أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - رقصة على حافة الانفجار: صراع أميركا وإسرائيل في كبح إيران














المزيد.....

رقصة على حافة الانفجار: صراع أميركا وإسرائيل في كبح إيران


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8384 - 2025 / 6 / 25 - 16:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مشهد بات يتكرر كطقس سياسي مألوف، تصطف التصريحات المتناقضة والتسريبات الاستخبارية والإيحاءات الإعلامية في رقصة معقدة تسبق عادة أية مفاوضات دولية حقيقية. هذا ما يحدث اليوم في ملف إيران النووي بعد الضربة الأميركية الأخيرة، التي أُريد لها أن تكون «حاسمة» لكنها انكشفت سريعاً كأداة ضمن معركة أوسع، لا تنتهي عند حدود التدمير العسكري، بل تبدأ من لحظة إعلان «الانتصار» الإعلامي.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وبأسلوبه المعتاد في المبالغة والهجوم اللفظي، صرّح بأن المنشآت النووية الإيرانية قد "دُمّرت بالكامل"، مضيفاً أن من يزعم خلاف ذلك "خائن أو أحمق". لكن هذا التصريح لم يلق دعماً حاسماً من الحليف الأقرب، إسرائيل، التي اكتفت مصادرها الرسمية بالقول إن الهجوم "ألحق خسائر جدية وأعاق تقدم إيران نحو السلاح النووي"، دون أن تؤكد على تدمير شامل.

المفارقة الحاسمة جاءت من داخل واشنطن نفسها، حيث نقلت تسريبات استخبارية أميركية من داخل البنتاغون أن الضربة لم تحقق تدميراً كاملاً، وأن المنشآت الإيرانية، رغم تأثرها، لا تزال قادرة على العودة للعمل في غضون أشهر. هذه المعلومات ليست مجرد تقدير فني، بل تعكس توجهًا سياسيًا داخل المؤسسة الأميركية يضع حدوداً لما يمكن – أو لا يمكن – تدميره عسكريًا، في مقابل ما يُراد الاحتفاظ به كورقة ضغط في المفاوضات.

من جهة إيران، جاء الرد عبر رئيس مجلس الشورى الإيراني الذي أعلن أن بلاده ستعود قريبًا إلى تشغيل برنامجها النووي "من دون رقابة دولية"، في إشارة ضمنية إلى أن طهران لا تزال تملك الأدوات والعزم لتجاوز آثار الضربة، إن لم يكن تقويضها كليًا، ما يعزز فرضية أن ما تم استهدافه لم يكن جوهريًا أو كان محسوبًا بدقة.

لكن هل يُعقل من الناحية الفنية أن لا تؤدي قنابل خارقة للتحصينات وصواريخ ذكية أطلقتها أميركا إلى تدمير فعلي وكامل للمنشآت النووية الإيرانية؟
نعم، يُعقل تمامًا.
فمنشآت مثل فوردو ونطنز مبنية تحت الأرض، وتحديدًا تحت جبال وصخور بعمق يتجاوز 80 مترًا، ما يجعلها محمية ضد معظم أنواع القصف التقليدي. كما أن إيران لجأت منذ سنوات إلى استراتيجية التشتيت والتكرار Redundancy، بحيث تم توزيع المعدات الحساسة على أكثر من منشأة، بعضها لا يظهر في صور الأقمار الصناعية بسهولة، فضلاً عن اتخاذ إجراءات استباقية بتفريغ المعدات أو تعطيلها قبل الضربات عند الحاجة. لذلك فإن الضربة، مهما بلغت دقتها أو شدتها، لا تعني بالضرورة تدميراً نهائياً.

وإذا كان هذا هو الواقع الميداني، فإن الخلاصة السياسية المشتركة بين كافة الأطراف – رغم كل التناقض في رواياتها – تكمن في الآتي:

قدرة إيران على إنتاج سلاح نووي عسكري قد تراجعت مؤقتًا، لكنها لم تُشل بالكامل، فيما بقيت بنيتها التحتية قادرة على دعم برنامج نووي "سلمي" قابل للتطوير السريع.

وهنا، ينشأ جوهر الصراع الحقيقي بين واشنطن وتل أبيب، أو بالأحرى بين رؤية ترامب السابقة ورؤية نتنياهو الثابتة.

- ترامب يتبنى خيار الضغط والاحتواء دون الانزلاق إلى حرب مفتوحة، مع تفعيل الضربات الجزئية كأدوات تفاوض، ويبقي الباب مفتوحًا لصفقة كبرى تعيد إيران إلى قفص الضبط الأميركي بشروط جديدة.
- نتنياهو، في المقابل، لا يرى في أي وجود نووي إيراني – حتى السلمي منه – إلا تهديدًا وجوديًا لا يمكن احتواؤه إلا عبر تدمير كامل ونهائي، ولو بالقوة الشاملة.

