أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - طبقات تحت الضغط: الأزمات والسياسات الاقتصادية وإعادة إنتاج البنية الطبقية الإيرانية














المزيد.....

طبقات تحت الضغط: الأزمات والسياسات الاقتصادية وإعادة إنتاج البنية الطبقية الإيرانية


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8443 - 2025 / 8 / 23 - 22:45
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لا يمكن اختزال البنية الطبقية الإيرانية في مظاهرها السطحية أو في انعكاساتها السياسية المباشرة، إذ إن ما يحدد ملامحها اليوم هو تفاعل مركّب بين أزمات متكررة (عقوبات، ضغوط اقتصادية، توترات إقليمية) وبين سياسات اقتصادية داخلية تتسم بطابع نيوليبرالي مغلّف بأيديولوجيا "ثورية". هذه التفاعلات لا تؤثر في المجتمع بشكل متساوٍ، بل تعيد إنتاج تفاوت طبقي عميق، ينعكس في توزيع الامتيازات والقدرة على الصمود.

أولًا: عدم تكافؤ الأعباء الاجتماعية للأزمات

الأزمات الاقتصادية والسياسية لا توزّع آثارها على جميع الطبقات بشكل متكافئ.

الطبقة الحاكمة (شبكات الحرس الثوري، رأس المال الديني، مؤسسات شبه رسمية): تستفيد من ظروف الطوارئ عبر توسيع شبكات النفوذ وتعزيز اقتصاد موازٍ قائم على التهريب والعقود المغلقة.

الطبقة العاملة والفئات الشعبية: تتحمل الأعباء الأكبر، بما في ذلك التضخم، البطالة، وتدهور القوة الشرائية.

الطبقة الوسطى: تواجه مسارًا تراجعيًا متسارعًا، حيث تفقد تدريجيًا مقومات الاستقرار المعيشي، ما يدفعها نحو الهجرة أو الانكفاء.

بهذا المعنى، تتحول الأزمة إلى آلية لإعادة توزيع غير عادل للخسائر، حيث يُدفع المجتمع السفلي نحو الهشاشة، بينما تتعزز مواقع النخبة.

ثانيًا: النيوليبرالية المقنّعة

رغم الخطاب الثوري المناهض للغرب، ينتهج النظام الإيراني سياسات تتطابق في جوهرها مع المنطق النيوليبرالي:

1. خصخصة مقنّعة للقطاعات العامة، غالبًا لصالح مؤسسات مرتبطة بالحرس الثوري أو الأوقاف.

2. تفكيك الدولة الاجتماعية عبر تقليص الدعم وميزانيات الصحة والتعليم وتقييد التوظيف.

3. تحويل الاقتصاد إلى أداة أمنية تدار بالولاء والعسكرة لا بالكفاءة والإنتاجية.

تُفرغ هذه السياسات الدولة من دورها الحمائي، وتعيد صياغة علاقة المجتمع بالسلطة على قاعدة الخضوع الاقتصادي والأمني، لا المشاركة الإنتاجية.

ثالثًا: خريطة الطبقات تحت المجهر

الطبقة الحاكمة: الأقل تضررًا، المستفيدة من "اقتصاد الأزمات"، وتعيد إنتاج هيمنتها من خلال شبكات مغلقة.

الطبقة الوسطى: تفقد توازنها، متآكلة في قدرتها على الحفاظ على نمط حياة مستقر، ما يضعها في موقع هشّ على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.

الطبقة العاملة: تعيش حالة "سحق صامت"، حيث تُختزل قيمتها في إمكانات الولاء أو الاندماج في آليات تجنيد غير منتجة.

الفئات الهامشية (الأحواز، الأكراد، البلوش): الضحية المركبة للتهميش القومي والاقتصادي، وغالبًا ما يتم الزج بها في أدوار خطرة دون مكاسب ملموسة.


