أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - سكونية الاقتصاد الريعي الخليجي وتجميد التناقضات الطبقية














المزيد.....

سكونية الاقتصاد الريعي الخليجي وتجميد التناقضات الطبقية


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8426 - 2025 / 8 / 6 - 10:02
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لماذا يبدو الاقتصاد الريعي في دول الخليج استاتيكيًا؟

رغم أن دول الخليج تشترك مع العراق في بنية الاقتصاد الريعي، فإنها تبدو على السطح أكثر استقرارًا وأقل عرضة للاهتزازات الاجتماعية أو التوترات الطبقية. يعود ذلك إلى مجموعة من العوامل المتشابكة التي جعلت من الريع آلية لتجميد التناقضات، بدل أن يكون مولّدًا لصراعات اجتماعية أو حافزًا على التحول الإنتاجي:

1. حجم الريع وكثافته مقارنة بعدد السكان

يمتاز الريع الخليجي بضخامته واتساعه، إذ لا يعتمد فقط على عائدات النفط، بل يشمل استثمارات سيادية ضخمة، ومصادر دخل خارجي متجددة. يُقابل هذا الحجم الكبير من الريع عدد سكان منخفض نسبيًا، خاصة في ما يتعلق بالمواطنين، ما يجعل التوزيع الريعي أكثر سهولة وشمولًا. يمكن للدولة أن تؤمّن لكل مواطن وظيفة حكومية أو دعمًا ماليًا مباشرًا دون الحاجة إلى فرض ضرائب أو تطوير إنتاج داخلي. هذا يُنتج نوعًا من "الاستقرار المصطنع" قائم على قدرة الدولة على الشراء الدائم للولاء الاجتماعي.

2. وجود طبقة عاملة أجنبية مؤقتة

الطبقة العاملة الحقيقية التي تنهض بأعباء البناء والخدمات ليست مواطِنة، بل وافدة، وغالبًا محرومة من الحقوق السياسية والاجتماعية. هذا الترتيب يمنع نشوء وعي طبقي داخل النسيج الوطني، ويجعل الصراع الطبقي المؤهل للتفجّر مؤجلًا، معزولًا، ومُدارًا قانونيًا. المواطن الخليجي لا يرى نفسه عاملًا أو مستغَلاً، بل إداريًا في جهاز الدولة، أو مالكًا صغيرًا، أو مستفيدًا من الريع العام.

3. التماهي بين الدولة والبنية القبلية/العشائرية

في السياق الخليجي، لا يُنظر إلى الدولة باعتبارها جهاز قمع طبقي، بل بوصفها امتدادًا للعائلة أو القبيلة أو الطائفة، وهو ما يشرعن سلوكها ويمنحها غطاءً رمزيًا. الدولة ليست غريبة عن المجتمع، بل "الشيخ/الأب/الراعي"، وهذا يُفرّغ النقاشات الطبقية من محتواها، ويستبدلها بمنطق الولاء والتدرج الهرمي المشروع.

4. الاستثمار في آليات السيطرة الناعمة

تلعب النظم الخليجية دورًا بارزًا في هندسة الوعي الاجتماعي من خلال التعليم، الإعلام، الدين الرسمي، والبيروقراطية، بما يعيد إنتاج ثقافة الطاعة، والرضا، والولاء القَبلي والديني. يُعاد تفسير التمايز الطبقي كنتاج للجهد الفردي أو "البركة"، لا كنتيجة لاستغلال طبقي. بهذه الطريقة، تُزال البُنية الفوقية المعارضة، ويُدجّن الوعي العام.

5. الحماية الخارجية المطلقة

واحدة من أعمدة استقرار الاقتصاد الريعي الخليجي هي الحماية الخارجية التي توفرها القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة. هذه الحماية لا تقتصر على الجانب العسكري والأمني، بل تمتد إلى ضمان استمرار تدفق الريع وحماية الأنظمة من أي تغيير جذري داخلي. يشكّل هذا الغطاء الدولي عنصرًا حاسمًا في هندسة الاستقرار، إذ يرفع القلق الوجودي عن النخبة الحاكمة، ويمنحها هامشًا واسعًا لتأجيل الإصلاح أو مقاومة الضغوط الداخلية.

