أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد صالح سلوم - رواية : آيات الفوضى الخلاقة















المزيد.....



رواية : آيات الفوضى الخلاقة


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 09:35
المحور: الادب والفن
    


مقدمة الرواية: آيات الفوضى الخلاقة

في ربيع 2011، حين بدا العالم يراقب بلهفة ما سُمي "الربيع العربي"، كانت دمشق، قلب سوريا النابض، على موعد مع مؤامرة لم يكن أحد يتوقع مداها. خلف الشعارات البراقة التي رفعها "الثوار"، ووراء التقارير الإعلامية التي غطت شاشات العالم، نسجت خيوط شبكة عنكبوتية معقدة، امتدت من واشنطن إلى الرياض، ومن الدوحة إلى إسطنبول، بهدف واحد: تفكيك سوريا، آخر الحصون العربية المناهضة للهيمنة الصهيو-أميركية. لم تكن الأحداث التي بدأت بعد 2011 ثورة شعبية، بل حربًا هجينة غذتها أموال خليجية بقيمة تريليوني دولار، كما كشفت اعترافات لاحقة من وزراء، من بينهم وزير خارجية قطر، الذي أقر بأن البيت الأبيض أمر بتسليح إرهابيي "الثورة السورية" عبر أذرع استخباراتية سعودية وقطرية وتركية.

وراء هذه الفوضى المدبرة، كانت هناك أيادٍ مالية خفية، تربطها علاقات ببنوك عالمية مثل HSBC، الذي أغلق حسابات ألف من أثرياء الشرق الأوسط – مصريين، سعوديين، لبنانيين، وقطريين – لتورطهم في شبكات تمويل مشبوهة. في قلب هذه الشبكة، برز اسم رياض سلامة، الحاكم السابق لمصرف لبنان، المتهم بنهب عشرات المليارات من الأموال اللبنانية والسورية، بدعم من شخصيات سياسية ودينية مثل سمير جعجع وبشارة الراعي. هؤلاء، وبعضهم على صلة بتمويل الإرهاب الداعشي والإخواني، كانوا جزءًا من مخطط أوسع، امتدت خيوطه إلى بنوك روتشيلد، واستخدم التضليل الإعلامي كسلاح لتبرير تدمير سوريا.

"آيات الفوضى الخلاقة" هي رواية تسعى لفك رموز هذه الشبكة المعقدة، مزجًا بين الواقع الموثق والخيال الروائي المشوق. من خلال عيون وليد الرفاعي، صحفي شاب يتحدى آلة الأكاذيب المدعومة بقنوات مثل الجزيرة، العربية، وBBC، تقدم الرواية رحلة درامية إلى قلب الحقيقة. إنها قصة عن نضال فرد في مواجهة قوى إمبريالية لا تعرف الرحمة، وعن شعب يرفض أن يُمحى من ذاكرة التاريخ. بين الحقيقة والخيال، تروي هذه الرواية حكاية سوريا، حيث كانت الحقيقة دائمًا ابنة الزمن، لا السلطة.



الفصل الأول: الشرارة المزيفة


في قلب دمشق النابض، حيث تتداخل أصوات الباعة في سوق الحميدية مع همهمات المارة، كان وليد الرفاعي يقف متأملاً. كانت الشمس تميل إلى المغيب، ترسم ظلالاً طويلة على الأرضيات الحجرية المصقولة بعرق القرون. وليد، صحفي شاب في الثلاثين من عمره، يحمل دفترًا صغيرًا وقلمًا يتأرجح بين أصابعه، كان يراقب بحذر. لم يكن يومًا عاديًا. كان ربيع 2011، والهواء مشبع برائحة التغيير، أو هكذا زُعم.

مجموعة من الشباب تجمعت قرب مدخل السوق، يرفعون لافتات مكتوبة بخطوط متأنقة: "الحرية"، "الكرامة"، "الشعب يريد". كان المشهد يبدو عفويًا للوهلة الأولى، لكن عيني وليد، المدربتين على ملاحظة التفاصيل، التقطتا ما هو أبعد من ذلك. شاب يرتدي قبعة سوداء يحمل كاميرا احترافية، يلتقط لقطات متقنة كأنها مشهد من فيلم هوليوودي. آخر يوزع اللافتات بسرعة، وكأنه ينفذ تعليمات دقيقة. وليد اقترب قليلاً، مستترًا خلف عربة بائع فواكه، وسمع همسًا: "تأكدوا من تصوير الجموع من الزاوية المنخفضة، تجعلها تبدو أكبر". كانت الكلمات صادرة من رجل أجنبي، يتحدث بلكنة أوروبية، يمسك هاتفًا مشفرًا.

شعر وليد بقشعريرة. لم تكن هذه المظاهرة كما بدت. كان هناك شيء مصطنع، شيء مخطط له بعناية. عاد إلى مكتبه الصغير في جريدة "الضوء"، حيث كان يعمل كمحرر مبتدئ. فتح حاسوبه، وبدأ يكتب ملاحظاته، لكنه توقف. كيف يمكن أن ينشر شكوكه دون أدلة؟ كان يعلم أن رئيس التحرير، رجل يخشى المواجهة، سيرفض أي مقال يتحدى السردية الشعبية عن "الربيع العربي".

في تلك الليلة، تلقى وليد دعوة للقاء من صديق قديم، سمير، الذي كان يعمل في منظمة محلية للدفاع عن حقوق الإنسان. في مقهى صغير في حي المزة، قدم سمير له فتاة في العشرينيات، ذات عينين لامعتين وحماس يفيض من كلماتها. "هذه ليلى"، قال سمير، "ناشطة تؤمن بمستقبل سوريا". ليلى تحدثت بحرارة عن أحلام التغيير، عن شباب يطالبون بالعدالة، عن عالم جديد يولد من رحم الاحتجاجات. لكن وليد لاحظ شيئًا: كانت كلماتها تبدو مُعدة مسبقًا، كما لو أنها تكرر خطابًا حفظته عن ظهر قلب.

"من يمول عملكم؟" سأل وليد بحذر، محاولًا إخفاء شكوكه. ليلى ترددت للحظة، ثم أجابت بابتسامة: "منظمات دولية تدعم الديمقراطية، مثل الصندوق الوطني للديمقراطية". كان اسم المنظمة كافيًا ليوقظ في ذهن وليد جرس إنذار. قرأ سابقًا عن هذا الصندوق، وارتباطه المزعوم بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. لكنه لم يعلق، واكتفى بابتسامة هادئة، مدركًا أن الحقيقة تحتاج إلى أكثر من مجرد شكوك.