رابعًا: الفجوة الطبقية كآلية منهجية لا كأزمة عارضة

اتساع الفجوة الطبقية في إيران ليس نتاج أزمة عابرة، بل تعبير عن مسار ممنهج لإعادة الهيكلة الاجتماعية. الأزمات والعقوبات والعسكرة ليست سوى أدوات ضمن هذا المسار.
فالنيوليبرالية الإيرانية ليست نسخة من وصفات صندوق النقد الدولي، بل هي ممارسة ذات خصوصية محلية، تُفرض تحت غطاء أيديولوجي "ثوري"، يشرعن انسحاب الدولة من مسؤولياتها الاجتماعية، ويحوّل المجتمع إلى رعايا ضمن جهاز أمني–اقتصادي مغلق.

خاتمة

تؤكد التجربة الإيرانية أن الأزمات ليست مجرد لحظة عابرة، بل وسيلة لإعادة إنتاج التفاوت الطبقي. الخطاب "الثوري" الرسمي يغطي في الواقع على سياسات اقتصادية–اجتماعية تعمّق الانقسام وتُخضع الطبقة العاملة والفئات الشعبية إلى منطق الاستهلاك والولاء، بدل المشاركة والإنتاج.
إن إعادة بناء أدوات الوعي والتنظيم لدى الطبقات المسحوقة تمثل شرطًا أساسيًا لكسر هذا النسق، وإلا فستظل هذه الطبقات رهينة إعادة تشكيل ممنهجة، لا تصنعها بل تُستهلك في إطارها



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاهور شيخ جنكي… صراع الأجنحة البرجوازية والطبقات المهمشة في ...
- دكتاتورية الحزبين في الولايات المتحدة: ثنائية محاصصية وضرورة ...
- الالتفاف على قرار التأميم: من منجز تاريخي إلى ريع تابع
- -الفائض والريع: تحليل اقتصادي سياسي للمقارنة بين الاشتراكية ...
- -الفائض والريع: تحليل اقتصادي سياسي للمقارنة بين الاشتراكية ...
- التحول الأنتي-إمبريالي في الدولة الريعية
- قمة ألاسكا : من فراغ علني إلى صفقة كبرى
- أمميه النضال الطبقي في الاقتصاد الريعي
- أعطني شرطياً نزيهاً.. وأضمن لك حصار السلطة الفاسدة
- (المشاية) إلى كربلاء وحج سانتياغو: رحلة نحو المقدس عبر العصو ...
- الاقتصاد الرقمي: ذروة تطور الرأسمال وانكشاف عبودية القرن الح ...
- توسع ميدان الصراع الرأسمالي في عصر الاقتصاد الرقمي: من الموا ...
- -الاقتصاد الرقمي والإنتاج السلعي: إعادة تأكيد الدور المركزي ...
- الاقتصاد الرقمي كامتداد لرأس المال: نقد إسقاطات الصراع الطبق ...
- ممر زنغزور: المشهد، الأطراف، والمصالح
- اللعبه الكبرى....سيرورة العالم الدولي الجديد
- التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي : لعبة توازنات أم خرق ست ...
- التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي: لعبة توازنات أم خرق است ...
- التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي: لعبة توازنات أم خرق است ...
- سكونية الاقتصاد الريعي الخليجي وتجميد التناقضات الطبقية


المزيد.....




- ستوكهولم.. مئات المتظاهرين ينددون بخطة إسرائيل لاحتلال كامل ...
- م.م.ن.ص// الرفيق: المفهوم، المضمون، والوجود الثوري
- -كان ديكتاتورا-.. عمرو موسى يشعل ضجة بانتقاده جمال عبدالناصر ...
- اليمين المتطرف يقود موجة احتجاجات منظمة أمام فنادق اللاجئين ...
- الإهمال الطبي في السجون جريمة.. أفرجوا عن مروة عرفة
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- الفصائل الفلسطينية: سلاحنا باقٍ ما دام الاحتلال.. هذا ما جرى ...
- الحزب الشيوعي العراقي: نحو إجماع وطني للأنهاء الكامل لأي وجو ...
- الفصائل الفلسطينية في لبنان تنفي بدء تسليم سلاح المخيمات
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل 8 متظاهرين ضد الحرب على غزة في حيفا ...


المزيد.....

- مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ليث الجادر - طبقات تحت الضغط: الأزمات والسياسات الاقتصادية وإعادة إنتاج البنية الطبقية الإيرانية