أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي : لعبة توازنات أم خرق ستراتيجي؟..ج3














المزيد.....

التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي : لعبة توازنات أم خرق ستراتيجي؟..ج3


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8428 - 2025 / 8 / 8 - 12:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


توسيع التساؤلات المحورية في ضوء التموقع الصيني الجديد

1. هل الصفقة الصينية–العراقية مجرد ترتيبات ظرفية؟ أم نموذج استراتيجي جديد؟

للإجابة عن هذا السؤال، لا يكفي النظر إلى العقود النفطية بوصفها مجرد استثمارات تجارية، بل يجب قراءة السياق الإقليمي والدولي الذي تنبثق فيه هذه الصفقات.

فالصين لا تسعى إلى التمدد الجيوسياسي الكلاسيكي على غرار ما فعلته الولايات المتحدة سابقًا، بل تركز على بناء "هياكل نفوذ صامتة"، قاعدتها الاقتصاد، وغلافها الحياد السياسي، وأداتها الزمن.

هذا يشير إلى أن الصفقة ليست آنية بالكامل، بل تمثل نموذجًا انتقاليًا لاختبار هندسة صينية جديدة، تقوم على التخلي عن العلاقة المحورية مع "الشريك الواحد" (إيران)، لصالح شبكة علاقات مرنة قائمة على البراغماتية والانفتاح.

وفي هذا السياق، لا يُعد العراق هدفًا نهائيًا بحد ذاته، بل نقطة انطلاق نحو إعادة إنتاج موقع الصين في الشرق الأوسط بوصفها قوة اقتصادية كبرى، دون تحمّل كلفة سياسية أو أمنية باهظة.

2. هل تملك إيران أدوات اعتراض حقيقية؟ أم أن ظروفها الداخلية والدولية تقيّد ردها؟

تتحدد قدرة إيران على مواجهة هذا التحول الصيني بعدة متغيرات:

تخضع إيران لحصار اقتصادي مركب وضغوط إقليمية متصاعدة.

تُستنزف عسكريًا في جبهات متعددة (اليمن، سوريا، العراق، لبنان).

لم تُثمر رهاناتها على الصين حتى الآن دعمًا عسكريًا أو سياسيًا نوعيًا.

كل هذا يجعل طهران تُدرك، وإن بمرارة، أن الصين تتعامل معها كأداة توازن ظرفي لا كشريك مصيري. ومن ثم، فإن اعتراضها على الانزياح الصيني لن يكون مباشرًا أو صداميًا، بل سياسيًا ناعمًا، وقد يظهر في:

عرقلة بعض العقود الصينية في العراق.

استخدام الحشد الشعبي كورقة ضغط غير رسمية.

إعادة تنشيط العلاقة مع روسيا لتعديل ميزان الاصطفاف.

3. هل لدى إسرائيل مصلحة في التوسع الصيني؟ أم أن للصين سقفًا لا يُسمح بتجاوزه؟

تلعب إسرائيل دورًا مركزيًا في إعادة تشكيل الشرق الأوسط منذ 2020، وتُراقب التمدد الصيني بحذر مشوب بالقبول المشروط:

لا يثير الوجود الصيني في قطاع النفط العراقي قلقًا إسرائيليًا طالما بقي منفصلًا عن أي دعم مباشر لمحور المقاومة.

لكن إسرائيل لن تقبل بتحول التعاون الصيني–الإيراني إلى شراكات في المجالات السيبرانية أو الصاروخية أو التكنولوجية الحساسة، وهي تضع لذلك "خطوطًا حمراء" واضحة، بالتنسيق مع واشنطن.

بناءً عليه، تعمل إسرائيل على ضبط تمدد الصين ضمن الإطار الاقتصادي البحت، ومنع تحوله إلى تموضع أمني أو استراتيجي يُهدد توازن القوى الحالي.

خاتمة موسّعة: هل نحن أمام لحظة انزياح في البنية الإقليمية؟

ربما يشير التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي إلى ما هو أعمق من مجرد استثمار:
انزياح تدريجي في موازين القوة الناعمة في المنطقة.

فالصين لا تغزو، ولا تُهدد، بل تغري وتستثمر، معتمدة على نموذج نفوذ مختلف، لا يستند إلى الاحتلال أو الإملاء، بل إلى:

حضور اقتصادي كثيف.

حياد سياسي مقصود.

ابتعاد عن الاصطفافات العسكرية.

لكن هذا المسار، رغم هدوئه الظاهري، محكوم بثلاثة حدود بنيوية:

1. الفيتو الإيراني غير المُعلن، والذي قد يتحول من تفاهم ضمني إلى اعتراض صريح في حال تقاطعت المصالح.

2. السقف الأمريكي–الإسرائيلي الذي يضبط قواعد اللعبة، ويمنع أي تموضع صيني يخل بالتوازن الأمني.

3. هشاشة الدولة العراقية نفسها، التي قد لا تتحمل صراعات نفوذ موازية على أرضها، دون أن تنزلق إلى حالة من الفوضى الجزئية أو التعطيل المؤسساتي.

