أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - التحول الأنتي-إمبريالي في الدولة الريعية














المزيد.....

التحول الأنتي-إمبريالي في الدولة الريعية


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8437 - 2025 / 8 / 17 - 14:10
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


ليست الدولة الريعية محكومة دوماً بالتبعية؛ ففي ظروف موضوعية معينة متصلة بالتوازنات الدولية يمكن أن تتحول إلى قوة مناهضة للإمبريالية. التنافسات بين القوى العظمى تفتح مجالاً للمناورة، كما أن الريع نفسه يمكن أن يكون أداة لتمويل مشاريع استقلالية.

العراق (عهد البعث): لجأ إلى تأميم النفط (1972) واستخدم الريع لبناء قاعدة صناعية وعسكرية، متحدياً الهيمنة الإمبريالية. غير أن التبعية لبنية السوق العالمي والحروب اللاحقة حدّت من استقلاله.

فنزويلا (عهد تشافيز/مادورو): سخرت ريع النفط لمواجهة النفوذ الأمريكي وتمويل مشاريع اجتماعية واسعة. لكن انهيار أسعار النفط والعقوبات كشفت هشاشة هذا المسار.
إلا أن هذا التحول يظل نسبياً ومحدوداً، إذ أن الاقتصاد الريعي يبقى مرتبطاً بالأسواق العالمية التي تحدد شروط تصريف الريع وتسعيره. كما أن الدولة الأنتي-إمبريالية الريعية قد تصبح داخلياً أكثر قمعية، بحجة مواجهة الإمبريالية، ما يفاقم التناقضات الاجتماعية. في مثل هذه الحالات:
يتضخم دور الجيش والأجهزة الأمنية بوصفها حامية للمشروع التحرري، لكنها عملياً تتحول إلى أداة لقمع المعارضة الداخلية.

تتم إعادة صياغة الشرعية السياسية لتقوم على خطاب وطني/قومي ضد الإمبريالية، ما يبرر تقييد الحريات السياسية.

تصبح المعارضة الشعبية موضع اتهام بالخيانة أو العمالة، ما يضيق هامش العمل المدني والديمقراطي.

تُعاد صياغة علاقة السلطة بالطبقات بحيث تُرفع شعارات العدالة الاجتماعية، لكن توزيع الريع يظل خاضعاً لمقتضيات السيطرة السياسية.

هكذا يتحول الوجه الأنتي-إمبريالي إلى وجه أكثر قمعية داخلياً، مبرراً بضرورات المعركة ضد الإمبريالية.

أمثلة تطبيقية

العراق: الدولة تسيطر على النفط وتعيد توزيعه برواتب ووظائف حكومية ضخمة، مع قمع أي محاولة نقابية مستقلة. المعارضة تتفتت بين الولاء الطائفي والزبائنية.

الجزائر وفنزويلا: رغم وجود بعض الطابع الوطني في توزيع الريع، إلا أن التبعية للسوق العالمي ظلت العامل الحاسم في تحديد شروط الاقتصاد والسياسة.


خاتمة نظرية

لا تنقض الدولة الريعية التعريف الماركسي للدولة، بل تكشف شكلاً مخصوصاً منه. فهي في الجوهر:

أداة قمع للطبقات الدنيا،

وضامناً سياسياً لتبعية الطبقات العليا،

ومحركاً لإعادة إنتاج ارتباط الاقتصاد المحلي بالبنية الرأسمالية العالمية.

لكن في لحظات معينة، قد تنقلب إلى قوة أنتي-إمبريالية، مستفيدة من معطيات التوازن الدولي والريع نفسه. مع ذلك، يظل هذا الاستقلال هشاً ومشروطاً ببنية الاقتصاد الريعي، ما يجعل أي مواجهة طويلة مع الإمبريالية محفوفة بالتناقضات الداخلية والخارجية على حد سواء.

وبذلك، يتحول الصراع الطبقي داخلها إلى جزء مباشر من الصراع الأممي ضد رأس المال العالمي، ويغدو أي نضال اجتماعي محلي في الدولة الريعية نضالاً يتجاوز الحدود الوطنية بالضرورة.

