ليث الجادر
الحوار المتمدن-العدد: 8445 - 2025 / 8 / 25 - 13:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في أقصى غرب العراق، عند حدود الأنبار مع سوريا، تتمدد رقعة جيولوجية نادرة تُعرف باسم "عكاشات"؛ وهي منطقة غنية بالفوسفات من نوع "أورانيوم الفوسفات" الذي يُعد من أندر أنواع الفوسفات في العالم، ويُستخرج منه ما يُعرف بـ"الكعكة الصفراء" – وهي مادة تُعد المرحلة الوسيطة في تخصيب اليورانيوم، مما يجعل الموقع ذا أهمية استراتيجية استثنائية.
ورغم هذه الأهمية، فإن منجم عكاشات شبه معطّل منذ 2003، باستثناء محاولات محدودة لإعادة التشغيل، أُجهضت لاحقًا دون أسباب معلنة أو نتائج ملموسة. ما يثير التساؤل: هل هذا الإهمال عفوي؟ أم أنه جزء من شبكة مصالح معقّدة تُفضّل تعطيل المورد بدل أن يقع في يد غير مرغوب بها؟
في السنوات الأخيرة، وردت تقارير محلية تشير إلى منع عودة بعض العمال إلى المنجم، وسط تواجد أمني كثيف من قوات الحشد الشعبي، تحديدًا في مناطق محيطة بالمنجم وعلى الطرق المؤدية إليه. هذا التواجد لا يفسَّر أمنياً بوضوح، خصوصاً في غياب نشاط صناعي فعلي في المنجم أو تهديدات أمنية ظاهرة.
الأدهى من ذلك أن الملف النووي الإيراني، الذي يعتمد بشكل كبير على اليورانيوم منخفض التخصيب، ظل يعاني من نقص في مصادر الخام منذ انسحاب بعض الدول من توريد المواد الطبيعية لطهران. فهل من المنطقي استبعاد أن يكون أحد أهداف إيران هو تأمين وصول غير رسمي إلى كميات من الكعكة الصفراء المتبقية أو الممكن استخراجها من فوسفات عكاشات، خصوصاً في ظل غياب رقابة وطنية جدّية على الموقع؟
الحديث هنا لا يدور عن تأكيد اتهامات، بل عن طرح أسئلة:
لماذا يُمنع تشغيل المنجم رغم إمكانياته الاقتصادية الهائلة؟
لماذا لا تُنشر تقارير دورية عن حالته أو خطط إعادة تشغيله؟
هل يمكن لإيران، عبر شبكة نفوذها في العراق، أن توظف المنجم ضمن استراتيجيتها النووية؟
وهل الحشد الشعبي، كقوة أمر واقع في مناطق عديدة، يلعب دوراً في تأمين هذا السيناريو؟
إن عكاشات ليست مجرد منجم؛ إنها رمز لإمكانية وطنية مخنوقة، ومرآة لصراع السيادة العراقي المهدور، سواء في وجه الفساد الداخلي أو التدخل الخارجي. وحين تُهمل الثروات، وتُمنع الرقابة، وتُمنع العودة للعمل بلا تفسير، فإن الريبة تتحول من شك إلى فرضية جديرة بالتحقيق.
#ليث_الجادر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