في الأيام التالية، بدأ وليد رحلة البحث عن الحقيقة. اشترى كتابًا وصل حديثًا إلى مكتبة دمشقية صغيرة، بعنوان "فوضى خلاقة" لويليام فان واغنين. الكتاب، الذي لم يكن قد حظي بعد بانتشار واسع، كان بمثابة صدمة. صفحاته كشفت عن خطة أميركية-إسرائيلية لتفكيك الدولة السورية، مستندة إلى وثائق مثل "الانفصال النظيف" التي وضعت عام 1996. قرأ وليد عن كيفية استهداف سوريا كجزء من "محور المقاومة"، وعن استراتيجية "الفوضى الخلاقة" التي تستخدم الاضطرابات لإسقاط الأنظمة المناهضة للهيمنة الغربية.

في واشنطن، بعيدًا عن أزقة دمشق، كان جوناثان رايت، مسؤول كبير في وكالة الاستخبارات المركزية، يجلس في غرفة مغلقة مع مستشارين إسرائيليين. الطاولة مغطاة بالخرائط والوثائق، وفي وسطها تقرير بعنوان "مشروع القرن الأميركي الجديد". "سوريا هي الحلقة الأضعف"، قال رايت بنبرة هادئة، "إذا سقطت، تنهار المقاومة من طهران إلى بيروت". المستشار الإسرائيلي، إسحاق، أومأ موافقًا: "نحتاج إلى شرارة، شيء يحرك الرأي العام العالمي. مظاهرات، فوضى، دماء إن لزم الأمر". كان الحديث يدور حول استراتيجية مستوحاة من زبغنيو بريجنسكي، الذي نجح في استخدام الجهاد الإسلامي لإسقاط الدولة الاشتراكية في أفغانستان.

في دمشق، كان وليد يتابع الأخبار على شاشة التلفاز في غرفته الصغيرة. تقارير BBC وCNN تتحدث عن "انتفاضة شعبية" ضد "النظام القمعي". لكن وليد، الذي كان يزور الأحياء الشعبية يوميًا، لم يرَ هذه "الانتفاضة" التي يتحدثون عنها. كانت الحياة في دمشق طبيعية إلى حد كبير، باستثناء تلك المظاهرات المحدودة التي بدت وكأنها مُنظَّمة بعناية. قرر التواصل مع مصدر موثوق، صديق يعمل في الأمن السوري، يُدعى كريم. التقيا في مقهى على ضفاف نهر بردى، حيث همس كريم: "هؤلاء ليسوا متظاهرين عاديين، وليد. بعضهم تلقى تدريبات في الخارج. لدينا تقارير عن معسكرات في الأردن وتركيا".

تلك الليلة، شاهد وليد تقريرًا على قناة الجزيرة يزعم أن الجيش السوري فتح النار على متظاهرين سلميين في درعا. الصور كانت مروعة: جثث، دماء، صراخ. لكن شيئًا ما في الصور بدا غير طبيعي. كانت الإضاءة مثالية، والزوايا مدروسة بعناية. تذكر وليد كلمات كتاب "فوضى خلاقة": "الإعلام هو السلاح الأقوى في الحرب الهجينة". قرر أن يتعمق أكثر، لكنه كان يعلم أن هذا المسار خطر.

في الأيام التالية، بدأ وليد يلاحظ أن هاتفه مراقب. رسائل غريبة تصله من أرقام مجهولة، تحذره من "التدخل فيما لا يعنيه". لكنه لم يتراجع. بدأ يجمع المعلومات من مصادر مختلفة: شهادات من أصدقاء في درعا، تقارير سرية حصل عليها من كريم، ومقالات من صحفيين مستقلين في الخارج. اكتشف أن منظمة "كانفاس" الصربية، التي دربت نشطاء في تكتيكات العصيان المدني، كانت تعمل في إسطنبول. كانت هذه المنظمة، بحسب كتاب فان واغنين، جزءًا من شبكة أميركية لخلق الفوضى في الدول المستهدفة.

قرر وليد السفر إلى إسطنبول للتحقيق بنفسه. قبل مغادرته، التقى بليلى مرة أخرى. كانت تحمل حقيبة مليئة بمنشورات تدعو إلى "الثورة". حاول أن يحذرها: "ليلى، هذه ليست ثورة شعبية. هناك من يمول هذا كله، وهم ليسوا أصدقاءنا". لكن ليلى ردت بحدة: "أنت لا تفهم، وليد. الشعب يعاني، والعالم يقف معنا". كانت كلماتها مليئة بالحماس، لكن عينيها كشفتا عن شك خفي.

في إسطنبول، تسلل وليد إلى فندق صغير حيث كان يُعقد اجتماع سري لنشطاء. بمساعدة صحفي تركي متعاطف، تمكن من الوصول إلى وثيقة تكشف عن برنامج تدريبي ممول من وزارة الخارجية الأميركية. الوثيقة تحدثت عن "خلق شرارة" لإشعال الفوضى في سوريا، مع خطط لتصعيد المظاهرات إلى مواجهات مسلحة. كانت الصدمة كبيرة، لكنها لم تكن المفاجأة الوحيدة.

في تلك الليلة، بينما كان وليد يعاين الوثيقة في غرفته، سمع طرقًا عنيفًا على الباب. قبل أن يتمكن من الرد، اقتحم رجلان ملثمان الغرفة، وأحدهما يحمل مسدسًا. "توقف عن التدخل، أيها الصحفي، وإلا ستكون النهاية"، قال أحدهما بلكنة غريبة. تمكن وليد من الهروب عبر النافذة، لكنه أدرك أن الحقيقة التي يسعى إليها لن تأتي بسهولة.

عاد إلى دمشق، قلبه ينبض بالخوف والتصميم. كان يعلم أن ما رآه في إسطنبول ليس سوى الجزء الأول من لغز أكبر. أمام شاشة التلفاز، شاهد تقريرًا آخر على قناة العربية يتحدث عن "جرائم النظام". الصور كانت مألوفة: نفس الزوايا، نفس الإضاءة. تذكر وليد كتاب "فوضى خلاقة"، وكلمات فان واغنين عن تشابه البروباغندا الغربية مع دعاية غوبلز النازية. كانت وسائل الإعلام مثل BBC، CNN، والجزيرة تصنع رواية مزيفة، تمامًا كما فعل النازيون لتبرير حروبهم. لكن وليد كان مصممًا: لن يسمح للأكاذيب أن تغلب الحقيقة.

في تلك اللحظة، قرر أن يواصل التحقيق، حتى لو كلفه ذلك حياته. كان يعلم أن الطريق طويل، لكنه كان مستعدًا لمواجهة الظلال التي تحيط بالحقيقة. الحرب على سوريا لم تكن ثورة، بل كانت مؤامرة، وكان عليه أن يكشفها، مهما كان الثمن.



