أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - من “الملحمة” إلى الجيوسياسة: الحوثيون بين الدعم الإيراني والصمت الصيني














المزيد.....

من “الملحمة” إلى الجيوسياسة: الحوثيون بين الدعم الإيراني والصمت الصيني


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21 - 13:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في المقال الذي ترجمه د. زياد الزبيدي بعنوان "سذاجة أم بطولة؟ ملحمة الحوثيين في البحر الأحمر وتحوّلهم إلى قوة إقليمية" والمنشور في موقع "الحوار المتمدن" بتاريخ 21 تموز/ يوليو 2025، نجد عرضًا مُنمقًا لحادثة بحرية تمثلت في هجوم جماعة "أنصار الله" الحوثية على سفينتين في البحر الأحمر، معتمدًا على ترجمة تحليل روسي من موقع military review. المقال يسلط الضوء على ما اعتبره تحوّلًا نوعيًا في أداء الحوثيين من جماعة قبلية إلى "جيش إقليمي محترف".

لكن قراءة كهذه – رغم ما فيها من شواهد على التطور العسكري – تفتقد إلى عمق التحليل السياسي، وتتجاهل عمدًا أو سهوًا الأبعاد الأوسع التي تحكم هذا التحول، وتحديدًا: الدور الإيراني البنيوي والتموضع الصيني الخلفي، فضلًا عن انزلاق النص إلى تمجيد خطابي لا يخلو من طابع دعائي.

أولًا: الدعم الإيراني – قلب التحول الحوثي
التحليل المترجم يشير باقتضاب إلى إيران، ويُدرجها في سطر عرضي دون تخصيص، وكأنها فاعل ثانوي في صعود الحوثيين، بينما الواقع أن إيران تمثل العمق البنيوي الرئيسي لكل ما نشهده من تطور حوثي منذ 2015. فقد أنشأ "فيلق القدس" شبكات تدريب شملت مئات العناصر الحوثية في معسكرات قرب الأهواز وبالقرب من بيروت. وتم نقل تكنولوجيا صاروخية بحر-بحر متقدمة – مثل "نور" و"قدير" – عبر شبكات تهريب معقدة، بالتعاون مع وحدات خاصة من "حزب الله".
فضلًا عن ذلك، تم نقل الخبرة التقنية الخاصة بالطائرات المسيّرة من طراز "شاهد" إلى الحوثيين، ما منحهم القدرة على تنفيذ ضربات دقيقة ذات أثر استراتيجي رمزي وعملياتي. لذلك فإن تصوير هذه القوة وكأنها "نتاج تطور داخلي ذاتي" هو تقزيم لحقيقة معقدة ومتعددة المستويات من الرعاية والتخطيط والتحشيد.

ثانيًا: الغياب الصيني – الحاضر الغائب في معركة الممرات
من المستغرب أن يغيب تمامًا الذكر الصيني في تحليلٍ يتناول تغير التوازن العسكري في البحر الأحمر، أحد أهم الممرات البحرية في العالم. منذ العام 2017، تمتلك الصين قاعدة عسكرية دائمة في جيبوتي، وهي تراقب وتُؤمّن مصالحها عبر الموانئ في إريتريا والسودان، ومرتبطة بمشروع "الحزام والطريق".
لكن الأهم أن الصين تغض الطرف عمّا يجري، بل تستفيد ضمنيًا من الاشتباك الحوثي مع السفن الغربية، بوصفه استنزافًا مجانيًا لخصمها الاستراتيجي، أي الولايات المتحدة. فالاضطراب في الملاحة ليس كارثة بالنسبة للصين، بل ورقة ضغط غير مباشرة تُضعف من قدرة الغرب على التحكم الحصري بممرات التجارة الدولية. الحوثيون في هذه المعادلة مجرد “شوكة استراتيجية” في خاصرة الهيمنة الغربية، وإن لم يكونوا حلفاء مباشرين لبكين.

ثالثًا: من “الملحمة” إلى الدعائية
الكاتب الروسي رومان سكوموروخوف – مصدر المقال – يتحدث عن "ملحمة حوثية" و"سذاجة غربية"، في لهجة أقرب إلى المرافعة الدعائية منها إلى التحليل العسكري الرصين. فهو يصور الانسحاب التكتيكي للحوثيين من أمام نيران الطاقم المسلح كإنجاز حربي، ويصف غرق سفينتين تجاريتين بأنه "عرض احترافي"، في تجاهل واضح للسياقات القانونية والإنسانية، والأهم: للسؤال الجوهري حول إمكانية استمرار هذا النموذج كقوة ردع مستدامة، أم أنه مجرد تكتيك رمزي محدود التأثير.
التحليل الروسي يتماشى مع تقليد دعائي معروف: تحويل خصوم أمريكا إلى "أساطير مقاومة" من طالبان إلى فاغنر إلى الحوثيين، في سرديات تهدف إلى كسر هيبة النموذج الغربي أكثر من تقديم فهم موضوعي للصراع.

