أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - الجمهورية الإيرانية.. نموذج التطور الرجعي














المزيد.....

الجمهورية الإيرانية.. نموذج التطور الرجعي


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 11:30
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


من الخطأ اختزال التقدم في صورته التقنية وحدها: مصانع، صواريخ، مختبرات علمية. فالتاريخ لا يقاس بما تملكه الدولة من أدوات، بل بما يتيحه لمواطنيها من شروط عيش حر وكريم. ولهذا يصبح من الضروري التمييز بين التطور التقدمي الذي يحرر الإنسان، والتطور الرجعي الذي يطوّع العلم والصناعة في خدمة سلطة ونخب محدودة.

معنى التخلف

التخلف ليس مجرد فقر أو نقص في التكنولوجيا، بل هو منظومة تشمل:

اقتصاد هش يقوم على الريع أو البنى التقليدية.

مجتمع أسير للعلاقات العشائرية والطائفية والخرافة.

سلطة استبدادية تحتكر القرار وتغلق أفق الحرية.

بمعنى آخر: التخلف هو تعطّل المجتمع عن إنتاج شروط تقدمه المادي والفكري معًا.

إيران بين التخلف والتقدم

إذا طبقنا هذا المفهوم على إيران، بدت الصورة مزدوجة:

من جهة، هي ليست دولة متخلفة تقنيًا؛ فقد طوّرت قاعدة صناعية معتبرة، وأحرزت إنجازات في المجال النووي والفضائي والعسكري، وحافظت على مستوى تعليمي وعلمي لافت رغم الحصار.

من جهة أخرى، تبقى البنية الاجتماعية–السياسية أسيرة ثيوقراطية استبدادية تُعيد إنتاج الفوارق الاجتماعية والحرمان.

هكذا لا نستطيع وضع إيران في خانة "التخلف الخام" كما هو حال الدول الريعية، لكنها أيضًا ليست في موقع "التطور التقدمي". إنها تقع في منطقة وسطى سمّيناها: التطور الرجعي.

سمات التطور الرجعي

التطور الرجعي لا يقوم إلا على أساس ترسيخ التفاوت الطبقي:

التقدم العلمي–التقني يتركز في أيدي نخبة ضيقة مرتبطة بالسلطة (عسكرية، دينية، اقتصادية).

الأغلبية تعيش ظروفًا من الفقر والبطالة والحرمان، بلا مشاركة في صنع القرار ولا نصيب عادل من ثمار "النهضة".

الفجوة بين مراكز السلطة والهوامش الاجتماعية شرط لبقاء النظام، وليست مجرد خلل عرضي.


إيران والهند كنموذجين

إيران: التفاوت واضح بين طهران والمدن الكبرى التي تشهد تحديثًا نسبيًا، وبين الأقاليم المهمشة حيث البؤس والحرمان. هذا الانقسام الطبقي هو ما يتيح للنظام أن يستعرض قوته العلمية–العسكرية فيما يظل المجتمع مكبّلًا.

الهند: بلد يملك أقمارًا صناعية وأسلحة نووية، وفي الوقت نفسه مئات الملايين فيه بلا كهرباء أو مياه نظيفة. التكنولوجيا هنا في خدمة طبقات عليا، بينما الأغلبية تعيش تحت ثقل الفقر والبنية الطبقية–الكاستية.


كلا النموذجين يؤكد أن التطور الرجعي لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود تفاوت طبقي حاد، إذ أن هذا التفاوت هو الذي يضمن استمرار سلطة مركزية قادرة على توظيف منجزات العلم والصناعة دون أن تفتح الباب أمام حداثة شاملة.

الخلاصة

الجمهورية الإسلامية الإيرانية تكشف أن التدين لا يعني التخلف التقني بالضرورة، لكنّه، حين يقترن بسلطة استبدادية، ينتج ما نسمّيه التطور الرجعي:

تقدم صناعي–علمي مشروط بترسيخ الفوارق الطبقية.