الفصل الثاني: خط الجرذان

تحت سماء تركيا المغبرة، حيث تتلاقى الرياح القادمة من البحر الأسود مع حرارة السهول الجنوبية، كان وليد الرفاعي يقف متخفيًا خلف شجرة زيتون عجوز. كان المكان معسكرًا نائيًا على الحدود التركية-السورية، محاطًا بسياج شائك وأبراج مراقبة تتربص بنظراتها الحادة. كانت الساعة تشير إلى منتصف الليل، والظلام يكسو المكان بوشاح كثيف، لكن أضواء المعسكر الخافتة كشفت عن حركة محمومة. رجال يرتدون زيًا عسكريًا يتحركون بسرعة، يفرغون صناديق أسلحة من شاحنات تحمل لافتات غامضة. كان وليد، الذي وصل إلى هنا بعد رحلة محفوفة بالمخاطر من إسطنبول، يعلم أنه يقترب من قلب الحقيقة.

كان قد مضى شهر منذ هروبه المثير من الفندق في إسطنبول، حيث كاد الملثمون ينهون حياته. الوثيقة التي حصل عليها، والتي كشفت عن تدريبات "كانفاس" الممولة أميركيًا، كانت بمثابة مفتاح أولي للغز. لكن ما رآه الآن في هذا المعسكر كان أكبر بكثير. لم يكن مجرد تدريب لنشطاء، بل كان مركزًا لتسليح جيش غير مرئي، جيش يُعد لتمزيق سوريا. وليد، بقلبه الذي ينبض بالخوف والعزم، أخرج كاميرته الصغيرة وبدأ يوثق المشهد، مدركًا أن كل صورة قد تكون آخر ما يلتقطه.

في المعسكر، كان هناك رجل يبرز بين الجميع. كان طويل القامة، ذو لحية كثة، ويتحرك بثقة القائد. كانوا ينادونه بـ"أبو مصعب". وليد، الذي تسلل إلى المكان بمساعدة مهرب محلي يُدعى إبراهيم، سمع همسات من الحراس تؤكد أن أبو مصعب ليس مجرد مقاتل عادي. كان قائدًا ميدانيًا، أُفرج عنه مؤخرًا من معتقل "كامب بوكا" في العراق، وهو الآن يقود فصيلًا مسلحًا يُعد لهجوم كبير على حلب. كانت كلمات كتاب "فوضى خلاقة" لويليام فان واغنين ترن في أذنيه: "إطلاق سراح الجهاديين من المعتقلات الأميركية لم يكن صدفة، بل جزءًا من استراتيجية لخلق الفوضى".

اقترب وليد بحذر، مختبئًا خلف براميل مهجورة، وسمع أبو مصعب يتحدث إلى رجل أجنبي يرتدي بدلة سوداء. كان الأجنبي، الذي بدا أنه ضابط استخبارات، يعطي تعليمات واضحة: "الشحنة القادمة من ليبيا يجب أن تصل قبل نهاية الأسبوع. الصواريخ المضادة للدبابات ستغير المعادلة في حلب". كان الحديث عن "خط الجرذان"، مصطلح قرأه وليد في تقارير سرية حصل عليها من كريم، صديقه في الأمن السوري. كانت هذه الشبكة، التي تديرها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بالتعاون مع تركيا والأردن، تنقل الأسلحة من مخازن ليبيا بعد سقوط القذافي إلى الفصائل المسلحة في سوريا.

في الرياض، بعيدًا عن الحدود التركية، كان الأمير بندر بن سلطان يجلس في مكتبه الفاخر، محاطًا بمسؤولين أميركيين وخليجيين. الطاولة مغطاة بتقارير استخباراتية وصور جوية لمدن سورية. "نحتاج إلى تصعيد"، قال بندر بنبرة حاسمة، "أحرار الشام وجبهة النصرة جاهزتان. يجب أن نضمن سيطرتهما على حلب قبل نهاية العام". المسؤول الأميركي، الذي قدم نفسه باسم "مستر سميث"، أومأ موافقًا: "التمويل جاهز، والأسلحة في طريقها. لكن يجب أن نحافظ على الرواية: هؤلاء هم المعتدلون الذين يقاتلون من أجل الحرية". ضحك بندر بسخرية: "المعتدلون؟ دع الجزيرة وCNN يهتمان بذلك".

في دمشق، كان وليد يعاني من تناقض داخلي. عاد إلى المدينة بعد مغامرته في تركيا، حاملاً صورًا وتسجيلات تثبت وجود معسكرات تدريب وشحنات أسلحة. لكنه كان يعلم أن نشر هذه الأدلة في الصحف السورية قد يكون مستحيلاً. الإعلام المحلي كان إما خاضعًا للرقابة أو عاجزًا عن مواجهة السيل الجارف من البروباغندا الغربية. شاشات التلفاز كانت تعج بتقارير الجزيرة والعربية، التي تصور "الجيش السوري الحر" كبطل شعبي يقاتل ضد الظلم. لكن وليد كان يعلم الحقيقة: هذا "الجيش" لم يكن سوى قناعًا دعائيًا، بينما الفصائل السلفية مثل "جبهة النصرة" هي التي تسيطر على الأرض.

في إحدى الليالي، التقى وليد بليلى مجددًا في مقهى صغير في حي القيمرية. كانت ليلى تبدو مرهقة، عيناها تحملان ظلال الشك. "لقد رأيت أشياء، وليد"، قالت بهمس، "اجتماعات في الدوحة، أموال تأتي من مصادر لا أفهمها. لكنني لا أزال أؤمن أننا نقاتل من أجل سوريا". وليد، الذي بدأ يشعر بمودة تجاهها رغم شكوكه، حاول أن يكون صريحًا: "ليلى، أنتِ جزء من لعبة كبيرة. هذه الأموال تأتي من واشنطن والرياض. إنهم لا يريدون حرية سوريا، بل تدميرها". لكن ليلى هزت رأسها بعنف: "أنت مخطئ. الشعب يعاني، والعالم يقف معنا. انظر إلى تقارير الجزيرة، انظر إلى BBC!".

كانت كلماتها كالخنجر في قلب وليد. كيف يمكن لشخص ذكي مثل ليلى أن يصدق هذه الرواية؟ تذكر كلمات فان واغنين في "فوضى خلاقة": "الإعلام الغربي يعمل كآلة دعاية، مشابهة لما فعله غوبلز في ألمانيا النازية. يخلقون أبطالًا وهميين، ويحولون الضحايا إلى أدوات لتبرير الحروب". كانت تقارير الجزيرة والعربية مليئة بالصور المروعة: أطفال يبكون، مدنيون يهربون، لكنها كانت تتجاهل الحقيقة: الفصائل المسلحة، المدعومة من الخارج، كانت تفرض سيطرتها بالإرهاب.

