أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - ارهاصات مراهقٍ ثمل














المزيد.....

ارهاصات مراهقٍ ثمل


خيرالله قاسم المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 8427 - 2025 / 8 / 7 - 10:37
المحور: الادب والفن
    


كبرتُ… أو هكذا خُيّل لي.
أحاسيسي تمددت في جسدي كضوءٍ غامضٍ يتسرّب من شقوق الجدران العتيقة.
البيت الذي يُجاور بيتنا لم يعد مجرّد بناء، بل صار نصًا خامًا يُكتَب عليّ كل مساء.
هي تسكن هناك…
لكنها بعيدةٌ، بعيدةٌ جدًا، كما لو أنها إحدى مجرّات الإدراك التي لا تقترب إلا حين أغفو بين الكلمات.

تراودني أفكارٌ شتى.
أسحبها من خزانة اللاوعي كمن يسحب أرنبًا من قبعة مسحورة،
لكنني، كل مرة، أصل إلى نتيجةٍ لا تُشبه حدسي.
أُلملم بقايا أوراقي المبعثرة – خُطّت بخط مستقيم لكن قلبها مائل –
أوراقٌ كتبتُ فيها أمانيَ خرساء،
كأنني أستعير من المستقبل مرآةً لأطل بها على انكساراتي.

حين أكون وحدي،
تغزوني رؤى لا تُرى،
أجمّعها في رزمةٍ من الحنين،
ثم أستلّ منها فكرةً أو شعورًا يليق بسهرٍ مبكرٍ تحت ضوءٍ مائل،
قريبٍ من كأسٍ نصف ممتلئ بلذة،
أو نومٍ مبللٍ بالحاجة إلى نسيانٍ لا يُريد أن يُنسى.

أنام في الظلام،
لا حبًا في النوم، بل لأستيقظ على طقوسي الخفية،
أمارسها كما أراني، لا كما يراني العالم.

أنا المراهق الذي سكرَ بالحُلم،
والذي كلما صحا،
اكتشف أن الحقيقة أكثر سُكرًا من الوهم.

ذات فجرٍ غامق، استيقظتُ قبل الضوء بقليل.
لم يكن في الغرفة شيء سوى صوت أنفاسي الموحلة.
حاولتُ أن أستعيد بقايا الحلم الذي كنتُ فيه،
لكنّه انسحب مثلما تنسحب قطةٌ خائفةٌ من ظلٍّ مكسور.
كانت هناك…
واقفة عند نافذتي، أو هكذا خُيّل لي.
بثوبها الرمادي، الذي يشبه الرماد،
وبعينين لا تنظران إلي، بل من خلالي.

اقتربتُ من النافذة،
أردت أن أناديها، أن أقول لها:
“انتظري، لم أنتهِ بعد من تأمّلكِ!”
لكن النافذة كانت مرآة.
وما رأيته فيها لم يكن وجهي.
كان مراهقًا آخر،
أصغر مني،
أكثر تعبًا،
بلا عينين،
يحمل ورقةً مبلّلة وكتابًا مفتوحًا على صفحة بيضاء.

منذ تلك اللحظة بدأت الأشياء تتغير.
البيت صار يتنفس،
الجدران صارت تهمس لي عند المساء،
والظل الذي يرافقني منذ الطفولة لم يعد صامتًا.

خرجتُ إلى الشارع.
المدينة كانت فارغة، كأن الجميع قد غادروا دون أن يُخبروني.
لكن بيتها كان هناك، حيًّا.
الباب مفتوح، والنوافذ تُضيء وتُطفئ كجفنٍ يُغمض عينه في منام متقطع.
دخلت…
ولم يكن في الداخل شيء.
فقط، مرآة كبيرة تقف في منتصف الغرفة،
ومن خلفها…
جاء صوتها:
– “أنت تأخّرت.”

قلت:
– “أنا لم آتِ بعد. هذا ظلي فقط.”
فقالت:
– “إذن دع ظلك يجلس هنا، وتعال أنت لاحقًا.”

وفي تلك اللحظة أدركت…
أنني لست سوى صفحةٍ من كتابها،
وأن أحاسيسي المبعثرة ليست لي،
بل خُطّت بقلمها في زمنٍ لا أعرفه



#خيرالله_قاسم_المالكي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من “سيرة حب في الأسواق”)
- **سُوقُ العَشَّارِ: مُنَاجَاةٌ فِي عَصْرِ البقاء**
- **اغتيال القمح**
- بين نُورَين
- سَرَاجُ الجَفَافِ
- هزيمةرجل نقي
- باب الشيطان المغلق
- أغاني الناي المفقود
- مدنٌ من وحي الغياب
- تراتيل الجوع
- يا وطني…
- زائرُ الفجر
- **-سَابقَتني الدار-**
- رَأَيْتُ اللَّيْلَ
- **الحوار الصامت**
- “خريطة المدينة التي ترفض أن تُرسم
- مدن الظلال
- الاشتياق المر
- تَحْتَ نَارِ الرِّمَادِ
- شبح الليمون


المزيد.....




- الشعر المنثور... إسفينٌ في جسد الشعر!
- كيف تحولت أفلام الرعب الأميركية من صرخات مفزعة إلى نقد اجتما ...
- -عزنا بطبعنا-.. أغانٍ جديدة وحفلات بمناسبة اليوم الوطني السع ...
- قاموس للصم.. مبادرة قطرية لشرح العبادات والمعاملات بلغة الإش ...
- من ساند كريك إلى غزة.. أميركا وثقافة الإبادة الجماعية
- برنامج الكوميدي جيمي كيميل يعود للبث من جديد بعد أيام من الإ ...
- هل تكون -الثامنة ثابتة-؟ فيلم -معركة تلو الأخرى- أحدث رهانات ...
- موسكو تحتفي بالملابس المحتشمة القادمة من الشرق الأوسط
- صدور المجموعة الشعرية الجديدة -ساعي بريد اللهفة- للشاعر نمر ...
- الإيفوارية تانيلا بوني تفوز بجائزة -تشيكايا أوتامسي- للشعر ا ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله قاسم المالكي - ارهاصات مراهقٍ ثمل