرض لمن يزرعها!"، "لا حروب باسمنا!"، "وول ستريت إلى المزبلة!" كانت هذه اللافتات، في بساطتها، تحمل صدى روايات تشيخوف، حيث اللحظات الصغيرة من اليأس تتحول إلى شراراتٍ للتغيير. في إحدى الزوايا، كان شابٌ يرتدي قبعةً مكسيكية تقليدية يعزف على غيتارٍ قديم، وهو يغني أغنيةً شعبية تتحدث عن الأرض التي سُرقت من السكان الأصليين. صوته كان يمتزج مع هتافات الحشد، كأن الموسيقى والغضب قد صهرا معًا ليصبحا سلاحًا.
في تلك اللحظة، مرت سيارةٌ فاخرة تحمل شعار أحد البنوك الكبرى، وما إن رآها الحشد حتى هاجت الأصوات. "هؤلاء هم اللصوص!" صرخ شابٌ في العشرين، وفي لحظةٍ عفوية، ألقى زجاجة ماءٍ فارغة على السيارة. الزجاجة لم تُحدث ضررًا، لكنها كانت كافية لإشعال شرارة. في غضون دقائق، بدأ الحشد يتحرك نحو شارعٍ جانبي، حيث تقع مكاتب أحد البنوك التابعة لعائلة روكفلر. كان المشهد يحمل سخريةً غوغولية: شعبٌ سئم من الأكاذيب يتحرك كالمد البحري، بينما النخبة، في مكاتبها الزجاجية، ترتعد خلف ستائرها المخملية.
في الجانب الآخر من المدينة، في مكتبٍ فاخر في وول ستريت، كان روبرت روكفلر الثالث يجلس أمام شاشةٍ تعرض الأخبار. كان وجهه شاحبًا، وعيناه زائغتان كما لو كان يرى شبحًا. "شيوعي في نيويورك؟ هذا جنون!" صرخ، وهو يرمي كأس الويسكي على الحائط. لكن صوته كان يحمل نبرةً هزلية، كأنه مهرجٌ في مسرحيةٍ غوغولية، يحاول إنكار مصيره. روبرت، الذي ورث إمبراطورية مالية تمتد من نيويورك إلى لندن، كان يعلم أن انتخاب عبد الله جونز لم يكن مجرد خسارة سياسية، بل تهديدًا لوجوده. كان يتذكر كلمات جده: "الشعب غبي، يمكن شراؤه بالوعود." لكن الشعب، كما بدا من شاشة التلفاز، لم يعد غبيًا. كانوا يحطمون واجهات البنوك، يرفعون اللافتات، ويهتفون بأسماءٍ لم يجرؤ أحد على نطقها علنًا من قبل: الروتشيلد، الروكفلر، آيباك.
في تلك الأثناء، في شقةٍ صغيرة في بروكلين، كانت سارة جونسون، أمٌ عازبة في الثلاثين، تجلس على أريكةٍ مهترئة. أمامها، فاتورة كهرباء لم تستطع دفعها، وفي الخارج، كان شابٌ مدمن على "مخدر الزومبي" يترنح كشبحٍ من رواية تشيخوف. كانت سارة، بأسلوب همنغواي المقتضب، تفكر: "لا مال. لا أمل. فقط البرد." ابنتها، ليلى، كانت نائمة على الأرض، ملفوفة ببطانيةٍ رقيقة. كانت سارة قد سمعت عن عبد الله جونز، لكنها لم تكن تؤمن بالسياسة. "كلهم يكذبون"، كانت تقول لنفسها. لكن في تلك الليلة، وصلتها رسالةٌ من إحدى "اللجان الشعبية" التي بدأت تنتشر في الأحياء الفقيرة. كانت الرسالة بسيطة: "تعالي، لدينا طعام ودواء." سارة، التي كانت تريد لابنتها أن تأكل، قررت الذهاب.
في مقر اللجنة، وهو قبوٌ صغير في مبنى مهجور، التقت سارة بشابٍ مكسيكي يدعى خوان كارلوس. كان خوان يتحدث بحماسةٍ عن "إعادة الأرض لأصحابها"، عن "العدالة الاجتماعية"، عن "نهاية وول ستريت". كلماته كانت تحمل صدى روايات منيف، حيث الصحراء الاجتماعية تتحول إلى ميدانٍ للنضال. سارة، التي لم تكن تفهم مصطلحات مثل "الشيوعية"، شعرت بشيءٍ يتحرك في قلبها. كانت تتذكر قصص والدها، وهو يروي عن السكان الأصليين الذين سُرقت أراضيهم. "الأرض لمن يزرعها"، قال خوان، وهذه الكلمات اخترقت قلب سارة كرصاصةٍ ناعمة.
في تلك الليلة، عادت سارة إلى شقتها حاملةً سلةً من الطعام. لأول مرة منذ أشهر، تناولت هي وليلى وجبةً دافئة. لكن الأمل الذي شعرت به كان هشًا، كما لو كان زجاجًا يمكن أن يتحطم في أي لحظة. في الخارج، كانت شوارع بروكلين تعج بالحركة. كانت هناك مظاهراتٌ صغيرة، لافتاتٌ مرفوعة، وأصواتٌ تهتف ضد الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، اللذين تحولا إلى واجهتين لنفس العملة: عصابة الرأسمالية المتوحشة. كانت سارة تسمع هذه الأصوات من نافذتها، وهي تفكر: "هل هذا هو الحلم الأمريكي؟ أم أننا نعيش كابوسًا؟"
في واشنطن، كان الجنرال مايكل سميث يجلس في غرفةٍ سرية في البنتاغون، يراقب تقارير الحرب العالمية الثالثة. كانت الأخبار قاتمة: طائرات إف-16 تسقط في أوكرانيا، وإسرائيل تتهاوى في غزة. مايكل، كشخصيةٍ من روايات ديستوفيسكي، كان يعاني من انقسامٍ داخلي. "نحن نُدمر العالم وأنفسنا!" كان يصرخ في داخله، لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مضطرًا لتنفيذ الأوامر. كان يعلم أن الحروب التي تُخاض في الخارج ليست سوى وسيلة لإلهاء الشعب عن النهب الداخلي. لكنه، كما في شخصيات ديستوفيسكي، كان عالقًا بين الضمير والواجب.
في تلك الأثناء، كانت شوارع نيويورك تشهد تحولًا. الحشود، التي بدأت كمظاهراتٍ عفوية، كانت الآن تتحول إلى حركةٍ منظمة. اللجان الشعبية، التي قادها أشخاص مثل عبد الله وخوان، بدأت تنتشر في المدن الأخرى: لوس أنجلوس، شيكاغو، ديترويت. كانت هذه اللجان توزع الطعام والدواء، لكنها كانت أيضًا تزرع بذور الثورة. في إحدى الليالي، أعلن عبد الله عن قانونٍ جديد: "تأميم البنوك." كانت هذه الكلمات، التي نُطقت في خطابٍ بثته محطات التلفزة المحلية، كالصاعقة. في وول ستريت، كان روبرت روكفلر يشاهد الخطاب، وجهه شاحب كالجثة. "هذا الرجل سيدمر كل شيء!" صرخ، لكن صوته كان كمن يصرخ في فراغ.
في بروكلين، كان توماس، حارس الأمن، قد قرر الانضمام إلى اللجان الشعبية. كان قد سئم من حياته كحارسٍ لأبواب الطغاة. في إحدى الليالي، شارك في مظاهرةٍ اقتحمت مبنىً تابعًا لبنكٍ كبير. لم يكن العنف هو الهدف، بل كان رمزًا. الحشد، وهو يحطم الواجهات الزجاجية، كان يهتف: "هذه أموالنا!" كانت تلك اللحظة تحمل سخريةً غوغولية: شعبٌ يستعيد ما سُرق منه، بينما النخبة تراقب من خلف الستائر، عاجزةً عن فهم ما يحدث.
في تلك الليلة، كانت ماريا، الأرملة التي فقدت ابنها، تقف في زاويةٍ من المظاهرة. كانت تحمل صورة ميغيل، وهي تهتف مع الحشد. كانت تشعر، لأول مرة منذ سنوات، أن هناك أملًا. لم تكن تفهم كل الكلمات التي يرددها الشباب عن "الشيوعية" و"العدالة الاجتماعية"، لكنها كانت تفهم شيئًا واحدًا: الظلم الذي عاشته لن يستمر إلى الأبد. كانت كلمات عبد الله، التي سمعتها في تايمز سكوير، تتردد في ذهنها: "لن يسرقوا إرادتنا."
في ديترويت، كانت سارة قد بدأت تشارك بانتظام في اجتماعات اللجنة الشعبية. كانت تجلس في القبو مع خوان كارلوس وآخرين، يناقشون خططًا لتوزيع الطعام، لكن أيضًا لإعادة تشكيل المجتمع. كان خوان يتحدث عن تاريخ السكان الأصليين، عن الأراضي التي سُرقت، وعن الحق في استعادتها. "نحن لسنا عبيدًا!" قال في إحدى الليالي، وكانت كلماته تحمل صدى روايات كنفاني، حيث النضال هو الطريق الوحيد للخلاص. سارة، التي كانت تستمع في صمت، شعرت بشيءٍ يتحرك في داخلها. لم تكن تعرف ما إذا كانت هذه الثورة ستنجح، لكنها كانت تعرف أنها لا تستطيع العودة إلى حياتها القديمة.
في واشنطن، كان الجنرال مايكل سميث يتلقى تقارير جديدة عن المظاهرات. كانت الأخبار تتحدث عن "فوضى" في نيويورك، لكن مايكل كان يعلم أنها ليست فوضى. كانت ثورة. في قلبه، كان يشعر بصراعٍ ديستوفيسكي: هل يواصل خدمة نظامٍ يعلم أنه فاسد؟ أم ينضم إلى الشعب؟ كان يتذكر كلمات والده، وهو جنديٌ سابق: "الوطن ليس الحكومة، الوطن هو الشعب." لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مقيدًا بالأوامر.
في تلك الليلة، عندما أطفأت نيويورك أضواءها الكاذبة، كانت المدينة على موعدٍ مع التاريخ. الحشود في تايمز سكوير لم تتفرق، بل زادت. كانوا يحملون مشاعل، لافتات، وأحلامًا. عبد الله جونز، واقفًا على منصةٍ مؤقتة، أنهى خطابه بكلماتٍ بسيطة: "هذا عالمنا، وسنستعيده!" كانت تلك الكلمات، كما في روايات غوركي، تحمل إيمانًا عميقًا بقوة الشعب. وفي تلك اللحظة، بدأت أمريكا، لأول مرة، تشعر بأنها على وشك أن تولد من جديد.
الفصل الثاني : مسرحية وول ستريت
في قلب وول ستريت، حيث تنبض الرأسمالية كنبض قلبٍ ميكانيكي، كان مبنىً زجاجيًا يرتفع كقلعةٍ من زجاجٍ وفولاذ، يطل على نيويورك كإلهٍ يراقب عبيده. في الطابق الأعلى، جلس روبرت روكفلر الثالث، وريث إمبراطوريةٍ مالية تمتد جذورها عبر القرون، يعبث بقلمٍ ذهبي كأنه سيفٌ عاجز عن مواجهة العاصفة القادمة. كانت شاشة التلفاز أمامه تعرض صور عبد الله جونز، العمدة الجديد لنيويورك، وهو يخطب في حشودٍ غاضبة في تايمز سكوير. كانت كلمات عبد الله، التي تحمل صدى ملاحم تولستوي، تخترق الهواء كسهامٍ موجهة نحو قلب النظام: "لقد سرقوا ثرواتنا، لكنهم لن يسرقوا إرادتنا!" روبرت، وهو يشاهد هذا المشهد، شعر برعشةٍ باردة تسري في عروقه. "شيوعي في نيويورك؟ هذا جنون!" صرخ، وهو يرمي كأس الويسكي على الحائط الزجاجي، فتحطم الكأس تاركًا شظايا لامعة كأنها دموع النظام الرأسمالي. لكن صوته كان يحمل نبرةً هزلية، كما في مسرحيات غوغول، حيث يتحول الطاغية إلى مهرجٍ يرتعد أمام مصيره. روبرت، الذي ورث ثروةً تكفي لشراء دولٍ بأكملها، كان يعلم أن انتخاب عبد الله لم يكن مجرد خسارة سياسية، بل زلزالًا يهدد أسس وجوده. كان يتذكر كلمات جده: "الشعب غبي، يمكن شراؤه بالوعود." لكن الشعب، كما بدا من الشاشة، لم يعد غبيًا. كانوا يرفعون لافتاتٍ مكتوبة بخطوطٍ يدوية، يهتفون بأسماءٍ كانت تُنطق يومًا في الهمس: الروتشيلد، الروكفلر، آيباك.
في الطابق السفلي من المبنى، كان توماس ويليامز، حارس الأمن البالغ من العمر أربعين عامًا، يقف في زاويةٍ مظلمة، يرتدي زيًا أزرق مهترئًا. كان راتبه الزهيد بالكاد يكفي لشراء ساندويتشٍ من الأكشاك القريبة من وول ستريت، حيث يتدفق الأثرياء بسياراتهم الفاخرة. توماس، الذي قرأ في شبابه رواية "1984" لجورج أورويل، كان يرى في عيني روبرت روكفلر، الذي يمر به أحيانًا في الردهة، شبح الأخ الأكبر. لكنه، على عكس ونستون سميث، لم يعد يخاف. في جيبه، كان يحمل كتيّبًا صغيرًا كتبه عبد الله جونز، بعنوان "ثروتنا أم نهبهم؟"، كان قد أصبح دستورًا غير رسمي للحركة الناشئة. الكلمات في الكتيّب كانت بسيطة، لكنها حادة كسكين همنغواي: "الثروة ليست ملكًا للروكفلر، بل هي دمٌ وعرق من يعملون في المصانع ويزرعون الأرض." توماس، وهو يقرأ هذه الكلمات في استراحته القصيرة، شعر بغضبٍ يتحول إلى أمل. كان يرى في عبد الله، ليس فقط قائدًا، بل رجلًا يشبهه، يعرف معنى العيش في ظل نظامٍ يبيع الأوهام بينما يسرق الحياة.