قرر وليد أن يواجه ليلى بالأدلة. أخرج من حقيبته صورًا من المعسكر التركي، وتسجيلًا صوتيًا لمحادثة بين أبو مصعب وضابط الاستخبارات. "هذا هو الواقع، ليلى"، قال بنبرة حاسمة، "هؤلاء ليسوا ثوارًا، بل مرتزقة. والأسلحة التي يستخدمونها تأتي من ليبيا، بتمويل سعودي وإشراف أميركي". ليلى نظرت إلى الصور، وارتعشت يداها. لكنها سرعان ما استعادت رباطة جأشها: "ربما تكون هذه الأسلحة ضرورية لإسقاط النظام. لا يمكننا القتال بأيدينا العارية!".

كان وليد على وشك الرد عندما رن هاتفه. كان كريم، صديقه في الأمن، يحذره: "وليد، عليك الاختباء. هناك من يتعقبك. شوهدت في تركيا، وهم يعرفون أنك تملك أدلة". شعر وليد بثقل الخطر يضغط على صدره. لكنه كان يعلم أن التراجع ليس خيارًا. قرر العودة إلى الحدود السورية لتوثيق شحنة أسلحة كبيرة كانت في طريقها إلى حلب. كان يعلم أن هذه الشحنة قد تغير مجرى الحرب، وأن كشفها قد يكون مفتاحًا لفضح المؤامرة.

في الليلة التالية، تسلل وليد عبر الحدود بمساعدة إبراهيم، المهرب الذي أصبح حليفًا موثوقًا. كان المكان عبارة عن طريق ترابي نائي، حيث تنتظر شاحنة محملة بالصواريخ والقذائف. لكن قبل أن يتمكن من التقاط صورة واحدة، انفجر المكان بأصوات الرصاص. كان كمينًا. رجال ملثمون، يحملون بنادق آلية، بدأوا في إطلاق النار. "أنت ميت، أيها الصحفي!"، صرخ أحدهم. ركض وليد بين الأشجار، قلبه يدق كالطبول، والرصاص يمزق الهواء حوله. في تلك اللحظة، أدرك أن الحقيقة التي يسعى إليها ليست مجرد قصة صحفية، بل معركة حياة أو موت.

تمكن وليد من الاختباء في وادٍ صغير، حيث انتظر حتى هدأت الأصوات. كان يعلم أن عودته إلى دمشق ستكون محفوفة بالمخاطر، لكنه كان مصممًا على مواصلة المهمة. في جيبه، كانت الصور والتسجيلات التي التقطها في المعسكر، وفي قلبه، كانت كلمات فان واغنين ترن كنشيد: "الحقيقة هي السلاح الوحيد ضد الإمبريالية". كان يعلم أن الطريق أمامه طويل، لكن كل خطوة تقربه من كشف "خط الجرذان"، تلك الشبكة التي تغذي الحرب وتدمر وطنه.

الفصل الثالث: الغوطة – قناع الإنسانية

الغوطة الشرقية، أغسطس 2013. كانت السماء ملبدة بغيوم سوداء، تحمل في طياتها رائحة الموت والدمار. وليد الرفاعي، الذي تحول من صحفي شاب إلى محقق استقصائي يطارد الحقيقة، كان يقف على أطراف قرية صغيرة في الغوطة، عيناه تتفحصان المشهد بحذر. كان الهواء مشبعًا بصراخ الأمهات وأنين الجرحى، بينما ينعكس ضوء القمر على أنقاض البيوت التي مزقتها القذائف. لم يكن وليد هنا صدفة. كان قد سمع عن هجوم كيميائي هز العالم، هجوم زُعم أنه نفذه النظام السوري ضد شعبه. لكن وليد، الذي حمل معه شكوكًا تراكمت منذ رحلته إلى تركيا، كان يعلم أن الحقيقة نادرًا ما تكون كما تبدو على شاشات التلفاز.

كان الهجوم في الغوطة قد وقع قبل أيام، وتحول إلى مادة إعلامية متفجرة. قنوات مثل CNN والجزيرة بثت فيديوهات مروعة: أطفال يتلوون من الألم، أجساد مكدسة في مستشفيات ميدانية، وأصوات صراخ تملأ الأثير. الرواية الغربية كانت واضحة: النظام السوري استخدم غاز السارين ضد المدنيين، متجاوزًا "الخط الأحمر" الذي وضعه الرئيس الأميركي باراك أوباما. لكن وليد، الذي قرأ كتاب "فوضى خلاقة" لويليام فان واغنين مرات عديدة حتى كادت صفحاته تتمزق، كان يعلم أن مثل هذه الفيديوهات قد تكون جزءًا من خدعة أكبر، خدعة تذكر بدعاية غوبلز في ألمانيا النازية، حيث تُستخدم الصور المروعة لتحريض الرأي العام وتبرير الحروب.

تسلل وليد إلى القرية تحت جنح الظلام، مرتديًا سترة مموهة وغطاء رأس يخفي ملامحه. كان قد تواصل مع مصدر جديد، طبيبة تُدعى مريم، تعمل في مستشفى ميداني في الغوطة. مريم، التي كانت في أواخر العشرينيات من عمرها، كانت امرأة ذات عزيمة لا تلين، عيناها تحملان ألم السنوات التي قضتها في معالجة ضحايا الحرب. التقيا في زقاق ضيق، بعيدًا عن أعين المسلحين الذين يسيطرون على المنطقة. "ما الذي جاء بك إلى هنا؟"، همست مريم، صوتها يرتجف من الإرهاق. "هذا المكان أصبح مقبرة". أجاب وليد بهدوء: "أبحث عن الحقيقة، مريم. العالم يقول إن النظام فعل هذا، لكنني لا أصدق ذلك".

أخذته مريم إلى المستشفى الميداني، وهو عبارة عن قبو تحت الأرض تفوح منه رائحة المطهرات والدم. كانت الأسرة مكتظة بالجرحى، وأصوات الأنين تملأ المكان. روت مريم لوليد ما شاهدته ليلة الهجوم: "كان الفجر قد بدأ يبزغ عندما بدأ الناس يصلون. كانوا يختنقون، أعينهم تحترق، وبعضهم فقد الوعي في دقائق. لكن الغريب... كانت هناك كاميرات جاهزة. رجال يرتدون أقنعة وقفوا يصورون الضحايا قبل أن نساعدهم. لم يكن ذلك طبيعيًا". توقفت مريم للحظة، ثم أضافت: "ثم جاء رجال من لواء الإسلام، وقالوا لي إنني إذا تحدثت عنهم، سأكون التالية".

