|
السيرة النبوية لابن كثير( دراسة نقدية) The Prophets Biography of Ibn Kabir (Critical Study)
رحيم فرحان صدام
الحوار المتمدن-العدد: 8464 - 2025 / 9 / 13 - 08:10
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
السيرة النبوية لابن كثير( دراسة نقدية) The Prophet s Biography of Ibn Kabir (Critical Study)
الملخص يعد ابن كثير عالم موسوعي جمع بين العديد من العلوم والفنون وذاعت بعض كتبه لا سيما تفسيره الموسوم (تفسير القرآن العظيم) وكتابه في التاريخ (البداية والنهاية) بين المسلمين . أن الغالب على الحياة الفكرية والعلوم الاسلامية في بلاد الشام طابع التقليد ومحاكاة السابقين والعكوف على الشروح والمختصرات وهي مدرسة حديثية جمعت بين الاتباع السلفي والعلم الاسلامي والمنهج اللاعقلي غير النقدي الا على اسس مذهبية ، مثَّلها ابن تيمية تقي الدين أبو العَباس أحمد بن عبد الحليم بن الحراني الحنبلي الدمشقي (661 - 728ه / 1263 - 1328م) وتلاميذه وأبرزهم الذهبي: شمس الدين: محمد بن أحمد بن عثمان، (ت 748ه/1357م) ، وابن القيم شمس الدين محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (ت751 ه/1350م) وابن كثير، فضلا عن المزي جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف، أبو الحجاج، القضاعي الكلبي (ت742هـ/1341م) وغيرهم ، وقد جمع رموز هذه المدرسة بين التمسك بالنصوص والعقلية غير العلمية. وقد جاء الكتاب نتيجة اسباب وعوامل أثرت في مكوناته واتجاهه الموسوعي وطابعه العام ومنهجه التاريخي والنقدي. ومن تلك العوامل: 1-سعة اطلاع ابن كثير على كثير من المصادر، وفي مقدمتها كتب السنة وكتب السير والمغازي. ...الدلائل والفضائل وكتب التاريخ عامة. 2- تأثر ابن كثير بمنهج المؤرخين الذين كتبوا في التاريخ العام كالطبري أبو جعفر محمد بن جرير بن غالب المتوفى سنة(310هـ/922م) في كتابه تاريخ الرسل والملوك، وابن الجوزي عبد الرحمن بن علي القرشي المتوفى سنة (597 ه/1200م) في كتابه المنتظم في تاريخ الأمم والملوك . 3-انتماؤه إلى عصر اتجه فيه العلماء نحو التجميع والتركيب بدلا من الابتكار والابداع والتجديد , وظهرت في هذا العصر مؤلفات ضخمة ذات طبيعة موسوعية، أو شروح وتفسيرات جامعة. ـ4-انتماء ابن كثير إلى مدرسة الحديث والأثر، اذ يتضح أثر خلفية المؤلف في علم الحديث في فصول من الكتاب منها على سبيل المثال السيرة النبوية والعصر الراشدي ، وتراجم الرواة والعلماء والأئمة وآرائه في الرجال والآراء والمذاهب.
مقدمة ظهر ابن كثير في عصر نشط فيه التأليف في كل علم من العلوم الاسلامية ، ومن الطَّبَيعي أن يكون التأليف في ميدان السيرة النبوية مواكباً لهذا النشاط الذي استقى موارده ونصوصه من التراث الضخم من الكتب والروايات التي دونها علماء التفسير والحديث والتاريخ قبل ذلك العصر. لقد شهد القرن الثامن الهجري في مصر والشام خلال حكم المماليك (648-923ه/1250-1517م) ، ظهور عدة مؤلفين في السيرة النبوية، أخرجوا مؤلفاتهم في هذا العلم على نحوٍ مفرد أو ضمن كتاب تاريخي كبير. لقد شهدت بلاد الشام ظهور مدرسة تأسست على علوم الحديث والمأثور ، مثَّلها ابن تيمية تقي الدين أبو العَباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (661 - 728ه / 1263 - 1328م) وتلاميذه وأبرزهم الذهبي شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان التركماني (ت 748 ه/1357م) ، وابن القيم شمس الدين محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (ت751ه/1350م)، وابن كثير فضلا عن المزي جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف، أبو الحجاج، القضاعي الكلبي (ت742ه/1341م) وغيرهم. تميزت هذه المدرسة بالتنوع والجدة في العرض ومقدرة أولئك المؤلفين على تنقية الروايات وتمحيصها وتجاوز طريقة الجمع والاقتباس إلى النقد على أسس طائفية. وقد جمع اعلام هذه المدرسة بين التمسك بالنصوص والعقلية غير العلمية. ويلفت نظر الباحث في هذا الواقع الجهود التي بذلها ابن كثير في كتابه البداية والنهاية عامة و(السيرة النبوية) خاصة ، اذ نجد عناية بجمع الروايات من مصادرها وعناية بذكر الأسانيد ونقدها على اسس طائفية غير علمية ، واستيعاباً لجهود العلماء السابقين .
السيرة النبوية عند ابن كثير: اتجه النشاط الثقافي منذ ( القرن السادس الهجري ) نحو الحفاظ على التراث الفكري اكثر منه نحو المشاركة في أثراء هذا التراث ، ولم تبدأ في هذا العصر بادرة حقيقية تدل على الابداع والتجديد اللذين ميزا الحضارة العربية الاسلامية قبل هذا القرن، وبدأ العلماء يتجهون نحو التجميع والتركيب بدلا من الابتكار والابداع والتجديد ، وظهرت في هذا العصر كتب ضخمة ذات طبيعة موسوعية ، اذ تصاعد الاتجاه نحو التجميع ، والتأليف الاجتراري ، والشروح والتفسير والمبسطات وشروح الشروح ، وفي الاعم الاغلب يكون هذا الاتجاه علامة على الجمود الفكري الذي يعتري حضارة من الحضارات ، وعلى الرغم من ان الموسوعات والمؤلفات الشاملة مثل كتاب مسالك الابصار في ممالك الامصار للعمري : أحمد بن يحيى بن فضل الله العدوي ، المتوفى سنة (749ه / 1349م) و نهاية الارب في فنون الادب للنويري أحمد بن عبد الوهاب بن محمد التيمي البكري ، المتوفى في سنة (733ه/ 1333م) ، وصبح الاعشى في صناعة الانشا للقلقشندي : أحمد بن علي بن أحمد الفزاري المتوفى سنة (821 ه/ 1418 م). قد حفظت لنا تراثا كبيرا في كافة نواحي الحياة الا ان هذا النمط من التأليف التجميعي ، الذي لا يقوم على الابتكار، كان انعكاسا لظروف الحضارة العربية الاسلامية التي كانت تعيش عصره الاخير، وتحاول ان تدافع عن نفسها ضد الهجوم الذي واجهته في القرون الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر الميلادية من قبل الصليبيين ، وضد الهجوم المغولي في القرن الثالث عشر الميلادي , وضد الهجوم الاوربي المستمر في الاندلس . لقد كانت هذه الموسوعات تعبيرا عن رغبة في الحفاظ على الذات الحضارية التي يتهددها الهجوم في كل مكان ، فقد كان هدف هذه الموسوعات جمع شتات الانجازات الفكرية للحضارة العربية بقصد حفظها من الضياع . لقد كانت الحضارة العربية الاسلامية في حال الدفاع عن الذات ، واراد ابناؤها لم تراثها وحفظه . وعلى الرغم من التدهور الثقافي العام الا ان حركة التدوين التاريخي كانت مزدهرة بصورة ملفتة للنظر . ففي ذلك العصر وصلت الكتابة التاريخية الى ارقى مستوى وصلت اليه في تاريخ الفكر العربي . وكان ذلك العصر بمثابة المعرض الحي لمدى التنوع والاثراء الذي وصل اليه التدوين التاريخي .(1) يعد ابن كثير عالم موسوعي جمع بين العديد من العلوم والفنون وذاعت بعض كتبه لا سيما التفسير الموسوم (تفسير القرآن العظيم) وكتاب (البداية والنهاية) بين المسلمين قديماً وحديثاً. أن الغالب على الدراسات الاسلامية في بلاد الشام طابع التقليد والعكوف على الشروح والمختصرات وهي مدرسة حديثية جمعت بين الاتباع السلفي والعلم الاسلامي والمنهج اللاعقلي غير النقدي الا على اسس طائفية ، مثلها ابن تيمية والمزي ثم الذهبي وابن القيم وابن كثير نفسه . إِن أول مَا نلاحظه فِي السيرة النبوية لابْن كثير أَنه اهتم بالرواية بالأسانيد؛ لكونه مُحدث، وَأكْثر مروياته عَن الامام أَحْمد بن حنبل الشيباني (ت 241ه/855 م).(2) وأبى نعيم الاصفهاني: أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الهاشمي بالولاء الأصبهاني (ت 430 ه/ 1038 م)(3) وَالْبَيْهَقِيّ أبو بكر أحمد بن الحسين الكسروجردي (ت458هـ/1064م) (4). فَلم يكتف بِنَقْل مَا كتبه علماء السّير والمغازي أَمْثَال مُوسَى بْن عقبَة(ت 141هـ/ 758م)(5) ، وابْن إِسْحَاق(6): محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولاهم ( ت 151ه / 768 م)، وَلكنه جمع روايات المحَدِثين وَبِذَلِك اكْتسب ميزة ينفرد بهَا بَين من كتبُوا فِي السِّيرَة. وَإِذ جمع كل مَا يُمكن فِي هَذَا المجال، فَوضع أَمَام القارئ لكتابه مَادَّة واسعة تمكنه من الدراسة والاحاطة بالموضوع. وَقد أعَان ابْن كثير على ذَلِك عصره الْمُتَأَخر وسعة اطلاعه على الاحاديث والاخبار. نجد ابْن كثير يمتاز بِأَنَّهُ ينْقل عَن بعض كتب السّير الضائعة مثل كتاب المغازي(7) الذي الفه مُوسَى بن عقبَة، وَمثل كتاب سعيد بن يحيى بن سعيد الاموي المتوفى سنة (249هـ/ 863 م) فِي المغازي(8) ، كَمَا ينْقل عَن بعض شُرُوح السِّيرَة مثل الشفا(9) للقاضي عِيَاض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي (ت 544هـ / 1149م) ، والرَّوْض الانف(10) لِلسُّهَيْلِي، أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله ابن أحمد بن أبي الحسن الخثعمي ( ت 581 ه/ 1185م). يتضمن كتاب (البداية والنهاية) سيرة مطولة، تضمنت السيرة في سياقها التاريخي ثم الشمائل والدلائل والفضائل والخصائص. وقد جاء الكتاب نتيجة عوامل أثرت في مكوناته واتجاهه الموسوعي وطابعه العام ومنهجه التاريخي والنقدي. ومن تلك العوامل: 1-سعة اطلاع ابن كثير على كثير من المصادر، ومنها كتب السنة النبوية، والسير والمغازي وكتب الدلائل وكتب التاريخ العام. 2- تأثر ابن كثير بمنهج بالمؤرخين الذين كتبوا في التاريخ العام كالطبري أبو جعفر محمد بن جرير بن غالب المتوفى سنة (310ه/922م) في كتابه تاريخ الرسل والملوك، وابن الجوزي أبو الفرج عبد الرحمن بن علي القرشي المتوفى سنة (597 ه/1200م) في كتابه المنتظم في تاريخ الأمم والملوك . 3-انتماؤه إلى عصر انتشرت فيه كتب الموسوعات والمؤلفات الشاملة. 4-انتماء ابن كثير إلى مدرسة الحديث والأثر، اذ يتضح أثر خلفية المؤلف في الحديث وعلومه في جانب من أقسام الكتاب ومنها السيرة النبوية وتاريخ الخلفاء الراشدين، فضلا عن تراجم العلماء والأئمة وآرائه في الرجال والآراء والمذاهب. بدأ ابن كثير، قسم السيرة في كتابه البداية والنهاية بهذا العنوان: ( كتاب سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وذكر أيامه وغزواته وسراياه والوفود إليه، وشمائله وفضائله ودلائله الدالة عليه)(11). فبدأ بنسب النبي محمد ، وقد ذكر رواياته ومقتبساته من المصادر المختلفة على وفق نظام عرض تاريخي متدرج فانتقل من المولد وما يتعلق به إلى مبعث الرسول الذي وضع له عنوان: (كتاب مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر شيء من البشارات بذلك) (12) ، كما تناول أبواب بدء الوحي ومجادلة المشركين للرسول(13) ، وهجرة من هاجر من الصحابة إلى الحبشة(14) ، كما تناول بدء إسلام الأنصار(15) ثم الهجرة من مكة إلى المدينة(16) ، واحداث السنة الأولى للهجرة(17) . ثم انتقل إلى كتاب المغازي(18) في الأجزاء (الخامس، السادس، السابع) وبعد ذلك كتاب الوفود(19) ، ثم كتاب حجة الوداع (20) ، وأخيراً ذكر الآيات المنذرة بوفاة النبي(21) ، كما تناول احتضاره ووفاته ، وتلا ذلك أبواباً عن زوجات النبي(22) ، وخدامه وكتابه(23) ، وأبواباً في آثار الرسول وما اختص به من ثياب وسلاح(24) ، وهكذا سار ابن كثير في ترتيبه للموضوعات التاريخية من السيرة إلى نمط من سبقه كابن إسحاق ، والواقدي : محمد بن عمر الاسلمي مولاهم ( ت 207ه/ 822 م) والطبري ، واستفاد من البيهقي في تنظيم الأبواب(25) ، فضلا عن استفادته من مواده ونصوصه. وفي الوقت الذي حافظ فيه على الوحدة الموضوعية لكل حادثة فإنه يُذَكِّر بالسنة التي تندرج فيها الأحداث التي يسوقها، وذلك في الأحداث التي وقعت بعد الهجرة(26) . وبعد أن استعرض الموضوعات التاريخية والجوانب الأسرية في حياة الرسول تناول ابن كثير ما سماه ب: (متعلقات السيرة) وهي (الشمائل، والدلائل، والفضائل، والخصائص) (27) ، ثم ذكر رواياتها وأبوابها. وقد أشار في بداية كتاب الشمائل إلى أنَّ أهمَّ المصادر المصنفة في هذا الموضوع ، كتاب الشمائل للترمذي(28) ، وعندما تناول الدلائل قسمها إلى دلائل معنوية ودلائل حسية. فأما الدلائل المعنوية: فتتمثل في القرآن الكريم(29) ، وأخلاق النبي وخلقه (30) . ثم انتقل إلى دلائل النبوة الحسية وقد قسمها إلى قسمين سماوية وأرضية، فمن الدلائل السماوية وأعظمها انشقاق القمر فرقتين(31) حسب زعمه . رأي وكالة ناسا الفضائية بمعجزة إنشقاق القمر ورد انشقاق القمر في سورة القمر وهي مكية ، وأول آية في السورة تتناول الحادثة {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} (32)، وقد وردت أحاديث فيها تثبت تلك الواقعة في صحيح البخاري الذي قال : " من حديث ابن مسعود وابن عمر وأنس وجبير بن مطعم وابن عباس رضي الله عنهم . وعن أنس قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية ، فانشق القمر بمكة مرتين فنزلت : اقتربت الساعة وانشق القمر إلى قوله : سحر مستمر "(33). وقد أنكر الكثير من المفسرين حدوث انشقاق القمر . وقالوا إن هذا مرهون بقيام الساعة . فقال بعضهم :" لم يقع انشقاق القمر بعد وهو منتظر أي : اقترب قيام الساعة وانشقاق القمر وأن الساعة إذا قامت انشقت السماء بما فيها من القمر وغيره . وذكر الماوردي : " أن هذا قول الجمهور ، وقال : لأنه إذا انشق ما بقي أحد إلا رآه لأنه آية والناس في الآيات سواء . وقال الحسن البصري : اقتربت الساعة فإذا جاءت انشق القمر. وقيل : وانشق القمر أي وضح الأمر وظهر . وقيل : انشقاق القمر هو انشقاق الظلمة عنه بطلوعه في أثنائها ، كما يسمى الصبح فلقا لانفلاق الظلمة عنه . وقد يعبر عن انفلاقه بانشقاقه كما قال النابغة : فلما أدبروا ولهم دوي دعانا عند شق الصبح داع"(34) إذن فالرواية البخارية ليست محتملة القبول . لا سيما أن الحديث الذي روى معجزة انشقاق القمر المنسوبة للنبي محمد هو خبر آحاد ، وحديث الآحاد مما لا تثبت به عقيدة على قول الجمهور ؟ إدعاء الإعجاز العلمي : - أورد الدكتور زغلول النجار أن وكالة ناسا قد أوردت تقريراً يفيد وجود انشقاق للقمر حدث منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام ، ونشروا بحثاً منسوباً للوكالة . ولكن تم سؤال العالم براد بايلي عن إنشقاق القمر فقال : -
"Evidence of the moon having been split in two. "You’ve already answered this question in August 2009 but I’d like to go into more detail. This website: http://www.mastikorner.com/forum/isl...d-p-b-u-h.html claims that Allah split the Moon in two at the request of the Prophet Mohammed and that there is a split on the Moon documented by American scientists that goes right around it which is evidence of the miracle. Is there any truth to any of these claims? "My recommendation is to not believe everything you read on the internet. Peer-reviewed papers are the only scientifically valid sources of information out there. No current scientific evidence reports that the Moon was split into two (or more) parts and then reassembled at any point in the past." (Brad Bailey, NLSI Staff Scientist, June 21, 2010) لنترجم هذا المقال للعربيّة ولننظر ماذا يقول فيه: " كنت قد أجبت على هذا السؤال في أغسطس 2009 ولكن أود أن أخوض في المزيد من التفاصيل. يزعم أن الله شق القمر إلى إثنين بناء على طلب من النبي محمد وأن هناك شق على سطح القمر موثق من قبل علماء اميركيين يمتد حوله وأن هذا دليل على حدوث المعجزة. هل هناك أي صحّة لأي من هذه الإدعاءات؟ " توصيتي هي أن لا تصدق كل ما تقرأه على شبكة الأنترنت. الأوراق (الأبحاث) المحكّمة (التي يتم تفحصها من قبل أهل الاختصاص فتأخذ بذلك مشروعيّتها) هي مصادر المعلومات الوحيدة الصحيحة علميا. لا يوجد أي دليل علمي يقول أنّ القمر انشقّ الى قسمين (أو أكثر) ثم إعادة تجميعها في أي لحظة في الماضي." (35) بعد هذا الاعجاز العلمي ما رأيكم في زغلول النجار حينما روى قصة اسلام ( داود موسى بيتكوك ) البريطاني بسبب انشقاق القمر واحمد فراج حينما كان يحاوره حول هذا الاعجاز وهو يحمد الله و يصدح بالتكبير(36) !!! بينما أكد ( بيتكوك) انه اسلم قبل ان يطلع على سورة القمر ولا يعلم شيئا عن انشقاقه ، واتهم زغلول النجار بالكذب(37). وقد قد قدم الشيخ محمد جواد مغنية ( ت1979م) عددا من الادلة العقلية التي تفند انشقاق القمر على عهد النبي في تفسيره لقوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2). فقال ما نصه : " (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) وأزفت الآزفة بمعنى واحد ، وهو ان يوم القيامة آت لا ريب فيه (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ). قال أكثر المفسرين : ان المشركين طلبوا من رسول الله (ص) أن يشق القمر فرقتين ان كان صادقا .. فسأل ربه ، فانشق القمر ، ثم عاد الى ما كان ... وليس من شك ان هذا ممكن في ذاته ، ولكن الإمكان شيء ، والوقوع شيء آخر ، لأن الوقوع يفتقر الى دليل الإثبات ، ولا دليل على ان الانشقاق حدث في عهد الرسول الأعظم (ص) ، بل الأدلة قائمة على العكس ، وهي : أولا : ان هذا لا يتفق مع العديد من الآيات التي نصت بصراحة على ان النبي (ص) لم يستجب لاقتراح المشركين في طلب الخوارق والمعجزات ، وانه أجابهم بما أمره الله : (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) ـ 94 الإسراء. وفي الآية 59 من هذه السورة أي سورة الإسراء بيّن سبحانه ان المقترحين يظلون على الكفر حتى ولو أجيبوا الى ما يقترحون : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ). وقال أيضا : (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ) ـ 146 الأعراف .. هذا ، الى ان الله سبحانه لم يبق عذرا لمتعلل بعد ان تحدى العالم كله بقوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ـ 23 البقرة. ثانيا : ان انشقاق القمر حدث كوني هام ، فلو وقع لرآه أهل الشرق والغرب ، ودوّنه العلماء والمؤرخون الأجانب وغيرهم ، كما دوّنوا ما هو دونه من الأحداث. ثالثا : ان الانشقاق من الموضوعات التي لا تثبت إلا بالخبر المتواتر ، وخبر الانشقاق من أخبار الآحاد ، فلا يصح الاعتماد عليه في هذا الباب ، والفرق بين الخبر الواحد والمتواتر ان رواة الثاني كثيرون ومختلفون في ظروفهم وأهدافهم بحيث لا يجمعهم على الكذب جامع ـ بحسب العادة ـ والخبر الواحد بعكس ذلك ، ولك ان تفرق بينهما بأن الخبر المتواتر يفيد الاطمئنان دون الخبر الواحد. رابعا : ان قوله تعالى : (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) بعد قوله : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) ـ يدل على ان القمر ينشق حين تقوم الساعة ، وان المراد من الانشقاق هنا هو نفس المراد منه في قوله : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) ـ 1 الانشقاق أي يتصدع ما فيها من الكواكب يوم القيامة".(38)
المعجزات النبوية طبقا لابن كثير عند استقراء النصوص القرآنية نجد عشرات الآيات التي تعلل امتناع الله عن اتيان المعجزات التي يطالبه بها الرسول او المؤمنون او المشركون او اهل الكتاب ، ووفق هذا المنطلق الاستقرائي نستطيع ان نحدد خمسة مستويات للتعليل: 1-التعليل بالتكذيب : ذكر القرآن ان اكثر الانبياء والمرسلين السابقين الذين كذبهم قومهم رغم ما قدموا من معجزات ، وفي مقدمتهم قوم النبي موسى مع انه كان من اكثر الأنبياء معجزة قال تعالى : {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}(39) . وقائمة الانبياء والمرسلين الذين كذبهم قومهم ، سواء أتوهم بالمعجزات ام لم يأتوهم طويلة جدا. ونستنتج من سورة آل عمران ، والخطاب موجه الى الرسول : {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ}(40) وبناء على التجارب الماضية مع الانبياء والرسل السابقين ، يأتي قوله تعالى: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ}(41) ثم تأتي سورة الاسراء لتحسم موضوع المعجزات المضنون بها على الرسول دون غيره من الانبياء والرسل ، حسما لا يقبل جدلا : {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ }(42).
2- التعليل بالتأويل السحري : هناك عدة آيات ترد الرفض الالهي عن اتيان المعجزات او الاذن للنبي بإتيانها الى كون المعجزات التي اتاها الانبياء والمرسلون السابقون قد فسرها قومهم على انها فعل من افعال السحر . فالسحر كالمعجزة يشل العقل ، ولكنه يوظف هذا الشلل لصالح قدرة شيطانية لا لصالح القدرة الالهية، ومن هنا خطورة التأويل السحري للمعجزات التي قد يأذن بها الله بإتيانها . ففي هذه الحالة خير له ولدين التوحيد الذي بعث للدعوة اليه ان لا يؤذن بأتياها. ومثال الانبياء الذين تقدموه ناطق بالدلالة من هذا المنظور . فالسيد المسيح الذي أذن الله له ان يبرأ الاكمه والابرص وان يحيي الموتى ، قوبل ما قوبلت معجزاته من قبل الذين كفروا من قومه الا بالقول : {إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ}(43) ومن قبله كان موسى قد لقي الجواب نفسه لما بعثه الله الى قوم فرعون بآياته {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى}(44) ولئن يكن موسى ، وهو الذي أتى ما أتاه من المعجزات والبينات، قد أتهم بأنه :{ سَاحِرٌ كَذَّابٌ } (45) فما الداعي ان يركب الرسول المركب نفسه ؟ ألم يرمه قومه ، بدون يأتي بمعجزات ، لمجرد انه بلغهم رسالات ربه بلسان مبين، بأنه هو الاخر : {سَاحِرٌ كَذَّابٌ }(46) وما الحاجة الى مزيد من المعجزات ، وهي محض معجزة بيانية ، ولا سيما المادية منها ، قد وصفت من قبل قوم محمد بانه : {سِحْرٌ مُبِينٌ }(47) وبكلمة أخرى : ما دام قوم النبي محمد هؤلاء {وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (14) وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (15) }(48) ، وما داموا {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ }(49) أفليس منع المعجزات عنهم هو خير سبيل الى احباط استراتيجيتهم او بتعبير الفقهاء سد باب الذرائع عليهم.
3- التعليل بالتعذيب : مع ذلك كله فان الله لا يضن على نبيه بان يلبي طلبا اخيرا له بشرط رهيب : التعذيب ومضاعفة العذاب ان اصروا على الكفر وعدم الايمان ، هكذا كان امر من سبقهم من الاقوام الذين كفروا بآيات أنبيائهم ورسلهم ، وهكذا سيكون امرهم ان كفروا بدورهم بآيات رسولهم : كقوله تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}(50) وقوله تعالى: {قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ}(51) وهكذا تفيدنا كتب السيرة انه عندما قال اهل مكة للرسول : " والله لن نؤمن بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما، ثم ترقى فيه وأنا أنظر إليك حتى تأتيها ثم تأتي معك بصك: أي كتاب معه أربعة من الملائكة يشهدون أنك كما تقول"، وهذا ما اشارت اليه الآيات (90-93) من سورة الاسراء " خيره بين أن يعطيه جميع ما سألوا، وأنهم إن كفروا بعد ذلك أبادهم بالعذاب كالأقوام السابقة، وبين أن يفتح لهم باب الرحمة والتوبة لعلهم يتوبون وإليه راجعون، فاختار الثاني، لأنه صلى الله عليه وسلم يعلم من كثير منهم العناد، وأنهم لا يؤمنون، وإن حصل ما سألوا فيستأصلوا بالعذاب"(52). 4-التعليل بعدم الفائدة وعدم العلية : اذ ما الغاية من انزال المعجزات في خاتمة المطاف؟ أن يصدق المشركون وأن يؤمن به اهل الكتاب . ولكن من قال ان الايمان وعدمه في أيديهم ؟ ومن قال ان لهم حرية الاختيار حتى يقتنعوا او لا يقتنعوا ببرهان المعجزة ؟ ثم من قال ان الرسول نفسه مكلف بإقناعهم؟ فهو ليس له من مهمة أخرى سوى التبليغ . وباستثناء التبليغ فانه مكفوف اليد {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ }(53) بل ان ما يبديه من حرص على أن يؤمن المؤمنون قد يضعه في موضع التعارض مع المشيئة الالهية {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ }(54) وقد يعرضه للمسائلة والملامة {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}(55) ذلك انه {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا }(56) أذن ليس بين الايمان وعدمه وبين المعجزة وعدمها من رابطة علية . فلا المعجزة تستبع الايمان ، ولا عدمها يستتبع عدم الايمان : {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (97) }(57).
