أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - تصحر في العراق . أم تصحير .. ؟














المزيد.....

تصحر في العراق . أم تصحير .. ؟


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 11:18
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يشهد العراق خلال العقدين الأخيرين موجة تصحر تُعدّ من الأسوأ في تاريخه الحديث، حيث تلتهم الرمال سنويًا آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية، وتدفع سكان الريف نحو الهجرة والنزوح. ورغم تعاقب الحكومات من نوري المالكي إلى محمد شياع السوداني، فإن ظاهرة التصحر لم تُواجَه بسياسات جذرية، بل وُوجِهت غالبًا بالتجاهل أو التبرير.

وإذا كان بالإمكان فهم بعض جوانب الفشل من خلال الأزمات الأمنية أو الاقتصادية، فإن السكوت السياسي المتواصل عن تحويل الأراضي الزراعية المستأجرة إلى أراضٍ سكنية، يجعل من هذا التصحر ظاهرة مشتبه بها سياسيًا، ويطرح سؤالًا جريئًا: هل التصحر في العراق سياسة غير معلنة ضمن نظام يستثمر في الخراب؟

أولاً: من المالكي إلى السوداني.. تكرار الخطاب، غياب الفعل

منذ عام 2006، توالت الحكومات العراقية، ورافقتها موجات خطب ووعود بمشاريع "التنمية المستدامة" و"الحزام الأخضر" و"استصلاح الأراضي". لكن الواقع ظل يزداد تدهورًا:

- حكومة المالكي (2006–2014) ركّزت على الأمن والإعمار السياسي، مع تراجع كامل للسياسات البيئية.
- العبادي وعبد المهدي أطلقا رؤى "تنموية"، لكنها لم تُترجم على الأرض.
- الكاظمي قدّم نفسه كزعيم إصلاحي، لكنه اصطدم بأزمات مركبة أخّرت أو عطّلت العمل البيئي.
- السوداني أطلق مبادرات رمزية (أسبوع التشجير، مذكرات تعاون)، لكنها بقيت إعلامية الطابع، ومعدومة الأثر الحقيقي.

النتيجة: لا حكومة قدمت خطة بيئية متكاملة، ولا تم تبني استراتيجية طويلة المدى لإنقاذ التربة والمجتمعات الزراعية.

ثانيًا: التصحر المقصود؟ حين يصبح الخراب سياسة

إذا كانت كل تلك الإخفاقات يمكن تبريرها بالعجز أو ضعف الإمكانات، فإن صمت الدولة عن تحوّل الأراضي الزراعية المستأجرة إلى أراضٍ سكنية – بشكل واسع ومنهجي – لا يمكن اعتباره عجزًا بريئًا.

هذا السكوت يُظهر وكأن التصحر:
"فقرة مدرجة وثابتة في منهج النظام الأسود" – لا خطأ إداريًا، بل بند ضمني لإعادة هيكلة الأرض والسكان والاقتصاد.

بهذا المعنى، التصحر ليس فقط غيابًا للماء والنبات، بل غيابٌ مقصودٌ للعدالة، وتفكيكٌ للبنية الإنتاجية لصالح اقتصاد العقار والريع والاحتكار.

ثالثًا: من يستفيد من التصحر؟

1. تحالف السلطة والمقاولة:
مع تعطل الزراعة، تُحوّل الأراضي تدريجيًا إلى مناطق عمرانية. يظهر المقاول المرتبط بالسلطة ليحوّل هذه الأرض من "تربة ميتة" إلى "أصل استثماري" بأقل كلفة.

2. الاستفادة من النزوح البيئي:
نزوح الفلاحين نحو أطراف المدن يُولّد سوقًا للعشوائيات، ويُغذّي اقتصاد الخدمات الطارئة (الكهرباء، المياه، الطرق)، حيث تتضخم العقود ويزدهر الفساد.

3. المضاربة العقارية المقنّعة:
تشترى الأراضي المتدهورة بثمن بخس، ثم يعاد تصنيفها، وتُباع بأسعار مضاعفة بعد تحوّلها إلى "أراضٍ استثمارية" أو مشاريع إسكان.

