محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)
الحوار المتمدن-العدد: 8463 - 2025 / 9 / 12 - 20:52
المحور:
قضايا ثقافية
حكايات سورية -3
سنبكي إن أمطرت وإن لم تمطر
كان يا ما كان، كان هناك مزارعٌ لديه ابنتان فقط، وتزوجت كلتاهما من رجال من قريتين أخريين: تزوجت الأولى مزارعًا ثريًا، والثانية خزافًا.
مرت سنوات طويلة ولم تأتِ أيٌّ من الابنتين لزيارة والديهما، فقالت المرأة لزوجها:
زوجي العزيز، لم نرَ الفتاتين منذ زمن طويل، وأنا قلقة عليهما. تفضل بزيارتهما والاطمئنان عليهما.
أنا أتقدم في السن وأريد رؤيتهما قبل أن أموت.
في اليوم التالي، حزم المزارع طعامه وركب حماره، يحمد الله ويسأله العون في طريقه لرؤية ابنته الأولى.
ولما وصل إلى منزل ابنته المتزوجة من المزارع، رحبت بوالدها ترحيبًا حارًا. ذبح صهره خروفًا تكريمًا له، فطبخوا وأكلوا وشربوا وسهروا طوال الليل تحت نور القمر.
في صباح اليوم التالي، قبل أن يغادر ابنته، سألها عن أحوالها، وهو أمر لم يشأ أن يفعله أمام زوجها، فأجابت:
يا أبي العزيز... انظر إلى الشرق، ماذا ترى؟
أرضًا محروثة!
انظر إلى الغرب... انظر إلى الجنوب... انظر إلى الشمال، ماذا ترى؟
أجاب:
أراضٍ محروثة!
هذه جميعها أراضينا، ونحرثها ونزرعها كل عام بالقمح والشعير والعدس والحمص. كل ما نطلبه من الله هو أن ينزل المطر حتى تنمو نباتاتنا. ادعُ الله أن ينزل المطر بكثرة، فبدونه سنصبح فقراء!
بينما كان يترك ابنته الأولى ويتجه نحو ابنته الثانية، التي كان زوجها خزافًا، كان يتمتم طوال الطريق:
يا إلهي، أنزل المطر، يا إلهي، أنزل المطر...
وعندما وصل إلى هناك، استقبلته ابنته وزوجها بحرارة، وفرشا المائدة بالطعام الشهي. أكلا وشربا وسهرا الليل كله يتحدثان. في صباح اليوم التالي، وبينما كان يستعد للعودة إلى قريته، سأل ابنته عن أحوالها، فأجابت:
يا أبي العزيز... انظر إلى الشرق، ماذا ترى؟
أجاب:
أراضٍ مليئة بالطين!
انظر إلى الغرب، انظر إلى الجنوب، انظر إلى الشمال، ماذا ترى؟
هذه أراضٍ مليئة بالطين الذي نستخدمه في صناعة الفخار: الجرار والأواني الفخارية. من فضلك يا أبي، ادع الله ألا ينزل المطر، لأن المطر سيذيب الطين ويفقرنا! ودّع المزارع ابنته، وبينما كان يركب حماره عائدا، تضرع لله بدعائه قائلا:
يا رب، لا تنزل المطر / يا رب، أنزل المطر
يا رب، لا تنزل المطر / يا رب، أنزل المطر
حتى وصل إلى قريته، وعندما سألته زوجته عن حال بناتهما، أجاب:
إن أمطرت سنبكي
وإن لم تمطر سنبكي أيضًا
#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)
Mohammad_Abdul-karem_Yousef#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