ليث الجادر
الحوار المتمدن-العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 19:52
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
مطرقة الفرد الثوري: في غياب الجماعة وسقوط الممكن
في اللحظات التي تتعفّن فيها البنية السياسية وتغيب فيها كل شروط التنظيم الثوري، لا يبقى للفرد الواعي سوى أن ينهض بوظيفته الخطيرة: أن يتحوّل إلى مطرقة. ليس في وجه السلطة وحدها، بل في وجه الأسس الشعبية التي تُنتج تلك السلطة وتعيد إنتاجها باستمرار.
في الحالة العراقية، حيث تتعذر كل مقومات العمل الجماعي المقاوم، وحيث جرى تفكيك الوعي العام حتى آخر ذرة، لا معنى للانتظار، ولا جدوى من المراهنة على نضوج سياسي لن يأتي. هنا، لا مكان للتنظيم، ولا أرضية لحزب، ولا فرصة لحركة، بل فقط فرد يعي أنّ الصمت خيانة، وأن الهدم هو الفعل الثوري الأول.
هذا الفرد لا يهادن، ولا يتراجع، ولا ينتظر الإجماع. إنه يقف في العراء، مطوّقًا بالبؤس الاجتماعي وبالأوهام الدينية والوطنية والعشائرية، ومع ذلك يضرب. يضرب في جذر ما يعتبره المجتمع مقدسًا: الدين، العشيرة، الزعامة، الرموز، الخطاب الوطني الرومانسي، الشخصيات الأدبية المتواطئة، شعراء السلطة، كهنة الفكر، مثقفو التبرير.
الهدم الثوري لا يبدأ من مواجهة السلطة الظاهرة فحسب، بل من تحطيم الركائز الثقافية التي تمنحها الشرعية والدوام. ولهذا فإن إرادة الهدم تتقصّد عن وعي مهاجمة التابوهات الشعبية قبل أن تبلغ تابوهات السلطة. فالإمام وشيخ العشيرة ورجل الدين وشاعر القومية البرجوازية، هم أذرع منظومة، لا يختلفون عن السياسي، وإن اختلفت الأزياء.
في زمن خنوع الجماهير وضمور الأحزاب وتحلّل النخب، يصبح الفرد هو المعول. لا يدّعي زعامة، ولا يبحث عن جمهور، بل يمارس الهدم بوصفه فعلًا طليعيًا، أخلاقيًا، واعيًا. لا تقوده الكراهية، بل اليقين بأن ما بُني على وهم، لا يُصلح، بل يُنسف.
لا حصانة أمام هذه الإرادة. كل من ساهم في تشكيل العقل الخامل، واستبقاء الاستبداد، وتجميل القبح، هو خصم. فالهدم هنا ليس فوضى، بل فعل تأسيسي: تدمير الأساس لفتح أفق الإمكان.
في غياب الممكن الثوري، لا يبقى إلا الثورة بوصفها سلوكًا فرديًا، وعيًا صارمًا، وهدمًا لا يساوم.
#ليث_الجادر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