5- التعليل بالآيات الكونية : اذ ما الحاجة في خاتمة المطاف الى معجزات جديدة ؟ فمن يطلب دليل المعجزة فما عليه الا ان يجيل نظره في الكون ليجده عبارة عن معجزات لا تعد ولا تحصى ، منذ خلق الكون من العدم الى اليوم، فكل ما في الكون معجزة ، من النطفة التي تتخلق في الرحم علقة ثم مضغة ثم جنينا ثم انسانا سويا الى الجبال التي نصبت والارض التي سطحت والسماء التي رفعت بغير عمد، والآيات الكونية في متلف سور القرآن الكريم ، وتكاد تؤلف نصف السور المكية ، فعلى سبيل المثال الآيات (20-25 ) من سورة الروم : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) } . بل ان سورة الرحمن المكية بآياتها الثماني والسبعين ، والموجه فيها الخطاب بالمثنى الى الجن والانس ، تستعرض الآيات الكونية الواحدة بعد الاخرى بإيقاع جمالي يندر مثيله في سائر السور ، مكرر السؤال بعد الاشارة الى كل معجزة : { فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.(58) والحقيقة أنه لا يمكن للمرء أن يشك في بأعجاز القرآن البلاغي لا سيما انه يجد مبرره الجمالي في السور المكية التي تتغنى بسمفونية الكون ولألاء معجزاته . ومع ذلك فثم سؤال يفرض نفسه : فالمعجزات الكونية ان أريد لها ان تكون شاهدا فهي لا تشهد في هذه الحال الا على الوهية الخالق و قدرته. بينما طالبي دليل المعجزة من المشركين واهل الكتاب ما كانوا يمارون في الالوهية ولا في قدرة الله ، وانما كان مطلبهم معجزة أو معجزات تشهد على نبوة الرسول . في القرن الثامن الهجري بقي عدد المعجزات ثابتا لدى ابن كثير لم يتغير عما كان عليه لدى القاضي عياض (ت544ه/ 1149م) في القرن السادس . ولكن ابن كثير- الذي جمع أوسع سيرة نبوية - احدث بالمقابل تغييرا منهجيا جذريا في كيفية عرض المعجزات. فبدلا من الاختصار بالعرض والاكتفاء بذكر معجزة واحدة مهما تعددت الروايات والاسانيد ، عمد الى العكس ، فذكر للمعجزة الواحدة عدة روايات حتى لو بلغت عشرا . وليس يخفى ما الغائية وراء هذا الانقلاب في المنهج ؛ فمعلوم ان قصص المعجزات قد جاءت كلها – كما يؤكد ذلك الماوردي في اعلام النبوة(59)- عن طريق الاخبار الآحاد. والاخبار الآحاد كانت موضع جدال وأخذ ورد بصدد نصابها ودرجتها من المصداقية. ولكن عندما تعدد الاسانيد عن القصة – وهي هنا المعجزة – فإن تعددها يوحي بأنها متواترة ، مما يقلل الشك الذي يحيط بالخبر الواحد الى درجة اليقين . وهذه هي الغاية التي سعى ابن كثير من وراء جمعه القصص والاسانيد المتعددة عن المعجزة الواحدة ، وهذا الذي صرح به في اكثر من موضع من الفصل الطويل الذي عقده من كتابه البداية والنهاية وأفرده في مجلد مستقل بعنوان كتاب دلائل النبوة . ومن ذلك على سبيل المثال ما فعله عند حديثه عن معجزة حنين الجذع عندما تحول عنه الرسول الى المنبر . ففي مطلع الباب الذي يفرده [بَابُ حَنِينِ الْجِزْعِ شَوْقًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وَشَفَقًا مِنْ فِرَاقِهِ يقول :" وَقَدْ وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ تُفِيدُ الْقَطْعَ عِنْدَ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ وَفُرْسَانِ هَذَا الْمَيْدَانِ"(60) ، ثم ، بعد ان يورد تسع احاديث في هذا الشأن ، ومن عشرين طريقا -اي اسنادا- مختلفا ، ينتهي الى الاستنتاج بحزم :" فَهَذِهِ الطُّرُقُ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ تُفِيدُ الْقَطْعَ بِوُقُوعِ ذَلِكَ عِنْدَ أَئِمَّةِ هَذَا الْفَنِّ، وَكَذَا مَنْ تَأَمَّلَهَا، وَأَمْعَنَ فِيهَا النَّظَرَ وَالتَّأَمُّلَ مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِأَحْوَالِ الرِّجَالِ "(61). يمكن ملاحظة أن المنهج القطعي، الذي يتخذ الكثرة معيارا للدليل ، لا يمنع ابن كثير من توظيف كل طاقته النقدية للطعن في صحة حديث من احاديث المعجزات ينسب الى الرسول معجزة رد الشمس بعد مغيبها . وهذا الحديث في اغلب المصادر الى اسماء بنت عميس الخثعمية(62) ، وفي بعضها الى ابي هريرة وابي سعيد الخدري ، يقول في احد صيغها :" «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوحَى إِلَيْهِ وَرَأَسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَلَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: " صَلَّيْتَ؟ " قَالَ: لَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ فِي طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ فَارْدُدْ عَلَيْهِ الشَّمْسَ ". قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَرَأَيْتُهَا غَرَبَتْ، ثُمَّ رَأَيْتُهَا طَلَعَتْ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ.» قِيلَ لَهُ: كَيْفَ لَنَا بِصِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ لِنَحْتَجَّ عَلَى مُخَالِفِينَا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؟ ! وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ جِدًّا، لَا أَصْلَ لَهُ، وَهَذَا مِمَّا كَسَبَتْ أَيْدِي الرَّوَافِضِ، وَلَوْ رُدَّتِ الشَّمْسُ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ لَرَآهَا الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ، وَنَقَلُوا إِلَيْنَا أَنَّ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا فِي سَنَةِ كَذَا رُدَّتِ الشَّمْسُ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ.» (63) ، ومع ان هذا الحديث تعددت رواته واسانيده وقبله احمد بن صالح(64) والطحاوي(65) والطبراني(66)والقاضي عياض(67) ، فقد رده ابن كثير غير متقيد بما قاله من أن " الطرق المتعددة تفيد القطع " . وواضح السبب الحقيقي لرده هذا الحديث ؛ لان معجزة رد الشمس بعد مغيبها تشهد للإمام علي بما لم يشهد به غيره لابي بكر أو لعمر بن الخطاب ؛ ولهذا السبب عد ابن الجوزي(68) وعلماء ناطقون اخرون باسم الاسلام السني هذا الحديث من الموضوعات(69)، وبالفعل يشير ابن كثير نفسه الى أن الحديث قد استغل من " الروافض قبحهم الله " وقد طعن في سلسلة اسناده قائلا :" هذا الحديث ضعيف ومنكر من جميع طرقه ، فلا تخلو واحدة منها عن شيعي مجهول ، وشيعي متروك ... وكل هذا يدل على أنه مصنوع مفتعل يسرقه هؤلاء الرافضة بعضهم من بعض "(70). وهذه المنهجية القطعية هي التي يعتمدها ايضا عندما يتحدث عن معجزات تكثير الطعام أو انباع الماء وتكثيره . وهي معجزات تكتسب اهمية خاصة في مجتمع القلة وشح الماء والطعام الذي كأنه مجتمع المدينة – مجتمع شبه جزيرة العرب عموما- قبل ان يتدفق عليه ناتج غنائم الفتوحات . ففي باب ( تكثيره عليه السلام الاطعمة ) يورد نحوا من اربعين معجزة ، ويورد احيانا للمعجزة الواحدة وجوها وروايات متعددة هذه الصيغة التي يكررها الى ما لا نهاية (حديث آخر في هذه القصة) . (71) وبعد معجزات تكثير الطعام يورد ابن كثير نحوا من عشرين معجزة في تكثير الماء . وبديهي أن المعجزات المائية في بيئة يمثل فيها الماء كدليل على النبوة . ولا غرو ان يكون ابن كثير قد أرتأى أن يعطيها ، ومن المعجزات التي يوردها في هذا الباب : وبعد ان يقارن معجزة نوح في سفينته ب( المعجزة المحمدية ) في السير على الماء ، يلاحظ ان الاخيرة (أعجب) ؛ لان "حَمْلَ الْمَاءِ للنَّاس مِنْ غَيْرِ سَفِينَةٍ أَعْظَمُ مِنَ السُّلوك عَلَيْهِ فِي السَّفينة"(72) وبعد ان يقارن بين معجزة موسى في فلق البحر و( المعجزة المحمدية ) في السير على الماء يلاحظ ان هذه الاخيرة " أعجب ... وأعظم وأغرب " من جهة ان الماء جار " والسير عليه أعجب من السير على الماء القار " (73). الواقع أن الغريب في هذه المحاكمة –فضلا عن افتعالها المنطقي –هو انها تدرج في عداد ( المعجزات المحمدية) معجزات تمت ، لا على يد الرسول بل على أيدي (أوليائه) فمن مشى على الماء في المعجزة الاولى ليس الرسول بل العلاء بن الحضرمي(74) الذي تنسب اليه بالمناسبة كرامات عديدة . كذلك فان من اقتحم نهر دجلة وهو في حالة طوفان ليس الرسول بل ابو مسلم الخولاني(75) الذي تعزى اليه كرامات اكثر اسطورية بعد تلك التي تعزى الى العلاء بن الحضرمي. ولا يتردد ابن كثير ، بعد أن يورد اشباه هذه الاساطير، في ان يجزم :" هذه الكرامات لهؤلاء الاولياء هي معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لانهم انما نالوها ببركة متابعته ويمن سفارته " (76) ولذلك علق الشيخ الاميني على هذه الرواية وأمثالها التي نسجتها اليد الغلو فقال ما نصه : " نسجت يد الاختلاق هذه المفتعلات كوسام لأبي مسلم شكرا على تقدمه في ولاء أبناء بيت أمية ، وعداءه المحتدم لأهل بيت الوحي ، كان الرجل عثمانيا أموي النزعة ، خارجا على إمام زمانه تحت راية القاسطين ، وهو القائل(77) : يا أهل المدينة ! كنتم بين قاتل وخاذل ، فكلا جزى الله شرا ، يا أهل المدينة ! لأنتم شر من ثمود إن ثمود قتلوا ناقة الله ، وأنتم قتلتم خليفة الله ، وخليفة الله أكرم عليه من ناقته ". (78) كما تناول ابن كثير الدلائل الأرضية سواءً ما يتعلق بالجمادات أو الحيوانات. (79) خبر خَالِد بن سِنَان من خلال دراسة روايات الشعبي(80) تبين لنا منهجه في رواية الأخبار الغريبة التي يرفضها الواقع وينكرها العقل ؛ اذ انجرف الشعبي في تدوينه لبعض الأساطير والخرافات مما ادى الى تشويه الحقائق التاريخية وغموضها ، وأنه لم يستطيع ان يحرر تاريخه تماماً من بعض الروايات ذات الطابع الاسطوري اللاعقلاني. فَإِذا مَا تفحصنا مَنْهَجه فِي الرِّوَايَات، رَأَيْنَاهُ لَا يُبَالِي بِرِوَايَة كثير من الاخبار الْوَاهِيَة لا سيما فِي أَخْبَار الْجَاهِلِيَّة . وَقد كَانَ بإمكانه أَلا يلْتَفت إِلَى هَذِه الاخبار التي لَا تصمد أَمَام النَّقْد مِمَّا يضعف جَانب الْخَبَر. منها خبر خَالِد بن سِنَان اذ روى عمر بن شبة خبره فقال :" حدثنا أَحمد بن معاوية قال، حدثنا إِسماعيل بن مجالد قال، حدثنا مجالد، عن الشعبي: أَن رجلاً من عبس في الجاهلية يقال له خالد بن سنان دعا قومه إِلى الإِسلام، وأَن يقرّوا له بالنبوة فأَبوا، وكانت نار تستوقد في أَرض قريب من أَرض بني عبس. فقال لهم: إِن أَطفأْت لكم هذه النار أَتشهدون أَني نبيّ؟ قالوا: نعم، قال: فأَخذ عسيبًا من نخل رطب فدخل النار وهو يضربها بالقضيب وهو يقول: باسم رب الأَعلى، كل هدى مودّى، زعم ابن راعية المعزى، أَن لا أَخرج منها وثيابي تندّى. فما من شيء كان أَصابه ذلك العسيب إِلا انطفأَ، فأَطفأَها، ودعاهم فأبوا، فكذبوه ثانية، فقال لهم: إِني لبثتُ أَي كذا وكذا يومًا، فإذا دفنتموني وأَتى عليَّ ثلاثة أَيام فأْتوا قبري، فإذا عرضت لكم عانَةٌ من حُمُر وحش وبين يديها عير تتبعه فانبشوني فإني أَقوم فأُخبركم ما هو كائن إِلى يوم القيامة، فأَتوا القبر بعد ثلاث، وسنحت لهم الحُمُر وبين يديها عير تتبعه، فقام قومه من أَهل بيته وبني عمه فقالوا: لا ندعكم تنبشون صاحبنا فَنُعَيّر، فقال الشعبي: إِن رجلاً من ولده سأَل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (نبي ضيعه قومه) ." (81) يمكن ملاحظة ان هذه الرواية وصلت الى ابن شبة عن طريق عن إسماعيل بن مُجالد بن سعيد الهمداني(82) ، يكنى أبو عمر ، كوفي النشأة ، نزل بغداد وحدث فيها(83)، ولم يرد شيئاً عن سنة وفاته، ولكنها على الأرجح كانت في نهاية القرن الثاني الهجري/الثامن الميلادي اعتماداً على أمرين ، لأنه كان شيخاً لابن معين المتوفى سنة ( 233هـ/847 م) (84) ؛ ولأن احمد بن حنبل المتوفى سنة ( 241 هـ /855 م) أدرك إسماعيل بن المُجالد وهو يحــدث في بغداد(85) ، وهو كأبيه المُجالد قد تعــرض إلى تجريح من بعض علماء الجرح والتعديل على الرغــم من توثيقه من بعض أئمة علماء الحـديث أمثال تلميذه ابن معين(86) وابن حنبل(87)، إذ أُتهم بالضعف والكذب من قبل العجلي(88) والعقيلي(89) والدار قطني(90) في رواية الحديث ، وأما في الأخبار ، فانه يتردد ذكره دائماً ضمن رواة الشعبي عن أبيه المُجالد تلميذ الشعبي ، وهو كأبيه يمثل وجهة النظر الاموية في رواية احداث التأريخ الاسلامي . ويبدو ان طعن علماء الجرح والتعديل صحيح لذلك طعن ابن كثير في روايته هذه التي تنص على نبوة خالد بن سنان اذ قال ما نصه : " وَالْمُرْسَلَاتُ الَّتِي فِيهَا أَنَّهُ نَبِيٌّ لَا يُحْتَجُّ بِهَا هَاهُنَا. وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا لَهُ أَحْوَالٌ وَكَرَامَاتٌ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ فَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِن أولى النَّاس بِعِيسَى بن مَرْيَمَ أَنَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ ". وَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: (لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُم من نَذِير من قبلك) (91) . (92) وذكر أهل الأخبار قصة عن "خالد بن سنان العبسي" على انه نبي عربي من أنبياء الله ، قد يكون لها صلة بعقيدة عبادة النار عند العرب. إذ ذكروا أن نارًا ظهرت "بالبادية بين مكة والمدينة في الفترة، فسمتها العرب بدًا، وكادت طائفة منهم أن تعبدها مضاهاة للمجوس. فقام خالد هذا، فأخذ عصاه، واقتحم النار يضربها بعصاه، حتى أطفأها الله تعالى. ثم قال: إني ميت، فإذا أنا مت، وحال الحول، فارصدوا قبري. فإذا حمار عند قبري، فارموه واقتلوه، وانبشوا قبري، فإني أحدثكم بكل ما هو كائن. فمات. فلما حال الحول، رأوا الحمار فقتلوه، وأرادوا نبشه، فمنعهم أولاده، وذكر إنها كانت ببلاد عبس، فإذا كان الليل تضيء نار تسطع وفي النار دخان مرتفع. وربما بدر منها عنق فأحرق من مر بها. فحضر خالد بن سنان النبي، فدفنها، فكانت معجزة له . ويظهر أن حرة، كانت في تلك المنطقة، ثم خمدت فنسب الناس خمودها إلى "خالد بن سنان". (93) والرواية ذات طابع اسطوري ولا قيمة تاريخية لها كما ان حديث نبوته المنسوب الى النبي موضوع كما أكد ذلك ابن كثير نفسه ، وكَذَلِك خبر هتاف الجان وأساطيره، سَار فِيهَا شوطا بَعيدا ممتلئا بالخرافات والاساطير منها هذا « الهاتف » الذي سمعه « بعض السلف » كما يقول ابن كثير ؛ وهو هاتف غريب لمن يتأمّله ؛ إذ ينفرد فيه مبغض معاوية بعقاب من الله تعالى لا يدانيه عقاب أحد من مبغضي أبي بكر وعمر وعثمان والإمام علي ( ع ) ! ونصّ الهاتف هو : "وقال بعض السلف : بينا أنا على جبل الشام إذ سمعت هاتفاً يقول : من أبغض الصديق فذاك زنديق ، ومن أبغض عمر عثمان فذاك خصمه الرحمن ؛ ومن أبغض عليّاً فذاك خصمه النبيّ ؛ ومن أبغض معاوية سحبته الزبانية إلى جهنم الحامية ويرمى به الهاوية " (94) . وهذه القصّة وإن تضمنت على كثير من التزويق والسجع والمحسّنات اللفظية ، وأضيف لها جوٌ من القدسية ؛ إذ طالما ارتبط الهاتف من الجبل في ذاكرة المسلمين بالوحي والنبوّة والإلهام من الله تعالى ، إلا أن اللطيف فيها هو اختصاص مبغض معاوية بعذابٍ لا يقاس به أحد من مبغضي متقدّميه !!
معجزة تعذيب ابي جهل : هناك رواياتٍ صِيغَت حول مقتل عمرو بن هشام المخزومي المعروف ب:«أبي جهل »، الذي كان له شأن أجلُّ من أن يُمَرَّ بمقتلِه في بدر ببساطة وينتهي الأمر، على الرغم من مَيتَتِه البائسة التي سقاه إياها ثلاثةٌ من الصحابة على التَّوالي ؛ لأنه كان عدوَّ رسول الله الألد، ومن ثَمَّ كانت مَقتلةً غَير شافيةٍ للنفوس، فيَصِل الأمر إلى حدِّ قول الشعبي ، من دون سندٍ واضحٍ لروايتِهِ عن قائلٍ بِعَينِهِ مُحدَّد الاسم، فيقول: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ رَجُلًا جَالِسًا فِي بَدْرٍ وَرَجُلٌ يَضْرِبُ رَأْسَهُ بِعَمُودٍ مِنْ حَدِيدٍ حَتَّى يَغِيبَ فِي الْأَرْضِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « ذَاكَ أَبُو جَهْلٍ وُكِّلَ بِهِ مَلَكٌ يَفْعَلُ بِهِ كُلَّمَا خَرَجَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»" (95) وهي رواية اسطورية نقلها ابن كثير من كتاب المغازي – المفقود - وهو من تأليف سعيد بن يحيى بن سعيد بن يحيى الاموي المتوفى سنة (249ه/863 م). (96) فضلا عن تضعيف العسقلاني لهذا الحديث. (97)
معجزة جبل حراء ذكر ابن عساكر رواية عن الشعبي تتحدث عن معجزة جبل حراء الذي اهتز - على وفق الرواية- فكلمه النبي فثبت اذ قال ابن عساكر ما نصه :" عن عامر الشعبي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :( اسكن حراء فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد ) قيل يا أبا عمرو من حدثك بهذا قال إني لأحسبني قال سمعت كذا في الأصل قال ومن منهم قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن وأنتم تقولون ما تقولون قلت يا أبا عمرو فإني لست منهم." (98) الحديث موضوع والا فأين موضع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد من هؤلاء ؟ ! فلا هم صديقين ولا شهداء بل ماتوا حتف انوفهم، والحديث لم يرد عن الشعبي في المصادر المبكرة . ويعلق الاستاذ جورج طرابيشي (1939 - 2016م)، على الرواية بما نصه : " ولكن ابن كثير – مدفوعا في ارجح الظن بنزعته السنية السلفية المتطرفة – لا يذكر من تلك النبوءات سوى تلك التي تكرس خلافة الثلاثة الاوائل دون الرابع ، علي بن ابي طالب ، ومن هذه النبوءات ما جاء على لسان انس بن مالك في صحيح البخاري : ( أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَعِدَ أُحُدًا ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَان) (99) – اذا كان الغائب الكبير عن المعجزات النبوية في الادبيات السنية -ولنستذكر كيف جند ابن كثير كل طاقاته النقدية لينفي حدوث المعجزة النبوية الوحيدة التي كان مدارها على علي : معجزة رد الشمس بعد مغيبها – فلنا ان نتوقع ان يكون هو الحاضر الكبير في الادبيات الشيعية عنها . والواقع ان المقارنة بين هذه الادبيات وتلك تقدم الدليل ليس فقط على ان حدود العقل الديني تقف عند حدود العقول الدينية الاخرى ، كما في مثال الديانات التوحيدية الثلاث التي يكاد يكون شغلها الشاغل تكذيب بعضها بعضا ، بل كذلك الدليل على ان حدود العقل الديني الواحد تقف أيضا عند حدود كل طائفة من طوائفه التي تعتمد بدورها استراتيجية التكذيب المتبادل . بل نستطيع ان نذهب الى ابعد من ذلك فنقول : لئن يكون العقل الديني هو أقل العقول الكونية عقلانية ، فان المقارنة نفسها تبيح أن نستنج أن العقل الطائفي هو بدوره أقل العقول الدينية عقلانية ". (100) وقد وردت رواية اخرى عند الشيعة عن الامام جعفر الصادق (عليه السلام) بصيغة اخرى : " وافى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) بين يديه وصعدا جبل حراء فلما دارا في دورة الجبل اهتز الجبل وماج ففزع أبو سفيان ومن معه وتباعدوا من الجبل وقالوا: قد كفينا مؤونة محمد وقد قذفه حراء وقد قطعه، فاطلبوا من حول الجبل فسمعوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يقول أسكن يا حراء فما عليك الا نبي ووصي " (101). لنلاحظ ان هذه الرواية تمارس نفس الامر الذي كانت مارسه ، بصدد معجزة غار حراء في الرواية السنية. فكما كانت هذه الاخيرة استحضرت الصديق والشهيدين واستبعدت الشهيد الثالث عليا عليه السلام ، كذلك استبعدت الرواية الشيعية الثلاثة معا واستحضرت مع النبي (الوصي) وحده . مما يدل على ان هذه الروايتين موضوعتين لغرض الصراع المذهبي .
معجزات الامام الحسين كما وجدنا ابن كثير يستخدم عقله النقدي لتفنيد معجزة رد الرسول للشمس تمكينا للإمام علي من اداء صلاة المغرب ، كذلك نجده هنا يدلل على مقدرة كبيرة على ممارسة الحس النقدي – متى اقتضت الضرورة – ليفند من موقع انتمائه الى المذهب السلفي السني دعوى المعجزات التي وقعت لمقتل الامام الحسين على نحو ما روته المصادر الاسلامية اذ يقول ما نصه : " وَقَدْ ذَكَرُوا فِي مَقْتَلِهِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَنَّهَا وَقَعَتْ مِنْ كُسُوفِ الشَّمْسِ يَوْمَئِذٍ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - وَتَغْيِيرُ آفَاقِ السَّمَاءِ، وَلَمْ يَنْقَلِبْ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّصَ ذَلِكَ بِحِجَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَنَّ الْوَرْسَ اسْتَحَالَ رَمَادًا، وَأَنَّ اللَّحْمَ صَارَ مِثْلَ الْعَلْقَمِ وَكَانَ فِيهِ النَّارُ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِي بَعْضِهَا نَكَارَةٌ، وَفِي بَعْضِهَا احْتِمَالٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَمْ يَقَعْ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَكَذَلِكَ الصِّدِّيقُ بَعْدَهُ مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَكَذَلِكَ الصِّدِّيقُ بَعْدَهُ مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا، وَكَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قُتِلَ شَهِيدًا وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، وَحُصِرَ عُثْمَانُ فِي دَارِهِ، وَقُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهِيدًا، وَقُتِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ شَهِيدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ." (102) ولن نتوقف عند ما يورده ابن كثير من معجزات عن احياء الموتى وعجائب كلامهم بعد الموت(103) رغم قوله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي }(104) وليس يغيب عن العقل ما هو السكوت عنه القرآن الكريم في كل هذا التعداد والتضخيم للمعجزات النبوية المحمدية : الا هو صمت القرآن عن هذه المعجزات ، فضلا عن المنطوق الصريح لعشرات من الآيات التي تحصر دور بتبليغ الرسالة من تزويده ببرهان المعجزة ، المعلن مرارا وتكرارا – اصلا- عن عدم تأثيرها في جدلية الايمان والكفر . بديهي ان ابن كثير من كبار علماء مدرسة اهل الحديث ، كان من المفترض أن يصمت عن صمت القرآن ذاك ، وان أقر لفظا بأن هذا القرآن هو " أعظم المعجزات وأبهر الآيات "(105)، ونحن نؤكد ان هذا الاقرار لفظي ، اذ لو كانت تترتب عليه نتيجة حقيقية لما كان ابن كثير كرس للمعجزات النبوية المادية مئتين وخمسا وعشرين صفحة من كتابه بينما لم يكرس للمعجزة القرآنية المعنوية سوى خمس صفحات . وفضلا عن ذلك فانه عندما يقول ان القرآن :"هو الحجة المستمرة الدائمة في زمانه (الرسول ) وبعده ". في حين ان " البراهين التي كانت للأنبياء انقرض زمانها في حياتهم ولم يبقى منها الا الخبر عنها" (106) فانه لم ينتبه أن الحجة نفسها ترتد عليه وعلى كل ما يخبر عنه من معجزات مادية لا سيما ان جميعا اخبار آحاد . ومع ذلك فان هذه المناقضة الضمنية لمنطوق النص القرآني تنقلب الى مناقضة صريحة مع انتقال ابن كثير من باب المعجزات المادية الى المعجزات القولية التي محورها كلها حول علم الغيب و الاخبار " بغيوب ماضية ومستقبلية". (107) هناك حقيقة قرآنية مؤكدة وكررها القرآن الكريم ، وهى أن النبي محمد بالذات لا يعلم الغيب ولا يعلم موعد قيام الساعة ولا ما سيحدث له أو للناس كقوله تعالى : {إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ }(108) وأن {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ }(109) وأنه { لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ }(110) وان الرسول مأمور في كل ما له صلة بعلم الغيب بأن يقول : { قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ }(111) وقوله تعالى ﴿ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ ﴾(112). وكذلك نرى القرآن الكريم يصرح في كثير من آياته بأن الرسول لا يعلم الغيب وأن ذلك إنما هو لله وحده كقوله تعالى : {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} (113) . فمن هذه الآيات المتقدمة يتجل لنا بوضوح أن الرسول لا يعلم الغيب، ولكن جميع هذه الآيات القرآنية الجازمة لم تمنع ابن كثير ان يخصص باب (مَا أَخْبَرَ بِهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم من الكائنات المستقبلة في حياته وبعده) (114) بالقول:" وَهَذَا بَابٌ عَظِيمٌ لَا يُمْكِنُ اسْتِقْصَاءُ جَمِيعِ مَا فِيهِ لِكَثْرَتِهَا "(115) ومن ان يدعم قوله بما ورد في صحيح البخاري من ان حذيفة(116) بن اليمان قال :" قام رسول الله ص فينا مقاما ما ترك شيئا الى قيام الساعة الا ذكره "(117) ، وبما ثبت في صحيح مسلم (118) عن عمرو(119) بن أخطب قال :" أخبرنا رسولنا بما كان وبما هو كائن الى قيام الساعة " (120) وفي الوقت الذي نحصي فيه نحوا من مئة نبوءة في باب عن (الاخبار بالغيوب المستقبلية)، فإننا نلاحظ أن أغلب هذه النبوءات المنسوبة الى الرسول تنحصر في مجال واحد هو المجال السياسي للامة في عصور الخلافة الراشدة والاموية والعباسية ، وما وقع فيها من فتن وحروب بين المسلمين فضلا عن الانقسامات الطائفية . وهذه النبوءات منتقاة ومؤولة معا من المنظور السلفي السني الذي ينتمي اليه ابن كثير ، ومع ذلك فإننا سنلاحظ أنها تفسح احيانا مجالا لصراع الآراء والمذاهب السياسية المتعارضة ، وتعبر في الغالب عن الهوى الطائفي لراوي النبوءة أو مختلقها ، وهذا في فضاء عقلي مثالي كان يقرأ نفسه بلغة الدين وتحرص فيه كل سياسة على شرعنة نفسها عن طريق الدين ، ولكن كذلك في فضاء واقعي ذرائعي كانت فيه كفة الهوى السياسي ترجح كفة الورع الديني ولا تتورع فيه السياسة عن توظيف الدين في خدمتها من خلال ممارسة منهجية لسياسة الكذب على الرسول . ولعل أكثر ما يميز النبوءات السياسية من غيرها مما نسب الى الرسول من نبوءات مباشرة مفضوحة الغاية . فما من نبوءة الا وهي تهدف الرفع أو الحط من شأن شخصية سياسية بعينها، أو التكريس الايجابي أو السلبي لحدث سياسي معين . (121)
تناقضات ابن كثير وتزويره الحقائق التاريخية : لاحظ محقق السيرة النبوية لابن كثير انعدام الامانة التاريخية عند ابن كثير وتلاعبه بالاحاديث النبوية والنصوص التاريخية وقيامه بتزويرها؛ اذ قال ما نصه :" فَإِذا تتبعنا نقُول ابْن كثير عَن غَيره وجدنَا فِيهَا ظَاهِرَة عَجِيبَة..هِيَ: أَنه يكَاد لَا يلْتَزم نَص أَي شيء يَنْقُلهُ..! فنقوله عَن ابْن إِسْحَاق أغلبها بِالْمَعْنَى، وَقد تتبعت ذَلِك فِي بعض الصفحات، وَرَأَيْت أَن إِثْبَات الفروق بَين ابْن كثير وَابْن إِسْحَاق شيء يطول مداه، فَابْن كثير يقدم وَيُؤَخر وَيزِيد وَينْقص، ويغير ويبدل ويفوت بِهَذَا التَّغْيِير والتبديل كثير من جمال عبارَة ابْن إِسْحَاق وتناسقها كَذَلِك نجد رِوَايَات ابْن كثير للاحاديث تخْتَلف بعض الِاخْتِلَاف عَمَّا فِي أيدى النَّاس من الْكتب التي ينْقل ابْن كثير عَنْهَا. فأحاديث البُخَارِيّ التي يَرْوِيهَا ابْن كثير بقوله: (وَقَالَ البُخَارِيّ) لَا تنطبق حرفيا مَعَ صَحِيح البُخَارِيّ الذى بِأَيْدِينَا. كَذَلِك القَوْل فِي رِوَايَته عَن صَحِيح مُسلم وَعَن مُسْند أَحْمد وَعَن دَلَائِل النُّبُوَّة لابي نعيم الاصفهاني وَعَن دَلَائِل النُّبُوَّة للبيهقي، وَعَن الشفا للقاضي عِيَاض وَعَن الرَّوْض الانف لِلسُّهَيْلِي ... تكَاد لا تجد خَبرا مطابقا بِحُرُوفِهِ لما فِي الْكتب المتداولة، فَلَا يَخْلُو الامر من تَغْيِير أَو نقص أَو اخْتِصَار".(122) وهذا هو التزوير والتحريف الذي مارسه ابن كثير في كتابة التاريخ والحديث . ومثال على تزويره الحقائق التاريخية هذه الرواية التي نقلها عن البيهقي(123) فقال ما نصه:" ...عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا مَرِضَتْ فَاطِمَةُ أَتَاهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا. فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا فَاطِمَةُ هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكِ؟ فَقَالَتْ أَتُحِبُّ أَنْ آذَنَ لَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَذِنَتْ لَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَتَرَضَّاهَا فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ الدَّارَ وَالْمَالَ وَالْأَهْلَ وَالْعَشِيرَةَ إِلَّا ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ، وَمَرْضَاةِ رَسُولِهِ، وَمَرْضَاتِكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ. ثُمَّ تَرَضَّاهَا حَتَّى رَضِيَتْ." ثم علق ابن كثير على الرواية بما نصه : " وَهَذَا إِسْنَاد جيد قوي، وَالظَّاهِر أَن عَامر الشَّعْبِيَّ سَمِعَهُ مِنْ عَلِيٍّ، أَوْ مِمَّنْ سَمِعَهُ مِنْ عَلِيٍّ." (124) ان تعليقه الاخير هو محاولة لتزييف التاريخ اذ اتفق علماء الجرح والتعديل على ان الشعبي لم يسمع من الامام علي(125) ، فروايته مرسلة وإن ثبتت رؤيته للإمام ، وهو من الرواة المكثرين عنه، إلا أنه لا ينتقي في حديثه عن علي، فهو يروي عن بعض الضعفاء عنه، فلزم التوقف في روايته وعدم قبولها، ما لم تحتف بها قرائن يغلب على الظن معها الصحة ، اما قول ابن كثير:" او ممن سمعها من علي " فلا قيمة له والا فمن الذي سمعها من علي ؟ ثم ان الرواية تنفيها رواية البخاري(126)ومسلم(127) عن السيدة عائشة ان فاطمة ماتت وهي غاضبة على ابي بكر، وابن كثير يؤمن بصحة كل ما جاء في الصحيحين فماله يحرف الكلم عن مواضعه.
والرواية الثانية رواها ابن كثير عن البيهقي فقال ما نصه :" وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ(128): أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُزَكِّي بِمَرْوَ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوْحٍ الْمَدَائِنِيُّ، ثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ثَنَا شُعَيْبُ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ عَلَيْنَا؟ فَقَالَ: مَا اسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْتَخْلِفَ، وَلَكِنْ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِالنَّاسِ خَيْرًا فَسَيَجْمَعُهُمْ بَعْدِي عَلَى خَيْرِهِمْ، كَمَا جَمَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ عَلَى خَيْرِهِمْ. " (129) نقل ابن كثير هذه الرواية عن البيهقي وعلق عليها بما نصه : " إِسْنَادٌ جَيِّدٌ وَلَمْ يخرِّجوه." (130) ولا قيمة لقوله هذا اذ ينقضه قوله عن خلافة الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: " لان عليا أَوْصَى إِلَيْهِ، وَبَايَعَهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ "(131)، وقال الذهبي عن هذه الرواية : " ولم يصح"(132) ثم ناقض نفسه في تعليقه على نفس الرواية في كتاب المستدرك على الصحيحين اذ قال:" صحيح" (133) وذلك يدل على انعدام امانة النقل عنده وتحكمه واتباعه لهواه على حساب الحقيقة التاريخية . اما الراوي الذي اعتمد عليه البيهقي في نقل الرواية فهو شبابة بن سوار الفزاري، بالولاء، أبو عمرو: من رجال الحديث. أصله من خراسان، سكن المدائن، وأقام مدة ببغداد، وتوفي بمكة سنة (206هـ /821 م). كان يقول بالإرجاء(134). وهو غير ثقة في الحديث اذ طعن به ابن حنبل(135)، وَقَالَ أَبُو حَاتِم :" لَا يحْتَج بِهِ"(136)، كما ذكره العقيلي في كتابه الضعفاء الكبير فقال عن حديث رواه " وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ" (137) فضلا عما تقدم فقد ضعفه ابن عدي في كتابه الكامل في ضعفاء الرجال. (138) فضلا عما تقدم فان انتسابه لفرقة المرجئة(139) وهي عقيدة اموية يؤكد ان الرجل ذو ميول اموية وخصم لأهل البيت عليهم السلام فكيف نعتمد روايته عنهم وهو عدوا للعلويين عامة ؟!!! فضلا عما تقدم فان اسمه الحقيقي مروان ويكنى بابي معاوية(140)، مما يؤكد انه عثماني الهوى ، اموي النفس ، منحرف عن الامام علي(141) فلا يقبل روايته عن اهل البيت عامة الا من فقد عقله او اعمت الطائفية بصره وبصيرته.
اما شيخه في هذا الاسناد فهو شعيب بن ميمون الذي قال عنه الْبُخَارِيُّ:" فيه نظر"(142)، وقال ابن حبان:" يَرْوِي الْمَنَاكِير عَن الْمَشَاهِير عَلَى قلَّة رِوَايَته لَا يحْتَج بِهِ إِذا انْفَرد"(143)، وقال الذهبي :" تفرد به شعيب، وله مناكير". (144) فضلا عما تقدم فان الراوي عن الامام علي هو أبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي، الكوفي ، المتوفى سنة ( 83ه/ 702م) ، كان عثمانيا يطعن في الامام علي عليه السلام(145)، وقد ضعف الرواية ابن عدي (146) . خلاصة الكلام ان الرواية باطلة موضوعة من قبل شعيب بن ميمون او من قبل شقيق بن سلمة ، ولا تصح مهما حاول الذهبي وابن كثير تزييف الحقائق. لا سيما انه علق على رواية البيهقي وفيها أن أصحاب علي رضي الله عنه سألوه أن يستخلف فقال: (أترككم كما ترككم رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، علق ابن كثير أن المشهور أن علياً لَمَّا طُعِن أوصى إلى ابنه الحسن وأمره أن يركب الجنود(147) وهو بهذا يلمح إلى بطلان تلك الرواية وتهافتها. لم يكتفي ابن كثير بذللك بل بلغت به الوقاحة وقلة الادب التهجم على فاطمة الزهراء اذ قال ما ا نصه :" فَهَجَرَتْهُ فَاطِمَةُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى مَاتَتْ. وَهَذَا الْهِجْرَانُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَتَحَ عَلَى فِرْقَةِ الرَّافِضَةِ شَرًّا عَرِيضًا، وَجَهْلًا طَوِيلًا، وَأَدْخَلُوا أَنْفُسَهُمْ بِسَبَبِهِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِمْ وَلَوْ تَفَهَّمُوا الْأُمُورَ عَلَى مَا هِيَ عليه لعرفوا للصديق فضله، وقبلوا عنه عُذرَهُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ قَبُولُهُ ." (148) من الواضح ان ابن كثير يعد فاطمة الزهراء مصدرا للشر العريض والجهل الواسع بسبب غضبها على الخليفة ابي بكر وهجرها له، بل ورد عليها من خلال التدليس بانه يرد على الشيعة ، والحقيقة هو يرد على فاطمة الزهراء نفسها؛ لأنها هي التي رفضت حجة ابي بكر في قضية فدك وارثها من رسول الله ، ومعنى كلامه ان فاطمة لم تفهم الامور ولو تفهمت لعرفت لابي بكر فضله على حد زعمه ولقبلت عذره، وهذا ان دل على شيء يدل على نصبه العداء لأهل البيت عليهم السلام وانحرافه عنهم. ومن الامثلة الاخرى على تزويره الحقائق التاريخية حديثه عن ابن السكيت في حوادث سنة (244هـ / 858 م) اذ قال ما نصه :" وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ ... وَيَعْقُوبُ بْنُ السِّكِّيتِ(149) صَاحِبُ إِصْلَاحِ الْمَنْطِقِ. "(150) والحقيقة ان ابن السكيت لم يتوفى كما زعم ابن كثير بل قتل من قبل الخليفة العباسي المتوكل (232 - 247 هـ / 846 - 860 م ) بسبب تشيعه لأهل البيت (عليهم السلام) (151) ، وكان المتوكل معاديا لأهل البيت ؛ ولذلك قال عنه الذهبي :"وكان فِي المتوكًل نَصَبٌ بلا خلاف" (152). ما أهمل ابن كثير نقده من نصوص : بذل ابن كثير جهداً واضحاً في جمع روايات السيرة النبوية من مصادر مختلفة ، ومع ذلك َ هناك روايات ساقها من دون مراجعة ونظر ؛ اذ لم ينقد متونها. مع أنه يشير أحياناً الى ضعف الأسانيد وأحوال رجالها. والمتأمل في المرويات التي يذكرها ابن كثير يجد حاجتها إلى وقفات نقدية استناداً إلى الحقائق التاريخية والعقلية والأسلوبية. فعلى سبيل المثال الأشعار والقصائد التي يرويها ابن إسحاق في كتابه السير والمغازي في مرحلة ما قبل المبعث وفي مرحلة الدعوة بمكة وفي مقدمتها قصيدة أبي طالب اللامية وقد أورد منها ما يزيد على (90) بيتاً وقال عنها:" هذه قصيدة عظيمة بليغة جداً لا يستطيع أن يقولها إلا من نسبت إليه، وهي أفحل من المعلقات السبع وأبلغ في تأدية المعنى منها جميعاً "(153) ، ومن الواضح أن ابن كثير يؤيد نسبتها إلى أبي طالب، ولكنه لم يذكر قرائن لغوية أو أسلوبية واضحة تؤيد نسبتها إلى عصر السيرة النبوية في مكة ، ولم يورد طرقاً أخرى للقصيدة مع أن سعيد بن يحيى الأموي أوردها في مغازيه مطولة لكن هل رواها عن ابن إسحاق أو عن غيره ؟ ويقول ابن هشام الذي اعاد صياغة كتاب السير والمغازي لابن إسحاق بعدما أورد القصيدة اللامية لأبي طالب:" هذا ما صح لي من القصيدة، وبعض أهل العلم ينكر أكثرها" (154). وهناك أشعار يرويها ابن إسحاق عن عبد المطلب جد النبي(155) وورقة بن نوفل(156) وأمية بن أبي الصلت(157) ، وهي تحتاج إلى دراسة نقدية ، لا سيما أن ظاهرة الأشعار في السيرة من الظواهر التي استأثرت باهتمام قدماء النقاد اللغويين كابن سلام الجمحي (ت 232ه/ 846 م)، الذي يشير الى أن ابن إسحاق هجن الشعر وأفسده وحمله كلَّ غثاء، وكان من علماء الناس بالسير فنقل الناس عنه الأشعار وكان يعتذر منها ويقول:" لا علم لي بالشعر، إنما أوتى به فأحمله"(158)، وانتقد بشكل خاص الشعر القديم المنسوب الى قوم عاد وثمود . وفي موضع آخر يذكر أن قصيدة أبي طالب اللامية زيد فيها وطولت(159). ويبدو ان ابن هشام وابن سلام قد فتحا بذلك باب النقد والحوار حول تلك القصيدة الطويلة وكان الأولى بمؤرخي السيرة المتأخرين كابن كثير المشاركة فيه. فضلا عما تقدم هناك ظاهرة تأصَّلت وأصبحت أساسية في كتب السير والمغازي ودلائل النبوة وهي هواتف الجان المبشرة بالنبي محمد ، وقد ألف فيها ابن أبي الدنيا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد البغدادي الأموي مولاهم المتوفى سنة (281ه/ 894 م) (160) ، والخرائطي(161) محمد بن جعفر المتوفى سنة (327ه/ 939م) ، وقد ورد عند ابن كثير أخبار أسطورية في هذا الموضوع ، كرواية الخرائطي في قصة جارية دوس وغلامها اللَّذَيْنِ أخبرا بخروج خير الأنبياء ومنع خبر السماء(162) ، وهي أخبار أسطورية يرويها وضاعون أمثال عبد الله بن محمد البلوى وعمارة بن زيد(163) في عبارات مسجوعة متكلفة يظهر فيها أثر الوضع وعنصر الخيال، وأسلوب الأسطورة والحكاية الخرافية. وقد نبه ابن كثير على ما يعتري بعض الروايات من ضعف أو وضع ونكارة، لكن يبدو أن الولع بالغريب، و متابعة الآخرين ومضامين بعض الأخبار المتضمنة على فتن وملاحم مستقبلية ، وطبيعة الاتجاه الجمعي الذي من أبرز مظاهره جمع أكبر عدد من الروايات ولو جاء ذلك على حساب التجويد المنهجي وتطبيق المعايير المعتبرة في علم الحديث، كل هذه عوامل جَرَّت ابن كثير إلى سياق بعض الأخبار الأسطورية وتضمينها كتابه، فهو يقول بعد ذكره لإحدى حكايات سطيح: "هذا أثر غريب كتبناه لغرابته وما تضمن من الملاحم"(164) ، ويقول في خبر قدوم هامة بن هيم حفيد إبليس المزعوم وهو خبرٌ موضوع(165):"حديث غريب جداً بل منكر أو موضوع، لكن مخرجه عزيز أحببنا أن نورده كما أورده"(166). يقصد البيهقي. فضلا عما تقدم ساق ابن كثير روايات هي بأمس الحاجة إلى نقد نصوصها ، ففي موضوع مولد النبي يورد ما رواه ابن إسحاق عن المرأة التي تعرضت لعبد الله والد الرسول . كذلك يأتي برواية مشابهة عن تعرض امرأة أخرى من خثعم لعبد الله والد النبي (167) ، وهي حكايات نسجها وضاعون ثم إنها منكرة سنداً ومتناً ومن يقرأ رواياتها المختلفة يدرك مدى الاختلاف والاضطراب في سوقها، ومثل ذلك الاضطراب والاختلاف ينبغي أن يطرح من دراسات السيرة الجادة(168). وثمة أخبار أخرى كان مطلوباً تفعيل قواعد النقد الحديثي إزاءها وتجاوز صناعة النقل والجمع لتكون سيرة ابن كثير معبرة عن قواعد المنهج النقدي المشار إليه على نحو دقيق. فضلا عما تقدم فقد روى ابن كثير في تاريخه : إن أحمد بن أبي الحواري(169) كان قد عاهد أبا سليمان الداراني(170) ألا يغضبه ولا يخالفه فجاءه يوما وهو يحدث الناس فقال : يا سيدي ! هذا قد سجروا التنور ، فماذا تأمر ؟ فلم يرد عليه أبو سليمان لشغله بالناس ، ثم أعادها أحمد ثانية وقال له في الثالثة : إذهب فاقعد فيه . ثم اشتغل أبو سليمان في حديث الناس ، ثم استفاق فقال لمن حضره : إني قلت لأحمد : إذهب فاقعد في التنور وإني أحسب أن يكون قد فعل ذلك ، فقوموا بنا إليه فذهبوا فوجدوه جالسا في التنور ولم يحترق منه شيء ولا شعرة واحدة . (171) ؛ ولذلك علق الشيخ الاميني على هذه الرواية بما نصه :" ألا تعجب من ابن كثير يسجل أمثال هذه الأسطورة كحقايق ثابتة ثم لما يبلغ به السير والبحث إلى فضيلة معقولة من فضائل أهل بيت الوحي عليهم السلام أربد وجهه ، وأزبد فمه ، وعاد صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء ، وأطلق لسانه البذي على من جاء بذلك الذكر الشذي ؟ {كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} (172) " (173). إن تلك الأخبار يدفع بها الرواة والنقلة لغرض شد انتباه العامة بهذه الموارد القصصية الأسطورية مما يؤدي إلى إفراغ السيرة النبوية من دلالاتها .
