أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - حول نضج شروط الانتفاضه الشعبيه الايرانيه..














المزيد.....

حول نضج شروط الانتفاضه الشعبيه الايرانيه..


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 14:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم القمع المتكرر، وتماسك القبضة الأمنية، فإن الشروط العميقة لانبعاث انتفاضة شعبية واسعة في إيران باتت اليوم أقرب إلى النضوج الكامل. لكن النضج وحده لا يكفي، فالمسألة لا تتعلق فقط بما هو ممكن، بل بما هو مناسب في التوقيت.

أظهرت المواجهة الأخيرة بين إيران من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى، محدودية القوة الإيرانية في المجالين العسكري والتقني، وكشفت أن ما كان يُسوّق بوصفه سلاح الردع لم يكن سوى دعاية جوفاء. هذا الانكشاف يُسقط أحد أعمدة شرعية النظام في الداخل، ويمنح الشارع مادة سياسية صلبة لتفنيد الرواية الرسمية التي طالما ربطت القمع الداخلي بـ حماية الوطن .

في المقابل، يتآكل الخطاب الثوري الذي كان يمنح النظام بعض الهيبة الرمزية، حتى بين قطاعات محسوبة على ما يُسمّى بالبرجوازية الوطنية، التي بدأت ترى في هذا النظام مشروع إذلال قومي أكثر من كونه مشروع كرامة.

تفكك الاقتصاد الإيراني بلغ حافة الانفجار، خصوصًا في ظل عودة مساعي فرض عقوبات دولية مرتبطة بالقمع الداخلي، ما يفتح الباب أمام محاكمة النظام دوليًا بوصفه نظامًا قمعيًا لا وطنيًا، ويعمّق شرخ الشرعية داخليًا.

ورغم توافر ما يبرر اندلاع انتفاضة شاملة، فإن التوقيت الحالي لا يخلو من المجازفة. فالقاعدة العقائدية للنظام لا تزال تملك قدرة التعبئة والمواجهة، وأي حراك شعبي غير منظم بقدر كاف قد ينزلق نحو مواجهة أهلية مفتوحة، تفشل في إسقاط النظام وتؤسس لصراع داخلي طويل. الخطر هنا لا يكمن في فشل الانتفاضة، بل في نجاح النظام بتحويلها إلى حالة فوضى تؤجل سقوطه وتعيد إنتاجه.

الصراع القائم لم يعد حول شرعية السلطة فقط، بل حول معنى الوطن ذاته. والنظام لم يعد فقط عدوًا للحرية، بل خطرًا على سيادة البلاد وكرامتها. ما يُتاح الآن هو لحظة تعبئة واعية، وتعميق لحالة التعرية السياسية، لا لحظة اندفاع عفوي. الانتفاضة تقترب، والشروط تكتمل، لكن اللحظة السياسية تتطلب بصيرة ووعيًا تاريخيًا يتفادى المجازفة غير المحسوبة.

خاتمة موسّعة: بين اكتمال الشروط وانكسار الزمن السياسي

قد يُغري المشهد الإيراني اليوم المتابع أو الحالم بالتغيير بالاعتقاد أن الانتفاضة قاب قوسين أو أدنى من الانفجار الحاسم. فالعناصر التي طالما رُبط بها التحول –كالهزيمة العسكرية، وتآكل الشرعية الرمزية، وتفكك العقد الاجتماعي– باتت متوافرة بوضوح. غير أن اكتمال الشروط لا يعني اكتمال اللحظة، كما أن نضج الأزمة لا يساوي بالضرورة نضج الحل.

إن النظام الإيراني، على خلاف ما يبدو، لم يعد نظامًا سياسيًا فقط، بل أصبح نظامًا عَقَديًا–نَسقيًا مدمجًا في النسيج الاجتماعي، عبر آليات توزيع الامتيازات والولاءات والعقائد. وهذا ما يجعل إسقاطه أمرًا لا يتوقف على لحظة انفجار، بل على تفكيك طويل النفس لبُناه العميقة، وهو ما لم يتوافر بعد على مستوى التنظيم، أو البنية الثقافية، أو حتى التمثيل الرمزي المضاد.

