**أحلام رجل في مفترق الضباب**

خيرالله قاسم المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 09:35
المحور: الادب والفن
    

سَبَقَتْنِي الدَّارُ الَّتِي نَشَأْتُ بِحَجْرِهَا.كُنْتُ أَتَرَنَّحُ فِي مَفَترَقِ الضَّبَابِ،
وَهُوَ يُسَابقُنِي إِلَى جَمْعِ أَحْلَامِهِ الْخَشِبِيَّة.مَا زِلْتُ أَنْتَظِرُ مُسَافِرًا لَمْ يَصِلْ،لَحْظَةٌ لَمْ تُمَهِّلْنِي لأَخْتَارَ بَيْنَ الْبَقَاءِ وَالرُّجُوعِ.
صَاحَ بِي الطَّرِيقُ:"لَمْ يَبْقَ غَيْرُكَ!سَأَتْرُكُكَ إِنْ لَمْ تُرَافِقْنِي،سَأَتْرُكُكَ لِتَنَامَ عَلَى وَحْشَةِ انْتِظَارِكَ،وَآخُذُ الرَّصِيفَ مَعِي!"وَذَهَبَ.وَتَبِعْتُهُ.وَصِرَاخِي يَسْبِقُنِي إِلَى دَارِ الْوَحْدَةِ،وَصَلْتُ قَبْلَهُ.عَادَ،وَحَمَلَنِي -كَالْحَطَبِ- وَحِيدًا.
أُشَارِكُهُ فِي جَمْعِ الْوَهْمِ،وَأَنَا صَامِتٌ،مَحْمُولاً بِأَثْقَالٍ مِنَ الْهَمِّ،رَاسِمَةٍ سَوَادًا عَلَى جَبْهَتِي.
سَأَلَتْنِي الدَّارُ:
"مَا بَكَ مَهْمُومًا إِلَى هَذَا الْحَدِّ؟كُلَّمَةً تَذْهَبُ وَتَعُودُ وَحِيدًا،تُسَاعِدُنِي فِي جَمْعِ الْحَطَبِ!"
قُلْتُ:
"نَعَمْ...كُلَّ يَوْمٍ أَعُودُ فَتتلَطَّفِي بِحَنَانِك،تَفْتَحِينَ لِي الْأَبْوَابَ،أُهَيمِسُ فِي فَرَاغَاتِكِ،ثُمَّ أَتَمَدَّدُ عَلَى فِرَاشِي الْعَتِيقِ."
أَجَابَتْ:
"وَالْيَوْمَ... هَلْ تَحْمِلُ أَمْتِعَةً غَرِيبَةً؟"
قُلْتُ:
"أَمَا تَرَيْنَ جَبْهَتِي؟"
قَالَتْ:
"رَأَيْتُهَا...فِيهَا أَصَابِعُ تَرْسُمُ خُطُوطًا سُمْرًا،وَسَوَادًا دَاكِنًا لَمْ أَشْهَدْهُ مِنْ قَبْلُ!"
سَأَلْتُهَا:
"هَلْ تَحْتَاجِينَ إِلَى أَبْوَابٍ تَفْتَحِينَهَا لِي؟"مِنْ فَرْطِ حُبِّهَا الْمُتَجَذِّرِ فِي الرُّوحِ،
أَجَابَتْ:
"الْأَبْوَابُ دَائِمًا مَشْرُوعَةٌ...لَكِنَّكَ كَبُرْتَ،وَتَخَطَّى عُمْرُكَ زَمَنَ حَكَايَاتِي الْقَدِيمَةِ."فَمَا كَانَ مِنِّي إِلَّا أَنْ قُلْتُ:"سَأَتْرُكُ فِرَاشِي فَارِغًا هَذِهِ اللَّيْلَةَ،
أَفْتَرِشُ الْحَطَبَ...
رُبَّمَا أَحَسُّ فِيهِ بِدِفْءٍ يُعِيدُنِي إِلَيْكِ بَعْدَ رِحْلَتِي الْأَخِيرَةِ.رُبَّمَا هَذِهِ الْمَرَّةَ تَكُونُ الْأَبْوَابُ بِلا فَرَاغٍ،وَالْفِرَاشُ يُعَانِقُنَا،وَهُوَ يُلَمْلِمُ الدُّمُوعَ."

#خيرالله_قاسم_المالكي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل