ليث الجادر
الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 19:54
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
أولاً: ليبرالية مشوّهة، لا تنمية
منذ التسعينات، تبنّى النظام الإيراني ما يمكن وصفه بـ"الليبرالية السلطوية" عبر خصخصة مشوّهة، لم تُنتج سوقاً حرة ولا طبقة برجوازية وطنية، بل أسفرت عن أوليغارشية اقتصادية تهيمن عليها المؤسسات المرتبطة بالحرس الثوري، ومؤسسات مثل "خاتم الأنبياء" و"مؤسسة المستضعفين".
الصناعة تطوّرت على المستوى الكمي، لكنها بقيت:
- محصورة في قطاعات استهلاكية أو دفاعية.
- معزولة عن الأسواق العالمية بسبب العقوبات.
- غير مدعومة بتكنولوجيا وطنية مستقلة.
- مفتقرة لنظام مصرفي واستثماري حر.
النتيجة: اقتصاد منتج شكلياً، لكنه غير تنموي، وغير قابل للنمو الذاتي، يقوم على مبدأ "الاكتفاء الموجه" لا الابتكار.
ثانياً: الكولونيالية الناعمة عبر الأسواق المجاورة
بفضل الحروب الإقليمية ونفوذ طهران الأمني في العراق وسوريا ولبنان، تحوّلت تلك البلدان إلى أسواق مُستتبعة للبضائع الإيرانية الرخيصة والمنخفضة الجودة، في عملية يمكن وصفها بـ"الاستعمار الاقتصادي الناعم".
اعتمدت طهران على:
- تدمير بنى الصناعة والزراعة المحلية في هذه البلدان.
- دعم ميليشيات تسيطر على المعابر والأسواق.
- تسويق بضائعها من خلال استغلال انهيار العملات الوطنية.
لم يكن هذا تصديراً عادياً، بل تصديراً مشروطاً بالقوة. فالعراق مثلاً لم يكن سوقاً فحسب، بل مصدرًا للعملة الصعبة ووسيطًا غير مباشر لكسر العقوبات.
ثالثاً: عندما تفقد إيران كولونياليتها
ما الذي يحدث حين تنكمش هذه المنظومة؟ حين يتراجع نفوذ إيران في العراق، تُقيّد أذرعها في سوريا، وتُحاصر تمويلات حزب الله؟
النتيجة ليست سياسية فقط، بل اقتصادية كارثية:
1. انكماش في التصدير.
2. تراجع تدفق العملة الصعبة.
3. انكشاف الاقتصاد الإيراني داخلياً.
4. انهيار سردية "المقاومة المنتجة".
5. اتساع الاحتجاجات الاجتماعية في الداخل.
رابعاً: مفاوضات البقاء بدل مفاوضات النووي
في هذه اللحظة الحرجة، تفقد إيران القدرة على المقايضة الجيوسياسية.
لم تعد تملك ورقة اليمن والعراق وسوريا بقوة الماضي. وعليه:
لم تعد العقوبات ورقة ضغط يستخدمها الغرب، بل أصبحت شرط بقاء للنظام نفسه.
المفاوضات المقبلة – سواء مع الولايات المتحدة أو أوروبا – ستكون على قاعدة:
- رفع العقوبات أو انهيار النظام.
- فتح النظام الاقتصادي أو تآكل شرعية الداخل.
- تقديم تنازلات إقليمية فعلية مقابل دخول الأسواق العالمية من جديد.
خاتمة
إيران ليست دولة مقاومة بالمعنى الاقتصادي، بل نظام سلطوي–أوليغارشي يستخدم آليات السوق والامتداد الجغرافي كأدوات إخضاع.
ومتى سقط الجوار كمجال توسّعي، انكشف الداخل بوصفه عبئًا هشًا.
ومع تقلّص المجال الكولونيالي، تُصبح العقوبات مصيرًا حتميًا لا أداة تفاوض، ويُصبح رفعها مسألة حياة أو موت للنظام.
إيران المنتِجة تحت الاحتلال الاقتصادي الذاتي، تتفاوض اليوم لا لتتوسع... بل لتنجو
#ليث_الجادر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