الخلاف بين الرؤيتين ليس تفصيلاً، بل هو ما سيشكل طبيعة المرحلة المقبلة. فالضربة الأميركية لم تكن النهاية، بل بداية معركة "ما بعد وقف إطلاق النار"، أي المنطقة الرمادية التي يتحرك فيها الجميع بمزيج من التصعيد والتهدئة، التهديد والغمز نحو التفاوض.

أما المؤشر الأخطر فهو ما حدث في الداخل الإسرائيلي:
قبل أيام قليلة من تنفيذ الضربة على إيران، قام الكنيست الإسرائيلي بتمرير ما يشبه بروفة طلب حل نفسه، وهي خطوة، وفق القانون الإسرائيلي، يمكن أن تعود إلى الطاولة بعد ستة أشهر من تاريخها الأول. هذه المهلة القانونية تضع نتنياهو أمام لحظة حاسمة: إما أن يثبت قدرته على "ردع إيران بالكامل" أمام الداخل الإسرائيلي، أو أن يسقط سياسيًا في حال ثبت فشل الضربة أو عادت إيران إلى التخصيب بوتيرة عالية.

وهكذا، يصبح المشهد أكثر وضوحًا:
نحن لسنا أمام "حل نهائي" للملف النووي الإيراني، بل أمام مرحلة تفاوضية راقصة تمتد لستة أشهر على الأقل، تُستخدم فيها الضربات كإيماءات، والتصريحات كتحذيرات، والتسريبات كرسائل ضغط. كل طرف يريد أن يبدو أنه الرابح، لكن الحقيقة أن الجميع يرقصون على حافة المجهول، حيث التوقيت أهم من السلاح، والبقاء السياسي أهم من النصر الاعلامي



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهلال الخصيب المأزوم..بممكنات التأزيم
- رهينة اليورانيوم المخصب..هدنه تكتيكيه وملامح تموضع جديد
- انبعاث مركزية الهلال الخصيب على انقاض الهلال الشيعي
- النانو..قبضة اسرائيل القاتله..لماذا تتم تعمية رصدها
- مديات..تحالف روسيا والصين مع ايران
- إيران بعد تدمير قدراتها النووية: بين الردع المنهار وسيناريو ...
- أنقره تتموضع مبكرا في شرقا اوسطيا جديد
- ساعة الصفر..ممكن ان توجه ايران ضربه نوويه لأسرائيل
- 48 ساعه فرصه محور (المقاومه)..لتكتيك ميداني محوري
- عمال التصاريح..ورغيف الحزن المخبوز بوجع الكرامه
- انعكاسات المواجهة الاسرائيليه-الايرانيه على واقع الطبقه العا ...
- هل يتجرّع خامنئي كأس السم كما تجرّعه الخميني؟
- أيران..من هندسة الخوف الى ادارة الخسائر
- هرمز..بين ارتجال التوظيف وحكمة التلويح
- التوقيت المرحلي للمواجهه الاسرائيليه - الايرانيه..لحظة توافق ...
- الموقف الجماهيري في المواجهة بين اسرائيل وايران..عبء أم رصيد ...
- باتريوت إلى أوكرانيا: إسرائيل تُفكك ظلال موسكو في المشرق
- تداعيات الخيار العسكري لغلق الملف النووي الايراني على كيان ا ...
- المعنى الاخر لاستثناء العراق من فعاليات اسرائيل العسكريه
- العداء الروسي- البريطاني : ترف الوهم


المزيد.....




- قبل زفافهما المُرتقب.. من هي لورين سانشيز خطيبة جيف بيزوس؟
- رأي.. بشار جرار يكتب عن اعتداء كنيسة مار الياس الإرهابي: -لا ...
- -نصرٌ عظيمٌ للجميع-.. شاهد كيف علق ترامب على قصف منشآت إيران ...
- من هو زهران ممداني، المسلم المرشح لعمدة نيويورك؟
- الناتو يستجيب لمطلب ترامب بزيادة الإنفاق الدفاعي، والأخير يُ ...
- ما أبرز ما جاء من تصريحات عن إيران في لقاء ترامب وروته؟
- أضرار أم تدمير لمنشآت إيران النووية.. هل تستأنف إسرائيل الحر ...
- دول الحلف الأطلسي تؤكد تمسكها -الراسخ- بالدفاع المشترك وتتعه ...
- تعرف من خلال الخريطة التفاعلية على كمين القسام ضد جنود إسرائ ...
- هل يصمد وقف إطلاق النار الهشّ بين إسرائيل وإيران؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - رقصة على حافة الانفجار: صراع أميركا وإسرائيل في كبح إيران