في تلك الليلة، اندلعت شرارةٌ في بروكلين. كان العمال المهاجرون، معظمهم من أصول مكسيكية وأفريقية، قد تجمعوا أمام بنكٍ تابع لعائلة روكفلر. لم يكن العنف هو الهدف، بل كان رمزًا. كانوا يحطمون الواجهات الزجاجية، يهتفون: "هذه أموالنا!" كان المشهد يحمل سخريةً غوغولية: شعبٌ يستعيد ما سُرق منه بحجارةٍ وهتافات، بينما النخبة، في مكاتبها العالية، تراقب من خلف الستائر، عاجزةً عن فهم ما يحدث. كانت الصحف، المدعومة من الشركات الكبرى، تصف المتظاهرين بـ"الغوغاء" و"البرابرة"، لكن توماس، الذي كان يراقب المشهد من بعيد، رآهم كأبطالٍ في مسرحيةٍ غوغولية، حيث يسخر الشعب من الطغاة بضحكةٍ ثورية.
في شقةٍ صغيرة في بروكلين، كانت ماريا غونزاليس، الأرملة التي فقدت ابنها في أفغانستان، تجلس وحيدة. كانت صورة ميغيل، ابنها الذي مات في حربٍ لم يفهم أسبابها، معلقةً على الحائط كتذكارٍ مؤلم. كانت ماريا، بعيونٍ تحمل وجع كنفاني في "رجال في الشمس"، تتذكر كيف حولت السي آي إيه أفغانستان إلى مصنعٍ للهيروين. كانت الشائعات التي سمعتها في الحي تتحدث عن شبكةٍ من الدولة العميقة، حيث البنتاغون والسي آي إيه يوزعان المخدرات لتدمير جيلٍ بأكمله. "كانوا يعدوننا بالحلم الأمريكي، فأعطونا الموت!" همست ماريا لنفسها، وهي تستمع إلى أصوات المظاهرات من نافذتها المفتوحة. كانت قد سمعت خطاب عبد الله جونز في تايمز سكوير، وكانت كلماته تتردد في ذهنها كنشيدٍ ثوري: "لن يسرقوا إرادتنا." لأول مرة منذ سنوات، شعرت ماريا بأن هناك أملًا، وإن كان هشًا كزجاجٍ على وشك التحطم.
في ديترويت، بعيدًا عن بريق وول ستريت، كانت سارة جونسون، أمٌ عازبة في الثلاثين، تجلس في شقتها الباردة. أمامها، فاتورة كهرباء كأنها حكم إعدام، وفي الخارج، كان شابٌ مدمن على "مخدر الزومبي" يترنح كشبحٍ من قصة تشيخوف، حيث الحياة عبارة عن لحظاتٍ من اليأس الهزلي. سارة، بأسلوب همنغواي القاطع، كانت تفكر: "لا مال. لا أمل. فقط البرد والجوع." ابنتها، ليلى، كانت نائمة على أريكةٍ مهترئة، ملفوفة ببطانيةٍ رقيقة. كانت سارة قد سمعت عن عبد الله جونز، لكنها لم تكن تؤمن بالسياسة. "كلهم يكذبون"، كانت تقول لنفسها. لكن في تلك الليلة، وصلتها رسالةٌ من إحدى "اللجان الشعبية" التي بدأت تنتشر في الأحياء الفقيرة. كانت الرسالة بسيطة: "تعالي، لدينا طعام ودواء." سارة، التي كانت تريد لابنتها أن تأكل، قررت الذهاب.
في مقر اللجنة، وهو قبوٌ صغير في مبنى مهجور، التقت سارة بشابٍ مكسيكي يدعى خوان كارلوس. كان خوان يتحدث بحماسةٍ عن "إعادة الأرض لأصحابها"، عن "العدالة الاجتماعية"، عن "نهاية وول ستريت". كلماته كانت تحمل صدى روايات منيف، حيث الصحراء الاجتماعية تتحول إلى ميدانٍ للنضال. "الأرض لمن يزرعها، والمصانع لمن يعمل فيها"، قال خوان، وهذه الكلمات اخترقت قلب سارة كرصاصةٍ ناعمة. كانت تتذكر قصص والدها، وهو يروي عن السكان الأصليين الذين سُرقت أراضيهم. لم تكن سارة تفهم مصطلحات مثل "الشيوعية"، لكنها فهمت شيئًا واحدًا: الظلم الذي عاشته لن يستمر إلى الأبد.
في واشنطن، كان الجنرال مايكل سميث يجلس في غرفةٍ سرية في البنتاغون، يراقب تقارير الحرب العالمية الثالثة. كانت الأخبار قاتمة: طائرات إف-16 تسقط في أوكرانيا، وإسرائيل تتهاوى في غزة. مايكل، كشخصيةٍ من روايات ديستوفيسكي، كان يعاني من انقسامٍ داخلي. "نحن نُدمر العالم وأنفسنا!" كان يصرخ في داخله، لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مضطرًا لتنفيذ الأوامر. كان يعلم أن الحروب التي تُخاض في الخارج ليست سوى وسيلة لإلهاء الشعب عن النهب الداخلي. لكنه، كما في شخصيات ديستوفيسكي، كان عالقًا بين الضمير والواجب. كان يتذكر كلمات والده، وهو جنديٌ سابق: "الوطن ليس الحكومة، الوطن هو الشعب." لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مقيدًا بالأوامر.
في تلك الليلة، كانت شوارع بروكلين تعج بالحركة. كانت المظاهرات، التي بدأت كاحتجاجاتٍ عفوية، تتحول إلى حركةٍ منظمة. اللجان الشعبية، التي قادها أشخاص مثل عبد الله وخوان، بدأت تنتشر في المدن الأخرى: لوس أنجلوس، شيكاغو، ديترويت. كانت هذه اللجان توزع الطعام والدواء، لكنها كانت أيضًا تزرع بذور الثورة. في إحدى الليالي، أعلن عبد الله عن قانونٍ جديد: "تأميم البنوك." كانت هذه الكلمات، التي نُطقت في خطابٍ بثته محطات التلفزة المحلية، كالصاعقة. في وول ستريت، كان روبرت روكفلر يشاهد الخطاب، وجهه شاحب كالجثة. "هذا الرجل سيدمر كل شيء!" صرخ، لكن صوته كان كمن يصرخ في فراغ.
في بروكلين، كان توماس قد قرر الانضمام إلى اللجان الشعبية. كان قد سئم من حياته كحارسٍ لأبواب الطغاة. في إحدى الليالي، شارك في مظاهرةٍ اقتحمت مبنىً تابعًا لبنكٍ كبير. لم يكن العنف هو الهدف، بل كان رمزًا. الحشد، وهو يحطم الواجهات الزجاجية، كان يهتف: "هذه أموالنا!" كانت تلك اللحظة تحمل سخريةً غوغولية: شعبٌ يستعيد ما سُرق منه، بينما النخبة تراقب من خلف الستائر، عاجزةً عن فهم ما يحدث.
في تلك الليلة، كانت ماريا تقف في زاويةٍ من المظاهرة، تحمل صورة ميغيل. كانت تهتف مع الحشد، وتشعر، لأول مرة منذ سنوات، أن هناك أملًا. لم تكن تفهم كل الكلمات التي يرددها الشباب، لكنها كانت تفهم شيئًا واحدًا: الظلم الذي عاشته لن يستمر إلى الأبد. كانت كلمات عبد الله تتردد في ذهنها: "لن يسرقوا إرادتنا." في ديترويت، كانت سارة قد بدأت تشارك بانتظام في اجتماعات اللجنة الشعبية. كانت تجلس في القبو مع خوان كارلوس، يناقشون خططًا لتوزيع الطعام، لكن أيضًا لإعادة تشكيل المجتمع. كان خوان يتحدث عن تاريخ السكان الأصليين، عن الأراضي التي سُرقت، وعن الحق في استعادتها. "نحن لسنا عبيدًا!" قال، وكانت كلماته تحمل صدى روايات كنفاني. سارة، التي كانت تستمع في صمت، شعرت بشيءٍ يتحرك في داخلها. لم تكن تعرف ما إذا كانت هذه الثورة ستنجح، لكنها كانت تعرف أنها لا تستطيع العودة إلى حياتها القديمة.
في واشنطن، كان مايكل سميث يتلقى تقارير جديدة عن المظاهرات. كانت الأخبار تتحدث عن "فوضى" في نيويورك، لكن مايكل كان يعلم أنها ليست فوضى. كانت ثورة. في قلبه، كان يشعر بصراعٍ ديستوفيسكي: هل يواصل خدمة نظامٍ يعلم أنه فاسد؟ أم ينضم إلى الشعب؟ كان يتذكر كلمات والده: "الوطن هو الشعب." لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مقيدًا بالأوامر. في تلك الليلة، عندما أطفأت نيويورك أضواءها الكاذبة، كانت المدينة على موعدٍ مع التاريخ. الحشود لم تتفرق، بل زادت. كانوا يحملون مشاعل، لافتات، وأحلامًا. عبد الله جونز، واقفًا على منصةٍ مؤقتة، أنهى خطابه بكلماتٍ بسيطة: "هذا عالمنا، وسنستعيده!" كانت تلك الكلمات، كما في روايات غوركي، تحمل إيمانًا عميقًا بقوة الشعب. وفي تلك اللحظة، بدأت أمريكا تشعر بأنها على وشك أن تولد من جديد.
الفصل الثالث : ديترويت، مسرح اليأس
في ديترويت، حيث تتآكل المصانع كأسنان عجوزٍ مريضة، كانت المدينة تنام تحت وطأة اليأس، كأنها شبحٌ من مدينةٍ كانت يومًا قلب الصناعة الأمريكية. الشوارع، التي كانت تعج بحركة العمال وسيارات فورد وجنرال موتورز، تحولت إلى ممراتٍ مهجورة، تنتشر فيها أعشاب الإهمال وأشباح الفقر. في شقةٍ صغيرة في حيٍ منسي، جلست سارة جونسون، أمٌ عازبة في الثلاثين، على أريكةٍ مهترئة، تحدق في فاتورة كهرباء لم تستطع دفعها. كانت الفاتورة، بأرقامها الباردة، كحكم إعدامٍ معلق، تذكّرها بأن الحلم الأمريكي لم يكن سوى وهمٍ لامع. في الخارج، كان شابٌ مدمن على "مخدر الزومبي" يترنح تحت ضوء مصباحٍ مكسور، كشخصيةٍ من قصة تشيخوف، حيث الحياة تتحول إلى لحظاتٍ من اليأس الهزلي. سارة، بأسلوب همنغواي المقتضب، فكرت: "لا مال. لا أمل. فقط البرد والجوع." ابنتها، ليلى، كانت نائمة على الأرض، ملفوفة ببطانيةٍ رقيقة، وجهها الهادئ يخفي جوعًا لم تستطع سارة إخفاءه عن نفسها. كانت سارة قد سمعت عن عبد الله جونز، العمدة الجديد لنيويورك، وعن خطاباته النارية التي تبثها الإذاعات المحلية، لكنها لم تكن تؤمن بالسياسة. "كلهم يكذبون"، كانت تقول لنفسها، وهي تتذكر الوعود الفارغة التي سمعتها من الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، اللذين بدا أنهما يتفقان على شيءٍ واحد: إبقاء الفقراء في قاع المجتمع. لكن في تلك الليلة، وصلتها رسالةٌ مكتوبة بخطٍ يدوي من إحدى "اللجان الشعبية" التي بدأت تنتشر في الأحياء الفقيرة. كانت الرسالة بسيطة: "تعالي إلى القبو في شارع هاستينغز، لدينا طعام ودواء." سارة، التي كانت تريد لابنتها أن تأكل، لم تتردد. ارتدت معطفًا قديمًا، حملت ليلى النائمة، وخرجت إلى البرد القارس.
في القبو، وهو مكانٌ رطبٌ مضاء بمصابيح كهربائية ضعيفة، التقت سارة بشابٍ مكسيكي يدعى خوان كارلوس. كان خوان في العشرينيات، يرتدي قميصًا بسيطًا ويتحدث بحماسةٍ كأنه يحمل شعلةً في قلبه. "الأرض لمن يزرعها، والمصانع لمن يعمل فيها"، قال خوان، وهو يوزع أكياسًا من الأرز والفاصوليا على العائلات المتجمعة. كانت كلماته تحمل صدى روايات عبد الرحمن منيف، حيث الصحراء الاجتماعية تتحول إلى ميدانٍ للنضال. سارة، التي لم تكن تفهم مصطلحات مثل "العدالة الاجتماعية"، شعرت بشيءٍ يتحرك في داخلها. كانت تتذكر قصص والدها، وهو يروي عن السكان الأصليين الذين سُرقت أراضيهم في تكساس ونيو مكسيكو. "نحن لسنا عبيدًا!" أضاف خوان، وهو ينظر إلى الحاضرين بعيونٍ مشتعلة. كانت هذه الكلمات، تخترق القلب كسكينٍ حاد، تحمل وجع المنفى وأمل الخلاص. سارة، التي كانت تستمع في صمت، أخذت كيسًا من الطعام وعدت إلى شقتها. لأول مرة منذ أشهر، تناولت هي وليلى وجبةً دافئة، لكن الأمل الذي شعرت به كان هشًا، كزجاجٍ على وشك التحطم.
