أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق ...3














المزيد.....

العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق ...3


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8403 - 2025 / 7 / 14 - 14:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


معاهدة الأمس: هل ولد العراق أخيرًا أم ضُمنت الوصاية من جديد؟
صحونا صباح هذا اليوم على خبر لم يكن مفاجئا لمن راقب مسار هذه الدولة اليافعة: معاهدة جديدة وقعت بالأمس بين حكومتنا وحكومة التاج البريطاني. إنها الورقة التي استبدلت معاهدة 1922، ويفترض أنها آخر صك للانتداب الذي جثم على صدر العراق منذ قيام المملكة قبل ثماني سنوات.

منذ عقدت تلك الاتفاقية الأولى عقب ثورة العشرين، دخل العراق طورا من التأسيس الهش: توجنا فيصل الأول ملكا علينا لنثبت للغرب أن بين دجلة والفرات دولة تستحق أن تحكم بحكومة ومجلس أمة. اجتمعنا في الجمعية التأسيسية، ووضعنا قانونا أساسيا، وقلنا إن بغداد صارت عاصمة لجسم جديد اسمه العراق.

لكن ما الذي ثبت فعليا؟ بقي المستشار البريطاني في المالية لا تصرف ليرة إلا برأيه، والمستشار العسكري يرسم هيكل جيشنا الوليد، والسكك والموانئ والبرق بيد شركات بريطانية. في البادية لم تخضع العشائر إلا بالضريبة، وفي الموصل بت النزاع مع تركيا عام 1926 لكن بقي الأكراد والآشوريون كقضية عالقة. وفي مدننا بقيت الصحافة تكتب وتصادر في آن، يعلو صوتها بالاستقلال لكنها لا تكسر سياج الانتداب.

ثمانية أعوام مضت، وشعبنا لم يكن شعبا متماسكا بعد، بل أقوام وأطياف ومناطق: عرب من بغداد إلى البصرة، كرد في الجبال، تركمان وآشوريون في شمال الموصل، وشيعة وسنة يقاسمون الحكم أكثر مما يوحدونه. ومع ذلك ظهرت نخبة سياسية وصحافة وطنية وحركات طلابية واحتجاجات أخذت تصرخ: نريد حريتنا كاملة.

ثم جاء النفط هذا الذهب الأسود الذي تدفق في كركوك منذ 1927 لينعش الأطماع ويعيد رسم خرائط الهيمنة. لم يكن البريطاني ليتركنا نفاوض امتيازاتنا وحدنا، فجاءتنا هذه المعاهدة الجديدة التي تقول لنا: سنمنحكم مقعدا في عصبة الأمم، ونمنحكم لقب دولة مستقلة في 1932، لكن قواعدهم ستبقى على أرضنا، وحق مرور جيوشهم محفوظ، وامتيازات الشركات مضمونة لعقود مقبلة.

فهل تبدد الانتداب أم صار اسما آخر؟
هل صرنا شعبا له سيادة حقا، أم أن كل ما تغير هو الختم على الورق؟

لسنا ننكر أن لهذه المعاهدة بابا نلج منه إلى اعتراف الأمم بنا دولة مستقلة ذات سيادة. لكنها في جوهرها تذكير قاس بأن الحرية عند الأقوياء تصنع بالقطارة، وأن هذا الكيان الذي اسمه العراق لم يزل مشروعا معلقا بين مدن لم تغو بعد بفكرة الوطن الواحد، وعشائر تحتفظ بولائها الأول لخيامها لا لعلم الدولة، وطوائف ترى في السلطة حصصا لا مسؤولية مشتركة.

ومع ذلك، فمن بين ركام الانتداب والمستشارين والساسة الذين تعلموا الحكم في مدارس الإنجليز، ولد شيء جديد: صار لدينا برلمان يعترض ولو منقوصا، وصحافة تخاطر، وأبناء مدن يسافرون من البصرة إلى الموصل فيطمعون أن يسموا عراقيين لا رعايا ولا تابعين.

إنها سيرورة طويلة لم تكتمل بعد لكنها تسير. وها هي معاهدة الأمس تذكرنا: لسنا شعبا كاملا بعد، لكننا حتما لسنا قبائل وولايات متفرقة كما كنا. فمن رحم التناقض يولد المعنى: إن بقيت أيدي الأجنبي ممدودة فوق رؤوسنا، فلن يكون الخلاص إلا إذا امتدت أيدينا نحن لنحمل هذا الوطن ونكتبه بأنفسنا، لا أن يكتب في مكاتب المندوب السامي.

هذا يوم آخر يضاف إلى سفرنا الطويل: قد يكون بابا إلى عصبة الأمم، أو قد يكون قيدا جديدا من ذهب. لكن من يدري؟ لعل هذه الورقة، رغم قيودها، توقظ فينا تلك البذرة التي نسميها على استحياء الشعب العراقي.

....يتبع



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق...2
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..1
- نقد مقولة «لا يمكن التخلي عن اقتصاد السوق والمنافسة»..ج2
- لحظة الانهيار الغامضة: حين ألقى حزب العمال الكردستاني سلاحه
- نقد مقولة «لا يمكن التخلي عن اقتصاد السوق والمنافسة»
- اللادولة العراقية: بين الكونفدرالية المحتملة وحرب أهلية أقرب ...
- حرب البذور… سلاح دمار مؤجل في ترسانة قوى الرأسمال
- الاطار السياسي لمهام المشروع الاشتراكي
- المجمعات السكنية في عهد السوداني: رفاه للنخبة أم حل لأزمة ال ...
- الطفل الذي يسقيك تأنيبًا..البعد النفسي لاشراك الاطفال في الش ...
- عاشوراء العراقيين ...حسين يقتل حسينا
- تفاصيل الحياة اليومية في غزه..تغيب مقصود أم ماذا؟
- نقد جذري للذكاء الاصطناعي الرأسمالي وخطة عودة إلى الأرض
- حينما تفقد الملكية معناها: تفكيك النقد الميكانيكي للاشتراكية
- العداله الاجتماعيه..حتم التناقض الثنائي
- لا جدال في اشتراكية الاتحاد السوفياتي..
- في محاكاة العشرة التوراتية وطقس عاشوراء الشيعي
- مقتل الحسين والتسيس التكتيكي العباسي
- التغيير (( العراقي ))..من الافتراضي الى الممكن..ج3
- التغيير ((العراقي )).. من الأفتراضي الى الممكن ..ج2


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يُعلن استهداف دبابات في الريف الغربي للسويد ...
- مصر: تسجيل صوتي منسوب لوزير النقل ينتقد فيه -هشاشة البنية ال ...
- دولة جديدة تلوح في الأفق، ماذا نعرف عن استقلال كاليدونيا الج ...
- نتنياهو يرفض خطة إقامة -مدينة إنسانية- جنوبي غزة ويتّهم حماس ...
- بين الذاكرة والمخاوف: -لبنان الكبير- والتحديات القادمة من -ب ...
- الأنظار تتجه إلى بروكسل.. اجتماع دولي يضم وزيري خارجية فلسطي ...
- حدثان أمنيان في غزة ووسائل إعلام إسرائيلية: العثور على جثة ج ...
- فرنسا: إلقاء القبض على سجين فر من سجن بضواحي ليون داخل حقيبة ...
- إعلام إسرائيلي: نتنياهو أطال الحرب لدوافع حزبية
- تردي الوضع الصحي لحسام أبو صفية في سجون الاحتلال


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق ...3