أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - الوطنية العراقية ومأزق الكردي: ولاء يُطلب بلا شراكة














المزيد.....

الوطنية العراقية ومأزق الكردي: ولاء يُطلب بلا شراكة


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 22:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في العراق، تُطرح "الوطنية" غالبًا لا كعقد جامع بين مكوّنات متساوية، بل كصيغة إملائية تُفصَّل في المركز وتُفرَض على الأطراف. وبينما يُفترض أن تكون الروح الوطنية رابطة سيادية طوعية، تتحوّل في المخيال العربي العراقي السائد – سواء عند السني العروبي أو الشيعي الحاكم – إلى مطلب من طرف واحد، لا التزامًا متبادلًا.

أولًا: الوطنية كمطلب إذعان من طرف واحد
حين يُطلب من الكردي أن "يتحلّى بالروح الوطنية"، فذلك لا يعني عادةً إشراكه بندّية في المشروع الوطني، بل يُقصد به أن:

يتخلى عن حلم الدولة الكردية،

يتنازل عن لغته لصالح العربية بوصفها "لغة الوطن"،

يُدين علنًا كل حراك استقلالي كردي باعتباره خيانة.

بمعنى آخر، يُطلب من الكردي أن ينكر خصوصيته كي يُعترف به كمواطن. تصبح "الوطنية" هنا مرادفًا لـالطاعة، لا الشراكة. يُراد منه أن ينتمي إلى كيان لا يعترف به إلا متى أنكر ذاته.

ثانيًا: معادلة الإذعان والإذلال

في هذا السياق، لا يُنتظر من الكردي أن "يحب الوطن"، بل أن يقبل بدور التابع في دولة يُدار دستورها بالتحاصص، لكنها لا تمنحه شعورًا حقيقيًا بالانتماء.
يُطلب منه أن يشارك في الدفاع عن "العراق"، رغم أن هذا العراق لم يدافع يومًا عن ثقافته ولا عن هويته.

هذا الخطاب يحمل قدرًا واضحًا من الازدراء الرمزي:

الكردي يُتهم دائمًا بأنه "أقلّ ولاءً"،

أو "أداة لإسرائيل"،

أو أن "قوميته انفصالية بطبعها".

وليس الكردي وحده المستهدف بهذا التصور، بل تُسقط هذه النظرة كذلك على التركمان والآشوريين وسائر الأقليات، وكأنهم جميعًا مواطنون تحت الاختبار، يجب أن يثبتوا وطنيتهم مرارًا كي تُعترف بهم الدولة.

ثالثًا: الكردي ليس بلا وطنية... بل بلا وطن يُشبهه

ما يغيب عن هذا الخطاب المركزي أن الكردي لم يرفض الانتماء، بل رفض الإقصاء.
حين صوّت للاستقلال في 2017، لم يصوّت ضد العراق، بل ضد دولة لم يُشركه أحد في صياغتها، وضد وطن يُراد له أن يكون على مقاس الأكثرية، لا على مقاس التعدد.
الكردي في عراق اليوم هو مواطن مشروط:
وطني إذا سكت،
خائن إذا طالب بحقوقه،
انتهازي إذا فاوض،
انفصالي إذا قرر صياغة مصيره بنفسه.
إنه باختصار، وطنيٌّ مؤقتٌ، لا دائمٌ.

رابعًا: الروح الوطنية الحقيقية… ليست أداة ابتزاز

إذا أردنا الحديث حقًا عن "روح وطنية" يُنتظر أن يتحلى بها الكردي – أو أي مكوّن غير مركزي – فلا بد أن تكون هذه الروح نابعة من:

اعتراف الدولة بهويته القومية كشريك لا كاستثناء،

ضمان تمثيله العادل سياسيًا وثقافيًا ولغويًا،

إعادة تعريف الوطن بوصفه عقدًا تعدديًا، لا سردية أكثرية.
فقط عندها يمكن الحديث عن:

ولاء اختياري لا انتماء قسري،

وطنية فاعلة لا مشروطة،

وحدة غنية بالاختلاف، لا مفروضة بمنطق الولاء الأعمى.
هذا هو المأزق البنيوي في "الوطنية العراقية":
أن تُفرَض من المركز، وتُختبَر في الأطراف، وتُختزل بالولاء لا بالشراكة. وما لم يُعاد تعريفها على أسس التعدد والتوازن، ستبقى الوطنية أداة ابتزاز، لا إطار انتماء.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروح الوطنية العراقية: من رابطة سيادية إلى أداة قمع رمزي
- في تقديس الكيان الميت: تناقضات الطائفة ووهم الدولة
- مهمة الثوري العراقي المرحليه..الهدم ثم الهدم
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )..2
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..11 و 12
- من “الملحمة” إلى الجيوسياسة: الحوثيون بين الدعم الإيراني وال ...
- تصحر في العراق . أم تصحير .. ؟
- ترامب يحدث شرخا في العلاقات الاسرائيليه- الامريكيه
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..10
- الهيئه الأقتصاديه لتيار الصدر
- السويداء: حين يُستبدل -داعش- بـ-البدو-.. في لغة الإعلام وغمو ...
- لنتصدى لاستعباد العمال والعاملات الوافدين
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..8 و9
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..6و7
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزيق..4و5
- النهج الماركسي في مواجهة التجريبية الاقتصادية
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق ...3
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق...2


المزيد.....




- بعد رفضه الوجود التركي.. نتنياهو: إسرائيل ستحدد ما هي القوات ...
- -ترامب يقول إن الطريق إلى غزة مرّ عبر طهران- - وول ستريت جور ...
- الخلاف النووي: إيران بين الجمود والأمل في التوصل إلى حل
- فرنسا: توقيف رجلين على خلفية سرقة مجوهرات من متحف اللوفر
- رقصة ترامب في مراسم رسمية بكوالالمبور تشعل مواقع التواصل
- ما حقيقة تورط روسيا في سرقة الجواهر الملكية من متحف اللوفر؟ ...
- تايلند تبدأ عاما كاملا من الحداد على وفاة الملكة سيريكيت
- هآرتس: الجيش نقل مخلفات بناء من غلاف غزة إلى داخل القطاع
- كاتب إسرائيلي: الأوهام الجديدة في إسرائيل أخطر من سابقتها
- مثلجات بالنمل.. هذا ما تتضمنه قائمة مطعم فاخر في الدنمارك


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - الوطنية العراقية ومأزق الكردي: ولاء يُطلب بلا شراكة