أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - أرجوحةُ الغياب














المزيد.....

أرجوحةُ الغياب


خيرالله قاسم المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 8429 - 2025 / 8 / 9 - 18:07
المحور: الادب والفن
    


أرجوحةُ الغياب

توكلتُ على ظمئي
وبنيتُ أرجوحةً من وهم
في بيتٍ سقفه السراب
جدرانه نَفَسُ العابرين،
وظلالُ مَن عبروا دون أن يلوّحوا لي.

ناداني الغيابُ بصوتٍ يعرفني،
جاء من يدلّني إليك —
أنكَ في بيتٍ بعيد،
في آخر الاحتمال،
وراء خرائط الأمل الممزّقة.

فعدْ…
فالظمأ يشكو الغياب
كما تشكو الأرض عطشها للغيم،
كما يشكو الحرف صمته في حضرة المعنى.

قبلتُ الغيابَ بين عينيك،
ومضيتُ إلى حيثُ أنا:
كائنٌ من رملٍ وماء
يسكن السراب كأنه الوطن،
ويحمله كأنه الجرح.

وفي الأرجوحةِ التي نسجتها من ظنوني،
تأرجحَ قلبي
بين سؤالٍ لا يُجاب،
وبين انتظارٍ يمدّ الليلَ من خاصرته
حتى الفجر الأخير.

توكلتُ على ظمئي،
كمن يشرب من وهمٍ صافٍ،
وبنيتُ أرجوحةً
من خيوط الضوء المكسور
في بيتٍ يسكنه السراب
كما يسكن الطير قفص الحلم.

تسلّقتُ الحنين كسلّمٍ من دخان،
وطرقتُ أبواباً لا تُفتح
إلا لمَن فقدوا الطريق.

جاء من يدلّني على نداك،
قال:
“هو هناك… في بيتٍ بعيد،
بياضه مشقوق،
ونوافذه تجهش كل فجر.”

فعد…
الظمأ يشكو الغيابَ كما يشكو العاشقُ وجه الحبيب في المرآة،
الظمأ يذبل،
والأرض تنكمش في كفي كقلبٍ حائر.

قبلتُ الغيابَ بين جفنيك
كما يُقبّل الغيمُ جبينَ الجبل،
ثم مضيتُ
إلى حيث لا أحد يسكنني
إلا أنا، وظلّك،
وهمسةُ السراب.

البيتُ خاوٍ إلّا من خطواتي،
الهواء معلّقٌ كأنفاسِ راحلٍ
نسي أن يموت.

وفي الأرجوحة التي نُسجَت من شوقٍ وندم،
تأرجح قلبي
بين رمادِ الوقت
وشجرةٍ تنبت على هاوية.

أنا هنا،
أعدّ صمتك
كما تُعدّ الكاهنةُ أيام الخسوف.
أنا هنا،
أعلّق روحي
على مسمارٍ في جدار الوهم
وأنتظر…

وفجأةً—
أدركتُ أن الأرجوحةَ لم تكن هناك،
وأن البيتَ كان وهمًا مُصمتًا،
وأن الذي دلّني إليك
كان أنا
حين كنتُ أضلُّ نفسي كل مساء.

السراب انقلب مرآة،
وفيها رأيتني
أنتظرني
على بابٍ لا يُفضي إلى شيء.

حينها سقطت الأرجوحةُ
دون أن أرتطم بالأرض،
لأن الأرض نفسها اختفت.

وامتلأ الفراغُ بصوتٍ
يهمس:
“أنتَ لم تكن العطش…
أنت كنتَ السراب.”

سقطتُ —
لكن لم يكن سقوطًا،
بل عروجٌ إلى داخلي.
لم أرتطم،
بل ذبتُ،
وتحوّلتُ إلى نقطةٍ
في قلب الذِكر.

سمعتُ صوتًا لا يُسمَع،
يخرج لا من فم،
بل من هواءٍ يُصلّي:

“يا من ظمأتَ لما لا يُروى،
كنتَ الماءَ ولم تعلم.
سعيتَ نحو بيتٍ بعيد،
وهو في صدركَ قائم.”

رأيتني،
في هيئةٍ لم أكن أعرفها:
عينٌ من نور،
وقلبٌ يدورُ ككوكب،
وظلٌ لا يتبع شيئًا
لأن لا شيء يسبقه.

وفي السماء —
رأيتُ السرابَ يعودُ إلى أصله،
يصير اسماً من أسماء الله،
ومضيتُ إليه…
لا بخطى، بل بنيّة.

واستيقظتُ من الغياب،
لا لأراك،
بل لأفنى فيك



#خيرالله_قاسم_المالكي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احاسيس مراهق
- صندوق امي السيسبي
- ارهاصات مراهقٍ ثمل
- من “سيرة حب في الأسواق”)
- **سُوقُ العَشَّارِ: مُنَاجَاةٌ فِي عَصْرِ البقاء**
- **اغتيال القمح**
- بين نُورَين
- سَرَاجُ الجَفَافِ
- هزيمةرجل نقي
- باب الشيطان المغلق
- أغاني الناي المفقود
- مدنٌ من وحي الغياب
- تراتيل الجوع
- يا وطني…
- زائرُ الفجر
- **-سَابقَتني الدار-**
- رَأَيْتُ اللَّيْلَ
- **الحوار الصامت**
- “خريطة المدينة التي ترفض أن تُرسم
- مدن الظلال


المزيد.....




- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم
- وزير الداخلية الفرنسي يقدّم شكوى ضدّ ممثل كوميدي لتشببيه الش ...
- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...
- -الممثل-.. جوائز نقابة ممثلي الشاشة SAG تُطلق اسمًا جديدًا و ...
- كيف حوّل زهران ممداني التعدد اللغوي إلى فعل سياسي فاز بنيويو ...
- تأهل 45 فيلما من 99 دولة لمهرجان فجر السينمائي الدولي


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - أرجوحةُ الغياب