أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - نقد جذري للذكاء الاصطناعي الرأسمالي وخطة عودة إلى الأرض














المزيد.....

نقد جذري للذكاء الاصطناعي الرأسمالي وخطة عودة إلى الأرض


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8395 - 2025 / 7 / 6 - 14:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


صدر مؤخرًا كتاب الاستاذ رزكار عقراوي «الذكاء الاصطناعي الرأسمالي: تحديات اليسار والبدائل الممكنة – التكنولوجيا في خدمة رأس المال أم أداة للتحرر؟» ليطرح أسئلة حيوية حول العلاقة المعقدة بين الذكاء الاصطناعي وهيمنة الرأسمالية، ويعيد فتح ملفّ الصراع الطبقي في عصر الرقمنة الشاملة. ينطلق الكتاب من تحليل واعٍ للفجوة الرقمية الهائلة التي تفصل اليسار، بأدواته التنظيمية والإعلامية، عن الشركات التكنولوجية العملاقة، مبينًا كيف تحوّلت الخوارزميات إلى أدوات لإعادة تشكيل الوعي الجماهيري، وضبط السلوك البشري، وإنتاج مزيد من التبعية للأسواق.

بينما يدعو الكتاب إلى مقاربة يسارية بديلة، تقوم على تطوير أدوات تقنية مستقلة وأمميات رقمية مفتوحة المصدر، فإنه يطرح في الوقت نفسه نقدًا صريحًا للأمية الرقمية داخل التنظيمات اليسارية التي ما زالت متأخرة تقنيًا.

غير أن هذا الطرح، رغم وجاهته وراهنيته، لا يخلو من إشكاليات جوهرية تستدعي التوقف والنقاش.

نقد الوهم التقني

إن الرهان على إنتاج ذكاء اصطناعي يساري مستقل قد يظلّ حبيس الطوباوية، لأن البنية التحتية الرقمية محكومة بالكامل لشركات ودول رأسمالية كبرى تمتلك قدرات لا يمكن مجاراتها بموارد يسارية مشتتة ومحدودة. كما أن الخوارزميات ليست حيادية، بل مصممة في الأصل لتخدم منطق السوق والربح، وأي استخدام لها يظلّ عرضة للاختراق والرقابة. وفكرة الأمميات الرقمية تصطدم بواقع الاحتكار التقني العابر للحدود: كيف ستُبنى تحالفات يسارية مؤثرة في فضاء تتحكم فيه الشركات العملاقة وأجهزة الأمن السيبراني؟ والأهم من ذلك أن التركيز المفرط على الحل الرقمي قد يدفع التنظيمات اليسارية إلى إهمال جبهة النضال الأهم: الأرض، أي الميدان الواقعي حيث تتم إعادة إنتاج الهيمنة الطبقية فعلًا في المصانع والأحياء الشعبية والجامعات والنقابات والأسواق والأراضي الزراعية.

إن معركة اليسار مع الرأسمالية لا تُحسم بشيفرات وخوارزميات فقط، بل في الصراع المادي الملموس الذي يعيد إنتاج شروط الوجود ويمنح الجماعة التنظيمية الثقة والشرعية والصلابة.

العودة إلى الأرض: بديل واقعي

البديل الأكثر واقعية اليوم هو العودة إلى الجذور: إحياء النضال الميداني الحميمي الذي سبق الطفرة الرقمية وظلّ لعقود مصدر القوة الأخلاقية والتنظيمية لليسار. هذا البديل يقوم على إعادة إحياء الحلقات القاعدية، أي اللقاءات الوجاهية والنقاشات الحية التي تربط المناضلين بجماهيرهم وجهًا لوجه، وإحياء أدوات الكتابة الورقية مثل النشرات والبيانات المطبوعة والكراسات التثقيفية، فهي تحرّرنا من هيمنة الرقابة الرقمية التي تستطيع حجب أو تشويه أي خطاب على الإنترنت.

كما يتطلب الأمر توظيفًا انتقائيًا للتكنولوجيا، باستخدام الأدوات الرقمية بقدر محسوب، دون الاتكال المطلق عليها، وبروح نقدية واعية لمخاطر الرقابة والسيطرة الخوارزمية. ويُعد تمكين الشباب ضروريًا ليكونوا جسرًا يربط بين العالمين الواقعي والرقمي، بحيث يكون دورهم الأساسي بناء حيوية تنظيمية ملموسة لا مجرّد وجود افتراضي هش.

الإنترنت العميق والإنترنت المظلم: فرص وتحديات

في زمن تهيمن فيه الشركات التكنولوجية الكبرى والدول الرأسمالية على تدفق المعرفة والوعي، يبرز سؤال مهم: هل أهمل اليسار إمكانيات الفضاءات غير المرئية من الشبكة؟

الإنترنت العميق: هو الجزء الهائل من الشبكة غير المفهرس من محركات البحث، يشمل قواعد بيانات بحثية، أرشيفات خاصة، وشبكات داخلية محمية. ليس بالضرورة سريًا أو غير قانوني.

الإنترنت المظلم: هو طبقة أصغر ضمن الإنترنت العميق، تتطلب أدوات خاصة (مثل TOR)، وتستخدم تقنيات تشفير لإخفاء الهوية، تُستخدم في حماية الخصوصية ونقل معلومات حساسة، لكن تستغل أحيانًا في أنشطة إجرامية.


