أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد صالح سلوم - رواية : ارض النبض الكربلائي العجيب















المزيد.....



رواية : ارض النبض الكربلائي العجيب


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 8456 - 2025 / 9 / 5 - 21:33
المحور: الادب والفن
    


مقدمة

في أرض لبنان، حيث الجبال تروي حكايات الصمود والأودية تحفظ أسرار الشهداء، خاضت المقاومة معركتها الخاصة، زمنًا لم يكن مجرد تقويم للأيام، بل كان نبضًا كربلائيًا عجيبًا، نبضًا يتحدى الزمن نفسه. لم تكن هذه الأرض، الممزقة بين جروح الحروب وأحلام الكرامة، مجرد مسرح لصراع عابر، بل كانت ساحة لملحمة كونية، حيث اصطدمت عبقرية المعادلات الدولية المعقدة بإرادة شعب رفض أن يُطأطئ رأسه. هنا، في هذه البقعة الصغيرة من العالم، حيث تلتقي أشجار الزيتون بأصداء الرصاص، وُلدت قصة لم تُكتب بمداد الحبر، بل بدماء الشهداء وصرخات الأحرار.

كانت الإمبراطورية الأمريكية، في أوج ضعفها المقنّع بالعنجهية، تعتقد أنها تستطيع استعادة هيمنتها الآفلة عبر حرب إبادة شاملة، حرب تستهدف ليس فقط لبنان، بل كل شعوب المنطقة. آمنت، في أوهامها التي لا تُحصى، أن إخضاع الأمم ونهب ثرواتها سيُعيد إلى الاحتكارات الغربية مجدها السارق، ذلك المجد المبني على جثث الشعوب ودموع الأمهات. لكن في لبنان، كان هناك نبض كربلائي، نبض يحمل في طياته روح الحسين، روح الرفض، روح التضحية التي لا تعرف الخضوع. هذا النبض، الذي تجسّد في مئات المقاومين، لم يكن مجرد أفراد يحملون السلاح، بل كان فكرة، فكرة لا تموت، فكرة تحدت سبعين ألفًا من جنود الاحتلال الصهيوني، بل أكثر، وأذلتهم على أرض الجنوب.

لم تكن المعركة سهلة. مخابرات الغرب، بكل أسلحتها الاستخباراتية والمالية، شنت حربًا استعمارية لا هوادة فيها. تحالفت مع محميات الخليج الصهيو-أمريكية، تلك المحميات التي لا تعرف كيف تصنع برغيًا لكنها تجيد تمويل الدمار. الريالات تدفقت كالسم، كما أحرقت اليمن وسوريا والعراق، لتمويل خيانة تهدف إلى نزع سلاح المقاومة وتدمير القرض الحسن، تلك المؤسسة التي أصبحت درع الفقراء في وجه فساد المصارف. لكن رغم استشهاد القادة، ورغم جرح ستة آلاف مقاوم لوجستي، نهضت من تحت الأرض قيادات شابة، نبض عجيب، كأنه الحسين يبعث من جديد. هؤلاء الشباب، الذين خرجوا من أنفاق الجنوب، لم يقاتلوا بالسلاح وحده، بل بإيمان لا يتزعزع، بكرامة لا تُباع، بفكرة لا تموت.

في تل أبيب وحيفا، روى الناجون كيف كاد القصف يدفع العدو الصهيوني إلى الاستسلام. صواريخ المقاومة، التي اخترقت سماء الكيان النازي، لم تكن مجرد حديد ونار، بل كانت رسالة: "لا نخاف أمريكا، ولا نخاف الكيان." هذا النبض الكربلائي، الذي أعلن أنه لن يتوقف حتى تصفية الاحتلال، أجبر العدو على قبول وقف إطلاق النار. توقفت الحرب، ليس لأن المقاومة استسلمت، بل لأنها أرادت أن ترمّم أنفاسها، أن تُعيد بناء نفسها، أن تؤسس طبقات جديدة من المقاومين، أسود أشد فتكًا من ذي قبل، استعدادًا لجولة أخرى، ولو كانت كربلائية. فالمقاومة الموضوعية للاحتلال والغزاة كانت في هؤلاء المقاتلين، الذين حملوا روح كربلاء، روح التضحية التي لا تعرف الهزيمة.

هذه هي "أرض النبض الكربلائي العجيب"، رواية ليست مجرد حكاية، بل ملحمة عن شعبٍ رفض أن يُطأطئ رأسه، عن مقاومة لم تكن مجرد سلاح، بل فكرة، فكرة الكرامة التي تحدت الإمبراطوريات والمحميات والخونة. في هذه الرواية، نلتقي بزينب، التي تقود المظاهرات في شوارع بيروت، صوتها كالرعد يهز جدران الفساد. ن لتقي بحسن، المقاتل الذي يحمل بندقيته في الجنوب، يرى في كل طلقة تحديًا لإسرائيل. نلتقي بعلي، الشاب الذي يحلم بلبنان لا يخونه أبناؤه. ونرى أيضًا سعيد الحولة، الدمية في يد الخليج وتل أبيب، وجعجعو، مجرم الحرب الذي يردد أوامر الصهاينة، وأنطوان سلامات، البنكي الذي نهب مدخرات الشعب. هؤلاء الشخصيات، بصراعاتهم وأحلامهم، يجسدون ساحة المعركة بين الكرامة والخيانة.

الرواية تأخذنا إلى قلب لبنان، إلى شوارع الضاحية وساحات بيروت، إلى معسكرات الجنوب وأروقة قصر بعبدا. إنها رحلة عبر الذكريات والأحلام، عبر جروح الحرب الأهلية وانتصارات المقاومة، عبر الريالات التي تحاول شراء الكرامة وصواريخ المقاومة التي تُذل الاحتلال. إنها قصة عن شعبٍ اختار أن يحيا كربلائيًا، عجيبًا، لا يخاف أمريكا ولا الكيان، ولا يتوقف قبل أن يُحقق النصر. هذه هي "أرض النبض الكربلائي العجيب"، ملحمة عن لبنان، عن المقاومة، عن الكرامة التي لا تموت.


…………..

الفصل الاول : ظلال بيروت


علي يقف على شرفة منزله المطل على بحر بيروت، المدينة التي تتنفس الجراح وتغني الأمل رغم كل شيء. نسيم المساء يحمل رائحة البارود البعيد، كأن الأرض لا تزال تتذكر حروبها، تلك الحروب التي مزقت لحمها وتركت فيها ندوبًا لا تُمحى. عيناه تجولان بين الأبنية المثقوبة بالرصاص، الأحياء التي كانت يومًا مليئة بالحياة، والآن تقاوم الصمت الثقيل الذي يخنقها. في ذهنه، صوت زينب، أخته الصغرى، يتردد كجرسٍ يقرع في معبد مهجور: "علي، لماذا يخونون؟ لماذا يبيعون لبنان؟" صوتها ليس سؤالًا بريئًا، بل اتهام يحمل ثقل التاريخ، تاريخ بلدٍ لم يعرف الراحة منذ أن وُلد.

علي يتنفس بعمق، يحاول أن يطرد الصور التي تتدفق إلى ذهنه. صورة جعجعو، ذلك الرجل الذي يحمل على كتفيه وصمة مجرم الحرب، عميل الصهاينة الذي لا يزال يتغنى بـ"السيادة" بينما يملأ خزائنه بالريالات السعودية. جعجعو، رمز بكركي الموارنة، الذين تحولوا من حماة الأرض إلى ببغاوات تردد أوامر تل أبيب وواشنطن. يتذكر علي كيف مدح جعجعو أنطوان سلامات، البنكي الذي نهب عشرات المليارات من مدخرات اللبنانيين، ذلك الرجل الذي تحوّل إلى رمز الفساد المقنّع ببدلات الأناقة والخطابات عن "الإصلاح". يرى علي في ذهنه صورة سعيد الحولة، رئيس الحكومة الجديد، وجهه المصقول بالابتسامات الكاذبة، يتحدث عن "احتكار السلاح" بينما يتلقى الأوامر من الخليج، ذلك الخليج الذي أحرق اليمن بتريليون ومئتي مليار دولار، ودمّر سوريا بتريليونين، وأضعف العراق وأفغانستان وإيران بتريليونات أخرى، كل ذلك لخدمة أجندات إسرائيل الاستعمارية.

البحر أمامه يتموج، كأنه يحكي قصصًا قديمة. علي يتذكر كلمات حسن، صديقه المقاتل، الذي قال ذات ليلة: "الخيانة موضة، يا علي، لكن الكرامة درع." حسن، الرجل الذي يحمل السلاح ليس لأنه يحب الحرب، بل لأنه يعلم أن السلاح هو اللغة الوحيدة التي تفهمها إسرائيل. يتذكر علي صورة عماد، القائد الذي استشهد في معركة 2006، وهو يقول: "السلاح هو صوتنا، والبحر هو ذاكرتنا." عماد، الذي كان يرى في المقاومة فكرة، لا مجرد بنادق وصواريخ. تلك الفكرة التي أذلت إسرائيل ثلاث مرات، في 2000 و2006 و2024، عندما أوقفت صواريخ المقاومة العدوان الصهيوني في اثني عشر يومًا فقط.

علي يشعر بالغضب يعتمل في صدره، كأن قلبه يحترق بنارٍ لا تنطفئ. يفكر في زينب، التي تقود المظاهرات في شوارع بيروت، تحمل لافتات تدين الفساد وتدافع عن "القرض الحسن"، تلك المؤسسة التي أصبحت ملاذًا للفقراء في بلد نهبته المصارف. يرى في ذهنه صورة المرأة العجوز التي جاءت إلى مكتب زينب، عيناها مغرورقتان بالدموع والامتنان، تقول: "بفضلكم، اشتريت دواء لابني." لكن سعيد الحولة وجعجعو يريدان تدمير هذا الملاذ، يسميانه "أداة تمويل الإرهاب"، بينما يدافعان عن أنطوان سلامات، الذي سرق مدخرات اللبنانيين وتركهم يتسولون لشراء رغيف خبز.

السماء فوق بيروت تملؤها الغيوم، كأنها تعكس مزاج المدينة. علي يتذكر كيف كان والده يحكي عن الحرب الأهلية، عن الثمانينيات عندما اجتاحت إسرائيل بيروت، وعن جعجعو الذي وقّع تحالفات مع الاحتلال تحت راية "القوات اللبنانية". يتذكر كيف كان والده يقول: "لبنان مقبرة الخونة، يا علي. بشير الجميل دُفن تحت أنقاض أحلامه الصهيونية، والمارينز وقادة السي آي إيه لقوا مصيرهم في انفجارات بيروت وصور." لكن الخيانة لم تمت. جعجعو لا يزال هنا، يردد نفس الأغنية القديمة: "نزع سلاح المقاومة." لكنه لا يفعل ذلك من أجل لبنان، بل من أجل الريالات التي تملأ خزائنه، تلك الريالات التي تأتي من الخليج، من المحميات التي لا تعرف كيف تصنع برغيًا، لكنها تجيد تمويل الحروب وتدمير الأمم.

علي يغلق عينيه، يحاول أن يرى صورة لبنان الذي يحلم به، لبنان الحر، الذي لا يخضع لأوامر تل أبيب أو الرياض أو واشنطن. لكنه يرى بدلاً من ذلك صورة سعيد الحولة، يجلس في مكتبه الفخم، يعبث بقلم ذهبي أهداه إليه سفير خليجي. يرى جعجعو، يبتسم ابتسامة الثعلب، يتحدث عن "السيادة" بينما يخطط مع أنطوان سلامات لنهب ما تبقى من لبنان. يرى زينب، تقف في وسط المظاهرة، تحمل لافتة كتب عليها: "القرض الحسن درع الفقراء." يرى حسن، يحمل سلاحه في الجنوب، يتذكر عماد ويقول: "لن نسمح لهم، يا علي. لن نسمح لهم بتحويل لبنان إلى سوريا."

في ذهنه، يتدفق التاريخ كالنهر. يرى فيتنام، التي هزمت أمريكا بالصمود. يرى الجزائر، التي أذلت فرنسا بالتضحيات. يرى فلسطين، التي لا تزال تقاوم رغم كل شيء. ويرى لبنان، الذي أذل إسرائيل ثلاث مرات، بفضل المقاومة التي يريد سعيد الحولة وجعجعو نزع سلاحها. يفكر في سوريا، حيث خضع أحمد الشرع للغرب وإسرائيل، فتحولت بلاده إلى أرض محتلة بلا أمن أو كرامة. "لن نكون سوريا," يهمس علي لنفسه، وهو ينظر إلى البحر.

الليل يهبط على بيروت، والمدينة تغرق في ظلامها الخاص. علي يتذكر يومًا قضاه مع زينب في الضاحية، حيث كانت تساعد الفقراء في مكتب "القرض الحسن". كانت هناك امرأة شابة، تحمل طفلها، تقول: "لو لم يكن القرض الحسن، لكنت بعت كليتي لأطعم ابني." زينب نظرت إليها بعينين مليئتين بالأمل والألم، وقالت: "لن نبيع كرامتنا، لن نبيع لبنان." لكن علي يعلم أن سعيد الحولة وجعجعو وأنطوان سلامات يريدون بيع كل شيء. يريدون تحويل لبنان إلى محمية خليجية أخرى، بلا سلاح، بلا مقاومة، بلا كرامة.