تحديث في "الآلة" يقابله جمود في "العلاقات الاجتماعية–السياسية".

مشروع سلطة يستخدم أدوات الحداثة ليعيد إنتاج الاستبداد بدل تجاوزه.
إنه درس صارخ: ليست كل نهضة صناعية نهضة إنسانية، وليست كل صواريخ وأقمار صناعية دليلًا على الحداثة. فالتطور التقدمي يبدأ فقط حين تصبح منجزات الصناعة والعلم وسيلة لتحرير الإنسان، لا وسيلة لإدامة تفاوت طبقي يخدم سلطة مغلقة.



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طبقات تحت الضغط: الأزمات والسياسات الاقتصادية وإعادة إنتاج ا ...
- لاهور شيخ جنكي… صراع الأجنحة البرجوازية والطبقات المهمشة في ...
- دكتاتورية الحزبين في الولايات المتحدة: ثنائية محاصصية وضرورة ...
- الالتفاف على قرار التأميم: من منجز تاريخي إلى ريع تابع
- -الفائض والريع: تحليل اقتصادي سياسي للمقارنة بين الاشتراكية ...
- -الفائض والريع: تحليل اقتصادي سياسي للمقارنة بين الاشتراكية ...
- التحول الأنتي-إمبريالي في الدولة الريعية
- قمة ألاسكا : من فراغ علني إلى صفقة كبرى
- أمميه النضال الطبقي في الاقتصاد الريعي
- أعطني شرطياً نزيهاً.. وأضمن لك حصار السلطة الفاسدة
- (المشاية) إلى كربلاء وحج سانتياغو: رحلة نحو المقدس عبر العصو ...
- الاقتصاد الرقمي: ذروة تطور الرأسمال وانكشاف عبودية القرن الح ...
- توسع ميدان الصراع الرأسمالي في عصر الاقتصاد الرقمي: من الموا ...
- -الاقتصاد الرقمي والإنتاج السلعي: إعادة تأكيد الدور المركزي ...
- الاقتصاد الرقمي كامتداد لرأس المال: نقد إسقاطات الصراع الطبق ...
- ممر زنغزور: المشهد، الأطراف، والمصالح
- اللعبه الكبرى....سيرورة العالم الدولي الجديد
- التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي : لعبة توازنات أم خرق ست ...
- التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي: لعبة توازنات أم خرق است ...
- التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي: لعبة توازنات أم خرق است ...


المزيد.....




- م.م.ن.ص// مرحبا بالمناضل -سعيد افريد- بالسجن الكبير
- شاهد.. اشتباكات بين متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين والشرطة الأم ...
- النهج الديمقراطي العمالي بالرباط يؤكد دعمه ووقوفه المبدئي إل ...
- رائد فهمي: المال السياسي يخلّ بالعدالة الانتخابية ومنظومة ال ...
- ماذا طلب ممثلو الحزب الاشتراكي الفرنسي من لوكورنو؟
- قطاع المحاماة لحزب التقدم والاشتراكية ينظم ندوة تحت عنوان: “ ...
- الحزب الاشتراكي يؤكد أن لا ضمان لتعليق نظام إصلاح التقاعد بع ...
- الإكوادور: اعتقال خمسة متظاهرين بتهمة محاولة اغتيال الرئيس ن ...
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- تحليل إخباري - يوم حاسم في فرنسا، إما حكومة يسار أو حل البرل ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية(النمو السلبي: مبدأ يزعم أنه يحرك المجتمع إلى ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (من مايوت إلى كاليدونيا الجديدة، الإمبريالية ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (المغرب العربي: الشعوب هى من تواجه الإمبريالية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علم الاعصاب الكمي: الماركسية (المبتذلة) والحرية! / طلال الربيعي
- مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - الجمهورية الإيرانية.. نموذج التطور الرجعي