تعليق الشيخ الاميني على كتاب البداية والنهاية : وقد قيم الشيخ الأميني اسلوب ابن كثير ومنهجه في كتابه البداية والنهاية اذ قال ما نصه :" إذ صحايف تاريخه ( البداية والنهاية ) تنم عن لسانه البذي(174) ، ويده الجانية على ودايع النبي الأعظم فضايل آل (البيت) وعن قلبه المحتدم بعدائهم ، فتراه يسب ويشتم من والاهم ويمدح ويثني على من ناواهم ، وينبز الصحاح من مناقبهم بالوضع ، ويقذف الراوي لها على ثقته بالضعف ، كل ذلك تحكما منه بلا دليل ، ويحرف الكلم عن مواضعها ، ولو ذهبنا لنذكر كل ما فيه من هذا القبيل لجاء منه كتابا ضخما." (175) وأضاف الشيخ الاميني في موضع اخر فقال : " لا تنس ما لهذا الكتاب من التولع في الفرية والتهالك دون القذائف والشتائم والطعن من غير مبرر ، وإن رمية كل هاتيك الطامات الشيعة لا غيرهم ، وبذلك أخرج كتابه من بساطة التاريخ إلى هملجة التحامل ، والنعرات القومية والنزول على حكم العاطفة إلى غيرها مما يوجب تعكير الصفو ، وإقلاق السلام ، وتفريق الكلمة . زد على ذلك محادته لأهل البيت عليهم السلام ونصبه العداء لهم حتى إذا وقف على فضيلة صحيحة لأحدهم ، أو جرى ذكر أو حدى منهم . قذف الأولى بالطعن والتكذيب وعدم الصحة ، وشن على الثاني غارة شأواء . كل ذلك بعد نزعته الأموية الممقوتة ." (176)
الخاتمة
ونقف هُنَا مستعرضين كِتَابَة ابْن كثير فِي للسيرة النبوية ، متأملين فِي خَصَائِصه باحثين عَن منهجه: 1 - إِن أول مَا نلاحظه فِي السيرة النبوية لابْن كثير أَنه اهتم بالرواية بالأسانيد، تمشيا مَعَ منهجيته الْغَالِبَة عَلَيْهِ كمُحدث، وَأكْثر مروياته عَن الامام أَحْمد بن حنبل ، وأبى نعيم الاصفهاني وَالْبَيْهَقِيّ. فَلم يكتف بِنَقْل مَا كتبه علماء السّير والمغازي أَمْثَال مُوسَى بْن عقبَة وابْن إِسْحَاق ، وَلكنه جمع روايات المحَدِثين وَبِذَلِك اكْتسب ميزة ينفرد بهَا بَين من كتبُوا فِي السِّيرَة. وَإِذ جمع كل مَا يُمكن فِي هَذَا المجال، فَوضع أَمَام القارئ لكتابه مَادَّة واسعة تمكنه من الدراسة والاحاطة بالموضوع. وَقد أعَان ابْن كثير على ذَلِك عصره الْمُتَأَخر وسعة اطلاعه على الاحاديث والاخبار. 2 - نجد ابْن كثير يمتاز بِأَنَّهُ ينْقل عَن بعض كتب السّير الضائعة مثل كتاب المغازي الذي الفه مُوسَى بن عقبَة، وَمثل كتاب سعيد بن يحيى الأموي فِي المغازي، كَمَا ينْقل عَن بعض شُرُوح السِّيرَة مثل الرَّوْض الانف لِلسُّهَيْلِي، والشفا للقاضي عِيَاض. 3 - وفى مجَال الاستشهاد بالشعر لَا يهمل ابْن كثير هَذِه النَّاحِيَة، وَلكنه لَا يُتَابع ابْن هِشَام فِي كل مروياته من الشّعْر فيختصر بَعْضهَا ويهمل الْبَعْض الآخر. 4 - وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن ابْن كثير يحرص على جمع كل مَا كتب فِي الْمَوْضُوع الذى يتَنَاوَلهُ، وَلكنه لَا يدمج الاحاديث والاخبار ، بل يحْتَفظ لكل رواية بطابعها ومكانها، وَكَثِيرًا مَا ينقصه التَّرْتِيب فِي النَّقْل، فَلَا ينسق الاخبار التي ينقلها حَتَّى تكون وحدة منسجمة فأحيانا يبْدَأ بالْخبر الطول، ثمَّ يذكر بعده أَخْبَارًا تحتوى على جَانب من هَذَا الْخَبَر أَو تكرره بأسناد اخر . 5 - عند دراسة مَنْهَج ابْن كثير فِي نقل الرِّوَايَات، وجدناه لَا يُبَالِي بِرِوَايَة كثير من الاخبار الْوَاهِيَة لا سيما فِي أَخْبَار الْجَاهِلِيَّة وهتاف الجان وقصصه. لكننا مَعَ ذَلِك نود أَن لَو أهمل ابْن كثير هَذِه الاخبار التي لَيْسَ لَهَا سَنَد من الْعقل أَو الْحَقِيقَة، والتي تزحم الاذهان وتشوش على الْحَقَائِق، والتي سَار فِيهَا ابْن كثير شوطا بَعيدا وهي تتضمن الخرافات والاساطير. لكننا لا ننتحل الْعذر لِابْنِ كثير فِي إِثْبَات مثل هَذِه الاخبار؛ لان عصره يحتفل بهَا ويهتم بروايتها، وَإِذا كَانَ قَصده فِي كِتَابه الْجمع وَالِاسْتِقْصَاء وقام بِإِسْنَاد كل خبر إِلَى روايه واهتم بالتخريج وَالْحكم، فَإِنَّهُ بذلك لم يكن قد أدّى واجبه ولا َقَامَ بِمَا عَلَيْهِ بنقده . 6- تحريف ابن كثير للاحاديث النبوية ، وتزويره الاخبار التاريخية؛ لأسباب مذهبية بسبب نزعته السلفية المتطرفة؛ لذلك يجدر بالباحثين الحذر من مروياته لأنه يتميز بانعدام الامانة في النقل . 7- ان حدود العقل الديني الواحد تقف أيضا عند حدود كل طائفة من طوائفه التي تعتمد بدورها استراتيجية التكذيب المتبادل . بل نستطيع ان نذهب الى ابعد من ذلك فنقول : لئن يكون العقل الديني هو أقل العقول الكونية عقلانية ، فان المقارنة نفسها تبيح أن نستنج أن العقل الطائفي هو بدوره أقل العقول الدينية عقلانية.