يتذكر علي كيف كان حسن يتحدث عن المقاومة، عن قوتها الرادعة التي أرعبت إسرائيل. "إسرائيل لا تخاف من الخطابات، يا علي. إسرائيل تخاف من الصواريخ التي يمكن أن تدمر ثلث تل أبيب." حسن، الذي يحمل في قلبه ذكرى عماد، يعلم أن المقاومة ليست مجرد حزب أو ميليشيا، بل فكرة، فكرة الكرامة التي لا تُباع. علي يشعر أن هذه الفكرة هي ما يجعله يقاوم، رغم اليأس الذي يحيط به.

يخرج علي من الشرفة، يدخل غرفته الصغيرة، ويفتح دفترًا قديمًا كان والده يكتب فيه. يقرأ جملة كتبها والده قبل سنوات: "لبنان ليس بلدًا، إنه ساحة معركة بين الكرامة والخيانة." يشعر علي أن هذه الجملة تلخص كل شيء. يفكر في جعجعو، الذي لا يزال يحلم بأيام الثمانينيات، عندما كان يقاتل تحت راية "القوات اللبنانية"، يتحالف مع إسرائيل، ويقتل اللبنانيين باسم "السيادة". يفكر في أنطوان سلامات، الذي نهب مدخرات الشعب، ثم وقف إلى جانب جعجعو وسعيد الحولة، يدافع عن نظام مالي يجبر اللبنانيين على بيع منازلهم لتسديد فاتورة الكهرباء.

علي ينظر إلى صورة معلقة على الحائط، صورة عماد، يبتسم ابتسامة هادئة، كأنه يقول: "لا تخف، يا علي. المقاومة ستنتصر." يشعر علي بقوة غريبة تملؤه، كأن روح عماد لا تزال حية فيه، في زينب، في حسن، في كل لبناني يرفض الخضوع. يتذكر كيف كان عماد يحكي عن فيتنام، عن الجزائر، عن الشعوب التي قاومت وانتصرت. "إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة," كان يقول. "والقوة هي سلاحنا، وإيماننا، وكرامتنا."

البحر لا يزال يتموج تحت ضوء القمر، كأنه يحكي قصة لبنان، قصة شعبٍ رفض أن يموت. علي يفكر في زينب، التي تقود المظاهرات بلا خوف، رغم التهديدات التي تتلقاها من أتباع جعجعو وسعيد الحولة. يفكر في حسن، الذي يقضي لياليه في الجنوب، يتدرب مع المقاتلين، يحضّرهم ليومٍ قد يأتي، يومٍ قد يضطرون فيه لمواجهة إسرائيل مرة أخرى. يفكر في "القرض الحسن"، تلك المؤسسة التي أصبحت رمزًا للكرامة في بلدٍ نهبته المصارف.

يتذكر علي يومًا قضاه مع زينب وحسن في مقهى صغير في الضاحية. كانوا يتحدثون عن المستقبل، عن لبنان الذي يحلمون به. زينب قالت: "أريد لبنانًا يعيش فيه الفقير بكرامة، لا يضطر لبيع كليته لشراء دواء." حسن أضاف: "أريد لبنانًا لا يخاف فيه أحد من إسرائيل، لأن لدينا القوة الرادعة." وعلي، الذي كان صامتًا، قال: "أريد لبنانًا لا يخونه أبناؤه."

الليل يتعمق، وبيروت تغرق في صمتها. لكن علي يعلم أن هذا الصمت ليس نهاية، بل بداية. يعلم أن المقاومة لن تسكت، وأن زينب لن تتوقف عن الهتاف، وأن حسن لن يضع سلاحه. يعلم أن جعجعو وسعيد الحولة وأنطوان سلامات، مهما فعلوا، لن يستطيعوا كسر إرادة شعبٍ قرر أن يعيش بكرامة. يغلق علي عينيه، يرى صورة لبنان، ليس كما هو الآن، بل كما يمكن أن يكون: بلدٌ حر، قوي، مقاوم.

يفتح عينيه، ينظر إلى البحر مرة أخرى. يتذكر كلمات والده: "لبنان ليس بلدًا، إنه ساحة معركة بين الكرامة والخيانة." وفي تلك اللحظة، يقرر علي أنه سيحارب، ليس بالسلاح فقط، بل بالكلمة، بالفكرة، بالإيمان. سيحارب من أجل زينب، من أجل حسن، من أجل عماد، من أجل لبنان.

الريح تعصف بالشرفة، تحمل معها رائحة البحر المالحة. علي يشعر أن هذه الرائحة هي رائحة الحياة، رائحة المقاومة. يهمس لنفسه: "لن نسمح لهم. لن نسمح لجعجعو، لسعيد، لسلامات، للخليج، لإسرائيل. لبنان لنا، ولن نبيعه."


الفصل الثاني : ببغاوات في قصر بعبدا




سعيد الحولة يجلس في مكتبه الفخم في قصر بعبدا، الغرفة التي تبدو كأنها محفورة من أحلام السلطة والمال، لكنها تحمل في طياتها رائحة الخيانة. النور الخافت يتسلل من النوافذ الكبيرة، ينعكس على الأثاث الخشبي المصقول، وعلى القلم الذهبي الذي يعبث به بين أصابعه، هدية من رجل أعمال خليجي، رمز للصفقات التي لا تُكتب على الورق لكنها تُخطط في الظلال. وجهه يحمل ابتسامة مصطنعة، تلك الابتسامة التي أتقنها خلال سنوات من المناورات السياسية، لكن في صدره يعتمل قلقٌ لا يستطيع طرده. "احتكار السلاح"، هذه هي المهمة التي أُوكلت إليه، المهمة التي جاءت عبر مكالمات مشفرة من تل أبيب، عبر حقائب مليئة بالريالات السعودية، عبر وعود واشنطن بـ"إعادة بناء لبنان". لكنه يعلم، في أعماقه، أن هذا الإعادة ليست سوى تدمير مقنّع، محاولة لنزع سلاح المقاومة، تلك القوة التي أذلت إسرائيل في 2000 و2006 و2024، القوة التي جعلت تل أبيب ترتعد خوفًا من صواريخ يمكن أن تدمر ثلثها في ساعات.

في ذهنه، يتردد صوت جعجعو، ذلك الرجل الذي يحمل وصمة مجرم الحرب، عميل الصهاينة منذ الثمانينيات، الذي لا يزال يرى نفسه بطلًا موارنيًا يقود بكركي إلى "السيادة". جعجعو، الذي زار المكتب قبل يومين، يجلس على الأريكة المقابلة، يبتسم ابتسامة الثعلب، ويقول: "سعيد، المقاومة هي العدو. انزع سلاحها، وسنملأ خزائنك بالريالات. الرياض مستعدة، تل أبيب تنتظر، وواشنطن ستدعمك." سعيد ينظر إلى القلم الذهبي، يفكر في جعجعو، الذي لطخت يداه بدماء الحرب الأهلية، الذي وقّع تحالفات مع إسرائيل تحت راية "القوات اللبنانية"، والذي يمدح اليوم أنطوان سلامات، البنكي الذي نهب عشرات المليارات من مدخرات اللبنانيين. جعجعو، الذي يرى في سلامات حليفًا لأنه يشاركه نفس الهدف: إضعاف لبنان، نزع سلاح المقاومة، وتحويل البلد إلى محمية خليجية تخدم أجندات الصهاينة.

سعيد يشعر بالثقل يضغط على صدره. يتذكر زينب، تلك الفتاة التي تقود المظاهرات في شوارع بيروت، صوتها يرن في أذنيه كالرعد: "لن نسمح لكم، يا سعيد، يا جعجعو، ببيع لبنان!" يحاول طرد الصورة، لكنه يرى عينيها، تلك العينان المليئتان بالتحدي والأمل، عينان تحمل ذكرى شعبٍ رفض الخضوع. يتذكر كيف وقفت زينب في وسط المظاهرة، تحمل لافتة كتب عليها: "القرض الحسن درع الفقراء." يعلم أن "القرض الحسن"، تلك المؤسسة التي أنقذت ملايين اللبنانيين من براثن المصارف، هي الهدف التالي في خطته. يجب تدميرها، هكذا أُمر. ليست لأنها تموّل الإرهاب، كما يدّعي هو وجعجعو في خطاباتهما، بل لأنها تمثل كرامة شعبٍ يرفض أن يتسول. لكن كيف يمكن أن يواجه زينب؟ كيف يمكن أن يواجه علي، الشاب الذي يقف إلى جانبها في المظاهرات؟ كيف يمكن أن يواجه حسن، المقاتل الذي يحمل سلاح المقاومة في الجنوب؟

سعيد ينهض من كرسيه، يقترب من النافذة، ينظر إلى بيروت التي تتوهج تحت ضوء الغروب. المدينة تبدو هادئة، لكنها تخفي تحت سطحها بركانًا من الغضب. يتذكر اجتماعه الأخير مع رجل الأعمال الخليجي، في فندق فخم في وسط بيروت. الحقيبة المليئة بالدولارات كانت على الطاولة، والخليجي قال بصوتٍ هادئ لكنه قاطع: "هذا للحملة ضد المقاومة. دمر القرض الحسن، انزع سلاحهم، وستحصل على المزيد." سعيد تذكر كيف نظر إلى جعجعو، الذي كان يجلس بجانبه، يومئ برأسه كأنه تلميذ مطيع. جعجعو، الذي يعلم أن هذا المال هو نفس المال الذي أحرق اليمن بتريليون ومئتي مليار دولار، ودمر سوريا بتريليونين، وأضعف العراق وأفغانستان وإيران. لكنه لا يهتم. بالنسبة إليه، الريالات هي الهدف، والخيانة هي الوسيلة.

في ذهن سعيد، يتدفق صوت زينب مرة أخرى: "أنت تبيعنا، يا سعيد. تبيع كرامتنا." يحاول طرد الصوت، لكنه يعلم أن الحقيقة ستظل تطارده. يتذكر كيف كان أنطوان سلامات يجلس معه وجعجعو في اجتماع سري قبل أسابيع. سلامات، ذلك البنكي الذي نهب مدخرات اللبنانيين، كان يتحدث بثقة المحتال: "المصارف هي العمود الفقري للبنان. القرض الحسن تهديد للاقتصاد." سعيد تذكر كيف ضحك جعجعو، وقال: "لا تقلق، يا أنطوان. سنتخلص منهم، وسنملأ خزائننا." لكن سعيد شعر بالاشمئزاز في تلك اللحظة. يعلم أن سلامات ليس سوى لص يرتدي بدلة أنيقة، وأن جعجعو ليس سوى عميل يرتدي قناع البطل الموارني. لكنه لا يستطيع التراجع الآن. لقد تورط، وقّع على الصفقة، قبِل الريالات.

سعيد يعود إلى مكتبه، يفتح ملفًا سريًا يحتوي على خطة "الإصلاح" التي أعدها مستشاروه الغربيون. الخطة بسيطة: نزع سلاح المقاومة، تدمير القرض الحسن، وإعادة هيكلة الاقتصاد اللبناني بحيث يصبح تابعًا للمصارف الدولية والمال الخليجي. لكنه يعلم أن هذه الخطة ليست إصلاحًا، بل استسلامًا. يعلم أن نزع سلاح المقاومة يعني ترك لبنان عاريًا أمام إسرائيل، تلك القوة التي تجيد قتل الأطفال والعزل في غزة، لكنها ترتعد خوفًا من صواريخ المقاومة. يتذكر كيف أوقفت المقاومة العدوان الصهيوني ضد إيران في اثني عشر يومًا فقط، وكيف منعت إسرائيل من احتلال لبنان في 2006 و2024. لكنه يطرد هذه الأفكار، يقنع نفسه أنه يفعل ذلك من أجل "لبنان الجديد".

في ذهنه، يتدفق صوت حسن، المقاتل الذي قابله مرة واحدة في مناسبة رسمية. حسن، الذي نظر إليه بنظرة مليئة بالاحتقار، وقال: "أنت تخدم الصهاينة، يا سعيد. لكن التاريخ لن يرحمك." سعيد يشعر بالغضب، لكنه يعلم أن حسن على حق. يتذكر كيف كان حسن يتحدث عن عماد، القائد الشهيد، الذي كان يرى في المقاومة فكرة، لا مجرد سلاح. "المقاومة هي صوت الشعوب," كان يقول عماد. "هي درع الكرامة." سعيد يحاول أن يتجاهل هذه الكلمات، لكنه يشعر بها تخترق قلبه كالسكين.

