أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - انبعاث مركزية الهلال الخصيب على انقاض الهلال الشيعي














المزيد.....

انبعاث مركزية الهلال الخصيب على انقاض الهلال الشيعي


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8382 - 2025 / 6 / 23 - 15:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


───

ماذا تعني مركزية الهلال الخصيب في الشرق الأوسط الكبير؟

لم تعد الجغرافيا وحدها تُملي المركزية، كما لم تعد الثروة الطبيعية أو القواعد العسكرية كافية لإنتاج مركز فعّال في النظام الإقليمي. فمفهوم "المركز" اليوم بات مركّبًا: يتأسس على القدرة على التأثير في التوازنات، وعلى إنتاج شبكات نفوذ تمتد أفقياً عبر الحدود، وعمودياً عبر الطبقات الاجتماعية والبيروقراطية والاقتصادية.

انطلاقًا من هذا الفهم، فإن عودة الهلال الخصيب كمركز في الشرق الأوسط الكبير لا تعني العودة إلى الدولة القُطرية القوية، بل تعني ما يلي:

1. تحوّله إلى ساحة تقاطع بين مشاريع القوى الكبرى (الولايات المتحدة، روسيا، الصين) ومشاريع القوى الإقليمية (إيران، تركيا، إسرائيل، الخليج)، بما يحوله إلى "عقدة استراتيجية" لا يمكن تجاوزها أو تهميشها.

2. تثبيت الدور الوظيفي للمنطقة في ضبط أو تفجير التوازن بين الشرق الآسيوي (الصين والهند) والغرب الأطلسي (الولايات المتحدة وأوروبا)، وهو ما يجعل أي اضطراب في الهلال الخصيب ذو ارتدادات عالمية.

3. احتوائه لأربعة مراكز قرار متداخلة: العراق، سوريا، الأردن، لبنان، وهي كيانات غير منتهية، متأرجحة بين الانهيار وإعادة التشكيل، وهذا ما يجعل الهلال الخصيب مرآة للتحولات الكبرى لا ملحقًا بها.

4. الطابع الرمزي والتاريخي للمنطقة كمهد للحضارات والأديان والمواجهات الأولى بين المركزيات القديمة (الفرس والرومان والعباسيين والصليبيين)، ما يضفي على النزاعات الحالية طابعًا مشحونًا يتجاوز المصالح المباشرة.

5. تشكّله كبنية نسيجية غير متجانسة من طوائف وأقليات وعرقيات، ما يجعله اختبارًا دائمًا لأي مشروع وحدة أو تفتيت.

وبالتالي، فإن مركزية الهلال الخصيب لا تعني بالضرورة قيادته للإقليم، بل تعني:
أنه النقطة التي تُصاغ فيها معادلات التوازن وتُختبر فيها قدرة المشاريع الكبرى على الصمود، أو الانهيار.

---

عودة أوروبا عبر البوابة التركية: هل من استعادة للنفوذ المفقود؟

إذا كان القرن العشرون قد شهد تراجعًا دراميًا للحضور الأوروبي في الهلال الخصيب بعد الحرب العالمية الثانية، فإن تحولات النظام العالمي بعد 2022، واستمرار اهتزاز الدور الأميركي، سمحت بفتح نافذة محتملة لعودة أوروبا – لا كلاعب مهيمن، بل كفاعل يحتاج إلى مركز يرتكز عليه ويحقق عبره نوعًا من التوازن بين مصالحه التاريخية ومحدوديته الواقعية.

الهلال الخصيب، في هذا السياق، يوفر فرصة لأوروبا لأربعة أسباب متشابكة:

1. الذاكرة الإمبراطورية غير المنقطعة:
فرنسا وبريطانيا كانتا القوتين الرئيسيتين في رسم حدود ما بعد السلطنة العثمانية (سايكس – بيكو)، وتركيا – رغم صعودها الخاص – لا تزال تحتفظ بعلاقات متداخلة مع أوروبا، أمنية واقتصادية وجغرافية.

2. تركيا كذراع مزدوجة:
رغم التوتر الظاهري، تظل تركيا دولة أطلسية من حيث العضوية في الناتو، وترتبط باتفاقات تجارية عميقة مع الاتحاد الأوروبي. ومع تبنّيها لنهج براغماتي مرن، فإن أنقرة مرشحة للعب دور "الناقل التكتيكي" للمصالح الأوروبية في قلب الهلال الخصيب، خصوصًا في سوريا والعراق وشمال الأردن.

