أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - النهج الماركسي في مواجهة التجريبية الاقتصادية














المزيد.....

النهج الماركسي في مواجهة التجريبية الاقتصادية


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8403 - 2025 / 7 / 14 - 20:19
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كثيرًا ما يستند أنصار السوق الحرّة والمنافسة إلى قاعدة فلسفية تجريبية ترى أن الواقع يُفهم أساسًا من خلال الملاحظة والتجربة الفردية. هكذا تُقدَّم السياسات الليبرالية وكأنها حقائق موضوعية محايدة، عصية على النقض. لكن التحليل الماركسي يضع هذا التصور موضع مساءلة جذرية؛ إذ يكشف أن تجميع الوقائع الاقتصادية دون تحليل بنيتها الطبقية لا ينتج إلا وعيًا زائفًا يخدم مصالح الفئات المهيمنة.

التجريبية: من الفلسفة إلى الأيديولوجيا

التجريبية الفلسفية نشأت تيارًا معرفيًا يركز على الخبرة الحسية كمصدر أساسي للمعرفة. لكنها حين انتقلت إلى الحقل الاقتصادي، تحوّلت إلى تجريبية براغماتية: أي الاعتماد على بيانات سطحية وتجارب جزئية تُعزل عن البنية الطبقية.

لقد ارتبط الفكر الليبرالي تاريخيًا بهذه النزعة، من «اليد الخفية» عند آدم سميث إلى مفهوم «المنفعة الذاتية» كأساس للعلاقات الاقتصادية. ومع مرور الوقت صارت الملاحظات الفردية معيارًا يُستخدم لتبرير السوق بوصفه نظامًا طبيعيًا يعمل تلقائيًا لتحقيق التوازن والرخاء. لكن هذا التعميم يختزل ظواهر اجتماعية معقدة ويعزلها عن سياقها التاريخي، فيُقدَّم السوق وكأنه قانون كوني يصلح في أي زمان ومكان.

المنهج الماركسي: المادية الجدلية كبديل

يقوم النهج الماركسي على المادية الجدلية التي ترى أن الظواهر الاقتصادية لا تُفهم إلا بتحليل العلاقات الجدلية بين قوى الإنتاج والملكية والعمل المأجور. فلا معنى للأرقام والمؤشرات إن لم يُكشف أثرها على توزيع فائض القيمة والصراع الطبقي.

كما يقول ماركس في «رأس المال»: «رأس المال ميتٌ يعمل كأنه حي، لا يحيا إلا بمص الدم الحي للعمل.» ويقول أيضًا: «ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم، بل وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم.»

بهذه الرؤية، لا يكون نمو الناتج المحلي أو ارتفاع معدلات الاستثمار دليلاً على «نجاح» السوق في حد ذاته، بل قد يخفي تناقضات تُعاد عبرها إنتاج علاقات الاستغلال.

أمثلة واقعية: أسواق تراكِم التناقض

الهند مثال واضح: منذ انفتاحها النيوليبرالي في التسعينيات، حققت نموًا اقتصاديًا مرتفعًا. لكن وفق تقرير «أوكسفام» لعام 2024، يمتلك 1% من الهنود أكثر من 40% من الثروة الوطنية، بينما يعيش مئات الملايين في فقر مدقع. هذه الأرقام تجسّد أطروحة ماركس: «تراكم الثروة في قطبٍ هو في الوقت ذاته تراكمٌ للبؤس في القطب المقابل.»

أمريكا اللاتينية تقدّم صورة مشابهة: ففي دول مثل البرازيل وتشيلي، أدى التحرير الاقتصادي إلى ارتفاع الاستثمارات والأرباح، لكن دون تجاوز الفجوة بين الأحياء الغنية وأحزمة الفقر.

