أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - مذكرات من زمن الحلم















المزيد.....

مذكرات من زمن الحلم


خيرالله قاسم المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 8430 - 2025 / 8 / 10 - 09:52
المحور: الادب والفن
    


**سرداب الأوجاع وعزف الناي**

**العنوان:**
**"أوراق السرداب المنسي: مذكرات الجسد والوطن الشفيف"**

في الطَّابَقِ السُّفْلِيِّ مِنْ سَرْدَابٍ مُنْعَزِلٍ، تَحْتَ بَيْتٍ مَهْجُورٍ، وَضَعَ **ابو احمد** أَسْرَارَهُ.
ظَنَّهَا مَكَانًا " آمِنًا — بَعِيدًا عَنِ العُيُونِ، كَمَا ظَنَّ نَفْسَهُ خَادِعًا لِلصُّوَرِ الَّتِي رَسَمَهَا لِذَاتِهِ.

لَكِنَّ **الصُّدْفَةَ** — تِلْكَ الْخَائِنَةُ الْعَمْيَاءُ — قَادَتْ إِلَى صَفْحَاتِ الْوَرَقِ الطَّرِيِّ الْأَسْمَرِ، حَيْثُ انْكَسَرَتْ أَقْنِعَةُ الْوُجُودِ.
لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سِرٌّ، لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ أَسْرَارٌ... فَقَدْ صَارَ كُلُّ شَيْءٍ **مَكْتُوبًا بِحِبْرِ الْجُرْحِ**.

**"حِينَ يُبَاحُ الْجَسَدُ، أُنْشِدُ قَصِيدَتِي"** — هَكَذَا كَتَبَ.
فَالجَسَدُ لَهُ لُغَةٌ أَصَمُّ مِنَ الصَّمْتِ، وَأَبْلَغُ مِنَ الْهَتافِ.

- **أَيُّهُمْ أَشْجَنُ: صَوْتِي أَمْ عَزْفُ النَّايِ؟**
- **أَنَا وَرَجُلٌ عُذْرِيٌّ** — كَأَنَّمَا الْبِكْرِيَّةُ وَالْخِزْيُ وَمِثْلُهُمَا الْوَحْدَةُ.
- **هَتافَاتِي صُرَاخُ الْمَغْدُورِينَ** — فَكُلُّنَا مَغْدُورٌ بِوَطَنٍ لَا يَرْحَمُ.

جَسَدُهُ لَيْسَ إِلَّا **جَنَائِزَ تُرَافِقُ الْمَوْتَى** — أَحْيَاءٌ يَمْشُونَ عَلَى أَرْضٍ مِنْ ذَاكِرَةٍ مَقْبُورَةٍ.
وَالْمَذْكُورَاتُ لَيْسَتْ سِوَى **سِلْسِلَةٍ لَا نِهَايَةَ لَهَا** — تَسْتَلُّ مِنَ الْحَيَاةِ: وُجُودَ الْمَاضِي، وَرُؤْيَةَ الْحَاضِرِ، وَمَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ.

فِي هَذِهِ الْأَوْرَاقِ، **تَشُمُّ رَائِحَةَ وَطَنٍ مَذْبُوحٍ** — وَطَنٍ يَنْزِفُ بِصَمْتٍ، وَيَحْكِي بِغَيْرِ لُغَةٍ.

في الطابق السابع تحت الأرض،
حيثُ يُولَدُ العفنُ كائناتٍ هُلاميّةً تَحكِي بِألسنةٍ مِنْ وَرَقٍ،
وُجِدَتْ مُذَكَّراتُهُ.

لَمْ يَكُنْ سردابًا، بَلْ **مَشيمةً سوداءَ** تَلِدُ أَسرارَهُ كَأجنّةٍ مَشوّهةٍ.
الصُّدفةُ — يا لهُ مِنْ كذّابٍ! — قادَتْهُم إِلى صَفحاتِهِ المُبلّلةِ بِماءِ السَّرَيرِ وَدَمِ الحِبرِ.

كَتَبَ:
*"حينَ يَتَحَوَّلُ الجَسَدُ إِلى مَذبحَةٍ، أكتُبُ قَصيدتي بِالسِّكّينِ."*

- **أيُّنا أكثرُ مَوتًا: صوتي أم صَوتُ النايِ؟**
(النّايُ هنا يُشبِهُ عَظمًا رَخوًا يَنزفُ نَغمًا).
- **أنا وَرَجُلٌ عُذريٌّ** — كِلتانا نَحملُ أَسمالَ بَكَارتنا كَشَهاداتِ وَفاةٍ.
- **هتافاتي صَراخُ مَوتى يَبحثونَ عَن أفواهٍ في قَيعانِ الأنهارِ.**

جَسَدُهُ لَيسَ سِوى:
- **مَقبرةٍ مُتنقّلةٍ** تَحملُ أَسماءَ الضحايا كَأسنانٍ مَكسورةٍ.
- **سِجلٍّ مُلوّثٍ** بِبَصماتِ القَتلةِ وَدُموعِ الأمّهاتِ.

والمُذكّراتُ؟
مَشاهدُ مِنْ فيلمٍ صامتٍ:
- **وطنٌ يُشبهُ خنزيرًا مَذبوحًا** عَلَى مائِدةِ الغُرباءِ.
- **ورقُ السجائرِ** يَتحوّلُ إِلى شَهاداتِ وِلادةٍ بلا أَسماء.