3. القطيعة المتسارعة مع إسرائيل:
شهدت السنوات الأخيرة تصدعًا واضحًا في العلاقة بين أوروبا وإسرائيل، تجلّى في نقد علني للعمليات العسكرية في غزة، وتزايد الدعم البرلماني الأوروبي لمطلب الاعتراف بدولة فلسطينية. وهذا التباعد يمنح أوروبا دافعًا لإعادة بناء تموضع مستقل في المنطقة، بعيدًا عن الإملاء الأميركي والإسرائيلي.

4. الفراغ الأميركي–الإيراني وتآكل المشروعين:
الانكفاء الأميركي النسبي، وتهاوي الهلال الشيعي، يفتحان فجوة في قلب المنطقة لا يمكن ملؤها إلا بفاعل خارجي مستقر وغير توسعي. وهنا تبرز أوروبا بوصفها مرشحًا متوازنًا، قادرًا على لعب دور "الضامن السياسي" بدل الفاعل العسكري.

هكذا، فإن مركزية الهلال الخصيب لا يمكن فهمها من منظور أميركي–روسي–صيني فحسب، بل يجب إدراكها أيضًا كإطار لعودة أوروبا إلى ما تعتبره مجالها التاريخي–الثقافي الذي فقدته قسرًا بعد 1945.

وبينما تسعى واشنطن لمشروع شرق أوسط واسع ذي طابع أمني–تكنولوجي، وتسعى بكين لتكامل اقتصادي عبر طريق الحرير، فإن أوروبا، بصيغة جديدة، قد ترى في الهلال الخصيب منصةً لإعادة بناء نفوذها السياسي والدبلوماسي، عبر شراكات مع تركيا ودوّل المركز



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النانو..قبضة اسرائيل القاتله..لماذا تتم تعمية رصدها
- مديات..تحالف روسيا والصين مع ايران
- إيران بعد تدمير قدراتها النووية: بين الردع المنهار وسيناريو ...
- أنقره تتموضع مبكرا في شرقا اوسطيا جديد
- ساعة الصفر..ممكن ان توجه ايران ضربه نوويه لأسرائيل
- 48 ساعه فرصه محور (المقاومه)..لتكتيك ميداني محوري
- عمال التصاريح..ورغيف الحزن المخبوز بوجع الكرامه
- انعكاسات المواجهة الاسرائيليه-الايرانيه على واقع الطبقه العا ...
- هل يتجرّع خامنئي كأس السم كما تجرّعه الخميني؟
- أيران..من هندسة الخوف الى ادارة الخسائر
- هرمز..بين ارتجال التوظيف وحكمة التلويح
- التوقيت المرحلي للمواجهه الاسرائيليه - الايرانيه..لحظة توافق ...
- الموقف الجماهيري في المواجهة بين اسرائيل وايران..عبء أم رصيد ...
- باتريوت إلى أوكرانيا: إسرائيل تُفكك ظلال موسكو في المشرق
- تداعيات الخيار العسكري لغلق الملف النووي الايراني على كيان ا ...
- المعنى الاخر لاستثناء العراق من فعاليات اسرائيل العسكريه
- العداء الروسي- البريطاني : ترف الوهم
- الحرب الروسيه- الاوكرانيه...قابلة الشرق الاوسط الجديد
- صفقة العار...التضحويون يرقصون على اشلاء الابرياء
- حينما يستولد الموقف من ( كرشة ) ساق واقع غزه


المزيد.....




- هل دخل الشرق الأوسط في عصر جديد فعلًا؟.. ولي نصر وناداف إيال ...
- السفارة الأمريكية في قطر تنصح مواطنيها بالبقاء في أماكنهم.. ...
- مركز يٌحتجز فيه نشطاء وصحفيون.. فيديو متداول يظهر لحظة قصف إ ...
- لماذا حظرت بريطانيا حركة -فلسطين أكشن-؟
- إيران: من يحكمها فعليا؟
- أهداف إسرائيل تغيرت في إيران.. ماذا عن موقف المعارضة الإيران ...
- غزة.. مكان -دائم- للموت والدمار والانتظار
- ضربات إسرائيلية -مكثفة- على إيران.. ماذا استهدفت؟
- في سوريا -المجزأة- بعد سقوط الأسد.. مبادرات لتعزيز التماسك ا ...
- مسؤول إيراني: الحرب قد تستمر عامين ومستعدون لذلك


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - انبعاث مركزية الهلال الخصيب على انقاض الهلال الشيعي