أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - قوة العمل بين الاقتصاد السلعي والاقتصاد الريعي: في تشوّه الدور وتحوّل الوظيفة














المزيد.....

قوة العمل بين الاقتصاد السلعي والاقتصاد الريعي: في تشوّه الدور وتحوّل الوظيفة


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8425 - 2025 / 8 / 5 - 12:22
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يُعدّ مفهوم قوة العمل أحد المفاتيح المركزية لفهم بنية الاقتصاد الرأسمالي عند ماركس، ويقصد به تلك القدرة الكامنة في الإنسان على أداء العمل، أي مجمل الطاقات الذهنية والجسدية التي يمكن تسخيرها لإنتاج السلع أو تقديم الخدمات. هذه القدرة، بوصفها سلعة يملكها العامل ويضطر إلى بيعها، تختلف جوهريًا عن العمل نفسه، الذي هو الفعل الفعلي المبذول ضمن زمن إنتاجي محدد.

في النظام الرأسمالي، حيث لا يملك العامل وسائل الإنتاج، يصبح مضطرًا إلى بيع قوة عمله للرأسمالي. غير أن ما يتقاضاه من أجر لا يعكس القيمة الكاملة لما ينتجه، بل جزءًا منها فقط، فيما يُراكم الجزء الفائض كـ"فائض قيمة" يُشكّل أساس الربح الرأسمالي. هنا تؤدي قوة العمل وظيفة مزدوجة: إنتاج السلع وتوليد القيمة، وبالتالي تكون في قلب حركة التراكم الرأسمالي.

لكن هذه الوظيفة الجوهرية تتشوه بشكل جذري حين ننتقل إلى الاقتصاد الريعي، كما في الحالة العراقية. ففي العراق، حيث تعتمد الدولة على الريع النفطي بدل الإنتاج السلعي، تفقد قوة العمل دورها الإنتاجي وتُختزل إلى وظيفة سياسية. فالعمالة هنا ليست مطلوبة من أجل إنتاج سلع أو تحقيق أرباح، بل من أجل إدارة الولاء. الرواتب تُصرف في كثير من الأحيان مقابل حضور شكلي أو انتماء حزبي أو طائفي، لا مقابل إنتاج فعلي.

تنتج عن هذه البنية أربع سمات رئيسية لقوة العمل العراقية:

1. قوة عمل مشوهة ريعياً: إذ لا توجد حاجة اقتصادية حقيقية لتشغيلها، بل تُموّل من الريع كتكلفة أمن اجتماعي.

2. قوة عمل مهدورة: ملايين الشباب يمتلكون طاقات وقدرات، لكنها غير مستخدمة بسبب انعدام قطاع إنتاجي حقيقي.

3. قوة عمل مستغلة بلا حماية: حيث يُدفع العامل إلى السوق غير المنظم في وظائف هامشية بلا ضمانات، وبلا تنظيم نقابي فعّال.

4. قوة عمل مُستبدلة: في مفارقة صارخة، تستورد الدولة وأرباب العمل العمالة الأجنبية الأرخص رغم وجود فائض قوة عمل محلية، ما يدل على غياب التخطيط الاقتصادي.
في النتيجة، بينما تُنتج قوة العمل في الاقتصاد السلعي فائض قيمةٍ مادي يُعاد تدويره في تراكم رأس المال، فإن قوة العمل في الاقتصاد الريعي تُوظَّف لإنتاج فائض ولاء سياسي، يُعاد تدويره في تثبيت السلطة وتوسيع شبكات النفوذ، لا في تنمية الثروة أو تحريك السوق. وبهذا تتحوّل قوة العمل من موقعها التاريخي بوصفها أداة الإنتاج والتحول، إلى موضوع للضبط والسيطرة في الاقتصاد الريعي، فاقدةً دورها التاريخي في التغيير ومخنوقةً بالزبائنية.

هذا التشوّه في وظيفة قوة العمل هو أحد أبرز العوامل التي أدت إلى تآكل شرط المعارَضة في الدولة الريعية العراقية، حيث لم تعد الطبقات الشعبية – رغم امتلاكها لقوة العمل – تمتلك وسيلة للتفاوض أو الضغط، لأن عملها لم يعد منتِجًا للقيمة، بل مجرّد أداة ضمن منظومة الولاء.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب الدعوة: المنظمة الغامضة
- شهقة ما قبل الوجود
- الإخوان المسلمون: استنساخ استخباراتي بريطاني للماسونية في ال ...
- الإخوان المسلمون: استنساخ استخباراتي بريطاني للماسونية في ال ...
- حماس: الجذر الإخواني والدعم القطري في سياق التوازن مع إسرائي ...
- الإسلام السياسي : أسلمة الرأسماليه
- في تجذير العجز: الرعايه الاجتماعية كآلية لضبط الجماهير
- جهاز استخبارات الحشد الشعبي: البنية، الصلاحيات، والعلاقة بال ...
- الوطنية كجدل يمزّق، واللادولة كفراغ مفاهيمي
- الوطنية العراقية ومأزق الكردي: ولاء يُطلب بلا شراكة
- الروح الوطنية العراقية: من رابطة سيادية إلى أداة قمع رمزي
- في تقديس الكيان الميت: تناقضات الطائفة ووهم الدولة
- مهمة الثوري العراقي المرحليه..الهدم ثم الهدم
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )..2
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..11 و 12
- من “الملحمة” إلى الجيوسياسة: الحوثيون بين الدعم الإيراني وال ...
- تصحر في العراق . أم تصحير .. ؟
- ترامب يحدث شرخا في العلاقات الاسرائيليه- الامريكيه


المزيد.....




- تجويع غزة.. حين يتساوى الميسورون والفقراء
- قانون طرد المستأجرين: لا بديل عن التنظيم الشعبي للدفاع عن ال ...
- عمال “المتحدة” يحتجون على عدم صرف رواتبهم للشهر الثاني
- “أمن الدولة” تُخلى سبيل رئيسة تحرير موقع مدى مصر
- رقابة وسيطرة ناعمة، عبر الذكاء الاصطناعي كأداة قمع سياسي متد ...
- حزب الشعب الوطني الكشميري الموحد ينتقد خطاب باكستان بشأن حزب ...
- كلمة الميدان: الحل في يد الجماهير
- افتتاحية: من أجل النهوض بالحركة النضالية الشعبية في بلادنا
- كوبنهاغن تكافئ السياح على حماية البيئة
- محمد نبيل بنعبد الله يعزي الرفيقة فريدة خنيتي عضوة اللجنة ال ...


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - قوة العمل بين الاقتصاد السلعي والاقتصاد الريعي: في تشوّه الدور وتحوّل الوظيفة