في الزاويةِ الأخيرةِ مِنَ السردابِ:
- **فأرٌ أعمى** يقرأُ المُذكّراتِ بِلَسانٍ مِنْ نارٍ.
- **مرآةٌ** تَعكسُ وَجهَ الكاتبِ كَبقعةِ حبرٍ تَذوبُ في المَاءِ.

وَعَلى الصفحةِ الأخيرةِ، كُتِبَ بِخَطٍّ مُرتَعِشٍ:
*"أَيُّها المَوتُ، لَستُ جاهزًا بَعدُ..
فَالجُثثُ تَحتاجُ إِلى وَقتٍ كَثيرٍ لِتَتعفّن."*

(في زاوية السرداب، حيث يتكثف الظلّ كقطعة قماش مبلولة، يجلس الكاتب أمام مرآة مُثلّمة)

**الشبح الأول (صوتٌ يشبه خرير الماء):**
"أتعرفني؟ أنا الطفل الذي كنته...
الذي دفنته تحت وسادتك حين صرختَ لأول مرة."

**الكاتب (يكتب في الهواء):**
"لا أذكر إلا رائحة الحليب الفاسد...
وورقة امتحان بيضاء ككفن."

(تظهر امرأة من دخان السجائر المتراكم، جسدها من ورق الصحف القديمة)

**الحبيبة الشبح (بصوت صحيفة ممزقة):**
"لماذا كتبتني كفصل منسي في مذكراتك؟
كنتِ بيتًا من نور... فحولتني إلى سرداب."

**الكاتب (يشعل سيجارة بشعلة وهمية):**
"كل البيوت هنا مؤقتة يا حبيبتي...
حتى تلك المبنية من أحلامنا."

(يظهر رجل بلا ملامح، يقطر من معطفه طينٌ أسود)

**الأب الشبح (بصوت مسمار يُدق في خشب):**
"أين كنتَ حين احتاجك الوطن؟"

**الكاتب (يفكّك قلمه إلى قطع):**
"كنت أمارس الجنس مع الخوف في غرفتي...
وأكتب عنك قصائد كأنك بطلاً."

(جدار السرداب يبدأ بالنزف، ثم يتشكل وجهٌ عملاق من الخرائط الممزقة)

**الوطن الشبح (بصوت انفجار بعيد):**
"لماذا جعلت مني جثة في كل كتاباتك؟"

**الكاتب (يغلق عينيه بقوة):**
"لأنك علمتني أن الموتى وحدهم
يستطيعون قراءة التاريخ دون أن يبكوا."

**"أشباح القصائد: حوارات مع الظلال الأدبية"**

(تظهر رائحة نبيذ فاسد، ثم يطفو وجهٌ ملتحٍ في بركة ماء راكد)

**أبو نؤاس (بصوت قرقعة خمر في زجاج محطم):**
"أهذا كل ما تبقى من ثورتك؟ سردابٌ ورائحة عرق؟
في زمني، كنا ندفن الخمر في بطوننا لا الحقائق في الأوراق!"

**الكاتب (يرسم دائرة بالدم على الجدار):**
"لم يعد للخمر طعمٌ يا سيدي..
حتى السُكر صار يحتاج إلى تصريح أمني."

(يهطل المطر داخل السرداب، وتظهر يد شفافة تحمل رسالة مبتلة)

**السياب (بصوت مطر يضرب صفيحًا):**
"أين جئراييل في مدينتك؟
أين طيورك التي تغني فوق الأنقاض؟"

**الكاتب (يكسر القلم ويشرب حبره):**
"طياري صارت طائرات بدون طيار..
وجئراييلنا يوزع بطاقات تموين."

(تسقط ورقة شجر جافة من السقف، تتحول إلى سيدة بملابس أربعينيات)

**نازك (بصوت ورقة تُحرق):**
"لماذا جعلت من القصيدة نعجةً تذبح على مذبح السرداب؟
أين موسيقاك؟ أين إيقاع الحياة؟"

**الكاتب (يعلق ورقة على صدره كشاهد قبر):**
"لم تعد القصيدة تحتمل الوزن يا سيدتي..
صارت كالطير، تُقتل إذا حلّقت عاليًا."



#خيرالله_قاسم_المالكي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرجوحةُ الغياب
- احاسيس مراهق
- صندوق امي السيسبي
- ارهاصات مراهقٍ ثمل
- من “سيرة حب في الأسواق”)
- **سُوقُ العَشَّارِ: مُنَاجَاةٌ فِي عَصْرِ البقاء**
- **اغتيال القمح**
- بين نُورَين
- سَرَاجُ الجَفَافِ
- هزيمةرجل نقي
- باب الشيطان المغلق
- أغاني الناي المفقود
- مدنٌ من وحي الغياب
- تراتيل الجوع
- يا وطني…
- زائرُ الفجر
- **-سَابقَتني الدار-**
- رَأَيْتُ اللَّيْلَ
- **الحوار الصامت**
- “خريطة المدينة التي ترفض أن تُرسم


المزيد.....




- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر
- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد
- روزي جدي: العربية هي الثانية في بلادنا لأننا بالهامش العربي ...
- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - مذكرات من زمن الحلم