في تلك الليلة، استلقت سارة على الأريكة، وهي تستمع إلى أصوات الشوارع الخافتة. كانت ديترويت، على الرغم من يأسها، تبدو مختلفة. كانت هناك همهماتٌ عن "اللجان الشعبية"، عن عبد الله جونز، عن ثورةٍ تبدأ من نيويورك وتنتشر كالنار في الهشيم. كانت الإذاعات المحلية، التي استولى عليها ناشطون شباب، تبث خطاباتٍ تتحدث عن "إعادة توزيع الثروة" و"نهاية وول ستريت". سارة، التي كانت تشك في كل شيء، بدأت تتساءل: "ماذا لو كان هذا حقيقيًا؟" كانت تتذكر كلمات خوان: "الأرض لمن يزرعها." هذه الكلمات، في بساطتها، كانت تحمل وزن التاريخ ، حيث الشعوب تكتب مصيرها بدمها وعرقها.
في اليوم التالي، عادت سارة إلى القبو. كان خوان هناك، يناقش مع مجموعةٍ صغيرة خطةً لإعادة تشغيل مصنعٍ مهجور في الحي. "لماذا نترك المصانع لتصدأ بينما يمكننا تشغيلها؟" قال، وهو يشير إلى خريطةٍ مرسومة يدويًا. كان المصنع، الذي كان يومًا ملكًا لشركة جنرال موتورز، قد أُغلق منذ عقود، تاركًا آلاف العمال بلا عمل. كان خوان يتحدث بحماسةٍ عن "تأميم المصانع"، عن تحويلها إلى ملكيةٍ جماعية للعمال. سارة، التي كانت تعمل سابقًا كعاملة نظافة في أحد المصانع قبل إغلاقه، شعرت بأن هذه الفكرة، رغم غرابتها، تحمل معنى. "هل يمكننا فعلًا استعادة المصانع؟" سألت بصوتٍ خافت. "لم لا؟" أجاب خوان، وهو يبتسم. "إذا استطاع عبد الله جونز أن يهز وول ستريت، فلماذا لا نستطيع نحن إعادة بناء ديترويت؟"
في تلك الأثناء، في نيويورك، كان عبد الله جونز يواصل خطاباته النارية. كان قد أعلن عن قانونٍ جديد لتأميم البنوك، وهو قرارٌ أثار ذعرًا في أروقة وول ستريت. في مكتبٍ فاخر، كان روبرت روكفلر الثالث يجلس مع مجموعةٍ من المصرفيين، يناقشون كيفية مواجهة هذا "التهديد الشيوعي". "لا يمكن أن نسمح لهذا المجنون بتدمير كل شيء!" صرخ روبرت، لكن صوته كان يحمل نبرةً هزلية، كما في مسرحيات غوغول، حيث الطاغية يتحول إلى مهرجٍ يرتعد أمام مصيره. كان روبرت يعلم أن الشعب لم يعد يصدق الأكاذيب التي روّجتها عائلته لقرون. كانت الشاشات في مكتبه تعرض تقارير عن مظاهراتٍ في بروكلين، حيث حطم المتظاهرون واجهات بنكٍ تابع لعائلته. كان المشهد يحمل سخريةً مريرة: شعبٌ يستعيد ما سُرق منه بحجارةٍ وهتافات، بينما النخبة تراقب من خلف الزجاج، عاجزةً عن الرد.
في ديترويت، بدأت اللجان الشعبية تأخذ شكلًا أكثر تنظيمًا. كان خوان كارلوس، بمساعدة مجموعةٍ من العمال السابقين، قد بدأ بإصلاح المصنع المهجور. كانوا يعملون ليلاً ونهارًا، يستخدمون أدواتٍ قديمة ومعداتٍ تم استعادتها من المخازن المهجورة. كانت الفكرة بسيطة: إعادة تشغيل المصنع لإنتاج أدواتٍ زراعية وسلعٍ أساسية للأحياء الفقيرة. سارة، التي انضمت إلى المجموعة، وجدت نفسها تعمل إلى جانب خوان، تحمل أدواتٍ ثقيلة وتتعلم كيفية إصلاح الآلات. كانت تشعر، لأول مرة منذ سنوات، أنها جزءٌ من شيءٍ أكبر منها. كانت تتذكر كلمات خوان: "نحن لسنا عبيدًا." هذه الكلمات، التي كانت تحمل صدى كنفاني، جعلتها تفكر في والدها، الذي كان يحلم يومًا باستعادة الأرض التي سُرقت من أجداده.
في واشنطن، كان الجنرال مايكل سميث يجلس في غرفةٍ سرية في البنتاغون، يراقب تقارير الحرب العالمية الثالثة. كانت الأخبار قاتمة: طائرات إف-16 تسقط في أوكرانيا، وإسرائيل تتهاوى في غزة. مايكل، كشخصيةٍ من روايات ديستوفيسكي، كان يعاني من انقسامٍ داخلي. "نحن نُدمر العالم وأنفسنا!" كان يصرخ في داخله، لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مضطرًا لتنفيذ الأوامر. كان يعلم أن الحروب التي تُخاض في الخارج ليست سوى وسيلة لإلهاء الشعب عن النهب الداخلي. لكنه، كما في شخصيات ديستوفيسكي، كان عالقًا بين الضمير والواجب. كان يتذكر كلمات والده: "الوطن ليس الحكومة، الوطن هو الشعب." لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مقيدًا بالأوامر.
في ديترويت، كانت اللجان الشعبية تنمو كالنباتات البرية. كانت الأحياء، التي كانت يومًا موتى، تعود إلى الحياة. كان العمال، الذين فقدوا وظائفهم عندما أغلقت المصانع، يعودون الآن إلى العمل، ليس كعبيدٍ للشركات، بل كشركاء في مشروعٍ جماعي. كان خوان كارلوس يتحدث عن "اقتصاد الشعب"، عن نظامٍ لا يملكه الروتشيلد أو الروكفلر، بل الذين يعملون ويزرعون. سارة، التي كانت تسمع هذه الكلمات، بدأت تفهم أن هذه الثورة ليست مجرد حلم، بل واقعٌ يتشكل أمام عينيها.
في تلك الليلة، عادت سارة إلى شقتها، تحمل كيسًا آخر من الطعام من اللجنة. كانت ليلى مستيقظة هذه المرة، تسأل بصوتٍ خافت: "ماما، هل سنبقى هنا إلى الأبد؟" سارة، التي كانت تشعر بثقل السؤال، أجابت بابتسامةٍ متعبة: "لا، حبيبتي. سنبني عالمًا جديدًا." كانت هذه الكلمات، تحمل أملًا هشًا، لكنه كان كافيًا لإضاءة قلبها. في الخارج، كانت أصوات المظاهرات تتعالى، وكانت ديترويت، المدينة المنسية، تبدأ في الاستيقاظ.
في نيويورك، كان عبد الله جونز يواصل خطاباته، يتحدث عن "دستورٍ جديد" يضع الشعب في قلب السلطة. كانت كلماته تتردد في الشوارع، تنتشر عبر الإذاعات المحلية، تصل إلى ديترويت وشيكاغو ولوس أنجلوس. كان الشعب، الذي سئم من الأكاذيب، يبدأ في رؤية نفسه كقوةٍ لا تُقهر. في وول ستريت، كان روبرت روكفلر يشعر بأن الأرض تهتز تحت قدميه. كان يعلم أن هذه الثورة، التي بدأت بشرارةٍ في تايمز سكوير، لن تتوقف. في ديترويت، كانت سارة، وهي تنظر إلى ليلى النائمة، تفكر في كلمات خوان: "نحن لسنا عبيدًا." وفي تلك اللحظة، شعرت أنها، لأول مرة، ليست وحيدة.
الفصل الرابع : الحرب، المهرج الأخير
في غرفةٍ سرية في أعماق البنتاغون، حيث كانت الجدران العازلة للصوت تحجب أصوات العالم الخارجي، جلس الجنرال مايكل سميث، رجلٌ في الخمسين، وجهه محفور بخطوط التعب والصراع الداخلي. أمامه، على طاولةٍ من خشب الماهوغاني، كانت تقارير الحرب العالمية الثالثة مكدسة كأنها شاهدة على فشلٍ محتوم. كانت الأخبار قاتمة: طائرات إف-16 تتساقط في سماء أوكرانيا، وإسرائيل، التي كانت يومًا رأس حربة الرأسمالية في الشرق الأوسط، تتهاوى تحت ضربات المقاومة في غزة. مايكل، كان يعاني من انقسامٍ داخلي يمزق روحه. في قلبه، كان صوتٌ يصرخ: "نحن نُدمر العالم وأنفسنا!" لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مقيدًا بسلاسل الأوامر. كان يعلم أن الحروب التي تُخاض في الخارج ليست سوى ستارٍ لإلهاء الشعب الأمريكي عن النهب الداخلي، عن الثروات التي تُسرق باسم الحرية، وعن المخدرات التي تُوزع في الشوارع لتدمير جيلٍ بأكمله. كان يتذكر كلمات والده، جنديٌ سابق في فيتنام: "الوطن ليس الحكومة، الوطن هو الشعب." لكن هذه الكلمات، التي كانت تحمل صدى الحقيقة، كانت تتلاشى أمام واجبه العسكري. كان مايكل، كراسكولنيكوف في رواية "الجريمة والعقاب"، يحمل فأسًا رمزيًا لا يقتل سوى ضميره.
في الغرفة، كان هناك عملاء من السي آي إيه، يرتدون بذلاتٍ سوداء، يتحدثون بلغةٍ باردة عن "استراتيجيات الاحتواء" و"إدارة الأزمات". كانوا يناقشون كيفية قمع الحركة الشعبية التي بدأت تنتشر في نيويورك وديترويت ولوس أنجلوس. كان اسم عبد الله جونز، العمدة الجديد لنيويورك، يتردد في الغرفة كشبحٍ يطارد أحلامهم. "هذا الشيوعي يهدد كل شيء!" قال أحد العملاء، وهو يشير إلى تقريرٍ يتحدث عن قانون تأميم البنوك الذي أعلنه عبد الله. لكن مايكل، الذي كان يستمع في صمت، شعر بشيءٍ يتحرك في داخله. كان يعلم أن عبد الله ليس مجرد "شيوعي"، بل صوتٌ لشعبٍ سئم من الأكاذيب. كانت تقارير السي آي إيه تتحدث عن "الفوضى" في الشوارع، لكن مايكل رأى فيها شيئًا آخر: ثورة.
في لوس أنجلوس، كانت الشوارع تغلي بالغضب. كانت المظاهرات، التي بدأت كاحتجاجاتٍ عفوية ضد الحروب والفقر، تتحول إلى حركةٍ منظمة. الشباب، معظمهم من أصول مكسيكية وأفريقية، كانوا يرفعون لافتاتٍ تحمل شعاراتٍ مستوحاة من روايات عبد الرحمن منيف: "النفط للشعب، لا للقنابل!" كانت مليارات الدولارات تُرسل إلى أوكرانيا وإسرائيل، بينما أطفال لوس أنجلوس يجوعون في الأحياء الفقيرة. كان الشباب يهتفون: "لا حروب باسمنا!" كأن روح منيف، التي وصفت النضال ضد الاستعمار والنهب، تنبض في قلوبهم. في إحدى المظاهرات، قاد شابٌ يدعى كارلوس، من أصول مكسيكية، حشدًا نحو مبنىً حكومي. كان كارلوس، بعيونٍ مشتعلة، يتحدث عن "إعادة الأرض لأصحابها"، عن حلمٍ يمتد من تكساس إلى المكسيك. كانت كلماته تحمل صدى كنفاني، حيث النضال هو الطريق الوحيد للخلاص.
في ديترويت، كانت سارة جونسون قد أصبحت جزءًا من اللجنة الشعبية التي يقودها خوان كارلوس. كانت تعمل معه في المصنع المهجور، تحمل أدواتٍ ثقيلة وتتعلم كيفية إصلاح الآلات. كانت الفكرة التي طرحها خوان بسيطة لكنها ثورية: إعادة تشغيل المصنع لإنتاج أدواتٍ زراعية وسلعٍ أساسية للأحياء الفقيرة. سارة، التي كانت تعمل سابقًا كعاملة نظافة، وجدت نفسها تتحول إلى جزءٍ من مشروعٍ أكبر. كانت تتذكر كلمات خوان: "نحن لسنا عبيدًا." هذه الكلمات، التي كانت تحمل وزن التاريخ، جعلتها تفكر في والدها، الذي كان يحلم باستعادة الأرض التي سُرقت من أجداده. في إحدى الليالي، بينما كانت تعمل في المصنع، اقترب منها خوان وسألها: "لماذا انضممتِ إلينا؟" سارة، التي لم تكن معتادة على الحديث عن مشاعرها، أجابت بأسلوب همنغواي المقتضب: "لأنني أريد لابنتي أن تعيش." كان جوابها بسيطًا، لكنه كان يحمل عمقًا يشبه قصص تشيخوف، حيث اللحظات الصغيرة من اليأس تتحول إلى شراراتٍ للتغيير.