4. تفريغ الريف لأهداف سياسية:
الفلاحون، بحكم استقلالهم التاريخي، يشكّلون قاعدة اجتماعية غير خاضعة. النزوح القسري يجعلهم كتلة مائعة في المدن يسهل احتواؤها انتخابيًا أو تسكينها سياسيًا.

رابعًا: الخراب كاقتصاد جديد

يتحوّل التصحر من أزمة إلى فرصة لإعادة إنتاج السلطة عبر:

- تخليق نُخب اقتصادية جديدة مستفيدة من انهيار الزراعة.
- إعادة توزيع الثروة من خلال التربّح من تغيير جنس الأرض.
- قتل الإنتاج المحلي لتكريس التبعية للاستيراد الخارجي، ما يُضعف الدولة نفسها ويزيد ارتباطها بالخارج.

خاتمة: التصحر كتكتيك لا كأزمة

التصحر في العراق لم يعُد مجرد تحدٍ بيئي، بل تحوّل إلى بنية مصلحية تشكّل عمق النظام السياسي–الاقتصادي. من يخسر فيه هم الفلاحون، والتربة، والماء، والهوية الريفية. ومن يربح هم المقاولون، وأمراء الفساد، و"دولة الظل" التي تتغذى على تحويل الأرض من فضاء إنتاج إلى فضاء استهلاك.

من هنا، يصبح من المشروع أن نعيد السؤال:
هل التصحر عرض جانبي لانهيار الدولة؟ أم أنه أداة في يد سلطة حزب الدعوه



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترامب يحدث شرخا في العلاقات الاسرائيليه- الامريكيه
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..10
- الهيئه الأقتصاديه لتيار الصدر
- السويداء: حين يُستبدل -داعش- بـ-البدو-.. في لغة الإعلام وغمو ...
- لنتصدى لاستعباد العمال والعاملات الوافدين
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..8 و9
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..6و7
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزيق..4و5
- النهج الماركسي في مواجهة التجريبية الاقتصادية
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق ...3
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق...2
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..1
- نقد مقولة «لا يمكن التخلي عن اقتصاد السوق والمنافسة»..ج2
- لحظة الانهيار الغامضة: حين ألقى حزب العمال الكردستاني سلاحه
- نقد مقولة «لا يمكن التخلي عن اقتصاد السوق والمنافسة»
- اللادولة العراقية: بين الكونفدرالية المحتملة وحرب أهلية أقرب ...
- حرب البذور… سلاح دمار مؤجل في ترسانة قوى الرأسمال
- الاطار السياسي لمهام المشروع الاشتراكي
- المجمعات السكنية في عهد السوداني: رفاه للنخبة أم حل لأزمة ال ...
- الطفل الذي يسقيك تأنيبًا..البعد النفسي لاشراك الاطفال في الش ...


المزيد.....




- حول قرار ما يسمى “بالعباءة الزينبية” زياً رسمياً في بغداد، ا ...
- صفحات من التأريخ: الحزب الشيوعي العراقي ، 14 / تموز /1958 و ...
- محتجون في ميلان يطالبون بمقاطعة إسرائيل ووقف المجاعة بقطاع غ ...
- محتجون في ميلان يطالبون بمقاطعة إسرائيل ووقف المجاعة بقطاع غ ...
- الشرطة الألمانية توقف متظاهرين مؤيدين لفلسطين في برلين
- اعتقال متظاهرين مؤيدين لـ-بالستاين أكشن- في بريطانيا بعد تصن ...
- آيت بوكماز: دفاعا عن حق رئيس الجماعة المنتَخب في قيادة الاحت ...
- لماذا لا تحتج نساء الريف على قانون الأحوال الشخصية؟
- بين الحصانة والمطاردة: كيف تُشرعن السلطة الذكورية القمع وتكم ...
- م.م.ن.ص// فلسطين-غزة تحت الذبح: جريمة العصر تُواصل مسيرتها ...


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - تصحر في العراق . أم تصحير .. ؟