أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بوتان زيباري - الظل والضوء: حين يُستدعى التاريخ ليحاكم الحاضر














المزيد.....

الظل والضوء: حين يُستدعى التاريخ ليحاكم الحاضر


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8437 - 2025 / 8 / 17 - 09:04
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


في زوايا السياسة، حيث تتقاطع الأكاذيب مع الحقيقة، ويُلبسُ الباطلُ ثوبَ الشرعية، تبرز لحظاتٌ نادرةٌ كالفجر بعد ليل دامس، تُذكّر الجميع بأن العدالة، وإن تأخّرت، لا تنقرض. في العاشر من آب 2025، لم يكن اجتماع مجلس الأمن مجرد جلسة روتينية، بل كان إعلانَ استفاقةٍ من سُباتٍ عميقٍ، إعلانَ عودةٍ إلى مبدأٍ كان يوماً مُهملًا، ثم مُدثرًا، ثم مُستهدَفًا: مبدأ تقرير المصير السوري، لا بمقاييس القوة، بل بمقاييس الشرعية والشفافية والعدالة.

لقد عبر المجلس، في بيانٍ رئاسيٍّ حازم، عن قلقه البالغ من تصاعد العنف في السويداء، حيث سُفكت دماءُ الأبرياء، ونُزّحَ السكان، وارتكبت جرائمُ لا تُغتفر. وقد أدان، "بأقسى العبارات"، كل من تورط في هذه المجازر، مُطالبًا بوقف فوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين، بغض النظر عن انتمائهم العرقي أو الديني، ودعا إلى تحقيقٍ سريعٍ وشفافٍ وشاملٍ، لا يُدار من تحت الطاولة، ولا يُستخدم كأداة تضليل. لكن الغريب، بل المُريب، أن النظام القائم في دمشق، برئاسة "أبو محمد الجولاني"، لم يُصدر بيانًا، لم يُعلّق، لم يُبادر. صمتٌ مطبقٌ، كأنما يخشى أن تُستدعى أشباح الماضي، أو أن يُكشف قناعٌ بات شفافًا.

في المقابل، كانت الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، عبر قوات سوريا الديموقراطية، أول من استجاب بمسؤولية وطنية حقيقية. لم تنتظر توجيهًا، ولا موافقةً من فوق، بل أعلنت، بصوتٍ واضحٍ ووازنٍ، ترحيبها بالبيان، وتأكيدها الاستعداد التام للتعاون في بناء عملية سياسية شاملة، تقودها سوريا، وتحترم قرار مجلس الأمن 2254، ذاك القرار الذي يُعدّ خريطة طريق للانتقال السياسي العادل، القائم على الشراكة، لا الإقصاء، وعلى التمثيل الحقيقي، لا التزوير.

هذا القرار، الذي صدر بالإجماع عام 2015، لم يُستحدث اليوم، بل عاد من جديد ليُذكّر الجميع: أن أي حكومة لا تُراعي مبادئه، لا يمكن أن تكون شرعية. أن أي سلطة تُقصي المكونات، وتُكرّس الطائفية، وتُمارس القمع باسم "الاستقرار"، هي في الحقيقة تُسرّع زوالها. وأن أي نظام يُحارب الإرهاب بيدٍ، ويدعمه بيدٍ أخرى، لا يمكن أن يكون شريكًا في بناء الدولة.

السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا هذا الصمت من دمشق؟ لأن 2254 لا يُعيد تشكيل المشهد فحسب، بل يُفكّك كيانًا بُني على الرمال. يُهدّد هيكلًا قائمًا على التزوير، والإقصاء، والعنف. يُطالب بحكومة انتقالية ذات مصداقية، لا تُعينها الميليشيات، بل يُشكلها الشعب. يُطالب بدستور جديد، لا يُقرّه "مجهول النسب"، بل يُصنع بدماء السوريين وآمالهم.

في النهاية، لا يمكن لأي سلطة أن تُهمل التاريخ، ولا أن تُسكت الضمير الإنساني. فحين يُستدعى القرار 2254، فإن ما يُستعاد ليس ورقةً دبلوماسية، بل كرامةُ شعبٍ لم
يفقد الأمل بعد.



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صمت الدم: حين تُكتب الخريطة بدم العلويين والدروز…
- العرش والثور: حين يصير القصر حظيرةً والسلطةُ سرابًا
- الصورة التي نستحقها: في الفلسفة البصرية للبقاء
- صراخ الأرض: عندما ترفض الأصوات أن تُسكت
- الرُّوح المُنهكة: حين يُصبح الوجودُ تمرّداً في أرضٍ فقدتَ حل ...
- الريح لا تُمسك بالأسوار، والشعب لا يُهزم بالصمت
- حين تبكي الجبال وتحتضر الرمال
- الهوية التي تكسر حدود الاستعمار: الكورد وقضية الأرض
- صدى العهد والتفويض الثائر: صوت كوردي في رحلة دستور وأرض
- في حضرة الجغرافيا المنسيّة: الكورد بين جذور الأرض وخرافات ال ...
- أطياف الخراب وصهيل الأوهام: سوريا بين سندان التاريخ ومطرقة ا ...
- حين تُكتب الخيانة بخطٍّ كوردي
- سوريا.. بين جثةٍ تُقسَّم وقلبٍ لا يزال ينبض
- السويداء: صدى الدم في وحدةٍ مكسورة
- بين الثورة والتجديد: من خُميني إلى الشرع السنيّ
- دمٌ على جدران التاريخ: سردية الكورد بين المذابح والانتفاضات
- هل نحن أصحاب سردنا أم مجرد متلقين؟
- أزمنة النبع الكوردي: من أطلال التشتت إلى ضياء السياسة
- رسائل لم تُسلَّم... وذاكرة لا تموت
- كوردستان: الجرح النازف في جسد الشرق الأوسط الممزق


المزيد.....




- مظاهرات في إسرائيل للمطالبة بإبرام اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ...
- الخارجية الأمريكية تعلق تأشيرات الزيارة لسكان غزة
- يُرجّح أنه هجوم انتحاري.. انفجار حزام ناسف في حي الميسر بحلب ...
- 8 ملايين ناخب بوليفي يصوتون لاختيار رئيس وسط تضخم قياسي
- لعنة إسرائيل التي ستدمرها
- الأزمة الإنسانية في غزة.. أرقام صادمة وواقع مؤلم
- مظاهرات غير مسبوقة بإسرائيل.. هل تحوّل مسار الحرب في غزة؟
- إسرائيل تستعد لأسوأ هجوم من إيران
- تقرير: الجيش السوري قد يتحرك عسكريا في الرقة ودير الزور
- ولي عهد الأردن يعلن عن إعادة تفعيل برنامج خدمة العلم قريبا


المزيد.....

- اشتراكيون ديموقراطيون ام ماركسيون / سعيد العليمى
- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - بوتان زيباري - الظل والضوء: حين يُستدعى التاريخ ليحاكم الحاضر