أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - الاطار السياسي لمهام المشروع الاشتراكي














المزيد.....

الاطار السياسي لمهام المشروع الاشتراكي


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8399 - 2025 / 7 / 10 - 00:57
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إن جزءًا جوهريًا من المشروع الاشتراكي في هذه المرحلة التاريخية هو أن يتصدى بوضوحٍ لا لبس فيه للاندفاع الأعمى والمتطرف نحو الأتمتة الإنتاجية، ذلك الاندفاع الذي تجاوز كونه مجرد خيارٍ تقني أو مرحلة من مراحل تطور أدوات الإنتاج ليغدو بمثابة حربٍ عدوانية صامتة تشنها الرأسمالية ضد الإنسان ذاته. إن الرأسمالية في سعيها المحموم لتعظيم الأرباح بأقل كلفة ممكنة، حولت الأتمتة إلى أداةٍ لنزع المعنى من العمل ولإفراغ القيمة الإنسانية من جوهرها المنتج والمبدع، فجعلت ملايين العمال والموظفين والمنتجين البسطاء فائضين عن الحاجة، وكأن الإنسان بات عالة على آلته التي صنعها بيديه. وهكذا تتجلى الأتمتة المنفلتة كجريمة مزدوجة: تجويعٌ معلنٌ لمن أُقصي من العمل، وقتلٌ مستترٌ لقيمة الوجود الإنساني الذي لم يعد له موطئ قدم في معادلة السوق. لذلك، فإن الاشتراكية معنيةٌ اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن تُقنّن الأتمتة إلى حدٍّ عادلٍ يوازن بين التطور التقني وحق القوى البشرية في أن تظل جزءًا أصيلًا من عملية الإنتاج، فلا يتحول التقدم إلى سلاحٍ يفتك بالبشر باسم التحديث والابتكار.
وبالموازاة مع ذلك، لا يمكن لأي مشروع اشتراكي يدّعي الالتصاق بالإنسانية أن يغض الطرف عن تلك النزعة الفلكية الاستكشافية التي صارت تلتهم ثرواتٍ هائلة من المال العام والطاقات العلمية، بلا أدنى اعتبار لحاجات البشر الواقعية على سطح كوكبٍ يعاني اختناقًا في كل بقعةٍ منه. إن أنسنة العلم تقتضي إعادة تعريف الأولويات: فأي معنى أن تبني القوى المتقدمة مستعمراتٍ على المريخ فيما مئات الملايين من البشر يتلوّون على عتبات الجوع، ويبيت مثلهم بلا مأوى لائق؟ إن هذه اليوتوبيا الفضائية — على الرغم من لبوسها العلمي والتقني — لا تعدو كونها يوتوبيا مبتذلة انفصلت عن جوهر الحاجة الإنسانية، وصارت تعبيرًا فجًّا عن هروب الأقلية المترفة إلى الفراغ بدل مواجهة التناقضات الصارخة التي صنعتها هي نفسها. والأسوأ أن مصادر تمويل هذه المشاريع الحالمة لا تهبط من كوكب آخر، بل تُمتَصُّ من ثروات الشعوب التي أُنهِك جسدها وعرقها ليستثمر في بناء مستعمرات خارج الأرض قبل إنقاذ الحياة على الأرض.
ومن هنا، فإن المشروع الاشتراكي الحقيقي لا يكتمل من دون موقفٍ صارم من سباقات التسلح المستمرة التي تلتهم موارد لا حصر لها من أجل إعادة إنتاج العنف والقوة والسيطرة، بدل أن تُوجَّه لتأمين الاحتياجات الأساسية للمجتمعات المفقَرة. فالسلاح لا يحمي الحياة بقدر ما يرهنها ويبتلع حقها في البقاء. ولذلك فإن كبح جماح التسلح ينبغي أن يكون مهمةً مركزيةً غير قابلة للتفاوض.
وأخيرًا، فإن الاشتراكية معنيةٌ التزامًا لا مفرّ منه بالنضال الأخضر، الذي لا ينظر إلى الأرض كخزان مواردٍ بلا حدود، بل كشرطٍ عضوي لوجودنا وكرامتنا ومعنى إنسانيتنا. إن حماية التربة والماء والهواء من التدمير والنهب ليست تفصيلًا أخلاقيًا، بل هي جوهر الدفاع عن الإنسان ذاته.
هكذا يصبح المشروع الاشتراكي — في جوهر مهماته التاريخية — مشروعًا لإعادة توجيه التقدم العلمي، وضبط التقنية بما يخدم حاجات البشر أولًا، وتقويض وهم اليوتوبيا الفضائية ما لم تتحقق المدينة الفاضلة هنا، وكبح نزعة العسكرة بوصفها امتصاصًا دائمًا للثروة العامة، وتكريسًا حقيقيًا لنضالٍ أخضر يُبقي كوكب الأرض صالحًا للحياة. إنها مهمة إعادة البشرية إلى مركز المعادلة: أن يبقى الإنسان هو السيد لا التابع، وهو الغاية لا الوسيلة، في مواجهة الرأسمالية التي لا ترى فيه أكثر من آلة يمكن استبدالها، أو حقلاً يُستنزف لتمويل رحلاتها إلى المجهول



