ليث الجادر
الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 13:38
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الفصل الرابع عشر
سقيفة بني ساعدة وبعثة أسامة: البدايات الأولى للصراع الرمزي على السلطة
إلى تاريخ وفاة محمد، لم يتحول الإسلام إلى نظام دولة متكامل، بل كانت ملامحه في طور التشكّل. لحظة الوفاة فجّرت مواجهة محدودة بين جناحين طبقيين: الأرستقراطية المالية التي سيطرت على السقيفة، والأرستقراطية القتالية الصاعدة التي حاولت التأثير على مركز القرار.
أولًا: في سقيفة بني ساعدة
اجتمع القوم لاختيار خليفة، فانقسموا بين المهاجرين الأغنياء وأصحاب النفوذ المالي، وبين الأنصار والأرستقراطية القتالية التي امتلكت القوة الميدانية. الصراع كان محصورًا في مركز القرار السياسي داخل المدينة، ولم يكن صدامًا مطلقًا أو شاملًا.
خارج هذا المركز، صار الجناحان متداخلين ومتشاركين في إدارة الدولة والمجتمع:
الأرستقراطيون الماليون امتلكوا أحيانًا امتيازات الأرستقراطية القتالية مثل قيادة حملات محدودة أو تحريك القوى العسكرية.
الأرستقراطيون القتاليون امتلكوا أحيانًا امتيازات مالية أو تنظيمية، مثل السيطرة على موارد محلية أو الغنائم.
هذا التداخل جعل كلا الجناحين متحدين وظلوا شركاء متأصلين في بنية الدولة والمجتمع، رغم المنافسة الرمزية على مركز السلطة.
ثانيًا: في بعثة أسامة
قبل الوفاة، شكّل جيش بقيادة أسامة بن زيد، الشاب الصغير السن. كان اختيار قائد شاب وسيلة لتجنب صراع مباشر مع كبار الصحابة من الأرستقراطية القتالية أو المالية على مركز القرار، وتحييدهم عن أي تهديد محتمل لهيمنة الجناح المالي.
بعد الوفاة، أصر الخليفة على تنفيذ البعثة، لكنها لم تتحول إلى معركة كبرى، بل اقتصرت على تحركات محدودة شبيهة بالغارات، مع مواجهات بسيطة وغنائم محدودة.
القراءة النقدية لبعثة أسامة
وصفها كجيش كبير مبالغ فيه، ولم تحدث مواجهة فعلية مع الروم.
الهدف الأساسي سياسي: ضبط كبار الصحابة، إبقاء النفوذ العسكري تحت مراقبة السلطة المالية، ضمن إدارة رمزية لمركز القرار.
توازي ذلك مع السقيفة، التي كانت المواجهة المباشرة على السلطة، بينما بعثة أسامة كانت أداة إدارة الصراع بعيدًا عن المدينة.
النتيجة
السقيفة رسّخت سيطرة الأرستقراطية المالية على مركز القرار السياسي.
بعثة أسامة أظهرت القدرة على ضبط النفوذ العسكري دون صدام مباشر
خارج مركز القرار، الجناحان المالي والقتالي متداخلان ومتشاركان في إدارة الدولة والمجتمع، مع تبادل الامتيازات بينهما حسب الحاجة، ما شكل الأساس الأولي لتوازن القوى بين القدرة الاقتصادية والقوة العسكرية.
هذا التوازن المؤسسي المبكر مهد الطريق لتطور الدولة الناشئة، مع استمرار الانسجام بين النفوذ الاقتصادي والنفوذ العسكري رغم التنافس الرمزي على مركز السلطة.
#ليث_الجادر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