إن هذه العوامل الخمسة تُنتج بنية اقتصادية – سياسية يُعاد فيها إنتاج السكون، ويُقمع فيها التناقض. يبدو الريع وكأنه نظام أزلي، لا يخضع لتحولات بنيوية أو اشتراطات تاريخية. لكن هذا السكون الظاهري قد يُخفي توترًا عميقًا، يُحتمل أن ينفجر مع تغير شروط التوزيع، أو صعود أجيال جديدة لا ترى في الريع وحده مستقبلها.

خلاصة الفصل:

الاقتصاد الريعي الخليجي يشبه ماءً راكدًا فوق حجر ساخن: سطحه ساكن بفعل وفرة المال والحماية، لكن تحته حرارة التناقض المؤجل. ما يبدو استاتيكيًا قد لا يكون مستقرًا جوهريًا، بل مجمّدًا بفعل أدوات السيطرة الناعمة والخشنة، المحلية والدولية.

وهنا تبرز إشارة جوهرية: إن كل ما ذكرناه من استاتيكية دائمة للاقتصاد الريعي الخليجي، ومن محو لمعنى الصراع الطبقي، إنما يستند في جوهره إلى حقيقة أن هذه الاقتصاديات لم تمرّ بمسار تاريخي لتطور الإنتاجية. لم تعرف دول الخليج تاريخًا حقيقيًا للعمل أو الإنتاج السلعي بالمعنى الصناعي أو الزراعي المكثف. لقد انتقلت مباشرة من أنماط اقتصادية بدائية – كالصيد البحري، والبداوة، والتجارة البسيطة – إلى الاندماج في تجارة البترول العالمية، دون المرور بالتحولات البنيوية التي تصنع التناقضات الطبقية الكلاسيكية. ولهذا فإن "الاستقرار" في هذه الحالة ليس نتاج حلّ الصراع، بل نتاج غيابه المؤقت بسبب غياب شروطه البنيوية.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أفلت النظرية الثورية الماركسية في الاقتصاد الريعي
- قوة العمل بين الاقتصاد السلعي والاقتصاد الريعي: في تشوّه الد ...
- حزب الدعوة: المنظمة الغامضة
- شهقة ما قبل الوجود
- الإخوان المسلمون: استنساخ استخباراتي بريطاني للماسونية في ال ...
- الإخوان المسلمون: استنساخ استخباراتي بريطاني للماسونية في ال ...
- حماس: الجذر الإخواني والدعم القطري في سياق التوازن مع إسرائي ...
- الإسلام السياسي : أسلمة الرأسماليه
- في تجذير العجز: الرعايه الاجتماعية كآلية لضبط الجماهير
- جهاز استخبارات الحشد الشعبي: البنية، الصلاحيات، والعلاقة بال ...
- الوطنية كجدل يمزّق، واللادولة كفراغ مفاهيمي
- الوطنية العراقية ومأزق الكردي: ولاء يُطلب بلا شراكة
- الروح الوطنية العراقية: من رابطة سيادية إلى أداة قمع رمزي
- في تقديس الكيان الميت: تناقضات الطائفة ووهم الدولة
- مهمة الثوري العراقي المرحليه..الهدم ثم الهدم
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )..2
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..11 و 12
- من “الملحمة” إلى الجيوسياسة: الحوثيون بين الدعم الإيراني وال ...


المزيد.....




- من أجل تجاوز مغرب بسرعتين: مغرب الرأسماليين ومغرب الكادحين- ...
- إجلاء موظفي سفارة کيان الاحتلال في اليونان بسبب الاحتجاجات ا ...
- بعد «الربيع العربي»… صيف الاحترار الأقصى
- حزب النهج الديمقراطي العمالي يدعو إلى تصعيد وتوحيد النضال لم ...
- «الديمقراطية» تحذر من خطورة قرار اجتياح كل القطاع وإحتلاله ع ...
- -أوديسة- كريستوفر نولان تُغضب البوليساريو بعد التصوير في الد ...
- تسقط حكومة قطع الأرزاق.. متضامنون مع هشام البنا
- تجويع غزة.. حين يتساوى الميسورون والفقراء
- قانون طرد المستأجرين: لا بديل عن التنظيم الشعبي للدفاع عن ال ...
- عمال “المتحدة” يحتجون على عدم صرف رواتبهم للشهر الثاني


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - سكونية الاقتصاد الريعي الخليجي وتجميد التناقضات الطبقية