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجمعات السكنية في عهد السوداني: رفاه للنخبة أم حل لأزمة ال ...
- الطفل الذي يسقيك تأنيبًا..البعد النفسي لاشراك الاطفال في الش ...
- عاشوراء العراقيين ...حسين يقتل حسينا
- تفاصيل الحياة اليومية في غزه..تغيب مقصود أم ماذا؟
- نقد جذري للذكاء الاصطناعي الرأسمالي وخطة عودة إلى الأرض
- حينما تفقد الملكية معناها: تفكيك النقد الميكانيكي للاشتراكية
- العداله الاجتماعيه..حتم التناقض الثنائي
- لا جدال في اشتراكية الاتحاد السوفياتي..
- في محاكاة العشرة التوراتية وطقس عاشوراء الشيعي
- مقتل الحسين والتسيس التكتيكي العباسي
- التغيير (( العراقي ))..من الافتراضي الى الممكن..ج3
- التغيير ((العراقي )).. من الأفتراضي الى الممكن ..ج2
- الانتخابات البرلمانيه ..ترتيب اوراق الخراب
- التغيير ((العراقي))..من الافتراضي الى الممكن
- حالة( اسكات النيران ) ..مهله مراجعه النظام الايراني
- الانتصار الكاذب وصناعة الوهم المدفوع
- إيران كقوة كولونيالية ناعمة: الاقتصاد المقاوم بوصفه أداة إخض ...
- حول نضج شروط الانتفاضه الشعبيه الايرانيه..
- كفة ميزان الحرب..بين الاسد الصاعد وبين الوعد الصادق 3
- رقصة على حافة الانفجار: صراع أميركا وإسرائيل في كبح إيران


المزيد.....




- الشيوعي العراقي يدعو لاعتماد 14 تموز عيداً وطنياً لتأسيس الج ...
- اشتباكات عنيفة بين جماعات من اليمين المتطرف ومهاجرين في إسبا ...
- الشيوعي العراقي: ليكن يوم 14 تموز عيدًا وطنيًا
- بن غفير: لا أريد إسقاط الحكومة من أجل اليسار
- اعتقال عشرات المتظاهرين في لندن لدعمهم حركة -فلسطين أكشن-
- تركيا وحزب العمال الكردستاني.. مرحلة جديدة محفوفة بمخاطر وتح ...
- ما وراء الخبر: ما دلالات بدء حزب العمال الكردستاني تسليم أسل ...
- الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب تدين السلوكات ...
- أمين سر اللجنة المركزية لفتح: تنظيم سلاح الفصائل الفلسطينية ...
- رقابة وسيطرة ناعمة، عبر الذكاء الاصطناعي كأداة قمع سياسي متد ...


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - الاطار السياسي لمهام المشروع الاشتراكي