رابعًا: محدودية الإنجاز – ومخاطر "الانتصار الرمزي"
رغم كل ما قيل عن “الاحترافية” الحوثية، فإن الواقع لا يشي بتحوّل جذري في قواعد الاشتباك. الحوثيون لم يحصلوا على اعتراف سياسي دولي، ولا زالوا يتعاملون بمنطق "الضرب من الأطراف"، دون أن يتحولوا إلى لاعب بحري معترف به. بل إن مثل هذه العمليات قد تُستخدم لاحقًا كمبرر لضربات استباقية أمريكية أو إسرائيلية أشد قسوة، تجعل من هذه "الملحمة" تمهيدًا لانكشاف استراتيجي.
ثم إن البنية الداخلية في اليمن لا تحتمل هذا التصعيد الطويل، إذ يعاني السكان من أزمة إنسانية خانقة، ما يجعل من كل انتصار خارجي محفوفًا بتكلفة داخلية تُقوّض مشروعية الحوثيين نفسها.

خاتمة: الدرس الذي لم يُكتب
بين التهويل الروسي والتبسيط الغربي، يظهر الحوثيون كقوة هجينة تم تطويرها بعناية إيرانية وتُوظَّف أحيانًا ضمن توازنات صينية – أمريكية كبرى. ما حدث في البحر الأحمر ليس "ملحمة" بل فصل في لعبة الجغرافيا البحرية العالمية، حيث تتقاطع التكنولوجيا الإيرانية، والمصالح الصينية، والقصور الغربي، على مسرحٍ يمنيّ ملتهب.
التاريخ لن يحكم على هذه اللحظة بما فيها من "شجاعة تكتيكية"، بل بما تؤول إليه لاحقًا من تغيرات في معادلات الردع، والشرعية، والسيادة البحريه



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصحر في العراق . أم تصحير .. ؟
- ترامب يحدث شرخا في العلاقات الاسرائيليه- الامريكيه
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..10
- الهيئه الأقتصاديه لتيار الصدر
- السويداء: حين يُستبدل -داعش- بـ-البدو-.. في لغة الإعلام وغمو ...
- لنتصدى لاستعباد العمال والعاملات الوافدين
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..8 و9
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..6و7
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزيق..4و5
- النهج الماركسي في مواجهة التجريبية الاقتصادية
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق ...3
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق...2
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..1
- نقد مقولة «لا يمكن التخلي عن اقتصاد السوق والمنافسة»..ج2
- لحظة الانهيار الغامضة: حين ألقى حزب العمال الكردستاني سلاحه
- نقد مقولة «لا يمكن التخلي عن اقتصاد السوق والمنافسة»
- اللادولة العراقية: بين الكونفدرالية المحتملة وحرب أهلية أقرب ...
- حرب البذور… سلاح دمار مؤجل في ترسانة قوى الرأسمال
- الاطار السياسي لمهام المشروع الاشتراكي
- المجمعات السكنية في عهد السوداني: رفاه للنخبة أم حل لأزمة ال ...


المزيد.....




- اختفت منذ 82 عامًا.. اكتشاف سفينة حربية يابانية من الحرب الع ...
- نظرة على معاناة عائلة للحصول على طبق واحد فقط في غزة
- غزة: مقتل أكثر من 1000 فلسطيني لدى محاولتهم الحصول على مساعد ...
- إردام أوزان يكتب: وهم -الشرق الأوسط الجديد-.. إعادة صياغة ال ...
- جندي يؤدي تحية عسكرية للأنصار في سيطرة ألقوش
- 25 دولة غربية تدعو لإنهاء الحرب في غزة وإسرائيل تحمل حماس ال ...
- -إكس- و-ميتا- تروّجان لبيع الأسلحة في اليمن.. ونشطاء: لا يحذ ...
- عاجل | السيناتور الأميركي ساندرز: الجيش الإسرائيلي أطلق النا ...
- سلاح الهندسة بجيش الاحتلال يعاني أزمة غير مسبوقة في صفوفه
- السويداء وتحدي إسرائيل الوقح لسوريا


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - من “الملحمة” إلى الجيوسياسة: الحوثيون بين الدعم الإيراني والصمت الصيني