في المقابل، فإن تسارع الأحداث، وتراكم الوعي، وتبدد "الهيبة المقدسة" للسلطة، تُنتج تحولات صامتة في بنية الوعي الجمعي. وهي تحولات لا تُقاس بالمظاهرات وحدها، بل بمقدار ما تنكسر صورة الدولة في المخيال الجماعي، وما يُعاد تعريف معنى الوطن خارج ظلال الخوف والشعارات الرسمية.

ما نراه إذًا ليس لحظة سقوط، بل لحظة تهيّؤ تاريخي. ولحظات التهيّؤ، في مسار الأمم، لا تقل أهمية عن لحظات التحوّل نفسها. إنها تختبرنا كقوى تغيير: هل نكتفي بالرصد، أم ننتقل إلى الفعل؟ هل نندفع بلا وعي، أم نبني ببطء ما سيشكل القطيعة الحقيقية مع هذا النظام في أول فرصة ممكنة؟

بهذا المعنى، فإن الانتفاضة الإيرانية القادمة، إذا كُتب لها أن تنجح، فلن تكون فقط نتاج الغضب، بل نتاج فهم مركّب للزمن السياسي، وللصراع على الذاكرة، وعلى الشرعية، وعلى المعنى



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كفة ميزان الحرب..بين الاسد الصاعد وبين الوعد الصادق 3
- رقصة على حافة الانفجار: صراع أميركا وإسرائيل في كبح إيران
- الهلال الخصيب المأزوم..بممكنات التأزيم
- رهينة اليورانيوم المخصب..هدنه تكتيكيه وملامح تموضع جديد
- انبعاث مركزية الهلال الخصيب على انقاض الهلال الشيعي
- النانو..قبضة اسرائيل القاتله..لماذا تتم تعمية رصدها
- مديات..تحالف روسيا والصين مع ايران
- إيران بعد تدمير قدراتها النووية: بين الردع المنهار وسيناريو ...
- أنقره تتموضع مبكرا في شرقا اوسطيا جديد
- ساعة الصفر..ممكن ان توجه ايران ضربه نوويه لأسرائيل
- 48 ساعه فرصه محور (المقاومه)..لتكتيك ميداني محوري
- عمال التصاريح..ورغيف الحزن المخبوز بوجع الكرامه
- انعكاسات المواجهة الاسرائيليه-الايرانيه على واقع الطبقه العا ...
- هل يتجرّع خامنئي كأس السم كما تجرّعه الخميني؟
- أيران..من هندسة الخوف الى ادارة الخسائر
- هرمز..بين ارتجال التوظيف وحكمة التلويح
- التوقيت المرحلي للمواجهه الاسرائيليه - الايرانيه..لحظة توافق ...
- الموقف الجماهيري في المواجهة بين اسرائيل وايران..عبء أم رصيد ...
- باتريوت إلى أوكرانيا: إسرائيل تُفكك ظلال موسكو في المشرق
- تداعيات الخيار العسكري لغلق الملف النووي الايراني على كيان ا ...


المزيد.....




- -من سيزوره؟-.. كيم جونغ أون يفتتح منتجعًا شاطئيًا ضخمًا يتسع ...
- كاميرا تلتقط مشهدًا مثيرًا لدوامتي مياه معلقتين بين السماء و ...
- قانون التجنيد يشعل أزمة الحريديم مجدداً.. ونتنياهو أمام اختب ...
- بعد أشهر من الحرمان.. أكياس الدقيق تعود إلى غزة والأمهات ينت ...
- موقع أميركي: المرشح لرئاسة بلدية نيويورك زهران ممداني يثبت أ ...
- هل كانت روسيا حليفًا متخاذلًا لإيران في اللحظة المفصلية؟
- ميرتس يسجل أول حضور باجتماع أوروبي متشدد للهجرة
- حول تنظيم المنتدى الخامس للجمعية الدولية لعلم الاجتماع بالرب ...
- -النصر.. رونالدو، القصة مستمرة- بعد تمديد النجم البرتغالي عق ...
- محاكمة محتملة لوزيرة فرنسية بتهمة الفساد في قضية كارلوس غصن ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - حول نضج شروط الانتفاضه الشعبيه الايرانيه..