أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - الموقف الجماهيري في المواجهة بين اسرائيل وايران..عبء أم رصيد ؟!














المزيد.....

الموقف الجماهيري في المواجهة بين اسرائيل وايران..عبء أم رصيد ؟!


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8373 - 2025 / 6 / 14 - 13:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ذروة المواجهه المتصاعده بين إسرائيل وإيران، وسط تهديدات مباشرة وضربات غير معلنة، ومع اتساع دائرة الاشتباك نحو جبهات الوكلاء، تبرز معادلة جديدة لا تقل حدة عن الحرب الصاروخية ذاتها: معركة الصبر الجماهيري. فبينما ينشغل المحللون بتقدير عدد الصواريخ ومواقع الدفاعات، يبقى العامل الشعبي – وإن بدا خاملاً – أحد أقوى موازين الكسر أو التماسك. وهنا، تبدأ المفارقة.

في خضم هذا التصعيد، يبدو من السذاجة اختزال ميزان القوى إلى المقاييس العسكرية التقليدية أو حتى إلى قدرات الردع التقني وحدها. فالمواجهة الدائرة، ، تخفي تحتها توازنًا أكثر خطورة وتعقيدًا: توازن "الإكراه الجماهيري"، حيث يصبح الموقف الشعبي أحد العوامل الحاسمة في ترجيح كفة أحد الطرفين، لا بوصفه فاعلًا مستقلًا، بل بوصفه قوة تابعة لمدى قدرة السلطة على ضبطه أو توظيفه.

في النموذج الإسرائيلي، يكمن التناقض في أن الجماهير التي يتم الادعاء بتمثيلها هي نفسها التي لا يمكن احتمال غضبها. فإسرائيل، بوصفها ديمقراطية ليبرالية منضبطة نسبيًا داخليًا، لا تمتلك الترف الإيراني في قمع أو تحييد الرأي العام. الجماهير الإسرائيلية ليست أداة تعبئة، بل أداة مساءلة، ولهذا فإن استمرار التهديد الصاروخي، أو حتى مجرد الإحساس بضعف الردع، يكفيان لخلق تصدعات في الداخل الإسرائيلي قد تطيح بأي حكومة.

بالتالي، يجد نتنياهو نفسه مصيريًا أمام معادلة لا تقبل التأجيل: لا بد من تركيع إيران، أو على الأقل إظهار ذلك للرأي العام. هذا الإكراه الداخلي لا يسمح له بالمناورة طويلاً في ظل حرب استنزاف قد تتضخم فجأة إلى مواجهة مفتوحة، تتآكل فيها الحاضنة الشعبية، ويظهر الجيش الإسرائيلي وكأنه عاجز عن حماية الداخل.

في المقابل، تتعامل إيران ببرود استراتيجي واضح. لا تسعى إلى تركيع إسرائيل، بل إلى إفشال مشروعها. الحرب بالنسبة لطهران ليست قرارًا عاجلًا، بل مسار طويل من التآكل المنهجي في ثقة إسرائيل بجبهتها الداخلية. الجماهير الإيرانية، وإن كانت تعاني من ظروف اقتصادية خانقة، إلا أنها مُمَأسسة أيديولوجيًا داخل خطاب الصمود والمظلومية، وتخضع إلى رقابة أمنية وإعلامية تحول دون تحوّل السخط إلى تمرد فعلي.

الأهم من ذلك أن إيران تمتلك أدوات التفعيل الجماهيري خارج حدودها. من لبنان إلى العراق، ومن اليمن إلى غزة، يمكن للنظام الإيراني أن يفعّل جمهورًا آخر أكثر طواعية وأقل تكلفة سياسية — جمهور لا يسقط حكومة ولا يحرج نظامًا، بل يحرق جبهات لصالحه.

إيران، نظريًا، قادرة على شن ضربة صاروخية كثيفة تجاه إسرائيل، وقد تمتلك أكثر من 2000 صاروخ باليستي، بعضها عالي الدقة. ومع أن فعالية هذا المخزون مقيدة فنيًا بما يُعرف بـ"الإغراق الصاروخي" (إطلاق عدد كبير دفعة واحدة لاختراق منظومات الدفاع الجوي)، فإن إيران لا تلجأ لهذا الخيار رغم إمكانيته.

السبب في ذلك ليس تقنيًا فقط، بل سياسي–استراتيجي: طهران لا تريد أن تكون المبادِرة في كسر السقف، بل تسعى إلى أن تظل في موقع القادر الممتنع، لتحتفظ بورقة الردع القصوى دون أن تتحول إلى سبب لتشكيل تحالف دولي هجومي ضدها. هي تفهم تمامًا أن لحظة استخدام كل الأوراق تعني اقتراب نهاية اللعبة — وهي لم تحِن بعد.

الفرضية الحاسمة هنا هي التالية: إذا تحولت المواجهة إلى حرب استنزاف طويلة، فإن الموقف الجماهيري سيتحول من رصيد إلى عبء. لكن هذا العبء لا يتوزع بالتساوي.

إسرائيل، بسبب حساسيتها الاجتماعية والاقتصادية، لا تحتمل نزيفًا طويلًا دون تفكك داخلي سياسي. في حين أن إيران، ولو واجهت ضغطًا اقتصاديًا واجتماعيًا أقسى، إلا أنها تملك أدوات أكثر صرامة في القمع والضبط والتبرير العقائدي. وبالتالي، في المدى الطويل، يكون نتنياهو هو المطارد بزمن الحرب، بينما تستخدم إيران هذا الزمن لصالحها.

الموقف الجماهيري، إذن، ليس كفة مستقلة في ميزان القوى، بل وزن يوضع في كفة الطرف الأقدر على استثماره أو كبحه. في المدى القصير، تبدو إيران هي الأقدر على تحويل الجماهير إلى رصيد دعائي وسياسي، بينما تعاني إسرائيل من ضغوط داخلية تجعل الجماهير عبئًا حساسًا على القرار العسكري والسياسي.

لكن حين تطول الحرب ويتحول الزمن نفسه إلى ساحة صراع، فإن الفارق يتجلى بوضوح:
نتنياهو يركض وراء صورة الحسم ليُرضي جمهورًا لا يرحم، أما إيران فتكتفي بالبقاء وتراهن على تعب الخصم — ومن لا يحتاج إلى النصر ليثبت شرعيته، هو من يربح لعبة الاستنزاف



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باتريوت إلى أوكرانيا: إسرائيل تُفكك ظلال موسكو في المشرق
- تداعيات الخيار العسكري لغلق الملف النووي الايراني على كيان ا ...
- المعنى الاخر لاستثناء العراق من فعاليات اسرائيل العسكريه
- العداء الروسي- البريطاني : ترف الوهم
- الحرب الروسيه- الاوكرانيه...قابلة الشرق الاوسط الجديد
- صفقة العار...التضحويون يرقصون على اشلاء الابرياء
- حينما يستولد الموقف من ( كرشة ) ساق واقع غزه
- اللاعقلانيه في خطاب حماس والجهات الاعلاميه الداعمه لها
- مقارنه بين اداء المخابرات الاسرائيليه في ميدانين ..تثير الري ...
- طوفان الاقصى ..جرف اسرائيل ؟..أم اغرق غزه
- ماركس - لينين ..الجوهر الواحد ..والمسار المختلف
- الاربعينيه الحسينيه ..والعقيده الفرعونيه..
- تحلل مفاهيم العقل البشري ..الحمله المثيليه ...أنموذج...ج2
- تحلل مفاهيم العقل البشري ..الحمله المثيليه ...أنموذج
- حقيقة تمرد الحسين ..سهل ممتنع
- دكتاتورية الجماهير الشيعيه ..امتهان وتهميش
- الرصاص والموت للمدنيين الاسرائيليين .. والحجارة بوجه العسكري ...
- لماذا تم اغتيال تاريخ الجمهوريه العراقيه الثالثه ؟!
- لماذا تم اغتيال تاريخ الجمهوريه العراقيه الثالثه ...ج1
- - اردوغان الشريك القاتل للزلزال المدمر


المزيد.....




- تحديث مباشر.. الجيش الإسرائيلي يعلن رصد صواريخ قادمة من إيرا ...
- إدارة ترامب تستهدف مصر وسوريا و34 دولة بحظر السفر للولايات ا ...
- إعلام عبري يكشف الأهداف الأربعة لعملية -الأسد الصاعد- الإسرا ...
- بن سلمان يؤكد لبزشكيان وقوف السعودية بثبات إلى جانب إيران
- ليبيا.. -قافلة كسر الحصار على غزة- تتراجع من مشارف سرت وتتجه ...
- +++ قصف إيراني جديد وإسرائيل ترد باستهداف العمق الإيراني +++ ...
- ضربة صاروخية إيرانية كبيرة جديدة على إسرائيل (فيديوهات)
- -كان 11- العبرية: إيران هزمت بالفعل بفضل خطوة إسرائيلية لم ت ...
- مراسلة RT: سلاح الجو الإسرائيلي يشن هجوما على اليمن وصف بالد ...
- خبير عسكري يفجر مفاجأة بشأن الضربات الإسرائيلية ضد إيران


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - الموقف الجماهيري في المواجهة بين اسرائيل وايران..عبء أم رصيد ؟!