|
العربدة الصهيونية من تونس إلى الدّوْحَة
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8462 - 2025 / 9 / 11 - 12:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عدوان بغطاء أمريكي
نفّذ الكيان الصهيوني عدوانًا جويا على أراضي تونس – بدعم من القواعد والأساطيل الأمريكية المنتشرة في بلدان البحر الأبيض المتوسط - يوم الأول من تشرين الأول/اكتوبر 1985 ( حمام الشاطئ، جنوب العاصمة تونس) واغتال قيَادِيّين بارزين في حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية ( أبو إياد وأبو جهاد)، كما قصف الكيان الصهيوني معظم البلدان العربية: ليبيا والسودان واليمن وسوريا والعراق ولبنان، وأعاد قصف تونس مرّتَيْن خلال أقل من ثلاثة أيام وقَصَف قطر التي أدخلت التّطبيع إلى بيوت كل العرب من خلال الدعوات العديدة لشبكة "الجزيرة" الناطق باسم جيش العدو الصهيوني إلى بث الدّعاية الصّهيونية بدون مُقاطعة أو اعتراض، ونفذ الكيان الصهيوني عمليات اغتيال قادة فلسطينيين وعرب في الأردن والإمارات وقَطر ولبنان وسوريا وفي بلدان أوروبية عديدة ( فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا وبلغاريا...)
العدوان على أسطول الصّمود سبق أن اعتدى الجيش الصهيوني على السّفن التي حاولت كَسْرَ حصار غزة، منذ عدوان 2008، وانتهك العدو الصهيوني المياه الإقليمية لليونان وقبرص ومالطا وإيطاليا وسوريا ولبنان وغيرها، وآخرها السفن التي حاولت كسر الحصار خلال العدوان الذي بدأ يوم السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2025... يضم أسطول الصّمود سُفنا انطلقت من موانئ إسبانيا وإيطاليا وتونس وبدأت نحو 20 سفينة قادمة من ميناء برشلونة الإسباني ضمن "أسطول الصمود العالمي" بالوصول، يوم الأحد السابع من أيلول/سبتمبر 2025، إلى السواحل التونسية، وأبحرت قافلة أخرى من ميناء جنوة بإيطاليا، تمهيدا للتوقف في تونس قبل التوجه نحو قطاع غزة لمحاولة كسر الحصار وفتح ممر إنساني لإيصال مساعدات، ويتكون الأسطول من اتحاد أسطول الحرية، وحركة غزة العالمية، وقافلة الصمود، ومنظمة "صمود نوسانتارا" الماليزية، ويضم مئات المناضلين من أكثر من نحو 47 دولة، لم تردعهم القرصنة والإعتقالات الصهيونية... تعرّضت إحدى سفن قافلة الصمود للمرة الثانية، يوم التاسع من أيلول/سبتمبر 2025، خلال أقل من 72 ساعة – قبل موعد انطلاق القافلة – إلى هجوم بطائرة مُسيَّرة صهيونية، ونَفَت وزارة الدّاخلية التونسية العدوان الأول، معتبرة إن الحادث كان عبارة عن حريق من داخل السفينة، و"لا وجود لأيّ عمل عدائي أو استهداف خارجي"، وقد يُعبّر هذا الصّمت عن العجز أو التّواطؤ، حيث يتناقض الإنكار مع الصُّوَر والشهادات وعدد من الأدلّة التي تُؤكّد الهجوم بواسطة طائرة مُسيَّرة صهيونية، كما أكدت فرنشيسكا ألبانيزي ( وفقًا لما توفَّرَ لديها من معلومات ) تَعَرَُّض سفينة أسطول الصمود الرئيسية لهجوم بطائرة مسيرة خلال رسوها في ميناء بتونس، وسكتت وزارة الدّاخلية التونسية "عن الكلام المُباح" لما تكرّر العدوان، غير إن العدوان على تونس تزامن مع توسيع العدوان الصهيوني إلى أكثر من ساحة عربية: لبنان وسوريا واليمن وقطر وتونس فضلاً عن فلسطين، في ظل صمت وتواطؤ عربي رسمي، ولم يَفُلَّ ذلك في عزم اللجنة المنظمة لأسطول الصمود لكي ينطلق الأسطول في الموعد