في نيويورك، كان عبد الله جونز يواصل خطاباته النارية. كان قد أعلن عن قانونٍ جديد لتأميم البنوك، وهو قرارٌ أثار ذعرًا في أروقة وول ستريت. في مكتبٍ فاخر، كان روبرت روكفلر الثالث يجلس مع مجموعةٍ من المصرفيين، يناقشون كيفية مواجهة هذا "التهديد الشيوعي". "لا يمكن أن نسمح لهذا المجنون بتدمير كل شيء!" صرخ روبرت، لكن صوته كان يحمل نبرةً هزلية، كما في مسرحيات غوغول، حيث الطاغية يتحول إلى مهرجٍ يرتعد أمام مصيره. كان روبرت يعلم أن الشعب لم يعد يصدق الأكاذيب التي روّجتها عائلته لقرون. كانت الشاشات في مكتبه تعرض تقارير عن مظاهراتٍ في بروكلين، حيث حطم المتظاهرون واجهات بنكٍ تابع لعائلته. كان المشهد يحمل سخريةً مريرة: شعبٌ يستعيد ما سُرق منه بحجارةٍ وهتافات، بينما النخبة تراقب من خلف الزجاج، عاجزةً عن الرد.
في لوس أنجلوس، كانت المظاهرات تأخذ شكلًا أكثر عنفًا. كان الشباب، الذين سئموا من الحروب التي تُخاض باسمهم، يتحدون قوات الأمن في الشوارع. كان كارلوس، الشاب المكسيكي، يقود حشدًا نحو مبنىً تابع لشركة أسلحة. "هذه الأسلحة تُصنع من عرقنا، ثم تُستخدم لقتل إخوتنا!" صرخ كارلوس، وهو يشير إلى لافتةٍ كتب عليها: "لا للحروب!" كانت كلماته تحمل صدى كنفاني، حيث النضال ضد الظلم هو الطريق الوحيد للخلاص. في تلك الليلة، اندلعت مواجهاتٌ بين المتظاهرين وقوات الأمن، لكن الشباب لم يتراجعوا. كانوا يحملون مشاعل، لافتات، وغضبًا تراكم عبر أجيال.
في ديترويت، كانت سارة وخوان يواصلان عملهما في المصنع المهجور. كان المصنع، الذي كان يومًا رمزًا للصناعة الأمريكية، يعود إلى الحياة ببطء. كان العمال، الذين فقدوا وظائفهم عندما أغلقت الشركات الكبرى أبوابها، يعودون الآن إلى العمل، ليس كعبيدٍ للشركات، بل كشركاء في مشروعٍ جماعي. كان خوان يتحدث عن "اقتصاد الشعب"، عن نظامٍ لا يملكه الروتشيلد أو الروكفلر، بل الذين يعملون ويزرعون. سارة، التي كانت تسمع هذه الكلمات، بدأت تفهم أن هذه الثورة ليست مجرد حلم، بل واقعٌ يتشكل أمام عينيها.
في واشنطن، كان مايكل سميث يتلقى تقارير جديدة عن المظاهرات. كانت الأخبار تتحدث عن "فوضى" في لوس أنجلوس ونيويورك، لكن مايكل كان يعلم أنها ليست فوضى. كانت ثورة. في قلبه، كان يشعر بصراعٍ ديستوفيسكي: هل يواصل خدمة نظامٍ يعلم أنه فاسد؟ أم ينضم إلى الشعب؟ كان يتذكر كلمات والده: "الوطن هو الشعب." لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مقيدًا بالأوامر. في إحدى اللحظات، تلقى تقريرًا عن مواجهاتٍ في لوس أنجلوس، حيث قُتل شابٌ مكسيكي على يد قوات الأمن. كان اسم الشاب كارلوس. مايكل، الذي لم يكن يعرف كارلوس، شعر بثقل الاسم في قلبه. كان يعلم أن كل رصاصةٍ تُطلق على المتظاهرين هي رصاصةٌ في صدر الوطن.
في ديترويت، كانت سارة تعمل في المصنع عندما وصلت أخبار مقتل كارلوس. كان خوان، الذي كان يعرف كارلوس من خلال شبكة اللجان الشعبية، يقف في صمت، عيناه مشتعلتان بالغضب. "لن يوقفونا!" قال، وهو يرفع قبضته. كانت كلماته تحمل صدى غوركي، حيث الشعب يصبح قوةً لا تُقهر عندما يتحد. سارة، التي كانت تسمع هذه الكلمات، شعرت بشيءٍ يتغير في داخلها. لم تكن تعرف كارلوس، لكنها شعرت أن موته ليس نهاية، بل بداية. في تلك الليلة، تجمع العمال في المصنع، وأعلن خوان عن خطةٍ لتنظيم مظاهرةٍ كبرى في ديترويت. "سنظهر لهم أننا لسنا عبيدًا!" قال، وكانت كلماته تحمل وزن التاريخ.
في نيويورك، كان عبد الله جونز يتلقى أخبار مقتل كارلوس. كان يعلم أن هذه اللحظة هي نقطة تحول. في خطابٍ بثته الإذاعات المحلية، قال: "كل رصاصةٍ تُطلق على أحدنا هي رصاصةٍ في قلب النظام!" كانت كلماته تحمل صدى تولستوي، حيث التاريخ يُكتب بدم الشعوب. في وول ستريت, كان روبرت روكفلر يشاهد الخطاب, وجهه شاحب كالجثة. "هذا الرجل سيدمر كل شيء!" صرخ, لكن صوته كان كمن يصرخ في فراغ. في ديترويت, كانت سارة, وهي تنظر إلى ليلى النائمة, تفكر في كلمات خوان: "نحن لسنا عبيدًا." وفي تلك اللحظة, شعرت أنها, لأول مرة, جزء من شيءٍ أكبر منها.
الفصل الخامس : الروتشيلد، مهرجون في قصرٍ فارغ
في قصرٍ فخم في لندن، حيث الجدران مزينة بلوحاتٍ تعود إلى القرن الثامن عشر والأثاث مغطى بالمخمل الأحمر، جلس إدوارد روتشيلد، وريث إمبراطوريةٍ مالية تمتد كالأخطبوط عبر القارات، يرتشف الشاي بيدٍ ترتجف كأنها تحمل ثقل العالم. أمامه، شاشة التلفاز كانت تعرض مشاهد الفوضى التي اجتاحت نيويورك: حشودٌ تهتف في تايمز سكوير، واجهات بنوكٍ محطمة في بروكلين، وخطابات عبد الله جونز، العمدة الجديد الذي أعلن تأميم البنوك. كانت الأخبار من الشرق الأوسط أسوأ: إسرائيل، التي كانت يومًا رأس حربة النفوذ الغربي، تتهاوى تحت ضربات المقاومة في غزة. إدوارد، الذي كان يعتقد أن عائلته لا تُقهر، شعر ببردٍ يسري في عروقه. "كيف يجرؤ هؤلاء الفلاحون؟" تمتم، لكن صوته كان يحمل نبرةً هزلية، كما في مسرحيات غوغول، حيث يتحول الطاغية إلى مهرجٍ يرتعد أمام مصيره. كان إدوارد يعلم أن الشعب، الذي طالما احتقره، قد استيقظ. كانت الشاشة تعرض صورًا لشبابٍ من أصول مكسيكية وأفريقية يرفعون لافتاتٍ مكتوبة بخطوطٍ يدوية: "الثروة للشعب!"، "لا للروتشيلد!" كان المشهد يحمل سخريةً مريرة: عائلةٌ كانت تتحكم بالعالم من خلف الكواليس أصبحت الآن هدفًا للغضب الشعبي.
في واشنطن، كانت الأجواء لا تقل توترًا. دونالد ترامب، الذي كان يروج لنفسه كمنقذٍ لأمريكا، جلس في غرفةٍ فاخرة في البيت الأبيض، يشاهد الأخبار بعينين زائغتين. كان قد كتب تغريدةً قبل ساعات، وصف فيها عبد الله جونز بـ"الشيوعي المجنون"، لكن التغريدة، التي كانت تُثير يومًا ملايين التعليقات، مرت هذه المرة دون أن يلتفت إليها أحد. كان الشعب في الشوارع، من نيويورك إلى لوس أنجلوس، يهتف: "ترامب وبايدن، وجهان لكذبةٍ واحدة!" جو بايدن، الذي كان يجلس في مكتبٍ آخر، كان يحاول صياغة خطابٍ لتهدئة الأوضاع. "هذه فوضى!" قال في خطابه المتخبط، لكن كلماته كانت تتلاشى كالدخان في الهواء. كان الشعب، كما في روايات أورويل، قد بدأ يرى الحقيقة: النظام برمته، بكل أحزابه ومؤسساته، كان خدعةً مدعومة بأموال الروتشيلد والروكفلر. في مظاهرةٍ عارمة في واشنطن، اقتحم المتظاهرون حديقةً قريبة من الكابيتول، حاملين لافتاتٍ كتب عليها: "الحرية ليست للبيع!" في لحظةٍ رمزية، أحرقوا تمثالًا صغيرًا لتمثال الحرية، كأن روح أورويل كانت تهمس لهم: "إذا لم تستعيدوا حريتكم، ستصبحون عبيدًا إلى الأبد."
في ديترويت، كانت سارة جونسون قد أصبحت جزءًا لا يتجزأ من اللجنة الشعبية التي يقودها خوان كارلوس. كانت تعمل في المصنع المهجور، الذي بدأ يعود إلى الحياة ببطء، كأن المدينة نفسها تستعيد أنفاسها. كان العمال، الذين فقدوا وظائفهم عندما أغلقت الشركات الكبرى أبوابها، يعملون الآن كشركاء في مشروعٍ جماعي. كان خوان يتحدث عن "اقتصاد الشعب"، عن نظامٍ لا يملكه الأوليغارشية، بل الذين يعملون ويزرعون. سارة، التي كانت تسمع هذه الكلمات، بدأت تفهم أن هذه الثورة ليست مجرد حلم، بل واقعٌ يتشكل أمام عينيها. في إحدى الليالي، بينما كانت تعمل في المصنع، اقترب منها خوان وسألها: "هل تؤمنين الآن؟" سارة، التي لم تكن معتادة على الحديث عن مشاعرها، أجابت بأسلوب همنغواي المقتضب: "أؤمن لأنني أرى." كان جوابها بسيطًا، لكنه كان يحمل عمقًا يشبه قصص تشيخوف، حيث اللحظات الصغيرة من اليأس تتحول إلى شراراتٍ للتغيير.
في لوس أنجلوس، كانت المظاهرات تأخذ شكلًا أكثر تنظيمًا. كان كارلوس، الشاب المكسيكي الذي قُتل على يد قوات الأمن، قد أصبح رمزًا للثورة. كانت صورته تُرفع في المظاهرات، وكان اسمه يتردد في الهتافات: "كارلوس حي فينا!" كان الشباب، الذين سئموا من الحروب التي تُخاض باسمهم، يتحدون قوات الأمن في الشوارع. كانوا يحملون لافتاتٍ تحمل شعاراتٍ مستوحاة من روايات عبد الرحمن منيف: "النفط للشعب، لا للقنابل!" كانت مليارات الدولارات تُرسل إلى أوكرانيا وإسرائيل، بينما أطفال لوس أنجلوس يجوعون في الأحياء الفقيرة. في إحدى المظاهرات، قاد شابٌ يدعى ميغيل، من أصول أفريقية، حشدًا نحو مبنىً تابع لشركة أسلحة. "هذه الأسلحة تُصنع من عرقنا، ثم تُستخدم لقتل إخوتنا!" صرخ ميغيل، وهو يشير إلى لافتةٍ كتب عليها: "لا للحروب!" كانت كلماته تحمل صدى كنفاني، حيث النضال ضد الظلم هو الطريق الوحيد للخلاص.
في واشنطن، كان الجنرال مايكل سميث يتلقى تقارير جديدة عن المظاهرات. كانت الأخبار تتحدث عن "فوضى" في لوس أنجلوس ونيويورك، لكن مايكل كان يعلم أنها ليست فوضى. كانت ثورة. في قلبه، كان يشعر بصراعٍ ديستوفيسكي: هل يواصل خدمة نظامٍ يعلم أنه فاسد؟ أم ينضم إلى الشعب؟ كان يتذكر كلمات والده: "الوطن هو الشعب." لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مقيدًا بالأوامر. في إحدى اللحظات، تلقى تقريرًا عن مواجهاتٍ في لوس أنجلوس، حيث قُتل شابٌ آخر على يد قوات الأمن. كان اسم الشاب ميغيل. مايكل، الذي لم يكن يعرف ميغيل، شعر بثقل الاسم في قلبه. كان يعلم أن كل رصاصةٍ تُطلق على المتظاهرين هي رصاصةٌ في صدر الوطن.
في لندن، كان إدوارد روتشيلد يشاهد الأخبار بعينين زائغتين. كان يعلم أن سقوط إسرائيل ليس مجرد خسارةٍ سياسية، بل نهايةً لنظامٍ كان عائلته مهندسه. كانت تقارير السي آي إيه، التي كان يتلقاها عبر قنواتٍ سرية، تتحدث عن "انهيار النظام العالمي". لكن إدوارد، كما في روايات غوركي، كان يشعر بأن الشعب الذي طالما احتقره قد أصبح قوةً لا تُقهر. "كيف يجرؤون؟" تمتم، لكن صوته كان يتلاشى كالصدى في قصرٍ فارغ. كان يتذكر كلمات جده: "المال يشتري كل شيء." لكن الشعب، كما بدا من الشاشة، لم يعد للبيع.
في ديترويت، كانت سارة وخوان يواصلان عملهما في المصنع المهجور. كان المصنع، الذي كان يومًا رمزًا للصناعة الأمريكية، يعود إلى الحياة ببطء. كان العمال يعملون ليلاً ونهارًا، يستخدمون أدواتٍ قديمة ومعداتٍ تم استعادتها من المخازن المهجورة. كانت الفكرة بسيطة: إنتاج أدواتٍ زراعية وسلعٍ أساسية للأحياء الفقيرة. سارة، التي كانت تعمل إلى جانب خوان، شعرت، لأول مرة منذ سنوات، أنها جزءٌ من شيءٍ أكبر منها. كانت تتذكر كلمات خوان: "نحن لسنا عبيدًا." هذه الكلمات، التي كانت تحمل صدى كنفاني، جعلتها تفكر في والدها، الذي كان يحلم يومًا باستعادة الأرض التي سُرقت من أجداده.