كانت كلمات مريم تأكيدًا لشكوك وليد. في كتاب "فوضى خلاقة"، تحدث فان واغنين عن هجوم الغوطة كعملية "خداع استراتيجي"، نفذتها جماعة "لواء الإسلام" بقيادة زهران علوش، بدعم لوجستي واستخباراتي سعودي. الهدف كان توريط الدولة السورية لتبرير تدخل عسكري أميركي مباشر. وليد، الذي كان قد جمع أدلة من معسكر التدريب في تركيا، أدرك أن الغوطة هي الجزء الأكثر قتامة من المؤامرة. قرر أن يحقق بنفسه، حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة بحياته.

في الأيام التالية، بدأ وليد بجمع شهادات من ناجين في الغوطة. التقى برجل عجوز يُدعى أبو ياسر، كان يعيش في مزرعة على أطراف القرية. "لم تكن صواريخ الجيش"، قال أبو ياسر بصوت مرتجف، "رأيت رجالًا يرتدون أقنعة يطلقون قذائف غريبة من مبنى مهجور. ثم بدأ الناس يسقطون". كانت شهادته متطابقة مع ما قرأه وليد في تقارير مستقلة حصل عليها من مصدر سري في دمشق. هذه التقارير، التي استند إليها فان واغنين، أشارت إلى أن الصواريخ المستخدمة في الهجوم لم تكن من ترسانة الجيش السوري، بل كانت قذائف بدائية الصنع، يمكن أن تكون قد أُنتجت في ورش محلية تديرها الفصائل المسلحة.

في واشنطن، كان جوناثان رايت، ضابط الاستخبارات الأميركي، يجلس في غرفة العمليات بمقر CIA. أمامه شاشات تعرض تقارير CNN وBBC، التي تبث فيديوهات الغوطة مرفقة بعناوين صارخة: "جريمة النظام السوري"، "مذبحة كيميائية". رايت، الذي كان يعلم أن الهجوم قد يكون عملية "خداع"، كان يواجه ضغوطًا من البيت الأبيض. "يجب أن نتحرك الآن"، قال مسؤول كبير عبر الهاتف، "هذه فرصتنا لضرب دمشق". لكن رايت، رغم دوره في المخطط، كان يشعر بقلق داخلي. كان يعلم أن الدلائل ضعيفة، وأن تورط فصائل مثل "لواء الإسلام" قد ينكشف إذا أجري تحقيق مستقل.

في الغوطة، واصل وليد تحقيقه. تواصل مع خبير كيميائي مستقل عبر الإنترنت، يُدعى د. إلياس، كان يعمل في مختبر أوروبي. أرسل وليد له صورًا للقذائف التي التقطها من موقع الهجوم، وعاد الرد صادمًا: "هذه ليست أسلحة عسكرية متقدمة. إنها قذائف يدوية الصنع، تحتوي على مواد كيميائية يمكن الحصول عليها بسهولة. الجيش السوري لا يستخدم مثل هذه الأسلحة". كانت هذه الأدلة كافية لتأكيد نظرية وليد: الهجوم كان عملية مدبرة لتوريط النظام.

لكن الخطر كان يتربص به. في إحدى الليالي، بينما كان وليد يحلل الفيديوهات التي بثتها الجزيرة وCNN، لاحظ تناقضات واضحة. كانت الإضاءة في الفيديوهات مثالية، والزوايا مدروسة بعناية، كأنها مُعدة مسبقًا. في إحدى اللقطات، رأى رجلاً يرتدي قناعًا يظهر في خلفية المشهد، وهو نفس الرجل الذي رآه في معسكر التدريب التركي. كان ذلك دليلاً دامغًا: الفصائل المسلحة لم تكن مجرد منفذين، بل كانت جزءًا من آلة إعلامية معقدة.

قرر وليد مواجهة مريم بالأدلة. في لقاء سري في القبو، أظهر لها الصور والتقارير. "مريم، هذا ليس هجومًا من النظام. إنهم يستخدمون الضحايا لتبرير حرب"، قال بنبرة مليئة بالإصرار. مريم، التي كانت قد شهدت الرعب بعينيها، بدأت دموعها تتساقط. "لقد هددوني، وليد. قالوا إنني إذا تحدثت، سأفقد عائلتي. لكنني رأيت الحقيقة. كانوا يصورون الجثث وكأنها عرض مسرحي". قررت مريم مساعدة وليد، مقدمة له شهادات مكتوبة من ناجين آخرين.

لكن الوقت كان ينفد. كان العالم على وشك الانجرار إلى حرب شاملة. تقارير BBC والعربية واصلت نشر الرواية الغربية، متجاهلة التقارير المستقلة التي تشكك في تورط النظام. وليد، الذي كان يعلم أن نشر أدلته في سوريا قد يكون مستحيلاً، قرر إرسالها إلى صحفي بريطاني مستقل يُدعى توماس، كان قد تواصل معه عبر الإنترنت. لكنه، أثناء إرسال الملفات عبر اتصال مشفر، تلقى رسالة تهديد جديدة: "توقف، أيها الصحفي، أو ستكون الغوطة قبرك".

في تلك الليلة، بينما كان وليد يختبئ في منزل مهجور على أطراف الغوطة، سمع أصوات أقدام تقترب. كان رجال "لواء الإسلام" يبحثون عنه. هرب عبر الحقول، قلبه ينبض بقوة، وهو يحمل في جيبه محرك تخزين يحتوي على الأدلة. كان يعلم أن هذه الأدلة قد تكون مفتاح كشف الحقيقة، لكنها قد تكون أيضًا نهايته. في تلك اللحظة، تذكر كلمات فان واغنين: "الفوضى الخلاقة هي استخدام أكثر القوى رجعية لتدمير مجتمع". كان الهجوم على الغوطة مثالاً صارخًا لذلك: ضحايا أبرياء استُخدموا كأدوات في لعبة جيوسياسية قذرة، بينما الإعلام الغربي والعربي يصنع منهم قصة لتبرير العدوان.

عندما وصل وليد إلى مكان آمن، أدرك أن الغوطة لم تكن مجرد هجوم، بل كانت لحظة سقوط قناع الإنسانية عن وجه الإمبريالية. كان عليه أن يواصل، ليس فقط من أجل سوريا، بل من أجل كل ضحية تحولت إلى رقم في تقارير الجزيرة وCNN. الحقيقة كانت سلاحه الوحيد، وكان مصممًا على استخدامه، مهما كان الثمن.


