أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - الإسلام السياسي : أسلمة الرأسماليه














المزيد.....

الإسلام السياسي : أسلمة الرأسماليه


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8419 - 2025 / 7 / 30 - 15:31
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يمكن تعريف الإسلام السياسي بأنه ليس إلا محاولة لأسلمة الرأسمالية: أي إدماج جوهر النظام الرأسمالي من حيث التفاوت الطبقي، قداسة الملكية الخاصة، التسليع، والبنية الطوعية للعبودية ضمن خطاب إسلامي شكلي، يجعل من الليبرالية الاقتصادية قدرًا مقدسًا، بشرط أن تضع على هامشها النية الصالحة والطهارة الشخصية والزكاة باعتبارها مسكّنًا لا يغيّر شيئًا في عمق البنية.

ولفهم هذا التداخل بين الدين والرأسمال، يمكن أن نستلهم رؤية تاريخية في النصوص التأسيسية للديانات الإبراهيمية، لنستكشف المواقف الاقتصادية فيها، وتحديدًا في التوراة، الإنجيل، والقرآن:

النهج الاقتصادي في التوراة: ازدواجية واضحة

تتجلى في التوراة مفارقة طبقية عميقة بين من هو داخل جماعة بني إسرائيل ومن هو خارجها. تُرسي الشريعة التوراتية نهجًا اقتصاديًا يقوم على:

داخل الجماعة اليهودية: تشدد التوراة على العدالة الاجتماعية الداخلية، إذ تحظر الربا بين اليهود، وتفرض تحرير العبيد في سنة اليوبيل، وردّ الأراضي لأصحابها الأصليين، وتسقط الديون بعد كل سبع سنوات. وهذا يُظهر تصميماً على تقليص التفاوت الطبقي داخل الجماعة.

خارج الجماعة اليهودية: تُبيح التوراة الربا والاستغلال الاقتصادي لغير اليهود، وتُجيز استعباد الأجانب بلا قيود تحرير. بمعنى آخر، يَسري النظام الاقتصادي العنيف والاستغلالي عند التعامل مع الآخر، بينما يُمارس نظام عدالة داخلية انتقائية على أبناء الجماعة.

النهج الاقتصادي في الإنجيل: العدمية الاقتصادية

يتجه العهد الجديد الإنجيل إلى نفي الجسد والمادة والملكية، ويدعو إلى التخلي عن الثروة كشرط لخلاص الروح:

مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من دخول غني إلى ملكوت السماوات.

المسيح يطرد الصيارفة من الهيكل.

الدعوة إلى إعطاء الرداء لمن سلبك القميص.

بهذا المعنى، فالنهج الاقتصادي الإنجيلي عدمي تجاه الاقتصاد: لا يسعى إلى إصلاحه بل إلى التخلي عنه، باعتبار الأرض مكانًا للفداء لا للعدل، واعتبار الغنى عائقًا لا نعمة.

النهج الاقتصادي في القرآن: تثبيت التفاوت بقداسة دينية

على عكس تصورات البعض، لا يطرح القرآن نموذجًا اقتصاديًا مساواتيًا، بل يُقدّس الملكية الخاصة باعتبارها هبة من الله، ويقرّ الفوارق الطبقية بوصفها جزءًا من مشيئته:

والله فضل بعضكم على بعض في الرزق.

يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر.

الزكاة هنا ليست أداة لإعادة توزيع الثروة بشكل جذري، بل فريضة تهذيبية محدودة النطاق لا تمس جوهر تراكم المال، ولا تعالج الاختلالات الهيكلية. كما أن القرآن لم يُكفّر من لا يدفع الزكاة، ولا من يمسك الحسنات، بل أبقى البنية العامة للتملك على حالها. بل حتى في وصف الجنات – وهي مآل المؤمنين – لم يُسقط الملكية، بل كرّسها في صورة جنات تجري من تحتها الأنهار.

النهج القرآني هنا ليس عدميًا كالمسيحية، ولا انتقائيًا ثنائيًا كالتوراة، بل يقوم على تثبيت النظام القائم، وإضفاء بعد غيبي روحي عليه، وجعله قدراً إلهياً، مما يمهّد لاحقًا لظهور الإسلام السياسي بوصفه شكلًا روحيًا للرأسمالية.

الإسلام لم يُدين النظام الطبقي:

قدّس الملكية الخاصة بوضوح، وفرض لها الحماية القصوى، فمن قتل في الدفاع عنها فهو شهيد.

أقر التفاوت الطبقي بقوله الصريح نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا، والله فضل بعضكم على بعض في الرزق.

ربط التفاوت بالمشيئة الإلهية، لا بالظلم أو الخلل البنيوي في النظام الاقتصادي.

لم يكفّر من لا يدفع الزكاة:

الزكاة واجبة، لكن تركها لا يُخرج من الملة عند جمهور الفقهاء، إلا إذا أنكر وجوبها. أما من بخل بها فهو آثم لكنه ليس كافرًا.

لم يُجرِّم الإسلام تكديس الثروة إلا بشكل رمزي غامض، ومن دون تشريع حقيقي يُلزم بإعادة توزيعها



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في تجذير العجز: الرعايه الاجتماعية كآلية لضبط الجماهير
- جهاز استخبارات الحشد الشعبي: البنية، الصلاحيات، والعلاقة بال ...
- الوطنية كجدل يمزّق، واللادولة كفراغ مفاهيمي
- الوطنية العراقية ومأزق الكردي: ولاء يُطلب بلا شراكة
- الروح الوطنية العراقية: من رابطة سيادية إلى أداة قمع رمزي
- في تقديس الكيان الميت: تناقضات الطائفة ووهم الدولة
- مهمة الثوري العراقي المرحليه..الهدم ثم الهدم
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )..2
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..11 و 12
- من “الملحمة” إلى الجيوسياسة: الحوثيون بين الدعم الإيراني وال ...
- تصحر في العراق . أم تصحير .. ؟
- ترامب يحدث شرخا في العلاقات الاسرائيليه- الامريكيه
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..10
- الهيئه الأقتصاديه لتيار الصدر
- السويداء: حين يُستبدل -داعش- بـ-البدو-.. في لغة الإعلام وغمو ...
- لنتصدى لاستعباد العمال والعاملات الوافدين
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..8 و9
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..6و7


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يحبط محاولة بيرني ساندرز لمنع بيع الأسلحة ...
- بلاغ الكتابة التنفيذية للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي
- “الإنسانية” في حوار مع الرفيق جورج ابراهيم عبدالله بالقبيات ...
- بيان الحزب الشيوعي السوداني بشأن بإعلان الحكومة الموازية برئ ...
- بيان حول “شحنة عسكرية جديدة تمرّ عبر ميناء طنجة المتوسط في ط ...
- اليسار والنضال الاجتماعي: من دروس مسيرة كادحي ايت بوكماز
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- ملك المغرب: تراجع الفقر وتحسن التنمية البشرية يحفزان تعزيز ا ...
- عاجل | السيناتور الأميركي بيرني ساندرز: لا يمكننا الاستمرار ...
- في سراب الدولة الفلسطينية


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - الإسلام السياسي : أسلمة الرأسماليه