في نيويورك، كان عبد الله جونز يتلقى أخبار مقتل ميغيل. كان يعلم أن هذه اللحظة هي نقطة تحول. في خطابٍ بثته الإذاعات المحلية، قال: "كل رصاصةٍ تُطلق على أحدنا هي رصاصةٍ في قلب النظام!" كانت كلماته تحمل صدى تولستوي، حيث التاريخ يُكتب بدم الشعوب. في وول ستريت, كان روبرت روكفلر يشاهد الخطاب, وجهه شاحب كالجثة. "هذا الرجل سيدمر كل شيء!" صرخ, لكن صوته كان كمن يصرخ في فراغ. في ديترويت, كانت سارة, وهي تنظر إلى ليلى النائمة, تفكر في كلمات خوان: "نحن لسنا عبيدًا." وفي تلك اللحظة, شعرت أنها, لأول مرة, جزء من شيءٍ أكبر منها.
الفصل السادس : عودة الأرض إلى أهلها
في تكساس، حيث الأرض مشبعة بدماء السكان الأصليين وممزوجة بغبار التاريخ، كانت الرياح تحمل همسات التمرد. السهول الشاسعة، التي كانت يومًا موطنًا لشعوبٍ حرة قبل أن تُسلب منهم، كانت الآن مسرحًا لثورةٍ جديدة. في بلدةٍ صغيرة على الحدود مع المكسيك، وقف خوان كارلوس، شابٌ مكسيكي في الخامسة والعشرين، أمام حشدٍ من المزارعين والعمال. كانت عيناه مشتعلتين بنارٍ ورثها من أجداده، الذين قاتلوا ضد الاستعمار الإسباني ثم الأمريكي. "نحن لسنا عبيدًا!" صرخ، وهو يرفع قبضته في الهواء، كأن روح غسان كنفاني في "رجال في الشمس" تنبض في كلماته. كان خوان يقود حركةً تطالب بإعادة الأراضي التي سُرقت من السكان الأصليين والمهاجرين المكسيكيين، أراضٍ تحولت إلى مزارع صناعية تملكها شركاتٌ تابعة لعائلات مثل الروتشيلد والروكفلر. كانت لافتات الحشد تحمل شعاراتٍ بسيطة لكنها ثقيلة كالتاريخ: "الأرض لمن يزرعها!"، "لا للنهب!" كان خوان يتحدث بلغةٍ واضحة، مستوحاة من روايات عبد الرحمن منيف، حيث النضال ضد الاستعمار والرأسمالية هو طريق الخلاص. "سرقوا أراضينا، لكنهم لن يسرقوا كرامتنا!" قال، وكانت كلماته تخترق قلوب الحاضرين كسكينٍ حادة، تحمل وجع المنفى وأمل العودة.
في الحشد، وقفت ماريا غونزاليس، الأرملة التي فقدت ابنها ميغيل في أفغانستان. كانت قد سافرت إلى تكساس بعد أن سمعت عن حركة خوان كارلوس، التي بدأت تنتشر كالنار في أمريكا اللاتينية. كانت ماريا، بعيونٍ تحمل وجع كنفاني، ترى في خوان صورةً لابنها الذي مات في حربٍ كاذبة. كانت تحمل صورة ميغيل في يدها، كأنها تذكارٌ يربطها بالنضال. "كانوا يعدوننا بالحلم الأمريكي، فأعطونا الموت!" قالت لامرأةٍ تقف بجانبها، وهي تشير إلى الشائعات التي انتشرت عن دور السي آي إيه في تحويل أفغانستان إلى مصنعٍ للهيروين. كانت ماريا، التي انضمت إلى اللجان الشعبية في نيويورك، تشعر الآن أن هذه الحركة في تكساس هي امتدادٌ لنفس النضال. كانت ترى في خوان، كما في عبد الله جونز، رمزًا لشعبٍ سئم الأكاذيب.
في لوس أنجلوس، كانت الحركة تأخذ شكلًا أكثر قوة. كان الشباب، الذين فقدوا كارلوس وميغيل على يد قوات الأمن، قد رفعوا علمًا جديدًا، يمزج بين ألوان المكسيك وشعار العدالة الاجتماعية. كان الشعار بسيطًا: "من أجل الأرض والكرامة." كانت المظاهرات، التي بدأت كاحتجاجاتٍ ضد الحروب والفقر، تتحول إلى تحالفٍ شعبي يضم السود والمكسيكيين والمهاجرين من أمريكا اللاتينية. كانوا يهتفون: "من غزة إلى تكساس، الثورة واحدة!" كأن روح منيف، التي وصفت النضال ضد النهب في "مدن الملح"، كانت تحوم فوق الشوارع. في إحدى المظاهرات، قاد شابٌ يدعى خالد، من أصول فلسطينية، حشدًا نحو مبنىً تابع لشركة نفط. "النفط للشعب، لا للقنابل!" صرخ، وكانت كلماته تحمل صدى كنفاني، حيث النضال ضد الظلم هو الطريق الوحيد للخلاص.
في ديترويت، كانت سارة جونسون تواصل عملها في المصنع المهجور الذي أعيد تشغيله. كان المصنع، الذي كان يومًا رمزًا للصناعة الأمريكية، ينتج الآن أدواتٍ زراعية تُوزع على الأحياء الفقيرة. سارة، التي كانت تعمل إلى جانب خوان كارلوس، شعرت، لأول مرة منذ سنوات، أنها جزءٌ من شيءٍ أكبر منها. كانت تتذكر كلمات خوان: "نحن لسنا عبيدًا." هذه الكلمات، التي كانت تحمل وزن التاريخ، جعلتها تفكر في والدها، الذي كان يحلم باستعادة الأرض التي سُرقت من أجداده. في إحدى الليالي، بينما كانت تعمل في المصنع، وصلت أخبار عن حركة خوان كارلوس في تكساس. كان العمال في المصنع يستمعون إلى الإذاعة المحلية، التي استولى عليها ناشطون، وهي تبث خطاباتٍ من تكساس ونيويورك ولوس أنجلوس. كانت الأخبار تتحدث عن تحالفٍ شعبي يمتد من المكسيك إلى كوبا، حيث بدأت الحركات الشعبية تستلهم من بعضها البعض. سارة، التي كانت تسمع هذه الأخبار، شعرت بأن الثورة ليست مجرد حلم، بل واقعٌ يتشكل أمام عينيها.
في واشنطن، كان الجنرال مايكل سميث يجلس في غرفةٍ سرية في البنتاغون، يراقب تقارير الحرب والمظاهرات. كانت الأخبار قاتمة: إسرائيل تتهاوى، وأوكرانيا تتحول إلى مستنقعٍ من الفشل العسكري. لكن ما كان يقلق مايكل أكثر كانت الأخبار من تكساس، حيث بدأت حركة خوان كارلوس تهدد استقرار النظام. كان مايكل، كشخصيةٍ من روايات ديستوفيسكي، يعاني من صراعٍ داخلي يمزق روحه. "نحن نُدمر أنفسنا!" كان يصرخ في داخله، لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مقيدًا بالأوامر. كان يعلم أن الحروب في الخارج ليست سوى ستارٍ لإلهاء الشعب عن النهب الداخلي. كان يتذكر كلمات والده: "الوطن هو الشعب." لكنه، كرجلٍ عسكري، كان عالقًا بين الضمير والواجب. في إحدى اللحظات، تلقى تقريرًا عن مواجهاتٍ في تكساس، حيث قُتل مزارعٌ مكسيكي على يد قوات الأمن. كان اسم المزارع خوسيه. مايكل، الذي لم يكن يعرف خوسيه، شعر بثقل الاسم في قلبه. كان يعلم أن كل رصاصةٍ تُطلق على المتظاهرين هي رصاصةٌ في صدر الوطن.
في لندن، كان إدوارد روتشيلد يشاهد الأخبار بعينين زائغتين. كان يعلم أن سقوط إسرائيل ليس مجرد خسارةٍ سياسية، بل نهايةً لنظامٍ كان عائلته مهندسه. كانت تقارير السي آي إيه، التي كان يتلقاها عبر قنواتٍ سرية، تتحدث عن "انهيار النظام العالمي". لكن إدوارد، كما في روايات غوركي، كان يشعر بأن الشعب الذي طالما احتقره قد أصبح قوةً لا تُقهر. "كيف يجرؤون؟" تمتم، لكن صوته كان يتلاشى كالصدى في قصرٍ فارغ. كان يتذكر كلمات جده: "المال يشتري كل شيء." لكن الشعب، كما بدا من الشاشة، لم يعد للبيع.
في تكساس، كان خوان كارلوس يواصل قيادة الحركة. كانت المظاهرات تنتشر من بلدةٍ إلى أخرى، تصل إلى الحدود مع المكسيك، حيث بدأت الحركات الشعبية في المكسيك تستلهم من حركته. كان خوان يتحدث عن "تحالف الشعوب"، عن حلمٍ يمتد من تكساس إلى كوبا، حيث تتحد الشعوب ضد الرأسمالية والاستعمار. كانت كلماته تحمل صدى منيف، حيث النضال ضد النهب هو الطريق إلى الحرية. في إحدى المظاهرات، رفع الحشد علمًا جديدًا، يمزج بين ألوان المكسيك وكوبا وفلسطين. كان الشعار بسيطًا: "الأرض لمن يزرعها." ماريا، التي كانت تقف في الحشد، شعرت بأن هذه اللحظة هي بداية شيءٍ عظيم. كانت تحمل صورة ميغيل، وهي تهتف مع الحشد: "من غزة إلى تكساس، الثورة واحدة!"
في ديترويت، كانت سارة تواصل عملها في المصنع. كانت الأخبار من تكساس تصل عبر الإذاعات المحلية، التي أصبحت صوتًا للثورة. كان العمال في المصنع يستمعون إلى خطابات خوان كارلوس، وكانوا يشعرون بأنهم جزءٌ من شيءٍ أكبر. سارة، التي كانت تعمل إلى جانب خوان، بدأت تفهم أن هذه الثورة ليست مجرد حلم، بل واقعٌ يتشكل أمام عينيها. في إحدى الليالي، بينما كانت تعمل في المصنع، اقترب منها خوان وسألها: "هل تؤمنين الآن؟" سارة، التي لم تكن معتادة على الحديث عن مشاعرها، أجابت: "أؤمن لأنني أرى." كان جوابها بسيطًا، لكنه كان يحمل عمقًا يشبه قصص تشيخوف، حيث اللحظات الصغيرة من اليأس تتحول إلى شراراتٍ للتغيير.
في نيويورك، كان عبد الله جونز يتلقى أخبار حركة خوان كارلوس. كان يعلم أن هذه الحركة هي امتدادٌ للثورة التي بدأت في تايمز سكوير. في خطابٍ بثته الإذاعات المحلية، قال: "من تكساس إلى نيويورك، الشعب واحد!" كانت كلماته تحمل صدى تولستوي، حيث التاريخ يُكتب بدم الشعوب. في وول ستريت, كان روبرت روكفلر يشاهد الخطاب, وجهه شاحب كالجثة. "هذا الرجل سيدمر كل شيء!" صرخ, لكن صوته كان كمن يصرخ في فراغ. في تكساس, كانت ماريا, وهي تحمل صورة ميغيل, تشعر بأنها, لأول مرة, جزء من شيءٍ أكبر منها. وفي تلك اللحظة, بدأت أمريكا تشعر بأنها على وشك أن تولد من جديد.
الفصل السابع : انهيار المسرحية الوهابية
في شيكاغو، حيث تتصادم رياح البحيرات الباردة مع الجدران الخرسانية للمدينة، كانت الشوارع تنبض بحياةٍ جديدة، كأن المدينة نفسها تستيقظ من سباتٍ طويل. الأحياء الفقيرة، التي كانت يومًا موتى تحت وطأة الفقر والإهمال، كانت الآن مسرحًا لتمردٍ شعبي يحمل صدى روايات غوركي، حيث الجماهير تتحول من ضحايا إلى أبطال. في إحدى الساحات، وقف خالد، شابٌ فلسطيني الأصل في الثلاثين، يخاطب حشدًا من العمال والمهاجرين. كانت عيناه تحملان وجع المنفى، كما في روايات غسان كنفاني، لكن صوته كان ينبض بالأمل. "نحن لسنا هنا لنطالب بحقوقنا، نحن هنا لنأخذها!" صرخ، وهو يرفع لافتةً كتب عليها: "الثروة للشعب، لا للروتشيلد!" كانت كلماته تخترق الهواء البارد كسهامٍ، تحمل غضبًا تراكم عبر أجيال من الظلم. الحشد، الذي كان يضم أشخاصًا من أصول أفريقية ومكسيكية وآسيوية، كان يهتف معه: "من غزة إلى شيكاغو، الثورة واحدة!" كأن روح كنفاني، التي وصفت النضال ضد الاستعمار، كانت تحوم فوق الساحة. كان خالد، الذي فرّت عائلته من فلسطين بعد نكبة 1948، يرى في هذه الثورة امتدادًا لنضال أجداده. "الأرض لمن يزرعها، والمصانع لمن يعمل فيها!" أضاف، وكانت كلماته تحمل صدى عبد الرحمن منيف، حيث النضال ضد النهب هو الطريق إلى الحرية.
