أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - حرب البذور… سلاح دمار مؤجل في ترسانة قوى الرأسمال














المزيد.....

حرب البذور… سلاح دمار مؤجل في ترسانة قوى الرأسمال


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8399 - 2025 / 7 / 10 - 10:22
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


قد لا يسمع كثيرون دويّ هذا السلاح، لكن أثره يسمع في معدة جائعة، وفي فلاحٍ بات عاجزًا عن زراعة حقله من دون إذن شركات عابرة للقارات.
إنها «حرب البذور» — الوجه الأكثر خفاءً لحربٍ تخاض باسم التنمية والتكنولوجيا، بينما حقيقتها أنها أداة تابعة لترسانة رأس المال العالمي، تستهدف إخضاع الشعوب عبر التحكم في أبسط شروط البقاء: الزرع والغذاء.

كيف تحولت البذور إلى سلاح؟

منذ التسعينيات، ومع الطفرة البيوتكنولوجية واتساع قوانين براءات الاختراع، نشأت إمبراطوريات زراعية ضخمة مثل مونسنتو سابقًا، باير حاليًا، كورتيفا، وسينجينتا لتحتكر تطوير البذور المعدّلة وراثيًا والهجينة. هذه البذور لا تعطي مزارعيها الحق في إعادة زراعتها، بل تفرض عليهم شراء بذور جديدة كل موسم، مع المبيدات والأسمدة المطابقة.
وفق أحدث التقارير حتى 2025، تسيطر 4 شركات فقط على أكثر من 60 إلى 65 بالمئة من سوق البذور التجاري العالمي. والنتيجة: مزارع صغير في إفريقيا أو آسيا أو بلادنا العربية صار رهينة عقود الإمداد السنوي، ولا يملك حتى حبة بذرة حرة ليقاوم بها الجوع.

براءات الاختراع: قيود قانونية تكبّل التراب

الهيمنة لا تقوم فقط على التقنيات المهندسة، بل أيضًا على القانون. فبراءات الاختراع تجعل تبادل البذور التقليدية مجرّمًا أو مقيّدًا بترخيص. تقارير 2025 تؤكد أن الهند وكينيا ونيجيريا شهدت تعديلات تشريعية تضيّق على تبادل البذور البلدية، وتلزم الفلاحين بالتسجيل في سجلات الأصناف المعتمدة، ما يعني إقصاء ملايين المزارعين الصغار من حق التناسل الحرّ لبذورهم.
في أوروبا، يجري جدل واسع حول مشروع قانون سلامة البذور الذي يهدد أصنافًا محلية بالانقراض باسم الأمان الحيوي. هذا كله جزء من شبكة القوانين التي تحوّل الحياة البيولوجية إلى ترخيص مؤقت في خزائن الشركات.

سلاح دمار مؤجل: الأزمات تكشف الهشاشة

مع تغير المناخ والحروب، يتكشف الوجه الأكثر خطورة لهذا السلاح:
في شرق إفريقيا، ضرب الجفاف الشديد 2024/2025 محاصيل مهجّنة كانت عاجزة عن التكيف مقارنة بالأصناف المحلية المقاومة.
الحرب الأوكرانية عطّلت صادرات بذور الحبوب وزيت دوّار الشمس، فكشفت كيف أن الاعتماد على بضعة موردين عالميين قد يشلّ الأمن الغذائي لدول بأكملها.
أزمة العملة الصعبة في دول مثل مصر أكدت أن سعر البذور أصبح مرتبطًا بالدولار أكثر مما هو مرتبط بيد الفلاح، فتعمّق ارتهان المائدة المحلية بتقلبات السوق العالمي.

الوضع في العالم العربي:

رغم أن النقاش عن احتكار البذور غالبًا ما يركز على أمريكا اللاتينية وآسيا، فإن المنطقة العربية تواجه خطرًا مشابهًا، بل وأشد وطأة أحيانًا بسبب غياب برامج حماية التنوّع الوراثي.

مصر:
شهدت السنوات الأخيرة توسعًا في الاعتماد على أصناف هجينة مستوردة خاصة في الذرة والخضروات. مع تراجع قيمة الجنيه، صار سعر البذور رهينًا لسعر الدولار، في ظل ضعف برامج بنوك البذور الرسمية التي تحفظ الأصناف البلدية المقاومة للملوحة والجفاف.

المغرب وتونس:
ينتشر استخدام البذور التجارية المعدّلة والهجينة في بعض سلاسل إنتاج القمح والخضروات، بينما برامج حفظ الأصناف الأصلية ما تزال محدودة التمويل. بعض الشركات الإقليمية أبرمت اتفاقيات شراكة مع كورتيفا وباير لتوريد البذور، مما يهدد بفقدان سلالات محلية عريقة.

