خيرالله قاسم المالكي
الحوار المتمدن-العدد: 8425 - 2025 / 8 / 5 - 23:25
المحور:
الادب والفن
كان السوق أكبر من أن يُختصر بخريطة.
كان متاهةً بملامح الناس،
بأسمائهم التي لا تُقال،
بأقدامهم التي تحفظ الطريق دون أن تنظر.
وكان وجهها…
يُشبه كل شيءٍ لا يُشبه أحدًا.
أدخلُ سوق العشار
كمن يدخل صلاةً بلا وضوء.
أمشي بين البسطات،
والمغارات
أشتري حاجتي،
لكنها لم تكن فاكهة،
ولا قماشًا،
ولا سمكًا مشويًا على الجمر،
بل نظرة عابرة
من عينين سمرَاويْن
تختبئان خلف وشاحٍ خفيف
عند دكّان العطار.
كانت تأتي دون موعد،
وتمضي دون وداع.
كأن السوق وحده
يعرف ميقات حضورها،
ويخفيه عني عمدًا.
رأيتُها مرة
تشتري من بائع الحناء،
تضحك معه،
ثم تمضي بخفّة،
وتركتني أبحث عن أثر تلك الضحكة
بين فصوص العلك اليابس
وصيحات الباعة.اصحاب البسطات المتناثرة.
امر على صاحبي الباءع مستلزمات المكياج
منذ تلك اللحظة،
أصبحتُ أزور السوق كل يوم
كأنه مقامٌ مقدّس.
أمرّ على كل العتبات،
أصافح العجائز في الأزقة،المنزوية والقيصريات
أشمّ الخبز الساخن كمن يبحث عن ذاكرة طازجة،
أسأل الصاغة عن خواتم لم أشتَرِها،
وأسأل البزازين عن أقمشةٍ لن ألبسها،
لكنني كنت أبحث عنها… فقط عنها.
في سوقٍ يُباع فيه كل شيء،
كانت هي الشيء الوحيد الذي لا يُشترى
#خيرالله_قاسم_المالكي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