أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حمد - اطلع صُفر يا بو المصايب والكدر














المزيد.....

اطلع صُفر يا بو المصايب والكدر


محمد حمد

الحوار المتمدن-العدد: 8445 - 2025 / 8 / 25 - 21:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتوارث العراقيون جيلا بعد جيل، خصوصا في وسط وجنوب البلاد، طقوسهم الفريدة من نوعها عند توديع شهر صُفر في مشهد مثير للدهشة والفضول يمتزج فيه الفلكلور بالتاريخ والخرافات باعتباره شهر النحس والحزن والشؤم. فيقوم العراقيون بتكسير بعض الأواني الفخارية والزجاجية أمام المنازل والمتاجر. وكذلك كسر أو حرق المكانس.
وتجدر الإشارة إلى أن مثل هذه العادات موجودة في بعض الارياف والمدن الصغيرة في دول أوروبا. ولكنها تتعلق بمناسبات اخرى لها علاقة بالمواسم والفصول. وبطقوس مختلفة تتمثل في الغالب بوضع أوراق واغصان يابسة على هيئة شجرة كبيرة في مكان بعيد عن المنازل ثم يقوم متطوعون من ذوي الخبرة بإشعال النيران فيها. وعادة ما يسهر سكان المنطقة، حول الشجرة المحترقة، إلى وقت متأخر من الليل مرددين عبارات واغاني شعبية تبشر بالخير والبركة وبوفرة المحاصيل.
ورغم التطور الملحوظ نسبيا الذي جرى على المجتمع العراقي إلّا أن بعض التقاليد ظلت راسخة رسوخ الجبال، خصوصا في وسط وجنوب العراق. حتى "المكناسة" التي كانت تصنع في الماضي من الخوص، شملها التطور " التكنولوجي" والتغيير الحضاري !
وشهر صفر يعتبر شهر الحزن والكدر والشؤم. لأن فيه، حسب تفسير بعض المؤرّخين، جرت احداث مؤلمة من الصعب نسيانها أو تجاهلها، كوفاة الرسول محمد واستشهاد بعض الأئمّة إضافة إلى أربعية الامام الحسين. واذكر في طفولتي (غير المأسوف عليها) أن والدتي كانت تضرب على جدران الصريفة بمكناسة عتيقة وتتمتم بآيات قرآنية وبعض الكلمات غير المفهومة وتردّد بصوت مسموع "اطلع صُفر...اطلع صـفر يابو المصايب والكدر". وكان هذا المشهد يثير فيّ خوفا وفضولا شديدين والكثير من القلق. وكأنّ صفر هذا، وانا استمع الى ما كانت تردّده والدتي، شبحا شريرا يختفي في مكان ما أو "طنطلا" يحتفظ لنا بمفاجآت غير سارة. وبالتالي يجب طرده وابعاده عن الدار التي كانت عبارة عن صريفة كبيرة إلى جانبها أخرى صغيرة تستخدم لوضع الاغراض المنزلية القليلة والبسيطة جدا.
يقول بعض المؤرخين ان هذا التقليد الشعبي المتوارث إلى يومنا هذا يعود أيضا إلى ما كان يسمى ب "اصفار مكة" حين كان العرب يخرجون للغزو فتخلو المدينة من أهلها. فتعمّ الوحدة والخوف والتشاؤم. ولهذا يعتبر العراقيون صفر شهر النحس والكدر الذي لا يغادر ذاكرتهم الا بطرده بالمكناسه وتهشيم بعض الأواني على راسه املا في حياة جديدة خالية من الاحزان والهموم. وفي هذا الشهر ايضا عادة ما يتجنّب الناس اقامة حفلات الزواج أو الولادة لأنهم يعتبرون صفر شهر نحس يجلب الشرور !
وفي الاربعاء الأخيرة من شهر صفر تقوم بعض النسوة في جنوب العراق بشراء الذهب استعدادا لبدء حياة جديدة بعد مرحلة الاكدار والاحزان. كما يوصي بعض رجال الدين بتقديم "الصدقات" الى الفقراء والمحتاجين.
لكن يبقى لدينا، نحن ابناء اليوم، هذا السؤال الذي لا يفارقنا ابدا. وهو: متى ينتهي شهر "صفر" السياسة في العراق؟ بعد سنوات الكدر والحزن والقلق والخوف ونقص الكهرباء والماء...الخ.
وهل يُعقل أن كلّ اشهرنا اصبحت مثل "اصفار مكّة" لا نهاية لها؟



#محمد_حمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاهور شيخ جنكي وظلمُ ذوي القربى...خصوصا أبناء العم !
- سدّينه شط السيّد والسيّد ما سد شطنه !
- ميلانيا ترامب تعترف: اطفال فلسطين ليسوا كاطفال اوكرانيا
- ان البيت الابيض لن ينفعكم في اليوم الاسود
- بوتين وترامب: احب من يگعد گبالي...الحبيب العلي غالي!
- دولة فلسطين بين الخيال والمُحال
- ترامب وضع قادة اوروبا في خانة الشواذي !
- يا أولي الألباب لا تثقوا بالرئيس ترامب !
- مسرحية -المنبوذ- من تاليف واخراج وتمثيل زيلينسكي
- ان كيدهنّ عظيمُ...من النبي يوسف إلى يومنا هذا !
- انتصار روسيا على تحالف الراغبين وحلف الناتو
- دولة تُديرها المكوّنات وتحميها الميليشيات ودستورها التفاهمات ...
- سوف يحاسبهم التاريخ...ولكن متى؟
- اذا كان ربُّ البيتِ بالدفّ ناقرا !
- ما هو سرّ الخوف من هؤلاء؟
- دكتاتورية القطب الواحد
- تتصاعد السنةُ النسيان من اعماق الذاكرة
- غزة بحاجة إلى الف -حنظلة- أخرى
- الاعتراف لا يكفي يا ماكرون !
- هل تآمر اردوغان على اقليم كردستان؟


المزيد.....




- أنغام تعود إلى مصر بعد تجاوز أزمتها الصحية
- بمشاركة 14 دولة.. إندونيسيا تستضيف مناورات عسكرية واسعة بقيا ...
- نعيم قاسم يطالب الحكومة اللبنانية بـ-استعادة السيادة-: قرار ...
- مسؤول إيراني يتهم إسرائيل باغتيال إبراهيم رئيسي ويتحدّث عن - ...
- خلال استقباله رئيس كوريا الجنوبية.. ترامب يعلن رغبته في لقاء ...
- وسط تزايد الخطر.. جدل سياسي حول فرض التجنيد الإجباري في ألما ...
- عودة نصف مليون شخص إلى الخرطوم خلال يوليو
- غزة: سلاح التجويع؟
- فرنسا: اضطرابات في الأفق؟
- ردود فعل دولية واسعة إثر مقتل خمسة صحافيين بغارات إسرائيلية ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حمد - اطلع صُفر يا بو المصايب والكدر