السؤال الأعمق الآن:

هل هذه الصفقة التوفيقية مؤقتة وظرفية؟ أم أنها بداية هندسة صينية مختلفة لموقعها في الشرق الأوسط؟
وهل تملك إيران القدرة على منع هذا التحول؟ أم أن الحصار الدولي سيجعلها مجبرة على بلعه بصمت؟

في هذا السياق، لا يمكن تجاهل محاولة الصين في عهد عادل عبد المهدي إبرام اتفاقية تعاون استراتيجي طويلة الأمد مع العراق، والتي سعت لتحويل جزء من عوائد النفط العراقي إلى مشاريع بنية تحتية تُنفذها شركات صينية.
هذه الاتفاقية، التي جرى تسويقها شعبيًا كـ"النفط مقابل الإعمار"، واجهت اعتراضًا غربيًا مبكرًا، ليس من واشنطن كما يُشاع غالبًا، بل من لندن تحديدًا، التي رأت فيها تهديدًا لبنية النفوذ المالي والتخطيطي الذي تمارسه بريطانيا داخل مفاصل الدولة العراقية، وخاصة في ملفات إعادة الإعمار والديون وهيكلة الوزارات.

ورغم أن الاتفاقية لم تُلغَ رسميًا حتى اليوم، إلا أنها بقيت متعثرة، ولم يُنفذ منها إلا بند وحيد تقريبًا، وهو المتعلق بـبناء ألف مدرسة بتمويل نفطي مُسبق الدفع.
هذا التنفيذ المحدود يعكس حجم المعوقات السياسية والإدارية والضغوط الدولية التي تعترض أي مشروع صيني يتجاوز نطاق "المشاريع الصغيرة غير المهددة للسيادة الغربية".

بالتالي، فإن الرهان الصيني في العراق لا يزال رهانًا مشروطًا، مراقبًا، ومهددًا بالتجويف في أي لحظة.

ويبقى السؤال مفتوحًا:
هل تنجح الصين في فرض نموذجها الهادئ من التمدد الاقتصادي؟
أم أن قوى الداخل العراقي والخارج الغربي ستُبقي مشروعها في خانة "الفرص المؤجلة" إلى أجل غير مسمى؟



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي: لعبة توازنات أم خرق است ...
- التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي: لعبة توازنات أم خرق است ...
- سكونية الاقتصاد الريعي الخليجي وتجميد التناقضات الطبقية
- هل أفلت النظرية الثورية الماركسية في الاقتصاد الريعي
- قوة العمل بين الاقتصاد السلعي والاقتصاد الريعي: في تشوّه الد ...
- حزب الدعوة: المنظمة الغامضة
- شهقة ما قبل الوجود
- الإخوان المسلمون: استنساخ استخباراتي بريطاني للماسونية في ال ...
- الإخوان المسلمون: استنساخ استخباراتي بريطاني للماسونية في ال ...
- حماس: الجذر الإخواني والدعم القطري في سياق التوازن مع إسرائي ...
- الإسلام السياسي : أسلمة الرأسماليه
- في تجذير العجز: الرعايه الاجتماعية كآلية لضبط الجماهير
- جهاز استخبارات الحشد الشعبي: البنية، الصلاحيات، والعلاقة بال ...
- الوطنية كجدل يمزّق، واللادولة كفراغ مفاهيمي
- الوطنية العراقية ومأزق الكردي: ولاء يُطلب بلا شراكة
- الروح الوطنية العراقية: من رابطة سيادية إلى أداة قمع رمزي
- في تقديس الكيان الميت: تناقضات الطائفة ووهم الدولة
- مهمة الثوري العراقي المرحليه..الهدم ثم الهدم
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )..2
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )


المزيد.....




- صانعة المحتوى بيوتي يومي تتزوج في إيطاليا.. ماذا كشف بسام فت ...
- تقرير: بريطانيا تستعين بشركة أمريكية لتنفيذ طلعات تجسس فوق غ ...
- المجلس الأمني الإسرائيلي يقر خطة نتانياهو -للسيطرة على مدينة ...
- الجزائر ترد على باريس وتلوح بـ-نقض- الاتفاق حول إعفاء حاملي ...
- المجلس الأمني الإسرائيلي يقر خطة نتانياهو -للسيطرة على مدينة ...
- فرنسا تواجه أكبر حريق منذ 1949.. دمار هائل في كوربيير وإجلاء ...
- قرار إسرائيل السيطرة على مدينة غزة يثير قلقا دوليا وحماس تعت ...
- رئيس الكونغو الديمقراطية يعيّن شخصيتين معارضتين في الحكومة ا ...
- تنديد دولي بخطة إسرائيلية لاحتلال غزة
- نيويورك تايمز: هكذا سقطت جماعة مؤيدة لفلسطين ضحية قانون بريط ...


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي : لعبة توازنات أم خرق ستراتيجي؟..ج3