المُحدّد... رفضت وزارة الدّاخلية التونسية طلب الترخيص قدّمته اللجنة المُنظّمة للأسطول لعقد مؤتمر صحفي مما اضطر اللجنة لعقد المؤتمر الصحفي في الشارع. يتناقض موقف السّلطات التونسية التي طالما ادّعت دَعْم القضية الفلسطينية وتُؤَكّد على السيادة، مع موقف فرنشيسكا ألبانيزي المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة التي أعلنت في تونس "إنّ ما حدث مع إحدى سفن الأسطول في تونس لن يعطل مهمته، لكسر الحصار عن غزة "، ودعت إلى " توفير الحماية العاجلة لسفن أسطول الصّمود العالمي" تعليقًا على تَعَرُّضِ سفينة إسبانية لهجوم بطائرة مسيرة خلال رسوها في ميناء سيدي بوسعيد ( الضواحي الشمالية لعاصمة تونس) وأكّدت على دعمها "للأسطول الهادف لكسر الحصار عن غزة"، وعلى "أهمية التضحية الإنسانية في مواجهة التدمير الإسرائيلي المستمر لقطاع غزة"، وذلك رغم اعتراض الجيش الصهيوني محاولتين سابقَتَيْنِ هذا العام ( حزيران/يونيو و تموز/يوليو 2025) لإيصال المساعدات بحرا إلى غزة... ظروف العدوان الصهيوني على قيادات من حركة حماس في الدّوْحة لم يغفر الكيان الصهيوني للمطبّعين، ولم يتردّد في انتهاك سماوات وبحار وأراضي أي دولة عربية أو غير عربية، بما فيها المُهادنة والمُطبِّعَة والمتواطئة، ولنتذكّر إن الكيان الصهيوني لم يتوانَ على التّجسّس على حُماته في أمريكا الشمالية وأوروبا، وبعد الإغتيالات التي حصلت في تونس وعَمّان ودُبَيْ، نفذ العدو عدوانًا على الدّوحة، عاصمة قَطَر، يوم الثّلاثاء التاسع من أيلول/سبتمبر 2025، بهدف اغتيال ( أو إنْذار) الوَفْد التّفاوضي الذي يُمثل حركة حماس الفلسطينية، جاء إلى قطر لدراسة مقترح أمريكي حول "صفقة تبادل الأسرى"، وجرى هذا العدوان في ظل صمت وتآمر الأنظمة العربية وخذلانها الشعب الفلسطيني واللبناني واليمني والسّوري، ومشاركة الإمبريالية الأمريكية والأوروبية. ارتبط إسم مشيخة قَطَر بشبكة الجزيرة المتواطئة مع الكيان الصهيوني، وكذلك بضخامة القواعد العسكرية الأمريكية مثل قاعدة العيديد التي تحتل نصف مساحة المَشْيَخَة وقاعدة السيلية، وارتبطت مقترحات دونالد ترامب بمهنته الأصلية كسمسار عقارات وسمسار حرب، ويبذل كل جهده لتهجير الفلسطينيين من وطنهم في غزة وتحويل القطاع إلى منتزه للأثرياء يضم موانئ سياحية وكازينوهات وفنادق فاخرة، مع أصهاره من عائلة كوشنر ورئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير و"المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط" ستيفن ويتكوف (مؤسس ورئيس مجموعة ويتكوف للتطوير العقاري) وغيرهم من الكواسر من أصدقاء أو شُركاء دونالد ترامب، فضلا عن تحويل قطاع غزة إلى محطة عبور لمشروع "الممر الاقتصادي الدولي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا" ( IMEC ) الذي صمّمه مُستشارو الرئيس الأمريكي السابق جوزيف بايدن وأعلن عنه بنفسه من عاصمة الهند خلال انعقاد قمة العشرين ( 09 و 10 أيلول/سبتمبر 2023)، لكن إنجاز هذه المشاريع، فضلا عن استغلال الغاز من سواحل غزة، يتطلّب حصار وتجويع وتهجير وإبادة الشعب الفلسطيني، بمشاركة كل الدّول الإمبريالية وبتواطؤ الأنظمة العربية التي تجاهلت عمليات الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني وحظرت مظاهر التضامن والغضب الشعبي، ولم تنشر أي حكومة عربية تعازي لحركة حماس