ليث الجادر
الحوار المتمدن-العدد: 8371 - 2025 / 6 / 12 - 14:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في ظل تصاعد الحديث الغربي والإسرائيلي عن ضربة عسكرية محتملة ضد إيران، يصبح من الضروري تحليل تداعيات هذا السيناريو على العراق، لا بوصفه دولة مجاورة فحسب، بل كجزء من البنية الأمنية الإقليمية التي تحكمها توازنات دقيقة منذ 2003.
من المهم التذكير أن العراق بقي بمنأى عن الفعاليات العسكرية المباشرة التي طالت محاور قريبة، على الرغم من كونه ساحة مزدحمة بالفصائل المسلحة المرتبطة بمحور طهران. هذا الاستثناء لم يكن استقرارًا بنيويًا، بل حالة مؤقتة مشروطة بكيفية إغلاق الملف النووي الإيراني. فإن أُغلق الملف بتفاهمات دبلوماسية، استمر تحييد العراق، أما إذا تم إغلاقه بالقوة، فإن العراق قد يتحول إلى ساحة اختبار متقدمة.
اليوم، ومع اقتراب شبح الضربة، يبرز احتمال دخول العراق في خط التصعيد. فالفصائل المسلحة، بوصفها الوكيل الأكثر حيوية لإيران، ستواجه ضغطًا للرد، ما يعرّض الأمن الداخلي لهزّات متكررة، ويزيد من احتمالات القصف المتبادل أو الهجمات غير المعلنة على المصالح الأميركية.
لكن ما يجب الانتباه إليه هو التمييز الجوهري بين أمن النظام السياسي العراقي وبين أمن وسلامة كيان الدولة. فالرعاية الغربية، لا تستهدف الحفاظ على كيان الدولة العراقية ككل، بل على بقاء النظام بوصفه الهيكل الذي يضمن تدفق المصالح وضبط الإيقاع الداخلي ضمن الحد المقبول دوليًا. أمن النظام هو أولوية إستراتيجية، أما أمن الدولة فهو شأن قابل للتفاوض.
بقاء النظام، بموازناته وتفاهماته الطائفية، هو قرار دولي، أما وحدة العراق، وحدود سلطته، فهي قابلة للتعديل إذا اقتضت الضرورة.
العراق اليوم على عتبة تحوّل محتمل في تموضعه الإقليمي. فأي تغيّر جوهري في البنية الصلبة للقدرة الإيرانية – سواء عبر تسوية تُضعف طهران من الداخل، أو ضربة عسكرية تُفكك أدواتها الخارجية – سينعكس مباشرة على الواقع العراقي، ليس من بوابة الأمن فقط، بل من زاوية أعمق تتعلق بإعادة تعريف شكل الدولة نفسها.
فالفصل الوظيفي بين أمن النظام وأمن الدولة يفتح الباب لاحتمالات تفكيكية قابلة للتنفيذ، تبدأ بتعديل مركزية السلطة، ولا تنتهي عند حدود التوزيع الكونفدرالي لمناطق النفوذ.
إن ما بدا لسنوات كأدنى خطوط الاستقرار، قد يتحوّل في أي لحظة إلى مادة تفاوض على خرائط جديدة، قد لا يكون العراق فيها موحّدًا، ولا حتى قائمًا بشكله الحالي.
#ليث_الجادر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