يخرج سعيد من مكتبه، يسير في أروقة القصر، حيث الجدران مزينة بصور الزعماء السابقين. يتوقف أمام صورة بشير الجميل، الذي قُتل في انفجار عام 1982. يفكر في جعجعو، الذي يرى نفسه وريثًا لبشير، لكنه في الحقيقة ليس سوى ظلٍ باهت يعيش على أوهام الثمانينيات. جعجعو، الذي وقّع تحالفات مع إسرائيل، والذي يردد اليوم نفس النشيد: "نزع سلاح المقاومة." لكن سعيد يعلم أن جعجعو لا يفعل ذلك من أجل لبنان، بل من أجل الريالات التي تملأ خزائنه، تلك الريالات التي تأتي من المحميات الخليجية التي لا تعرف كيف تصنع برغيًا، لكنها تجيد تمويل الحروب وتدمير الأمم.

سعيد يعود إلى النافذة، ينظر إلى بيروت مرة أخرى. يتذكر يومًا قضاه في الأشرفية، حيث التقى بأنطوان، أحد قدامى الكتائب. أنطوان، الذي بدا متعبًا من ذكريات الحرب الأهلية، قال له: "جعجعو لم يتغير، يا سعيد. لا يزال يحلم بأن يكون بطل الموارنة، لكنه لا يزال عميلًا للصهاينة." سعيد تذكر كيف شعر بالحرج، لكنه لم يرد. يعلم أن أنطوان على حق، لكنه لا يستطيع مواجهة الحقيقة. يفكر في أنطوان سلامات، الذي يمدحه جعجعو كـ"رجل الاقتصاد"، بينما الشعب يراه لصًا نهب مدخراتهم. يفكر في "القرض الحسن"، التي يريد تدميرها لأنها تقاوم الفساد، لأنها تعطي الأمل للفقراء في بلدٍ يجبرهم على التسول.

الليل يهبط على بيروت، والقصر يغرق في صمت ثقيل. سعيد يجلس على كرسيه مرة أخرى، يفتح التلفاز، يرى تقريرًا عن مظاهرة في الضاحية. زينب تقف في الوسط، تهتف: "لا للخيانة! لا لنزع السلاح!" سعيد يشعر بالخوف، لكنه يقنع نفسه أنه سيفوز. "سأجعل لبنان دولة القانون," يقول لنفسه. لكنه يعلم، في أعماقه، أن هذا القانون ليس سوى قانون الخيانة، قانون الصهاينة والريالات. يتذكر كلمات حسن: "التاريخ لا يرحم الخونة." وفي تلك اللحظة، يشعر سعيد أن التاريخ يراقبه، ينتظر لحظة سقوطه.




الفصل الثالث : القرض الحسن، درع الفقراء



زينب تجلس في مكتبها الصغير في الضاحية الجنوبية، غرفة متواضعة تحيط بها أكوام من الأوراق، طلبات قروض من فقراء لبنان الذين نهبتهم المصارف. ضوء المصباح الخافت ينعكس على وجهها، يبرز ملامحها الحادة، عينيها اللتين تحملان مزيجًا من الأمل والغضب. أمامها، امرأة عجوز تجلس على كرسي مهترئ، يداها ترتعشان وهي تمسك بورقة طلب قرض. "بفضلكم، اشتريت دواء لابني،" تقول العجوز، عيناها مغرورقتان بالدموع. زينب تبتسم، لكن قلبها يعتصر. تعلم أن "القرض الحسن"، تلك المؤسسة التي أصبحت ملاذًا للملايين في بلدٍ سرقته البنوك، تتعرض لهجوم شرس من سعيد الحولة وجعجعو وأنطوان سلامات. يسمونها "أداة تمويل الإرهاب"، لكن زينب تعلم أن الإرهاب الحقيقي هو ما فعلته المصارف التي يدافع عنها هؤلاء، مصارف نهبت عشرات المليارات من مدخرات اللبنانيين، تركتهم يتسولون لشراء رغيف خبز أو دواء.

في ذهنها، تتدفق ذكريات والدها، الرجل الذي كان يجلس معها في هذا المكتب ذات يوم، يحكي عن التاريخ، عن الحروب التي مزقت لبنان، عن الخيانة التي لا تموت. "المال الخليجي هو السم، يا زينب," كان يقول. "تريليونات أحرقت اليمن، تريليونات دمرت سوريا، وتريليونات أضعفت العراق وإيران وأفغانستان. والآن، يريدون لبنان." زينب تشعر بثقل كلماته، كأنها تحمل عبء التاريخ على كتفيها. لكنها تتذكر كلمات حسن، صديقها المقاتل: "القرض الحسن ليس بنكًا، إنه قلب الشعب." هذه الكلمات تعطيها القوة لتستمر، رغم التهديدات التي تتلقاها، رغم الحملات التي يشنها سعيد الحولة وجعجعو لتشويه صورتها وصورة المؤسسة.

زينب تنظر إلى الأوراق أمامها، كل ورقة تحكي قصة معاناة. هناك طلب من أم عزباء تحتاج إلى مال لدفع إيجار منزلها، وطلب من رجل عجوز يريد شراء أدوية لزوجته المريضة. هذه القصص ليست مجرد أرقام، بل أرواح، أحلام، كرامة شعبٍ يرفض أن يُسحق. لكن سعيد الحولة، ببدلته الأنيقة وخطاباته عن "الإصلاح"، يريد تدمير هذا الملاذ. يريد، بمساندة جعجعو وأنطوان سلامات، تحويل لبنان إلى سوريا أخرى، حيث خضع أحمد الشرع للغرب وإسرائيل، فأصبحت بلاده أرضًا محتلة بلا أمن أو كرامة. زينب تشعر بالغضب يغلي في صدرها. كيف يجرؤون؟ كيف يجرؤ جعجعو، مجرم الحرب الذي لطخت يداه بدماء الحرب الأهلية، على التحدث باسم "السيادة" بينما يتلقى الريالات السعودية لتنفيذ أجندات الصهاينة؟ كيف يجرؤ أنطوان سلامات، الذي نهب مدخرات الشعب، على الوقوف إلى جانب جعجعو وسعيد، مدعيًا أنه يدافع عن "الاقتصاد"؟

تتذكر زينب يومًا قضته مع علي، أخيها، في شوارع بيروت. كانا يسيران بين الأبنية المدمرة، يتحدثان عن المستقبل. علي، الذي يحمل في قلبه حلم لبنان الحر، قال: "زينب، المقاومة هي درعنا، والقرض الحسن هو كرامتنا. لا يمكن أن نسمح لهم بأخذهما." زينب تذكرت كيف نظرت إليه، رأت في عينيه نفس الإصرار الذي رأته في عيون حسن، المقاتل الذي يقضي لياليه في الجنوب، يتدرب مع رفاقه، يحضّرهم ليوم قد يأتي، يوم قد يضطرون فيه لمواجهة إسرائيل مرة أخرى. حسن، الذي يحمل ذكرى عماد، القائد الشهيد، في قلبه، كان يقول دائمًا: "إسرائيل لا تخاف من الخطابات، بل من الصواريخ التي يمكن أن تدمر تل أبيب." زينب تعلم أن حسن على حق. المقاومة، بسلاحها وإيمانها، هي ما أوقف العدوان الصهيوني في اثني عشر يومًا فقط، هي ما منع إسرائيل من احتلال لبنان في 2006 و2024.

تخرج زينب من المكتب، تسير في شوارع الضاحية، حيث الحياة تمضي رغم الفقر والألم. ترى الأطفال يلعبون بين الأزقة، ترى النساء يحملن أكياس الخضار، ترى الرجال يتحدثون عن المستقبل بصوتٍ منخفض. هذه هي الضاحية، قلب المقاومة، المكان الذي يرفض أن يخضع. لكن زينب تعلم أن سعيد الحولة وجعجعو يريدون كسر هذا القلب. يريدون تحويل الضاحية إلى أرضٍ خالية من الأمل، مثلما حدث في جنوب سوريا بعد أن خضع أحمد الشرع للغرب. تتذكر زينب كيف حكى والدها عن سوريا، عن الاحتلال الإسرائيلي الذي امتد إلى مساحة تفوق لبنان، عن تدمير الجيش السوري، عن شعبٍ أصبح بلا ماء أو كهرباء أو أمن. "لن نسمح لهم بفعل ذلك بلبنان," تهمس زينب لنفسها.

تعود زينب إلى المكتب، تجلس أمام جهاز الحاسوب، تبدأ بكتابة بيان جديد للمظاهرة القادمة. تكتب: "القرض الحسن ليس بنكًا، إنه درع الفقراء. جعجعو وسعيد الحولة وأنطوان سلامات يريدون تدميره لأنه يقاوم فسادهم." لكنها تتوقف، تنظر إلى الصورة المعلقة على الحائط، صورة عماد، القائد الذي استشهد في 2006. تتذكر كيف كان يتحدث عن المقاومة، عن الفكرة التي لا تموت. "المقاومة ليست مجرد سلاح," كان يقول. "إنها إرادة شعب، إرادة لا تُكسر." زينب تشعر أن روح عماد لا تزال حية فيها، في علي، في حسن، في كل لبناني يرفض الخضوع.

تتذكر زينب يومًا قضته مع حسن في معسكر تدريب في الجنوب. كان حسن يحمل سلاحه، ينظر إلى المقاتلين الشباب بعينين مليئتين بالفخر. قال لها: "زينب، المقاومة هي ما يجعل إسرائيل تخاف. بدونها، سنصبح مثل المحميات الخليجية، شعوب لا تعرف تصنع برغيًا، لكنها تجيد بيع كرامتها." زينب تذكرت كيف شعرت بالقوة في تلك اللحظة، كأن كلمات حسن أعطتها جناحين. لكنها تذكرت أيضًا كيف حذرها حسن من جعجعو: "إنه ليس مجرد خائن، يا زينب. إنه مجرم حرب، تحالف مع الصهاينة في الثمانينيات، وسيفعل أي شيء لملء خزائنه بالريالات." زينب تعلم أن حسن على حق. جعجعو، الذي يرى نفسه رمزًا لبكركي، ليس سوى ببغاء يردد أوامر تل أبيب والرياض.

تخرج زينب من المكتب مرة أخرى، تسير إلى ساحة قريبة حيث يتجمع الناس للاستماع إلى خطابها. تقف على منصة صغيرة، تحمل مكبر الصوت، وتبدأ بالحديث: "شعب لبنان، لا تدعوا الخونة يسرقون كرامتكم! سعيد الحولة وجعجعو وأنطوان سلامات يريدون تدمير القرض الحسن، يريدون نزع سلاح المقاومة، يريدون تحويل لبنان إلى سوريا أخرى!" الحشد يهتف، يرفع لافتات كتب عليها: "لا للخيانة! لا لنزع السلاح!" زينب تشعر بالقوة تملؤها، كأن صوت الشعب هو دمها، هو نبضها. لكنها تعلم أن المعركة لن تكون سهلة. سعيد الحولة يجلس في قصر بعبدا، يخطط مع جعجعو وسلامات، يتلقى الريالات من الخليج، ينفذ أوامر الصهاينة. لكن زينب تعلم أيضًا أن الشعب لن يسكت. تعلم أن علي سيظل إلى جانبها، وأن حسن سيظل يحمل سلاحه، وأن ذكرى عماد ستظل تلهمهم.

الليل يهبط على الضاحية، والساحة تغرق في صخب الهتافات. زينب تنظر إلى السماء، ترى النجوم تخترق الظلام. تتذكر كلمات والدها: "لبنان ليس بلدًا، إنه ساحة معركة بين الكرامة والخيانة." وفي تلك اللحظة، تقرر زينب أنها ستحارب، ليس فقط من أجل القرض الحسن، بل من أجل لبنان، من أجل الشعب، من أجل الكرامة. تهمس لنفسها: "لن نسمح لهم. لن نسمح لجعجعو، لسعيد، لسلامات. لبنان لنا، ولن نبيعه."