. أفق الخلاص في المجتمعات الريعية

قد يبدو أن جميع الخيارات الإصلاحية مسدودة: التحرر الوطني محدود وهش، الديمقراطية الليبرالية مفرغة من مضمونها، والمعارضة الإصلاحية محتواة أو مقموعة. فلا يبقى أمام الجماهير سوى خيار السلطة الاشتراكية بوصفه المنفذ الوحيد للخلاص.

هذا الخيار يواجه معضلتين واقعيتين:

1. البنية الريعية ذاتها: تحويل اقتصاد ريعي إلى إنتاجي يتطلب قطيعة جذرية مع السوق الرأسمالي العالمي.


2. التوازنات الدولية: أي مشروع اشتراكي في دولة ريعية يدخل مباشرة في مواجهة مع الإمبريالية بحكم الطبيعة الاستراتيجية للموارد.



غير أن هاتين المعضلتين تذوبان كمثل ذوبان قطعة الجليد بتنظيم الجماهير، وباستخلاص قوة الإرادة المقاومة منها. فوعي الجماهير بأن أمنها وسلامة وجودها مهددان يجعلها تدرك أن المسألة ليست وطنية ولا قومية ولا دينية، بل مسألة قيمية وجودية. إن تنظيم الجماهير وتعبئتها على هذا الأساس هو الطريق لتحويل المأزق التاريخي إلى أفق للتحرر الفعلي.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمة ألاسكا : من فراغ علني إلى صفقة كبرى
- أمميه النضال الطبقي في الاقتصاد الريعي
- أعطني شرطياً نزيهاً.. وأضمن لك حصار السلطة الفاسدة
- (المشاية) إلى كربلاء وحج سانتياغو: رحلة نحو المقدس عبر العصو ...
- الاقتصاد الرقمي: ذروة تطور الرأسمال وانكشاف عبودية القرن الح ...
- توسع ميدان الصراع الرأسمالي في عصر الاقتصاد الرقمي: من الموا ...
- -الاقتصاد الرقمي والإنتاج السلعي: إعادة تأكيد الدور المركزي ...
- الاقتصاد الرقمي كامتداد لرأس المال: نقد إسقاطات الصراع الطبق ...
- ممر زنغزور: المشهد، الأطراف، والمصالح
- اللعبه الكبرى....سيرورة العالم الدولي الجديد
- التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي : لعبة توازنات أم خرق ست ...
- التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي: لعبة توازنات أم خرق است ...
- التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي: لعبة توازنات أم خرق است ...
- سكونية الاقتصاد الريعي الخليجي وتجميد التناقضات الطبقية
- هل أفلت النظرية الثورية الماركسية في الاقتصاد الريعي
- قوة العمل بين الاقتصاد السلعي والاقتصاد الريعي: في تشوّه الد ...
- حزب الدعوة: المنظمة الغامضة
- شهقة ما قبل الوجود
- الإخوان المسلمون: استنساخ استخباراتي بريطاني للماسونية في ال ...
- الإخوان المسلمون: استنساخ استخباراتي بريطاني للماسونية في ال ...


المزيد.....




- ثالوث الهيمنة: الرأسمالية المتوحشة والأبوية والشعبوية ضدّ تح ...
- محذرًا من تكرار مآسي 7 أكتوبر..نتنياهو: التظاهرات المطالبة ب ...
- استمرار المواجهات بين المتظاهرين والشرطة في صربيا لليلة الخا ...
- تأسيس الحركة السودانية للتحرر الوطني (1946-1947)
- سوريا ـ مئات المتظاهرين في السويداء يطالبون بـ-حق تقرير المص ...
- في اليوم الرابع... صدامات جديدة بين الشرطة وآلاف المتظاهرين ...
- مروان البرغوثي مانديلا فلسطين .. تاريخ نضال الأسير القائد في ...
- احتجاجات ورفض لتقسيم أوكرانيا.. متظاهرون غاضبون من قمة ألاسك ...
- بيان صادر عن القوى والفصائل الفلسطينية من القاهرة
- القوى والفصائل الفلسطينية: الأولوية لوقف العدوان ورفع الحصار ...


المزيد.....

- مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - التحول الأنتي-إمبريالي في الدولة الريعية