الهوامش (1) ينظر : قاسم عبدة قاسم (ت 2021م): ماهية الحروب الصليبية ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت -1990 م . ص 183- 185 . (2) ينظر على سبيل المثال: ابن كثير: عماد الدين إسماعيل بن عمر الدمشقي (ت774هـ/1373م)، السيرة النبوية ، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت - 1395هـ / 1976م. (2/ 57)،(2/ 226)، (2/ 291)، (2/ 493). (3) ينظر على سبيل المثال: ابن كثير، السيرة النبوية (1/ 153)، (1/ 166)، (1/ 179) ، (1/ 209). (4) ينظر على سبيل المثال: ابن كثير، السيرة النبوية (1/ 88) ، (1/ 108)، (1/ 129)، (1/ 142). (5) ينظر على سبيل المثال: ابن كثير، السيرة النبوية (1/ 155)، (1/ 160)، (1/ 203)، (1/ 274). (6) ينظر على سبيل المثال: ابن كثير، السيرة النبوية (1/ 5)، (1/ 12)، (1/ 14) ، (1/ 17). (7) ينظر على سبيل المثال: ابن كثير، السيرة النبوية (1/ 155)، (1/ 160)، (1/ 203)، (1/ 274). (8) ينظر على سبيل المثال: ابن كثير، السيرة النبوية (1/ 85)، (1/ 279)، (1/ 370)، (1/ 378). (9) ينظر على سبيل المثال: ابن كثير، السيرة النبوية (1/ 197)، (1/ 207)، (1/ 395)، (4/ 716). (10) ينظر على سبيل المثال: ابن كثير، السيرة النبوية (1/ 54)، (2/ 313)، (4/ 509)، (4/ 558). (11) البداية والنهاية ، تحقيق عبد الله التركي بالتعاون مع مؤسسة البحوث والدراسات العربية والإسلامية بدار هجر. القاهرة، ط1، 1420ه.3/353. (12) البداية والنهاية 3/495. (13) البداية والنهاية 4/5. (14) البداية والنهاية 4/165. (15) البداية والنهاية 4/371. (16) البداية والنهاية 4/443. (17) البداية والنهاية 4/510. (18) البداية والنهاية 5/5. (19) البداية والنهاية 7/232. (20) البداية والنهاية 7/404. (21) البداية والنهاية 8/61 . (22) البداية والنهاية 8/201. (23) البداية والنهاية 8/301-321. (24) البداية والنهاية 8/361. (25) ينظر : البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين الكسروجردي، (ت458هـ/1064م)، دلائل النبوة ، الناشر: دار الكتب العلمية ، الطبعة: الأولى ، بيروت - 1405هـ. 2/56 ؛ ابن كثير، البداية والنهاية 3/466. (26) ينظر على سبيل المثال: 6/495. (27) البداية والنهاية 8/534. (28) البداية والنهاية 8/385. (29) البداية والنهاية 8/539. (30) البداية والنهاية 8/549. (31) البداية والنهاية 8/558. (32) سورة القمر: الآية 1. (33) ينظر : البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي مولاهم ، (ت 256هـ/ 862 م)، صحيح البخاري - طبع دار الشعب ، القاهرة ، الطبعة: الأولى، 1407ه/ 1987م. (4/ 251). (34) ينظر : الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد البصري،(ت 450هـ/1056م) ، النكت والعيون ، تحقيق: السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم ،الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت. (5/ 409) . (35) Brad Bailey, NLSI Staff Scientist, June 21, 2010. (36) ينظر : هل انشق القمر ؟ دكتور زغلول النجار https://youtu.be/PJcj6k2ve40?si=SnJbehyBMgIzs7U4 (37) ينظر : كذب "زغلول النجار" بالدليل القاطع https://youtu.be/9UkiXXshP4A?si=MoP2AIqYh2pdmtCw (38) ينظر : محمد جواد مغنية (ت1979م)، التّفسير الكاشف ، دار العلم للملايين، الطبعة : الثانية ، بيروت-1987م. ج7 ص 188 . (39) [الأعراف: 132]. (40) [ آل عمران: 184]. (41) [يونس: 101]. (42) [الإسراء: 59]. (43) [المائدة: 110] . (44) [القصص: 36]. (45) [غافر: 24]. (46) [ص: 4] . (47) [الأحقاف: 7]. (48) [الصافات: 14 - 15]. (49) [القمر: 2]. (50) [البقرة: 211]. (51) [المائدة: 115]. (52) الحلبي ، علي بن برهان الدين ( ت 1044 هـ / 1634م) ، السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون، دار المعرفة ، (بيروت-1400هـ/ 1980 م). (1/ 436). (53) [آل عمران: 128]. (54) [النحل: 37]. (55) [يونس: 99]. (56) [النساء: 88]. (57) [يونس: 96، 97]. (58) [الرحمن: 13]. (59) الماوردي، أعلام النبوة ، الناشر: دار ومكتبة الهلال – بيروت، الطبعة: الأول - 1409هـ.(ص: 102). (60) ينظر: البداية والنهاية (8/ 679). (61) البداية والنهاية (8/ 693). (62) أسماء بنت عميس بن معد بن تيم بن الحارث الخثعميّ: صحابية، كان لها شأن. أسلمت قبل دخول النبي دار الأرقم بمكة، وهاجرت إلى أرض الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب، فولدت له عبد الله ومحمدا وعوفا، ثم قتل عنها جعفر شهيدا في وقعة مؤتة سنة (8ه)ـ فتزوجها أبو بكر فولدت له محمدا ابن أبي بكر، وتوفي عنها أبو بكر فتزوجها علي بن أبي طالب فولدت له يحيى وعونا. وماتت بعد الامام عليّ. في حدود سنة (40هـ/ 661م). للمزيد يراجع عنها ابن سعد، محمد بن سعد بن منيع الزهري مولاهم (ت 230هـ/837 م)، الطبقات الكبرى، تحقيق : إحسان عباس، دار صادر، (بيروت ـ د.ت). 8: 205. (63) البداية والنهاية (8/ 570). (64) البداية والنهاية (8/ 570). (65) أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري (ت 321ه/ 933م): شرح مشكل الآثار ، تحقيق: شعيب الأرنؤوط ،الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، بيروت - 1415هـ/ 1494م. (3/ 92). (66) الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد (ت 360هـ/966م).المعجم الكبير، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، ط2، مكتبة العلوم والحكم، ( الموصل -1983م ). (24/ 151). (67) البداية والنهاية (8/ 570). (68) ينظر: ابن الجوزي: أبو الفرج عبد الرحمن بن علي القرشي (ت597ه/1200م)، الموضوعات، تحقيق: توفيق حمدان، بيروت، 1415هـ .(2/ 119). (69) ينظر: العقيلي ، أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد ( ت 322هـ / 934م)، الضعفاء الكبير، تحقيق: الدكتور مازن السرساوي ، الناشر: دار ابن عباس – مصر ، الطبعة: الثانية، 2008 م . (4/ 407)؛ ابن حجر: أحمد بن علي العسقلاني(ت852هـ/1459م)، لسان الميزان، اعتنى به: الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، اعتنى بإخراجه: سلمان عبد الفتاح، مكتبة المطبوعات الإسلامية، (د.م ـ د.ت). (4/ 276)؛ الشوكاني، محمد بن علي (ت 1250هـ/ 1834م)، الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، المحقق: عبد الرحمن بن يحي المعلمي اليماني، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت. (ص: 350). (70) ينظر: البداية والنهاية (6/ 77-87). (71) ينظر : البداية والنهاية (6/ 77-87). وليس من قبيل الصدفة أن تكون كثرة من روايات تكثير الطعام وردت على لسان ابي هريرة وهو الذي كان يقول :" وَإِنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ" ينظر : البداية والنهاية (8/ 624). (72) البداية والنهاية (6/ 290). (73) البداية والنهاية (6/ 290). (74) العلاء ابن الحَضْرَمي : العلاء بن عبد الله الحضرميّ: صحابي، من رجال الفتوح في صدر الإسلام. أصله من حضرموت. سكن أبوه مكة، فولد بها العلاء ونشأ. وولاه الرسول البحرين سنة (8هـ ) وجعل له جباية الصدقة وأعطاه كتابا فيه فرائض الصدقة في الإبل والبقر والغنم والثمار والأموال، وأمره أن يأخذ الصدقة من أغنيائهم ويردّها على فقرائهم. وبعد وفاة النبي أقرّه الخليفة أبو بكر، ثم عمر ووجهه عمر إلى البصرة فمات في الطريق سنة (21 هـ / 642 م)، في قرية من أرض تميم اسمها " لياس " وقيل: مات في البحرين. للمزيد يراجع عنه ابن سعد: الطبقات الكبرى ، ج 4 ص 76. (75) ابو مسلم الخولاني: عبد الله بن ثوب (بضم ففتح) الخولانيّ: تابعيّ، فقيه عابد زاهد، نعته الذهبي بريحانة الشام. أصله من اليمن. أدرك الجاهلية، وأسلم قبل وفاة النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يره، فقدم المدينة في خلافة أبي بكر، وهاجر إلى الشام، وفي أكثر المصادر: وفاته بدمشق سنة (62هـ / 682 م) . للمزيد يراجع عنه الذهبي، شمس الدين: محمد بن أحمد بن عثمان التركماني (ت 748هـ/1357م)، تذكرة الحفاظ ، الناشر: دار الكتب العلمية ، الطبعة: الأولى ، (بيروت- 1419هـ/ 1998م). 1: 46؛ ابن حجر، تهذيب التهذيب، دار الفكر، (بيروت -1984). 12: 235. (76) البداية والنهاية (6/ 293). (77) المنقري، أبو الفضل نصر بن مزاحم، (ت 212هـ/ 827 م)، وقعة صفين، تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون، المؤسسة العربية الحديثة، ط2، (القاهرة ـ 1962) ، ص 95 - 98 ؛ ابن عساكر، علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، (ت 571هـ/1277م)، تاريخ مدينة دمشق، دراسة وتحقيق: علي شيري، دار الفكر ،(بيروت ـ 1995). (27/ 221)؛ ابن أبي الحديد، عز الدين عبد الحميد بن هبة الله المدائني (ت 656هـ/1263م)، شرح نهج البلاغة، كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، جمعه: الشريف الرضي، تحقيق: محمد أبو الفضل، المكتبة العصرية، (بيروت-1959م).3 : 408 . (78) الشيخ الأميني: عبد الحسين أحمد النجفي (ت1971م)، الغدير في الكتاب والسنة والأدب، دار الكتاب العربي، الطبعة الرابعة، بيروت، ( 1397هـ/ 1977م) ، ج ١١، ص ١٢٣. (79) البداية والنهاية 8/604. (80) الشَّعْبي : هو عامر بن شراحيل ، أبو عمرو. كوفي، ولد في خلافة عمر بن الخطاب. وهو تابعي محدث وفقيه وعالم بالسيرة النبوية والفتوح، شهد وقعة الجماجم مع ابن الأشعث ضد الحجاج بن يوسف الذي طلبه ثم عفا عنه، ولي قضاء الكوفة للخليفة عمر بن عبد العزيز(99 -101ه/ 717- 720م). وتوفي بالكوفة سنة (104هـ/ 721 م). للمزيد يراجع عنه ابن خلكان، شمس الدين أبو العباس أحمد بن محمد البرمكي ، (ت 681هـ/ 1287هـ) ، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، ط4، (بيروت ـ 2005).ج3 ، ص12. (81) ابن شبة ، عمر بن شبة بن ريطة النميري مولاهم البصري ( ت 262 هـ/ 875 م)، أخبار المدينة المنورة ، تحقيق علي محمد دندل، دار الكتب العلمية، ( بيروت ـ بلا ت )، (1/ 290)؛ يقارن مع البزار: أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتكي (ت 292هـ / 905 م)، مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار، تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله ، الناشر: مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة، الطبعة: الأولى، (بدأت 1988م، وانتهت 2009م). (11/ 293) . (82) للمزيد يراجع عنه :- ابن معين: يحيى بن معين بن عون بن زياد المري بالولاء (ت 233 هـ/ 848 م)، تاريخ ابن معين، تحقيق: د. أحمد محمد نور سيف ، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، الطبعة الأولى،(مكة المكرمة-1399هـ/ 1979م).جـ3 ، ص274 ؛ البخاري: التاريخ الكبير، تحقيق: السيد هاشم الندوي، دار الفكر،( بيروت - بلات)، جـ1، ص374؛ العجلي ، أحمد بن عبد الله بن صالح ( ت 261هـ / 874 م) ، معرفة الثقات، تحقيق عبد العليم عبد العظيم البستوي ، ط1، مكتبة الدار ، ( المدينة المنورة- 1985 ) ، جـ1، ص226 ؛ 319 ؛ الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي (ت 463هـ/1070م) ، تـاريخ بغداد، تحقيق ودراسة: مصطفى عبد القادر، دار الكتب العلمية، (بيروت- 2004) ، جـ6 ، ص245؛ الباجي : أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد التجيبي القرطبي (ت 474هـ / 1081م)، التعديل والتجريح ، لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح ، تحقيق: د. أبو لبابة حسين ، الناشر: دار اللواء للنشر والتوزيع - الرياض، الطبعة: الأولى، 1406 ه/ 1986م . جـ1 ، ص369 . (83) الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد ، جـ6 ، ص245 . (84) الذهبي، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق، تحقيق : محمد شكور بن محمود الحاجي أمرير المياديني ، الناشر : مكتبة المنار ـ الزرقاء، الطبعة : الأولى، 1406هـ /1986م ، جـ1 ، ص47 . (85) الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد ، جـ6 ، ص245 . (86) تاريخ ابن معين ( رواية الدوري ) ، جـ3 ، ص274 . (87) الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ، جـ3 ، ص245 . (88) معرفة الثقات، جـ1 ، ص226 . (89) الضعفاء الكبير . جـ1 ، ص94. (90) الذهبي : ميزان الاعتدال في نقد الرجال، دراسة وتحقيق: الشيخ علي معوض، الشيخ عادل أحمد، شارك في تحقيق : د. عبد الفتاح أبو رسن، دار الكتب العلمية، (بيروت ـ 1995) . جـ1 ، ص86 . (91) سُورَة السَّجْدَة، الآية :3. (92) وللمزيد ينظر: ابن كثير ، السيرة النبوية ، (1/ 104) . (93) وللمزيد ينظر ابن كثير: السيرة النبوية (1/ 106) . (94) ابن كثير ، البداية والنهاية : ج 11 ، ص 451؛ يقول الشيخ الأميني :" كنّا نرتئي أنّ معاوية في غني عن إفاضة القول في مخاريقه ؛ لما عرفته الأمّة من نفسيّته الموبوءة ، وأعماله الوبيلة ، وجرائمه الموبقة الجمّة ، ورذائله الكثيرة ، ونسبه الموصوم ، وأصله اللئيم ، ومحتده الدنيّ . وأنّ من يضع فيه المدائح تندى جبهته عن سردها لمثله ؛ غير أنّا وجدنا الأمل قد أكدى ، والظنّ قد أخفق ، وأنّ القحّة والصلف لم يدعا لأولئك الوضّاعين حدّا يقفون عليه ؛ فحاولنا أن نذكر يسيرا من معرّفاته لإيقاف الباحث على حقيقة الحال فيما عزوه إليه من الثناء ، غير مكترثين لهلجة ابن كثير ، والهتاف الّذي سمعه بعض السلف على جبل بالشام - ولعلّ الهاتف هو الشيطان - :« من أبغض معاوية سحبته الزبانية إلى جهنّم الحامية ، يرمى به في الحامية الهاوية ».ينظر: الغدير، ج ١٠، ، ص ١٣٨. (95) ابن أبي الدنيا : أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد البغدادي الأموي مولاهم (ت:281هـ/ 894 م) ، القبور، تحقيق: طارق محمد سكلوع العمود ، الناشر: مكتبة الغرباء الأثرية ، الطبعة: الأولى 1420هـ / 2000م. (ص: 93) ؛ البيهقي: دلائل النبوة (3/ 89). (96) البداية والنهاية (3/ 290). (97) ينظر : ابن حجر، الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع ، تحقيق: محمد حسن محمد حسن إسماعيل الشافعي، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى ، بيروت - 1418هـ / 1997م. (ص: 77). (98) ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق . (18/ 387). (99) صحيح البخاري (5/ 11). (100) ينظر : المعجزة أو سبات العقل في الاسلام ، دار الساقي ، الطبعة الاولى ، بيروت – 2008 م . ص 71، 83 -84 . (101) ينظر: الخصيبي ، الحسين بن حمدان (ت 358هـ / 969 م)، الهداية الكبرى ، دار لأجل المعرفة، 2007 ، ص ٧٤. (102) ابن كثير : البداية والنهاية (9/ 239). (103) وقد اورد عدة منها كتاب لابي بكر بن ابي الدنيا يحمل هذا العنوان ( من عاش بعد الموت).ينظر : البداية والنهاية (9/ 49) ، (9/ 56). (104) [الإسراء: 85]. (105) البداية والنهاية (6/ 65). (106) البداية والنهاية (6/ 69). (107) البداية والنهاية (6/ 190). (108) [يونس: 20]. (109) [هود: 123]. (110) [النمل: 65]. (111) [الأنعام: 50]. (112) [ الأحقاف 9]. (113) [ الأنعام، الآية ٥٠]. (114) البداية والنهاية (6/ 202). (115) البداية والنهاية (9/ 114). (116) حذيفة بن حِسل بن جابر العبسيّ ، واليمان لقب حسل، صحابي، من الولاة الفاتحين. كان صاحب سر النبي في المنافقين. وولاه الخليفة عمر على المدائن ، وهاجم نهاوند سنة (22ه)ـ فصالحه صاحبها على مال يؤديه في كل سنة. وغزا الدينور، وماه سندان، فافتتحهما بالقوة ثم غزا همذان والري، فافتتحهما عنوة . واستقدمه الخليفة عمر إلى المدينة، ثم أعاده إلى المدائن، فتوفي فيها سنة (36هـ / 656 م). للمزيد يراجع عنه ابن سعد ، الطبقات الكبرى (6/ 15)، (7/ 317)؛ ابن الأثير، عز الدين علي بن محمد الشيباني (ت 630هـ/1237م)، أسد الغابة، الناشر: دار الفكر – بيروت، عام النشر: 1409هـ / 1989م. (1/ 468).
