ليث الجادر
الحوار المتمدن-العدد: 8454 - 2025 / 9 / 3 - 12:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خلال هذا الشهر، شهدت تركيا تسارعًا غير مسبوق في الإعلان عن تطوير وإنتاج أسلحة وطائرات متقدمة، وهو ما لم يكن متاحًا إعلاميًا بهذا الشكل من قبل. ما يميز هذا التحرك ليس الإنجازات التقنية بحد ذاتها، بل السياق الاستراتيجي الذي يجمعها ويحوّلها إلى أداة تموضع إقليمي.
أولًا، الاستثمارات الضخمة في قواعد تكنولوجية مثل مشروع “أوغولبي” تعكس رغبة تركيا في تعزيز استقلاليتها الصناعية العسكرية، بحيث تصبح قاعدة إنتاج محلية قادرة على دعم برامج الأسلحة والأنظمة الدفاعية بعيدًا عن الاعتماد على الخارج.
ثانيًا، تطوير الطائرات الشبحية “قزل إلما” والمقاتلة “كاآن” من الجيل الخامس، إضافة إلى أنظمة الدفاع الجوي الذكية “غورز”، يظهر الطموح التركي في تحقيق تفوق نوعي في القدرات الجوية والدفاعية، وهو عامل أساسي في تعزيز نفوذها العسكري الإقليمي وقدرتها على التدخل المباشر أو الضغط الاستراتيجي في النزاعات حول سوريا، العراق، وشرق المتوسط.
ثالثًا، الشراكات الدولية، مثل التعاون مع مصر لإنتاج الطائرات المسيرة “تورخا” محليًا، توضح أن تركيا تسعى لبناء شبكات تحالف صناعية–عسكرية توسع من تأثيرها الإقليمي وتوازن النفوذ الإقليمي والدولي في المنطقة، خاصة أمام منافسين مثل السعودية والإمارات وفرنسا.
رابعًا، الحملة الإعلامية المكثفة والمتزامنة في وسائل الإعلام المحلية والدولية، إضافة إلى عرض الإنجازات في معرض آيدف 2025، تشير إلى أن هذه الإنجازات ليست مجرد إنجازات تقنية، بل جزء من خطاب قوة استراتيجي. الإعلان عن الطائرات الشبحية، الصواريخ الباليستية، والأنظمة الدفاعية يخلق واقعًا رمزيًا يُظهر تركيا كلاعب مستقل وقادر على صياغة قواعد الاشتباك وفق مصالحه.
باختصار، ما نراه ليس مجرد تطوير صناعي، بل محاولة شاملة لإعادة تموضع تركيا في الشرق الأوسط: قوة عسكرية متقدمة، فاعل سياسي مستقل، وشريك صناعي–استراتيجي يمكنه التأثير في موازين القوى الإقليمية. كل هذه النشاطات، عند جمعها، تشكل استراتيجية مدروسة لإظهار النفوذ، وحماية المصالح، وإعادة تعريف دور تركيا كلاعب رئيسي في المنطقة.
#ليث_الجادر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