أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - الإخوان المسلمون: استنساخ استخباراتي بريطاني للماسونية في الشرق الإسلامي














المزيد.....

الإخوان المسلمون: استنساخ استخباراتي بريطاني للماسونية في الشرق الإسلامي


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8422 - 2025 / 8 / 2 - 14:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن جماعة الإخوان المسلمين، في بنيتها الطقسية والتراتبية والغنوصية، لا تُظهر مجرد تشابه عرضي مع المحافل الماسونية، بل تبدو – بالأدلة الرمزية والتنظيمية والسياقية – كاستنساخ وظيفي تم بإشراف استخباراتي بريطاني، غايته تعريب الماسونية وإلباسها لبوسًا إسلاميًا مقبولًا في المجتمعات المستعمَرة، لتكون أداة لضبط الحراك الديني وتوجيهه بدل تركه خارج السيطرة.

التأسيس: ماسونية معرّبة

حين ننظر في مذكرات حسن البنا وسلوك التنظيم الخاص، نرى:

بيعة طقسية على الموت والطاعة العمياء (نموذج ماسوني كلاسيكي).

تسلسل تراتبي لا يمنح "السر" إلا بعد مراحل من التلقين والتأهيل.

حضور كثيف للرمزية الاستنارية (النور، النخبة، الأستاذية).

غموض في التمويل والمقرات وتوسّع سريع غير مفسّر.


وإذا توقفنا عند "الرمزية الاستنارية"، نجد أنها لم تكن مجرد استعارات لغوية، بل حاضرة بشكل مركزي في خطاب الجماعة ومفاهيمها التربوية والتنظيمية. كلمات مثل "النور"، "الهداية"، "الصفوة"، "الإخوان الصادقون"، و"الأستاذ المرشد" لا تُستخدم بمعناها الديني التقليدي فحسب، بل تُعيد إنتاج ثنائية التنوير والنخبة كما ظهرت في الخطابات الغنوصية والماسونية.

النور هنا ليس فقط ضوء الحق، بل ضوء "المعرفة السرية" التي لا تُعطى إلا لمَن اجتاز الاختبار وتلقى التلقين، كما في طقوس المحافل. وهذا ما يجعل من “الاقتراب من مركز النور” حالة مرادفة للتدرج في السلم التنظيمي، لا نتيجة مباشرة للإيمان، بل للانتماء المُصفّى. إن "القرب من النور" في السياقات الدعوية للإخوان، يعكس تصورًا هرميًا للاقتراب من الحقيقة، كما هو الحال في أنظمة الأسرار الباطنية، حيث لا يُفتح "الباب" إلا لمن بلغ، وأثبت جدارته، وكان من "الخواص".

هنا يظهر بوضوح دور الأقارب، لا بالمعنى العائلي، بل بالمعنى الرمزي للتقارب من "النور". فجماعة الإخوان تبنت منذ نشأتها خطابًا يكرّس التمييز بين "الأخ العادي" و"الأخ الخاص"، بين "العامة" و"الخاصة"، تمامًا كما تميز الماسونية بين "المنتمين" و"العارفين"، حيث يحتفظ من هم في الداخل بدائرة من الأسرار، ويفرضون على من هم دونهم مسافة روحية وتنظيمية تعيد إنتاج منطق النخبة.

هذا التمايز لم يكن تنظيميًا فقط، بل عاطفيًا وسلوكيًا: فـ"القريب من الأستاذ المرشد" ليس مجرد فرد في التسلسل، بل حامل لرمزية "الابن الروحي"، و"المؤتمن على السر"، و"الحارس على الهيكل". يُنظر إليه كمن أنار قلبه النور، فأصبح محاطًا بهالة من القداسة التنظيمية، تقرّبه لا من القيادة فحسب، بل من "الرسالة ذاتها".

في هذا السياق، يصبح مفهوم "الأخ" عند الإخوان ليس مجرد رابط ديني، بل رتبة رمزية تُعطى، ويُراقب سلوك حاملها ويُقيّم. ومن يترقى في هذه البنية، يقترب أكثر فأكثر من "الجوهر"، أو ما تسميه أدبياتهم "الفهم الصحيح للدعوة"، وهو ما يشبه تمامًا الصعود التدريجي في درجات المحفل، حيث الاقتراب من "النور الكامل" لا يُمنح، بل يُنتزع بالولاء، والتكوين، والسرية.

حتى صورة "الأستاذ المرشد" نفسها – كما تتجلى في خطاب الجماعة – تُقابل مقام "الماستر" في الماسونية، فهو ليس قائدًا سياسيًا أو إداريًا فحسب، بل رمز النور والسر، ومصدر التوجيه العقلي والروحي. يُروى في أدبيات الإخوان الكثير من القصص عن "حكمة المرشد" التي تهدي الحائرين، وعن "كلمات الإلهام" التي تغيّر مسارات أفراد، مما يُضفي عليه هالة كاريزمية ليست بعيدة عن القداسة الرمزية.