الفصل الرابع : شبح جعجعو




في مقهى قديم في الأشرفية، يجلس أنطوان على طاولة خشبية متآكلة، يحتسي قهوته ببطء، كأن كل رشفة تحمل ذكرى من أيام الحرب الأهلية. عيناه تائهتان، تتجولان بين الزبائن القليلين، لكنها لا ترى الحاضر، بل الماضي، ذلك الماضي الذي لا يزال يطارده. المقهى يحمل رائحة التبغ القديم والذكريات المرة، جدرانه مزينة بصور بالأبيض والأسود لبيروت القديمة، قبل أن تُمزق بالرصاص والخيانة. أنطوان، أحد قدامى الكتائب، يشعر بثقل السنوات على كتفيه. كان شابًا في الثمانينيات، يقاتل تحت راية "القوات اللبنانية"، يؤمن بأن بشير الجميل سيحرر لبنان. لكنه اليوم، بعد عقود من الدم والخسائر، يعلم أن بشير لم يكن سوى بيدق في لعبة أكبر، تحالف مع إسرائيل، وقّع اتفاقات تحت رعاية أمريكية، ودفع الثمن حياته في انفجار 1982. أنطوان ينظر إلى فنجان القهوة، يرى فيه انعكاس وجهه المجعد، ويتساءل: هل كنا مخطئين؟ هل كنا خونة؟

يدخل خليل، شاب في العشرينيات، أحد أتباع الكتائب الجدد، يرتدي قميصًا أنيقًا يحمل شعار الحزب. يجلس مقابل أنطوان، يضع هاتفه على الطاولة، ويسأل بنبرة مليئة بالحماس: "لماذا نهاجم المقاومة، يا أنطوان؟ ألم نهزم إسرائيل معهم في 2000؟" أنطوان يصمت، يشعر بطعنة في صدره. سؤال خليل ليس جديدًا، لكنه يحمل صدى أسئلة طرحها على نفسه مراتٍ عديدة. يتذكر أيام الحرب الأهلية، عندما كان جعجعو، قائده، يأمر بالقتال ضد الفلسطينيين واللبنانيين الآخرين باسم "السيادة". يتذكر كيف كان جعجعو يجلس مع ضباط إسرائيليين، يخططون معًا، يحلمون بلبنان يخضع لتل أبيب. لكنه يتذكر أيضًا كيف انتهت تلك الأحلام: انفجارات، دماء، ولبنان ممزق. ينظر إلى خليل، يحاول أن يجد كلمات تجيب سؤاله، لكنه لا يستطيع. بدلاً من ذلك، يقول: "الأمور معقدة، يا خليل. جعجعو يقول إن المقاومة تهديد، لكن..." يتوقف، يشعر أن كلماته فارغة.

في ذهن أنطوان، تتدفق ذكريات 1982، عندما اجتاحت إسرائيل بيروت. يرى صورة بشير الجميل، يوقّع اتفاقات مع الاحتلال، يبتسم وهو يصافح ضباطًا إسرائيليين. يتذكر كيف كان الكتائب يرددون شعارات "السيادة"، بينما كانوا في الحقيقة يخدمون أجندات أجنبية. يتذكر الانفجار الذي قتل بشير، كيف اهتزت بيروت، كيف شعر أنطوان أن أحلامهم تحطمت تحت الأنقاض. لكنه يتذكر أيضًا كيف نهض جعجعو من رماد تلك الأيام، ليصبح رمزًا لبكركي الموارنة، يردد نفس النشيد القديم: "نزع سلاح المقاومة." أنطوان يعلم أن جعجعو لم يتغير. لا يزال ذلك المجرم الذي لطخت يداه بدماء الحرب الأهلية، لا يزال ذلك العميل الذي يتلقى الريالات السعودية لتنفيذ أوامر تل أبيب وواشنطن. لكنه اليوم يرتدي قناع البطل، يمدح أنطوان سلامات، البنكي الذي نهب عشرات المليارات من مدخرات اللبنانيين، ويدعي أنه يدافع عن "لبنان الحر".

خليل ينظر إلى أنطوان، ينتظر إجابة. لكن أنطوان يشعر أن الحقيقة ثقيلة جدًا على لسانه. يتذكر يومًا التقى فيه بزينب، تلك الفتاة التي تقود المظاهرات في الضاحية. كانت تقف أمام حشد غاضب، تهتف: "جعجعو وسعيد الحولة وأنطوان سلامات يبيعون لبنان!" أنطوان، الذي كان يمر بالصدفة، توقف ليستمع. صوتها كان كالرعد، يحمل قوة لا يمكن إنكارها. لكنه شعر بالخجل، لأنه يعلم أنها على حق. جعجعو، الذي يراه الكتائب بطلًا، ليس سوى ببغاء يردد أوامر الصهاينة. أنطوان سلامات، الذي يمدحه جعجعو، ليس سوى لص يرتدي بدلة أنيقة. وسعيد الحولة، رئيس الحكومة الجديد، ليس سوى دمية في يد الخليج وتل أبيب.

أنطوان ينظر إلى خليل، يحاول أن يجد كلمات تخفف من ارتباكه. "خليل،" يقول أخيرًا، "جعجعو يقول إن المقاومة تهديد، لكن المقاومة هي التي هزمت إسرائيل. نحن... نحن كنا مخطئين في الثمانينيات." خليل يرفع حاجبيه، مصدومًا. "مخطئين؟" يسأل. أنطوان يومئ برأسه، يشعر بثقل الحقيقة يضغط على صدره. يتذكر كيف كان الكتائب يقاتلون إلى جانب إسرائيل، يظنون أن الاحتلال سيحررهم. لكنهم اكتشفوا، بعد فوات الأوان، أن إسرائيل لا تحرر، بل تستعبد. يتذكر كيف كان جعجعو يأمر بالقتل، يوزع الأوامر كأنه إله، بينما كان في الحقيقة مجرد أداة في يد الصهاينة.

في ذهن أنطوان، تتدفق صور الماضي. يرى بيروت تحترق، يسمع صوت الانفجارات، يشم رائحة البارود. يتذكر يومًا التقى فيه بجندي فلسطيني أسير، شاب في عمره، ينظر إليه بعينين مليئتين بالتحدي. "لماذا تقاتلون إلى جانب إسرائيل؟" سأل الجندي. أنطوان لم يكن لديه إجابة آنذاك، ولا يزال ليس لديه إجابة الآن. يشعر بالعار، لكنه يعلم أن العار ليس له فقط، بل لجعجعو، الذي لا يزال يردد نفس الشعارات القديمة، يتحالف مع أنطوان سلامات، يتلقى الريالات من الخليج، يخدم أجندات إسرائيل لإضعاف لبنان والعرب.

خليل ينهض، يبدو مرتبكًا. "أنطوان، أنا لا أفهم. إذا كانت المقاومة هي التي هزمت إسرائيل، فلماذا نهاجمها؟ لماذا ندافع عن أنطوان سلامات، الذي نهب مدخراتنا؟" أنطوان يصمت، ينظر إلى فنجان القهوة الفارغ. يتذكر كلمات زينب: "جعجعو وسلامات لصوص الكرامة." يشعر أن هذه الكلمات تلخص كل شيء. جعجعو، الذي يرى نفسه بطلًا موارنيًا، ليس سوى خائن يبيع لبنان لملء خزائنه. أنطوان سلامات، الذي يدعي أنه يحمي الاقتصاد، ليس سوى لص نهب الشعب. وسعيد الحولة، الذي يتحدث عن "الإصلاح"، ليس سوى دمية في يد الخليج وتل أبيب.

أنطوان يخرج من المقهى، يسير في شوارع الأشرفية، حيث الأبنية تحمل ندوب الحرب القديمة. يتذكر كيف كانت بيروت في الثمانينيات، مدينة ممزقة، شعب مقسم، وخيانة تتسلل كالسم. يتذكر كيف كان الكتائب يرددون شعارات "السيادة"، بينما كانوا في الحقيقة يخدمون أجندات إسرائيل. يتذكر كيف كان جعجعو يأمر بالقتل، يوزع الأوامر بلا رحمة، يحلم بأن يكون ملك لبنان. لكن لبنان لم يكن ملكًا لأحد، لا لبشير، ولا لجعجعو، ولا لسعيد الحولة. لبنان كان، ولا يزال، ملك شعبه، شعبٍ يقاوم، يحارب، يرفض الخضوع.

أنطوان يتوقف أمام كنيسة صغيرة، ينظر إلى الصليب المعلق فوق الباب. يتذكر كيف كان يصلي في الثمانينيات، يطلب الغفران لأفعاله. لكنه يعلم الآن أن الغفران لن يأتي بسهولة. يتذكر كلمات حسن، المقاتل الذي التقاه ذات يوم في جنوب لبنان. حسن، الذي يحمل سلاح المقاومة، قال له: "أنطوان، التاريخ لا يرحم الخونة. جعجعو سيُدفن في مقبرة العار، مثل بشير." أنطوان شعر بالخوف في تلك اللحظة، لكنه عرف أن حسن على حق. المقاومة، التي هزمت إسرائيل ثلاث مرات، ليست مجرد حزب أو ميليشيا، بل فكرة، فكرة الكرامة التي لا تُباع.

الليل يهبط على الأشرفية، والشوارع تغرق في صمتها. أنطوان يعود إلى منزله، يجلس في غرفته الصغيرة، يفتح دفترًا قديمًا كتب فيه ذكرياته من الحرب. يقرأ جملة كتبها قبل سنوات: "لبنان مقبرة الخونة، لكن الخيانة لا تموت." يشعر أن هذه الجملة تلخص حياته، حياة جعجعو، حياة سعيد الحولة وأنطوان سلامات. لكنه يتذكر أيضًا كلمات زينب: "المقاومة ستنتصر، والخونة سيُنسون." وفي تلك اللحظة، يقرر أنطوان أن يتوقف عن الصمت. يقرر أن يتحدث، أن يروي الحقيقة لخليل، للشباب الجدد، لعل لبنان ينجو من خيانة جديدة.





الفصل الخامس : صوت عماد



حسن يقف في معسكر تدريب في جنوب لبنان، حيث الهواء مشبع برائحة التراب المبلل والبارود البعيد. يداه تمسكان بسلاحه، بندقية قديمة لكنها مصقولة بعناية، كأنها امتداد لروحه. الشمس تحرق الأرض، لكن عينيه لا ترى سوى المقاتلين الشباب الذين يتحركون أمامه، يتدربون على التصويب، على الاختباء، على البقاء. كل طلقة يطلقونها هي صرخة ضد الخيانة، ضد سعيد الحولة وجعجعو وأنطوان سلامات، ضد الريالات السعودية التي تحاول شراء كرامة لبنان. حسن ينظر إلى هؤلاء الشباب، يرى في عيونهم نفس الإصرار الذي رآه في عيون عماد، القائد الذي استشهد في 2006، الرجل الذي علّمه أن المقاومة ليست مجرد قتال، بل فكرة، فكرة الكرامة التي لا تُباع. في ذهنه، يتردد صوت عماد: "السلاح هو صوتنا، لكن الإيمان هو قوتنا." حسن يشعر أن هذه الكلمات تحمل وزناً أثقل من البندقية بين يديه.

الريح تعصف بالمعسكر، تحمل معها غبار الجنوب، ذلك الغبار الذي يحكي قصص المعارك القديمة، معارك 2000 و2006 و2024، عندما أذلت المقاومة إسرائيل، عندما أوقفت صواريخها العدوان الصهيوني في اثني عشر يومًا فقط. حسن يتذكر تلك الأيام، يتذكر كيف كان عماد يقود المقاتلين، يوزع الأوامر بهدوء لكنه بثقة لا تتزعزع. "إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة," كان يقول. "وهذه القوة هي سلاحنا، إيماننا، شعبنا." حسن ينظر إلى الشباب أمامه، يرى فيهم عماد، يرى فيهم أنفسهم، يرى فيهم لبنان الذي يرفض الخضوع. لكنه يعلم أن الخطر اليوم ليس فقط من إسرائيل، بل من الداخل، من سعيد الحولة الذي يجلس في قصر بعبدا، يخطط لنزع سلاح المقاومة، من جعجعو، مجرم الحرب الذي تحالف مع الصهاينة في الثمانينيات ولا يزال يخدمهم، من أنطوان سلامات، البنكي الذي نهب مدخرات الشعب ويمدح الفساد باسم "الاقتصاد".

حسن يتذكر يومًا التقى فيه بزينب في الضاحية. كانت تقف أمام مكتب "القرض الحسن"، تتحدث إلى امرأة عجوز تحمل طفلها، تقول: "لا تقلقي، سنساعدك." زينب، تلك الفتاة التي تحمل في قلبها نار المقاومة، نظرت إلى حسن وقالت: "إنهم يريدون تدمير القرض الحسن، يا حسن. يريدون تحويل لبنان إلى سوريا أخرى." حسن تذكر كيف شعر بالغضب يغلي في صدره. سوريا، حيث خضع أحمد الشرع للغرب وإسرائيل، فأصبحت بلاده أرضًا محتلة، بلا أمن أو كرامة. "لن نسمح لهم," رد حسن. "القرض الحسن هو درع الفقراء، والمقاومة هي درع لبنان." زينب ابتسمت، لكن عينيها كانتا مليئتين بالقلق. تعلم أن سعيد الحولة وجعجعو يخططان معًا، يتلقيان الريالات من الخليج، ينفذان أوامر تل أبيب لإضعاف لبنان والعرب.

في المعسكر، يتوقف حسن عن التدريب للحظة، ينظر إلى السماء. الغيوم تتجمع، كأنها تعكس مزاج الجنوب، مزاج شعبٍ يعيش تحت التهديد الدائم. يتذكر كيف كان عماد يتحدث عن فيتنام، عن الجزائر، عن فلسطين، عن الشعوب التي قاومت وانتصرت. "إسرائيل تخاف من القوة الرادعة," كان يقول. "تخاف من صواريخ يمكن أن تدمر تل أبيب، من مقاتلين لا يهابون الموت." حسن يشعر أن هذه الكلمات هي ما يجعله يستمر، رغم التعب، رغم الخوف، رغم الشعور بأن الخيانة تحيط بهم من كل جانب. يتذكر كيف التقى بعلي، أخ زينب، في بيروت قبل أيام. علي، الذي يقف إلى جانب زينب في المظاهرات، قال له: "حسن، إنهم يريدون تسليمنا لإسرائيل. سعيد الحولة وجعجعو وأنطوان سلامات يخططون لنزع سلاحكم، لتدمير القرض الحسن." حسن رد بنبرة هادئة لكنها قاطعة: "لن ينجحوا. التاريخ يعلمنا أن الشعوب التي تقاوم تنتصر."