في الحشد، وقفت سارة جونسون، التي سافرت من ديترويت بعد أن سمعت عن حركة خالد. كانت قد أصبحت جزءًا من اللجان الشعبية في ديترويت، حيث عملت مع خوان كارلوس في إعادة تشغيل المصنع المهجور. كانت سارة، بأسلوب همنغواي المقتضب، تفكر: "الثورة ليست كلامًا، إنها عمل." كانت تحمل معها أملًا هشًا، لكنه كان كافيًا لدفعها إلى السفر إلى شيكاغو. كانت ابنتها ليلى قد بقيت مع إحدى الجارات في ديترويت، لكن سارة شعرت أن هذه الرحلة ضرورية. كانت ترى في خالد، كما في خوان وعبد الله جونز، صوتًا لشعبٍ سئم الأكاذيب. كانت تتذكر كلمات خوان: "نحن لسنا عبيدًا." هذه الكلمات، التي كانت تحمل وزن التاريخ، جعلتها تشعر بأنها جزءٌ من شيءٍ أكبر منها. في الساحة، التقت سارة بامرأةٍ تدعى لورا، من أصول أفريقية، كانت تحمل صورة ابنها الذي قُتل على يد الشرطة في شيكاغو قبل عام. "كانوا يقولون إنها أمريكا الحرية، لكنهم قتلوه لأنه أسود!" قالت لورا، وعيناها غائرتان كما في شخصيات تشيخوف، حيث اليأس يتحول إلى شرارةٍ للتغيير. سارة، التي شعرت بوجع لورا، أمسكت يدها وقالت: "سنغير هذا العالم معًا."
في تكساس، كان خوان كارلوس يواصل قيادة حركته على الحدود. كانت المظاهرات تنتشر من بلدةٍ إلى أخرى، تصل إلى المكسيك، حيث بدأت الحركات الشعبية تستلهم من نضاله. كان خوان يتحدث عن "تحالف الشعوب"، عن حلمٍ يمتد من تكساس إلى كوبا، حيث تتحد الشعوب ضد الرأسمالية والاستعمار. كان يقود حشدًا نحو مزرعةٍ كبيرة تملكها شركةٌ تابعة لعائلة روكفلر. "هذه الأرض لنا!" صرخ، وهو يشير إلى الحقول التي كانت يومًا موطنًا لأجداده. كانت كلماته تحمل صدى منيف، حيث النضال ضد النهب هو الطريق إلى الحرية. في تلك اللحظة، اقتحم الحشد المزرعة، ليس بالعنف، بل برمزيةٍ ثورية: بدأوا بزراعة البذور في الأرض، كأن روح تولستوي، التي وصفت ارتباط الإنسان بالأرض في "الحرب والسلام"، كانت تحوم فوقهم. كانت ماريا غونزاليس، التي سافرت من نيويورك إلى تكساس، تقف بين الحشد، تحمل صورة ابنها ميغيل. كانت تهتف معهم: "من غزة إلى تكساس، الثورة واحدة!" كانت تشعر، لأول مرة منذ سنوات، أن موت ميغيل لم يذهب سدى.
في لوس أنجلوس، كانت الحركة تأخذ شكلًا أكثر تنظيمًا. كان الشباب، الذين فقدوا كارلوس وميغيل، قد شكلوا "مجالس الشعب"، وهي هيئاتٌ محلية تدير توزيع الطعام والدواء في الأحياء الفقيرة. كانوا يرفعون علمًا جديدًا، يمزج بين ألوان المكسيك وفلسطين وكوبا، وكان شعارهم: "الأرض والكرامة." كانت المجالس توزع الموارد التي استولوا عليها من مستودعات الشركات الكبرى، وكانوا يتحدثون عن "اقتصاد الشعب"، عن نظامٍ لا يملكه الأوليغارشية، بل الذين يعملون ويزرعون. في إحدى المظاهرات، قاد شابٌ يدعى مالك، من أصول أفريقية، حشدًا نحو مبنىً تابع لشركة أسلحة. "هذه الأسلحة تُصنع من عرقنا، ثم تُستخدم لقتل إخوتنا!" صرخ مالك، وهو يشير إلى لافتةٍ كتب عليها: "لا للحروب!" كانت كلماته تحمل صدى كنفاني، حيث النضال ضد الظلم هو الطريق الوحيد للخلاص.
في واشنطن، كان الجنرال مايكل سميث يجلس في غرفةٍ سرية في البنتاغون، يراقب تقارير الحرب والمظاهرات. كانت الأخبار قاتمة: إسرائيل تتهاوى، وأوكرانيا تتحول إلى مستنقعٍ من الفشل العسكري. لكن ما كان يقلق مايكل أكثر كانت الأخبار من شيكاغو وتكساس، حيث بدأت الحركات الشعبية تشكل تهديدًا حقيقيًا للنظام. كان مايكل، كشخصيةٍ من روايات ديستوفيسكي، يعاني من صراعٍ داخلي يمزق روحه. "نحن نُدمر أنفسنا!" كان يصرخ في داخله، لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مقيدًا بالأوامر. كان يعلم أن الحروب في الخارج ليست سوى ستارٍ لإلهاء الشعب عن النهب الداخلي. كان يتذكر كلمات والده: "الوطن هو الشعب." لكنه، كرجلٍ عسكري، كان عالقًا بين الضمير والواجب. في إحدى اللحظات، تلقى تقريرًا عن مواجهاتٍ في شيكاغو، حيث قُتل شابٌ فلسطيني على يد قوات الأمن. كان اسم الشاب أحمد. مايكل، الذي لم يكن يعرف أحمد، شعر بثقل الاسم في قلبه. كان يعلم أن كل رصاصةٍ تُطلق على المتظاهرين هي رصاصةٍ في صدر الوطن.
في لندن، كان إدوارد روتشيلد يشاهد الأخبار بعينين زائغتين. كان يعلم أن سقوط إسرائيل ليس مجرد خسارةٍ سياسية، بل نهايةً لنظامٍ كان عائلته مهندسه. كانت تقارير السي آي إيه، التي كان يتلقاها عبر قنواتٍ سرية، تتحدث عن "انهيار النظام العالمي". لكن إدوارد، كما في روايات غوركي، كان يشعر بأن الشعب الذي طالما احتقره قد أصبح قوةً لا تُقهر. "كيف يجرؤون؟" تمتم، لكن صوته كان يتلاشى كالصدى في قصرٍ فارغ. كان يتذكر كلمات جده: "المال يشتري كل شيء." لكن الشعب، كما بدا من الشاشة، لم يعد للبيع.
في شيكاغو، كان خالد يواصل قيادة الحركة. كانت المظاهرات تنتشر من حيٍ إلى آخر، تصل إلى ضواحي المدينة، حيث بدأت الأحياء الفقيرة تشكل مجالس شعبية. كان خالد يتحدث عن "دستور الشعب"، عن نظامٍ جديد يضع العمال والمزارعين في قلب السلطة. كانت كلماته تحمل صدى تولستوي، حيث التاريخ يُكتب بدم الشعوب. في إحدى المظاهرات، رفع الحشد علمًا جديدًا، يمزج بين ألوان فلسطين وكوبا والمكسيك. كان الشعار بسيطًا: "الأرض والكرامة." سارة، التي كانت تقف في الحشد، شعرت بأن هذه اللحظة هي بداية شيءٍ عظيم. كانت تهتف معهم: "من غزة إلى شيكاغو، الثورة واحدة!" كانت تشعر، لأول مرة منذ سنوات، أنها جزءٌ من شيءٍ أكبر منها.
في تكساس، كانت ماريا غونزاليس تواصل نضالها إلى جانب خوان كارلوس. كانت تحمل صورة ميغيل، وهي تهتف مع الحشد: "من غزة إلى تكساس، الثورة واحدة!" كانت تشعر بأن موت ميغيل لم يذهب سدى. في ديترويت، كان المصنع المهجور ينتج الآن أدواتٍ زراعية تُوزع على الأحياء الفقيرة. كان العمال يعملون كشركاء، يتقاسمون الأرباح والقرارات. سارة، التي عادت إلى ديترويت بعد رحلتها إلى شيكاغو، شعرت بأن الثورة ليست مجرد حلم، بل واقعٌ يتشكل أمام عينيها. في نيويورك، كان عبد الله جونز يتلقى أخبار من شيكاغو وتكساس. كان يعلم أن هذه الحركة هي امتدادٌ للثورة التي بدأت في تايمز سكوير. في خطابٍ بثته الإذاعات المحلية، قال: "من شيكاغو إلى تكساس، الشعب واحد!" كانت كلماته تحمل صدى تولستوي، حيث التاريخ يُكتب بدم الشعوب. في وول ستريت, كان روبرت روكفلر يشاهد الخطاب, وجهه شاحب كالجثة. "هذا الرجل سيدمر كل شيء!" صرخ, لكن صوته كان كمن يصرخ في فراغ. في شيكاغو, كانت سارة, وهي تنظر إلى ليلى النائمة, تفكر في كلمات خالد: "نحن لسنا عبيدًا." وفي تلك اللحظة, بدأت أمريكا تشعر بأنها على وشك أن تولد من جديد.
الفصل الثامن : رماد عالمٍ جديد
في قلب ميامي، حيث تتراقص أضواء النيون على إيقاع الموسيقى اللاتينية، كانت الشوارع تعج بحياةٍ غاضبة، كأن المدينة قد استيقظت من حلمٍ طويل لتجد نفسها في كابوس الظلم. الأحياء الفقيرة، التي كانت موطنًا للمهاجرين من كوبا وهايتي وأمريكا اللاتينية، تحولت إلى ميادين للنضال. في ساحةٍ صغيرة محاطة بمبانٍ متداعية، وقف أليخاندرو، شابٌ كوبي في السابعة والعشرين، يخاطب حشدًا من العمال والشباب. كانت عيناه تحملان وهجًا ورثه من أجداده الذين قاتلوا في ثورة كوبا، وصوته كان يحمل صدى غوركي في "الأم"، حيث الجماهير تتحول من ضحايا إلى قوةٍ لا تُقهر. "نحن لسنا هنا لنطالب، نحن هنا لنأخذ!" صرخ، وهو يرفع لافتةً كتب عليها: "الثروة للشعب، لا للروكفلر!" كانت كلماته تخترق الهواء الحار كرصاصةٍ، تحمل غضبًا تراكم عبر أجيال من الاستغلال. الحشد، الذي كان يضم مهاجرين من هايتي وفنزويلا وكوبا، كان يهتف معه: "من هافانا إلى ميامي، الثورة واحدة!" كأن روح عبد الرحمن منيف، التي وصفت النضال ضد النهب في "مدن الملح"، كانت تنبض في قلوبهم. كان أليخاندرو، الذي نشأ في أحياء ميامي الفقيرة، يرى في هذه الثورة امتدادًا لنضال كوبا ضد الاستعمار. "الأرض لمن يزرعها، والمدن لمن يبنيها!" أضاف، وكانت كلماته تحمل صدى غسان كنفاني، حيث النضال ضد الظلم هو الطريق الوحيد للخلاص.
في الحشد، وقفت ماريا غونزاليس، التي سافرت من تكساس بعد أن انضمت إلى حركة خوان كارلوس. كانت تحمل صورة ابنها ميغيل، الذي قُتل في أفغانستان، كأنها تذكارٌ يربطها بالنضال. كانت عيناها، كما في روايات كنفاني، مرآةً للمنفى الداخلي، حيث الوطن ليس مكانًا، بل شعورٌ مسروق. "كانوا يعدوننا بالحرية، فأعطونا الموت!" قالت لشابٍ يقف بجانبها، وهي تشير إلى الشائعات التي انتشرت عن دور السي آي إيه في نشر المخدرات في الأحياء الفقيرة. كانت ماريا، التي رأت في حركة خوان كارلوس أملًا جديدًا، تشعر الآن أن ميامي هي المحطة التالية في هذا النضال. كانت ترى في أليخاندرو، كما في خوان وعبد الله جونز، صوتًا لشعبٍ سئم الأكاذيب. كانت تتذكر كلمات خوان: "نحن لسنا عبيدًا." هذه الكلمات، التي كانت تحمل وزن التاريخ، جعلتها تشعر بأنها جزءٌ من شيءٍ أكبر منها.
في شيكاغو، كانت حركة خالد تأخذ شكلًا أكثر تنظيمًا. كانت المجالس الشعبية، التي شكلها الشباب من أصول فلسطينية وأفريقية، تدير توزيع الموارد في الأحياء الفقيرة. كانوا يستولون على مستودعات الشركات الكبرى، ويوزعون الطعام والدواء على العائلات الجائعة. كان خالد يتحدث عن "دستور الشعب"، عن نظامٍ جديد يضع العمال والمزارعين في قلب السلطة. "نحن لسنا هنا لإصلاح النظام، نحن هنا لتحطيمه!" صرخ في إحدى المظاهرات، وهو يرفع علمًا يمزج بين ألوان فلسطين وكوبا. كانت كلماته تحمل صدى تولستوي، حيث التاريخ يُكتب بدم الشعوب. سارة جونسون، التي عادت إلى شيكاغو بعد رحلتها القصيرة إلى ديترويت، كانت تقف في الحشد، تهتف معهم: "من غزة إلى شيكاغو، الثورة واحدة!" كانت تشعر، لأول مرة منذ سنوات، أنها جزءٌ من شيءٍ أكبر منها. كانت تتذكر كلمات خالد: "نحن لسنا عبيدًا." هذه الكلمات، التي كانت تحمل عمق تشيخوف، جعلتها تفكر في ابنتها ليلى، التي كانت تنتظرها في ديترويت. "سأبني لكِ عالمًا أفضل"، همست سارة لنفسها، وهي تنظر إلى الحشد.