الفصل الرابع: سقوط الأقنعة

حلب، 2016. كانت المدينة، التي كانت يومًا جوهرة سوريا النابضة، قد تحولت إلى لوحة من الأنقاض. الأزقة التي كانت تعج بالحياة أصبحت ممرات موحشة، تحكي قصص القذائف والدماء. وليد الرفاعي، الذي عاد إلى وطنه بعد سنوات من المنفى القسري، وقف على أطراف حي الشيخ مقصود، يتأمل الدمار بعينين تحملان ثقل الحقيقة والخسارة. كان قد نجا من كمين الغوطة بأعجوبة، لكنه حمل معه جرحًا عميقًا: جرح رؤية وطنه يتمزق تحت وطأة مؤامرة أكبر من أن يفهمها العقل البسيط. في جيبه، كان لا يزال يحتفظ بمحرك التخزين الذي يحمل أدلته عن هجوم الغوطة، وعن "خط الجرذان" الذي كشفه في تركيا. لكنه كان يعلم أن هذه الأدلة، رغم قوتها، لم تكن كافية بعد لمواجهة آلة الإعلام الغربي والعربي التي لا تتوقف عن نسج الأكاذيب.

كانت حلب ساحة معركة. الفصائل المسلحة، المدعومة من تركيا وقطر والسعودية، سيطرت على أجزاء واسعة من المدينة، ترفع أعلامًا سوداء تحمل شعارات طائفية. لكن وسط هذا الخراب، لاحظ وليد شيئًا غير متوقع: مقاومة شعبية صامتة. سكان حلب، رغم الجوع والخوف، كانوا يرفضون الخضوع. في إحدى الأزقة، التقى وليد برجل يُدعى أحمد، جندي سابق في الجيش السوري تحول إلى قائد ميليشيا محلية تدافع عن الأحياء الشعبية. كان أحمد رجلاً في الأربعينيات، ذا ملامح صلبة محفورة بالحرب، لكنه يحمل في عينيه إيمانًا لا يلين. "نحن لا نقاتل فقط من أجل حلب"، قال أحمد بنبرة عميقة، "نقاتل من أجل سوريا، من أجل أن تبقى سوريا".

في خيمة متواضعة على أطراف الحي، قدم أحمد لوليد وثائق سرية حصل عليها من أحد المنشقين عن فصيل "جبهة النصرة". كانت الوثائق تكشف عن تدفق أموال وأسلحة من قطر وتركيا، موجهة مباشرة إلى الفصائل السلفية. إحدى الوثائق تحدثت عن اجتماع في الدوحة، حيث وعد مسؤول قطري بزيادة التمويل إذا "تم تنظيف حلب من الأقليات". كانت الكلمات كالصاعقة على وليد. تذكر كتاب "فوضى خلاقة" لويليام فان واغنين، الذي وصف كيف استخدمت القوى الإمبريالية الفصائل الرجعية لتمزيق النسيج الاجتماعي السوري. لكن قراءة هذه الوثائق جعلت الحقيقة أكثر وضوحًا: لم تكن الحرب على النظام فقط، بل كانت حربًا على التنوع الثقافي والديني الذي كان يميز سوريا.

في إسطنبول، بعيدًا عن أنقاض حلب، كانت ليلى تجلس في غرفة فندق فاخر، تحيط بها شاشات تعرض تقارير الجزيرة والعربية. كانت قد أصبحت وجهًا بارزًا في حركة "النشطاء"، تتحدث في مؤتمرات دولية عن "الثورة السورية". لكن شيئًا ما بدأ يتغير في داخلها. كانت الاجتماعات التي حضرتها في الدوحة وأنقرة مليئة بالتناقضات. رجال ببدلات باهظة يتحدثون عن "الديمقراطية"، بينما يوزعون أموالاً على قادة فصائل تحمل أعلام القاعدة. في إحدى الليالي، تلقت ليلى بريدًا إلكترونيًا من وليد، يحتوي على صور من معسكر التدريب التركي وشهادات من الغوطة. "ليلى، أنتِ تعلمين أن هذا ليس صحيحًا"، كتب وليد، "أنتِ جزء من لعبة لا تخدم سوريا. توقفي قبل فوات الأوان".

كانت كلماته كالمطرقة على قلبها. ليلى، التي كانت تؤمن يومًا أنها تقاتل من أجل العدالة، بدأت تشكك في كل شيء. في تلك الليلة، سرقت وثيقة من مكتب أحد المنظمين في إسطنبول، تكشف عن خطة لتسليم حلب إلى فصيل متطرف مقابل دعم مالي إضافي من السعودية. كانت الوثيقة دليلاً دامغًا على أن "الثورة" التي آمنت بها لم تكن سوى واجهة لمخطط إمبريالي. قررت ليلى العودة إلى سوريا لمواجهة وليد، لكنها كانت تعلم أن هذه الخطوة قد تكلفها حياتها.

في حلب، واصل وليد عمله مع أحمد. كان الجيش السوري يحاول استعادة المدينة، لكن الفصائل المسلحة، بدعم خارجي، كانت تقاوم بشراسة. في إحدى الأمسيات، بينما كان وليد يوثق شهادات سكان الحي، شاهد تقريرًا على قناة العربية يتحدث عن "حصار النظام" لحلب. الصور كانت مروعة: نساء وأطفال يبكون، مبانٍ مدمرة. لكن وليد، الذي كان يعيش الواقع، عرف أن هذه الصور مُعدة بعناية. كانت الكاميرات تركز على الضحايا المدنيين، بينما تتجاهل وجود مقاتلين متطرفين يستخدمون السكان كدروع بشرية. كان هذا التضليل، كما وصفه فان واغنين، مشابهًا لدعاية غوبلز النازية: تحويل الضحايا إلى أدوات لتبرير العدوان، بينما يتم شيطنة الطرف الآخر.

في ليلة ماطرة، التقى وليد بليلى مجددًا في مخبأ تحت الأرض في حلب. كانت ليلى مختلفة هذه المرة: عيناها تحملان ندمًا عميقًا. "كنت مخطئة، وليد"، قالت بصوت مكسور، "رأيت الوثائق، سمعت الأحاديث. كنت أداة في أيديهم". أخرجت من حقيبتها الوثيقة التي سرقتها من إسطنبول، وسلمته إياها. "هذا يثبت كل شيء"، أضافت، "قطر وتركيا يموّلان جبهة النصرة، والغرب يعلم بذلك". وليد، الذي كان يشعر بمزيج من الغضب والأمل، أمسك يدها: "ليلى، لقد اخترتِ الحقيقة الآن. هذا يكفي".

لكن الوقت لم يكن حليفًا. في تلك الليلة، تعرض المخبأ لهجوم من قبل مقاتلي "جبهة النصرة". كانت القذائف تهز الأرض، والرصاص يمزق الهواء. أحمد، الذي كان يقود مجموعة من المقاومين، قاتل بشراسة لحماية المخبأ. "اخرجوا من هنا!"، صرخ وهو يطلق النار. لكن وليد رفض الفرار. أمسك بكاميرته وبدأ يوثق الهجوم، مدركًا أن هذه اللحظات قد تكون الأخيرة. وسط الفوضى، أصيب أحمد برصاصة في كتفه، وسقط على الأرض. هرع وليد إليه، وسحبه إلى زاوية آمنة، بينما ليلى حاولت إيقاف النزيف.