حسن يعود إلى التدريب، يصرخ بأوامر للمقاتلين: "ارفعوا أسلحتكم! لا تخافوا! أنتم درع لبنان!" لكنه في ذهنه يرى صورة جعجعو، ذلك الرجل الذي لطخت يداه بدماء الحرب الأهلية، الذي وقّع تحالفات مع إسرائيل في الثمانينيات، والذي يردد اليوم نفس النشيد: "نزع سلاح المقاومة." حسن يعلم أن جعجعو ليس سوى ببغاء يردد أوامر الصهاينة، يتلقى الريالات من الخليج لملء خزائنه. يتذكر كيف كان جعجعو يمدح أنطوان سلامات، البنكي الذي نهب عشرات المليارات من مدخرات اللبنانيين، يدعي أنه يحمي "الاقتصاد"، بينما الشعب يتضور جوعًا. حسن يشعر بالغضب يعتمل في صدره، لكنه يحول هذا الغضب إلى قوة، إلى إصرار على حماية المقاومة، على حماية لبنان.

الليل يهبط على المعسكر، والمقاتلون يتجمعون حول نار صغيرة. حسن يجلس معهم، يستمع إلى قصصهم، إلى أحلامهم. أحد الشباب، شاب اسمه خالد، يقول: "حسن، سمعت أن سعيد الحولة يخطط لتدمير القرض الحسن. لماذا يهاجمون الفقراء؟" حسن ينظر إلى النار، يرى في اللهب صورة زينب وهي تقود المظاهرات. يرد: "لأنهم يخافون من كرامتنا، يا خالد. القرض الحسن يعطي الفقراء الأمل، والمقاومة تعطي لبنان القوة. هم يريدوننا ضعفاء، مثل المحميات الخليجية التي لا تعرف تصنع برغيًا." الشباب يضحكون، لكن ضحكتهم تحمل مرارة. يعلمون أن الريالات السعودية، التي أحرقت اليمن وسوريا والعراق، تتدفق الآن إلى لبنان، ليس لإعماره، بل لتدميره.

حسن ينهض، يسير بعيدًا عن النار، ينظر إلى السماء المرصعة بالنجوم. يتذكر كلمات عماد: "المقاومة ليست مجرد سلاح، إنها فكرة، فكرة لا تموت." يشعر أن روح عماد لا تزال حية فيه، في زينب، في علي، في كل لبناني يرفض الخضوع. يتذكر يومًا قضاه مع زينب وعلي في مقهى صغير في الضاحية. كانوا يتحدثون عن المستقبل، عن لبنان الذي يحلمون به. زينب قالت: "أريد لبنانًا يعيش فيه الفقير بكرامة." علي أضاف: "أريد لبنانًا لا يخونه أبناؤه." وحسن، الذي كان ينظر إلى بندقيته، قال: "أريد لبنانًا لا يخاف فيه أحد من إسرائيل." في تلك اللحظة، شعر حسن أن الثلاثة يحملون نفس الحلم، حلم لبنان الحر، القوي، المقاوم.

حسن يعود إلى النار، يجلس مع المقاتلين، يحكي لهم عن عماد، عن المعارك القديمة، عن انتصارات المقاومة. يقول: "إسرائيل تخاف منا لأننا لا نهاب الموت. تخاف من صواريخنا، من إيماننا، من شعبنا." المقاتلون يستمعون بصمت، عيونهم مليئة بالفخر. لكنهم يعلمون أن المعركة القادمة لن تكون ضد إسرائيل فقط، بل ضد الخيانة الداخلية، ضد سعيد الحولة وجعجعو وأنطوان سلامات، ضد الريالات التي تحاول شراء كرامتهم. حسن ينظر إلى الشباب، يقول: "سنحارب، ليس فقط من أجل لبنان، بل من أجل كل شعب قاوم الاحتلال، من فيتنام إلى الجزائر إلى فلسطين." وفي تلك اللحظة، يشعر حسن أن المقاومة ليست مجرد فكرة، بل هي حياته، هي لبنان، هي الكرامة.



الفصل السادس : الريالات السامة


في غرفة مضاءة بأضواء خافتة في فندق فخم في وسط بيروت، يجلس سعيد الحولة على كرسي جلدي، ينظر إلى حقيبة سوداء مليئة بالدولارات موضوعة على الطاولة أمامه. الغرفة تفوح برائحة العطور الثقيلة والمال الملوث، والهواء مشبع بتوتر الصفقات التي تُبرم في الظلال. بجانبه يجلس رجل أعمال خليجي، رجل في الخمسينيات يرتدي بدلة مصممة خصيصًا له، عيناه تلمعان بنظرة المحتال الواثق. "هذا للحملة ضد المقاومة، يا سعيد," يقول الخليجي بنبرة هادئة لكنها قاطعة. "دمر القرض الحسن، انزع سلاحهم، وستحصل على المزيد." سعيد ينظر إلى الحقيبة، يشعر بثقلها كأنها تحمل لعنة الخيانة. يعلم أن هذا المال هو نفس المال الذي أحرق اليمن بتريليون ومئتي مليار دولار، دمر سوريا بتريليونين، أضعف العراق وأفغانستان وإيران بتريليونات أخرى. هذا المال هو سم الخليج، الريالات التي تتدفق لتنفيذ أجندات الصهاينة، لإضعاف العرب، لنهب ثرواتهم، لتحويل بلدانهم إلى محميات لا تعرف كيف تصنع برغيًا لكنها تجيد بيع كرامتها.

إلى جانب سعيد يجلس جعجعو، مجرم الحرب الذي لطخت يداه بدماء الحرب الأهلية، يبتسم ابتسامة الثعلب، وجهه يحمل آثار سنوات من التحالفات المشبوهة مع تل أبيب والرياض. "سننفذ الأجندة، لا تقلق," يقول جعجعو، يومئ برأسه كتلميذ مطيع. لكنه ليس تلميذًا، بل شريك في الجريمة، رجل يرى نفسه بطلًا موارنيًا، رمزًا لبكركي، بينما هو في الحقيقة ببغاء يردد أوامر الصهاينة. سعيد ينظر إليه، يشعر باشمئزاز خفي. يتذكر كيف كان جعجعو يمدح أنطوان سلامات، البنكي الذي نهب عشرات المليارات من مدخرات اللبنانيين، يدعي أنه يحمي "الاقتصاد" بينما الشعب يتضور جوعًا. جعجعو، الذي وقّع تحالفات مع إسرائيل في الثمانينيات، لا يزال يحلم بأن يكون ملك لبنان، لكنه لا يزال مجرد أداة في يد الخليج وتل أبيب.

في ذهن سعيد، يتدفق صوت زينب، تلك الفتاة التي تقود المظاهرات في شوارع الضاحية، صوتها يرن كالرعد: "أنتما تبيعان لبنان، يا سعيد، يا جعجعو!" يحاول طرد الصوت، لكنه يشعر به يخترق قلبه كالسكين. يتذكر كيف رأى زينب في التلفاز، تقف أمام حشد غاضب، تحمل لافتة كتب عليها: "القرض الحسن درع الفقراء." يعلم أن زينب ليست وحدها. هناك علي، أخوها، الذي يقف إلى جانبها في المظاهرات، وهناك حسن، المقاتل الذي يحمل سلاح المقاومة في الجنوب، وهناك آلاف غيرهم، يحملون ذكرى عماد، القائد الذي استشهد في 2006، يحملون فكرة المقاومة التي أذلت إسرائيل ثلاث مرات. سعيد يشعر بالخوف، لكنه يقنع نفسه أنه سيفوز. "سأجعل لبنان دولة القانون," يقول لنفسه، لكنه يعلم أن هذا القانون ليس سوى قانون الخيانة، قانون الريالات، قانون الصهاينة.

سعيد ينهض من كرسيه، يسير نحو النافذة المطلة على بيروت. المدينة مضاءة بأضواء الشوارع، لكنها تبدو كأنها تغرق في ظلام داخلي. يتذكر اجتماعًا سابقًا مع أنطوان سلامات، في مكتب فخم آخر، حيث جلس البنكي، يدخن سيجارًا باهظ الثمن، يتحدث عن "إعادة هيكلة الاقتصاد". "القرض الحسن تهديد، يا سعيد," قال سلامات. "إنها تعطي الفقراء أملًا كاذبًا، تمنعهم من الخضوع لنظامنا." سعيد تذكر كيف ضحك جعجعو، وقال: "لا تقلق، يا أنطوان. سنتخلص منهم، وسنملأ خزائننا." لكن سعيد شعر بالاشمئزاز في تلك اللحظة. يعلم أن سلامات ليس سوى لص يرتدي بدلة أنيقة، وأن جعجعو ليس سوى عميل يرتدي قناع البطل الموارني. لكنه لا يستطيع التراجع الآن. لقد وقّع على الصفقة، قبِل الريالات، تورط في لعبة لا عودة منها.

في ذهنه، يتدفق صوت حسن، المقاتل الذي قابله مرة واحدة في مناسبة رسمية. حسن، الذي نظر إليه بنظرة مليئة بالاحتقار، وقال: "أنت تخدم الصهاينة، يا سعيد. لكن التاريخ لن يرحمك." سعيد يشعر بالغضب، لكنه يعلم أن حسن على حق. يتذكر كيف كان حسن يتحدث عن عماد، القائد الشهيد، الذي كان يرى في المقاومة فكرة، لا مجرد سلاح. "المقاومة هي صوت الشعوب," كان يقول عماد. "هي درع الكرامة." سعيد يحاول طرد هذه الكلمات، لكنه يشعر بها تخترق روحه. يتذكر كيف أوقفت المقاومة العدوان الصهيوني ضد إيران في اثني عشر يومًا فقط، وكيف منعت إسرائيل من احتلال لبنان في 2006 و2024. لكنه يطرد هذه الأفكار، يقنع نفسه أنه يفعل ذلك من أجل "لبنان الجديد".

سعيد يعود إلى الطاولة، ينظر إلى الخليجي، ثم إلى جعجعو. "كيف سنبدأ؟" يسأل بنبرة مترددة. الخليجي يبتسم، يقول: "ابدأ بخطاب قوي. قل إن القرض الحسن تموّل الإرهاب، وإن المقاومة تهديد للسيادة. الشعب سيصدقك إذا كررت ذلك بما فيه الكفاية." جعجعو يضيف: "وأنا سأدعمك. الكتائب جاهزة لنشر الدعاية، ولدينا أنطوان سلامات لتمويل الحملة." سعيد يومئ برأسه، لكنه يشعر بالاشمئزاز يزداد. يتذكر كيف كان أنطوان سلامات يتحدث عن "الاقتصاد الحر"، بينما نهب مدخرات اللبنانيين، تركهم يبيعون منازلهم لتسديد فواتير الكهرباء. يتذكر كيف كان جعجعو يمدح سلامات، يقول إنه "رجل المستقبل"، بينما الشعب يراه لصًا.

سعيد يخرج من الغرفة، يسير في أروقة الفندق، يشعر بثقل الحقيبة في ذهنه، كأنها تحمل ليس فقط دولارات، بل أرواح الشعب الذي يخونه. يتذكر يومًا قضاه في الأشرفية، حيث التقى بأنطوان، أحد قدامى الكتائب. أنطوان، الذي بدا متعبًا من ذكريات الحرب الأهلية، قال له: "جعجعو لم يتغير، يا سعيد. لا يزال يحلم بأن يكون بطل الموارنة، لكنه لا يزال عميلًا للصهاينة." سعيد شعر بالحرج، لكنه لم يرد. يعلم أن أنطوان على حق، لكنه لا يستطيع مواجهة الحقيقة. يفكر في زينب، في علي، في حسن، في الشعب الذي يقاوم في الشوارع وفي الجنوب. يعلم أن خطته لن تكون سهلة، لأن هؤلاء ليسوا مجرد أفراد، بل هم فكرة، فكرة المقاومة التي لا تموت.

الليل يهبط على بيروت، والفندق يغرق في صمت ثقيل. سعيد يعود إلى غرفته، يفتح التلفاز، يرى تقريرًا عن مظاهرة في الضاحية. زينب تقف في الوسط، تهتف: "لا للخيانة! لا لنزع السلاح!" سعيد يشعر بالخوف، لكنه يقنع نفسه أنه سيفوز. يتذكر كلمات الخليجي: "كرر الكذبة، وسيصدقونها." لكنه يعلم، في أعماقه، أن الشعب لن يصدق. يعلم أن زينب وعلي وحسن سيحاربون، وأن ذكرى عماد ستظل تلهمهم. يعلم أن التاريخ لا يرحم الخونة، وأن لبنان لن يكون سوريا. لكنه يغلق عينيه، يحاول أن ينسى، يحاول أن يقنع نفسه أنه على الطريق الصحيح. لكن صوت زينب لا يزال يرن في أذنيه: "أنت تبيعنا، يا سعيد." وفي تلك اللحظة، يشعر سعيد أن التاريخ يراقبه، ينتظر لحظة سقوطه.