في تكساس، كان خوان كارلوس يواصل قيادة حركته على الحدود. كانت المظاهرات قد امتدت إلى المكسيك، حيث بدأت الحركات الشعبية تستلهم من نضاله. كان خوان يتحدث عن "تحالف الشعوب"، عن حلمٍ يمتد من تكساس إلى كوبا، حيث تتحد الشعوب ضد الرأسمالية والاستعمار. كان يقود حشدًا نحو مزرعةٍ أخرى تملكها شركةٌ تابعة لعائلة روكفلر. "هذه الأرض لنا!" صرخ، وهو يشير إلى الحقول التي كانت يومًا موطنًا لأجداده. كانت كلماته تحمل صدى منيف، حيث النضال ضد النهب هو الطريق إلى الحرية. في تلك اللحظة، اقتحم الحشد المزرعة، وبدأوا بزراعة البذور في الأرض، كأن روح تولستوي كانت تحوم فوقهم. كانت ماريا غونزاليس تقف بين الحشد، تحمل صورة ميغيل. كانت تهتف معهم: "من غزة إلى تكساس، الثورة واحدة!" كانت تشعر بأن موت ميغيل لم يذهب سدى.
في واشنطن، كان الجنرال مايكل سميث يجلس في غرفةٍ سرية في البنتاغون، يراقب تقارير الحرب والمظاهرات. كانت الأخبار قاتمة: إسرائيل تتهاوى، وأوكرانيا تتحول إلى مستنقعٍ من الفشل العسكري. لكن ما كان يقلق مايكل أكثر كانت الأخبار من ميامي وشيكاغو وتكساس، حيث بدأت الحركات الشعبية تشكل تهديدًا حقيقيًا للنظام. كان مايكل، كشخصيةٍ من روايات ديستوفيسكي، يعاني من صراعٍ داخلي يمزق روحه. "نحن نُدمر أنفسنا!" كان يصرخ في داخله، لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مقيدًا بالأوامر. كان يعلم أن الحروب في الخارج ليست سوى ستارٍ لإلهاء الشعب عن النهب الداخلي. كان يتذكر كلمات والده: "الوطن هو الشعب." لكنه، كرجلٍ عسكري، كان عالقًا بين الضمير والواجب. في إحدى اللحظات، تلقى تقريرًا عن مواجهاتٍ في ميامي، حيث قُتل شابٌ كوبي على يد قوات الأمن. كان اسم الشاب لويس. مايكل، الذي لم يكن يعرف لويس، شعر بثقل الاسم في قلبه. كان يعلم أن كل رصاصةٍ تُطلق على المتظاهرين هي رصاصةٍ في صدر الوطن.
في لندن، كان إدوارد روتشيلد يشاهد الأخبار بعينين زائغتين. كان يعلم أن سقوط إسرائيل ليس مجرد خسارةٍ سياسية، بل نهايةً لنظامٍ كان عائلته مهندسه. كانت تقارير السي آي إيه، التي كان يتلقاها عبر قنواتٍ سرية، تتحدث عن "انهيار النظام العالمي". لكن إدوارد، كما في روايات غوركي، كان يشعر بأن الشعب الذي طالما احتقره قد أصبح قوةً لا تُقهر. "كيف يجرؤون؟" تمتم، لكن صوته كان يتلاشى كالصدى في قصرٍ فارغ. كان يتذكر كلمات جده: "المال يشتري كل شيء." لكن الشعب، كما بدا من الشاشة، لم يعد للبيع.
في ميامي، كان أليخاندرو يواصل قيادة الحركة. كانت المظاهرات تنتشر من حيٍ إلى آخر، تصل إلى ضواحي المدينة، حيث بدأت الأحياء الفقيرة تشكل مجالس شعبية. كان أليخاندرو يتحدث عن "دستور الشعب"، عن نظامٍ جديد يضع العمال والمزارعين في قلب السلطة. كانت كلماته تحمل صدى تولستوي، حيث التاريخ يُكتب بدم الشعوب. في إحدى المظاهرات، رفع الحشد علمًا جديدًا، يمزج بين ألوان كوبا وفلسطين والمكسيك. كان الشعار بسيطًا: "الأرض والكرامة." ماريا، التي كانت تقف في الحشد، شعرت بأن هذه اللحظة هي بداية شيءٍ عظيم. كانت تهتف معهم: "من هافانا إلى ميامي، الثورة واحدة!" كانت تشعر بأن موت ميغيل لم يذهب سدى.
في شيكاغو، كانت سارة تواصل نضالها إلى جانب خالد. كانت تحمل أملًا هشًا، لكنه كان كافيًا لدفعها إلى الأمام. كانت تتذكر كلمات خالد: "نحن لسنا عبيدًا." هذه الكلمات، التي كانت تحمل عمق تشيخوف، جعلتها تفكر في ابنتها ليلى. "سأبني لكِ عالمًا أفضل"، همست سارة لنفسها، وهي تنظر إلى الحشد. في تكساس، كان خوان كارلوس يواصل قيادة حركته، وكانت ماريا تقف إلى جانبه، تحمل صورة ميغيل. في ديترويت، كان المصنع المهجور ينتج الآن أدواتٍ زراعية تُوزع على الأحياء الفقيرة. في نيويورك، كان عبد الله جونز يتلقى أخبار من ميامي وشيكاغو وتكساس. كان يعلم أن هذه الحركة هي امتدادٌ للثورة التي بدأت في تايمز سكوير. في خطابٍ بثته الإذاعات المحلية، قال: "من ميامي إلى شيكاغو، الشعب واحد!" كانت كلماته تحمل صدى تولستوي، حيث التاريخ يُكتب بدم الشعوب. في وول ستريت, كان روبرت روكفلر يشاهد الخطاب, وجهه شاحب كالجثة. "هذا الرجل سيدمر كل شيء!" صرخ, لكن صوته كان كمن يصرخ في فراغ. في ميامي, كانت ماريا, وهي تحمل صورة ميغيل, تشعر بأنها, لأول مرة, جزء من شيءٍ أكبر منها. وفي تلك اللحظة, بدأت أمريكا تشعر بأنها على وشك أن تولد من جديد.
خانمة : العاصفة التي أعادت البناء
في قلب واشنطن، حيث كانت ناطحات السحاب تقف كشواهد قبورٍ لنظامٍ متداعٍ، كانت الشوارع تعج بحركةٍ لم تشهدها المدينة منذ قرون. الأضواء الكاذبة للعاصمة، التي طالما أضاءت واجهات السلطة، خفتت الآن تحت وطأة الحشود التي تدفقت من كل أنحاء البلاد: من نيويورك إلى تكساس، من شيكاغو إلى ميامي، من ديترويت إلى لوس أنجلوس. كانت الحشود تحمل لافتاتٍ مكتوبة بخطوطٍ يدوية، تحمل شعاراتٍ بسيطة لكنها ثقيلة كالتاريخ: "الأرض لمن يزرعها!"، "الثروة للشعب!"، "من غزة إلى أمريكا، الثورة واحدة!" كان الهتاف يرتفع كأن روح غوركي في "الأم" تنبض في الحناجر، حيث الجماهير تتحول من ضحايا إلى أبطال يصنعون التاريخ. في مقدمة الحشد، وقف عبد الله جونز، العمدة الذي أصبح رمزًا لثورةٍ لم يكن أحد يتوقعها. كانت عيناه، التي تحملان وجع السكان الأصليين وغضب المهاجرين، تنظران إلى الكابيتول، حيث كان النظام القديم يرتعد خلف أبوابه المغلقة. "هذا عالمنا، وسنستعيده!" صرخ، وكانت كلماته تحمل صدى تولستوي في "الحرب والسلام"، حيث التاريخ ليس مجرد سلسلة أحداث، بل صراعٌ بين إرادة الشعوب وطغيان النخب.
في الحشد، وقفت ماريا غونزاليس، تحمل صورة ابنها ميغيل، الذي قُتل في أفغانستان. كانت عيناها، كما في روايات غسان كنفاني، مرآةً للمنفى الداخلي، لكنها الآن كانت تشعر بأن موت ميغيل لم يذهب سدى. كانت قد سافرت من نيويورك إلى تكساس، ثم إلى ميامي، وأخيرًا إلى واشنطن، حاملةً معها صورة ميغيل كتذكارٍ يربطها بالنضال. "كانوا يعدوننا بالحلم الأمريكي، لكنهم أعطونا الموت!" قالت لامرأةٍ تقف بجانبها، وهي تشير إلى الشائعات التي أصبحت الآن حقائق موثقة: دور السي آي إيه في نشر المخدرات، وتحويل الحروب إلى تجارةٍ مربحة. كانت ماريا، التي رأت في عبد الله جونز وخوان كارلوس وأليخاندرو وخالد أصواتًا لشعبٍ سئم الأكاذيب، تشعر الآن بأنها جزءٌ من شيءٍ أكبر منها. كانت تهتف مع الحشد: "من غزة إلى واشنطن، الثورة واحدة!" كأن روح كنفاني كانت تهمس لها: النضال هو الطريق الوحيد للخلاص.
في شيكاغو، كانت سارة جونسون تقف بين الحشود التي تدفقت إلى واشنطن. كانت قد تركت ديترويت بعد أن أصبح المصنع المهجور رمزًا لاقتصاد الشعب. كانت تحمل معها أملًا هشًا، لكنه كان كافيًا لدفعها إلى الأمام. كانت تتذكر كلمات خوان كارلوس: "نحن لسنا عبيدًا." هذه الكلمات، التي كانت تحمل عمق تشيخوف، جعلتها تفكر في ابنتها ليلى، التي كانت الآن في ديترويت مع إحدى الجارات. "سأبني لكِ عالمًا أفضل"، همست سارة لنفسها، وهي تنظر إلى الحشد. كانت ترى في خالد، الشاب الفلسطيني الذي قاد حركة شيكاغو، وفي أليخاندرو، الشاب الكوبي الذي أشعل ميامي، وفي خوان كارلوس، الذي هزّ تكساس، أبطالًا يشبهونها، يعرفون معنى العيش في ظل نظامٍ يبيع الأوهام. كانت تهتف مع الحشد: "الأرض لمن يزرعها!" كأن روح عبد الرحمن منيف كانت تحوم فوقها، تذكّرها بأن النضال ضد النهب هو الطريق إلى الحرية.
في تكساس، كان خوان كارلوس يقود حشدًا آخر نحو واشنطن. كانت حركته، التي بدأت على الحدود مع المكسيك، قد امتدت إلى أمريكا اللاتينية، حيث بدأت الشعوب تستلهم من نضاله. كان يتحدث عن "تحالف الشعوب"، عن حلمٍ يمتد من تكساس إلى كوبا، حيث تتحد الشعوب ضد الرأسمالية والاستعمار. "هذه الأرض لنا!" صرخ، وهو يشير إلى الحقول التي كانت يومًا موطنًا لأجداده. كانت كلماته تحمل صدى منيف، حيث النضال ضد النهب هو الطريق إلى الحرية. كان الحشد، الذي ضم مزارعين وعمالًا من المكسيك وتكساس، يحمل أعلامًا تمزج بين ألوان المكسيك وكوبا وفلسطين. كان الشعار بسيطًا: "الأرض والكرامة." خوان، الذي كان يقود الحشد نحو واشنطن، شعر بأن هذه اللحظة هي ذروة نضاله. كان يعلم أن الثورة، التي بدأت بشرارةٍ في تايمز سكوير، قد أصبحت نارًا لا تُطفأ.
في ميامي، كان أليخاندرو يقود حشدًا آخر نحو العاصمة. كانت حركته، التي بدأت في الأحياء الفقيرة، قد ألهمت المهاجرين من كوبا وهايتي وفنزويلا. كان يتحدث عن "دستور الشعب"، عن نظامٍ جديد يضع العمال والمزارعين في قلب السلطة. "نحن لسنا هنا لإصلاح النظام، نحن هنا لتحطيمه!" صرخ، وهو يرفع علمًا يمزج بين ألوان كوبا وفلسطين. كانت كلماته تحمل صدى تولستوي، حيث التاريخ يُكتب بدم الشعوب. كان الحشد، الذي ضم شبابًا من أصول لاتينية، يهتف: "من هافانا إلى ميامي، الثورة واحدة!" كأن روح غوركي كانت تنبض في قلوبهم، تذكّرهم بأن الجماهير هي القوة الحقيقية.
في واشنطن، كان الجنرال مايكل سميث يجلس في غرفةٍ سرية في البنتاغون، يراقب تقارير المظاهرات. كانت الأخبار قاتمة: الحشود تقترب من الكابيتول، والنظام القديم يتهاوى تحت وطأة الغضب الشعبي. كان مايكل، كشخصيةٍ من روايات ديستوفيسكي، يعاني من صراعٍ داخلي يمزق روحه. "نحن نُدمر أنفسنا!" كان يصرخ في داخله، لكنه، كرجلٍ عسكري، كان مقيدًا بالأوامر. كان يعلم أن الحروب في الخارج، من أوكرانيا إلى غزة، لم تكن سوى ستارٍ لإلهاء الشعب عن النهب الداخلي. كان يتذكر كلمات والده: "الوطن هو الشعب." في لحظةٍ حاسمة، تلقى تقريرًا عن اقتحام الحشود للكابيتول. كانت الأخبار تتحدث عن "فوضى"، لكن مايكل كان يعلم أنها ليست فوضى. كانت ثورة. في تلك اللحظة، اتخذ قرارًا لم يكن يتوقعه من نفسه: ألقى بشارة رتبته العسكرية على الطاولة، وخرج من الغرفة. "أنا مع الشعب"، قال لنفسه، وكان صوته يحمل صدى راسكولنيكوف، الذي اختار مواجهة الحقيقة على الرغم من الثمن.