في تلك اللحظة، تذكر وليد كلمات فان واغنين: "الفوضى الخلاقة تستخدم أكثر القوى رجعية لتدمير مجتمع". كان هجوم "جبهة النصرة" دليلاً حيًا على ذلك: فصيل مدعوم من الخارج يهاجم شعبه باسم "الثورة". لكن وسط الرصاص، شعر وليد بوميض أمل. لقد حصل على أدلة جديدة، وكان لديه ليلى كحليفة الآن. قرر أن يكتب كتابًا بعنوان "ظلال الفوضى"، مستلهمًا من عمل فان واغنين، ليكشف الحقيقة التي حاولت الجزيرة وCNN وBBC طمسها.

بينما كان القتال يهدأ، تمكن وليد وليلى من الفرار مع أحمد الجريح. لكن وليد كان يعلم أن المعركة لم تنته. كانت الأقنعة تسقط، لكن الحرب على الحقيقة كانت لا تزال في أوجها. في قلبه، كان يحمل وعدًا: لن يتوقف حتى تُعرف الحقيقة، حتى لو كان الثمن حياته.

الفصل الخامس: الحقيقة ابنة الزمن

دمشق، 2024. كانت المدينة التي كانت يومًا قلب سوريا النابض قد تحولت إلى ظل باهت لمجدها السابق. الأسواق التي كانت تعج بالحياة أصبحت أطلالاً صامتة، والشوارع التي كانت تضج بالأمل تحمل الآن أنقاض الحرب وأصداء الهزيمة. وليد الرفاعي، الذي عاد إلى دمشق بعد سنوات من المطاردة والنضال، وقف في ساحة الأمويين، يتأمل المسجد الكبير الذي ظل صامدًا رغم الدمار. لكنه لم يكن هنا للنوستالجيا. كانت المدينة تحت سيطرة واجهة تابعة للإخوان المسلمين، مدعومة من تحالف إقليمي ودولي، وقد أُعلن انتصارها كـ"تحرير" على شاشات الجزيرة والعربية. لكن وليد، الذي حمل في قلبه أدلة حرب الخداع، كان يعلم أن هذا "التحرير" لم يكن سوى فصل جديد من المؤامرة التي بدأت قبل أكثر من عقد.

كان وليد قد نجا من هجوم حلب بأعجوبة، لكنه خرج من تلك التجربة رجلاً مختلفًا. لم يعد ذلك الصحفي الشاب الذي بدأ رحلته في سوق الحميدية. كان الآن محققًا استقصائيًا يحمل على كتفيه ثقل الحقيقة، وفي جيبه محرك تخزين يحتوي على وثائق وشهادات تكشف عن مؤامرة إمبريالية دمرت سوريا. كتابه، "ظلال الفوضى"، الذي كتبه مستلهمًا من "فوضى خلاقة" لويليام فان واغنين، كان قد بدأ ينتشر في دوائر الصحفيين المستقلين. لقد أرسل مخطوطته إلى توماس، الصحفي البريطاني الذي وثق به، وكانت النسخة الأولى قد نُشرت في لندن، مما أثار ضجة في الأوساط الإعلامية البديلة. لكن وليد كان يعلم أن النشر وحده لن يكفي. كان عليه أن يواجه آلة الإعلام الغربي والعربي، التي لا تزال تنسج الأكاذيب بنفس الجرأة التي شبهها فان واغنين بدعاية غوبلز النازية.

في حي الشاغور، التقى وليد بمريم، الطبيبة التي أصبحت رمزًا للمقاومة الشعبية. كانت مريم قد تحولت من طبيبة ميدانية إلى قائدة لمجموعة صغيرة من النشطاء الذين يستخدمون الإعلام المستقل لفضح الحقيقة. كان مقرها عبارة عن قبو سري، مزود بحواسيب قديمة واتصالات مشفرة. "لقد بدأنا نبث تقاريرنا عبر الإنترنت"، قالت مريم بنبرة مليئة بالعزم، "لكن الجزيرة وCNN لا يزالان يسيطران على السردية. يتحدثون عن انتصار الثورة ، بينما نحن نرى الدمار الذي خلفته فصائلهم". أخرجت مريم جهاز عرض صغيرًا، وبدأت تعرض صورًا من حلب والغوطة، تظهر مقاتلين متطرفين يحملون أعلام القاعدة، بينما تقارير BBC تصفهم بـ"المعتدلين".

كانت مريم قد جمعت شبكة من المتطوعين، منهم أحمد، الجندي السابق الذي تعافى من إصابته في حلب. كان أحمد يقود مجموعة مقاومة صغيرة، تتحرك في الخفاء لجمع الأدلة وتوزيعها على الشعب. "الناس هنا ليسوا أغبياء"، قال أحمد وهو يشعل سيجارة، "يعلمون أن هذه ليست ثورة. لكنهم خائفون. الفصائل المتطرفة تفرض حكمها بالحديد والنار". أعطى أحمد لوليد وثيقة جديدة، تكشف عن صفقة سرية بين قادة الإخوان المسلمين ومسؤولين أتراك وقطريين، تهدف إلى تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ. كانت الوثيقة دليلاً آخر على أن "التحرير" الذي يبثه الإعلام العربي لم يكن سوى استعمار جديد.

في تلك الأثناء، كانت ليلى، التي انضمت إلى وليد بعد مواجهتها في حلب، تعاني من تناقض داخلي عميق. كانت قد تخلت عن دورها كواجهة لـ"النشطاء"، لكن الشعور بالذنب لا يزال يطاردها. كانت تعلم أنها، دون قصد، ساهمت في تغذية الحرب من خلال قبولها التمويل الأجنبي. في إحدى الليالي، بينما كان الثلاثة – وليد، مريم، وليلى – يجتمعون في القبو، انفجرت ليلى بالبكاء. "كنت أظن أنني أساعد شعبي"، قالت بصوت مكسور، "لكنني كنت أداة في أيديهم. كل تلك المؤتمرات، كل تلك التقارير على العربية والجزيرة... كانت أكاذيب". أمسك وليد يدها، محاولاً تهدئتها: "ليلى، لقد اخترتِ الحقيقة الآن. هذا ما يهم".