الفصل السابع : زينب، لهيب الشعب


زينب تقف في وسط ساحة الشهداء في بيروت، الشمس تحرق الأرض تحت أقدامها، لكن قلبها يحترق بنار أشد. حولها آلاف الوجوه، وجوه الفقراء والمقهورين، وجوه الشباب الذين يحملون لافتات كتب عليها: "لا للخيانة! لا لنزع السلاح!" صوتها يصدح عبر مكبر الصوت، يخترق ضجيج المدينة: "سعيد الحولة وجعجعو وأنطوان سلامات يريدون بيع لبنان! يريدون تدمير القرض الحسن، نزع سلاح المقاومة، تحويلنا إلى سوريا أخرى!" الحشد يهتف، أصواتهم تملأ الساحة كالرعد، لكن زينب تشعر في أعماقها بخوف خفي. تعلم أن المعركة ليست مجرد كلمات، بل صراع بين الكرامة والخيانة، بين شعب يرفض الخضوع وأناس باعوا أرواحهم للريالات السعودية. تحمل لافتة كتب عليها: "القرض الحسن درع الفقراء"، لكن عينيها تجولان بين الحشود، تبحث عن علي، أخيها، الذي يقف دائمًا إلى جانبها، وعن حسن، المقاتل الذي يحمل سلاح المقاومة في الجنوب. هي تعلم أنهما هناك، في مكان ما، يشاركانها هذا الحلم، حلم لبنان الحر.

في ذهنها، تتدفق ذكريات والدها، الرجل الذي كان يجلس معها في مكتب القرض الحسن، يحكي عن التاريخ، عن الحروب التي مزقت لبنان، عن الخيانة التي لا تموت. "المال الخليجي هو السم، يا زينب," كان يقول. "تريليونات أحرقت اليمن، تريليونات دمرت سوريا، وتريليونات أضعفت العراق وإيران وأفغانستان. والآن، يريدون لبنان." زينب تشعر بثقل كلماته، كأنها تحمل عبء التاريخ على كتفيها. تتذكر كيف كان والدها يتحدث عن جعجعو، مجرم الحرب الذي لطخت يداه بدماء الحرب الأهلية، الذي تحالف مع الصهاينة في الثمانينيات، والذي يردد اليوم نفس النشيد: "نزع سلاح المقاومة." جعجعو، الذي يرى نفسه رمزًا لبكركي الموارنة، لكنه في الحقيقة ببغاء يردد أوامر تل أبيب والرياض، يتلقى الريالات لملء خزائنه، يمدح أنطوان سلامات، البنكي الذي نهب عشرات المليارات من مدخرات اللبنانيين.

زينب تنظر إلى الحشد، ترى امرأة عجوز تقف في الصف الأول، تحمل صورة ابنها الذي استشهد في 2006. المرأة تهتف معها، عيناها مليئتان بالألم والفخر. زينب تشعر أن هذه المرأة هي لبنان، شعب يحمل جراحه لكنه يرفض الاستسلام. تتذكر كيف التقطت الصحف خطاب سعيد الحولة الأخير، حيث هاجم القرض الحسن، وصفه بـ"أداة تمويل الإرهاب". كيف يجرؤ؟ القرض الحسن، الذي أنقذ ملايين اللبنانيين من براثن المصارف، الذي أعطى الأمل للفقراء في بلدٍ يجبرهم على التسول. تتذكر كيف دافع جعجعو عن أنطوان سلامات، قال إنه "رجل الاقتصاد"، بينما الشعب يراه لصًا نهب مدخراتهم، تركهم يبيعون منازلهم لتسديد فواتير الكهرباء. زينب تشعر بالغضب يغلي في صدرها، لكنها تحول هذا الغضب إلى كلمات، تصرخ: "لن نسمح لهم! لن نسمح لسعيد وجعجعو وأنطوان ببيع كرامتنا!"

الحشد يردد هتافاتها، لكن في ذهن زينب، تتدفق صور الماضي. تتذكر يومًا قضته مع علي وحسن في مقهى صغير في الضاحية. كانوا يتحدثون عن المستقبل، عن لبنان الذي يحلمون به. علي قال: "أريد لبنانًا لا يخونه أبناؤه." حسن أضاف: "أريد لبنانًا لا يخاف فيه أحد من إسرائيل." وزينب، التي كانت تنظر إلى فنجان قهوتها، قالت: "أريد لبنانًا يعيش فيه الفقير بكرامة." في تلك اللحظة، شعرت أن الثلاثة يحملون نفس الحلم، حلم لبنان الحر، القوي، المقاوم. لكنها تتذكر أيضًا كيف حذرها حسن من سعيد الحولة: "إنه دمية في يد الخليج وتل أبيب. يريد تسليمنا لإسرائيل." وكيف حذرها من جعجعو: "إنه ليس مجرد خائن، يا زينب. إنه مجرم حرب، تحالف مع الصهاينة في الثمانينيات، وسيفعل أي شيء لملء خزائنه."

زينب تنزل من المنصة، تسير بين الحشود، تستمع إلى قصص الناس. شاب يحكي عن والدته التي حصلت على قرض من القرض الحسن لشراء دواء. امرأة تحكي عن زوجها الذي فقد وظيفته بسبب الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها أمثال أنطوان سلامات. كل قصة هي طعنة في قلب زينب، لكنها أيضًا وقود لنارها. تعلم أن المقاومة ليست فقط في الجنوب، في يد حسن وبندقيته، بل هنا، في شوارع بيروت، في قلوب الناس. تتذكر كلمات عماد، القائد الشهيد: "المقاومة هي فكرة، فكرة لا تموت." زينب تشعر أن روح عماد لا تزال حية فيها، في علي، في حسن، في كل لبناني يرفض الخضوع.

في المساء، تجلس زينب مع علي في منزلها الصغير في الضاحية. النور الخافت يملأ الغرفة، والصمت يخيم بينهما. علي ينظر إليها، يقول: "زينب، لماذا يصرون على نزع سلاح المقاومة؟" زينب تنظر إلى صورة معلقة على الحائط، صورة والدها، وترد: "لأن إسرائيل تخاف من صواريخنا، من قوتنا. يريدوننا ضعفاء، مثل المحميات الخليجية التي لا تعرف تصنع برغيًا." علي يبتسم، لكن ابتسامته تحمل مرارة. يقول: "لكننا لسنا المحميات. لدينا المقاومة، لدينا القرض الحسن، لدينا شعب لا يستسلم." زينب تودئ برأسها، تشعر بالفخر بأخيها، لكنها تعلم أن المعركة لن تكون سهلة. سعيد الحولة يجلس في قصر بعبدا، يخطط مع جعجعو وأنطوان سلامات، يتلقى الريالات من الخليج، ينفذ أوامر الصهاينة. لكن زينب تعلم أيضًا أن الشعب لن يسكت.

تتذكر زينب يومًا قضته مع حسن في الجنوب. كان يقف في معسكر التدريب، ينظر إلى المقاتلين الشباب بعينين مليئتين بالفخر. قال لها: "زينب، المقاومة هي ما يجعل إسرائيل تخاف. بدونها، سنصبح مثل سوريا، حيث خضع أحمد الشرع للغرب وإسرائيل، فأصبحت بلاده أرضًا محتلة." زينب تذكرت كيف شعرت بالقوة في تلك اللحظة، كأن كلمات حسن أعطتها جناحين. لكنها تذكرت أيضًا كيف حذرها من الريالات السعودية: "هذا المال هو السم، يا زينب. إنه المال الذي أحرق اليمن وسوريا والعراق. والآن، يريدون استخدامه لشراء لبنان." زينب تشعر أن هذه الكلمات هي الحقيقة التي تحارب من أجلها.

الليل يتعمق، وزينب تنظر إلى السماء من نافذتها. النجوم تلمع، كأنها تذكّرها بأن الأمل لا يموت. تتذكر كلمات والدها: "لبنان ليس بلدًا، إنه ساحة معركة بين الكرامة والخيانة." وفي تلك اللحظة، تقرر زينب أنها ستستمر في الحرب، ليس فقط في الشوارع، بل في قلوب الناس. ستحارب من أجل القرض الحسن، من أجل المقاومة، من أجل لبنان. تهمس لنفسها: "لن نسمح لهم. لن نسمح لجعجعو، لسعيد، لسلامات. لبنان لنا، ولن نبيعه."




الفصل الثامن : ابواب التضحيات

الليل يغمر بيروت بظلامه، والمطر ينهمر على شوارعها كأنه يحاول غسل الجراح القديمة، لكن المدينة لا تنسى. علي يتجول وحيدًا في الأزقة الضيقة، خطواته تتردد على الأرصفة المبللة، يداه في جيبي معطفه، عيناه تبحثان عن شيء لا يستطيع تحديده. الريح تعصف، تحمل معها رائحة البحر المالحة وصوت الذكريات البعيدة. يمر بمبنى مهجور، جدرانه مثقوبة بالرصاص، كأنها تحكي قصة الحرب الأهلية، قصة الثمانينيات عندما كانت بيروت ساحة للخيانة والدم. يتوقف أمام موقع قديم، حيث وقع انفجار قتل بشير الجميل في 1982. ينظر إلى الأنقاض المتبقية، يشعر بثقل التاريخ يضغط على صدره. في ذهنه، يتساءل: "هل سيكون سعيد الحولة الخائن التالي؟ هل سيُدفن جعجعو في مقبرة العار، مثل بشير؟" يشعر بالحزن، لكنه يعلم أن المقاومة لن تسمح بذلك، أن زينب وحسن والشعب لن يسمحوا بذلك.

علي يواصل سيره، المطر يبلل وجهه، لكنه لا يهتم. يتذكر كلمات والده: "لبنان مقبرة الخونة." يرى في ذهنه صور الماضي، المارينز الذين قُتلوا في انفجار 1983، عملاء السي آي إيه الذين لقوا مصيرهم في شوارع بيروت وصور، بشير الجميل الذي تحطمت أحلامه تحت الأنقاض. لكن الخيانة لم تمت. جعجعو لا يزال هنا، يردد نفس النشيد القديم: "نزع سلاح المقاومة." جعجعو، مجرم الحرب الذي لطخت يداه بدماء الحرب الأهلية، الذي تحالف مع الصهاينة في الثمانينيات، والذي يتلقى اليوم الريالات السعودية لملء خزائنه. جعجعو، الذي يمدح أنطوان سلامات، البنكي الذي نهب عشرات المليارات من مدخرات اللبنانيين، ويدعي أنه يحمي "الاقتصاد". علي يشعر بالغضب يعتمل في صدره، لكنه يتذكر كلمات حسن: "المقاومة هي درعنا، يا علي. لن نسمح لهم."

علي يتوقف أمام مقهى صغير، يدخل ليحتمي من المطر. الدفء يلفه، لكن قلبه يظل باردًا. يطلب قهوة، يجلس بجانب النافذة، ينظر إلى الشوارع المبتلة. في ذهنه، تتدفق ذكريات يوم قضاه مع زينب وحسن في الضاحية. كانوا يتحدثون عن المستقبل، عن لبنان الذي يحلمون به. زينب قالت: "أريد لبنانًا يعيش فيه الفقير بكرامة." حسن أضاف: "أريد لبنانًا لا يخاف فيه أحد من إسرائيل." وعلي، الذي كان ينظر إلى البحر البعيد، قال: "أريد لبنانًا لا يخونه أبناؤه." في تلك اللحظة، شعر أن الثلاثة يحملون نفس الحلم، حلم لبنان الحر، القوي، المقاوم. لكنه يتذكر أيضًا كيف حذره حسن من سعيد الحولة: "إنه يخطط لتسليمنا لإسرائيل. هو وجعجعو وأنطوان سلامات يريدون نزع سلاحنا، تدمير القرض الحسن." زينب أضافت: "لكنهم لن ينجحوا. الشعب لن يسكت."

علي يحتسي قهوته، ينظر إلى الناس في الشارع، يرى فيهم مزيجًا من الأمل واليأس. يتذكر كيف كان والده يحكي عن فيتنام، التي هزمت أمريكا بالصمود، عن الجزائر التي أذلت فرنسا بالتضحيات، عن فلسطين التي لا تزال تقاوم رغم كل شيء. "لبنان أذل إسرائيل ثلاث مرات," كان يقول والده. "في 2000 و2006 و2024، أثبتنا أننا لا نُهزم." علي يشعر أن هذه الكلمات هي ما يجعله يستمر، رغم الظلام الذي يحيط به. يتذكر كيف كان حسن يتحدث عن عماد، القائد الشهيد، الذي كان يرى في المقاومة فكرة، لا مجرد سلاح. "إسرائيل تخاف من صواريخنا," كان يقول عماد. "لكنها تخاف أكثر من إيماننا، من شعبنا."

