أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - زائرُ الفجر














المزيد.....

زائرُ الفجر


خيرالله قاسم المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 8417 - 2025 / 7 / 28 - 19:10
المحور: الادب والفن
    


العناوين كثيرة…
كالمُدن، كالأسماء، كالحكايات التي لا تنتهي.
ولأني مُطارَد، تنكّرتُ باسمٍ جديد،
في مدينةٍ لا تحملني،
مدينة ساحلية،
يعمل أهلها صيادين وبحّارة،
يغفون على صوت الموج، ويستيقظون على صرخة شباكهم.

قلتُ في نفسي:
“سأتدبّر أمري،
أعمل معهم، أتماهى في تفاصيلهم،
فاسمي الذي اخترتُه مألوف لديهم،
من تلك الأسماء المتداولة،
يمرّ دون أن يثير شكًّا.”

لكن… من يعرفني؟
من يُدقّق في هُندامي،
وفي زيّي الغريب عن زيّهم؟
أنا رجل لا يُشبه الصيّادين،
مهنة الصيد لا تسكن يدي.
هي ليست لي.

أنا أستاذ جامعي.
شاسعٌ هو الفرق
بين من يُلقي الشِباك في عُمق البحر،
ومن يُلقي المعرفة في عُمق العقول.
الأسماك لا تتشابه،
كما لا تتشابه المهن،
ولا تتشابه المدن،
ولا الأسماء وإن تشابهت.

أنا أنتمي لمدينةٍ أخرى،
بعنوانٍ غائب،
لا يوجد على خارطة هذه المدينة الساحلية،
أحمل اسمًا غريبًا في لسانهم،
وملامح لا تُشبههم،
وماضٍ لا يمتّ بصِلة إلى أمواجهم.

ربما يتساءل أحدهم:
“لماذا هذا التغيير؟
لماذا التخلّي عن الاسم، والمهنة، والعنوان؟
لماذا تعيش في غير مدينتك؟”

فأقول:
لأن الحياة أحيانًا لا تُطاق باسمها الحقيقي،
لأن الأشجار لا تُزهر في غير تربتها،
لكن الإنسان…
قد يُزهر في منفى،
وقد ينجو بثمرةٍ غريبةٍ في أرضٍ غريبة.

تغيير الاسم، وتبديل المدينة، والتخلي عن المهنة،
لا يعني الموت.
بل هو البقاء،
في زمنٍ يعجُّ بالخطيئة،
وبموتٍ مقنّع،
لا مبرر له إلا النجاة.

أردتُ لزمني أن يتغيّر،
كما تغيّرت أسمائي ومهنتي.
أردتُ أن أكون بحّارًا،
لا أستاذًا.
في زمنٍ فيه الصيد يُشبع جوع الأستاذ،
من يد الصياد.
في مدينةٍ بعيدةٍ عن الثرثرة،
في جوف البحر،
وفي أحضان الموج،
بعيدًا عن زائر الليل.

ذلك الزائر الذي لا ينتهي…
ولا يطرق الباب،
ويأتي دومًا بصحبة خفر السواحل،
يشبه الريبة، يشبه الخوف، يشبه الحقيقة عندما تتنكّر.

البياض هو هُويتي.
هو ميزتي حين أكتب،
بقلمي الرمادي،
فوق ورقٍ أبيض.

البياض…
قماط أمي الأول،
مهدها، قلب أبي،
وسادتي في الوحشة،
كفني في النهاية.

جئتُ إلى الحياة عاريًا،
بصرختي الأولى،
وسأغادرها بصمت الكفن الأبيض.

أنا لا أبكي، لا أضحك، لا أصرخ.
سمتي… لوني الأبيض.
من يسأل عني؟
هذا أنا…
بردائي، بقميصي،
بكفني المطرّز بالأمل الأبيض



#خيرالله_قاسم_المالكي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- **-سَابقَتني الدار-**
- رَأَيْتُ اللَّيْلَ
- **الحوار الصامت**
- “خريطة المدينة التي ترفض أن تُرسم
- مدن الظلال
- الاشتياق المر
- تَحْتَ نَارِ الرِّمَادِ
- شبح الليمون
- **أَنَا السَّجِينُ البِكْرُ**
- ذات مساء
- خريفٌ بلا أوراق
- ضياع في طريق معبد
- يا صيحة اجدادي … أيُّ دعاء تنتظرون؟
- مخاض
- قناديلها مرايا
- أذكريني – إلى فيروز
- مرسى في الخليج
- فِردَوسُ المُدُنِ الشَّقِيَّةِ
- النحل …الورد
- قَدَر


المزيد.....




- مقتل ناشط فلسطيني شارك في فيلم حائز على جائزة الأوسكار بالضف ...
- إسرائيل.. الإفراج عن مستوطن قتل فلسطينيا شارك بإنتاج فيلم فا ...
- بيان المجلس الأعلى للثورة الثقافية استجابةً للرسالة الاسترات ...
- مستوطن يقتل فلسطينيا شارك بإنتاج فيلم فائز بأوسكار
- سواد القدور الخاوية يوثق في لوحات ظلام مجاعة غزة
- هل نجح الباحثون الأردنيون في توثيق هوية القدس وحمايتها معرفي ...
- كيف أثّر فن وفكر زياد الرحباني في أجيال متعاقبة؟
- الكتابة من تحت الأنقاض.. يوسف القدرة: في الشعر لغة -فرط صوتي ...
- تشييع الفنان اللبناني زياد الرحباني... وفيروز في وداعه
- (فيديو) في وداع الرحباني.. ماجدة الرومي تبكي عند أقدام فيروز ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - زائرُ الفجر