السويد تُستخدم غالبًا لتجميل سردية السوق الحر. لكنها مثال لاقتصاد سوق اجتماعي تطوّر بفعل نضالات عمالية طويلة، واتفاقات إعادة توزيع عادلة للثروة عبر نظام ضرائب تصاعدي ودولة رفاه واسعة. أي إن نجاحها ليس دليلًا على «طبيعية» السوق بقدر ما يكشف كيف يتحدد شكل السوق تاريخيًا عبر توازنات القوى الطبقية.

لماذا يظل النهج الماركسي ضروريًا؟

ما يقدّمه التحليل الماركسي ليس نفورًا من البيانات أو الأرقام؛ بل إعادة تأطيرها ضمن العلاقات البنيوية للصراع الطبقي. فبدلًا من تفسير الظواهر تفسيرًا تجريبيًا سطحيًا، يكشف هذا التحليل كيف يُعاد إنتاج الفقر والتفاوتات داخل آليات السوق. وبهذا يكون تجاوز الأزمات ممكنًا لا بمجرد إصلاح السياسات داخل المنظومة، بل عبر تغيير البنية نفسها.

خاتمة

إن السوق ليس طبيعة أبدية للبشرية، بل شكل تاريخي نشأ ضمن شروط محددة. كل تجربة سوق ناجحة تحتاج إلى تحليل نقدي يكشف القوى الاجتماعية التي تجعلها ممكنة أو مستحيلة. لذلك يظل التحليل الماركسي بما ينطوي عليه من رؤية مادية وجدلية أداة لا غنى عنها لفهم الواقع كما هو وتغييره كما يجب



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق ...3
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق...2
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..1
- نقد مقولة «لا يمكن التخلي عن اقتصاد السوق والمنافسة»..ج2
- لحظة الانهيار الغامضة: حين ألقى حزب العمال الكردستاني سلاحه
- نقد مقولة «لا يمكن التخلي عن اقتصاد السوق والمنافسة»
- اللادولة العراقية: بين الكونفدرالية المحتملة وحرب أهلية أقرب ...
- حرب البذور… سلاح دمار مؤجل في ترسانة قوى الرأسمال
- الاطار السياسي لمهام المشروع الاشتراكي
- المجمعات السكنية في عهد السوداني: رفاه للنخبة أم حل لأزمة ال ...
- الطفل الذي يسقيك تأنيبًا..البعد النفسي لاشراك الاطفال في الش ...
- عاشوراء العراقيين ...حسين يقتل حسينا
- تفاصيل الحياة اليومية في غزه..تغيب مقصود أم ماذا؟
- نقد جذري للذكاء الاصطناعي الرأسمالي وخطة عودة إلى الأرض
- حينما تفقد الملكية معناها: تفكيك النقد الميكانيكي للاشتراكية
- العداله الاجتماعيه..حتم التناقض الثنائي
- لا جدال في اشتراكية الاتحاد السوفياتي..
- في محاكاة العشرة التوراتية وطقس عاشوراء الشيعي
- مقتل الحسين والتسيس التكتيكي العباسي
- التغيير (( العراقي ))..من الافتراضي الى الممكن..ج3


المزيد.....




- بنعبد الله يعزي في وفاة الرفيق عمار بكداش الأمين العام للحزب ...
- مظاهرة حاشدة تهزّ شوارع مالمو صرخة غضب ضد العدوان الصهيوني و ...
- شبير أحمد شاه -مانديلا كشمير-
- كلمة للرفيق جمال براجع إثر اختتام أشغال الدورة 11 للجنة المر ...
- وفاة الأمين العام للحزب الشيوعي السوري عمار خالد بكداش
- اشتباكات عنيفة بين جماعات من اليمين المتطرف ومهاجرين في بلدة ...
- لحظة مامداني.. آمال جديدة ومخاطر مستجدة لليسار في مدينة نيوي ...
- الشرطة تقتل المتظاهرين في كينيا
- الشيوعي العراقي يدعو لاعتماد 14 تموز عيداً وطنياً لتأسيس الج ...
- اشتباكات عنيفة بين جماعات من اليمين المتطرف ومهاجرين في إسبا ...


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - النهج الماركسي في مواجهة التجريبية الاقتصادية