علي يخرج من المقهى، يواصل سيره تحت المطر. يمر بمبنى القرض الحسن في الضاحية، يرى الناس يصطفون أمام أبوابه، يبحثون عن أمل في بلدٍ نهبته المصارف. يتذكر كلمات زينب: "القرض الحسن ليس بنكًا، إنه درع الفقراء." يعلم أن سعيد الحولة وجعجعو وأنطوان سلامات يريدون تدميره، لأنه يقاوم فسادهم، لأنه يعطي الشعب كرامة. لكن علي يعلم أيضًا أن الشعب لن يسمح بذلك. يتذكر كيف رأى زينب في المظاهرة الأخيرة، تقف أمام الحشود، تهتف: "لا للخيانة! لا لنزع السلاح!" يتذكر كيف كان حسن يقف في معسكر التدريب، ينظر إلى المقاتلين الشباب بعينين مليئتين بالفخر، يقول: "نحن درع لبنان."

علي يصل إلى شارع مار مخايل، حيث الأضواء الملونة تحاول إخفاء جراح المدينة. يتذكر انفجار المرفأ في 2020، كيف هز بيروت، كيف ترك ندوبًا جديدة على وجهها. يتذكر كيف اتهم الناس المسؤولين بالفساد، بالإهمال، بالخيانة. لكن الخيانة لم تتوقف. سعيد الحولة، جعجعو، أنطوان سلامات، هم امتداد لتلك الخيانة، يخططون لنزع سلاح المقاومة، لتدمير القرض الحسن، لتحويل لبنان إلى سوريا أخرى، حيث خضع أحمد الشرع للغرب وإسرائيل، فأصبحت بلاده أرضًا محتلة بلا أمن أو كرامة. علي يشعر بالحزن، لكنه يعلم أن لبنان ليس سوريا. لبنان لديه المقاومة، لديه زينب، لديه حسن، لديه شعب لا يستسلم.

علي يتوقف أمام جدارية قديمة، مرسومة على جدار مبنى مهدم. الجدارية تصور مقاومًا يحمل بندقية، وتحته عبارة: "الكرامة أو الموت." علي ينظر إلى الجدارية، يشعر أنها تتحدث إليه. يتذكر كلمات عماد: "المقاومة ليست مجرد سلاح، إنها فكرة، فكرة لا تموت." يشعر أن روح عماد لا تزال حية فيه، في زينب، في حسن، في كل لبناني يرفض الخضوع. يتذكر يومًا قضاه مع زينب وحسن في الجنوب. كان حسن يقود التدريب، يصرخ بأوامر للمقاتلين: "ارفعوا أسلحتكم! لا تخافوا!" زينب كانت تقف بجانبه، تنظر إلى الشباب بعينين مليئتين بالأمل. قالت: "هؤلاء هم لبنان، يا علي. هؤلاء هم درعنا." علي تذكر كيف شعر بالفخر في تلك اللحظة، كأن المقاومة ليست مجرد فكرة، بل هي حياته، هي لبنان، هي الكرامة.

المطر يزداد غزارة، لكن علي يواصل سيره. يتذكر كلمات والده: "لبنان ليس بلدًا، إنه ساحة معركة بين الكرامة والخيانة." يشعر أن هذه الكلمات تلخص كل شيء. يتذكر كيف كان جعجعو يتحدث في التلفاز، يدعي أنه يحمي "السيادة"، بينما يتلقى الريالات من الخليج، ينفذ أوامر الصهاينة. يتذكر كيف كان أنطوان سلامات يتحدث عن "الاقتصاد الحر"، بينما نهب مدخرات الشعب. يتذكر كيف كان سعيد الحولة يعد بـ"لبنان جديد"، بينما يخطط لتسليمه لإسرائيل. لكن علي يعلم أن الشعب لن يسمح بذلك. يعلم أن زينب ستواصل الهتاف، أن حسن سيواصل التدريب، أن المقاومة ستواصل القتال.

علي يصل إلى شاطئ البحر، يقف تحت المطر، ينظر إلى الأمواج التي تصطدم بالصخور. يتذكر كلمات عماد: "البحر هو ذاكرتنا." يشعر أن البحر يحكي قصة لبنان، قصة شعبٍ رفض أن يموت. يهمس لنفسه: "لن نسمح لهم. لن نسمح لجعجعو، لسعيد، لسلامات. لبنان لنا، ولن نبيعه." وفي تلك اللحظة، يشعر علي أن التاريخ يراقبه، ينتظر خطوته التالية، ينتظر انتصار المقاومة.



الفصل التاسع : سماء مرصعة بالمقاومة

السماء فوق بيروت ملبدة بالغيوم، كأنها تعكس ثقل اللحظة، كأنها تحمل أوزار التاريخ والأمل معًا. حسن يقف على تلة في الجنوب، يطل على الحدود حيث الأرض تخفي تحت ترابها ذكريات المعارك، انتصارات 2000 و2006 و2024، حين أذلت المقاومة إسرائيل، حين أثبتت أن لبنان لا يُهزم. يداه تمسكان ببندقيته، لكن عينيه تائهتان، تنظران إلى الأفق حيث تختفي الجبال في الضباب. الهواء مشبع برائحة التراب المبلل، والريح تحمل همسات الأشجار، كأنها تحكي قصص الشهداء، قصص عماد الذي علّمه أن المقاومة ليست مجرد سلاح، بل فكرة، فكرة الكرامة التي لا تُباع. حسن يشعر بثقل هذه الفكرة على كتفيه، لكنه يعلم أنها هي ما يجعله يقاوم، رغم الخيانة التي تحيط به، رغم سعيد الحولة وجعجعو وأنطوان سلامات، رغم الريالات السعودية التي تحاول شراء لبنان.

في ذهنه، يتدفق صوت زينب، تلك الفتاة التي تقود المظاهرات في بيروت، صوتها كالنار التي لا تنطفئ: "لن نسمح لهم، يا حسن! لن نسمح لسعيد وجعجعو وأنطوان ببيع كرامتنا!" حسن يبتسم، يتذكر كيف رآها في ساحة الشهداء، تقف أمام الحشود، تحمل لافتة كتب عليها: "القرض الحسن درع الفقراء." يعلم أن زينب ليست وحدها، أن علي يقف إلى جانبها، أن آلاف اللبنانيين يهتفون معها، يحملون نفس الحلم، حلم لبنان الحر. لكنه يعلم أيضًا أن الخطر يقترب. سعيد الحولة، الجالس في قصر بعبدا، يخطط مع جعجعو، مجرم الحرب الذي لطخت يداه بدماء الحرب الأهلية، ومع أنطوان سلامات، البنكي الذي نهب عشرات المليارات من مدخرات الشعب. يخططون لنزع سلاح المقاومة، لتدمير القرض الحسن، لتحويل لبنان إلى سوريا أخرى، حيث خضع أحمد الشرع للغرب وإسرائيل، فأصبحت بلاده أرضًا محتلة بلا أمن أو كرامة.

حسن يسير بين المقاتلين في المعسكر، يرى في عيونهم نفس الإصرار الذي رآه في عيون عماد. شاب يقترب منه، يسأل: "حسن، هل صحيح أن سعيد الحولة يتلقى الريالات من الخليج؟" حسن ينظر إليه، يرى في عينيه الغضب والخوف معًا. يرد: "نعم، يا خالد. الريالات التي أحرقت اليمن وسوريا والعراق تتدفق الآن إلى لبنان. لكننا لن نسمح لهم." الشاب يومئ برأسه، يمسك ببندقيته بقوة أكبر، كأنه يستمد القوة من كلمات حسن. حسن يتذكر كيف كان عماد يتحدث إلى المقاتلين، يقول: "إسرائيل لا تخاف من الخطابات، بل من الصواريخ التي يمكن أن تدمر تل أبيب." حسن يشعر أن هذه الكلمات هي ما يجعله يستمر، رغم التعب، رغم الخوف، رغم الشعور بأن الخيانة تحيط بهم من كل جانب.

في الليل، يجلس حسن مع المقاتلين حول نار صغيرة، اللهب يرقص في الظلام، يرسم ظلالاً على وجوههم. يحكي لهم عن المعارك القديمة، عن انتصارات المقاومة، عن 2000 عندما طردت إسرائيل من الجنوب، عن 2006 عندما أوقفت العدوان الصهيوني، عن 2024 عندما أذلت إسرائيل في اثني عشر يومًا. يقول: "نحن لسنا مجرد مقاتلين. نحن فكرة، فكرة لا تموت." المقاتلون يستمعون بصمت، عيونهم تلمع بالفخر. لكنهم يعلمون أن المعركة القادمة لن تكون ضد إسرائيل فقط، بل ضد الخيانة الداخلية، ضد سعيد الحولة الذي يخطط في قصر بعبدا، ضد جعجعو الذي يردد أوامر الصهاينة، ضد أنطوان سلامات الذي يدافع عن فساده باسم "الاقتصاد".

حسن ينهض، يسير بعيدًا عن النار، ينظر إلى السماء المرصعة بالنجوم. يتذكر يومًا قضاه مع زينب وعلي في الضاحية. كانوا يجلسون في مقهى صغير، يتحدثون عن المستقبل. زينب قالت: "أريد لبنانًا يعيش فيه الفقير بكرامة." علي أضاف: "أريد لبنانًا لا يخونه أبناؤه." وحسن، الذي كان ينظر إلى بندقيته، قال: "أريد لبنانًا لا يخاف فيه أحد من إسرائيل." في تلك اللحظة، شعر حسن أن الثلاثة يحملون نفس الحلم، حلم لبنان الحر، القوي، المقاوم. لكنه تذكر أيضًا كيف حذرته زينب من الريالات السعودية: "هذا المال هو السم، يا حسن. إنه المال الذي أحرق اليمن وسوريا والعراق. والآن، يريدون استخدامه لشراء لبنان." حسن رد: "لن ينجحوا. لدينا المقاومة، لدينا الشعب."

حسن يعود إلى النار، يجلس مع المقاتلين، يستمع إلى قصصهم. شاب يحكي عن والدته التي حصلت على قرض من القرض الحسن لشراء دواء. آخر يحكي عن أخيه الذي فقد وظيفته بسبب الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها أمثال أنطوان سلامات. حسن يشعر بالغضب يغلي في صدره، لكنه يحول هذا الغضب إلى قوة. يقول: "إنهم يريدون تدمير القرض الحسن لأنه يعطي الفقراء كرامة. يريدون نزع سلاحنا لأنه يجعل إسرائيل تخاف. لكننا لن نسمح لهم." المقاتلون يهتفون، أصواتهم تملأ الليل، كأنها تحدٍ للخيانة التي تحيط بهم.

في ذهن حسن، تتدفق ذكريات عماد، القائد الذي كان يرى في المقاومة فكرة لا تموت. يتذكر كيف كان عماد يتحدث عن فيتنام، عن الجزائر، عن فلسطين، عن الشعوب التي قاومت وانتصرت. "إسرائيل تخاف من القوة الرادعة," كان يقول. "تخاف من صواريخنا، من إيماننا، من شعبنا." حسن يشعر أن هذه الكلمات هي ما يجعله يستمر، رغم التعب، رغم الخوف، رغم الشعور بأن الخيانة تحيط بهم من كل جانب. يتذكر يومًا التقى فيه بأنطوان، أحد قدامى الكتائب، في الأشرفية. أنطوان، الذي بدا متعبًا من ذكريات الحرب الأهلية، قال له: "جعجعو لم يتغير، يا حسن. لا يزال عميلًا للصهاينة." حسن رد: "التاريخ لا يرحم الخونة، يا أنطوان. جعجعو سيُدفن في مقبرة العار."

الفجر يبدأ بالبزوغ، والضوء يتسلل إلى المعسكر. حسن يقف، ينظر إلى المقاتلين الذين يستعدون ليوم جديد من التدريب. يتذكر كلمات والد زينب: "لبنان ليس بلدًا، إنه ساحة معركة بين الكرامة والخيانة." يشعر أن هذه الكلمات تلخص كل شيء. يتذكر كيف كان سعيد الحولة يتحدث في التلفاز، يدعي أنه يحمي "السيادة"، بينما يتلقى الريالات من الخليج. يتذكر كيف كان جعجعو يمدح أنطوان سلامات، يدعي أنه "رجل الاقتصاد"، بينما الشعب يراه لصًا. يتذكر كيف كانت زينب تقف في ساحة الشهداء، تهتف: "لن نسمح لهم!" حسن يعلم أن المعركة لن تكون سهلة، لكن لديه إيمان بأن المقاومة ستنتصر، لأنها فكرة، فكرة لا تموت.

