خيرالله قاسم المالكي
الحوار المتمدن-العدد: 8460 - 2025 / 9 / 9 - 00:41
المحور:
الادب والفن
أَلُومُ اللَّيْلَ
إِذَا بِفَجْرٍ يَسْتَعْطِفُ السَّهَرَ،
فَيُجِيبُهُ المَوْلُودُ الشَّقِيُّ:
«أَنَا الصَّبَاحُ،
أَطِلُّ عَلَيْكَ سِتْرًا،
أَكْشِفُ عُرْيَكَ،
وَأَغْسِلُ مِنْ وَجْهِكَ سَوَادَ العُمُرِ.»
وَمَا بَيْنِي وَبَيْنَ الفُصُولِ
يَبْقَى البَرْدُ وَالحَرُّ،
يَتَنَاوَبَانِ عَلَى جَسَدِي،
يَنْتَظِرَانِ العُمُرَ كُلَّهُ،
يَسْقِيَانِنِي بِمَا نَزَلَ مِنَ المَطَرِ،
وَيُزْهِرَانِ مَا اسْتَفَاقَ مِنْ زَرْعٍ،
وَيُلَوِّنَانِ وَجْهِي بِلَوْنِ السِّنِينَ دُهُورًا.
فِي حِضْنِ اللَّيْلِ
يَسْتَيْقِظُ الخَوْفُ،
وَفِي رَحِمِ الفَجْرِ
تُولَدُ الصَّرْخَةُ الأُولَى.
النَّهَارُ طِفْلٌ جَرِيءٌ،
يَتَعَلَّمُ المَشْيَ عَلَى صَهْوَةِ الضَّوْءِ،
وَاللَّيْلُ شَيْخٌ مُتْعَبٌ،
يُخْفِي فِي جُيُوبِهِ أَسْرَارَ العَابِرِينَ،
وَيُخَبِّئُ وُجُوهَ مَنْ رَحَلُوا
فِي سَوَادٍ لَا يَنْطَفِئُ.
أَنَا بَيْنَهُمَا،
بَيْنَ لَيْلٍ يُعَاتِبُنِي،
وَفَجْرٍ يَعِدُنِي بِمِيلَادٍ جَدِيدٍ.
بَيْنَ بَرْدٍ يَعَضُّنِي،
وَحَرٍّ يَنْهَشُنِي.
بَيْنَ مَطَرٍ يَرْوِي الظَّمَأَ،
وَزَرْعٍ يَسْتَفِيقُ مِنْ رَمَادِ الأَرْضِ.
أَلُومُ اللَّيْلَ،
وَأُعَانِقُ الفَجْرَ،
وَأَكْتُبُ عَلَى جِدَارِ العُمُرِ:
«كُلُّ صَبَاحٍ يُولَدُ مِنْ رَحِمِ السَّهَرِ،
وَكُلُّ فَجْرٍ يَنْهَضُ مِنْ صَرْخَةِ أُمٍّ
أَيْقَظَهَا المَطَرُ.
كُلُّ فَجْرٍ يُولَدُ مِنْ جُرْحِ اللَّيْلِ، وَكُلُّ مَوْسِمٍ يَكْتَمِلُ بِصِرَاعِ الفُصُولِ.
اللَّيْلُ يُورِثُنِي العِتَابَ، وَالفَجْرُ يُورِثُنِي المِيلَادَ.
مَا بَيْنَ البَرْدِ وَالحَرِّ يَسْقِي المَطَرُ ذَاكِرَةَ العُمُرِ.
كُلُّ صَبَاحٍ صَرْخَةٌ، وَكُلُّ لَيْلٍ وَصِيَّةٌ.»
#خيرالله_قاسم_المالكي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