اليسار في الغالب أهمل هذه الفضاءات بسبب فجوة رقمية، نقص الخبرات التقنية، مخاوف قانونية وأخلاقية، وعدم وجود رؤية استراتيجية واضحة.

يمكن توظيف الإنترنت العميق كأداة لحفظ الأرشيف وتنظيم بيانات بعيدة عن الرقابة، والمكتبات الرقمية المفتوحة، وشبكات التعاون المغلقة.

الإنترنت المظلم يمكن استخدامه تكتيكيًا لحماية هوية المناضلين وتمرير رسائل حساسة، شرط وجود وعي أمني وخبرة تقنية، مع تجنب الوقوع في فخ العزلة أو الاستغلال.

لكن الاعتماد الكامل على الإنترنت المظلم غير عملي لأنه بيئة معزولة وغير مؤهلة للتحشيد الشعبي.

خارطة طريق للتحرك: من النظري إلى العملي

1. الأرض أولًا: تأكيد أن الميدان الواقعي هو الأساس، والتكنولوجيا أداة خادمة لا بديل.


2. إحياء الحلقات الوجاهية: بناء مساحات آمنة حقيقية في الأحياء وأماكن العمل، توثيق الأفكار وطباعتها.


3. حذر رقمي دائم: استخدام قنوات مشفرة، التقليل من الاعتماد على منصات الشركات الكبرى، وانتاج محتوى رقمي هجين يترجم إلى فعل واقعي.


4. تمكين الشباب: تدريبهم على إدارة التوازن بين العالمين الواقعي والافتراضي، وإزالة العوائق التنظيمية.


5. نشر ثقافة نقدية نضالية: عبر ملفات وكتيبات ونقاشات داخلية مستمرة لتحديد حدود الاستخدام التقني وخطوطه الحمراء.

خاتمة: تحرر ينبت من التراب لا من الخوارزميات وحدها

مواجهة الرأسمالية الرقمية لا تعني الانعزال عن العصر، بل الانغراس الواعي في الواقع مع وعي نقدي صارم بالتكنولوجيا. لا يزال هناك فضاء واقعي وحياة ملموسة وحلقات صغيرة يمكن أن تكبر من حارات وأحياء ومصانع وحقول.

الذكاء الاصطناعي أداة جبارة، لكنها تبقى في يد من يملك الأرض ويعيد تشكيل الواقع. لذلك، الشعار الواقعي للمرحلة هو: التقدم إلى الأمام بعيون على الأرض وأقدام ثابتة في التراب.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما تفقد الملكية معناها: تفكيك النقد الميكانيكي للاشتراكية
- العداله الاجتماعيه..حتم التناقض الثنائي
- لا جدال في اشتراكية الاتحاد السوفياتي..
- في محاكاة العشرة التوراتية وطقس عاشوراء الشيعي
- مقتل الحسين والتسيس التكتيكي العباسي
- التغيير (( العراقي ))..من الافتراضي الى الممكن..ج3
- التغيير ((العراقي )).. من الأفتراضي الى الممكن ..ج2
- الانتخابات البرلمانيه ..ترتيب اوراق الخراب
- التغيير ((العراقي))..من الافتراضي الى الممكن
- حالة( اسكات النيران ) ..مهله مراجعه النظام الايراني
- الانتصار الكاذب وصناعة الوهم المدفوع
- إيران كقوة كولونيالية ناعمة: الاقتصاد المقاوم بوصفه أداة إخض ...
- حول نضج شروط الانتفاضه الشعبيه الايرانيه..
- كفة ميزان الحرب..بين الاسد الصاعد وبين الوعد الصادق 3
- رقصة على حافة الانفجار: صراع أميركا وإسرائيل في كبح إيران
- الهلال الخصيب المأزوم..بممكنات التأزيم
- رهينة اليورانيوم المخصب..هدنه تكتيكيه وملامح تموضع جديد
- انبعاث مركزية الهلال الخصيب على انقاض الهلال الشيعي
- النانو..قبضة اسرائيل القاتله..لماذا تتم تعمية رصدها
- مديات..تحالف روسيا والصين مع ايران


المزيد.....




- وفد سياسي يزور أوجلان بالسجن وسط ترقب لإلقاء سلاح -العمال ال ...
- من مجتمع الكادحين إلى خصم المتظاهرين.. كيف فقد وليام روتو شع ...
- غزة: الفصائل الفلسطينية تعتبر دم ياسر أبو شباب -مهدورًا- وتت ...
- قسوة قانون الإيجارات الجديد وتجاهله لنماذج تحديد القيمة الإي ...
- على وقع فضائح فساد... الحزب الاشتراكي الإسباني الحاكم يحظر ع ...
- آلاف المتظاهرين في باريس يطالبون بوقف الإبادة في غزة
- هل يبدأ حزب العمال الكردستاني بتسليم سلاحه؟
- كلمة الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بنعبد ال ...
- -حماس-: الفصائل الفلسطينية رحبت برد الحركة على مقترح وقف إطل ...
- حزب التقدم والاشتراكية يعزز التواصل والتنسيق مع المنتخبات وا ...


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - نقد جذري للذكاء الاصطناعي الرأسمالي وخطة عودة إلى الأرض