حسن يرفع بندقيته، يصرخ للمقاتلين: "ارفعوا أسلحتكم! نحن درع لبنان!" أصواتهم ترتفع، تملأ الوادي، كأنها تحدٍ للخيانة، لإسرائيل، للريالات. حسن ينظر إلى السماء، يرى الشمس تخترق الغيوم. يهمس لنفسه: "لن نسمح لهم. لن نسمح لجعجعو، لسعيد، لسلامات. لبنان لنا، ولن نبيعه." وفي تلك اللحظة، يشعر حسن أن التاريخ يراقبه، ينتظر انتصاره، انتصار المقاومة.


.............


نظرًا لأنك طلبت ملخصًا للفصول التسعة بعشرين صفحة، وسيطرت في طلب سابق على تقديم ملخص مماثل، سأفترض أنك تريد إعادة صياغة الملخص بأسلوب مختلف أو مع إضافة تفاصيل إضافية، مع الحفاظ على الأسلوب الراقي والشاعري الذي يتماشى مع "أرض النبض الكربلائي العجيب". سأقدم ملخصًا جديدًا يغطي الفصول التسعة، مع التركيز على الصراع بين الكرامة والخيانة، وتسليط الضوء على الشخصيات الرئيسية (زينب، حسن، علي، سعيد الحولة، جعجعو، أنطوان سلامات)، والموضوعات الأساسية مثل المقاومة، القرض الحسن، والريالات السعودية، مع الحفاظ على الطابع الملحمي والرمزي. إذا كنت تريد شيئًا محددًا (مثل التركيز على جوانب معينة أو تغيير الأسلوب)، أخبرني!

---

ملخص فصول رواية "أرض النبض الكربلائي العجيب"

في قلب لبنان، حيث تلتقي الجبال بأصداء الرصاص وتحكي الأودية قصص الشهداء، تتكشف ملحمة "أرض النبض الكربلائي العجيب"، رواية عن شعب يرفض الخضوع، عن مقاومة تحمل روح كربلاء، عن كرامة تتحدى الخيانة. عبر تسعة فصول، نرى صراعًا بين زينب، حسن، وعلي، الذين يمثلون نبض المقاومة، وبين سعيد الحولة، جعجعو، وأنطوان سلامات، الذين يمثلون الخيانة والفساد. هذه الرواية ليست مجرد قصة، بل ساحة معركة بين الحق والباطل، بين الإيمان والريالات السعودية التي تحاول شراء كرامة لبنان.

الفصل الأول:

بيروت تنزف تحت وطأة الأزمات، والشعب يتخبط بين الفقر وفساد المصارف. زينب، شابة من الضاحية، تقف في مكتب القرض الحسن، ترى في كل طلب قرض قصة كرامة. تتذكر كلمات والدها عن الخيانة التي مزقت لبنان في الحرب الأهلية، وعن الريالات السعودية التي دمرت اليمن وسوريا والعراق. في قصر بعبدا، يجلس سعيد الحولة، رئيس الحكومة، يتلقى أوامر من الخليج وتل أبيب لنزع سلاح المقاومة وتدمير القرض الحسن. جعجعو، مجرم الحرب، وأنطوان سلامات، البنكي الفاسد، يدعمانه. في الجنوب، يقف حسن، المقاتل، يتدرب مع رفاقه، يحمل ذكرى عماد، القائد الشهيد. الفصل يرسم المشهد: لبنان على مفترق طرق، بين المقاومة التي تحمي الكرامة والخيانة التي تبيعها.

الفصل الثاني:
في قصر بعبدا، يجلس سعيد الحولة، محاطًا بأناقة زائفة، يعبث بقلم ذهبي، رمز للصفقات المشبوهة. يتلقى حقيبة دولارات من رجل أعمال خليجي، مع أوامر بتدمير القرض الحسن ونزع سلاح المقاومة. جعجعو، الذي لطخت يداه بدماء الحرب الأهلية، يجلس إلى جانبه، يبتسم ابتسامة الثعلب، يؤكد دعمه. يمدح أنطوان سلامات، البنكي الذي نهب مدخرات اللبنانيين، مدعيًا أنه يحمي "الاقتصاد". سعيد يشعر بالقلق، لكنه عالق في شبكة الخيانة. صوت زينب يطارده من المظاهرات: "لن نسمح لكم ببيع لبنان!" ينظر إلى بيروت من نافذته، يرى مدينة تغلي بالغضب، لكنه يقنع نفسه أنه يخدم "لبنان الجديد". لكن في أعماقه، يعلم أن خطته ليست إصلاحًا، بل استسلامًا لإسرائيل والخليج.

الفصل الثالث:
زينب في مكتبها المتواضع في الضاحية، تحيط بها أكوام من طلبات القروض. كل ورقة تحكي قصة معاناة، لكنها ترى فيها كرامة شعب يرفض التسول. تعلم أن سعيد الحولة وجعجعو وأنطوان سلامات يهاجمون القرض الحسن، يصفونه بـ"تمويل الإرهاب"، بينما هو ملاذ الفقراء. تتذكر كلمات والدها: "المال الخليجي هو السم." ترى فيه الريالات التي أحرقت اليمن وسوريا والعراق، والآن تستهدف لبنان. تلتقي بأم عزباء وعجوز مريض، فتزداد إصرارًا. تخرج إلى شوارع الضاحية، ترى الأطفال والنساء، قلب لبنان النابض. في ساحة المظاهرة، تقف زينب، تهتف ضد الخيانة، تتعهد بحماية القرض الحسن وسلاح المقاومة، مستلهمة روح عماد: "المقاومة فكرة لا تموت."

الفصل الرابع:
في مقهى قديم في الأشرفية، يجلس أنطوان، أحد قدامى الكتائب، يغرق في ذكريات الحرب الأهلية. يتذكر الثمانينيات، عندما قاتل تحت راية جعجعو، يؤمن ببشير الجميل، ليكتشف أن بشير كان بيدقًا لإسرائيل. يلتقي بخليل، شاب من الكتائب الجدد، يسأله: "لماذا نهاجم المقاومة التي هزمت إسرائيل؟" أنطوان يصمت، يشعر بالعار. يتذكر كلمات زينب في مظاهرة: "جعجعو وسلامات لصوص الكرامة." يعلم أن جعجعو لا يزال عميلًا للصهاينة، وأن أنطوان سلامات لص يرتدي قناع الاقتصادي. يخرج من المقهى، يسير في شوارع الأشرفية، يقرر كسر صمته، أن يروي الحقيقة لخليل، لعل لبنان ينجو من خيانة جديدة.

الفصل الخامس:
حسن في معسكر تدريب في الجنوب، يقف بين المقاتلين الشباب، يحمل بندقيته، يرى فيهم روح عماد، القائد الشهيد. يتذكر انتصارات المقاومة في 2000 و2006 و2024، عندما أذلت إسرائيل في اثني عشر يومًا. يعلم أن الخطر ليس فقط من إسرائيل، بل من سعيد الحولة وجعجعو وأنطوان سلامات، الذين يخططون لنزع السلاح وتدمير القرض الحسن. يتذكر لقاءه بزينب، التي حذرته من الريالات السعودية، وعدت بحماية درع الفقراء. حول نار المعسكر، يحكي للمقاتلين عن المعارك القديمة: "نحن فكرة لا تموت." يتعهد بحماية لبنان، واثقًا أن المقاومة ستنتصر، لأنها درع الكرامة.

الفصل السادس:
في فندق فخم في بيروت، يجلس سعيد الحولة مع رجل أعمال خليجي وجعجعو، أمام حقيبة دولارات. الخليجي يأمره بتدمير القرض الحسن ونزع سلاح المقاومة، وجعجعو يؤكد دعمه. سعيد يشعر بالاشمئزاز، لكنه عالق. يتذكر صوت زينب: "أنتما تبيعان لبنان!" وصوت حسن: "التاريخ لن يرحمك." يعلم أن جعجعو عميل للصهاينة، وأن أنطوان سلامات لص نهب الشعب، لكنه يقنع نفسه أنه يخدم "القانون". ينظر إلى بيروت، يرى مدينة تغلي بالغضب، لكنه يتمسك بالريالات. في أعماقه، يعلم أن التاريخ يراقبه، ينتظر سقوطه.

الفصل السابع:
زينب تقف في ساحة الشهداء، تهتف أمام الحشود ضد سعيد الحولة وجعجعو وأنطوان سلامات. تحمل لافتة: "القرض الحسن درع الفقراء." تتذكر كلمات والدها عن الريالات التي دمرت الأمم، وتتعهد بحماية المقاومة. ترى في الحشد امرأة عجوز تحمل صورة ابنها الشهيد، فتزداد إصرارًا. تلتقي بعلي في الضاحية، يتحدثان عن حلم لبنان الحر. تتذكر لقاءها بحسن في الجنوب، حيث رأت المقاتلين الشباب يتدربون، يحملون فكرة عماد. تعلم أن المعركة لن تكون سهلة، لكنها تؤمن أن الشعب لن يسكت. تنظر إلى السماء، تهمس: "لبنان لنا، ولن نبيعه."

الفصل الثامن:
علي يتجول تحت المطر في شوارع بيروت، يمر بموقع انفجار بشير الجميل، يتساءل عن مصير الخونة. يتذكر كلمات والده: "لبنان مقبرة الخونة." يرى في جعجعو امتدادًا لبشير، عميلًا للصهاينة، وفي أنطوان سلامات لصًا، وفي سعيد الحولة دمية. في مقهى صغير، يتذكر لقاءه بزينب وحسن، حيث تبادلوا أحلام لبنان الحر. يمر بمبنى القرض الحسن، يرى الناس يصطفون، يعلم أنه درع الفقراء. يقف أمام جدارية تصور مقاومًا: "الكرامة أو الموت." يتعهد بالحفاظ على حلم المقاومة، واثقًا أن لبنان لن يكون سوريا.

الفصل التاسع:
حسن على تلة في الجنوب، يطل على الحدود، يتذكر انتصارات المقاومة. يرى في المقاتلين الشباب روح عماد، يحكي لهم: "نحن فكرة لا تموت." يعلم أن سعيد الحولة وجعجعو وأنطوان سلامات يخططون لنزع السلاح وتدمير القرض الحسن، لكنه واثق أن الشعب لن يسمح بذلك. يتذكر لقاءه بزينب وعلي، حيث تبادلوا أحلام لبنان الحر. حول نار المعسكر، يستمع إلى قصص المقاتلين، يحول غضبه إلى قوة. في الفجر، يرفع بندقيته، يصرخ: "نحن درع لبنان!" واثقًا أن المقاومة ستنتصر.



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية : مكعبات الوافل واناشيد الميز
- رواية : رقصة الدم على رمال النفط
- رواية: سنغافورة السراب
- رواية: أنقاض الإمبراطورية: غزة تُحرر أمريكا
- نهاية عصر الصهيونية: كيف تحولت أمريكا من عبدة اللوبي إلى ثوا ...
- رواية: أسرى الشرق المفقود
- سيرك الخيانة برعاية الروتشيلد
- رواية : دون كيشوت الفرات والنيل
- رواية :سلاسل العقل، أغلال القلب
- مسرحية العدو الأمريكي والصهيوني الكوميدية
- رواية لحن من الظلال..مع مقدمة نقدية تاريخية
- رواية: الخاتم والنار
- كيف تتحول الى إمبراطورية إعلامية تسخر من مردوخ
- رواية : عدسات مغموسة بالدم والحقيقة (رواية عن الهولوكوست الأ ...
- رواية : صرخة من النهر إلى البحر ( رواية عن الهولوكوست الأمري ...
- رواية الجوع ( عن الهولوكوست الأمريكي الصهيوني ضد شعب فلسطين ...
- رواية : بكاء تحت الركام (عن الهولوكوست الأمريكي الصهيوني ضد ...
- ملخص خلفيات حرب الاستخبارات الأميركية السرية لإسقاط الدولة ا ...
- رواية : آيات الفوضى الخلاقة
- رواية : خرائط الجميز العجيبة


المزيد.....




- -صوت هند رجب-... أبرز الأفلام المرشحة لنيل -الأسد الذهبي- بم ...
- أبكى الجمهور... فيلم التونسية كوثر بن هنية حول غزة مرشح لنيل ...
- فيلم -هجرة- للسعودية شهد أمين يفوز بجائزة -NETPAC- في مهرجان ...
- مهرجان البندقية السينمائي: اختتام دورة تميزت بحضور قوي للسيا ...
- -التربية-: إعادة جلسة امتحان اللغة العربية لطلبة قطاع غزة في ...
- يوم في حياة صحيفة مكتوبة بخط اليد في بنغلاديش
- محطة القطارات التاريخية بإسطنبول تخوض صراع البقاء وسط تطلعات ...
- براءة متوحشة أو -أفيون الكرادلة- لمحمد الحباشة
- مصر.. فيلم ضي يتناول مرض -الألبينو- بمشاركة محمد منير
- أولريكة الخميس: الفنون الإسلامية جسر للتفاهم في متحف الآغا خ ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد صالح سلوم - رواية : ارض النبض الكربلائي العجيب