خيرالله قاسم المالكي
الحوار المتمدن-العدد: 8419 - 2025 / 7 / 30 - 20:46
المحور:
الادب والفن
تراتيل الجوع.
هَبَّ الغريبُ كخَطوَةٍ بين اليقظة والحُلُم،
يَحملُ في يدهِ اليسرى مِفتاحاً من ضوءٍ أسوَد،
وفي اليُمنى قِطعةً من سَحابةٍ مَنسيّة.
قالَ بصوتٍ يَذوبُ كالمَطرِ في تُرابٍ لا يَعرفُ الشُّرب:
"أنا ابنُ الماءِ الذي نَسِيَ طريقَهُ إلى البَحر".
سألناه: أيْنَ مَوطِنُكَ أيُّها المُختَلِسُ نَدى الأجفان؟
أجابَ بنظرةٍ تَنسجُ خريطةً من ظِلال:
"مَوطِني بَينَ حَرفِ (الماءِ) في الكِتاب،
وبَينَ (الميم) الأولى في اسمِ أمّي.
لكنّ السّواتلَ غيَّرت مَسارَ اللُّغة،
فصِرتُ كلمةً تائهةً في معجمِ الرّيح".
عندَ الفجرِ، رفعَ المِفتاحَ نحوَ الغيماتِ العَصيّة،
فانشَقَّتْ كَأَنها صَحائفُ مَنسوخةٌ من الذّاكرة.
لكنّ المَطرَ لم يَنزِل،
بل نزلَتْ أوراقٌ صَفراءُ كُتِبَ عليها:
"هذا ما تَبقّى مِن دُعاءِ اليَعازِرَة".
في اليومِ السّابع، صارَ الغريبُ شَجرةَ سَدرٍ بلا ظِل،
يُخرجُ من جَذعِهِ يَداً تَمسحُ دَمعَ السّماء.
ونَحنُ - يا سادتي - صِرنا كُتُباً مبلولةً على رَصيف،
كُلّما جَفَّتْ صَفحةٌ، عادَ الغيمُ يَكتُبُنا مِن جَديد.
قبلَ الرحيل، ألقى بِالمِفتاحِ في بِئرِ (لَنْ)،
فصارَتِ الأرضُ تَئِنُّ أنينَ مَاءٍ يَبحثُ عن إناء.
والآنَ حِينما تَسمعونَ صَوتَ الرّعدِ،
اعلَموا أنّه صَوتُ المِفتاحِ يَسقُطُ في عَينِ الغَريب،
الذي ما زالَ يُحاولُ فَتحَ سَماءٍ لا تُقيمُ وزناً
لِأقفالِ العابِدينَ ولا دُموعِ المُستَجيرين.
#خيرالله_قاسم_المالكي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