في لندن، كان إدوارد روتشيلد يشاهد الأخبار بعينين زائغتين. كان يعلم أن سقوط النظام في أمريكا ليس مجرد خسارةٍ سياسية، بل نهايةً لإمبراطوريةٍ مالية بنتها عائلته على مدى قرون. كانت تقارير السي آي إيه، التي كان يتلقاها عبر قنواتٍ سرية، تتحدث عن "انهيار النظام العالمي". لكن إدوارد، كما في روايات غوغول، كان يشعر بأنه أصبح مهرجًا في مسرحيةٍ لم يعد يفهمها. "كيف يجرؤون؟" تمتم، لكن صوته كان يتلاشى كالصدى في قصرٍ فارغ. كان يتذكر كلمات جده: "المال يشتري كل شيء." لكن الشعب، كما بدا من الشاشة، لم يعد للبيع.
في وول ستريت، كان روبرت روكفلر الثالث يجلس في مكتبه الفاخر، يشاهد اقتحام الكابيتول. كان وجهه شاحبًا كالجثة، ويده ترتجف وهو يحمل كأس الويسكي. "هذا الرجل سيدمر كل شيء!" صرخ، وهو يشير إلى صورة عبد الله جونز على الشاشة. لكن صوته كان كمن يصرخ في فراغ. كان يعلم أن الثورة، التي بدأت بشرارةٍ في تايمز سكوير، قد أصبحت نارًا لا تُطفأ. كانت الشاشة تعرض صورًا للحشود وهي تقتحم الكابيتول، تحطم النوافذ، وترفع أعلامًا جديدة تمزج بين ألوان فلسطين وكوبا والمكسيك. كان الشعار بسيطًا: "الأرض والكرامة."
في الكابيتول، كان عبد الله جونز يقف على منصةٍ مؤقتة، يخاطب الحشود. "هذا عالمنا، وسنستعيده!" صرخ، وكانت كلماته تحمل صدى تولستوي، حيث التاريخ يُكتب بدم الشعوب. كان الحشد يهتف معه: "من غزة إلى واشنطن، الثورة واحدة!" كانت ماريا غونزاليس تقف بين الحشد، تحمل صورة ميغيل. كانت تشعر بأن موت ابنها لم يذهب سدى. كانت سارة جونسون تقف بجانبها، تفكر في ابنتها ليلى. "سأبني لكِ عالمًا أفضل"، همست لنفسها. كان خوان كارلوس وأليخاندرو وخالد يقفون بين الحشد، يرفعون أعلامًا تمزج بين ألوان شعوبهم. كان الجنرال مايكل سميث، الذي تخلى عن رتبته، يقف بين الحشد، يشعر لأول مرة بأنه حر.
في تلك اللحظة، بدأت أمريكا تشعر بأنها تولد من جديد. كانت الثورة، التي بدأت بشرارةٍ في تايمز سكوير، قد أصبحت نارًا اجتاحت البلاد. كانت الحشود، التي ضمت السود والمكسيكيين والفلسطينيين والكوبيين، ترفع علمًا جديدًا، يمزج بين ألوان الشعوب. كان الشعار بسيطًا: "الأرض والكرامة." كانت الشوارع، التي كانت يومًا موتى تحت وطأة الرأسمالية، تعج الآن بالحياة. كان الشعب، الذي سئم الأكاذيب، قد استيقظ. وفي تلك اللحظة، بدأ عالمٌ جديد يتشكل، عالمٌ لا يملكه الروتشيلد أو الروكفلر، بل الذين يزرعون الأرض ويبنون المصانع. كانت الثورة، كما في روايات غوركي، قد انتصرت، لأن الشعب، في النهاية، هو القوة الحقيقية.
…………
ملخص للرواية :
في قلب أمريكا، حيث تنبض الرأسمالية كنبضٍ ميكانيكي، تبدأ الرواية بروحٍ ثورية تتداخل فيها الواقعية القاسية مع إيحاءات سحرية مستوحاة من أدب الواقعية السحرية. تدور الأحداث في سياقٍ يعكس انهيار النظام القديم تحت وطأة غضب شعبي يمتد من نيويورك إلى واشنطن، مرورًا بديترويت، تكساس، شيكاغو، وميامي. تتتبع الرواية قصص شخصياتٍ من خلفياتٍ متنوعة، يجمعهم شعورٌ مشترك بالظلم وإرادةٌ لا تُلين لاستعادة ما سُرق منهم: الأرض، الثروة، والكرامة. من خلال هذه الشخصيات، تُصور الرواية صراعًا بين الشعب والنخب الرأسمالية، ممثلةً في عائلات مثل الروتشيلد والروكفلر، مع إيحاءات رمزية تضفي على النضال طابعًا أسطوريًا يتجاوز الواقع.
تبدأ القصة في نيويورك، حيث يجلس روبرت روكفلر الثالث في مكتبه الفاخر في وول ستريت، يراقب خطابات عبد الله جونز، العمدة الجديد الذي يهزّ أركان النظام بإعلانه تأميم البنوك. عبد الله، بشخصيته القوية وخطاباته النارية، يصبح رمزًا للثورة، يحمل صدى تولستوي في إيمانه بقوة الشعب. في الشوارع، تنتشر المظاهرات، حيث يحطم المتظاهرون واجهات البنوك، في مشهدٍ يحمل سخريةً غوغولية: شعبٌ يستعيد ما سُرق منه بحجارةٍ وهتافات. توماس ويليامز، حارس أمنٍ فقير، ينضم إلى اللجان الشعبية بعد أن يقرأ كتيبًا لعبد الله بعنوان "ثروتنا أم نهبهم؟"، ويبدأ يرى في نفسه، كما في شخصيات أورويل، إنسانًا يرفض أن يكون عبدًا للنظام. في بروكلين، تقف ماريا غونزاليس، الأرملة التي فقدت ابنها ميغيل في أفغانستان، تحمل صورته كتذكارٍ مؤلم، وتجد في المظاهرات أملًا هشًا لاستعادة الكرامة.
في ديترويت، تنتقل الأحداث إلى سارة جونسون، أمٍ عازبة تعيش في فقرٍ مدقع مع ابنتها ليلى. تعاني سارة من اليأس، لكنها تنضم إلى لجنةٍ شعبية يقودها خوان كارلوس، شابٌ مكسيكي يحلم بإعادة الأرض والمصانع للشعب. يعمل الاثنان معًا لإعادة تشغيل مصنعٍ مهجور، في محاولةٍ لخلق اقتصاد شعبي يتحدى الرأسمالية. كلمات خوان، "نحن لسنا عبيدًا"، تحمل صدى كنفاني، وتزرع في سارة إيمانًا جديدًا بالتغيير. في الوقت نفسه، تتصاعد المظاهرات في بروكلين، حيث يتحد المهاجرون من أصول مكسيكية وأفريقية ضد البنوك، في مشاهد تحمل طابعًا سحريًا يجمع بين الواقع والرمزية، كأن الأرض نفسها تنتفض معهم.
في واشنطن، يظهر الجنرال مايكل سميث، شخصيةٌ ديستوفيسكية تعاني من صراعٍ داخلي بين واجبه العسكري وضميره. يراقب تقارير الحرب العالمية الثالثة، حيث تتهاوى إسرائيل وأوكرانيا، ويعلم أن هذه الحروب ليست سوى ستارٍ لإلهاء الشعب عن النهب الداخلي. كلمات والده، "الوطن هو الشعب"، تتردد في ذهنه، لكنه يبقى مقيدًا بالأوامر حتى اللحظات الأخيرة. في الوقت نفسه، تنتشر المظاهرات في لوس أنجلوس، حيث يقود كارلوس، شابٌ مكسيكي، حشدًا ضد شركات الأسلحة، لكنه يُقتل على يد قوات الأمن، ليصبح رمزًا للثورة. كلماته، "النفط للشعب، لا للقنابل!"، تحمل صدى منيف، وتلهم الشباب لمواصلة النضال.
في تكساس، يقود خوان كارلوس حركةً لاستعادة الأراضي المسروقة من السكان الأصليين والمهاجرين المكسيكيين. يتحد الحشد في مظاهراتٍ رمزية، حيث يزرعون البذور في الحقول كطقسٍ سحري لاستعادة الأرض. ماريا غونزاليس، التي انضمت إلى الحركة، ترى في خوان صورةً لابنها ميغيل، وتشعر بأن نضالها هو استمرارٌ لإرثه. في شيكاغو، يقود خالد، شابٌ فلسطيني، حركةً شعبية تتحد فيها أصولٌ متنوعة ضد النظام الرأسمالي. كلماته، "نحن لسنا هنا لإصلاح النظام، بل لتحطيمه"، تحمل صدى تولستوي، وتلهم سارة، التي تسافر إلى شيكاغو لتنضم إلى الحركة. في ميامي، يقود أليخ اندرو، شابٌ كوبي، حركةً للمهاجرين من كوبا وهايتي، حيث تتحول الأحياء الفقيرة إلى مجالس شعبية تدير توزيع الموارد. كلماته، "من هافانا إلى ميامي، الثورة واحدة!"، تجسد حلمًا يمتد عبر القارات.
في لندن، يجلس إدوارد روتشيلد، وريث إمبراطوريةٍ مالية، يراقب انهيار النظام الذي بنته عائلته. يشعر بالعجز وهو يرى الشعب يتحد ضد عائلته، في مشهدٍ يحمل سخريةً غوغولية، حيث يتحول الطاغية إلى مهرجٍ يرتعد أمام مصيره. في وول ستريت، يشعر روبرت روكفلر بالرعب وهو يرى الحشود تقتحم الكابيتول، ويصرخ: "هذا الرجل سيدمر كل شيء!"، لكن صوته يتلاشى كالصدى في فراغ. في الخاتمة، تصل الحشود إلى واشنطن، حيث يقود عبد الله جونز اقتحام الكابيتول، في مشهدٍ رمزي يعكس انتصار الشعب. مايكل سميث، الذي يتخلى عن رتبته العسكرية، ينضم إلى الحشد، في لحظةٍ ديستوفيسكية يختار فيها الضمير على الواجب. ماريا، سارة، خوان، خالد، وأليخاندرو يقفون معًا، يرفعون أعلامًا تمزج بين ألوان فلسطين، كوبا، والمكسيك، ويهتفون: "الأرض والكرامة!"
الرواية، التي تحمل عناوين مستوحاة من الواقعية السحرية مثل "أحلام الزجاج المحطم في وول ستريت" و"مرآة الشعب في سماء أمريكا الجديدة"، تجمع بين الواقعية القاسية للصراعات الاجتماعية والرمزية السحرية التي تضفي طابعًا أسطوريًا على النضال. من خلال شخصيات مثل عبد الله، ماريا، سارة، خوان، خالد، وأليخاندرو، تُصور الرواية شعبًا يتحد عبر الاختلافات العرقية والثقافية ليواجه نظامًا ظالمًا. الثورة، التي تبدأ بشرارةٍ في تايمز سكوير، تنتشر كالنار في الهشيم، لتصل إلى ذروتها في اقتحام الكابيتول، حيث يولد عالمٌ جديد لا يملكه الأوليغارشية، بل الذين يزرعون الأرض ويبنون المصانع. الرواية، بأسلوبها الذي يمزج بين الواقع والخيال، تترك القارئ مع إحساسٍ بالأمل: الشعب، في النهاية، هو القوة الحقيقية التي تصنع التاريخ.
#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)
Ahmad_Saloum#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحالف الإرهاب والمال والنفوذ الصهيوني في قلب فرنسا
-
نهاية عصر لوبيات الصهاينة
-
رواية : كوميديا الفردوس السومري..رواية تاريخية
-
رواية : عبيد ماستريخت: دراكولا كرئيس للمفوضية
-
رواية : صحراء السراب
-
رواية : دموع الأرض المحلقة
-
رواية : أصداء الخفاء
-
رواية: عشرة أعوام من الرماد
-
رواية :رأس ابو العلاء المهشم !
-
رواية: إمبراطورية سامر السريع
-
رواية: أصداء الأفق المحطم
-
رواية : ارض النبض الكربلائي العجيب
-
رواية : مكعبات الوافل واناشيد الميز
-
رواية : رقصة الدم على رمال النفط
-
رواية: سنغافورة السراب
-
رواية: أنقاض الإمبراطورية: غزة تُحرر أمريكا
-
نهاية عصر الصهيونية: كيف تحولت أمريكا من عبدة اللوبي إلى ثوا
...
-
رواية: أسرى الشرق المفقود
-
سيرك الخيانة برعاية الروتشيلد
-
رواية : دون كيشوت الفرات والنيل
المزيد.....
-
فنانون عراقيون في مواجهة الحرب بمعرض في طهران + فيديو
-
بغداد تتنفس -ثقافة- بمهرجان الكتاب الدولي وقطر ضيف شرف في قل
...
-
مهرجان الإسكندرية يكشف عن أقوى 10 أفلام سياسية في تاريخ السي
...
-
متحف الأوسكار يحتفي بالذكرى الـ50 لـ-الفك المفترس- بـ200 قطع
...
-
الشاعر حامد بن عقيل يفك شفرة العالم في -الوحدة حرّية حزينة-
...
-
متحف اليمن الوطني.. صرح تاريخي طاله التخريب الإسرائيلي
-
دمشق تطلق غدا أول تظاهرة سينمائية عن الثورة السورية
-
جدل عالمي حول مقاطعة السينما الإسرائيلية.. ما القصة؟?
-
فرقة صابرين.. تجربة موسيقية ملتزمة في خدمة الهوية والثقافة ا
...
-
بانكسي فنان بريطاني مجهول يناضل بالرسم على جدرن العالم
المزيد.....
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
-
. السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك
...
/ السيد حافظ
-
ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة-
/ ريتا عودة
-
رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع
/ رشيد عبد الرحمن النجاب
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
المزيد.....
|