أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - “خريطة المدينة التي ترفض أن تُرسم














المزيد.....

“خريطة المدينة التي ترفض أن تُرسم


خيرالله قاسم المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 15:45
المحور: الادب والفن
    


في زقاقٍ بعيد، حيث لا يجرؤ متسوّلٌ ولا بائعُ خردةٍ على الاقتراب، هناك حيث تنتهي المدينة إلى أرضٍ قاحلة، ينبعث من العتمة رائحةُ شؤمٍ لا تخطئها أنوف الحذرين.
نساءٌ يرقصنَ كالغجريات، في لهفةٍ مستباحة، تحت أنظار السكارى والمهووسين. عيونهم متعلقة بأوهامٍ يرسمها السراب. خيامٌ رثة، يلتف حولها طلابُ لذّةٍ عابرة، متطفّلون على الألم، عابرون في عالمٍ لا يعترف بالشفقة.

هناك، في ذلك الزقاق المظلم، لا قطرة ماءٍ تروي ظمأَ التائه، ولا دليلَ يهدي الضائع في متاهات الأزقة الخانقة.
في قبوٍ منسيٍّ تحت تلّةٍ مهجورة، حيث تنتهي الطرقُ إلى صحراء لا حياة فيها، يظن الضالّ أنها ملاذه حين يضيق به الكون.

“لا بدّ أن هذه الخيام للغجريات”، هكذا يُحدّث نفسه.
“أولئك النسوة اللواتي يُداوين السكارى بالكي أحيانًا، وبالحجامة غالبًا.
لكنّهن لسنَ مجرد حجّامات، بل مشعوذاتٌ متخفّيات بشالاتٍ غجرية.
يمطرن الأجساد بقيء الأفاعي، ويلطّخنها بلعاب العقارب.
صنفٌ آخر من السحرة، لا يشبهن قارئات الفنجان في أسواق المدينة،
أولئك اللائي يخدعن العُبّاد والضالين بكلماتٍ من غيبٍ لا وجود له.”

في أطراف المدينة المنسيّة، حيث تختنق الأزقة بالظلام،
تلعب الحجّاماتُ بالرذيلة، وتسكبنَ سمومهنَّ على طرق العابرين،
فيما تتسلل قارئات الفنجان كظلالٍ خبيثة، تُغذّي أوهامَ الباحثين عن شهوةٍ لا تُروى.

سار بين الأزقّة الميتة، يتتبع إشاراتٍ غامضة خطّها في دفتره،
رسومٌ باهتة لأبوابٍ وشبابيك مهجورة.
كان يضع علاماته السوداء على الجدران المغلقة، لعلها تدلّه حين يضيع.
لكن الأبواب تكاثرت، وكأنها تُعانده، وتأخر كثيرًا.

وحين حلّ المساء فجأة، عاد أدراجه.
لكن المدينة انقلبت.
الأبواب التي كانت موصدة أصبحت مشرعة،
والشوارع تعجّ بالباعة المتجولين.
علاماته السوداء التي حسبها دليلًا صامتًا،
أيقظت شيئًا ما،
فتحت الأبواب، وأضاءت النوافذ…
وتاه هو في الزحام،
يبحث عن بداية، ولا يجد نهاية.

حين أدركه التعب، نام حيث وقف.

استيقظ أمام بابٍ موحش.
انفتح من تلقاء نفسه.
دخل، فوجد نفسه في فناءٍ مهجور.
وهناك، رأى إشاراته السوداء ترقص على الجدران…
رقصةَ موت، كأنها استحضرت أشباحًا لا تُرى.

“من هؤلاء؟” سألها،
بينما عيون الغرباء تلتصق بثوبها الشفّاف القاني.

“لا أعرفهم”، أجابت.
“كنت واقفة خلف الباب، أنشّف دمعي بمنديلي الأبيض… كنتُ أنتظرك.”

أخذ المنديل من يدها، وقال بهدوء:
“حسنًا… سأمسح هذه العيون بدمعك.”



#خيرالله_قاسم_المالكي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدن الظلال
- الاشتياق المر
- تَحْتَ نَارِ الرِّمَادِ
- شبح الليمون
- **أَنَا السَّجِينُ البِكْرُ**
- ذات مساء
- خريفٌ بلا أوراق
- ضياع في طريق معبد
- يا صيحة اجدادي … أيُّ دعاء تنتظرون؟
- مخاض
- قناديلها مرايا
- أذكريني – إلى فيروز
- مرسى في الخليج
- فِردَوسُ المُدُنِ الشَّقِيَّةِ
- النحل …الورد
- قَدَر
- كتابات بالماء الحر
- وصية اخيرة
- رجل في غاية الحنين
- أناشيد


المزيد.....




- السطوة الناعمة لهوليود.. كيف غيّرت أميركا شكل السينما العالم ...
- محللون إسرائيليون: نخسر معركة الرواية في كارثة الجوع بغزة
- -أشبه بأفلام التجسس-.. كيف وصلت طائرات بوينغ إلى إيران رغم ا ...
- صدر حديثا : صور من ذاكرة قروية للأديب والباحث مسعود غنايم
- -كل ما نريده هو السلام-.. مجتمع مسالم وسط صراع أمهرة في إثيو ...
- -ميغان 2- دمية القرن الجديد التي أعادت تعريف رعب الدمى في ال ...
- هل يحب أولادك أفلام الرعب؟ أعمال مخيفة مناسبة للأطفال
- -وحشتوني يا أهل الأردن-.. أحلام تشوق جمهورها لحفلها في مهرجا ...
- مايا ويند: هكذا تتواطأ الجامعات الإسرائيلية مع نظام الفصل ال ...
- منع فرقة -كنيكاب- الأيرلندية من المشاركة في مهرجان -سيجيت-.. ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - “خريطة المدينة التي ترفض أن تُرسم