الخليج:
في الإمارات ودول الخليج عمومًا، لم تتأسس بعد بنوك بذور سيادية فعلية. الزراعة الداخلية الرأسية تعتمد غالبًا على بذور مستوردة مقيّدة ببراءات اختراع. مع التغير المناخي وندرة المياه، صار هذا الارتهان خطرًا مضاعفًا.

العراق وسوريا وبلاد الشام:
كانت هذه المنطقة غنية بأصناف قمح وشعير محلية تتحمل المناخ القاسي. الحرب وغياب التنظيم فتحا الباب أمام بذور هجينة غير موثوقة، مع انقراض بعض الأصناف الأصلية. حتى منتصف 2025، لا توجد سياسات فعالة لإعادة تأسيس بنوك بذور وطنية أو دعم شبكات حفظ البذور التراثية.

مقاومات صامتة: حركة حفظ السيادة الحيوية

رغم الهيمنة المتسعة، تتسع شبكات المقاومة. في الهند وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، ظهرت اتحادات مزارعين مثل فيا كامبسينا وشبكة بذور المزارعين للدفاع عن حق الفلاحين في إنتاج بذورهم وحمايتها من الانقراض. في العالم العربي، توجد مبادرات فردية وبحثية متفرقة لإحياء البذور الأصلية، لكنها تفتقر إلى الدعم السياسي والتمويل الكافي كي تتحول إلى درع حقيقي ضد تغوّل رأس المال.

الخلاصة: من يملك البذرة يملك الرغيف

إن حرب البذور ليست خرافة ولا نظرية مؤامرة. هي معركة مفتوحة من أجل الحق في الطعام، والسيادة على قرار الشعوب في أن تأكل بكرامة. إنها أخطر من البنادق والدبابات؛ لأنها لا تقتل دفعة واحدة، بل تترك الأرض عاقرًا والإنسان رهينة للجوع والديون والاحتكار.
اليوم، صار تحرير الأرض يبدأ بتحرير البذرة. حماية التنوّع الوراثي والزراعة السيادية ليست ترفًا، بل شرطٌ من شروط البقاء في وجه سلاح دمار مؤجل تخزنه ترسانة رأس المال العالمي في صمت



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاطار السياسي لمهام المشروع الاشتراكي
- المجمعات السكنية في عهد السوداني: رفاه للنخبة أم حل لأزمة ال ...
- الطفل الذي يسقيك تأنيبًا..البعد النفسي لاشراك الاطفال في الش ...
- عاشوراء العراقيين ...حسين يقتل حسينا
- تفاصيل الحياة اليومية في غزه..تغيب مقصود أم ماذا؟
- نقد جذري للذكاء الاصطناعي الرأسمالي وخطة عودة إلى الأرض
- حينما تفقد الملكية معناها: تفكيك النقد الميكانيكي للاشتراكية
- العداله الاجتماعيه..حتم التناقض الثنائي
- لا جدال في اشتراكية الاتحاد السوفياتي..
- في محاكاة العشرة التوراتية وطقس عاشوراء الشيعي
- مقتل الحسين والتسيس التكتيكي العباسي
- التغيير (( العراقي ))..من الافتراضي الى الممكن..ج3
- التغيير ((العراقي )).. من الأفتراضي الى الممكن ..ج2
- الانتخابات البرلمانيه ..ترتيب اوراق الخراب
- التغيير ((العراقي))..من الافتراضي الى الممكن
- حالة( اسكات النيران ) ..مهله مراجعه النظام الايراني
- الانتصار الكاذب وصناعة الوهم المدفوع
- إيران كقوة كولونيالية ناعمة: الاقتصاد المقاوم بوصفه أداة إخض ...
- حول نضج شروط الانتفاضه الشعبيه الايرانيه..
- كفة ميزان الحرب..بين الاسد الصاعد وبين الوعد الصادق 3


المزيد.....




- شبير أحمد شاه -مانديلا كشمير-
- كلمة للرفيق جمال براجع إثر اختتام أشغال الدورة 11 للجنة المر ...
- وفاة الأمين العام للحزب الشيوعي السوري عمار خالد بكداش
- اشتباكات عنيفة بين جماعات من اليمين المتطرف ومهاجرين في بلدة ...
- لحظة مامداني.. آمال جديدة ومخاطر مستجدة لليسار في مدينة نيوي ...
- الشرطة تقتل المتظاهرين في كينيا
- الشيوعي العراقي يدعو لاعتماد 14 تموز عيداً وطنياً لتأسيس الج ...
- اشتباكات عنيفة بين جماعات من اليمين المتطرف ومهاجرين في إسبا ...
- الشيوعي العراقي: ليكن يوم 14 تموز عيدًا وطنيًا
- بن غفير: لا أريد إسقاط الحكومة من أجل اليسار


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - حرب البذور… سلاح دمار مؤجل في ترسانة قوى الرأسمال