لكن الوقت كان يمر بسرعة. كانت الفصائل المتطرفة، بدعم خارجي، تفرض سيطرتها على دمشق، وكانت تقارير CNN وBBC تستمر في تصويرها كـ"انتصار الشعب". وليد، الذي كان يعلم أن هذه الرواية مشابهة لدعاية غوبلز التي حولت الضحايا إلى أدوات لتبرير العدوان، قرر أن يضاعف جهوده. بدأ مع مريم وأحمد بإنشاء شبكة إعلامية مستقلة، تبث تقارير مصورة تكشف عن الجرائم التي ترتكبها الفصائل المدعومة من الخارج. كانت مقاطعهم تنتشر ببطء على الإنترنت، لكنها بدأت تجذب انتباه الصحفيين المستقلين في الخارج.

في إحدى الليالي، تلقى وليد رسالة من توماس، الصحفي البريطاني. "كتابك يثير ضجة هنا"، كتب توماس، "لقد بدأ الناس يسألون أسئلة. لكن احذر، هناك من يريد إسكاتك". كانت هذه الرسالة بمثابة شرارة جديدة لوليد. قرر أن ينشر تقريرًا نهائيًا، يجمع كل الأدلة التي جمعها: وثائق من تركيا، شهادات من الغوطة، وصفقات الدوحة. لكنه كان يعلم أن هذا التقرير قد يكون آخر ما يكتبه.

في تلك الليلة، بينما كان وليد يكتب التقرير في القبو، هز انفجار عنيف المكان. كانت الفصائل المتطرفة قد اكتشفت المخبأ. بدأ الرصاص يمزق الجدران، وصوت صراخ ملأ الأثير. مريم، التي كانت تقود المقاومة، أمسكت بسلاحها وبدأت ترد على النار. "لا تتوقف، وليد!"، صرخت وهي تحمي المدخل. ليلى، التي كانت ترتجف من الخوف، أمسكت بحاسوب وليد وبدأت ترسل الملفات إلى توماس. "إذا متنا، يجب أن تصل الحقيقة"، قالت بنبرة حاسمة.

وسط الفوضى، تمكن أحمد من قيادة مجموعة صغيرة من المقاومين لصد الهجوم. لكن وليد أصيب برصاصة طائشة في ساقه، وسقط على الأرض. بينما كان الدم يتسرب من جرحه، أمسك بيد ليلى: "أكملي ما بدأناه. الحقيقة هي سلاحنا الوحيد". ليلى، التي كانت دموعها تنهمر، أومأت برأسها. في تلك اللحظة، وصلت رسالة من توماس: "الملفات وصلت. سيتم نشرها غدًا في كبرى الصحف المستقلة".

بعد ساعات من القتال، تمكن وليد ورفاقه من الفرار إلى مكان آمن في ريف دمشق. كان وليد مصابًا، لكنه كان يشعر بنشوة غريبة. لقد انتصر على الخوف، وعلى آلة الأكاذيب التي حاولت طمس الحقيقة. في الأيام التالية، بدأت تقارير توماس تنتشر، مكشفة عن دور الإمبريالية في تدمير سوريا. كانت الجزيرة وCNN وBBC تواجه موجة من الانتقادات، بينما بدأ الشعب السوري يستعيد صوته.

في ليلة هادئة، جلس وليد وليلى ومريم تحت شجرة زيتون في الريف. كانت النجوم تلمع في السماء، كأنها تحمل وعدًا بغد أفضل. "كنت مخطئة، وليد"، قالت ليلى بهدوء، "لكنني الآن أعرف الطريق". رد وليد بابتسامة: "الحقيقة ابنة الزمن، ليلى. ونحن من سيروي قصتها". مريم، التي كانت تنظر إلى الأفق، أضافت: "سنعيد بناء سوريا، ليس فقط بالحجارة، بل بالحقيقة".

كان وليد يعلم أن المعركة لم تنته. لكن في تلك اللحظة، شعر أن الحقيقة، التي دفع ثمنها غاليًا، بدأت تنتصر. كانت سوريا، رغم جروحها، لا تزال تقاوم، وكان هو جزءًا من تلك المقاومة.



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية : خرائط الجميز العجيبة
- رواية: انفاق الزيتون الدامي
- السلاح أو الموت: مسرحية المقاومة في زمن نتنياهو النازي الجدي ...
- نقابات بلجيكا تقاوم لوبيات السلاح والإبادة الجماعية
- يوم الأحد الوجودي: سخرية التاريخ من أوهام الكيان
- رواية مشاعل الهامش
- ترامب وزيلينسكي: مهرج ودمية يرقصان لارضاء بوتين
- قمة ترامب وبوتين – كوميديا سوداء في زمن الدولة العميقة وأورو ...
- رواية خيوط العنكبوت: من الباب العالي إلى هولوكوست غزة
- كعبة ليونيل والتر ( رواية عن هولوكوست صهيو امريكي في غزة )
- اولاد ابو العبد (رواية عن هولوكوست في غزة )
- الجثمان النابض - (رواية عن الهولوكوست الفلسطيني في فلسطين وف ...
- قمة ألاسكا - عندما يلتقي بوتين وترامب لتقسيم العالم على كأس ...
- الرداء المرصع بالنجوم..رواية عن الهولوكوست في غزة
- مملكة الظلمات: بين التطبيل للقضية الفلسطينية وتمويل مذابحها
- المركب السكران في بحر الثقافة العربية: رحلة أحمد صالح سلوم ب ...
- تاريخ عريق بالجعجعة و القتل على الهوية..
- الخازوق الروسي وغباء بروكسل... واشنطن تنتحر بابتسامة
- هولوكوست الصحفيين الفلسطينيين في زمن التيك توك (إسرائيل تتفو ...
- إسرائيل تتفوق على النازيين بستة أضعاف والبيت الأبيض يصفق ..ا ...


المزيد.....




- شهدت سينما السيارات شعبية كبيرة خلال جائحة كورونا ولكن هل يز ...
- ثقافة الحوار واختلاف وجهات النظر
- جمعية البستان سلوان تنفذ مسابقة س/ج الثقافية الشبابية
- مهرجان الجونة 2025 يكشف عن قائمة أفلامه العالمية في برنامجه ...
- بيت المدى يحتفي بمئوية نزار سليم .. الرسام والقاص وأبرز روا ...
- الرواية الملوَّثة التي تسيطر على الغرب
- تركيا تعتمد برنامجا شاملا لتعليم اللغة التركية للطلاب الأجان ...
- مسرحية -طعم الجدران مالح-.. الألم السوري بين توثيق الحكايات ...
- مهرجان الأردن لأفلام الأطفال.. غزة وحكايا النزوح والصمود في ...
- -للسجن مذاق آخر-.. شهادة أسير فلسطيني عن الألم والأمل خلف ال ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد صالح سلوم - رواية : آيات الفوضى الخلاقة