أو حزب الله أو أنصار الله بعد اغتيال الكيان الصهيوني قادة حركات المقاومة المشروعة والضّرورية ضدّ العدو المُشترك... الكيان الصهيوني عدو كل العرب وعدو الإنسانية كشفت السّلطات التونسية زيف حديثها عن السيادة لما بررت القمع والإعتقالات والتصرفات العنصرية بمقاومة "غزو المُهاجرين" الفُقراء الإفريقيين الفارين من البؤس والحروب، لأنهم ينتهكون سيادة البلاد، وفق الخطاب الرسمي، لكن نفس هذه السّلطات تتكتّم وتحاول طَمْس الجرائم الصهيونية التي ارتكبها الجيش الصهيوني مرّتَيْن خلال أقل من 72 ساعة. أما الكيان الصهيوني فيَعْتَبِرُ كل الشعوب العربية أعداء له، وهو مُحقّ في ذلك، ولم تسلم أراضي الدّول التي طبّعت سلطاتها العلاقات مع الكيان الصّهيوني أو هادنته، ولذا وجب التّذكير بالبُعْد العربي والأممي لقضية فلسطين. يُعربد الكيان الصهيوني بفعل علاقاته المتطورة والعضْوِيّة مع الإمبريالية الأمريكية والأوروبية التي لا تزال تعتبر العدوان "دفاعًا عن النّفس"، ولا تزال تُرسل الأسلحة ولها "علاقات شراكة مُميزة" مع الكيان الصهيوني، ولو قامت دولة أخرى بالعربدة المستمرة كما يفعل الكيان الصهيوني لاجتمع مجلس الأمن بسرعة قياسية لشَرْعَنَة احتلال تلك الدّولة ( الإفتراضية) من قِبَل دول حلف شمال الأطلسي، كما حصل في أفغانستان والعراق أو تدميرها بقرار من مجلس الأمن أو بدونه، كما حصل في ليبيا وسوريا واليمن... لا يمكن للطائرات والصواريخ الصهيونية الوصول إلى قطر – التي تستثمر في إنقاذ الإقتصاد الأمريكي وتُنفّذ مخططات الإمبريالية الأمريكية في الوطن العربي - أو تونس دون عبور أجواء عربية أو غير عربية، كما لا يمكن للكيان الصهيوني تنفيذ مثل هذه العمليات العدوانية دون إذن أو عِلْم الولايات المتحدة – إن لم تكن الولايات المتحدة مُشارِكَة في التخطيط والرّصْد والتّنفيذ – فالجيش الأمريكي متواجد في ما لا يقل عن إحدى عشر قاعدة عسكرية في الخليج (البحرَيْن والسعودية والكويت والإمارات ) فضلا عن القواعد في العراق وسوريا والأردن، بها معدّات تجسّس وترَصّد وطائرات وصواريخ ورادارات وما إلى ذلك من عتاد وأسلحة وأهمها قاعدة العديد – التي كانت نقطة انطلاق العدوان الأمريكي على بلدان عربية وغير عربية - والسّيلية في قَطَر، مما يسمح بالإستنتاج إن الكيان الصهيوني يعتدي على أي بلد عربي بغطاء أمريكي، ضمن مجموعة خطوات على طريق إنجاز "مشروع الشرق الأوسط الكبير" تحت الهيمنة الأمريكية والصّهيونية. لذلك وجب الإعلان بوضوح وبصوت مرتفع: إن الكيان الصهيوني يستهدف كل شعوب وسُكّان البلدان العربية، من موريتانيا إلى العراق، وهو عدوّ لا يمكن التفاوض معه أو عقد أي اتفاقيات معه، لأن وجوده في فلسطين غير شرعي، وكل تفاوض يُعتبر طعنةً في ظهر الفلسطينيين والعرب، ولا حلَّ سوى مقاومته حتى تحرير كل فلسطين، سواء تطلّب الأمر عقدًا أو إثنين أو عشرة عُقُود، لأن المُهِم تلقين الأجيال العربية ثقافة الصّمود والمقاومة والدّفاع عن حقّنا، مهما تطلّبت المقاومة من وقت وضحايا ومتاعب... " ومن لم يرد صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر" وفق الشاعر التونسي "أبو القاسم الشّابِّي" ( 1909 - 1934 ) الذي كتب كذلك " إنَّ السَّلامَ حقيقةٌ مَكذوبةٌ، والعَدلُ فلسفةُ اللهيبِ الخابي – لا عدل الا إن تعادلت القوى وتصادم الارهاب بالارهاب".