(117) صحيح البخاري ـ(8/ 154). (118) النيسابوري، مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري، (ت 261هـ/875 م) ، صحيح مسلم ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت. (4/ 2217). (119) عمرو بن أَخطب بن رفاعة الأَنصاري ، وكنيته أبو زيد من صغار الصحابة، غزا مع النبي 13 غزوة، نزل البصرة، توفي سنة في خلافة عبد الملك بن مروان سنة (71 هـ / 690 م) . للمزيد يراجع عنه ابن سعد ، الطبقات الكبرى (7/ 28). (120) البداية والنهاية (9/ 136-137). (121) جورج طرابيشي ، المعجزة أو سبات العقل في الاسلام ، ص 68 . (122) ينظر: ابن كثير: السيرة النبوية ، مقدمة المحقق (1/ 15). (123) السنن الكبرى، دار الفكر، (بيروت ، د.ت). (6/ 301). (124) ينظر: السيرة النبوية .(4/ 575). (125) ابن حجر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار المعرفة، (بيروت - 1379ه ). (19/ 234). (126) ينظر: صحيح البخاري (4/ 79). (127) صحيح مسلم . (3/ 1380). (128) السنن الكبرى (16/ 532). (129) البداية والنهاية (8/ 95). (130) البداية والنهاية (5/ 251). (131) البداية والنهاية (5/ 251). (132) ميزان الاعتدال (2/ 278). (133) ينظر: الحاكم النيسابوري ، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الضبي المعروف بابن البيع ، (ت 505هـ/1058م)، المستدرك على الصحيحين بتعليق الذهبي ، دار المعرفة، (بيروت ـ د.ت)، (3/ 84) . (134) المرجئة هم فرقة كلامية تنتسب إلى الإسلام، خالفوا رأي الخوارج في مرتكب الكبيرة وغيرها من الأمور العقدية، وقالوا بأن كل من آمن بوحدانية الله لا يمكن الحكم عليه بالكفر، لأن الحكم عليه موكول إلى الله وحده يوم القيامة، مهما كانت الذنوب التي اقترفها. وهم يستندون في اعتقادهم إلى قوله تعالى (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)الآية 106 سورة التوبة والعقيدة الأساسية عندهم عدم تكفير أي إنسان، أيا كان، ما دام قد اعتنق الإسلام ونطق بالشهادتين، مهما ارتكب من المعاصي، تاركين الفصل في أمره إلى الله تعالى وحده، لذلك كانوا يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة. وقد نشأ هذا المذهب في أعقاب الخلاف السياسي الذي نشب بعد مقتل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، وعنه نشأ الاختلاف في مرتكب الكبيرة. فالخوارج يقولون بكفره والمرجئة يقولون برد أمره إلى الله تعالى إذا كان مؤمنا، وعلى هذا لا يمكن الحكم على أحد من المسلمين بالكفر مهما عظم ذنبه، لأن الذنب مهما عظم لا يمكن أن يذهب بالإيمان، والأمر يرجأ إلى يوم القيامة وإلى الله مرجعه. ويذهب الخوارج، خلافا للمرجئة، إلى أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار. ينظر: الشهرستاني، أبو الفتح محمد بن عبد الكريم، (ت 548هـ/1154م) ، الملل والنحل، صححه وعلّق عليه، أحمد فهمي محمد ، دار الكتب العلمية، ط8، (بيروت ـ 2009).1/139. (135) ابن عدي : عبد الله بن عدي بن عبد الله الجرجاني ( ت 365 هـ / 975 م)، الكامل في ضعفاء الرجال، تحقيق د.سهيل زكار، دار الفكر، ط3، (بيروت-1409هـ/ 1988 م). (5/ 71) ؛ ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي القرشي (ت597هـ/1204م) ، الضعفاء والمتروكون ، المحقق: عبد الله القاضي ، الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى، 1406ه. (2/ 37). (136) الذهبي، المغني في الضعفاء، دار الكتب العلمية ، بيروت ،1997 . (1/ 293). (137) الطبقات الكبرى. ج 7 ص78 . (138) ابن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال (5/ 71). (139) ابن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال (5/ 71). (140) ابن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال (5/ 71). (141) قال الذهبي:" أَنَّهُم عُثْمَانِيَّةٌ، فِيْهِمُ انْحِرَافٌ عَلَى عَلِيٍّ". ينظر : سير أعلام النبلاء، أشرف على تحقيق وخرّج أحاديثه: شعيب الأرناؤوط، ، دار الرسالة ، ط9، (بيروت ـ 1993). (11/ 47). (142) ينظر: البخاري ، التاريخ الكبير (4/ 222). (143) ينظر: ابن حبان ، محمد بن حبان بن أحمد التميمي البستي (ت 354هـ/960م )، كتاب المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين، تحقيق: محمود إبراهيم زايد ، الناشر: دار الوعي - حلب، الطبعة: الأولى، 1396ه.(1/ 362). (144) سير أعلام النبلاء، أشرف على تحقيق وخرّج أحاديثه: شعيب الأرناؤوط، ، دار الرسالة ، ط9، (بيروت ـ 1993). (2/ 486). (145) ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة . (4/ 99). (146) ابن عدي : الكامل في ضعفاء الرجال، (5/ 5). (147) البداية والنهاية 9/207. (148) البداية والنهاية (8/ 190). (149) يعقوب بن إسحاق، أبو يوسف، ولد عام (186 / 802 م)، أصله من خوزستان (بين البصرة وفارس) تعلم في بغداد. يعد إمام في اللغة والأدب؛ ولذلك اتصل بالخليفة العباسي المتوكل ، فعهد إليه بتأديب أولاده، وجعله في عداد ندمائه، ثم قتله، ، والسبب انه سأله عن ابنيه المعتز والمؤيد: أهما أحب إليه أم الحسن والحسين؟ فقال ابن السكيت: والله إن قنبرا خادم عليّ خير منك ومن ابنيك! فأمر الأتراك فداسوا بطنه، وقيل سلوا لسانه، وحمل إلى داره فمات (ببغداد) سنة(244 هـ / 858 م) . من كتبه (إصلاح المنطق) و (الألفاظ ) و ( الأضداد ) . للمزيد يراجع عنه ابن خلكان : وفيات الاعيان (6/ 395) ؛ الذهبي ، سير أعلام النبلاء (12/ 16). (150) البداية والنهاية (14/ 438)، (14/ 439). (151) ينظر : ابن عساكر، تاريخ دمشق (74/ 150)؛ ياقوت الحموي ، شهاب الدين ياقوت بن عبد الله الرومي(ت 626هـ/1233م)، معجم الأدباء، دار إحياء التراث العربي، ( بيروت ـ 1936).(5/ 643)؛ ابن الاثير: الكامل في التاريخ ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م. (6/ 166) ؛ ابن خلكان : وفيات الاعيان (6/ 395) ؛ الذهبي ، سير أعلام النبلاء (12/ 16). (152) تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، (بيروت ـ 2003). (5/ 1289). (153) البداية والنهاية 4/134. (154) ابن هشام، عبد الملك بن هشام المعافري، (ت 218هـ/ 833 م)، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى السقا، إبراهيم الأبياري، عبد الحفيظ شلبي، دار الكتب العلمية، ط6، (بيروت ـ 2011). 1/298. (155) البداية والنهاية 3/386. (156) البداية والنهاية 3/470-471. (157) البداية والنهاية 3/285-296. (158) الجمحي، محمد بن سلاّم بن عبيد الله الجمحي بالولاء (ت 232هـ / 846 م)، طبقات فحول الشعراء، دار الكتب العلمية، بيروت ، ط2، ،1408ه، ص:13-95. (159) الجمحي، طبقات فحول الشعراء، ص:13-95. (160) حاجي خليفة، مصطفى بن عبد الله (ت 1067هـ /1656م)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، دار الكتب العلمية، (بيروت-1413هـ/1992م).(2/ 2047). (161) ينظر: ياقوت الحموي ، معجم الأدباء، 18: 96. (162) البداية والنهاية 3/575-577-579. (163) الذهبي: ميزان الاعتدال، 2/491-3/77. (164) البداية والنهاية 3/620. (165) ابن الجوزي: الموضوعات ـ 1/149؛ الذهبي: ميزان الاعتدال 1/186-188؛ الشوكاني، الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة . ص:125. (166) البداية والنهاية ج7، ص:273. (167) البداية والنهاية 3/390. (168) ينظر: العُمري ، أكرم ضياء، السيرة النبوية الصحيحة: المدينة، مكتبة العلوم والحكم، 1412هـ، 1/95. (169) أبو الحسن أحمد بن أبي الحواري: اسمه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ الْحَارِثِ التَّغْلِبِيُّ الْغَطَفَانِيُّ، ولد عام (164هـ / 780م) وهو أحد أعلام التصوف في القرن الثالث الهجري، أصله من الكوفة، وسكن دمشق في سوريا. وصفه ابن كثير بأنه «أحد العلماء الزهّاد المشهورين، والعباد المذكورين، والأبرار المشكورين، ذوي الأحوال الصالحة، والكرامات الواضحة». صحب أبا سليمان الداراني، وروى عن سفيان بن عيينة، وبشر بن السري، وغيرهم. وروى عنه أبو داود، ومحمد بن ماجه، وأبو حاتم، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو زرعة الرازي. وتوفي سنة (230هـ/837 م).للمزيد يراجع عنه ابن كثير، البداية والنهاية (14/ 446). (170) أبُو سُليمان الدَّاراني: عبد الرحمن بن أحمد بن عطية العنسي المذحجي، أبو سليمان: زاهد مشهور، من أهل داريّا (بغوطة دمشق) رحل إلى بغداد، وأقام بها مدة، ثم عاد إلى الشام، وتوفي في بلده سنة (215هـ / 830 م). كان من كبار المتصوفين. له أخبار في الزهد. للمزيد يراجع عنه ابن خلكان، وفيات الأعيان. 1: 276 و9: 254. (171) البداية والنهاية 10 : 348 . (172) [الأنعام: 125]. (173) الشيخ الأميني : الغدير ج 11 ص145. (174) نذكر مثال على لسانه البذيء ما قاله عن الشريف المرتضى: " وأخزاه الله وأمثاله من الأرجاس الأنجاس، أهل الرفض والارتكاس " . ينظر : البداية والنهاية ط الفكر ، دمشق ، عام النشر: 1407هـ / 1986 م .(12/ 53). (175) الشيخ الأميني: الغدير ج ١، ص ٢٢٥. (176) الغدير، ج ٣ ، ص ٢٢٩.
#رحيم_فرحان_صدام (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل قتل ابو عبيدة اباه ؟
-
الترجمة العربية لكتاب (المائة - الترتيب للأشخاص الاكثر تأثير
...
-
الكتب المصنفة في تاريخ خراسان القسم الرابع
-
الكتب المصنفة في تاريخ خراسان القسم الثالث
-
الكتب المصنفة في تاريخ خراسان القسم الثاني
-
الكتب المصنفة في تاريخ خراسان
-
موارد الطبري (ت 310 /923 م) عن كتاب فتوح خراسان للمدائني (ت
...
-
الذهبي ومنهجه في كتابة تاريخ الاسلام (دراسة نقدية) المبحث ال
...
-
الذهبي ومنهجه في كتابة تاريخ الاسلام (دراسة نقدية) المبحث ال
...
-
الذهبي ومنهجه في كتابة تاريخ الاسلام (دراسة نقدية) المبحث ال
...
-
الذهبي ومنهجه في كتابة تاريخ الاسلام (دراسة نقدية) المبحث ال
...
-
الذهبي ومنهجه في كتابة تاريخ الاسلام (دراسة نقدية) المبحث ال
...
-
الذهبي ومنهجه في كتابة تاريخ الاسلام (دراسة نقدية) المبحث ال
...
-
الذهبي ومنهجه في كتابة تاريخ الاسلام (دراسة نقدية)
-
كتب التفسير في العصر الأموي ( دراسة تاريخية )
-
الحسن المثنى وتأويل حديث الغدير ) دراسة نقدية)
-
دراسة في كتاب سير الملوك للشعبي
-
اضواء جديدة على مؤلفات المدائني
-
كتب العقائد في العصر الأموي
-
مناظرات الامام الرضا بين الكتابات التمجيدية والحقائق التاريخ
...
المزيد.....
-
آيا صوفيا.. الصرح المقدس والشاهد الصامت على سقوط العروش وقيا
...
-
طلاب جامعة الفلبين يحتجون على تخفيضات الميزانية والفساد
-
حظر إسبانيا قد يعوق واردات إسرائيل من الأسلحة وتجارتها الخار
...
-
عاجل| نيويورك تايمز عن مسؤولين أوروبيين: الأفعال المنسوبة لر
...
-
ماذا يحمل مجلس الشعب لسوريا؟
-
خبيرة سياسية للجزيرة نت: هناك فرصة لمواجهة تفرد الاحتلال بال
...
-
سلسلة حوادث غامضة منها رؤوس خنازير أمام مساجد.. هل يُؤجج عمل
...
-
شاهد ما قالته أرملة تشارلي كيرك في أول كلمة علنيةً لها منذ و
...
-
تخلّى عن -منصب الأحلام- في -فوغ-.. فهل ينجح إدوارد إينينفول
...
-
غزة.. مقتل العشرات من الفلسطينيين بهجمات إسرائيلية الجمعة مع
...
المزيد.....
-
كتّب العقائد فى العصر الأموى
/ رحيم فرحان صدام
-
السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية)
/ رحيم فرحان صدام
-
كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون
/ زهير الخويلدي
-
كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي
/ تاج السر عثمان
-
كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي
/ تاج السر عثمان
-
برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية
/ رحيم فرحان صدام
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
المزيد.....
|