كل هذه المؤشرات، حين توضع في سياق الثلاثينات، حيث كانت القاهرة أحد مراكز نشاط المخابرات البريطانية والماسونية الفرنسية، تدعم فرضية أن حسن البنا لم يكن أكثر من واجهة لـ"نموذج ماسوني مُسلم"، مُهيأ لأداء وظيفة مزدوجة: احتواء الدين من الداخل، وضبط الاتجاهات الإسلامية الصاعدة.

العلاقة بالاستخبارات البريطانية

ليس سرًا أن بريطانيا كانت في صلب بنية الحكم المصري حينها، وأنها اعتمدت آليات غير مباشرة لإدارة المجال الديني، عبر:

دعم جمعيات صوفية معتدلة.

تفتيت الحركة السلفية.

السماح بوجود جماعات تخلق انشغالًا داخليًا دائمًا، شرط ألا تستهدف بنية الاحتلال.


جاء الإخوان، ضمن هذا التصور، كـ"ماسونية إسلامية"، تعيد إنتاج طقوس المحفل في قالب دعوي–اجتماعي، وتنتج شبكة أفراد يمكن تطويعها أو توجيهها عند الحاجة.

من الأداة إلى التمرد

غير أن الأمور تغيّرت لاحقًا. بعد الاستقلال الشكلي للدول العربية، بدأ الإخوان يتوسعون وظيفيًا خارج الدور المرسوم لهم. ومع أحداث الربيع العربي، حاولت الجماعة التحول من أداة ضبط إلى أداة حكم، بل تجاوزت في بعض السياقات المراكز التقليدية للقرار (كما حدث في مصر وتونس).

هذا التحول وُوجه بعداء شديد من نفس القوى التي سمحت بنشأة الإخوان أو صمتت عنها لعقود: الولايات المتحدة، فرنسا، الإمارات، السعودية... وكلها ترتبط بدرجات متفاوتة بمنظومة نُخبوية–ماسونية عالمية.

كيف نفسّر هذا التحول؟

لا تناقض هنا، بل تطور طبيعي حين تتمرّد الأداة على المصمِّم. لقد حاول الإخوان، بعد عقود من التغلغل، تجاوز وظيفتهم الأصلية والدخول في دائرة الصراع على الهيمنة، لا فقط التوجيه الرمزي.

وهنا جاء الرد: تفكيك الشبكة، وصناعة سردية جديدة تقول إنهم "إرهابيون" لا "مُربّون"، وأنهم "تهديد للدولة"، لا "حصن ضد التطرف". هذا ما فعلته الإمارات ومصر وفرنسا تحديدًا.

الخلاصة التحليلية

جماعة الإخوان المسلمين ليست شبيهة بالماسونية عرضًا، بل هي استنساخ مخبري استخباراتي بريطاني للماسونية في بيئة إسلامية، وُلدت لأداء وظيفة محددة: احتواء الدين داخل هيكل هرمي قابل للتوجيه.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حماس: الجذر الإخواني والدعم القطري في سياق التوازن مع إسرائي ...
- الإسلام السياسي : أسلمة الرأسماليه
- في تجذير العجز: الرعايه الاجتماعية كآلية لضبط الجماهير
- جهاز استخبارات الحشد الشعبي: البنية، الصلاحيات، والعلاقة بال ...
- الوطنية كجدل يمزّق، واللادولة كفراغ مفاهيمي
- الوطنية العراقية ومأزق الكردي: ولاء يُطلب بلا شراكة
- الروح الوطنية العراقية: من رابطة سيادية إلى أداة قمع رمزي
- في تقديس الكيان الميت: تناقضات الطائفة ووهم الدولة
- مهمة الثوري العراقي المرحليه..الهدم ثم الهدم
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )..2
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..11 و 12
- من “الملحمة” إلى الجيوسياسة: الحوثيون بين الدعم الإيراني وال ...
- تصحر في العراق . أم تصحير .. ؟
- ترامب يحدث شرخا في العلاقات الاسرائيليه- الامريكيه
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..10
- الهيئه الأقتصاديه لتيار الصدر
- السويداء: حين يُستبدل -داعش- بـ-البدو-.. في لغة الإعلام وغمو ...
- لنتصدى لاستعباد العمال والعاملات الوافدين


المزيد.....




- الهند والصين تُعيدان فتح الحدود للسياح بعد قطيعة طويلة
- حتى الحبس له فاتورة.. فرنسا تدرس إلزام السجناء بدفع تكاليف ا ...
- إلى أين وصلت خارطة الطريق الأممية الخاصة بليبيا؟
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يرهن وقف الحرب في غزة بإطلاق سرا ...
- سردية -معاداة السامية- تجبر جامعة كولومبيا على تسوية مع إدار ...
- الحكومة البريطانية تعين صحفيا من -ذا صن- رئيسا للاتصالات
- لامي: استهداف منتظري المساعدات في غزة -مقزز-
- معاريف تكشف عن تغير -لافت- في إدارة المعركة ضد قيادة حماس
- فيديو يظهر لحظة مداهمة فيضانات مفاجئة منزلًا في نيويورك.. شا ...
- آلاف الزوار يتدفقون لالتقاط الصور.. ومزارعون إيطاليون يردّون ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - الإخوان المسلمون: استنساخ استخباراتي بريطاني للماسونية في الشرق الإسلامي