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرنسا: أزمة سياسية واقتصادية
-
المقاطعة كشكل من المقاومة
-
فلسطين - فجوة بين الموقف الأوروبي الرسمي والموقف الشعبي
-
قمّة منظمة شنغهاي للتّعاون
-
مُتابعات – العدد الأربعون بعد المائة بتاريخ السّادس من أيلول
...
-
إندونيسيا – احتجاجات وقَمع دَمَوِي
-
الصهيونية واليمين المتطرف في أوروبا – نموذج السُّوَيْد
-
دَور الإستخبارات و-الذّكاء الإصطناعي- في توجيه الرأي العام
-
أوروبا، عَسْكَرَة الحياة المَدَنِيّة
-
مُتابعات – العدد التاسع والثلاثون بعد المائة بتاريخ الثّلاثي
...
-
من -التّأثيرات الجانبية- لزيادة الرّسوم الجمركية الأمريكية
-
خصومات في الصّف المُقابل، بين فرنسا والولايات المتحدة
-
هل الفن مُحايد؟ - نموذج فرقة نيكاب الموسيقية الإيرلندية
-
عبد العزير المنبهي 15/02/1950 – 23/08/2025
-
الصحة بين الوقاية وتحقيق الرّبح
-
مُتابعات – العدد الثامن والثلاثون بعد المائة بتاريخ الثّالث
...
-
عن اليسار الصهيوني
-
الدّيمقراطية الأمريكية المُسلّحة
-
الخليج: الولاء المُطْلَق للإمبريالية والإستغلال الفاحش للعما
...
-
عيّنات من أحداث صيف 2025 الطاهر المعز
المزيد.....
-
لأول مرة منذ 19 شهرًا.. الأمير هاري يلتقي والده الملك تشارلز
...
-
أثر الهجوم الإسرائيلي في قطر على ترامب.. محلل يعلق لـCNN وهذ
...
-
في أول بيان بعد -هجوم الدوحة-.. -حماس- تصفه بـ-الفاشل- وتعلن
...
-
تقرير: حرّاس مواقع المساعدات في غزة ينتمون لنادي أمريكي معاد
...
-
تصعيد ميداني يتزامن مع زيارة لودريان: مقتل شخص في غارات إسرا
...
-
قطر تشيع ضحايا الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على الدوحة
-
ماذا نعرف عن الناشط الأمريكي تشارلي كيك الذي قتل بطلق ناري ب
...
-
لجنة برلمانية فرنسية تصف تيك توك -بأسوأ شبكة اجتماعية- وتطال
...
-
ضجة حول عارض أزياء يشبه بشار الأسد في -شي إن-.. ما الذي جرى
...
-
زيمبابوي تترشح للعضوية غير الدائمة بمجلس الأمن
المزيد.....
-
الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
/ كمال الموسوي
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|